كانت قلعةُ بركوي المتاخِمةُ للأرمن في يَدِ أبي الهيجاء بن ربيب الدَّولة، ابنِ أخت وهسوذان بن مملان، فتنافَرَ هو وخاله، فأرسل خالُه إلى الرومِ فأطمعهم فيها، فسَيَّرَ مَلِكُ الروم إليها جمعًا كثيرًا فمَلَكوها، فبلغ الخبَرُ إلى الخليفة العباسي القائمِ بأمرِ الله، فأرسل إلى أبي الهيجاءِ وخالِه مَن يُصلِحُ بينهما ليتَّفِقا على استعادةِ القلعةِ، فاصطلحا، ولم يتمَكَّنا من استعادتِها، واجتمع إليهما خلقٌ كثيرٌ مِن المتطَوِّعة، فلم يقدروا على ذلك؛ لثباتِ قَدَمِ الرُّومِ بها.
أنشأها القاضي أستاذ دار الخليفة المستعصم الصاحب محيي الدين ابن الشيخ جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي أيَّامَ الملك الصالح عماد الدين، كان قد حصل على أموالٍ وكراماتٍ من بني أيوب بالشامِ- أثناء قيامه بالسِّفارة بين الخليفة وبني أيوب- ابتنى بها المدرسةَ الجوزيَّة بالنشابين بدمشق بسوق القمح بالقرب من الجامِعِ، وقد نسب إليها ابنُ قَيِّم الجوزيَّة رحمه الله، فهو إمامُها ووالدُه كان قَيِّمَها.
كان سبب ظهور الدولة السعدية أن السلطان محمد البرتغالي بن محمد الشيخ الوطاسي قد انشغل بجهاد النصارى المعتدين وترديد الغزوِ إليهم والإجلاب عليهم، حتى شُغِل بذلك عن البلاد المراكشية وسواحلها؛ مما أدى إلى ظهور دولة السعديين عندما قام أبو عبد الله محمد الشيخ السعدي المعروف بالمهدي ببلاد السوس؛ حيث أقبل عليه الخلط وأظهروا الخدمة والنصيحة، وغلب محمد الشيخ المهدي هذا على فاس، وأخرج أبا حسون الوطاسي آخر حكام دولة الوطاسيين.
دخلت هذه السنةُ وتركي بن عبد الله في بلد عرقة محاربًا لأهلِ الرياض ومنفوحة، وأهلِ الخَرج وصاحب ضرما وثرمداء وحريملاء. وباقي بلدان نجدٍ يكاتبونه بلا متابعةٍ، ثمَّ إن تركي عزم أن يسطوَ على ناصر السياري في بلد ضرما، فقصده من بلد عرقة، واستخلف فيها عمرَ بن محمد بن عفيصان، وليس مع تركي إلا شرذمةٌ قليلة، فدخل عليه المسجد فوجده في سطحه، وتمكَّنَ من قتله، واستولى تركي على بلد ضرما وملكَها وأقام فيها.
قَدِم الإمامُ الحافظ المتقِن قاضي قضاة الإسلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب مِن مِصرَ على الإمام تركي بن عبد الله بعد أن بَقِيَ في مصر 9 سنوات منذ أن نفاه إليها إبراهيم باشا عام 1233، وكان معه ابنه عبد اللطيف صغيرًا, ففرح الإمامُ تركي به وأكرمه، واغتبط به المسلمون الخاصُّ والعامُّ، وبذل الشيخُ مِن نفسه للطالبين، فانتفع بعِلمِه كثيرٌ مِن المستفيدين.
تمَّ إطلاق اسم الأردن رسميًّا على إمارة شرق الأردن، وقد تأسَّست هذه الإمارة سنة 1920 تحت الانتدابِ البريطاني بموجِبِ صَكِّ الانتداب الذي وقَّعَه عبد الله بن الحسين أمامَ وزير المستعمرات البريطاني تشرشل مقابِلَ تنصيبِه مَلِكًا على شرق الأردن، وقد حَصَلت الإمارة على استقلالِها في 25 مايو 1946م، واعتُبِرَ ذلك اليوم عيدًا للاستقلال، وتألَّفت في هذه الإمارة 18 وزارة قبل إعلانها مملكةً تحت اسم المملكة الأردنية الهاشمية.
اعتُقِل الرئيسُ الموريتانيُّ سيدي ولد الشيخ عبد الله أولُ رئيسٍ منتخَب ديمقراطيًّا في نواكشوط إثرَ انقلابٍ قادَه قائدُ الحرسِ الرِّئاسي، كما اعتُقِل عددٌ من الوُزَراء المقرَّبين. ويأتي الانقلابُ بعدَ سنة ونصف من الانتخاباتِ الرئاسية مطلعَ (2007) وبعد ثلاثِ سنواتٍ من انقلابٍ عسكريٍّ في أغسطس (2005) أطاح بالرَّئيس معاوية ولد الطايع. وشكَّل الانقلابِيُّون مجلِسًا للحُكمِ برئاسةِ رئيسِ الأركانِ وقائدِ الحرسِ الرئاسيِّ الجنرال محمد ولد عبد العزيز.
تُوفِّي الشَّيخُ حامِدٌ البَيتاويُّ رئيسُ رابطةِ عُلَماءِ فِلَسطين والنَّائِبُ في المَجلسِ التَّشريعيِّ عن كُتلةِ التَّغييرِ والإصلاحِ التَّابعةِ لحماسٍ، في مشفَى المقاصِدِ بالقُدس المُحتلَّة. وقد منع الاحتلالُ الصِّهيونِيُّ النائبَ البيتاويَّ من السفرِ لتلقِّي العلاج بالأردنِّ، ما اضطَرَّه لإجرائِها في القدس. والشيخُ البيتاويُّ رحمه الله شَغَل منصِبَ خطيبِ المسجدِ الأقصى سابقًا، وكان قد نَجَح في انتخاباتِ المَجلسِ التشريعيِّ عن حركةِ حماسٍ في عام (2006م)، واعتُقِل عدَّةَ مرَّاتٍ على يدِ قوَّات الاحتلال الإسرائيليِّ.
نجا رئيسُ جمهوريةِ المالديف عبدُ الله يمين عبد القيوم من محاولةِ اغتيالٍ تَعرَّض لها في طريقِ عَودتِه من المملكةِ، بعد إتمامِه مَناسِكَ الحَجِّ. ولم يُصَبْ في الانفجار الذي وقَع بزَورقِه لدى اقترابِه من مالي عاصمةِ جُزُرِ المالديف الواقعةِ في المحيط الهنديِّ، وأُصيبت زوجتُه في الانفجارِ. وكان رئيسُ المالديف قد غادَر مطارَ الملكِ عبدِ العزيز بجُدَّةَ، ووصلتْ طائرتُه إلى المطار الدَّوليِّ الرئيسِ، والواقعِ في جزيرةٍ مُجاوِرةٍ بالمالديف، قَبْل أنْ يَستَقِلَّ الزَّورقَ لإكمال رحلتِه إلى العاصمةِ.
الشَّيخُ عبدُ المَجيدِ الزِّندانيُّ مُؤَسِّسُ كُلٍّ مِن جامعةِ الإيمانِ باليَمَنِ، والهيئةِ العالميَّةِ للإعجازِ العِلميِّ في القرآنِ والسُّنةِ في مكَّةَ المكَرَّمةِ، كان -رحمه اللهُ- رئيسَ مجلِسِ شُورى حزبِ التَّجمُّعِ اليَمَنيِّ للإصلاحِ، تُوفِّي في إسطنبول، عن عُمرٍ ناهَز اثنين وثمانين عامًا، ودُفِن في إسطنبول بعدَ الصَّلاةِ عليه في مَسجِدِ السُّلطانِ محمَّد الفاتِح بحُضورِ الرَّئيسِ التُّركيِّ رَجَب طَيِّب أردوغان وعَدَدٍ مِنَ السِّياسيِّينَ والعُلَماءِ المُسلِمين، وجموعٍ مِنَ المُصَلِّين من مختَلِفِ الجِنسيَّاتِ.
في يوم الثلاثاء سادس ربيع الأول تخبطت الأحوال بين السلطان وبين المماليك؛ فوقف طائفة من المماليك الجراكسة، وسألوا أن يقبض على الأمير تغري بردي، والأمير دمرداش، والأمير أرغون؛ من أجل أنهم من جنس الروم؛ وذلك أن السلطان اختص بهم، وتزوج ابنة تغري بردي، وأعرض عن الجراكسة، وقبض على إينال باي، فخاف الجراكسة من تقدُّم الروم عليهم، وأرادوا من السلطان إبعادهم، فأبى عليهم، فتحزبوا عليه واجتمعوا على الأمير الكبير بيبرس، وتأخروا عن الخدمة السلطانية، فتغيب في ليلة الأربعاء الأميران تغري بردي ودمرداش، وأصبح الناس يوم الأربعاء سابعه وقد ظهر الأمير يشبك الدوادار، والأمير تمراز، والأمير جركس المصارع، والأمير قانباي العلاي، وكانوا مختفين من حين الكسرة بعد وقعة السعيدية؛ وذلك أن الأمير بيبرس ركب سَحَرًا إلى السلطان وتلاحى معه طويلًا، وعرَّفه بمواضع الأمراء المذكورين، فاستقرَّ الأمر على مصالحة السلطان للجراكسة، وإحضار الأمراء المذكورين، والإفراج عن إينال باي وغيره، فانفضُّوا على ذلك، وصار العسكر حزبين، وأظهر الجراكسة الخلاف، ووقفوا تحت القلعة يمنعون من يقصد السلطان، وجلس الأمير الكبير بيبرس في جماعة من الأمراء بداره، وصار السلطان بالقلعة، وعنده عدة أمراء، وتمادى الحال يوم الخميس والجمعة والسبت، والناس في قلق، وبينهم قالةٌ وتشانيع وإرجافات، ونزل السلطان إلى باب السلسلة، واجتمع معه بعض الأمراء ليصلح الأمر، فلم يُفِدْ شيئًا، وكثرت الشناعة عليه، وباتوا على ما هم عليه، وأصبحوا يوم الأحد الخامس والعشرين وقد كثروا، فطلبوا من السلطان أن يبعث إليهم بالأمير تغري بردي والأمير أرغون، فلما بعثهما قبضوا عليهما، وأخرجوا تغري بردي منفيًّا في الترسيم إلى القدس، فلما كان عند الظهيرة فُقِدَ السلطان من القلعة، فلم يُعرَف له خبر، وسبب اختفائه أن النوروز كان في يوم السبت الرابع والعشرين ربيع الأول، فجلس السلطان مع عدة من خاصكيته لمعاقرة الخمر، ثم ألقى نفسه في بحرة ماء وقد ثَمِل، فتبعه جماعة وألقَوا أنفسهم معه في الماء، وسبح بهم في البحرة، وقد ألقى السلطان عنه جلباب الوقار، وساواهم في الدعابة والمجون، فتناوله من بينهم شخص، وغمه في الماء مرارًا، كأنه يمازِحُه ويلاعبه، وإنما يريدُ أن يأتيَ على نفسه، وما هو إلا أن فُطِن به فبادر إليه بعض الجماعة -وكان روميًّا- وخلصه من الماء، وقد أشرف على الموت، فلم يُبدِ السلطان شيئًا، وكتم في نفسِه، ثم باح بما أسرَّه؛ لأنه كان لا يستطيع كتمان سر، وأخذ يذم الجراكسة -وهم قوم أبيه، وشوكة دولته، وجُلُّ عسكره- ويمدح الروم، ويتعصَّبُ لهم، وينتمي إليهم، فإنَّ أمه شيرين كانت رومية، فشقَّ ذلك على القوم، وأخذوا حِذرَهم، وصاروا إلى الأمير الكبير بيبرس ابن أخت الظاهر واستمالوه، فخاف السلطان وهم أن يفرَّ، فبادره الأمير بيبرس وعنَّفه، وما زال به حتى أحضر الأمراء من الإسكندرية ودمياط، وأظهر الأمراء المختفين، فاجتمع الأضداد، واقترن العدي والأنداد، ثم عادوا إلى ما هم عليه من الخلاف بعد قليل، وأعانهم السلطان على نفسه بإخراج يشبك بن أزدمر، وأزبك، فأبدوا عند ذلك صفحات وجوههم، وأعلنوا بخلافه، وصاروا إلى إينال باي بن قجماس ليلة الجمعة، وسعوا فيما هم فيه، ثم دسُّوا إليه سعد الدين بن غراب كاتب السر، فخيَّله منهم، حتى امتلأ قلبه خوفًا، فلما علم ابن غراب بما هو فيه من الخوف، حسَّن له أن يفِرَّ، فمال إليه، وقام وقت الظهر من بين حرمه وأولاده، وخرج من ظهر القلعة من باب السر الذي يلي القرافة، ومعه الأمير بيغوت، فركبا فرسين قد أعدهما ابن غراب، وسارا مع بكتمر مملوك ابن غراب، ويوسف بن قطلوبك صهره أيضًا، إلى بركة الحبش، ونزلا وهما معهما في مركب، وتركوا الخيل نحو طرا وغيبوا نهارهم في النيل، حتى دخل الليل، فساروا بالمركب إلى بيت ابن غراب، وكان فيما بين الخليج وبركة الفيل، فلم يجدوه في داره، فمروا على أقدامهم حتى أووا في بيت بالقاهرة لبعض معارف بكتمر مملوك ابن غراب، ثم بعثوا إلى ابن غراب فحول السلطان إليه وأنزله عنده بداره، من غير أن يعلم بذلك أحد.
بعد أن انتهَت مدة الرئاسة المقَرَّرة بالدستور الإيراني للرئيس علي خامنئي، وكانت قد مُدِّدت ولايتُه شهرًا آخَرَ، وانتُخِب علي خامنئي مدةَ شَهرين ريثَما تنتهي مآتمُ عاشوراءَ، وتتم بعض التعديلات على الدستور، جرَت الانتخاباتُ النيابيةُ، وفاز بها علي أكبر رفسنجاني الذي أقسَمَ اليمينَ الدستورية في 15 محرم 1409هـ / 17 آب 1989م.
بعد هزيمةِ علي بك أمام أبي الذهب محمد بك اتَّجه علي بك إلى الشامِ، فاتفق مع (ظاهر) ظاهر العمر فاستطاعا أن يسيطرا على صفد، ثم ينطلق منها إلى الجهات الثانية فدخل عكا وتسلَّم ولايتها، واضطر السلطان أن يعترف بذلك لانشغاله بالحربِ مع الروس التي دعمت علي بك وظاهر العمر لمحاربة العثمانيين، فسارا إلى صيدا لاحتلالها والتقيا بالعثمانيين خارجها وانتصرا على جيوش الدولة العثمانية بدعمٍ مِن الأسطول الروسي في البحر المتوسط يتابعُهم ويدعمهم ويضربُ القوات العثمانية حتى ضربت بيروت وخربت جزءًا منها، ثم عاد علي بك إلى مصرَ ليتخلص من أبي الذهب محمد بك، وبذلك يحمي ظهرَه ليتابع مسيرته إلى الأناضول، فسار إلى مصر ومعه أربعمائة جندي روسي، وذلك في مطلع عام 1187هـ فالتقى الطرفان وانتصر أبو الذهب وقَتَل كلَّ من كان مع علي بك الذي توفِّيَ فيما بعد متأثرًا بجراحِه.
هو هِشامُ بن عبدِ الملك بن مَرْوان بن الحَكَم بن أبي العاص بن أُمَيَّة بن عبدِ شَمسٍ، أبو الوَليد القُرَشي الأُمَوي الدِّمَشقي، أَميرُ المؤمنين، بُويِعَ له بالخِلافَة بعدَ أَخيهِ يَزيد بن عبدِ الملك بِعَهْدٍ منه إليه، وذلك يوم الجُمُعة لِأَربعٍ بَقِينَ مِن شَعبان سَنةَ خمَسٍ ومائة، وكان له مِن العُمُر يَومئذٍ أربعٌ وثَلاثون سَنَة، وكان جَميلًا أَبيضَ أَحْوَل، يَخضِبُ بالسَّواد، وهو الرَّابعُ مِن وَلَدِ عبدِ الملك لِصُلْبِه الذين وَلُوا الخِلافَة، فكان هِشام آخِرَهم، وكان في خِلافَتِه حازِمُ الرَّأي، وكان ذَكِيًّا مُدَبِّرًا للأمور، له بَصَرٌ بها جَليلِها وحَقيرِها، اشْتَهَرَ هِشام في خِلافَتِه بالحِلْمِ والعِفَّة، وكان قد نَظَّمَ الدَّواوينَ وزاد في مَوارِدِ الدَّولَة، لم يكُن أَحَدٌ مِن بَنِي مَرْوان أَشَدَّ نَظَرًا في أَمرِ أَصحابِه ودَواوينِه، ولا أَشَدَّ مُبالغةً في الفَحصِ عنهم مِن هِشام. أَمرَ بِقَتلِ غَيلان القَدَري. يُؤخَذ عليه تَغافلُه عن دُعاةِ بَنِي العَبَّاس الذين نَشَطوا في عَهدِه، ولَعلَّ كَراهيَة هِشام للعُنفِ وسَفْك الدِّماء كانت سَببًا في تَغاضِيه عنهم حتَّى اسْتَفحَل أَمرُهم قُبيلَ وَفاتِه، بحيث لم يَستَطِع خُلفاؤه وَقْفَ مَدِّ الدَّعوة العَبَّاسِيَّة؛ لذا لمَّا مات هِشام اضْطرَب مُلْكُ بني أُمَيَّة، بَقي في الخِلافَة عشرين سَنَة إلَّا شَهرين، وصلَّى عليه ابنُه مَسلَمة، ودُفِنَ في الرُّصافَة.
اجتمع ثلاثةُ مُلوكٍ مِن ملوك الهند، وقَصَدوا لاهور وحَصَروها، فجمع مُقَدَّم العساكر الإسلامية بتلك الديار مَن عندَه منهم، وأرسل إلى صاحِبِه مودود يستنجِدُه، فسَيَّرَ إليه العساكِرَ فاتَّفَقَ أنَّ بعض أولئك الملوك فارَقَهم وعاد إلى طاعةِ مودود، فرحل الملكانِ الآخران إلى بلادِهما، فسارت العساكرُ الإسلاميَّة إلى أحدهما، ويُعرَفُ بدوبال هرباته، فانهزم منهم، وصَعِدَ إلى قلعةٍ له منيعةٍ هو وعساكِرُه، فاحتَمَوا بها، وكانوا خمسةَ آلاف فارس وسبعين ألف راجلٍ، وحصرهم المسلمونَ وضَيَّقوا عليهم، وأكثروا القتلَ فيهم، فطلب الهنودُ الأمانَ على تسليم الحِصنِ، فامتنع المسلمونَ مِن إجابتِهم إلى ذلك إلَّا بعد أن يُضيفوا إليه باقيَ حصونِ ذلك المَلِك الذي لهم، فحَمَلهم الخوفُ وعدمُ الأقواتِ على إجابتِهم إلى ما طلبوا وتسَلَّموا الجميع، وغَنمَ المسلمونَ الأموال، وأطلقوا ما في الحصونِ مِن أسرى المسلمين، وكانوا نحو خمسةِ آلاف، فلمَّا فَرَغوا من هذه الناحية قَصَدوا ولايةَ المَلِك الثاني، واسمه تابت، بالرَّيِّ، فتقدم إليهم ولَقِيَهم، فاقتَتَلوا قتالًا شديدًا، وانهزمت الهنودُ، وأجْلَت المعركةُ عن قتلِ مَلِكِهم وخمسةِ آلاف قتيل، وجُرِحَ وأُسِرَ ضِعفُهم، وغَنِمَ المسلمونَ أموالهم وسلاحَهم ودوابَّهم. فلما رأى باقي الملوكِ مِن الهند ما لقي هؤلاء أذعنوا بالطاعةِ، وحملوا الأموالَ، وطَلَبوا الأمانَ والإقرارَ على بلادهم، فأُجيبوا إلى ذلك.