الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 6153 ). زمن البحث بالثانية ( 0.001 )

العام الهجري : 578 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

لَمَّا وصَلَ صَلاحُ الدين إلى دمشقَ مِن مصر أقام بها أيامًا يريحُ ويَستريح هو وجندُه، ثم سار إلى بلاد الفرنج في ربيع الأول، فقصد طبريَّةَ، فنزل بالقرب منها، وخيَّمَ في الأقحوانة من الأردن، وجاءت الفرنجُ بجموعِها فنزلت في طبريَّة، فسيَّرَ صلاح الدين فرخشاه إلى بيسان، فدخَلَها قهرًا، وغَنِمَ ما فيها، وقتل وسبى، وجحف الغورَ غارةً شعواءَ، فعَمَّ أهلَه قتلًا وأسرًا، وجاءت العرب فأغارت على جنين واللجون وتلك الولاية، حتى قاربوا مرج عكا، وسار الفرنجُ مِن طبرية، فنزلوا تحت جبل كوكب، فتقدم صلاحُ الدين إليهم، وأرسل العساكرَ عليهم يرمونهم بالنشاب، فلم يَبرَحوا، ولم يتحَرَّكوا للقتال، فأمَرَ ابني أخيه تقي الدين عمر وعز الدين فرخشاه، فحملا على الفرنجِ فيمن معهما، فقاتلوا قتالًا شديدًا، ثم إنَّ الفرنج انحازوا على حاميتهم، فنزلوا غفربلا، فلما رأى صلاح الدين ما قد أثخَنَ فيهم وفي بلادهم عاد عنهم إلى دمشق.

العام الهجري : 578 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

هو أبو العبَّاس أحمد بن أبي الحسن علي بن أبي العباس أحمد المعروف بالرفاعي، شيخُ الطائفةِ الأحمديَّة الرفاعية البطائحية الصوفيَّة المشهورة، كان أصلُه من العرب فسكن في البطائِحِ بقرية يقال لها: أم عبيدة، وانضم إليه خلقٌ عظيم من الفقراء، وأحسنوا الاعتقادَ فيه وتَبِعوه, حتى عُرِفوا بالطائفة الرفاعيَّة والبطائحية ويقال: إنَّه حَفِظَ التنبيه في الفقه على مذهب الشافعيِّ، قال الذهبي في العِبَر: وقد كَثُرَ الزغل في بعض أصحابه وتجدَّدَت لهم أحوال شيطانيَّة... وهذا ما لم يَعرِفْه الشيخُ ولا صُلَحاءُ أصحابِه، وذكر ابن خَلِّكان: "أنَّه قال: وليس للشيخ أحمد عَقِبٌ، وإنما النسل لأخيه وذريَّته يتوارثون المشيخة بتلك البلاد". مَرِضَ في آخر حياته حتى توفي يوم الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى. والطريقة الرفاعية من الطرُقِ الصوفيَّة المنتشرة في كثيرٍ مِن البلاد، وقد غَلَوا في الرفاعيِّ حتى استغاثوا به من دونِ الله، وزعموا أنَّ لهم أحوالًا وكرامات،كالدخول في النيران، والركوب على السِّباع، واللعب بالحيات، وما إلى ذلك مما يُدَجِّلونَ به على العوامِّ مِمَّا لم يُنزِلْ به الله سلطانًا.

العام الهجري : 578 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

أثناء حصارِ صلاح الدين الأيوبي الفرنجَ في بيروت أتاه الخبَرُ وهو عليها، أن البحر بمصرَ قد ألقى بطسة- السفينة الكبيرة- للفرنجِ فيها جمعٌ عظيم منهم إلى دمياط، وكانوا قد خرجوا لزيارة بيت المقدس، فأَسَر المسلمون من بها وغَرِقَ منهم الكثير, وكان عِدَّةُ الأسرى ألفًا وستمائة وستة وسبعين أسيرًا، فضُرِبَت بذلك البشائرُ.

العام الهجري : 578 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

سار صلاحُ الدين عن دمشق إلى بيروت، فنَهَب بلدها، وكان قد أمَرَ الأسطول المصري بالمجيءِ في البحر إليها، فساروا ونازَلوها، وأغاروا عليها وعلى بلدها، وسار صلاحُ الدين فوافاهم ونَهَب ما لم يصِل الأسطولُ إليه، وحصرها عدَّةَ أيام. وكان عازمًا على ملازمتِها إلى أن يفتَحَها.

العام الهجري : 579 العام الميلادي : 1183
تفاصيل الحدث:

سارت عصابةٌ كبيرة من الفرنج من نواحي الدارم إلى نواحي مصر ليُغيروا وينهبوا، فسَمِعَ بهم المسلمون، فخرجوا إليهم على طريقِ صدر وأيلة، فانتزح الفرنجُ من بين أيديهم فنزلوا بماءٍ يقال له العسيلة، وسبقوا المُسلمين إليه، فأتاهم المسلمون وهم عِطاشٌ قد أشرَفوا على الهلاك، فرأوا الفرنجَ قد ملكوا الماء، فأنشأ اللهُ سبحانه وتعالى بلُطفِه سحابةً عظيمةً فمُطِروا منها حتى رَوُوا، وكان الزَّمانُ قَيظًا، والحَرُّ شديدًا في بَرٍّ مُهلِك، فلما رأوا ذلك قَوِيَت نفوسهم، ووَثَقوا بنصر الله لهم، وقاتَلوا الفرنج، فنصرهم الله عليهم فقتلوهم، ولم يسلَمْ منهم إلَّا الشريدُ الفريدُ، وغَنِمَ المسلمون ما معهم من سلاح ودوابَّ، وعادوا منصورين قاهرين بفضل الله.

العام الهجري : 579 العام الميلادي : 1183
تفاصيل الحدث:

لَمَّا ملك صلاحُ الدين حلَب كان بقلعةِ حارم- وهي من أعمالِ حلب- أحَدُ المماليك النوريَّة، واسمه سرحك، وولَّاه عليها الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، فامتنع مِن تسليمها إلى صلاح الدين، فراسله صلاحُ الدين في التسليم، وقال له: اطلُبْ مِن الإقطاع ما أردت، ووعده الإحسانَ، فاشتَطَّ في الطلب، وتردَّدَت الرسلُ بينهما، فراسل الفرنجَ ليحتميَ بهم، فسَمِعَ مَن معه من الأجناد أنَّه يراسِلُ الفرنج، فخافوا أن يسَلِّمَها إليهم، فوَثَبوا عليه وقَبَضوه وحبسوه، وراسلوا صلاحَ الدين يَطلُبونَ منه الأمان والإنعام، فأجابهم إلى ما طلبوا، وسَلَّموا إليه الحصنَ، فرتب به دزدارًا: بعضَ خواصه، وأما باقي قلاعِ حلب، فإنَّ صلاح الدين أقرَّ عين تاب بيد صاحبها، وأقطع تَلَّ خالد لأميرٍ يقال له داروم الباروقي، وهو صاحِبُ تل باشر، وأمَّا قلعة إعزاز، فإنَّ عماد الدين إسماعيل كان قد خَربَها، فأقطعها صلاحُ الدين لأميرٍ يقال له دلدرم سلمان بن جندر، فعَمَرها. وأقام صلاحُ الدين بحلب إلى أن فرغ مِن تقرير قواعِدِها وأحوالِها ودِيوانِها، وأقطع أعمالَها، وأرسل منها فجمع العساكِرَ من جميع بلادِه.

العام الهجري : 579 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1183
تفاصيل الحدث:

نزل صلاحُ الدين بحرزم، تحت ماردين، فلم يَرَ لأخذها وجهًا، فسار عنها إلى آمد، على طريق البارعيَّة، وكان نور الدين محمد بن قرا أرسلان يطالبُه في كل وقتٍ بقَصدِها وأخْذِها وتَسلِيمها إليه، على ما استقَرَّت القاعدةُ بينهما، فوصل إلى آمد سابع عشر ذي الحجة سنة ثمان وسبعين ونازلها، وأقام يحاصِرُها، وقاتلهم صلاح الدين، ونصب المجانيقَ، وزحف إليها، وهي الغايةُ في الحصانة والمَنَعة، بها وبسورِها يُضرَبُ المثل، وابن نيسان على حالِه من الشُّحِّ بالمال، وتصَرُّفِه تصرُّفَ مَن ولَّت سعادته وأدبَرَت دولته، فلما رأى الناسُ ذلك منه تهاونوا بالقتال، وجَنَحوا إلى السلامة، وأمَرَ صلاح الدين أن يكتب على السِّهامِ إلى أهلِ البلد يَعِدُهم الخيرَ والإحسان إن أطاعوه، ويتهَدَّدُهم إن قاتلوه، فزادهم ذلك تقاعدًا وتخاذلًا، وأحبُّوا مُلكَه وتركوا القتال، فوصل النقَّابون إلى السور، فنَقَبوه وعَلِقوه- حازوه- فلما رأى الجندُ وأهلُ البلد ذلك، طمعوا في ابن نيسان واشتَطُّوا في المَطالَبِ، فحين صارت الحالُ كذلك أخرج ابن نيسان نساءَه إلى القاضي الفاضل، وزير صلاح الدين، يسألُه أن يأخُذَ له الأمان ولأهلِه وماله، وأن يؤخِّرَه ثلاثةَ أيام حتى ينقُلَ ما له بالبلدِ مِن الأموال والذخائر، فسعى له الفاضل في ذلك، فأجابه صلاحُ الدين إليه، فسَلَّمَ البلد في العشر الأُوَل من المحرم، فلما تسَلَّمَها صلاح الدين سلمها لنور الدين صاحِبِ الحصنِ.

العام الهجري : 579 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1183
تفاصيل الحدث:

لما فرغ صلاح الدين من أمر آمد سار إلى الشام، وقصَدَ تلَّ خالد، وهي من أعمالِ حلب، فحصرها ورماها بالمنجنيقِ، فنزل أهلُها وطلبوا الأمانَ فأمَّنَهم، ثم سار منها إلى عين تاب فحصرها وبها ناصر الدين محمد، وهو أخو الشيخ إسماعيل الذي كان خازنَ نور الدين محمود بن زنكي وصاحبَه، وكان قد سلَّمَها إليه نور الدين، فبَقِيَت معه إلى الآن. فلما نازله صلاح الدين أرسل إليه يطلُبُ أن يُقِرَّ الحِصنَ بيده ويَنزِلَ إلى خدمته ويكون تحت حُكمِه وطاعته، فأجابه صلاح الدين إلى ذلك، وحلَفَ له عليه، فنزل إليه، وسار في خدمتِه.

العام الهجري : 579 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1183
تفاصيل الحدث:

في العاشِرِ من المحرم، سار أسطولُ المسلمين مِن مِصرَ في البحر، فلقوا بُطسة- سفينة كبيرة- فيها نحو ثلاثمائة من الفرنج بالسلاح التام، ومعهم الأموالُ والسلاح متَّجهة إلى فرنج الساحل، فقاتلوهم، وصبَرَ الفريقان، وكان الظَّفَرُ للمسلمين، وأخذوا الفرنجَ أسرى، فقَتَلوا بعضهم وأبقَوا بعضَهم أسرى، وغَنِموا ما معهم وعادوا إلى مصرَ سالمين.

العام الهجري : 579 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1183
تفاصيل الحدث:

سار صَلاحُ الدين من عين تاب إلى حلب، فنزل عليها، في الميدان الأخضر، وأقام به عدَّة أيام، ثم انتقل إلى جبل جوشن فنزل بأعلاه، وأظهَرَ أنه يريد أن يبنيَ مساكِنَ له ولأصحابه وعساكِرِه، وأقام عليها أيامًا والقتالُ بين العسكرين كل َّيوم، وكان صاحِبُ حلب عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي، ومعه العسكرُ النوري، وهم مجِدُّون في القتال، فلما رأى كثرةَ الخرجِ، كأنَّه شَحَّ بالمال، فحضر يومًا عنده بعضُ أجناده، وطلبوا منه شيئًا، فاعتذر بقلة المال عنده، فقال له بعضُهم: من يريدُ أن يحفَظَ مثل حلَب يُخرِجُ الأموالَ، ولو باع حُلِيَّ نسائه، فمال حينئذٍ إلى تسليمِ حَلَب وأخْذِ العِوَض منها، وأرسل مع الأميرِ طمان الياروقي، وكان يميلُ إلى صلاح الدين وهواه معه، فلهذا أرسَلَه فقرر قاعدةَ الصُّلحِ على أن يُسَلِّمَ عماد الدين حَلَب إلى صلاح الدين ويأخذ عِوَضَها سنجار، ونصيبين، والخابور، والرقة وسروج، وأخَذَ عِوَضَها قرى ومزارع، فنزل عنها عشر صفر، وتسلَّمَها صلاح الدين.

العام الهجري : 579 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1183
تفاصيل الحدث:

لما فرغ صلاحُ الدين من أمرِ حَلَب جعل فيها ولده المَلِكَ الظاهِرَ غازي، وهو صبيٌّ، وجعَلَ معه الأميرَ سيف الدين يازكج، وكان أكبَرَ الأمراء الأسدية، وسار إلى دمشقَ، وتجهَّز للغزو، ومعه عساكِرُ الشام والجزيرة، وديار بكر، وسار إلى بلدِ الفرنج، فعبَرَ نهر الأردن تاسِعَ جمادى الآخرة، فرأى أهلَ تلك النواحي قد فارقوها خوفًا، فقصد بيسان فأحرقها وخَرَّبَها، وأغار على ما هناك، فاجتمَعَ الفرنج، وجاؤوا إلى قبالته، فحين رأوا كَثرةَ عساكِرِه لم يُقدِموا عليه، فأقام عليهم، وقد استندوا إلى جبلٍ هناك، وخندقوا عليهم، فأحاط بهم، وعساكِرُ الإسلام ترميهم بالسِّهامِ، وتُناوِشُهم القتال، فلم يخرُجوا وأقاموا كذلك خمسةَ أيام، وعاد المسلمون عنهم سابع عشر الشهر، لعَلَّ الفرنج يطمعون ويخرُجون، فيستدرجونَهم ليَبلُغوا منهم غرضًا، فلما رأى الفرنجُ ذلك لم يُطمِعوا أنفُسَهم في غيرِ السلامة، وأغار المسلمونَ على تلك الأعمال يمينًا وشمالًا، ووصَلوا إلى ما لم يكونوا يطمَعونَ في الوصول إليه والإقدامِ عليه، فلمَّا كَثُرَت الغنائمُ معهم رأوا العودَ إلى بلادِهم بما غَنِموا مع الظَّفَر أوَلى، فعادوا إلى بلادِهم على عزمِ الغَزوِ.

العام الهجري : 579 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1183
تفاصيل الحدث:

لَمَّا عاد صلاحُ الدينِ والمُسلِمونَ مِن غزوةِ بيسان تجَهَّزوا لغزو الكركِ، فسار إليه في العساكرِ، وكتبَ إلى أخيه العادِلِ أبي بكر بن أيوب، وهو نائبُه بمصر، يأمُرُه بالخروج بجميعِ العساكر إلى الكرك. فوصل صلاحُ الدين إلى الكرك، ووافاه أخوه العادِلُ في العَسكَرِ المصري، وكثُرَ جَمعُه، وتمكَّنَ مِن حصره، وصَعِد المسلمون إلى رَبضِه وملكه، وحصر الحِصنَ من الربض، وتحكَّم عليه في القتال، ونصب عليه سبعةَ مجانيق لا تزالُ ترمي بالحجارة ليلًا ونهارًا، وكان صلاحُ الدين يظُنُّ أن الفرنجَ لا يمكِّنونَه مِن حصر الكَركِ، وأنهم يبذُلونَ جُهدَهم في رَدِّه عنهم، فلم يستصحِبْ معه من آلاتِ الحصارِ ما يكفي لمثلِ ذلك الحِصنِ العظيمِ والمَعقِلِ المنيع، فرحَلَ عنه منتصف شعبان.

العام الهجري : 579 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1184
تفاصيل الحدث:

كان العادِلُ بن أيوب قد أرسل إلى أخيه صلاحِ الدين يطلُبُ منه مدينةَ حَلَب وقلعَتَها بعد أن مَلَكَها، فأجابه إلى ذلك، وأمَرَه أن يخرج معه بأهلِه وماله فالتقى به في الكرك، ثم سيَّر صلاح الدين ابن أخيه تقي الدين إلى مصرَ نائبًا عنه؛ ليتولى ما كان أخوه العادِلُ يتولاه، وبعد أن رحل صلاحُ الدين عن الكرك استصحب معه أخاه العادل إلى دمشق، وأعطاه مدينةَ حلب وقلعتها وأعمالها، ومدينة منبج وما يتعلَّقُ بها، وسيَّرَه إليها في شهر رمضان، وأحضَرَ ولده الظاهِرَ منها إلى دمشق.

العام الهجري : 580 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1184
تفاصيل الحدث:

فكَّ جَيشُ الموحِّدينَ بقيادة "أبي يعقوبَ يوسف" الحصارَ عن مدينة "شفترين" الأندلسيَّة التي وقَعَت في قبضةِ النصارى، وذلك بعد أن فَشِل الموحِّدون في اقتحام أسوارِ المدينة.

العام الهجري : 580 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1184
تفاصيل الحدث:

سار صلاح الدين من دمشق يريدُ الغزوَ، وجمَعَ عساكِرَه، فأتَته من كل ناحية، وأتاه نورُ الدين محمد بن قرا أرسلان، صاحِبُ الحصن. وكتب إلى مصرَ لِيُحضِرَ عَسكَرَها عنده على الكرك، فنازل الكركَ وحصره، وضَيَّقَ على من به، وأمَرَ بنصب المجانيق على ربضه، واشتَدَّ القتال، فملك المسلمون الربَضَ، وبقي الحصن، وهو الربضُ على سطحِ جَبَلٍ واحد، إلَّا أنَّ بينهما خندقًا عظيمًا فطَمُّوه بصعوبةٍ بالغة، وأرسَلَ مَن فيه من الفرنجِ إلى مَلِكِهم وفُرسانِهم يَستَمِدُّونَهم ويُعَرِّفونَهم عَجزَهم وضَعفَهم عن حِفظِ الحِصنِ، فاجتمعت الفرنجُ عن آخرها، وساروا إلى نجدتِهم عَجِلينَ، فلما بلغ الخبَرُ بمسيرهم إلى صلاح الدين رحَلَ عن الكرك إلى طُرُقِهم ليلقاهم ويُصافَّهم، ويعودَ بعد أن يهزِمَهم إلى الكرك، فقَرُبَ منهم وخَيَّم ونزل، ولم يمكِنْه الدنوُّ منهم لخشونةِ الأرض وصعوبةِ المَسلَك إليهم وضِيقِه، فأقام أيامًا ينتظِرُ خروجَهم من ذلك المكان ليتمَكَّنَ منهم، فلم يبرحوا منه خوفًا على نفوسِهم، فلما رأى ذلك رحل عنهم عدَّة فراسخ، وجعل بإزائِهم من يُعلِمُه بمسيرهم، فساروا ليلًا إلى الكَركِ، فلمَّا عَلِمَ صلاح الدين ذلك عَلِمَ أنَّه لا يتمكن حينئذٍ ولا يبلغُ غرَضَه، فسار إلى مدينةِ نابلس، ونهَبَ كُلَّ ما على طريقِه من البلاد، فلما وصَلَ إلى نابلس أحرَقَها وخَرَّبَها ونَهَبَها، وقَتَل فيها وأسَرَ وسَبى فأكثَرَ، وسار عنها إلى سبسطية، وبها جماعةُ أسرى من المسلمين، فاستنقَذَهم، ورحل إلى جينين فنهَبَها وخربها، وعاد إلى دمشق ونهب ما على طريقِه وخَرَّبه، وبث السرايا في طريقِه يمينًا وشمالًا يَغنَمونَ ويُخَرِّبون، حتى وصل إلى دمشقَ.