حصر أتابك عماد الدين زنكي دمشقَ، وكان نزوله عليها أول جمادى الأولى، وسببُه إرسال شمس الملوك صاحبها إليه واستدعاؤه ليسلمها إليه، فقُتل شمس الملوك قبل وصول زنكي، وسار إلى دمشق فنازلها، وأجفل أهلُ السواد إلى دمشق، واجتمعوا فيها على محاربته ونزل أولًا شماليَّها، ثم انتقل إلى ميدان الحصار، وزحف وقاتل، فرأى قوةً ظاهرة وشجاعة عظيمة واتفاقًا تامًّا على محاربته، فبينما هو يحاصِرُها وصل رسول الخليفة المسترشد بالله، وهو أبو بكر بن بشر الجزري من جزيرة ابن عمر، بخِلَع لأتابك زنكي، ويأمرُه بمصالحة صاحب دمشق، فرحل عنها لليلتين بقيتا من جمادى الأولى.
هو الأديبُ المؤرِّخُ صلاحُ الدين أبو الصفاء، خليل ابن الأمير عز الدين أيبك بن عبد الله الألبكي الصفدي, ولد سنة 696 في صفد بفلسطين، وإليها نُسِبَ، وكان والِدُه أحد أمراء المماليك، وكان إمامًا بارعًا كاتبًا ناظمًا ناثرًا شاعرًا، له مصنفات كثيرة في التاريخ والأدب والبديع وغير ذلك، وتاريخه المسمى: الوافي بالوفيات، وهو مشهورٌ مُعتَمَد، وله تاريخ آخر أصغر من هذا سماه أعوان النصر في أعيان العصر، وله شَرحُ لامية العَجَم، ونكت الهميان في نكت العميان، وكتاب جناس الأجناس، وغيرها من كتب اللغة والتاريخ. توفي بدمشق في ليلة الأحد عاشر شوال.
خُلِعَ أبو البقاء خالد بن إبراهيم بن أبي بكر متمَلِّك تونس، بعد إقامته في المُلْك سنة وتسعة أشهر تنقُصُ يومين، وهو الخامس عشر من ملوك الحفصيين بتونس، وكان صبيًّا والأمر بيد الحاجِبِ ابن المالقي، وقام بعدَه ابنُ عَمِّه أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم، وقد كان هذا أميرَ قُسنطينة وبجاية، فلما استطاع الزحفَ على تونس قَتَل الحاجي ابن المالقي وفَرَّ خالد المخلوع، لكِنَّه قبض عليه ونفِيَ إلى الغرب لكنَّه غَرِقَ في البحر، فتملك أبو العباس هذا وتلَقَّب بالمستنصر بالله في يوم السبت ثامن عشر ربيع الآخر.
هو الشيخ الإمام العالم العلامة شهاب الدين المجدي أحمد بن رجب بن طيبغا، الشهير بابن المجدي الشافعي. مولدُه بالقاهرة في سنة 767، ونشأ بها، وتفقَّه على مذهب الشافعي، رضي الله عنه، ولازم علماء عصره، واجتهد في طلب العلم إلى أن برع في الفقه، والفرائض، والحساب، والعربية، وتصدر للإقراء والتدريس مدةً طويلة، وانتفع به الطلبة، وتفقَّه به جماعة من أعيان الطلبة، وكان له مشاركةٌ في علوم كثيرة لا سيما في الفرائض، والحساب، والهندسة، والميقات؛ فإنه فاق في هذه العلوم أهلَ عصره، وانفرد بها، وما برح مستمرًّا على الاشتغال والأشغال والتصنيف، ومصنفاته كثيرة مشهورة. توفى ليلة السبت حادي عشر ذي القعدة.
هو المؤرِّخ التركي مصطفى بن عبد الله الحلبي المعروف بحاجي خليفة، ولد سنة 1017هـ / 1608م، وحفظ القرآن، ودَرس العربية والفقه والحساب، واهتم بالتاريخ والجغرافيا. وأبوه من رجال الجند، استُخدم كاتبًا في نظارة الجيش بالأناضول حتى أصبح رئيس الكُتاب، ثم عاد إلى الآستانة وتفرغ للعلم ولقب خليفة منذ كان بالآستانة، اشتهر بمؤلَّفه النافع: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، الذي يحوي على 14500 اسم كتاب، ويعتبر خزانة علم وأدب وتاريخ، وله مصنفات أخرى منها: تحفة الأخبار في الحِكم والأمثال والأشعار، وله سُلَّم الوصول إلى طبقات الفحول، وله تحفة الكبار في أسفار البحار.
هو الشاعرُ المشهور محمد بن جمد بن محمد ابن لعبون بن مدلج الوايلي البكري العنزي، أمير شعراء النبط، ولِدَ في بلدة حرمة بنجد سنة 1205هـ وحَفِظَ بها القرآن وتعَلَّم الكتابة، وكان خطُّه فائقًا. ونَظَم الشعرَ في صغرِه. ومال إلى اللهوِ والبطالة. ورحل إلى الزبير في العراق، ساعده ذكاؤه الشِّعري وشخصيتُه المَرِحة الطَّرِبة في توطيدِ علاقاته مع كثيرٍ مِن وجهاءِ وأعيان نجد والزبير والكويت والأحساء والبحرين والهند، وورد في شعره ذِكرُ كِبارِ شخصيات عصره، كان شعره جيدًا إلَّا أن فيه تخبيطًا في العقيدةِ، وقيل: إنه أنشأ قصيدةً تاب فيها وتضَرَّع إلى الله. قصَدَ الكويت فمات فيها بالطاعون.
توسَّعت اتصالاتُ المَلِك عبد العزيز الخارجية بعد ضَمِّه للحجازِ؛ فقد كان في جُدَّة عددٌ من القناصل الأجنبيَّةِ، فأنشأ مديريةَ الشؤون الخارجية 1344هـ وأسهم فيها الدكتور عبد الله الدملوجي (عراقي) ويوسف ياسين (سوري) وحافظ وهبة (مصري)، ثم في هذا العام تحوَّلت إلى وزارةٍ للخارجية، وأُسنِدَت إلى الأمير فيصل بن عبد العزيز، فصار نائبًا للملك في الحجاز ووزيرًا للخارجية، وفي تلك الفترة أقامت الدولةُ علاقاتٍ دبلوماسيةً مع كلٍّ مِن الاتحاد السوفيتي في فبراير 1926م، وهي أوَّلُ دولةٍ اعترفت بدولةِ الحجاز وملحقاتِها، وفي مارس من نفسِ العام أقامت الدولةُ علاقةً مع بريطانيا وفرنسا وبولندا وتركيا وإيطاليا ومصر وإيران والولايات المتحدة.
بعد أن قضى الانتدابُ البريطاني في شرق الأردن 25 سنة من 1921م مَنَحت بريطانيا شرقَ الأردن حقَّ الاستقلال بموجِبِ صَكِّ الانتداب -الذي يقضي ببقاء شرق الأردن تحت الحكم البريطاني 25 سنة- تمَّ إبرامُ المعاهدة البريطانية الأردنية الثانية في 22 مارس التي تعترف باستقلالِ شرقِ الأردن. وتم إعلانُ استقلال إمارة شرق الأردن، وإعلانُ قيام المملكة الأردنية الهاشمية، ويكون المَلِكُ عبد الله الأول بن الحسين ملكًا عليها يوم 25/5/1946، إلَّا أن الجيش الأردني بقِيَ تحت قيادة الضباط البريطانيين على رأسهم (أبو حنيك) غلوب باشا حتى عام 1957م.
وُلد محمد قطب في (26 إبريل 1919م) في بلدة موشا -من محافظة أسيوط بصعيد مصر- وكان والِدُه قُطب إبراهيم من المُزارِعين في تِلكَ النَّاحيةِ. أمَّا والِدَتُه فاطمة عثمان فقد كانت تَنتمي إلى أُسرةٍ مُحِبَّةٍ للعلم، بدأ دِراسَتَه في القاهرة ثم الْتحَقَ بجامعةِ القاهرة؛ حيث درَس اللُّغةَ الإنجليزية وآدابَها، وكان تخرُّجُه فيها عامَ (1940م)، ومن ثَمَّ تابَعَ في معهدِ التَّربية العالي للمُعلِّمين فحَصَل على دبلومِها في التربيَةِ وعلم النفس. عاش مُدَّةً طويلةً من عمرِه في مكَّة المكرَّمة، وكان أُستاذًا في جامعةِ أمِّ القُرى، وأشرف على العديدِ من الرسائِلِ الجامعيَّةِ فيها.، وله عددٌ من الكتب في الفكر والثقافة الإسلاميَّة.
تُوفِّي -رحمه الله- في مستشفى المركز الطبيِّ الدَّولي في جُدَّةَ.
تَمَّ إطلاقُ عمليَّة عاصفةِ الحَزْم ضدَّ الانقلابيِّين الحوثيِّين في اليمنِ، بقيادةِ المملكةِ العربية السعودية، ومشاركةِ تِسْعِ دُول، أبرزُها: الإماراتُ والكُويت والبحرَين وقطرُ والأردنُّ. وتُعْتبَرُ عاصِفةُ الحزمِ إعلانَ بدايةِ العمليَّاتِ العسكريَّةِ بقيادةِ السُّعودية في اليمن. وقد تَمَّ فيها السَّيطرةُ على أجواءِ اليمنِ وتدميرِ الدِّفاعاتِ الجويَّة ونُظُم الاتِّصالات العسكريَّة للحوثيِّين والرئيسِ المخلوع علي عبد الله صالح. وجاءت العملِيَّاتُ بعد طلبٍ تَقدَّم به الرئيسُ اليمني عبدُ ربِّه منصور هادي لإيقافِ الحوثيِّين، الذين بدؤوا هُجومًا واسعًا على المُحافظاتِ الجنوبيَّة، وأصبحوا على وَشْكِ الاستيلاءِ على مدينة عَدَن، التي انْتَقَلَ إليها الرئيسُ هادي بعد انقلابِ (2014م).
لَمَّا مَلَك الأفضَلُ مِصرَ، واستَقَرَّ بها، واجتمعت الكلمةُ على الأفضَلِ بها، وصَلَ إليه رسولُ أخيه الملك الظاهر غازي، صاحِبِ حلب، ورُسُلُ ابنِ عَمِّه أسد الدين شيركوه بن محمد بن شيركوه، صاحِبِ حمص، يحثَّانِه على الخروج إلى دمشق، واغتنام الفرصةِ بغَيبةِ العادل عنها، وبَذَلا له المساعدةَ بالمال والنَّفسِ والرجال، فبَرَز من مصر، فوصل إلى دمشقَ ثالث عشر شعبان، وكان العادِلُ قد أرسل إليه نوَّابُه بدمشق يعَرِّفونَه قَصْدَ الأفضل لهم، ففارق ماردين وخَلَّفَ ولده الملِكَ الكامِلَ مُحمَّدًا في جميع العساكِرِ على حصارها، فسَبَق الأفضَلَ، فدخل دمشقَ قبل الأفضَلِ بيومين، وأمَّا الأفضَلُ فإنَّه تقَدَّمَ إلى دمشقَ مِن الغد، وهو رابعَ عشر شعبان، ودخل ذلك اليومَ بعينه طائفةٌ يسيرةٌ مِن عسكَرِه من عسقلان إلى دمشقَ من باب السلامة، فلمَّا رآهم عامَّةُ البلد نادَوا بشِعارِ الأفضَلِ واستسلَمَ مَن به من الجُندِ، ونَزَلوا عن الأسوار، وبلَغَ الخَبَرُ إلى الملك العادل، فكاد يستسلِمُ، وتماسَكَ، فلما رأى عسكَرُ العادل بدمشق قِلَّةَ عدَدِهم، وانقطاعَ مَدَدِهم، وثَبُوا بهم وأخرجوهم منه، ثمَّ وصَلَ بعده المَلِكُ الظاهر، صاحِبُ حلب، ثاني عشر شهر رمضان، وأرادوا الزَّحفَ إلى دمشق، فمَنَعَهم الملك الظاهر مكرًا بأخيه وحَسَدًا له، ولم يشعُرْ أخوه الأفضَلُ بذلك، وأما الملك العادل فإنَّه لما رأى كثرةَ العساكِرِ وتتابعَ الأمدادِ إلى الأفضَلِ، عظم عليه، فأرسلَ إلى المماليكِ الناصريَّةِ ببيت المَقدِسِ يستدعيهم إليه، فساروا آخر شعبان، فوصل خبَرُهم إلى الأفضل، فسَيَّرَ أسد الدين، صاحِبَ حمص، ومعه جماعةٌ مِن الأمراء إلى طريقِهم ليمنعوهم، فسَلَكوا غيرَ طَريقِهم، فجاء أولئك ودخلوا دمشقَ خامس رمضان، فقَوِيَ العادل بهم قُوَّةً عظيمة، وأَيِسَ الأفضَلُ ومَن معه من دمشق، وخرج عسكَرُ دمشق في شوال، فكَبَسوا العسكرَ المصري، فوَجَدوهم قد حَذِروهم، فعادوا عنهم خاسرينَ، وأقام العسكَرُ على دمشق ما بين قُوَّة وضَعفٍ، وانتصارٍ وتخاذُل، حتى أرسل المَلِك العادل خلْفَ ولده الملك الكامل محمد، وكان قد رحل عن ماردين، وهو بحران، فاستدعاه إليه بعسكره، فسار على طريقِ البَرِّ، فدخل إلى دمشق ثاني عشر صفر سنة ست وتسعين وخمسمائة، فعند ذلك رحل العسكَرُ عن دمشق وعاد الأفضَلُ إلى مصر.
هو الملك نادر شاه الأفشار التركماني، ويعرف كذلك باسم "نادر قـُلي بگ" ولد نادر شاه في محرم 1100هـ/ 22 نوفمبر 1688م وجلس على العرش في شوال 1148هـ وهو مؤسِّس الأسرة الأفشارية التي حكمت إيران. كانت قبيلةُ أفشار هي إحدى القبائل التركمانية التي فرَّت من وجه المغول تاركةً تركستان، واستقرت في أذربيجان، فأرسل الشاه إسماعيل الصفوي قِسمًا من هذه القبيلة إلى الجزء الشمالي من خراسان وأسكنهم فيها بالقرب من منبع نهر كوبكان. كان أول أمر نادر شاه من قطَّاع الطرق, ثم جمع رجاله ورأى من مصلحته العمل كقائد عسكر لطهماسب الثاني آخر شاهات الدولة الصفوية, كان لنادر شاه الفضلُ في حركة المقاومة العسكرية لتحرير إيران من الاحتلال الأفغاني، وبعد نجاحه أخذ اسمُه يصعد في إيران حتى انتهى به الأمر إلى أن نصَّب نفسه شاهًا لإيران بعد أن عزل طهماسب الثاني, وأعلن نهايةَ الدولة الصفوية في إيران. عُرف نادر شاه بأنه محارب عسكري مشهور بحملاته العسكرية, ويعدُّ واحدًا من أكبر الغزاة الفاتحين في تاريخ إيران الحديث، حيث قام بعدة حملات ناجحة في الهند وأفغانستان وضِد الدولة العثمانية وآسيا الوسطى، وحَسَبت له روسيا حسابه كقوَّة فتية في المنطقة، وتحالفت معه ضد العثمانيين. فلما زادت قسوةُ نادر شاه ورأى الناس ظلمَه وتعسُّفَه، خافه الأمراء فتآمروا على قتلِه، وفي جملتهم بعضُ القواد من الأفشار، وكان منهم رئيسُ الحرس الذي أعانهم فدخلوا عليه وهو نائم فقتلوه في سريره ليلة 11 من جمادى الثانية, ثم أرسلوا وراءَ علي شاه ابن أخي نادر شاه فحكَّموه على إيران، لكنه كان ضعيفًا خاملًا، فجاء أخوه إبراهيم الذي حكم العراق باسمه وعزله، وكان علي شاه قد قَتَل كل آل نادر عدا حفيدًا له اسمه شاه رخ ميرزا، وأما إبراهيم فلم يدُم طويلًا حتى قتله حرَّاسه وولَّوا مكانه شاه رخ الصغير، لكن قائد الجيوش ميرزا محمد أسَرَه وسمل عينيه وأعيد بعد فترة، حيث جاء علي خان رئيس جيش إيران فأخرجه من سجنه وأعاده، لكنه رضي ببلاد خراسان وحسبُ, وصارت إيران في قبضة كريم خان زند، وأخذت الولايات تستقِلُّ واحدة تلو الأخرى.
اسْتَعاد سعيدُ بن العاصِ فَتْحَ طَبَرِستان شمال إيران؛ وذلك أنَّهم كانوا صالَحوا سُويدَ بن مُقرِّن بعدَ أن غَزاهُم قَبلَ ذلك في عَهدِ عُمَر بن الخطَّاب على أن لا يَغْزوها على مالٍ بَذَلَهُ له إصْبَهْبَذُها؛ لكنَّهم نَقَضوا الصَّلْحَ، فَرَكِبَ سعيدُ بن العاصِ في جيشٍ فيه الحسنُ والحسينُ، والعَبادِلَةُ الأربعةُ، وحُذيفةُ بن اليَمانِ، في خلقٍ مِن الصَّحابةِ فسار بهم، فمَرَّ على بُلدانٍ شَتَّى يُصالِحونَهُ على أَموالٍ جَزيلةٍ، حتَّى انتهى إلى بلدِ مُعاملةِ جُرْجان، فقاتَلوه حتَّى احتاجوا إلى صلاةِ الخوفِ.
هو محمَّدُ بنُ عبد الوهاب بن سلام أبو عليٍّ الجُبَّائي، شيخُ طائفة الاعتزال في زمانِه، ورئيسُ عِلمِ الكلامِ، وإليه تُنسَبُ الطائفة الجُبَّائية، وعليه اشتغل أبو الحسَنِ الأشعري ثم رجع عنه، وللجُبَّائي تفسيرٌ حافِلٌ مُطَوَّل، له فيه اختياراتٌ غريبة في التفسيرِ، وقد ردَّ عليه الأشعريُّ فيه، وله كتبٌ رَدَّ فيها على الراونديِّ والنَّظَّام، وكان الجُبَّائي يقول: "الحديثُ لأحمد بن حنبل، والفِقهُ لأصحابِ أبي حنيفة، والكلامُ للمُعتَزلةِ، والكَذِبُ للرافضةِ". توفي في البصرة عن 68 عامًا.