هو السلطانُ أبو فارس عبد العزيز بن السلطان أبي العباس أحمد بن أبي سالم بن إبراهيم بن أبي الحسن المريني ملك الغرب وصاحب فاس، أبو فارس، أقيم بعده على سلطنة فاس أخوه أبو عامر عبد الله. وهو يختلف عن السلطان أبي فارس عبد العزيز بن أبي العباس أحمد الحفصي ملك بلاد المغرب الذي توفي سنة 837.
كان السلطان أبو عبد الله محمد الشيخ السعدي بعد القبض على أخيه واستقلاله بالأمر، قد أقام بالبلاد السوسية مثابرًا على جهاد العدوِّ إلى أن قلع عروقَ مفسدتِه منها، وكانت مراكش في هذه المدَّة قد توقَّفت عن بيعته، وتربصت عن الدخول في دعوته اتقاءً للوطاسيين وارتيابًا في أمره إلى ماذا يؤول، واستمَرَّ الحال إلى هذه السنة فانقادت له حينئذ، وبايعه أهلُها فقَدِمَها واستولى عليها وخَلُصَ له جميعُ ما كان بيد أخيه المخلوع: من تادلا إلى وادي نول.
شنَّ الأميرُ سعود هجومًا على الدلم من منطقةِ الخرج، فحاصرها وقطع نخلَها حتى أخذَها عَنوةً وقَتَل أميرها تركي بن زيد بن زامل، واستعمل عليها سليمانَ بن عفيصان، ثم أذعن له جميعُ أهل بلدان الخرج وحوطة بني تميم والحريق واليمامة والسلمية وغيرها، وطلب سعود منهم نكالًا مِن النقد وغيرِه، فصَبَروا له بذلك وبايعوه كلُّهم على دينِ الله ورسولِه والسَّمعِ والطاعة.
بينما كان الإمامُ تركي غازيًا في الشمال خرج مشاري بن عبد الرحمن من الرياض مغاضِبًا لخاله الإمام تركي بن عبد الله، فبحث عمَّن يَنصُرُه عند مطيرٍ ورؤساء أهل القصيم وعنزة، وأخيرًا شريف مكة محمد بن عون، فلم يجِدْ منهم من ناصره، فعاد إلى الرياض نادمًا سنة 1248هـ وطلب من خالِه العفو فعفا عن وأكرمه، وأسكنه في بيتٍ عنده، وحجز النَّاسَ عن زيارته.
كان مَلِكُ الرومِ قد هادنَه المُستَنصِرُ بالله الفاطميُّ صاحِبُ مصر، ثمَّ أخذ يراسِلُ ابنَ صالحِ بن مرداس ويستميلُه، وراسله قبله صالحٌ ليتقَوَّى به على الدزبري صاحب دمشق للفاطميين؛ خوفًا أن يأخُذَ منه الرقَّةَ، فبلغ ذلك الدزبري فتهَدَّد ابنَ صالح فاعتذر وجَحَد، ثمَّ إنَّ جمعًا من بني جعفرِ بنِ كلاب دخلوا ولايةَ أفامية، فعاثوا فيها، ونهَبوا عدَّةَ قُرًى، فخرج عليهم جمعٌ مِن الروم فقاتَلوهم وأوقعوا بهم، ونكَّلوا فيهم، وأزالوهم عن بلادِهم، وبلغ ذلك الناظِرَ بحَلَب، فأخرج مَن بها من تجَّار الفرنج، وأرسلَ إلى المتولِّي بأنطاكيةَ يأمُرُه بإخراجِ مَن عِندَهم مِن تجَّار المسلمين، فأغلظ للرَّسولِ، وأراد قتْلَه، ثمَّ ترَكَه، فأرسل الناظِرُ بحَلَب إلى الدزبري يعَرِّفُه الحال، وأنَّ القومَ على التجهُّزِ لقصد البلاد، فجَهَّزَ الدزبري جيشًا وسيَّرَه على مقَدِّمته، فاتَّفَق أنَّهم لقُوا جيشًا للرُّوم وقد خرجوا لِمثلِ ما خرج إليه هؤلاء، والتقى الفريقانِ بين مدينة حماة وأفامية، واشتَدَّ القتالُ بينهم، ثمَّ إنَّ الله نصرَ المسلمينَ، وأذلَّ الكافرين، فانهزموا وقُتِلَ منهم عِدَّةٌ كثيرة، وأُسِرَ ابنُ عمٍّ للمَلِك، بذلوا في فدائِه مالًا جزيلًا، وعِدَّةً وافرةً مِن أسرى المسلمين، وانكَفَّ الرومُ عن الأذى بعدها.
اجتمع الفِرنجُ وساروا إلى بلدِ دِمشقَ مع ملكهم، فأغاروا على أعمالِها فنهبوها وأسَروا وقَتَلوا وسَبَوا، فأرسل صلاحُ الدين فرخشاه، ولد أخيه، في جمعٍ من العسكر إليهم، وأمره إذا قاربهم يرسِلُ إليه يخبره على جناحِ طائر ليسير إليه، وتقدَّمَ إليه أن يأمُرَ أهل البلاد بالانتزاحِ مِن بين يدي الفرنج، فسار فرخشاه في عسكره يطلُبُهم، فلم يشعُرْ إلا والفرنجُ قد خالطوه، فاضطرَّ إلى القتال، فاقتتلوا أشدَّ قتال رآه الناسُ، وألقى فرخشاه نفسَه عليهم، وغَشِيَ الحربَ ولم يكلها إلى سواه، فانهزم الفرنجُ ونُصر المسلمون عليهم، وقُتِلَ مِن مُقَدَّمي الفرنج جماعةٌ، منهم همفري، كان يُضرَبُ به المثل في الشجاعة والرأي في الحرب، وكان بلاءً صَبَّه الله على المسلمين، فأراح اللهُ المسلمين مِن شَرِّه، وقُتِلَ غيرُه من أضرابِه، ولم يبلُغْ عسكر فرخشاه ألف فارس، وكذلك أغار البرنسُ صاحب أنطاكية واللاذقية على جشير المسلمين- جشير أو دشير: هي الخيلُ والبقر التي تلازِمُ المرعى ولا ترجِعُ إلى الحظيرة بالليل- بشيزر وأخذه، وأغار صاحِبُ طرابلس على جمعٍ كثيرٍ مِن التركمان، فاحتجَفَ أموالهم- استخلصها وحازها- وكان صلاحُ الدين على بانياس، فسيَّرَ ولد أخيه تقي الدين عمر إلى حماة، وابن عمه ناصر الدين محمد بن شيركوه إلى مصر، وأمَرَهما بحفظ البلاد، وحياطة أطرافِها من العدُوِّ.
تُوفِّي صباح الأحد المؤرِّخُ السُّوريُّ محمود شاكر في منزلِه بالعاصِمَة السُّعودية الرِّياض، وقد أَثرى رحمه الله المكتبةَ الإسلاميَّةَ بعشراتِ الكتبِ، كان أَبرزُها موسوعةَ "التَّاريخ الإسلامي"، كما عُرِف باهتِمامه البالِغِ بأحوالِ الأقلِّيَّات المسلِمةِ حولَ العالَمِ. وُلِد أبو أسامةَ محمودُ بنُ شاكرٍ في حَرَسْتا شمالَ شرقيِّ دِمَشق في شهر رمضان عامَ (1351هـ-1932م)، دَرَس الابتدائيةَ والإعداديةَ والثانويَّةَ وتخرَّج فيها عامَ (1371هـ-1952م)، وتلقَّى العلومَ الشرعيَّةَ على أيدي بعضِ أهلِ العِلْم في مساجدِ بلدتِه، ثم التَحَق بجامعةِ دِمَشق ليَدرُس عِلْمَ الجغرافيا، ثم تخرَّج فيها عامَ (1956-1957م). الْتَحَق بعد ذلك بالخِدْمةِ العسكريَّة الإلزاميَّة، وتخرَّج ضابطًا برُتْبة مُلازِم، ثم أُرسِلَ إلى الجَبهة كضابِطِ مَدفعيَّةٍ على الحدودِ مع فِلَسطين في القِطاعِ الشماليِّ وذلك عامَ (1960م)، عاد بعدها إلى التَّدريسِ؛ حيث درَّس في مناطِقَ عديدةٍ في سوريَة. عمِل مُدرِّسًا في مدارسِ وِزارة التَّربية السورية حتى عام (1977م). وانْتَقل رحِمه الله إلى المملكة العربية السُّعودية عامَ (1392هـ)، وتَعاقَد مع إدارةِ الكُلِّيات والمعاهِدِ العلميَّة، التي غَدَتْ بعد ذلك جامعةَ الإمامِ محمدِ بنِ سعودٍ الإسلاميَّة، وعَمِل أستاذًا للجُغرافيا والتاريخِ الإسلاميِّ في كُلِّيَّة العلومِ الاجتماعِيَّة بالرياض والقصيم. له أكثرُ من مائتَي مُصنَّفٍ في التاريخِ والفِكْر الإسلاميِّ والجغرافيا.
بعد أن زحفت الجيوشُ العربية على فلسطين في حرب 48 من الشمال والشرق والجنوب، وأعلنت حالة الحصار البحري، لم يمضِ أسبوعان على الزحفِ العربي حتى كانت الجيوشُ العربية تسيطِرُ على المناطق المخصَّصة للعرب طبقًا لمشروع التقسيم، باستثناء يافا وقِسمٍ من الجليل الأعلى، وبات متوقعًا أن تتمكن القوات العربية من إنهاء عملياتها الحربية في فترة قصيرة، فاستنجدت السلطاتُ الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية بهيئة الأمم المتحدة، فاتخذ مجلس الأمن قرارًا في 22/5/1948م وجَّه فيه النداء إلى المتحاربين بوقفِ القتال خلال ست وثلاثين ساعة من منتصف ليلة 22-23 أيار. ولكِنَّ الحكومات العربية رفضت الاستجابةَ لهذا النداء، فكرَّر مجلِسُ الأمن نداءَه لقبول قرار الهدنة، وتقَدَّمت بريطانيا إلى مجلس الأمن بمشروعٍ يدعو الطرفين إلى وَقفِ القتال مدَّةَ أربعة أسابيع مع التعهُّد بعدم إرسال محاربين ومواد حربية إلى فلسطين في أثناء هذه المدة، وتطبيق العقوبات المدنية والعسكرية على من يخالِفُ الأمر. وعُيِّن وسيط بين المتحاربين هو الكونت السويدي فولك برنادوت، قبلت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية طلبَ مجلس الأمن في 2/6/1948. وقد جاء في ردِّها على المجلس ما يلي: "إن تلبية الدول العربية لدعوة مجلس الأمن إلى وقف القتال أربعة أسابيع مع إخفاق جميع المحاولات لَأكبرُ دليل على صادق رغبتها في التعاوُنِ مع الأمم المتحدة للوصولِ إلى هذا الحَلِّ، على الرغم من تمكُّن جيوشها من ناصية الأمر" وقَبِلَ الإسرائيليون كذلك الهدنة، ولكنهم قرنوا القبولَ بزَعمِهم أنَّ كيان دولتهم أصبح أمرًا مفروغًا منه. بدأت الهدنةُ الأولى في فلسطين بين الجيوش العربية والعصابات اليهودية، رفض اليهودُ توصيات الكونت "فولك برنادوت" خاصةً فيما يتعلق بوَضعِ حَدٍّ للهجرة اليهودية في فلسطين، ووضع القُدسِ كُلِّها تحت السيادة الفلسطينية؛ لذلك اغتاله اليهود بسبب هذين الاقتراحين. استغل اليهود الهدنة لتقويةِ جُنودِهم وتنظيمِهم فكانت سيولُ المهاجرين تتدَفَّق على فلسطين خلال الهدنة بصورةٍ واسعة لم يسبقْ لها مثيل، بينما كان اللاجئون العرب يخرجون جماعاتٍ من فلسطين هاربين من اضطهاد الإرهاب اليهودي وتعَسُّف السلطات اليهودية؛ فالهدنة كانت لصالح اليهودِ دون العرب!!
توفي ملك قبرص هوك دولوزنيان وقد خلف ولدًا قاصرًا هو هنري الأول، فتولى الوصاية عليه فيليب إيبلان برضا أمه الملكة، فلما توفي فيليب انتقلت الوصاية إلى أخيه جان، لكن بغير رضا الملكة، وكان الملك فردريك الثاني قد مر على قبرص في طريقه إلى بلاد الشام، فاستعانت به الملكة ضد الوصي جان فاستولى فردريك على قبرص وضمها إلى مملكته الألمانية.
ثارت بمدينةِ تدميرٍ فتنةٌ بين المُضَرية واليمانية، فاقتتلوا بلورقة، وكان بينهم وقعةٌ تعرَفُ بيوم المُضارة، قُتِل منهم ثلاثةُ آلاف رجل، ودامت الحربُ بينهم سبعَ سنين، فوكَلَ عبدُالرحمن بن الحكم بكَفِّهم، ومَنْعِهم، يحيى بنَ عبدِ الله بن خالد، وسيَّرَه في جميع الجيش، فكانوا إذا أحسُّوا بقرب يحيى تفَرَّقوا وتركوا القتال، وإذا عاد عنهم رجعوا إلى الفتنةِ والقتالِ، حتى عَيِيَ أمرُهم.
كان مِن أَوَّلِ أَعمالِ المُقتدِي بأَمرِ الله أنَّه أَمَرَ بإخراجِ المُفْسِداتِ مِن الخَواطِئ من بغداد، وأَمَرَهُنَّ أن يُنادِينَ على أَنفُسِهِنَّ بالعارِ والفَضيحَةِ، وخَرَّبَ الخَمَّاراتِ ودُورَ الزَّوانِي والمَغانِي، وأَسكنَهُنَّ الجانِبَ الغَربيَّ مع الذُّلِّ والصَّغارِ، وخَرَّبَ أبرجةَ الحمامِ، ومَنعَ اللَّعِبَ بها، وأَمرَ الناسَ باحتِرازِ عَوراتِهِم في الحَمَّاماتِ ومَنعَ أَصحابَ الحَمَّاماتِ أن يَصرِفوا فَضَلاتِها إلى دِجلَة، وأَلزَمَهم بحَفْرِ آبارٍ لتلك المِياهِ القَذِرَة صِيانةً لماءِ الشُّرْبِ.
كانت وقعةٌ عظيمة ببلاد المغرب بين المسلمين والفرنجِ، فنصر الله المسلمينَ على أعدائِهم، فقتلوا منهم خمسينَ ألفًا وأَسَروا خمسةَ آلاف، وكان في جملةِ القَتلى آلاف من ملوك الفرنج، وغنموا شيئًا كثيًرا من الأموال، يقالُ: كان من جملة ما غنموا سبعون قنطارًا من الذهب والفضة، وإنما كان جيشُ الإسلام يومئذ ألفين وخمسَمائة فارس غير الرماة، ولم يُقتَلْ منهم سوى أحد عشر قتيلًا، وهذا من غريبِ ما وقع وعجيبِ ما سُمِع!
كان السُّلطانُ مُحمَّدُ بن قلاوون قَبلَ وَفاتِه أوصى بأن يُعادَ أحمدُ بنُ سُليمان للخلافةِ على ما كان أبوه عَهِدَ إليه، وأشهد على ذلك أربعين عَدلًا وقاضيَ قوصٍ وغيرَه من الفقهاء والقُضاة، ففي أوَّلِ هذه السنة أحضر السلطانُ المنصورُ بن محمد بن قلاوون الخليفةَ الواثِقَ إبراهيمَ وخَلَعَه بناءً على وصيَّةِ المستكفي لابنِه أحمد، وبايع القُضاةُ والسلطانُ أحمدَ بنَ سليمان المستكفي ولقَبَّه الحاكِمَ بأمر الله.
اجتمع أهلُ سدير والوشم ومعهم آل ظفير، واتجهوا إلى رغبة، وكان أهلها قد اهتَدَوا إلى التوحيد, فحصرتهم تلك الجموعُ في البلد أيامًا، فجنح بعض أهلها إلى الضَّلالِ فأدخلوا تلك الأجناد فنَهَبوا جميع الأموال، ولكِنَّ الله حقن دماء المسلمين, ثم اتجهت تلك الجموع ومعهم جلوية ضرمى إلى ضرمى- الذين دخل أهلها في طاعة الدرعية- فحصَروا أهلها أيامًا ونصبوا السلالم على أسوارها، وصعد منهم السور نحو ثلاثين رجلًا قُتلوا جميعًا, ثم رجعوا بعد ذلك خائبين.
بعد وفاة الملك عبد العزيز رحمه الله عام 1373هـ/ 1953م بويع الأميرُ سعود بن عبد العزيز مَلِكًا على البلادِ خَلَفًا لوالده، كما بويع الأمير فيصل بولاية العهد، وتبعًا لذلك ولتمرُّسه على شؤون الحكم والإدارة وأمور السياسة عُيِّن نائبًا لرئيس مجلس الوزراء، كما احتفظ بمركزِه السابق كوزير للخارجية، ثم عَهِدَ إليه الملك سعود في 16 ذي الحجة من هذا العام برئاسةِ مجلس الوزراء.