الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 6153 ). زمن البحث بالثانية ( 0.001 )

العام الهجري : 645 العام الميلادي : 1247
تفاصيل الحدث:

بعد أن استخلص المسلمونَ بيتَ المقدس من يد الفرنجِ وبلغ الخبَرُ إلى أوربا لاستنفارِ أُمَرائِها وملوكِها، انعقد مجلسٌ كَنَسي في ليون تقَرَّر فيه إرسالُ حملة صليبيَّة سابعة بزعامة ملك فرنسا لويس التاسع المشهور بوَرَعِه حتى لُقِّبَ بالقديس، فأعَدَّ هذا الملك العُدَّة وجهَّز جيشًا أبحر أواخِرَ هذه السنة متجهًا إلى الشرقِ، وقد تم وصولُ خبر هذه الحملة إلى الملك الصالحِ نجمِ الدين أيوب صاحبِ مصرَ عن طريق ملك ألمانيا فردريك الثاني.

العام الهجري : 645 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1247
تفاصيل الحدث:

في الوقتِ الذي خَرَجت فيه السفارة الثانية للمغول في 9 من ربيع الآخر 644 (24 من أغسطس 1246م) كانت هناك سفارة ثالثة خرجت في إثرِها، ضَمَّت رهبانًا من جماعة "الدومنيكان" وأوكلَت إليها مهمَّة مختلفة عن مهمَّة السفارتينِ السَّابقتَينِ، فقد أمَرَ البابا هذه السفارةَ أن تَصِلَ إلى أوَّلِ جيشٍ مغوليٍّ تُقابِلُه في فارس، وأن يحضَّ قائدَه على الامتناعِ عن نَهبِ النَّاِس، وبخاصَّةٍ النَّصارى منهم، وأن يعتَنِقَ النصرانيَّة، وأن يتوبَ عن خطاياه، فالتَقَت السِّفارةُ بجيشِ المغولِ في "تبريز" في 17 من المحرم 645 (24 من مايو 1247م) وكان ردُّ قائد الجيشِ المغولي أنَّ رسالة البابا أدَّت إليه النصيحةَ بعدم القتلِ، وأنَّه يرفُضُ دعوته إلى اعتناقِ النصرانية، وعلى البابا وملوكِ أوروبا أن يُعلِنوا خضوعَهم لسلطانِ المغول. ومِن ثمَّ لم تؤدِّ السفاراتُ الثلاث ما كان يطمَحُ له البابا من جذبِ المغول الوثنيِّين إلى النصرانيَّة ووقوفِهم معه ضِدَّ المسلمين.

العام الهجري : 645 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1247
تفاصيل الحدث:

سار الأميرُ فخر الدين بن شيخ الشيوخ أمير عسكر المَلِك الصالحِ نجم الدين أيوب صاحِب مصرَ بعسكرٍ إلى طبرية، ونزلت الجيوشُ لحصار الفرنج ففَتَحَت طبريَّةَ عَنوةً في عاشر صفر، وفَتَحَت عسقلان بعدَ حصارٍ شديد وأُخِذَت من يد الفرنجِ في أواخِرِ جُمادى الآخرةِ.

العام الهجري : 646 العام الميلادي : 1248
تفاصيل الحدث:

قايض الملكُ الأشرف موسى صاحِبُ حمص تل باشر بحمص مع الملك الناصِر يوسُفَ بنِ العزيز بن الظاهر بن صلاح الدين، صاحِبِ حلب؛ ولذلك خرج الملكُ الصالح نجم الدين أيوب صاحِبُ مصر من مصرَ بالعساكِرِ إلى دمشقَ وجَهَّزَ الجيوشَ والمجانيقَ إلى حمص، ولَمَّا عَلِمَ الحلبيونَ بخروج الدماشِقة برزوا أيضًا في جَحفلٍ عظيمٍ ليَمنَعوا حمصَ منهم، واتَّفَق وصول الشيخِ نجم الدين البادرائي مدرس النظاميَّة ببغداد في رسالةٍ مِن الخليفة العباسي للإصلاحِ بين الطرفين فأصلَحَ بين الفريقين، وردَّ كلًّا من الفئتينِ إلى مستقَرِّها.

العام الهجري : 646 العام الميلادي : 1248
تفاصيل الحدث:

عزل الملكُ المنصورُ نورُ الدين عمر بن علي بن رسول صاحِبُ اليمن الأميرَ فخرَ الدين بن الشلاحِ عن مكَّةَ وأعمالِها، وولَّى محمد بن أحمد بن المسيب على مالٍ يقومُ به وقود عدده مائة فرسٍ كلَّ سنة، فقَدِمَ ابنُ المسيب مكة، وخرج الأميرُ فخر الدين، فسار بنفسِه إلى ابن المسيب وأعاد الجباياتِ والمكوس بمكَّة، وأخذ الصَّدَقةَ الواردة من اليمن، عن مالِ السلطان وبنى حصنًا بنخلةَ يسمى العطشان وحَلَّف هُذيلًا لنَفسِه، ومنع الجندَ النفقةَ فوثب الشريفُ أبو سعد بن علي بن قتادة على ابن المسيب، وقَيَّده وأخذ مالَه، وقال لأهلِ الحرم: إنما فعلتُ به هذا لأني تحقَّقتُ أنه يريد الفرارَ بالمال إلى العراق، وأنا غلامُ مولانا السلطان نور الدين عمر بن رسول والمالُ عندي محفوظٌ والخيلُ والعدد، إلى أن يَصِلَ مرسومه، فلم يكنْ غير أيام، وورد الخبَرُ بموت السلطان نور الدين.

العام الهجري : 646 العام الميلادي : 1248
تفاصيل الحدث:

حاصر الأسبانُ إشبيليَّةَ مُدَّة ثمانية عشر شهرًا حتى سقَطَت في أيديهم فقاموا بتحويلِ جامِعِها إلى كنيسة وأزالوا كل معالمِ الإسلامِ فيها، ويُذكَرُ أن بعض المسلمين قد شاركوا في هذا الحصارِ بناءً على اتفاقهم مع النصارى، مثل محمد بن يوسف بن نصر أمير غرناطة من بني الأحمر، وقد تم هذا الاتفاقُ سنة 642، كما قام رامون ملك أراغون بإعلانِ حَربٍ صليبيَّةٍ على المسلمين بمباركة البابا واستولى بحملتِه تلك على لاردةَ وطرطوشةَ، وبعد هذه الحوادِثِ نَظَم أبو البقاء الرندي قصيدتَه المشهورة يرثي فيها المسلمين ببلاد الأندلس:
لكلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ
فلا يُغَرَّ بطِيبِ العَيشِ إنسانُ

العام الهجري : 646 العام الميلادي : 1248
تفاصيل الحدث:

قام هيثوم الأول ملك أرمينية الصغرى بإرسال أخيه سمباط إلى منكو خاقان المغولِ الأكبر في عاصمتِه قره كروم، ثم تَبِعَه بنَفسِه مُقَدِّمًا للخاقان فروضَ الطاعةِ والولاء ووضَعَ الكنيسة ورعاياها تحتَ حمايته ورعايته.

العام الهجري : 646 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1248
تفاصيل الحدث:

هو العلامةُ ضياءُ الدين أبو محمَّد عبد الله بن أحمد المالقي النباتي المعروفُ بابن البيطار، الطبيبُ، ولد في مالقةَ بالأندلس، كان عالمًا بالنبات وصفاتِه ومنافِعِه وأماكِنِه، سافر في البلادِ إلى اليونان والمغرب ومصر وبلاد الشام، وكان كلَّ ذلك يدرس علمَ النبات ويجمع العيِّنات، كان ثقةً فيما ينقُلُه حُجَّةً, وإليه انتهت معرفة النباتِ وتحقيقه وصفاته وأسمائه وأماكنه. كان لا يجارَى في ذلك. سافر إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم. وأخذ فنَّ النبات عن جماعة، وكان ذكيًّا فَطِنًا. قال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة: "شاهدت معه كثيرًا من النبات في أماكِنِه بظاهر دمشق. وقرأت عليه تفسيرَه لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدس، فكنت أجِدُ من غزارة علمه ودرايته وفهمه شيئًا كثيرًا جِدًّا. ثم ذكر الموفَّقُ فَصلًا في براعته في النبات والحشائش، ثم قال: وأعجَبُ من ذلك أنه كان ما يذكرُ دواء إلا ويُعَيِّن في أي مقالة هو في كتاب ديسقوريدس وجالينوس، وفي أي عدد هو من جملة الأدوية المذكورة في تلك المقالة". وكان في خدمة الملكِ الكامِلِ، وكان يَعتَمِدُ عليه في الأدوية المفردة والحشائِش، ثم خَدَمَ بعده ابنَه الملك الصالح. وكان متقدِّمًا في أيامه، حظيًّا عنده. عُيِّنَ في مصر رئيسًا للعشَّابين وأصحاب البسطات, ثم رحل إلى دمشق، ومن أشهر مصنَّفاته: الجامع لمفردات الأدوية والأغذية،كتاب الأدوية المفردة الذي لم يصنف مثله. وصَفَ فيه لألف وأربعمائة نوع من أنواع النبات والعقاقير بتراكيبها الكيميائية مع ملاحظات دقيقة على طرق الاستخدام في العلاج، وله المغني في الأدوية المفردة والأغذية، وله ميزان الطبيب، وكتاب الأفعال الغريبة والخواص العجيبة، فكان ابنُ البيطار يعتبَرُ من أشهر أطباء الأعشاب في عصره، توفِّيَ في دمشق.

العام الهجري : 646 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1248
تفاصيل الحدث:

في أثناء مسير الحملة الصليبية السابعة المتَّجِهة إلى الشرق بقيادة الملك لويس التاسع ملك فرنسا توقَّفَ في قبرص فأجرى اتصالاتِه مع المغول ليساعِدُوه على تطويق المسلمينَ في الشرق الأدنى ولِعَقدِ تحالف عسكري مع المغول ضد الأيوبيِّينَ في الشام وضدَّ الخلافة العباسيَّة في بغداد.

العام الهجري : 646 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1249
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ، الإمام، العلَّامة، المقرئ، الأصولي، الفقيه، النحوي، جمال الأئمَّة والمِلَّة والدين أبو عمرو بن الحاجب عثمانُ بن عُمَر بن أبي بكر بن يونس الدويني الكردي الأصل، الإسنائي المولد، ثمَّ المصري, المالكي. كان مولده في آخر سنة 570 بأسْنا وهي بلدة صغيرة بصعيد مصر، كان والده حاجبًا للأمير عز الدين موسك الصلاحي. اشتغل أبو عمرو بالقاهرة في صغره بالقرآنِ الكريم، ثم بالفقهِ على مذهب الإمام مالك، رضي الله عنه، ثم اشتغلَ بالعلم فحَرَّرَ النحو تحريرًا بليغًا، ثم قرأَ القراءات، وبرع في علومِه وأتقنها غايةَ الإتقان. تفقه فسادَ أهل عصرِه، وكان رأسًا في علوم كثيرة، منها الأصول والفروع والعربية والتصريف، والعروض والتفسير، وغير ذلك، وقد استوطن دمشق سنة 617، ودرَّس بها للمالكية جامعها وبالنورية المالكية، وتخرج به الأصحاب، حتى كان خروجُه من دمشق بصحبةِ الشيخ عز الدين بن عبد السلام سنةَ ثمان وثلاثين، فصارا إلى الدِّيار المصرية، وكان من أذكى الأئمَّة قريحةً، وكان حُجَّةً متواضعًا عفيفًا كثير الحياء منصفًا محبًّا للعلم وأهله، بارعًا في العلوم متقنًا لمذهب مالك بن أنس، وله مختصر في الفقه انتظم فيه فوائد ابن شاش، ومختصر في أصول الفقه، استوعب فيه عامة فوائد الإحكام لسيف الدين الآمدي، وشرح المفصل والأمالي في العربية، والمقدمة المشهورة في النحو، اختصر فيها مفصَّل الزمخشري وشَرَحَها، والتصريف وشرحه، وعروض على وزن الشاطبية. وسار بمصنفاته الركبانُ. قال القاضي ابن خلكان: " وصنَّفَ في أصول الفقه، وكلُّ تصانيفه في نهاية الحسن والإفادة، وخالف النحاةَ في مواضِعَ، وأورد عليهم إشكالاتٍ وإلزاماتٍ تَبعُد الإجابة عنها، وكان من أحسَنِ خَلقِ الله ذهنًا, ولما عاد إلى القاهرة جاءني مرارًا بسبب أداء شهاداتٍ، وسألته عن مواضِعَ في العربية مُشكِلة، فأجاب أبلغَ إجابة بسكونٍ كثيرٍ وتثَبُّت تام"  توفي بالإسكندرية ضاحي نهار الخميس 26 شوال، ودفن خارج باب البحر بتربة الشيخ الصالح ابن أبي شامة.

العام الهجري : 647 العام الميلادي : 1249
تفاصيل الحدث:

اعتلى "كيوك" عرش دولةِ المغولِ, ولم يكنْ مِثلَ أبيه "أوكتاي" ملكًا كريمًا، نبيلَ الخُلق، طيبَ المعاملةِ مع المسلمين؛ وإنما كان رجلًا مغامرًا محاربًا، يميلُ إلى الغزو والفتحِ مِثلَ جَدِّه جنكيز خان، وما إن استقَرَّ في الحكم حتى دعا الأمراء إلى ضرورة مراعاة أحكام القانون المغولي (الياسا)، وحذَّرَ من الخروج عليه، ثم قام بتجهيزِ الجيوشِ لمواصلةِ فتحِ الصين الجنوبيَّة، وأوكل هذه المهمَّةَ إلى القائِدِ المغولي الشهير "سوبوتاي"، وأوفد "إيلجتكاي" إلى إيران لفتحِ بقية البلادِ الإسلاميَّة، وجعل له السُّلطةَ العليا في الإشرافِ على شؤون بلاد الروم والكرج والموصل، وديار بكر، ونصب عددًا من أمرائِه والموالين له على المناطقِ التابعةِ لسلطانه. وكانت آخِرَ أعماله أنَّه عقد تحالفًا مع الأرمنِ النصارى؛ وذلك استعدادًا لحملة كان يعدُّها لغزو الشامِ ومصر، غيرَ أنه هلك في 9 من ربيع الآخر 647 (22 من يوليو 1249م) فتوقف مشروعُه.

العام الهجري : 647 العام الميلادي : 1249
تفاصيل الحدث:

طغى الماء ببغداد حتى أتلف شيئًا كثيرًا من المحالِّ والدُّور الشهيرة، وتعَذَّرت الجُمَعُ في أكثر الجوامع بسبب ذلك سوى ثلاثِة جوامِعَ، ونُقِلَت توابيت جماعة من الخلفاء إلى الترب من الرصافة خوفًا عليهم من أن تغرق محالُّهم، منهم المقتصد بن الأمير أبي أحمد المتوكل، وذلك بعد دفنه بأكثَرَ من 350 سنة، وكذا نُقِلَ ولَدُه المكتفي وكذا المقتفي بن المقتدر بالله.

العام الهجري : 647 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1249
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ السلطان الملك الصالحُ نجم الدين أيوب من دمشق، وهو مريضٌ، لَمَّا بلغَه من حركةِ الفرنج، فنزل بأشموم طناح في المحرم، وجمع في دمياط من الأقواتِ والأسلحة شيئًا كثيرًا، وبعث إلى الأميرِ حسام الدين بن أبي علي نائبِه بالقاهرة، أن يجهِّزَ الشواني من صناعةِ مصر، فشرع في تجهيزِها، وسَيَّرَها شيئًا بعد شيء، وأمر الملك الصالح نجم الدين أيوب الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ أن ينزل على جيزةِ دمياط بالعساكرِ ليصيرَ في مقابلة الفرنج إذا قَدِموا فتحوَّل الأمير فخر الدين بالعساكر، فنزل بالجيزةِ تجاهَ دمياط، وصار النيلُ بينه وبينها، ثم في الساعة الثانية من يوم الجمعة لتسعٍ بَقِينَ مِن صفر وصلت مراكِبُ الفرنج البحرية، وفيها جموعُهم العظيمة بصحبة لويس التاسع ملك فرنسا، وقد انضَمَّ إليهم فرنجُ الساحل كله، فأرسَوا في البحر بإزاء المسلمين، وسَيَّرَ ملك الفرنج إلى الملك الصالحِ كتابًا يتهَدَّدُ فيه ويتوعَّدُه بقتله واحتلالِ مصر، فلمَّا وصل الكتاب إلى السلطان الملك الصالحِ وقرئ عليه، كتب الجوابَ فيه أنهم أصحابُ الحربِ والسيوفِ، وأنَّه كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله، وفي يوم السبت نزل الفرنجُ في البر الذي عسكَرَ فيه المسلمون، وضُرِبَت للويس التاسع خيمةٌ حمراء، فناوشهم المسلمون الحربَ، فلما أمسى الليل رحل الأميرُ فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ بمن معه من عساكِرِ المسلمين، وقطع بهم الجسرَ إلى الجانب الشرقي، الذي فيه مدينةُ دمياط، وخلا البَرُّ الغربي للفرنج، وسار فخر الدين بالعسكر يريد أشموم طناح، فلما رأى أهلُ دمياط رحيل العسكر، خرجوا كأنما يسحبونَ على وجوهِهم طول الليلِ، ولم يبقَ بالمدينة أحدٌ البتة، وصارت دمياط فارغةً مِن الناس جملةً، وفروا إلى أشموم طناح مع العسكَرِ، وهم حفاةٌ عراةٌ جياعٌ فقراء حيارى بمن معهم من الأطفال والنساء، وساروا إلى القاهرة، فنهبهم الناسُ في الطريق، ولم يبقَ لهم ما يعيشون به فعُدَّت هذه الفعلة من الأمير فخر الدين من أقبَحِ ما يُشَنَّع به، وأصبح الفرنجُ يوم الأحد لسبعٍ بقين من صفر، سائرينَ إلى مدينة دمياط، فعندما رأوا أبوابها مفتحةً ولا أحد يحميها، خشُوا أن تكون مكيدة، فتمَهَّلوا حتى ظهر أنَّ النَّاسَ قد فروا وتركوها، فدخلوا المدينةَ بغير كلفة ولا مؤنة حصارٍ، واستولوا على ما فيها من الآلات الحربية، والأسلحة العظيمة والعُدَد الكثيرة، والأقوات والأزواد والذخائر، والأموال والأمتعة وغير ذلك، صَفْوًا، وبلغ ذلك أهلَ القاهرة ومصر، فانزعج الناس انزعاجًا عظيمًا، ويَئِسوا من بقاء كلمة الإسلامِ بديار مصر، لتمَلُّك الفرنجِ مدينة دمياط، وهزيمة العساكر، وقوَّة الفرنج بما صار إليهم من الأموالِ والأزواد والأسلحة، والحصن الجليل الذي لا يقدر على أخذه بقوة، مع شِدَّة مرض السلطان الصالح أيوب، وعَدَمِ حركته، وعندما وصلت العساكرُ إلى أشموم طناح، ومعهم أهل دمياط، اشتَدَّ حنق الملك الصالح أيوب على الكنانيين، وأمر بشنقهم فقالوا: وما ذنبُنا إذا كانت عساكِرُ السلطان جميعهم وأمراؤه هربوا وأحرَقوا الزردخاناه فلأي شيء نحن فشُنِقوا, فكانت نقمةُ السلطان عليهم أنهم خرجوا من المدينة بغيرِ إذنٍ حتى تسلَّمَها الفرنج، فكانت عِدَّةُ مَن شُنِقَ زيادة على خمسين أميرًا من الكنانيين، وتغيَّرَ السلطان على الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ، وقامت الشناعةُ من كل أحدٍ على الأمير فخر الدين، فخاف كثيرٌ من الأمراء وغيرهم سطوةَ السلطان، وهَمُّوا بقتله، فأشار عليهم فخر الدين بالصبر، حتى يتبين أمر السلطان ومَرَضه.

العام الهجري : 647 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1249
تفاصيل الحدث:

هو الملِكُ صاحِبُ تونس أبو زكريا يحيى بن الأميرِ عبد الواحد بن الشيخ أبي حفص عمَرَ الهنتاني، الموحِّدي كان أبوه متوليًا لمدائن إفريقيَّة لآلِ عبد المؤمن، فمات ووَلِيَ بعده ابنُه الأمير أبو محمد عبد الله الحفصي، فوَلِيَ مُدَّة، ثم وثب عليه أخوه أبو زكريا يحيى بدعم من الموحِّدين، واستولى على إفريقيَّةَ، واستبد أبو زكريا بأمر إفريقية ودعا لنفسه، وامتدت دولته بضعًا وعشرين سنة، واشتغل عنه بنو عبد المؤمِنِ بأنفسهم، الذين ضَعُف أمرُ مَلِكِهم في الأندلس والمغرب، وامتَدَّت مملكةُ أبي زكريا الحفصي إلى تلمسان وسجلمامة وسبتة، وبايعه أهلُ إشبيلية وشاطبة والمرية ومالقة وغرناطة، وخلف مالًا جمًّا، فبويع بعده ابنُه محمد المستنصر، وأبو زكريا هذا هو أوَّلُ من ملك تونس من الملوك الحفصيِّينَ، وأما من كان قبله منهم فإنما كانوا عُمَّالًا لبني عبد المؤمن. مات أبو زكريا يحيى بمدينة بونة من إفريقية، في آخر جمادى الآخرة، عن تسعٍ وأربعين سنة.

العام الهجري : 647 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1249
تفاصيل الحدث:

إن الناصر داودَ صاحب الكرك لما ضاقت به الأمورُ استخلف ابنَه الملكَ المعظم شرفَ الدين عيسى، وأخذ معه جواهِرَه، وسار في البر إلى حَلَب مستجيرًا بالملك الناصرِ يوسف بن الملك العزيز فأنزله وأكرَمَه وسيَّرَ النَّاصِرَ بجواهره إلى الخليفةِ المستعصم بالله؛ لتكون عنده وديعة، فقبض الخليفةُ ذلك، وسير إليه الخطَّ بقبضه وأراد الناصرُ بذلك أن يكون الجوهَرُ في مأمن، فإذا احتاج إليه طلَبَه، وكانت قيمتُه ما ينيِّف على مائة ألف دينار، فحنق ولدا الناصرِ وهما الملك الظاهر شادي والملك الأمجد حسن على أبيهما، لكونِه قَدَّمَ عليهما المعظَّم، وقبضا على المعظَّم، واستوليا على الكرك وأقام الملكُ الظاهر شادي-  وهو أسنُّ إخوتِه- بالكرك وسار الملك الأمجدُ حَسَن إلى الملك الصالح نجم الدين، فوصل إلى العسكرِ بالمنصورة، يوم السبت لتسعٍ مَضَين من جمادى الآخرة، وبَشَّره بأنه هو وأخوه الظاهر أخذا الكرك له، فأكرمه السلطانُ، وأعطاه مالًا كثيرًا، وسيَّرَ الطواشي بدر الدين الصوابي إلى الكرك نائبًا بها وبالشوبك، فتسَلَّمَها بدر الدين، وسيَّرَ أولاد الناصر داود جميعهم، وأخويه الملك القاهر عبد الملك، والملك المغيث عبد العزيز، ونساءهم وعيالاتهم كُلَّها، إلى المعسكر بالمنصورة، فأقطعهم السلطانُ إقطاعًا جليلًا، ورتَّب لهم الرواتَب، وأنزل أولادَ الناصر في الجانب الغربيِّ قُبالة المنصورة، وكان استيلاءُ نائب السلطان على الكرك يوم الاثنين، لاثنتي عشرة بَقِيَت من جمادى الآخرة، وسُرَّ السلطان بأخذ الكرك سرورًا عظيمًا، وأمَرَ فزينت القاهرة ومصر، وضُرِبَت البشائر بالقلعتين، وجهَّزَ السلطان إلى الكرك ألف ألف دينار مصرية، وجواهر وذخائر وأسلحة، وشيئًا كثيرًا مما يعِزُّ عليه.