عبَرَ عبد الرحمن بن حبيب الفهري، المعروف بالصقلبي- وإنَّما سمي به لطولِه وزُرقتِه وشُقرتِه- من إفريقية إلى الأندلس مُحاربًا لهم، ليدخُلوا في طاعة العباسيَّين، وكان عبورُه في ساحل تدمير، وكاتبَ سليمانَ بن يقظان بالدخول في أمرِه، ومحاربةِ عبد الرحمن الداخل، والدُّعاءِ إلى طاعة المهدي. وكان سليمان ببرشلونة، فلم يجِبْه، فاغتاظَ عليه، وقصَدَ بلدَه فيمن معه من البربرِ، فهزمه سليمان، فعاد الصقلبيُّ إلى تدمير، وسار عبد الرحمن الداخل نحوَه في العدَد والعُدَّة، وأحرق السفُنَ تضييقًا على الصقلبي في الهرب، فقصدَ الصقلبي جبلًا منيعًا بناحية بلنسية، فبذلَ الداخل ألف دينارٍ لِمَن أتاه برأسِه، فاغتاله رجلٌ من البربر، فقتله، وحمل رأسَه إلى عبد الرحمن، فأعطاه ألفَ دينار، وكان قتْلُه سنة اثنتينِ وستين ومائة
هو المستعين بالله أبو العباس أحمد بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد العباسي، ولد سنةَ إحدى وعشرين ومئتين, وأمُّه أمُّ ولد، اسمها مخارق, وكان رَبعةً، خفيف العارضينِ، وكان مليحًا أبيض، بوجهِه أثَرُ جُدريٍّ، وكان يلثغُ في السين نحو الثاء، بايعَ له الأتراكُ بالخلافة بعد المنتصر، فتسلَّطوا عليه وقهروه، فلم يكن له من الأمرِ شَيءٌ، فانتقل من سامرَّا إلى بغداد مُغضَبًا, جرت عدَّةُ وقائع بينه وبين أخيه المعتز، فلمَّا اشتد البلاءُ على الناس في بغداد تخلَّى ابن طاهر عن المستعينِ، وكاتب المعتزَّ، ثم سعى في الصلح على خلعِ المستعين، فخلع نفسَه على شروطٍ مؤكَّدة في أول سنة 252ه، ثم أنفذوه إلى واسط، فاعتُقِلَ تسعةَ أشهر، ثمَّ أُحضِرَ إلى سامرَّا، فقتلوه بقادسيَّة سامرا, وكان مُسرِفًا في تبذير الخزائنِ والذَّخائر.
عصيَ أهلُ بُرقةَ على أحمد بن طولون، وأخرجوا أميرَهم محمد بن الفرج الفرغاني، فبعث ابنُ طولون جيشًا عليه غلامُه لؤلؤ، وأمَرَه بالرِّفقِ بهم، واستعمالِ اللين، فإن انقادوا وإلَّا فالسَّيفُ، فسار العسكرُ حتى نزلوا على بُرقة، وحصروا أهلَها وفعلوا ما أمَرَهم من اللين، فطَمِعَ أهلُ برقة، وخرجوا يومًا على بعضِ العسكرِ، وهم نازلون على باب البلدِ، فأوقعوا بهم وقَتَلوا منهم. فأرسل لؤلؤ إلى صاحِبِه أحمد يعَرِّفُه الخبَرَ، فأمره بالجِدِّ في قتالهم، فنصَبَ عليهم المجانيق، وجَدَّ في قتالهم، وطلبوا الأمانَ فأمَّنَهم، ففتحوا له الباب، فدخل البلد وقبض على جماعةٍ من رؤسائهم، وضَرَبهم بالسياط، وقطعَ أيديَ بَعضِهم، وأخذ معه جماعةً منهم وعاد إلى مصر، واستعمل على برقة عامِلًا، وطِيفَ بالأسرى في البلدِ.
استأذن الوزيرُ عليُّ بنُ عيسى الخليفةَ المُقتَدِر في مكاتبةِ رأسِ القرامطة أبي سعيدٍ الحسَنِ بن بهرام الجنابي فأذِنَ له، فكتب كتابًا طويلًا يدعوه فيه إلى السَّمع والطاعة، ويوبِّخُه على ما يتعاطاه مِن تَركِ الصَّلاة والزكاةِ وارتكاب المُنكَرات، وإنكارِهم على من يذكُرُ اللهَ ويُسَبِّحُه ويحمده، واستهزائِهم بالدين واسترقاقِهم الحرائرَ، ثمَّ توعَّده الحربَ وتهَدَّده بالقتل، فلما سار بالكتابِ نحوه قُتِلَ أبو سعيدٍ قبل أن يَصِلَه، قتَلَه بعضُ خَدَمِه، وعَهِدَ بالأمرِ مِن بعده لولِده سعيد، فلما قرأ سعيدٌ كتابَ الوزير أجابه بما حاصِلُه: إنَّ هذا الذي تنسُبُ إلينا ممَّا ذكرتم لم يَثبُت عندَكم إلَّا مِن طريقِ مَن يُشَنِّعُ علينا، وإذا كان الخليفةُ يَنسُبنا إلى الكُفرِ بالله، فكيف يدعونا إلى السَّمعِ والطاعة له؟
اختَطَّ جوهرُ الصِّقليُّ القائِدُ الفاطميُّ القصرَ وحفَرَ أساسَه في أوَّلِ ليلةِ نُزولِه القاهرة، وأدخل فيه ديرَ العظام، وبنى مكانها مَسجِدًا من داخل السور، وأدخل أيضًا قصرَ الشَّوك في القصر المذكور، وجعل للقَصرِ أبوابًا، وقيل دخل جوهر مِصرَ بعَسكرٍ عظيمٍ ومعه ألفُ حمل مال، ومن السِّلاح والعُدَد والخيل ما لا يُوصَف. فلما انتظم حالُه ومَلَك مِصرَ ضاقت بالجُندِ والرعيَّة، واختَطَّ سورَ القاهرة وبنى بها القُصورَ، وسمَّاها المنصوريَّة، فلمَّا قَدِمَ المُعِزُّ العُبيدي من القيروان غيَّرَ اسمَها وسمَّاها القاهرة، وقيل سبَبُ تسميتِها بالقاهرةِ عائِدٌ لطالِعِ المنَجِّمينَ فيها وأنَّ الأتراك سيَملِكونَها، واتَّفَقَ ذلك في طلوعِ كوكَبِ المريخِ، وهو يُسمَّى عندهم القاهِرَ، فسُمِّيَت بذلك، وقيل: بل لأنَّ فيها قُبَّةً كانت تُعرَفُ بقُبَّة القاهر فسُمِّيَت بها.
لَمَّا استولى الأمير صدقة بن مزيد صاحب الحلة على البصرة، واستناب بها مملوكًا اسمه التونتاش، وجعل معه مائة وعشرين فارسًا، اجتمعت ربيعة والمنتفق ومن انضم إليهم من العرب وقصدوا البصرة في جمع كثير، فقاتلهم التونتاش فأسروه وانهزم أصحابه، ولم يقدر من بها على حفظها، فدخلوها بالسيف أواخِرَ ذي القعدة، وأحرقوا الأسواق والدور الحسان، ونهبوا ما قدروا عليه، وأقاموا ينهبون ويحرقون اثنين وثلاثين يومًا، وتشرد أهلُها في السواد، ونُهِبت خزانة كتب كانت موقوفة، وقفها القاضي أبو الفرج بن أبي البقاء، وبلغ الخبر الأميرَ صدقة فأرسل عسكرًا، فوصلوا وقد فارقها العرب، ثم إن السلطان محمدًا أرسل شحنة وعميدًا إلى البصرة، وأخَذَها من صدقة، وعاد أهلها إليها وشرعوا في عمارتها.
هو إمام اللغة أبو زكريا يحيى بن علي بن محمد، المعروف بالخطيب التبريزي، أحد أعلام اللغة والأدب في القرن الخامس الهجري، وصاحب الشروح المعروفة لعدد من المجموعات الشعرية، مثل: المعلَّقات، والمُفَضَّليات، والحماسة. وكان أصله من تبريز، ونشأ ببغداد ورحل إلى بلاد الشام، فقرأ "تهذيب اللغة" للأزهري، على أبي العلاء المعري، قيل: أتاه يحمل نسخة "التهذيب" في مِخْلاة على ظهره، وقد بلَّلَها عرقُه حتى ليظُنُّ من يراها أنها غريقة، ودخل مصر، ثم عاد إلى بغداد، فقام على خزانة الكتب في المدرسة النظامية إلى أن توفي. ومن كتبه: "شرح ديوان الحماسة" لأبي تمام، و"تهذيب إصلاح المنطق" لابن السِّكِّيت، و"تهذيب الألفاظ" لابن السكيت. قال ابن نقطة: "ثقة في علمه، مخلِّط في دينه، وقيل: إنه تاب".
جهَّز السلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه جيشًا كثيفًا مع الأمير برشق بن إيلغازي صاحب ماردين إلى صاحب دمشق طغتكين، وإلى أتسز البرسقي ليقاتلهما؛ لأجل عصيانهما عليه، وقطْع خطبته، وإذا فرغ منهما عمد لقتال الفرنج، فلما اقترب الجيش من بلاد الشام هربا منه وتحيَّزا إلى الفرنج، وجاء الأمير برشق إلى كفر طاب ففتحها عَنوة، وأخذ ما كان فيها من النساء والذرية، وجاء صاحب أنطاكية روجيل في خمسمائة فارس وألفي راجل، فكبس المسلمين فقتل منهم خلقًا كثيرًا، وأخذ أموالًا جزيلة وهرب برشق في طائفة قليلة، وتمزَّق الجيش الذي كان معه شَذَرَ مَذَرَ، ثم في ذي القعدة من هذه السنة قدم السلطان محمد إلى بغداد، وجاء إليه طغتكين صاحب دمشق معتذرًا إليه، فخلع عليه ورضي عنه وردَّه إلى عمله.
سَيَّرَ عبدُ المؤمن جيشًا إلى جزيرة الأندلس، فمَلَكوا ما فيها مِن بلاد الإسلامِ. وسَبَبُ ذلك أنَّ عبدَ المؤمِنِ لَمَّا كان يحاصِرُ مراكش جاء إليه جماعة من أعيان الأندلُسِ، منهم أبو جعفر أحمد بن محمد بن حمدين، ومعهم مكتوبٌ يتضَمَّنُ بيعة أهلِ البلاد التي هم فيها لعبدِ المؤمِنِ ودُخولهم في زُمرةِ أصحابِه المُوحِّدينَ، وإقامتهم لأمره، فقَبِلَ عبدُ المؤمِنِ ذلك منهم، وشَكَرَهم عليه، وطَيَّبَ قُلوبَهم، وطَلَبوا منه النُّصرةَ على الفِرنجِ، فجَهَّزَ جَيشًا كثيفًا وسَيَّرَه معهم، وعَمَر أسطولًا وسَيَّرَه في البحر، فسار الأسطولُ إلى الأندلس، وقَصَدوا مدينةَ إشبيليَّةَ، وصَعِدوا في نَهرِها، وبها جيشٌ مِن الملثَّمينَ، فحَصَروها برًّا وبحرًا ومَلَكوها عَنوةً، وقُتِلَ فيها جماعةٌ، وأَمِنَ النَّاسُ فسَكَنوا واستولت العساكِرُ على البلاد، وكان لعبدِ المؤمِنِ مَن بها.
جهَّزَ أبو منصورٍ عليُّ بنُ إسحاق، المعروفُ بالعادِلِ ابن السلار، وهو وزيرُ الظَّافِرِ الفاطميِّ، المَراكِبَ الحَربيَّةَ بالرِّجالِ والعُدَد، وسَيَّرَها إلى يافا، فأسَرَت عِدَّةً مِن مراكِبِ الفِرنجِ، وأحرقوا ما عَجَزوا عن أخْذِه، وقَتَلوا خلقًا كثيرًا مِن الفِرنجِ بها، ثمَّ تَوجَّهوا إلى ثَغرِ عكَّا، فأنكَوا فيهم، وساروا منه إلى صيدا وبيروت وطرابلس، فأبلوا بلاءً حسنًا، وظَفِروا بجماعةٍ مِن حُجَّاج ِالفِرنجِ فقَتَلوهم عن آخِرِهم، وبلغ ذلك المَلِكَ العادِلَ نور الدين محمود بن زنكي، مَلِك الشام، فعَزَمَ على قَصدِ الفِرنجِ ومُحارَبتِهم في البَرِّ، ولو قُدِّرَ ذلك لقَطَعَ اللهُ دابِرَ الفِرنجِ، لكِنَّه اشتغل بإصلاحِ أمورِ دِمشقَ، وعاد الأسطول مُظفَرًا بعدَما أنفق عليه العادِلُ ثلثمئة ألف دينار، وسَبَبُ مَسيرِ الأسطول تخريبُ الفرنج للفَرما.
سَيَّرَ الخَليفةُ العبَّاسيُّ المُقتَفِي لأَمرِ الله عَسكرًا إلى تَكريتَ لِيَحصُروها، وأَرسلَ معهم مُقدَّمًا عليهم أبا البَدرِ بن الوَزيرِ عَوْنِ الدِّينِ بن هُبيرَة وتُرشُكَ، وهو مِن خَواصِّ الخَليفةِ، وغَيرَهما، فجَرَى بين أبي البَدرِ وتُرشُكَ مُنافرَةً فكَتَبَ ابنُ الوَزيرِ للخَليفةِ يشكو من تُرشكَ، فأَمرَ الخَليفةُ بالقَبضِ على تُرشكَ، فعَرَفَ ذلك، فأَرسلَ إلى مَسعودِ بِلال، صاحِبِ تَكريت، وصالَحَهُ وقَبَضَ على ابنِ الوَزيرِ ومَن معه مِن المُتَقدِّمينَ، وسَلَّمَهم إلى مَسعودِ بِلالٍ فانهَزمَ العَسكرُ وغَرَقَ منه كَثيرٌ، وسار مَسعودُ بِلالٍ وتُرشكُ من تَكريتَ إلى طَريقِ خراسان فنَهَبَا وأَفسَدا، فسار المُقتَفِي عن بغداد لدِفْعِهِما، فهَرَبا من بين يَديهِ، فقَصَدَ تَكريتَ، فحَصَرَها أَيامًا وجَرَى له مع أَهلِها حُروبٌ مِن وَراءِ السُّورِ، فقُتِلَ من العَسكرِ جَماعةٌ بالنُّشَّابِ، فعاد الخَليفةُ عنها، ولم يَملِكها.
كان شهابُ الدين إلياس بن إيلغازي بن أرتك، صاحب قلعة البيرة، قد سار في عسكره، وهو في مائتي فارس، إلى نور الدين وهو بعشترا، فلما وصل إلى قرية اللبوة، وهي من عمل بعلبك، رَكِبَ متصَيِّدًا، فصادف ثلاثمائة فارس من الفرنج قد ساروا للإغارة على بلاد الإسلام سابع عشر شوال، فوقع بعضُهم على بعض، واقتتلوا واشتَدَّ القتال، وصبَرَ الفريقان لا سيما المسلمون، فإنَّ ألف فارس لا يصبرون لحملة ثلاثمائة فارس إفرنجية، وكَثُرَ القتلى بين الطائفتين، فانهزم الفرنجُ، وعَمَّهم القتلُ والأسر، فلم يُفلِتْ منهم إلَّا من لا يُعتَدُّ به، وسار شهاب الدين برؤوس القتلى والأسرى إلى نور الدين، فركب نور الدين والعسكر، فلقوهم، فرأى نور الدين في الرؤوس رأسَ مُقَدَّم الإسبتار، صاحب حصن الأكراد، وكان من الشجاعة بمحلٍّ كبير، وكان شَجًا في حلوقِ المسلمين.
سَيَّرَ صلاحُ الدين جماعةً من أمرائه منهم صارم الدين قتلغ أبه- والي مصر- إلى اليمن؛ للاختلاف الواقع بها بين نواب أخيه شمس الدولة توران شاه، وهم عزُّ الدين عثمان بن الزنجيلي، والي عدن، وحطان بن منقذ، والي زبيد، وغيرهما؛ فإنهم لما بلغهم وفاةُ صاحبهم توران شاه اختلفوا وجَرَت بين عز الدين عثمان وبين حطان حربٌ، وكل واحد منهما يروم أن يغلِبَ الآخر على ما بيده، واشتد الأمرُ، فخاف صلاح الدين أن يطمَعَ أهل البلاد فيها بسبب الاختلافِ بين أصحابه وأن يُخرِجوهم من البلاد، فأرسل هؤلاء الأمراءَ إليها. واستولى قتلغ أبه على زبيد وأزال حطان عنها، ثم مات قتلغ أبه، فعاد حطان إلى إمارة زبيد، وأطاعه الناس لجوده وشجاعتِه.
لما استقَرَّت أمورُ خوارزم شاه في الريِّ اشتغَلَ بقتالِ الملاحدة، فافتتح قلعةً على باب قزوين تسمَّى أرسلان كشاه، وانتقل إلى حصارِ قلعة ألموت، فقُتِلَ عليها صدرُ الدين محمد بن الوزان رئيس الشافعية بالري، وكان قد تقَدَّم عنده تقدمًا عظيمًا، قَتَله الملاحدة، وعاد خوارزم شاه إلى خوارزم، فوثَب الملاحِدةُ على وزيره نظام الملك مسعود بن علي فقَتَلوه في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، فأمر تكش ولَدَه قطب الدين بقَصدِ الملاحدة، فقَصَد قلعة ترشيش وهي من قلاعِهم، فحصرها فأذعنوا له بالطاعة، وصالحوه على مائة ألف دينار، ففارَقَها، وإنما صالحهم لأنَّه بلَغَه خبَرُ مَرَضِ أبيه، وكانوا يراسِلونَه بالصلح فلا يفعَلُ، فلما سمع بمرض أبيه لم يرحَلْ حتى صالَحَهم على المال المذكور والطاعة ورحل.
توجَّهت مراكب من عكا فيها ملك قبرص المسمَّى إليان إلى ثغر دمياط، فدخله ليلًا وأغار على بعض البلاد، فقتل وسبى وكر راجعًا، فركب مراكبه ولم يدركه الطلبُ، وقد تقدمت له غارة مثلُها قبل هذه، وهذا شيءٌ لم يتَّفِق لغيره، وفيها عاثت الفرنجُ بنواحي القدس، فبرز إليهم الملك المعظم شرف الدين بن الملك العادل، وعمل أبو المظفر سبط ابن الجوزي ميعادًا بنابلس وحثَّ على الجهاد، وكان يومًا مشهودًا، ثم سار هو ومن معه وبصحبته المعظَّم نحو الفرنج، فقتلوا خلقًا وخربوا أماكن كثيرة، وغَنِموا وعادوا سالمين، وشرع المعظَّم في تحصين جبل الطور وبنى قلعة فيه ليكونَ إلبًا على الفرنج، فغرم أموالًا كثيرة في ذلك، فبعث الفرنجُ إلى العادل يطلُبونَ منه الأمان والمصالحة، فهادنهم وبطلت تلك العمارةُ وضاع ما كان المعظَّمُ غرم عليها.