الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3066 ). زمن البحث بالثانية ( 0.013 )

العام الهجري : 618 العام الميلادي : 1221
تفاصيل الحدث:

بعد ما فعل المغول في سمرقند ما فعلوه أخذ جنكيزخان يرسِلُ السَّرايا إلى البلدانِ فأرسل سريةً إلى بلاد خراسان وتسميها التتار المغربة، وأرسل أخرى وراء خوارزم شاه، ثم ساروا إلى مازندران وقلاعها من أمنَعِ القلاع، بحيث إن المسلمين لم يفتحوها إلَّا في سنة تسعين من أيام سليمان بن عبد الملك، ففتحها هؤلاء في أيسَرِ مُدَّة ونهبوا ما فيها وقتَلوا أهاليها كلَّهم وسَبَوا وأحرقوا، ثمَّ ترحلوا عنها نحو الريِّ فدخلوها على حينِ غفلةٍ مِن أهلها فقَتَلوهم وسَبَوا وأسروا، ثم ساروا إلى همذان فمَلَكوها ثم إلى زنجان فقتلوا وسبوا، ثم قصدوا قزوين فنهبوها وقَتَلوا من أهلها نحوًا مِن أربعين ألفًا، ثم تيمَّموا بلاد أذربيجان فصالحَهم مَلِكُها أزبك بن البهلوان على مالٍ حَمَله إليهم لشُغلِه بما هو فيه من السُّكرِ وارتكابِ السيئات والانهماك على الشَّهواتِ، فتركوه وساروا إلى موقان فقاتلهم الكرج في عشرة آلاف مقاتل، فلم يقفوا بين أيديهم طرفةَ عين حتى انهزمت الكرج, ثم أقبَلوا إليهم مرَّةً أخرى بحدِّهم وحديدِهم، فكسرَتْهم التتار في وقعة ثانية أقبَحَ هزيمة وأشنَعَها، وانقضت هذه السنةُ وهم في بلاد الكرج، فلما رأوا منهم ممانعةً ومقاتلة يطول عليهم بها المقام عَدَلوا إلى غيرهم، وكذلك كانت عادتهم فساروا إلى تبريز فصالحَهم أهلها بمال، ثم ساروا إلى مراغة فحَصَروها ونصبوا عليها المجانيقَ وتترسوا بالأسارى من المسلمين، وعلى البلد امرأةٌ ففتحوا البلد بعد أيام وقتلوا من أهله خلقًا لا يعلم عدتَهم إلا الله عز وجل، وغنموا منه شيئًا كثيرًا، وسَبَوا وأسروا على عادتهم, ثم قصدوا مدينة إربل فضاق المسلمون لذلك ذرعًا، وقال أهل تلك النواحي هذا أمر عصيب، وكتب الخليفةُ إلى أهل الموصل والمَلِك الأشرف صاحب الجزيرة يقول: إني قد جهَّزتُ عسكرًا فكونوا معه لقتالِ هؤلاء التتار، فأرسل الأشرفُ يعتذر إلى الخليفة بأنه متوجِّه نحو أخيه الكامل إلى الديار المصرية بسبب ما قد دهم المسلمين هناك من الفرنج، وأخْذهم دمياط الذي قد أشرفوا بأخذهم له على أخذ الديار المصرية قاطبة، فكتب الخليفة إلى مظفَّر الدين صاحب إربل ليكون هو المقدم على العساكر التي يبعثها الخليفة وهي عشرة آلاف مقاتل، فلم يَقدَم عليه منهم ثمانمائة فارس ثم تفَرَّقوا قبل أن يجتمعوا، ولكنَّ الله سلم بأن صرف همة التتار إلى ناحية همذان فصالحَهم أهلُها وترك عندهم التتار شحنة، ثم اتفقوا على قتلِ شحنتِهم فرجعوا إليهم فحاصروهم حتى فتحوها قسرًا وقتلوا أهلَها عن آخرهم، ثم ساروا إلى أذربيجان ففتحوا أردبيل ثم تبريز ثم إلى بيلقان فقتلوا من أهلها خلقًا كثيرًا وجمًّا غفيرا، وحرقوها وكانوا يفجُرون بالنساء ثم يقتلونهنَّ ويشقون بطونهنَّ عن الأجنَّة ثم عادوا إلى بلاد الكرج وقد استعدت لهم الكرج فاقتتلوا معهم فكسروهم أيضًا كسرة فظيعة، ثم فتحوا بلدانًا كثيرة يقتلون أهلها ويسبون نساءها ويأسرون من الرجالِ ما يقاتلون بهم الحصون، يجعلونَهم بين أيديهم ترسًا يتقون بهم الرميَ وغيره، ومن سلم منهم قتلوه بعد انقضاء الحرب، ثم ساروا إلى بلاد اللان والقبجاق فاقتتلوا معهم قتالًا عظيمًا فكسروهم وقصدوا أكبَرَ مدائن القبجاق وهي مدينة سوداق وفيها من الأمتعة والثياب والتجائر شيءٌ كثير جدًّا، ولجأت القبجاق إلى بلاد الروس وكانوا نصارى فاتفقوا معهم على قتال التتار فالتَقَوا معهم فكسرتهم التتار كسرةً فظيعةً جدًّا، ثم ساروا نحو بلقار في حدود سنة620, ففرغوا من ذلك كلِّه ورجعوا نحو مَلِكهم جنكيزخان، هذا ما فعلته هذه السرية المغربة، وكان جنكيزخان قد أرسل سرية في هذه السنة إلى كلانة وأخرى إلى فرغانة فملكوها، وجهز جيشًا آخر نحو خراسان فحاصروا بلخ فصالحهم أهلُها، وكذلك صالحوا مدنًا كثيرة أخرى، حتى انتهوا إلى الطالقان فأعجزتهم قلعتها وكانت حصينةً فحاصروها ستة أشهر حتى عجزوا فكتبوا إلى جنكيزخان فقَدِمَ بنَفسِه فحاصرها أربعة أشهر أخرى حتى فتحها قهرًا، ثم قتل كل من فيها وكل من في البلد بكماله خاصةً وعامة، ثم قصدوا مدينةَ مرو مع جنكيزخان فقد عسكر بظاهرها نحو من مائتي ألف مقاتل من العرب وغيرهم فاقتتلوا معه قتالًا عظيمًا حتى انكسر المسلمون، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثم حصروا البلد خمسة أيام واستنزلوا نائبها خديعةً ثم غدروا به وبأهل البلد فقتلوهم وغَنِموهم وسلبوهم وعاقبوهم بأنواع العذاب، حتى إنهم قتلوا في يوم واحد سبعمائة ألف إنسان، ثم ساروا إلى نيسابور ففعلوا فيها ما فعلوا بأهل مرو، ثم إلى طوس فقتلوا وخربوا مشهدَ علي بن موسى الرضا، وخربوا تربة الرشيد الخليفة فتركوه خرابًا، ثم ساروا إلى غزنة فقاتلهم جلال الدين بن خوارزم شاه فكسَرَهم ثم عادوا إلى ملكهم جنكيزخان، وأرسل جنكيزخان طائفة أخرى إلى مدينة خوارزم فحاصروها حتى فتحوا البلد قهرًا فقتلوا من فيها قتلًا ذريعًا، ونهبوها وسبوا أهلها وكسروا الجسر الذي يمنع ماء جيحون منها فغرقت دورها وهلك جميع أهلها ثم عادوا إلى جنكيزخان وهو مخيم على الطالقان فجهز منهم طائفة إلى غزنة فاقتتل معهم جلال الدين بن خوارزم شاه فكسرهم جلال الدين كسرة عظيمة، واستنقذ منهم خلقًا من أسارى المسلمين، ثم كتب إلى جنكيزخان يطلب منه أن يبرز بنفسِه لقتاله، فقصده جنكيزخان فتواجَها وقد تفَرَّق على جلال الدين بعضُ جيشه ولم يبق بدٌّ من القتال، فاقتتلوا ثلاثة أيام لم يُعهَد قبلها مثلها من قتالهم، ثم ضَعُف أصحاب جلال الدين فذهبوا فركبوا بحر الهند فسارت التتار إلى غزنة فأخذوها بلا كلفة ولا ممانعة.

العام الهجري : 1369 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1950
تفاصيل الحدث:

وقَّعَت أعضاءُ دُول الجامعة العربية معاهدةَ دفاع وتعاون مشترك بينها، نصَّت على الآتي: إنَّ حكومات حضرة صاحب الجلالة مَلِك المملكة الأردنية الهاشمية، وحضرة صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السورية، وحضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العراقية، وحضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية، وحضرة صاحب الفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية، وحضرة صاحب الجلالة ملك المملكة المصرية، وحضرة صاحب الجلالة ملك المملكة المتوكلية اليمنية رغبةً منها في تقوية وتوثيق التعاون بين دُول الجامعة العربية حِرصًا على استقلالِها والمحافظة على تراثها المشتركِ، واستجابةً لرغبة شعوبها في ضَمِّ الصفوف لتحقيق الدفاعِ المشتَرَك عن كيانها وصيانة الأمن والسلام وفقًا لمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة ولأهدافِها، وتعزيزًا للاستقرار والطمأنينة وتوفير أسباب الرفاهية والعمران في بلادها: قد اتَّفَقَت على عقد معاهدة لهذه الغاية، وأنابت عنها مفوضين، وقد اتَّفَقوا على ما يأتي: المادة 1: تؤكِّدُ الدول المتعاقدة حرصًا على دوام الأمن والسلام واستقرارهما وعَزمِها على فَضِّ جميع منازعاتها الدولية بالطُّرُق السلمية سواءٌ في علاقاتها المتبادلة فيما بينهما أو في علاقاتها مع الدول الأخرى. المادة 2: وتطبيقًا لأحكام المادة السادسة من ميثاق جامعة الدول العربية والمادة الحادية والخمسين من ميثاقِ الأمم المتحدة يخطر على الفور مجلس الجامعة ومجلس الأمن بوقوعِ الاعتداء وما اتُّخِذ في صدده من تدابيرَ وإجراءات. المادة 3: تتشاور الدولُ المتعاقدة فيما بينها بناءً على طلب إحداها كلمَّا هددت سلامةَ أراضي أية واحدة منها أو استقلالها أو أمنها, وفي حالة خطر حرب داهم أو قيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها تبادر الدولُ المتعاقِدةُ على الفور إلى توحيدِ خطَطِها ومساعيها في اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية التي يقتضيها الموقف. المادة 4: رغبةً في تنفيذ الالتزامات السالفة الذكر على أكمل وجهٍ تتعاون الدول المتعاقدة فيما بينها لدعمِ مقوِّماتها العسكرية وتعزيزها وتشترك بحسَبِ مواردها وحاجاتها في تهيئة وسائلها الدفاعية الخاصة والجماعية؛ لمقاومة أي اعتداء مسلح. المادة 5: تُؤلَّف لجنة عسكرية دائمة من ممثِّلي هيئة أركان حرب جيوش الدول المتعاقدة لتنظيم خطط الدفاع المشترك، وتهيئة وسائله وأساليبه. وتحَدَّد في ملحق هذه المعاهدة اختصاصات هذه اللجنة الدائمة، بما في ذلك وضع التقارير اللازمة المتضَمِّنة عناصر التعاون والاشتراك المشار إليهما في المادة الرابعة، وتَرفَعُ هذه اللجنة الدائمة تقاريرَها عمَّا يدخل في دائرة أعمالها إلى مجلس الدفاع المشترك المنصوص عنه في المادة التالية. المادة 6: يُؤلَّفُ تحت إشراف مجلس الجامعة مجلِسٌ للدفاع المشترك يختَصُّ بجميع الشؤون المتعلِّقة بتنفيذ أحكام المواد 2،3،4،5 من المعاهدة، ويُستعان على ذلك باللجنة العسكرية الدائمة المشار إليها في المادة السابقة. ويتكَوَّن مجلس الدفاع المشترك المشار إليه من وزراء الخارجية والدفاع الوطني للدول المتعاقدة أو من ينوبون عنهم. وما يقرِّرُه المجلس بأكثرية ثلثي الدول يكون ملزِمًا لجميع الدول المتعاقدة. المادة 7: استكمالًا لأغراض هذه المعاهدة وما ترمى إليه من إشاعة الطمأنينة وتوفير الرفاهية في البلاد العربية ورفع مستوى المعيشة فيها تتعاون الدول المتعاقدة على النهوض باقتصاديات بلادِها، واستثمار مرافِقِها الطبيعية، وتسهيل تبادل منتجاتها الوطنية الزراعية والصناعية، وبوجهٍ عام على تنظيم نشاطها الاقتصادي وتنسيقِه، وإبرام ما تقتضيه الحال من اتفاقات خاصة لتحقيق هذه الأهداف. المادة 8: ينشأ مجلس اقتصادي من وزراء الدول المتعاقدة المختصِّين بالشؤون الاقتصادية، أو من يمثِّلونهم عند الضرورة؛ لكي يقترح على حكومات تلك الدول ما يراه كفيلًا بتحقيق الأغراض المبيَّنة في المادة السابقة. وللمجلس المذكور أن يستعينَ في أعماله بلجنة الشؤون الاقتصادية والمالية المشار إليها في المادة الرابعة من ميثاق جامعة الدول العربية. المادة 9: يعتبر الملحَقُ المرفق بهذه المعاهدة جزءًا لا يتجزَّأُ منها. المادة 10: تتعهد كل من الدول المتعاقدة بألَّا تعقد أي اتفاق دولي يناقضُ هذه المعاهدة. وبألَّا تسلك في علاقاتها الدولية مع الدول الأخرى مسلكًا يتنافى مع أغراض هذه المعاهدة. المادة 11: ليس في أحكامِ هذه المعاهدة ما يمَسُّ أو يقصد به أن يمس بأية حال من الأحوال الحقوق والالتزامات المترتبة، أو التي قد تترتب للدول الأطراف فيها بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة أو المسؤوليات التي يضطلع بها مجلس الأمن في المحافظة على السلام والأمن الدولي. المادة 12: يجوز لأية دولة من الدول المتعاقدة بعد مرور عشر سنوات من نفاذ هذه المعاهدة أن تنسحب منها في نهاية سنة من تاريخ إعلان انسحابها إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وتتولى الأمانةُ العامة إبلاغَ هذا الإعلان إلى الدول المتعاقدة الأخرى. المادة 13: يُصَدَّق على هذه المعاهدة وفقًا للأوضاع الدستورية المرعيَّة في كل من الدول المتعاقدة. وتُودَع وثائق التصديق لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وتصبح المعاهدة نافذةً من قِبَلِ من صدَّق عليها بعد انقضاء خمسة عشر يومًا من تاريخ استلام الأمانة العامة وثائق تصديق أربع دول على الأقل. وحُرِّرت هذا المعاهدة باللغة العربية في الإسكندرية بتاريخ 2 رمضان سنة 1369هـ الموافق 17 يونيو سنة 1950م من نسخة واحدة تُحفَظُ في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وتُسَلَّم صورة منها مطابِقة للأصل لكل دولة من الدول المتعاقدة.

العام الهجري : 625 العام الميلادي : 1227
تفاصيل الحدث:

هو جنكيزخان السلطان الأعظم عند التتار والدُ ملوكهم، واسمه تموجين وقيل (تمرجين أو تمرجي) ولد في غرة محرم سنة 550 في منغوليا على الضفة اليمنى لنهر الأونون في مقاطعة دولون بولداق وهذه المقاطعة توجد اليوم في الأراضي الروسية. وكان أبوه بسوكاي رئيسًا لقبيلة قيات المغولية فسمَّاه باسم قائد صرعه؛ لأنَّه كان معجبًا به لفرط شجاعته, وقيل: "إنَّ أمَّه كانت تزعمُ أنها حملته من شعاع الشمس؛ فلهذا لا يُعرَفُ له أب، ولهذا قد يكون مجهولَ النسب". لما مات بسوكاي سنة 563 حل محلَّه تمرجين وكان عمره ثلاثة عشر عامًا إلَّا أن رجال قبيلته استصغروا سنَّه ورفضوا طاعته, حينما بلغ السابعةَ عشرة من عمره استطاع بقوَّة شخصيته وحِدَّة ذكائه أن يعيدَ رجال قبيلته إلى طاعته وأن يُخضِعَ المناوئين له حتى تمَّت له السيطرة, وأصبح تمرجين بعد انتصاره أقوى شخصية مغولية، فنودي به خاقانًا، وعُرف باسم "جنكيز خان" أي: إمبراطور العالم. وهو صاحب "التورا" و"اليسق أو الياسق"، وضعه ليتحاكم إليه التتار ومن معهم من أمراء الترك, والتورا باللغة التركية هو المذهب، واليسق هو الترتيب، وأصل كلمة اليسق: سي يسا، وهو لفظ مركب من أعجمي وتركي، ومعناه: التراتيب الثلاث؛ لأن " سي " بالعجمي في العدد ثلاثة، و" يسا " بالتركي: الترتيب؛ وعلى هذا مشت التتار منذ أن وضعه لهم جنكيز خان، وانتشر الياسق في سائر الممالك حتى ممالك مصر والشام، وصاروا يقولون: " سي يسا " فثقلت عليهم فقالوا: " سياسة " على تحاريف العرب في اللغات الأعجمية لهم السياسا التي يتحاكمون إليها، ويحكمون بها، وأكثرها مخالف لشرائع الله تعالى وكتبه، وهو شيء اقترحه من عند نفسه، وتَبِعوه في ذلك, وقد عظُمَ أمر جنكيزخان وبعُدَ صِيتُه وخضعت له قبائلُ الترك ببلاد طمغاج كلها، حتى صار يركَبُ في نحو ثمانمائة ألف مقاتل، وأكثَرُ القبائل قبيلته التي هو منها يقال لهم قيان، ثم أقرب القبائلِ إليه بعدهم قبيلتان كبيرتا العدد، وهما أزان وقنقوران، وكان يصطاد من السنة ثلاثة أشهر، والباقي للحرب والحكم، فلما هلك جعلوه في تابوت من حديد وربطوه بسلاسل وعلقوه بين جبلين, وأما كتابُه الياسا فإنه يكتب في مجلدين بخط غليظ، ويُحمَل على بعير عندهم، وقد ذكَرَ بعضُهم أنه كان يصعد جبلًا ثم ينزل. ثم يصعدُ ثم ينزل مرارًا حتى يعيى ويقع مغشيًّا عليه، ويأمر من عنده أن يكتبَ ما يلقى على لسانه حينئذٍ، فإن كان هذا هكذا فالظاهر أن الشيطانَ كان ينطق على لسانِه بما فيها، واستمر أولاد جنكيزخان في ممالكه التي قسمها عليهم في حياته، ولم يختلف منهم واحد على واحد، ومشوا على ما أوصاهم به، وعلى طريقته " التورا " و" اليسق " ولما احتُضر أوصى أولاده بالاتفاق وعدم الافتراق، وضرب لهم في ذلك الأمثال، وأحضر بين يديه نشابًا وأخذ سهمًا أعطاه لواحد منهم فكسره، ثم أحضر حزمة ودفعها إليهم مجموعة فلم يطيقوا كسرَها، فقال: هذا مثَلُكم إذا اجتمعتم واتَّفقتم، وذلك مثلُكم إذا انفردتُم واختلفتُم، قال: وكان له عِدَّةُ أولاد ذكور وإناث، منهم أربعة هم عظماء أولاده، أكبرهم يوسي وهريول وباتو وبركة وتركجار، وكان كل منهم له وظيفة عنده. قال ابن كثير: " وقد رأيت مجلدًا ببغداد جمعه الوزير علاء الدين الجويني في ترجمة جنكيز خان، ذكر فيه سيرته، وما كان يشتَمِلُ عليه من العقل السياسي والكرم والشجاعة والتدبير الجيد للملك والرعايا، والحروب, وذكر فيه نتفًا من الياسا من ذلك: أنه من زنا قتل، محصنًا كان أو غير محصن، وكذلك من لاط قُتل، ومن تعمد الكذب قُتل، ومَن سحر قُتل، ومن تجسَّس قُتل، ومن دخل بين اثنين يختصمان فأعان أحدَهما قُتل، ومن بال في الماء الواقف قُتل، ومن انغمس فيه قُتل، ومن أطعم أسيرًا أو سقاه أو كساه بغير إذن أهلِه قُتل.... "

العام الهجري : 1233 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1818
تفاصيل الحدث:

ركب إبراهيم باشا من أشيقر بخيلِه وقصد بلد شقراء، فأتاها واستدار فيها، وقاسَها وعَرَف موضِعَ منزلِه ومنزل عسكرِه وقبوسيه؛ لأنه يعلم أنَّ أهلها محاربون أشداءُ وأهلُ صدق في الحرب مجرِّبون، وكان قد أتى إليه أمدادٌ من العساكر والقبوس، وصار في قوَّةٍ عظيمة، فنزل أسفلَ البلد وشمالَه، فخرج إليه أهلُها فساق الباشا عليهم الرومَ، فوقع بينهم قتال شديد في وسطِ النخيل وخارجه، فقُتِل من الروم قتلى كثيرٌ وجُرح كثيرٌ منهم، فتكاثرت عليهم أفزاعُ الروم وجُرح الأمير حمد بن يحيى جرحًا شديدًا فدخلوا البلد واحتصروا فيها، ثم إنَّ الباشا جرَّ القبوس والقنابر والمدافع وجعلها فوقَ المرقب الجبل الشمالي، فرمى البلد فيه رميًا هائلًا أرهب ما حولَه من القرى والبلدان من أهل مدبر ومنيخ والمحمل وغيرهم، حتى سمعه من كان في العرمة ومجزل وما حوله. فلما احتصر أهلُ البلد فيها أنزل قبوسَه ومدافعه وقنابره من رأسِ الجبلِ وقَرَّبها من السور، وحَقَّق عليهم الحرب والرميَ المتتابع حتى قيل إنه رماها في ليلة واحدة بثلاثمائة حمل من الرصاص والبارود، وذُكِرَ أن رصاص القبوس والمدافع والقنابر والبنادق يتضارب بعضُها ببعض في الهواء فوق البلدِ وفي وسطها، ثم إنَّه هدم ما يليه من سورِها وقطع نخيلَها إلَّا قليلَها، هذا وأهل البلد ثابتون، وفي أكنافِها يقاتلون، فقرَّب الباشا القبوسَ من السور وهدَمَ ما يليه من الدُّورِ والقصور، فحماهم الله سبحانه وكفَّ أيديَ الروم عنهم؛ وذلك لصِدقِهم في مواطِنِ اللقاء بالسيف، فلما همَّ الروم بالحملة عليهم أثنى عزمَهم الخندقُ وما ذاقوه من شدة القتال أوَّلَ نزولِهم على شقراء، فصار الخندقُ من الأسباب لثباتِ أهلها لأنَّه لا يُرام، وفي كلِّ يوم وليلة والباشا يناديهم ويدعوهم إلى المصالحةِ ويأبون عليه، فلما كان يومُ الخميس وقَعَت المصالحة بين الباشا وبينهم؛ خرج إليه رجلان من رؤساء أهلِها فصالحوه على دمائِهم وأموالِهم وما احتوت عليه بلادُهم، وكان جميعُ بلدان الوشم أعطوه الطاعةَ لَمَّا نزل شقراء، فلما استقَرَّ الصلح بعث الباشا عساكِرَ من الترك رئيسُهم رشوان أغا إلى ناحية سدير ومنيخ، فنزل رشوان بلد جلاجل وفرَّق العساكر في البلدان وأخذوا ما فيها من الخيل الجِياد الثمينة وحنطة وعليقًا للخيل، وأقاموا عندهم إلى أن أراد الرحيلَ من بلد شقراء، فرحلوا من بلد سدير إلى الوشم، ولَمَّا كان بعد أيام من مصالحةِ أهل شقراء وشى بهم رجالٌ عند الباشا من أهل نجد ممن يساعده وسار معه وقال إنَّه ارتحل منهم عدَّةُ رجال من أعيانهم وعامَّتِهم إلى الدرعية، وأنَّهم يريدون أن ينقُضوا العهد بعدما ترتحل عنهم ويقطعوا سبلك، فأفزع ذلك الباشا وأهمه فدخل البلدَ مُغضَبًا بعددٍ كثير من عساكره، فلما دخل جعل العسكرَ في المسجد فأوقدوا فيه النيران، وذلك وقتَ الشتاء.ثم دخل الباشا بيت إبراهيم بن سدحان المعروف جنوبَ المسجِدِ، وأرسل إلى الأمير حمد وهو جريحٌ فجيء به بين رجلين، فتكلم الباشا عليه بكلامٍ غليظ.ثم أرسل إلى الشيخ عبد العزيز الحصين الناصري، وكان قد كَبِرَ وثقل فجيءَ به محمولًا فأكرَمَه وأعظمَه، فذكَرَ لهم ما حدث من أهل البلد.فعلوا وفعلوا وكان قصدُه أن يفتك بهم، فقال له الشيخ عبد العزيز الحصين: كل ما تقولُ صِدقٌ، ولكن العفو يا باشا. فقال: عَفَونا عَفَونا إكرامًا لمجيئك، فكفى الله سبحانه شَرَّه، وهدم سور البلد ودفَن خندَقَها، وأقام عليها نحوًا من شهر، ثم ارتحل منها بعساكِرِه، وأخذ معه عشرةَ رجال من رؤسائهم، وسار منها إلى بلد ضرم، وأتت إليه مُكاتبات أهل المحمل وحريملاء وأعطوه الطاعة.

العام الهجري : 240 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 854
تفاصيل الحدث:

هو أحمدُ ‌بنُ ‌أبي ‌دُؤادَ بنِ جَريرٍ الإياديُّ، القاضي البَصريُّ، ثُمَّ البغداديُّ، الجَهْميُّ، وليَ قضاءَ القُضاةِ للمُعتَصِمِ والواثِقِ وبَعضِ أيَّامِ المتوكِّلِ  . وُلِد سنةَ ستينَ ومائةٍ،  وكان أبوه تاجرًا يَفِدُ إلى الشام، ثم وفد إلى العراق وأخذ ولَدَه هذا معه إلى العراق، فارتحل للبصرةِ، واتصل ابن أبي دؤاد بأصحاب واصلِ بنِ عطاء، وعنهم أخذ مذهَبَ الاعتزالِ، ثم اتَّصلَ بالمأمونِ فكان قاضيَ القُضاةِ، وتوفِّيَ سنةَ أربعينَ ومائتينِ،  عن ثمانين سنةً ودُفِن بدارِه ببغدادَ، عامَلَه اللهُ بما يستَحِقُّ. وكان شاعرًا مُجيدًا، فصيحًا بليغًا، إلَّا أنَّه كان داعيةً إلى خَلقِ القُرآنِ. وقد كان يومَ المحنةِ مُؤَلِّبًا على أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، وسببًا في شِدَّةِ تعذيبِه، وكان يقولُ: (يا أميرَ المؤمِنينَ، اقتُلْه، هو ضالٌّ مُضِلٌّ!)  .قال ابنُ عساكِرَ: (وليَ ابنُ أبي دُؤادَ قضاءَ القُضاةِ للمُعتَصِمِ ثُمَّ للواثِقِ، وكان موصوفًا بالجودِ والسَّخاءِ، وحُسنِ الخُلُقِ ووُفورِ الأدَبِ، غيرَ أنَّه أعلَن بمَذهَبِ الجَهْميَّةِ، وحَمَل السُّلطانَ على امتحانِ النَّاسِ بخَلقِ القُرآنِ)  .وحكى عثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارميُّ دورَ ابنِ أبي دُؤادَ في إشعالِ فِتنةِ خَلقِ القُرآنِ، فقال: (أكرَهوا النَّاسَ عليه بالسُّيوفِ والسِّياطِ، فلم تَزَلِ الجَهْميَّةُ سنواتٍ يركَبونَ فيها أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ بقُوَّةِ ابنِ أبي دُؤادَ المحادِّ للهِ ولرَسولِه، حتى استُخلِف المتوكِّلُ -رحمةُ اللهِ عليه- فطمَس اللهُ به آثارَهم، وقَمَع به أنصارَهم، حتى استقام أكثَرُ النَّاسِ على السُّنَّةِ الأُولى، والمنهاجِ الأوَّلِ)  .

العام الهجري : 580 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1184
تفاصيل الحدث:

سار صلاح الدين من دمشق يريدُ الغزوَ، وجمَعَ عساكِرَه، فأتَته من كل ناحية، وأتاه نورُ الدين محمد بن قرا أرسلان، صاحِبُ الحصن. وكتب إلى مصرَ لِيُحضِرَ عَسكَرَها عنده على الكرك، فنازل الكركَ وحصره، وضَيَّقَ على من به، وأمَرَ بنصب المجانيق على ربضه، واشتَدَّ القتال، فملك المسلمون الربَضَ، وبقي الحصن، وهو الربضُ على سطحِ جَبَلٍ واحد، إلَّا أنَّ بينهما خندقًا عظيمًا فطَمُّوه بصعوبةٍ بالغة، وأرسَلَ مَن فيه من الفرنجِ إلى مَلِكِهم وفُرسانِهم يَستَمِدُّونَهم ويُعَرِّفونَهم عَجزَهم وضَعفَهم عن حِفظِ الحِصنِ، فاجتمعت الفرنجُ عن آخرها، وساروا إلى نجدتِهم عَجِلينَ، فلما بلغ الخبَرُ بمسيرهم إلى صلاح الدين رحَلَ عن الكرك إلى طُرُقِهم ليلقاهم ويُصافَّهم، ويعودَ بعد أن يهزِمَهم إلى الكرك، فقَرُبَ منهم وخَيَّم ونزل، ولم يمكِنْه الدنوُّ منهم لخشونةِ الأرض وصعوبةِ المَسلَك إليهم وضِيقِه، فأقام أيامًا ينتظِرُ خروجَهم من ذلك المكان ليتمَكَّنَ منهم، فلم يبرحوا منه خوفًا على نفوسِهم، فلما رأى ذلك رحل عنهم عدَّة فراسخ، وجعل بإزائِهم من يُعلِمُه بمسيرهم، فساروا ليلًا إلى الكَركِ، فلمَّا عَلِمَ صلاح الدين ذلك عَلِمَ أنَّه لا يتمكن حينئذٍ ولا يبلغُ غرَضَه، فسار إلى مدينةِ نابلس، ونهَبَ كُلَّ ما على طريقِه من البلاد، فلما وصَلَ إلى نابلس أحرَقَها وخَرَّبَها ونَهَبَها، وقَتَل فيها وأسَرَ وسَبى فأكثَرَ، وسار عنها إلى سبسطية، وبها جماعةُ أسرى من المسلمين، فاستنقَذَهم، ورحل إلى جينين فنهَبَها وخربها، وعاد إلى دمشق ونهب ما على طريقِه وخَرَّبه، وبث السرايا في طريقِه يمينًا وشمالًا يَغنَمونَ ويُخَرِّبون، حتى وصل إلى دمشقَ.

العام الهجري : 592 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1196
تفاصيل الحدث:

مَلَك المَلِكُ العادِلُ أبو بكر بنُ أيوب مدينة دمشقَ مِن ابن أخيه الأفضَلِ عليِّ بن صلاح الدين، وكان أبلَغُ الأسباب في ذلك وثوقَ الأفضل بالعادل، فلما أقام العادِلُ عند العزيز بمصر استمالَه، وقَرَّرَ معه أنَّه يخرج معه إلى دمشقَ ويأخُذُها من أخيه ويُسَلِّمُها إليه، فسار معه من مصرَ إلى دمشق، وحَصَروها، واستمالوا أميرًا من أمراءِ الأفضَلِ يقال له العزيزُ بن أبي غالب الحمصي، فسَلَّمَ إليه بابًا من أبواب دمشقَ يُعرَفُ بالباب الشرقي ليحفَظَه، فمال إلى العزيزِ والعادل، ووعَدَهما أنه يفتَحُ لهما الباب، ويُدخِل العسكر منه إلى البلدِ غِيلةً، ففتحه اليوم السابع والعشرين من رجب وقتَ العصر، وأدخَلَ المَلِك العادِلَ منه ومعه جماعةٌ من أصحابه، فلم يشعُرِ الأفضَلُ إلَّا وعَمُّه معه في دمشق، ورَكِبَ الملك العزيز ووقف بالميدان الأخضَرِ غربيَّ دمشق، ثمَّ أرسلا إلى الأفضَلِ وأمَراه بمفارقةِ القلعة وتسليمِ البلد على قاعدةِ أن تُعطى قلعة صرخد له، ويُسَلَّم جميع أعمال دمشق، فخرج الأفضَلُ ونزل في جوسق بظاهر البلد، غربيَّ دمشق، وتسلَّم العزيزُ القلعة ودخلها، وأقام بها أيامًا، ثمَّ لم يزل به عَمُّه العادل حتى سَلَّمَ البلد إليه، وخرج منه، وعاد إلى مصر، وسار الأفضَلُ إلى صرخد، وكان العادِلُ يَذكُرُ أنَّ الأفضَلَ سعى في قَتلِه؛ فلهذا أخذ البلد منه، وكان الأفضَلُ يُنكِرُ ذلك ويتبرَّأُ منه، وقيل: بل كان سبَبُ ذلك سوء تدبير وزير الأفضَلِ ضياء الدين بن الأثير الجزري، الذي هرب بعد إخراجِ الأفضَلِ مِن دمشق، وقيل: إن العزيز استناب عمَّه العادِلَ على دمشق وبَقِيَت الخطبة له والسكَّة باسمِه.

العام الهجري : 601 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1205
تفاصيل الحدث:

في تاسع رمضان وقعت فتنةٌ بين أهل سوق السلطان والجعفرية، منشؤها أنَّ رَجُلَينِ مِن المحلَّتَينِ اختصما وتوعَّدَ كُلُّ واحدٍ منهما صاحِبَه، فاجتمع أهلُ المحلَّتَينِ، واقتتلوا في مقبرةِ الجعفرية، فسَيَّرَ إليهم مِن الديوان من تلافى الأمرَ وسَكَّنَه، وفي سابع عشر رمضان جرت فتنةٌ ببغداد بين أهل باب الأزج وأهل المأمونيَّة، وسبَبُها أنَّ أهل باب الأزج قتلوا سَبُعًا وأرادوا أن يطوفوا به، فمنَعَهم أهل المأمونية، فوَقَعت الفتنةُ بينهما فجُرِحَ منهم خلق كثير، وقُتِلَ جماعة، وركِبَ صاحب الباب لتسكينِ الفتنة فجُرِحَ فَرَسُه، فعاد، فلما كان الغدُ سار أهل المأمونية إلى أهل باب الأزج، فوقَعَت بينهم فتنةٌ شديدةٌ وقِتالٌ بالسيوف والنشاب، واشتدَّ الأمر، فنُهَبَت الدور القريبة منهم، وسعَى الركن بن عبد القادر ويوسف العقاب في تسكينِ الناس، ورَكِبَ الأتراك، فصاروا يَبِيتون تحت المنظرة، فامتنَعَ أهل الفتنة من الاجتماع، فسَكَنوا، وفي العشرين منه جرَت فتنة بين أهل قطفتا والقرية، من محالِّ الجانب الغربي، بسبب قَتْلِ سَبُع أيضًا، أراد أهل قطفتا أن يجتَمِعوا ويطوفوا به، فمنَعَهم أهل القرية أن يَجوزوا به عندهم، فاقتتَلوا، وقَتَلَ بينهم عدة قتلى، فأرسل إليهم عسكَرٌ من الديوان لتلافي الأمر ومَنْع الناس عن الفتنة، فامتنعوا، فلمَّا كَثُرَت الفتن رُتِّبَ أميرٌ كبير من مماليك الخليفة، ومعه جماعة كثيرة، فطاف في البلد، وقَتَل جماعةً ممن فيه شبهة، فسكن الناس.

العام الهجري : 623 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1226
تفاصيل الحدث:

وصل الخبَرُ إلى جلال الدين أن نائبه بكرمان، وهو أميرٌ كبير اسمه بلاق حاجب، قد عصى عليه، وطَمِعَ في أن يتملَّك البلاد ويستبِدَّ بها لبُعدِ جلال الدين عنها، واشتغاله بالكرج وغيرهم، وأنه أرسل إلى التتر يعَرِّفُهم قوة جلال الدين ومُلكَه كثيرًا من البلاد، وإن أخذ الباقي عَظُمَت مملكته، وكثُرَت عساكره، وأخذَ ما بأيديكم من البلاد. فلما سمع جلال الدين ذلك كان قد سار يريد خلاط، فتركها وسار إلى كرمان يطوي المراحِلَ، وأرسل بين يديه رسولًا إلى صاحِبِ كرمان، ومعه الخِلَع ليطمَئِنَّ ويأتيه وهو غيرُ محتاط ولا مستعِدٍّ للامتناع منه، فلما وصل الرسول عَلِمَ أن ذلك مكيدةٌ عليه لِما يَعرِفُه من عادته، فأخذ ما يعِزُّ عليه، وصعد إلى قلعةٍ منيعةٍ فتحَصَّن بها، وجعل من يثقُ به من أصحابه في الحصونِ يمتَنِعون بها، وأرسل إلى جلال الدين يقول: إنَّني أنا العبد والمملوك، ولما سمعت بمسيرك إلى هذه البلاد أخليتُها لك؛ لأنَّها بلادك، ولو علمتُ أنَّك تبقي علي لحضرتُ بابك، ولكنِّي أخاف هذا جميعَه، والرسولُ يحلف له أنَّ جلال الدين بتفليس، وهو لا يلتَفِتُ إلى قوله، فعاد الرسول، فعلم جلالُ الدين أنه لا يمكِنُه أخذ ما بيده من الحصونِ؛ لأنه يحتاج أن يحصُرَها مدة طويلة، فوقف بالقُربِ من أصفهان، وأرسل إليه الخِلَع، وأقرَّه على ولايته, فبينما الرسل تتردد إذ وصل رسولٌ مِن وزير جلالِ الدين إليه من تفليس يعَرِّفُه أن عسكر الملك الأشرفِ الذي بخلاط قد هَزَموا بعض عسكره وأوقعوا بهم، ويحثُّه على العود إلى تفليس فعاد إليهم مُسرعًا.

العام الهجري : 1439 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 2017
تفاصيل الحدث:

علي عبد الله صالح عفاش من مواليدِ 29 ربيع الآخِر 1366هـ/ 21 مارس 1947، كان الرئيسَ السادسَ للجمهوريةِ العربيةِ اليمنيَّةِ، وتُعَدُّ مُدَّةُ حُكمِه أطولَ مُدَّةِ حُكمٍ لرئيسٍ في اليمنِ منذُ العامِ 1978م حتى تنازلَ عن الحُكمِ في 27 فبراير 2012م، وكان يحمِلُ رتبةَ المشيرِ العسكريَّةَ. وصَلَ علي عبد الله صالح إلى رأسِ السُّلطةِ في البلادِ عَقِبَ مقتلِ الرئيسِ أحمد الغشمي بفترةٍ قصيرةٍ، بعد أنْ تنحَّى عبد الكريم العرشي، وتسَلَّمَ صالح رئاسةَ البلادِ. قامت احتجاجاتٌ ضِدَّ حُكمِه عامَ 2011 وسَلَّم صالحٌ السلطةَ بعد سنةٍ كاملةٍ من الاحتجاجاتِ بموجِبِ "المبادرةِ الخليجيَّةِ" الموقَّعةِ بين حزبِ المؤتمرِ الشعبيِّ العامِّ وأحزابِ اللقاءِ المشترَكِ، والتي أَقرَّت ضمنَ بنودِها تسليمَ صالحٍ للسلطةِ بعد إجراءِ انتخاباتٍ عامَّةٍ، كما أقرَّت له حصانةً من الملاحقةِ القانونيَّةِ، وأُقِرَّ قانونُ الحصانةِ في مجلسِ النوابِ اليمنيِّ، وعُدَّ قانونًا سياديًّا لا يجوزُ الطعنُ فيه، تولَّى نائبُه عبدُ ربه منصور هادي رئاسةَ المرحلةِ الانتقاليةِ. وفي 16 ربيع الأول 1439هـ الموافق 4 ديسمبر 2017 قام الحَوثيُّونَ بنشرِ مَقطعِ فيديو لمجموعةٍ من المقاتلين مع جُثَّةِ صالح وبها طَلقةٌ نافذةٌ في الرأسِ، وتضاربَتِ الأنباءُ عن مكانِ وطريقةِ مَقتَلِه، فنَجْلُه أحمدُ وسُكَّانٌ مَحليُّونَ قالوا: إنَّ مجموعةً من المقاتلين الحَوثيِّين هاجموا منزلَ والِدِه وقتَلوه في مَنزلِه، وفجَّرَ المقاتِلون المنزلَ، وقد قُتِلَ معه أمين عام حزبِ المؤتمرِ الشعبيِّ العامِّ.

العام الهجري : 161 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 778
تفاصيل الحدث:

هو شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، أميرُ المؤمنين في الحديث، أبو عبد الله سفيانُ بنُ سعيد بن مسروق الثوريُّ التميميُّ، وُلِدَ سنة 97 بالكوفة, وهو سيِّدُ أهل زمانه في العِلم والدين، من كبارِ تابعي التابعينَ, وأحدُ الأئمة المجتهدينَ الذين كان لهم أتباعٌ، مصنف كتاب (الجامع) ولد: سنة 98 اتفاقا، وطلب العلم وهو حدث باعتناء والده المحدث الصادق سعيد بن مسروق الثوري، وكان والده من أصحاب الشعبي، وخيثمة بن عبد الرحمن، ومن ثقات الكوفيين، وعداده في صغار التابعين, ولا يُختلف في إمامة سفيان وأمانته وحفظه وعلمه وزهده. قال يونس بن عبيد: "ما رأيت أفضل من سفيان الثوري، فقيل له: يا أبا عبد الله رأيت سعيد بن جبير، وإبراهيم، وعطاء، ومجاهدا وتقول هذا؟ قال: هو ما أقول، ما رأيت أفضل من سفيان" قال عبد الرحمن بن مهدي: "ما رأيت رجلاً أحسن عقلاً من مالك بن أنس، ولا رأيت رجلاً أنصح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن مبارك، ولا أعلم بالحديث من سفيان، ولا أقشف من شعبة". وقد ساق الذهبي جملة من اقوال الأئمة والعلماء في الثوري منها: قال ابن المبارك: "كتبت عن ألف ومائة شيخ، ما كتبت عن أفضل من سفيان, وما نعت لي أحد فرأيته، إلا وجدته دون نعته، إلا سفيان الثوري. قال أبو حنيفة: لو كان سفيان الثوري في التابعين، لكان فيهم له شأن. وقال أيضا: لو حضر علقمة والأسود، لاحتاجا إلى سفيان. وقال المثنى بن الصباح: سفيان عالم الأمة، وعابدها. وقال ابن أبي ذئب،: ما رأيت أشبه بالتابعين من سفيان الثوري. وقال شعبة: ساد سفيان الناس بالورع والعلم, وهو أمير المؤمنين في الحديث. وقال ابن عيينة،: ما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري. وقال أحمد بن حنبل: قال لي ابن عيينة: لن ترى بعينيك مثل سفيان الثوري حتى تموت. وعن حفص بن غياث، قال: ما أدركنا مثل سفيان، ولا أنفع من مجالسته. وقال أبو معاوية: ما رأيت قط أحفظ لحديث الأعمش من الثوري، كان يأتي، فيذاكرني بحديث الأعمش، فما رأيت أحدا أعلم منه بها. وقال يحيى بن سعيد: سفيان أعلم بحديث الأعمش من الأعمش. وقال ابن عرعرة: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سفيان أثبت من شعبة، وأعلم بالرجال. وقال محمد بن زنبور: سمعت الفضيل يقول: كان سفيان والله أعلم من أبي حنيفة. وقال بشر الحافي: سفيان في زمانه، كأبي بكر وعمر في زمانهما.". يقال: إن عدد شيوخه ستمائة شيخ، وكبارهم الذين حدثوه عن: أبي هريرة، وجرير بن عبد الله، وابن عباس، وأمثالهم. وقد قرأ الختمة عرضا على: حمزة الزيات أربع مرات. وأما الرواة عنه فقد حدث عنه من القدماء من مشيخته وغيرهم خلق، منهم: الأعمش، وأبان بن تغلب، وابن عجلان، وخصيف، وابن جريج، وجعفر الصادق، وجعفر بن برقان، وأبو حنيفة، والأوزاعي، ومعاوية بن صالح، وابن أبي ذئب، ومسعر، وشعبة، ومعمر وكلهم ماتوا قبله, وغيرهم كثير. قال يحيى بن أيوب العابد: حدثنا أبو المثنى، قال: "سمعتهم بمرو يقولون: قد جاء الثوري، قد جاء الثوري. فخرجت أنظر إليه، فإذا هو غلام قد بقل وجهه - خرج شعر وجهه-. قلت (الذهبي): "كان ينوه بذكره في صغره، من أجل فرط ذكائه، وحفظه، وحدث وهو شاب قال أبو بكر بن عياش: إني لأرى الرجل يصحب سفيان، فيعظم في عيني. وقال ورقاء، وجماعة: لم ير سفيان الثوري مثل نفسه." كان سفيان رأسا في الزهد، والتأله، والخوف، رأسا في الحفظ، رأسا في معرفة الآثار، رأسا في الفقه، لا يخاف في الله لومة لائم, وهو من أئمة الدين، وكان يكثر من ذكر الآخرة, واغتفر له غير مسألة اجتهد فيها، وفيه تشيع يسير، كان يثلث بعلي، وهو على مذهب بلده أيضا في النبيذ. ويقال: رجع عن كل ذلك، وكان ينكر على الملوك، ولا يرى الخروج أصلا ومن أقوله رحمه الله: ما أودعت قلبي شيئا فخانني. قال وكيع، سمعت سفيان يقول: ليس الزهد بأكل الغليظ، ولبس الخشن، ولكنه قصر الأمل، وارتقاب الموت. وقال يحيى بن يمان: سمعت سفيان يقول: المال داء هذه الأمة، والعالم طبيب هذه الأمة، فإذا جر العالم الداء إلى نفسه، فمتى يبرئ الناس وقال عبد الرزاق: دعا الثوري بطعام ولحم، فأكله، ثم دعا بتمر وزبد، فأكله، ثم قام، وقال: أحسن إلى الزنجي، وكده. أبو هشام الرفاعي: سمعت يحيى بن يمان، عن سفيان، قال: إني لأرى الشيء يجب علي أن أتكلم فيه، فلا أفعل، فأبول دما. وقال سفيان: ما وضع رجل يده في قصعة رجل، إلا ذل له. قيل: إن عبد الصمد عم المنصور دخل على سفيان يعوده، فحول وجهه إلى الحائط، ولم يرد السلام. فقال عبد الصمد: يا سيف! أظن أبا عبد الله نائما. قال: أحسب ذاك أصلحك الله. فقال سفيان: لا تكذب، لست بنائم. فقال عبد الصمد: يا أبا عبد الله! لك حاجة؟ قال: نعم، ثلاث حوائج: لا تعود إلي ثانية، ولا تشهد جنازتي، ولا تترحم علي. فخجل عبد الصمد، وقام، فلما خرج، قال: والله لقد هممت أن لا أخرج، إلا ورأسه معي. دعاه المنصور لتولِّي القضاءِ فأبى، ثم طلَبَه المهدي لذلك, فأبى ثم أتي به للمهدي، فلما دخل عليه سلم تسليم العامة ولم يسلم بالخلافة، والربيع قائم على رأس المهدي متكئاً على سيفه يرقب أمر الثوري، فأقبل عليه المهدي بوجه طلق، وقال له: يا سفيان، تفر منا ها هنا وها هنا وتظن أنا لو أردناك بسوء لم نقدر عليك، فقد قدرنا عليك الآن، أفما تخشى أن نحكم فيك بهوانا قال سفيان: إن تحكم فيّ يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق والباطل، فقال له الربيع: يا أمير المؤمنين، ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا إيذن لي أن أضرب عنقه، فقال له المهدي: اسكت ويلك، وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم اكتبوا عهده على قضاء الكوفة على أن لا يُعترض عليه في حكم، فكتب عهده ودفع إليه، فأخذه وخرج فرمى به في دجلة وهرب، فطلب في كل بلد فلم يوجد. هرب إلى مكَّة أولًا، ثم خرج إلى البصرة وبقي فيها متواريًا حتى مات فيها", وأُخرِجَت جنازتُه على أهلِ البصرة فجأةً، فشَهِدَه الخلقُ، وصلَّى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر، ونزل في حُفرتِه هو وخالد بن الحارث. مات وله ثلاث وستون سنة.

العام الهجري : 13 العام الميلادي : 634
تفاصيل الحدث:

بعَث رُسْتُم جيشًا لِقِتالِ أبي عُبيدِ بن مَسعودٍ الثَّقفيِّ فالْتَقَى الطَّرفانِ في النَّمارِقِ بين الحِيرَةِ والقَادِسِيَّةِ، وكان على خَيلِ المسلمين المُثَنَّى بن حارِثةَ، فهزَم الفُرْسَ وهَربوا وساروا إلى كَسْكَر فلَحِقَهم  أبو عُبيدٍ  ثمَّ هزَمهم ثانيةً وفَرَّ الفُرْسُ إلى المدائنِ. وجمَع المسلمون الغَنائمَ مِن كَسْكَر، فرَأَوْا مِن الأَطعِمَة شيئًا عظيمًا، فاقْتَسموهُ وجعلوا يُطعِمونه الفلَّاحين، وبَعثوا بخُمُسِه إلى عُمرَ وكتبوا إليه: إنَّ الله أَطعمَنا مَطاعِم كانت الأكاسِرةُ يَحمونها، وأحببنا أن تَرَوْها، ولِتَذكروا إنعامَ الله وإفْضالَه.

العام الهجري : 182 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 798
تفاصيل الحدث:

هو أبو يوسُفَ يعقوبُ بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش بن سعد بن بجير بن معاوية الأنصاري، الكوفيُّ، وُلِدَ سنة ثلاث عشرة ومائة، لَزِمَ أبا حنيفةَ سبع عشرة سنةً وتتلمَذَ عليه، وكان يعَدُّ من أنبَلِ تلامذتِه وأنجَبِهم، وكان أبو حنيفةَ يتعاهَدُه ويُنفِقُ عليه، كان أميَلَ للمُحَدِّثينَ مِن أبي حنيفة ومِن مُحمَّد بن الحسَن، كان قاضيَ الآفاقِ، ووزيرَ الرَّشيدِ، وزميلَه في حَجِّه، وكان الرشيدُ يُجِلُّه كثيرًا، وقيل: إنَّه كان يحفَظُ التفسيرَ، ويحفَظُ المغازيَ، وأيَّامَ العربِ، واشتهر بالفِقهِ.

العام الهجري : 280 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 893
تفاصيل الحدث:

كان يَحيى بنُ الحُسَين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيلَ بنِ إبراهيم بن الحسن بن الحسَن بن علي بن أبي طالب، يقيمُ بالمدينة المنوَّرة، فجاءه وفٌد مِن اليمَنِ يدعوه للمُقامِ في بلادهم وأن يقومَ لهم بأمرِهم، فسافر إليهم في هذا العامِ، غيرَ أنَّه لم يجد ما كان يتوقَّعُه، فعاد للمدينةِ، فجاءه وفدٌ آخَرُ فاعتذر إليه ممَّا كان ووعدوه بالنَّصرِ فرجع إليهم، وأقام في صعدة، ثمَّ بدأت الدولةُ تتأسَّسُ وتَقوى، وكانت بينهم وبين بني يعفر حروبٌ على مدى السَّنَواتِ.

العام الهجري : 436 العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

قصَدَ نَفَرٌ مِن الإسماعيليَّةِ ما وراء النَّهرِ، ودعوا إلى طاعةِ المستنصِرِ بالله الفاطميِّ صاحبِ مِصرَ، فتَبِعَهم جمعٌ كثير وأظهروا مذاهِبَ أنكرها أهلُ تلك البلاد، وسَمِعَ ملكها بغراخان خبَرَهم، وأراد الإيقاعَ بهم، فخاف أن يسلَمَ منه بعضُ من أجابَهم من أهل تلك البلاد، فأظهر لبَعضِهم أنَّه يميلُ إليهم، ويريدُ الدخولَ في مذاهِبِهم، وأعلَمَهم ذلك، وأحضَرَهم مجالِسَه، ولم يزَلْ حتى عَلِمَ جميعَ مَن أجابهم إلى مَقالتِهم، فحينئذ قَتَل من بحضرتِه منهم، وكتَبَ إلى سائِرِ البلادِ بقَتلِ مَن فيها، ففُعِلَ بهم ما أمَرَ به، وسَلِمَت البلادُ منهم.