إنَّ مِن أهدافِ اليهود إزالةَ المسجد الأقصى ومسجد الصَّخرة؛ لإقامةِ هيكلِ سليمانَ المزعومِ الذي يدَّعون زُورًا وبهتانًا أنَّه كان مُقامًا في نفسِ مكان المسجد، وأنَّ بناءه هو السَّبيلُ لظهور مسيحِهم المنتظَرِ الذي يدَّعون أنَّهم سيقتلون العالَم أجمعَ معه، فكان من تخطيطِهم إحراقُ المسجدِ مِن أجْلِ هَدمِه؛ فقامت السُّلطاتُ اليهودية ُبهدمِ العقاراتِ الملاصقة للمسجد الأقصى، ثم قامت بنَسفِ جميع المباني العربية المجاوِرة، واحتلَّت بقوةٍ بابَ المغاربة وسَمَحت لليهود بإقامةِ صَلَواتهم في المسجد، ثمَّ قامت بعد ذلك بتدريبِ بعض الأفراد وزوَّدتهم بما يلزم لافتعالِ حريق في المسجد الأقصى، فقام في 7 جمادى الآخرة / 21 آب (أغسطس) بعضُ اليهود المجرمين بإضرامِ النار في داخِلِ المسجد الأقصى وسَطْحِه وعِدَّة مناطق منه، وتظاهرت السلطاتُ اليهوديةُ في البداية أنَّها لا علاقةَ لها بالأمر، فتباطأت بشكلٍ ظاهرٍ في عمليات الإطفاء، وهَبَّ الفلسطينيون لإطفاءِ الحريق وجاءت سياراتُ الإطفاء من رام الله والخليل للإطفاء، وقَطَعت شركةُ كهرباء القُدس التيَّارَ حتى لا يتفاقمَ الأمرُ حتى استطاع الأهالي إطفاء الحريق، وأعلن الشيخ حلمي المحتسب رئيسُ الهيئة الإسلامية بالقدس أنَّ الاعتداءَ كان من قِبَلِ السلطات اليهودية، ونُشِرَ تقريرٌ مفصَّل في القدس عن الحريق وافتعاله.
بَعَث رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زيدَ بنَ حارِثةَ رَضي اللهُ عنه إلى الطَّرَفِ -هو ماءٌ على ستَّةٍ وثلاثين ميلًا من المدينةِ-، فخَرَج إلى بني ثَعلبةَ في خَمسةَ عَشَرَ رَجُلًا، فهَرَبتِ الأعرابُ وخافوا أن يكونَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سار إليهم، وأنَّ هؤلاءِ مُقدِّمةٌ؛ فأصابَ مِن نَعَمِهم عِشرين بَعيرًا، ورَجَع إلى المدينةِ، ولم يَلْقَ كيدًا، وغابَ أربَعَ لَيالٍ. وكان شِعارُهم: "أمِتْ أمِتْ".
هو خفاجة بن سفيان أمير صقلية، وكان من الشُّجَعان الغُزاة المدَبِّرين، تولَّى إمرة صقلية عام 248هـ وكانت عاصمته بلرم، اغتاله رجلٌ من عَسكَرِه وهو عائِدٌ مِن غَزوِ سرقوسه قاصدًا بلرم، فطعنه طعنةً فقتله، ثم هرب القاتِلُ إلى سرقوسة، وحُمِل خفاجة إلى بلرم، فدُفِنَ بها وولَّى الناسُ عليهم بعدَه ابنه محمدًا، وكتبوا بذلك إلى الأميرِ محمد بن أحمد، أمير إفريقية، فأقَرَّه على الولاية، وسيَّرَ له العهدَ والخلع.
هو الإمامُ الحافِظُ المُجَوِّد، المُفتي: أبو القاسِمِ هِبةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ مَنصورٍ، الطَّبريُّ الرازيُّ، الشَّافعيُّ اللَّالَكائي، مفيدُ بغدادَ في وقته. وهو طبَريُّ الأصل، أحدُ تلامذةِ الشيخِ أبي حامدٍ الإسْفِرايينيِّ، كان يَفهَمُ ويَحفَظُ، وعُنِيَ بالحديثِ فصَنَّفَ فيه أشياءَ كثيرةً، ولكِنْ عاجَلَتْه المنيَّةُ قبل أن تشتَهِرَ كُتُبُه، وله كتابٌ في العقيدةِ على مَنهَجِ السَّلَفِ، وهو كتابُ: شَرح أصولِ اعتقادِ أهلِ السُّنَّة والجماعة، توفِّي بالدِّينَوَر.
حج الملك مسعود بن أقسيس بن الكامل صاحب اليمن، فبدت منه أفعال ناقصة بالحرمِ مِن سُكرٍ ورَشقِ حمامِ المسجِدِ بالبندق من أعلى قبَّة زمزم، وكان إذا نام في دار الإمارة يُضرَبُ الطائفون بالمسعى بأطرافِ السيوف لئلَّا يشوشوا عليه، وهو نوم سكر، وكان مع هذا كله مهيبًا محترمًا والبلاد به آمنة، وقد كاد يرفع سنجق أبيه يوم عرفة على سنجق الخليفة، فيجري بسبب ذلك فتنة عظيمة.
هو الملك تقي الدين عباس بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب بن شاذي، وهو آخِرُ من بقي من أولاد العادل، وقد سَمِعَ الحديثَ مِن الكندي وابن الحرستاني، وكان محترمًا عند الملوك لا سيما عند الملك الظاهِرِ لا يترفَّعُ عليه أحد في المجالِسِ والمواكب، وكان لين الأخلاق حَسَن العِشرة، لا تُمَلُّ مجالسته, توفِّيَ يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الآخرة بدرب الريحان، ودُفِنَ بتربة له بسفح قاسيون.
وقعت هذه المعركة بين قوات الملك عبد العزيز وحاكم حائل عبد العزيز بن متعب بن رشيد، بمحافظة الشنانة بالقصيم، وبدعمٍ مِن أهل الشنانة انتصرت فيها قوات الملك عبد العزيز، وكانت هذه المعركة قاصمةَ الظهر لابن رشيد الذي تحوَّل بعدها من الهجوم إلى الدفاع. وقد قام ابن رشيد وقواته بتخريبِ الشنانة وقطْع نخيلها وتعذيب أهلها نظيرَ وقوفِهم في وجهِه ودعْمِهم للملك عبد العزيز.
صادَقَ البرلمانُ الكُويتي في جولةٍ أُولَى من التصويتِ على تعديلاتٍ قانونيَّةٍ تنصُّ على تطبيقِ عُقوبةِ الإعدامِ على كلِّ مَن يُدان بسبِّ الذاتِ الإلهيَّةِ أو النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وزوجاتِه الكَريماتِ. وجاء تحرُّكُ البرلمانِ لتشديدِ العُقوباتِ على التَّجاوُزات الدينية بعد أنْ أوقَفَت السُّلطاتُ الشَّهرَ الماضيَ شَخصًا بتُهمةِ سبِّ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم وزَوجاتِه الكريمات وبعضِ الصَّحابةِ عَبْرَ موقِعِ تويتر للتواصُل الاجتماعي.
من أشهَرِ الثَّوراتِ التي قمَعها الحكَمُ بن هشام ثورة ُالربض، وهم قومٌ كانوا يعيشونَ في إحدى ضواحي قُرطُبة، وقد ثار أهلُها ثورةً كبيرة جدًّا عليه؛ بسبب ما عُرِفَ عنه من معاقرةِ الخَمرِ، وتشاغُلِه باللهوِ والصَّيد، وقد زاد من نقمةِ الشَّعبِ عليه قتلَه لجماعةٍ مِن أعيان قُرطبة، فكرهه الناسُ, وصاروا يتعرَّضون لجُندِه بالأذى والسَّبِّ، فشرعَ في تحصينِ قُرطبةَ وعِمارةِ أسوارِها وحَفْرِ خَنادِقِها، وارتبط الخيلَ على بابِه، واستكثَرَ المماليكَ، ورتَّب جمعًا لا يفارِقونَ بابَ قَصرِه بالسلاحِ، فزاد ذلك في حقدِ أهل قُرطبةَ، وتيقَّنوا أنه يفعلُ ذلك للانتقام منهم. ثم وضَعَ عليهم عُشرَ الأطعمةِ كُلَّ سنةٍ، مِن غيرِ خَرصٍ، فكرهوا ذلك، ثم عمدَ إلى عشرةٍ مِن رؤساء سفهائِهم، فقتَلَهم، وصَلَبهم، فهاج لذلك أهلُ الربض، وتداعى أهلُ قُرطبةَ من أرباضِهم وتألَّبوا بالسلاحِ وقصدوا القصرَ، فكان أوَّلَ مَن شهرَ السلاحَ أهلُ الربض، واجتمع أهلُ الربض جميعُهم بالسلاح، واجتمعَ الجندُ والأمويُّون والعبيدُ بالقصر، وفرَّقَ الحكمُ الخيلَ والأسلحة، وجعل أصحابَه كتائبَ، ووقع القتالُ بين الطائفتينِ، فغَلَبهم أهلُ الربض، وأحاطوا بقَصرِه، فنزل الحكَمُ من أعلى القصر، ولَبِسَ سلاحَه، ورَكِبَ وحَرَّضَ الناس، فقاتلوا بين يديه قتالًا شديدًا. ثم أمَرَ ابنَ عَمِّه عُبيد الله، فثلَمَ في السُّورِ ثُلمةً، وخرج منها ومعه قطعةٌ من الجيش، وأتى أهلَ الربض من وراء ظهورِهم، ولم يعلَموا بهم، فأضرموا النَّارَ في الربض، وانهزم أهلُه، وقُتلوا مقتلةً عظيمةً، وأخرجوا من وجَدوا في المنازلِ والدُّور، فأسروهم، فانتقى من الأسرى ثلاثَمائة من وجوهِهم، فقتَلَهم، وصَلَبَهم منكَّسِينَ، وأقام النَّهبَ والقتلَ والحريقَ والخرابَ في أرباض قرطبةَ ثلاثةَ أيام. ثم استشار الحكَمُ عبدَ الكريم بن عبد الواحد بن عبد المغيث، فأشار عليه بالصَّفحِ عنهم والعفوِ، وأشار غيرُه بالقتل، فقَبِلَ قَولَه، وأمر فنودي بالأمانِ، على أنَّه من بقي من أهلِ الربض بعد ثلاثةِ أيَّامٍ قَتَلْناه وصَلَبْناه؛ فخرج من بقي بعد ذلك منهم مستخفيًا، وتحمَّلوا على الصَّعبِ والذَّلولِ خارجين من حضرةِ قُرطبة بنِسائِهم وأولادِهم، وما خَفَّ من أموالهم، وقعد لهم الجندُ والفَسَقةُ بالمراصِدِ يَنهبونَ، ومن امتنَعَ عليهم قتلوه. فلما انقَضَت الأيامُ الثلاثة أمر الحكَمُ بكَفِّ الأيدي عن حَرَمِ النَّاسِ، وجمعَهنَّ إلى مكان، وأمر بهدمِ الربضِ القبلي. فكانت وقعةً هائلة شنيعةً، قُتِل فيها عددٌ كثيرٌ زُهاءَ أربعين ألفًا من أهل الربض، وعاينوا البلاءَ وهُدِّمَت ديارُهم ومساجِدُهم، ونزل منهم ألوفٌ بطُليطِلة وخَلقٌ في الثغورِ، وجاز آخرون البحرَ ونزلوا بلادَ البربر، ومنهم من نزل بالإسكندرية في مصر. وكان بزيعُ مولى أميَّة ابن الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشامٍ محبوسًا في حبسِ الدم بقرطبة، في رجليه قيدٌ ثقيلٌ، فلما رأى أهلَ قُرطبة قد غلَبوا الجندَ سأل الحرسَ أن يُفرِجوا له، فأخذوا عليه العهودَ إن سَلِمَ أن يعودَ إليهم، وأطلقوه، فخرج فقاتلَ قتالًا شديدًا لم يكُنْ في الجيشِ مِثلُه، فلما انهزم أهلُ الربض عاد إلى السِّجنِ، فانتهى خبَرُه إلى الحكم، فأطلقه وأحسَنَ إليه.
لمَّا دخَل المسلمون المدائنَ وفتحوها واتَّخذَ سعدُ بن أبي وَقَّاص قَصرَها مَسكنًا جعَل إيوانَها المشهورَ مَسجدًا ومُصَلَّى وتَلَا قولَه تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان: 25 - 29] ثمَّ صلَّى الجُمُعَةَ في الإيوانِ.
قاتَل مَسلَمةُ بن عبدِ الملك مَلِكَ التُّرْكِ الأَعظَم خاقان، فزَحَف إلى مَسلَمة في جُموعٍ عَظيمَة فتَواقَفوا نَحوًا مِن شَهرٍ، ثمَّ هَزَم الله خاقان زَمَن الشِّتاءِ، ورَجَع مَسلَمَةُ سالِمًا غانِمًا، فسَلَك على مَسْلَك ذي القَرْنَيْنِ في رُجوعِه إلى الشَّام، وتُسَمَّى هذه الغَزَاة غَزَاة الطِّين، وذلك أنَّهم سَلَكوا على مَغارِق ومَواضِع غَرِقَ فيها دَوابٌّ كَثيرَة، وتَوَحَّل فيها خَلْقٌ كَثيرٌ، فما نَجَوْا حتَّى قاسُوا أَهْوالًا صِعابًا وشَدائِدَ عِظامًا.
هاجت فتنةُ تاكرنا بالأندلس، وخلع بربَرُها الطاعة، وأظهروا الفسادَ، وأغاروا على البلادِ، وقطعوا الطريقَ، فسَيَّرَ هشام بن عبدالرحمن إليهم جُندًا كثيفًا عليهم عبدُ القادر بن أبان بن عبد الله، مولى معاويةَ بن أبي سفيان، فقَصَدوها وتابَعوا قتالَ من فيها إلى أن أبادوهم قتلًا وسَبيًا، وفَرَّ من بقِيَ منهم، فدخل في سائرِ القبائل، وبَقِيَت كورة تاكرنا وجبالُها خاليةً مِن الناس سبعَ سنين.
كان الرَّشيدُ قد عقد الخلافةَ لابنه الأمينِ ثمَّ للمأمونِ لِمَكانةِ زبيدة والدةِ الأمينِ، وإلَّا فالمأمونُ أكبَرُ منه، فبويع الأمينُ بالخلافة في عسكرِ الرشيد، صبيحةَ الليلة التي توفِّيَ فيها، وكان المأمونُ حينئذ بمرو، فكتب حمويه مولى المهديِّ، صاحبُ البريدِ، إلى نائبِه ببغداد- وهو سلام بن مسلم- يُعلِمُه بوفاةِ الرشيد، فدخل أبو مسلمٍ على الأمينِ فعَزَّاه وهنَّأه بالخلافة، فانتقل مِن قصرِه بالخُلد إلى قصرِ الخلافةِ، وبايعه الناسُ.
هو الفضلُ بنُ الربيعِ بنِ يونُسَ، الحاجِبُ الأميرُ أبو الفضل، مولِدُه سنة أربعين ومائة، وكان حاجبًا للرشيد ووزيرًا له، ولَمَّا مات الرشيدُ استولى على الخزائِنِ وقَدِمَ بها إلى الأمينِ محمَّد ببغداد ومعه البُردة والقَضيبُ والخاتَم، فأكرمه الأمينُ وفَوَّض إليه أمورَه، فصار إليه الأمرُ والنهي، ولَمَّا خلعَ الأمينُ أخاه المأمونَ مِن ولاية عهدِ الخلافة، استخفى ثم ظهرَ في أيامِ المأمونِ، فأعاده المأمونُ إلى رتبتِه إلى أن مات.
سار ركنُ الدَّولةِ إلى طبرستان، وبها وشمكير بنُ زيار الديلمي، فنزل على مدينةِ سارية فحصرها ومَلَكها، ففارق حينئذٍ وشمكيرُ طبرستان وقصَدَ جرجان، فأقام ركنُ الدولة بطبرستان إلى أنْ مَلَكَها كُلَّها، وأصلح أمورَها، وسار في طلَبِ وشمكير إلى جرجان، فأزاح وشمكيرَ عنها، واستولَّى عليها، واستأمَنَ إليه مِن عَسكرِ وشمكير ثلاثةُ آلاف رجل، فازداد قوَّةً، وازداد وشمكيرُ ضعفًا ووهَنًا فدخل بلادَ الجيل.