هو الشيخ الإمام العلامة الأوحد شيخ العصر حافظ الوقت شيخ المحدِّثين علم الناقدين عمدة المخرجين: أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر العراقي المصري الشافعي، شيخ الحديث بالديار المصرية، وُلِدَ بمصر سنة 725, وسمع الكثير ورحل في البلاد، حدَّث وأملى سنين كثيرة وأفاد وتكلم على العلل والإسناد ومعاني المتون وفقهها، فأجاد وصنف التصانيف التي اشتهرت، وخرج تخاريج رُوِيت وانتشرت. كان وَلِيَ قضاء المدينة النبوية، وعدة تداريس، وانتهت إليه رئاسة علم الحديث في زمانه، له مصنفات عديدة منها: ألفية العراقي المسماة بـ: التبصرة والتذكرة في علوم الحديث، والتقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح، وتقريب الأسانيد وترتيب المسانيد، ومحجة القرب إلى محبة العرب، والمغني عن حمل الأسفار في الأسفار (تخريج الإحياء)، وتخريج أحاديث مختصر المنهاج في أصول الفقه، وغيرها كثير. توفي بمصر في يوم الأربعاء ثامن شعبان.
استطاعت بريطانيا أن تثبِّت قَدَمَها في الخليج العربي عمومًا، بل أصبحت تَعُدُّ نفسَها وصيةً على الخليج، فأصبحت تتدخَّلُ أيضًا في حل النزاعات القائمة بين الولايات في الخليج العربي، فلمَّا حصلت مشاكِلُ بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين ثُويني حاكم مسقط، وهاجم أتباعُ الشيخ محمد بن عبد الوهاب مسقَطَ طلَبَ ثويني المدافِعَ والمعونات المالية من الإنجليز، خرجت السفن الإنجليزية من الهند إلى مسقط، وكان أتباعُ الشيخ في البريمي منطقتهم الاستراتيجية التي ينطلِقونَ منها في هجومِهم على حكومةِ مَسقَط، وكان البريطانيون قد استطاعوا تدميرَ الحِصنِ في عجمان، ولَمَّا توفي الإمام فيصل بن تركي في هذه الفترة قامت السفينةُ البريطانية هاي فلاير بقَصفِ ميناء الدَّمَّام وقَصَفَت القلعةَ، ولكِنَّ العملية باءت بالفشل عمومًا، وحاولت بريطانيا إثارةَ المشيخات العربية على أتباعِ الشيخ محمد، وخاصةً المقيم البريطاني الذي كان يُرغم حاكِمَ مسقط على استئنافِ الصراعِ معهم، وطلب مساعدةَ حاكِمِ البحرين لمسقط في محاصرةِ القطيف.
أسَّس الحزبَ الحُرَّ الدستوريَّ في تونس أنصارُ عبد العزيز الثعالبي أثناء اعتقال الفرنسيين له، وقد ساهم في نشأةِ الحزب جملةٌ من العوامل الداخلية والخارجية أدت إلى ظهوره، كان من بينها على مستوى عالميٍّ الإعلانُ عن مبادئ الرئيس الأمريكي وِلْسن، الداعية إلى تحرير الشعوب، وحَقِّها في تحرير مصيرها، بالإضافة إلى تنامي حركات التحرُّر في العالم، فلما أُطلِقَ سراح الثعالبي تولى رئاسةَ الحزب، وقد آزر الحزبَ مجموعةٌ من الوطنيين التونسيين، وكانوا من الطبقة المتمسِّكة بالثقافة العربية، والتي خشيت على تونس من نفوذ الثقافةِ الغربية، وعقد الحزب مؤتمرًا له في منزل الشيخ حمودة المنستيري بالمرسى برئاسة الشيخ عبد العزيز الثعالبي. وتقرر انتخابُ أحمد الصافي أمينًا عامًّا للحزب، وأحمد توفيق المدني أمينًا عامًّا مساعدًا للقلم العربي. وأعيد تنظيمُ الحزب، فكان أعضاء اللجنة التنفيذية يضمون 27 رجلًا. غير أنَّ حزب الدستور لم يلبث أن انهار تحت ضرباتِ الاستعمار الفرنسي ومؤامراتِه.
حربُ الاستنزاف تعبيرٌ أطلقه الرئيس جمال عبد الناصر على العمليَّات العسكرية التي كانت تدور بين القوَّات المصرية شَرقَ قناة السويس والقوات الإسرائيلية المحتلَّة لمنطقة سيناء عَقِبَ حربِ الأيام الستة (نكسة حزيران 67) والتي احتلَّت فيها إسرائيلُ الأرضَ العربيةَ في كلٍّ مِن الضَّفَّة الغربية، وقطاع غزة، وهضبة الجولان، وسيناء. وانتهت حربُ الاستنزاف بموافقة عبد الناصر على مبادرة وزير الخارجية الأمريكي روجرز لوقفِ إطلاق النار في 8 أغسطس 1970م. تضمَّنت حربُ الاستنزاف هجماتٍ مُتعدِّدةً ضِدَّ الاحتلال في سيناء وحتى في مناطِقَ خارجَ منطقة الصراع تمامًا، مثل عملية تفجير حفَّار إسرائيلي في المحيط الأطلنطي، ومن أهمِّ عمليات حرب الاستنزاف: عمليةُ ايلات التي تمَّ خلالها الهجومُ على ميناء أم الرشراش الذي أسمَتْه إسرائيل إيلات بعد احتلالِه؛ حيث تمَّ تلغيمُ الميناء، وقَتْلُ عددٍ مِن العسكريين، وإغراقُ بارجة إسرائيلية من قِبَل المصريين بالتعاون مع القوات الأردنية والعراقية ومنظمة التحرير الفلسطينية.
استولى أبو عنان فارس المتوكِّل المريني على تلمسان حاضرة بني عبد الواد، وذلك بعد معركةٍ جَرَت بينه وبين السلطانِ أبي سعيد عثمان الثاني سلطان بني زيان، وكان من نتائِجِ هذه المعركة أسْرُ أبي سعيد ثم قتله بعد ذلك، ثم استولى أبو عنان على بجاية أيضًا.
نشأت جمهوريةُ شمال القوقاز الجبلية الفيدرالية، وتتكوَّنُ مِن داغستان، والشيشان، وأنغوشيا، وأوسيتيا، وألانيا، وقبردينو، وأبخازيا، وبلقاريا، وأديغيا، وكانت عاصمتُها باطوم (جورجيا) واختير عبد المجيد تشيرموف أولَ رئيس لها، واعترف بهذه الدولة عددٌ من الدول الأوربية، والدولةُ العثمانية أيضًا.
وُضِعَ حَجَرُ الأساس لبناء السد العالي في أسوان، بحضور الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وكان الغرَضُ من بناء السد تخزينَ المياه، وموازنة الفيضانات المرتفعة والمنخفضة، وتوليد الكهرباء، وتحسين الملاحة بالنيل، وقد أُنجِزَت المرحلة الأولى في بناء السد سنة 1964م.
عندما تناهى المنصورُ بن أبي عامر في هذا الوقتِ على الاقتدار، والنَّصر على ملوك النصارى، سما إلى مدينة شنت ياقوب قاصية غلبسية، وأعظَمِ مَشاهِدِ النَّصارى الكائنةِ ببلاد الأندلُس وما يتَّصِلُ بها من الأرضِ الكبيرة. وكانت كَنيستُها عندهم بمنزلةِ الكَعبةِ عند المُسلِمينَ، فبِها يحلِفونَ وإليها يَحُجُّونَ مِن أقصى بلاد رومة وما وراءها، ويَزعُمونَ أنَّ القبر المزوَّرَ فيها قبر ياقوب أحد الحواريِّين الاثني عشر, ولم يطمَعْ أحدٌ من ملوك الإسلام في قَصْدِها قبل المنصور، ولا الوصول إليها؛ لصُعوبةِ مَدخَلِها وخشونةِ مكانِها، وبُعدِ شُقَّتِها, فخرج المنصورُ إليها من قرطبة غازيًا بالصائفة يومَ السبت لسِتٍّ بَقِينَ مِن جمادى الآخرة سنة 387، وهي غزوته الثامنة والأربعون- تجاوزت غزوات المنصورِ بنِ أبي عامر لنصارى الأندلُس أكثَرَ من خمسين غزوة مُدَّةَ حُكمِه نيِّفًا وعشرين سنة، انتصر فيها كلِّها- وكان المنصور قد أنشأ أُسطولًا كبيرًا في ساحل غرب الأندلس، وجهَّزه برِجالِه البَحريِّين وصنوف المترجِّلين، وحُمِلَت الأقواتُ والأطعِمةُ والعُدَد والأسلحة؛ استظهارًا على نفوذ العزيمة، إلى أن خرج بموضع برتقال على نهر دويره، فدخل في النهر إلى المكان الذي عَمِلَ المنصور على العبور منه، فعقد هناك من هذا الأسطول جسرًا بقرب الحصن الذي هناك، ووزع المنصور ما كان فيه من الميرة على الجُندِ، فتوسَّعوا في التزوُّدِ منه إلى أرض العدو, ثمَّ نهض يريد شنت ياقوب، فقطع أرضَينَ متباعدة الأقطار، وقطَعَ بالعبور عِدَّة أنهار كبار وخلجان يمدُّها البحر الأخضر, ثم أفضى إلى جبلٍ شامخ شديدِ الوعورة، لا مسلَكَ فيه ولا طريقَ، لم تهتَدِ الأدِلَّاء إلى سواه، فقَدَّمَ المنصورُ الفَعَلة بالحديد لِتَوسعةِ شِعابِه وتسهيلِ مَسالِكِه، فقطعه العسكَرُ وعبروا واديَ منية، وانبسط المسلمون بعد ذلك في بسائِطَ عريضة وأرضين أريضة، وانتهت مغيرتُهم إلى دير قسطان على البحر المحيط، وفتحوا حِصنَ شنت بلايه الذي استعصى على طارق بن زياد وموسى بن نُصير في حينِه؛ لحصانتِه، وغَنِموه، وعَبَروا سياخه إلى جزيرة من البحر المحيط لجأ إليها خلقٌ عظيم من أهل تلك النواحي، فسَبَوا مَن فيها ممَّن لجأ إليها، وانتهى العسكَرُ إلى جبل مراسية المتَّصِل من أكثَرِ جِهاتِه بالبحر المحيط، فتخَلَّلوا أقطارَه، واستخرجوا من كان فيه، وحازوا غنائِمَه, ثمَّ انتَهَوا إلى مدينة شنت ياقوب البائسة، وذلك يومَ الأربعاء للَيلتينِ خلتا من شعبان، فوجدها المسلمون خاليةً مِن أهلها، فحازوا غنائِمَها، وهَدَموا مصانِعَها وأسوارَها وكنيسَتَها، وعَفوا آثارَها, ووكل المنصورُ بقَبرِ ياقوب من يحفَظُه ويدفَعُ الأذى عنه، وكانت مصانِعُها بديعةً مُحكَمةً، فغودرت هشيمًا، كأنْ لم تغْنَ بالأمسِ، وانتشرت بعوثُه بعد ذلك سائر البسائط، وانتهت إلى جزيرةِ شنت مانكش مُنقطَعَ هذا الصِّقعِ على البحر المحيط، وهي غايةٌ لم يبلُغْها قبلهم مُسلِمٌ، ولا وَطِئَتها لغير أهلها قَدَمٌ، فلم يكُنْ بعدها للخَيلِ مجالٌ، ولا وراءها انتقال. وانكفأ المنصورُ عن باب شنت ياقوب، ولم يجِد المنصور بشنت ياقوب إلَّا شيخًا من الرَّهبان جالسًا على القبر، فسأله عن مقامِه، فقال: (أوانس يعقوب) فأمر المنصورُ بالكَفِّ عنه. قال الفتح من خاقان: "تمرس المنصور ببلاد الشِّركِ أعظَمَ تَمَرُّس، ومحا من طواغيتِها كُلَّ تَعَجرُف وتغَطرُس؛ وغادرهم صرعى البِقاع، وترَكَهم أذَلَّ مِن وَتدٍ بِقاع، ووالى على بلادهم الوقائع، وسَدَّد إلى أكبادهم سِهامَ الفجائع، وأغصَّ بالحِمام أرواحَهم، ونغَّصَ بتلك الآلامِ بُكورَهم ورَواحَهم ".
بعد مِلكِ الملك العادل ديارَ مِصرَ، وقَطعِه خطبة الملك المنصور ولد الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين الأيوبي، فلمَّا فعل ذلك لم يَرْضَه الأمراء المصريون، وخَبُثَت نيَّاتُهم في طاعته، فراسلوا أخوَيِ العزيزِ: الظاهر بحلب، والأفضل بصرخد، يدعونَها إلى قصد دمشقَ وحَصرِها ليخرُجَ المَلِكُ العادل إليهم، فإذا خرج إليهم من مِصرَ أسلموه، وصاروا معهما، فيَملِكانِ البلاد، وكَثُرَ ذلك حتى فشا الخبَرُ واتصل بالملك العادل، فأرسل العادِلُ إلى ولده الذي بدِمشقَ يأمُرُه بحصر الأفضَلِ بصرخد، وكتَبَ إلى إياس جركس وميمون القصري، صاحب بلبيس، وغيرهما من الناصريَّة، يأمُرُهم الاجتماعَ مع ولده على حَصرِ الأفضل، وسَمِعَ الأفضل الخبر، فسار إلى أخيه الظاهرِ بحَلَب مستهَلَّ جمادى الأولى، ووصل إلى حلب عاشر الشهرِ، وكان الظاهِرُ قد جمع عَسكَرَه وقصَدَ منبج فمَلَكَها للسادس والعشرين من رجب، وسار إلى قلعةِ نجم وحصرها، فتسَلَّمَها آخر رجب، أما ابنُ العادل المقيم بدمشق فإنَّه سار إلى بصرى، وأرسل إلى جركس ومن معه، وهم على بانياس يحصُرونَها، يدعوهم إليه، فلم يجيبوه إلى ذلك بل غالطوه، فلما طال مُقامُه على بصرى عاد إلى دمشقَ، واجتمع عند المَلِك الظافر خضر بن صلاح الدين، وأنزلوه من صرخد، وأرسلوا إلى الملك الظاهِرِ والأفضل يحثونَهما على الوصولِ إليهم، وساروا منها إلى حمص، ثم سارا منها إلى دمشق على طريق بعلبك، فنزلوا عليها عند مسجِدِ القدم، فلما نزلوا على دمشق أتاهم المماليكُ الناصريَّة مع الملك الظافر خضر بن صلاح الدين، وكانت القاعدةُ استقَرَّت بين الظاهر وأخيه الأفضَلِ أنَّهم إذا ملكوا دمشق تكون بيَدِ الأفضل، ويسيرونَ إلى مصرَ، فإذا مَلَكوها تسَلَّمَ الظاهِرُ دمشق، فيبقى الشامُ جميعه له، وتبقى مصر للأفضَلِ، وكان الملك العادل قد سار من مِصرَ إلى الشام، فنزل على مدينةِ نابلس وسيَّرَ جمعًا من العسكر إلى دمشق ليحفَظَها، فوصلوا قبل وصولِ الظاهرِ والأفضل، وحضر فخرُ الدين جركس وغيره من الناصريَّة عند الظاهر، وزحفوا إلى دمشقَ وقاتلوها رابع عشر ذي القعدة، واشتَدَّ القتال عليها، فعادوا وقد قَوِيَ الطمع في أخْذِها، ثمَّ زحفوا إليها مرَّةً ثانية وثالثة، فلم يبقَ إلَّا مِلكُها، فحسد الظاهِرُ أخاه الأفضَلَ، فأرسلَ إليه يقول له: تكون دمشق له وبيده، ويُسَيِّرُ العساكر معه إلى مصر، فقال له الأفضلُ: قد علمْتَ أنَّ والدتي وأهلي، وهم أهلُك أيضًا، على الأرضِ، ليس لهم مَوضِعٌ يأوون إليه، فأحسِبُ أنَّ هذا البلد لك تُعيرُناه ليسكُنَه أهلي هذه المدَّة إلى أن يَملِكَ مصر، فلم يجبْه الظاهر إلى ذلك، ولَجَّ، فلما رأى الأفضَلُ ذلك الحال قال للناصريَّة وكل من جاء إليهم من الجند: إن كنتم جئتُم إليَّ فقد أذِنْتُ لكم في العَودِ إلى العادل، وإن كنتم جئتُم إلى أخي الظاهرِ فأنتم وهو أخبَرُ، وكان الناس كلهم يريدون الأفضَل، فقالوا: ما نريدُ سواك، والعادِلُ أحبُّ إلينا من أخيك؛ فأذِنَ لهم في العود، فهَرَب فخر الدين جركس وزين الدين قراجة الذي أعطاه الأفضل صرخد، فمنهم من دخل دِمشقَ، ومنهم من عاد إلى إقطاعِه، فلما انفسخ الأمرُ عليهم عادوا إلى تجديدِ الصُّلحِ مع العادل، فتردَّدَت الرسلُ بينهم واستقَرَّ الصلح على أن يكون للظاهِرِ منبج، وأفامية وكفر طاب، وقرى معينة من المعرة، ويكون للأفضل سميساط، وسروج، ورأس عين، وحملين، ورحلوا عن دمشقَ أوَّلَ المحرَّم سنة ثمان وتسعين.
بعدَ أن هُزِمَ المسلمون أمامَ البَرْبَر وتَسَلَّط البِيزنطيُّون على قَرْطاجَنَّة بَقِيَ حَسَّان بن النُّعمان في قُصور حَسَّان حتَّى أتاهُ المَدَدُ مِن عبدِ الملك وأَمَرَهُ بالتَّحَرُّك، فتَحَرَّك حَسَّان إلى الكاهِنَة ومَن معها فتَقابَلوا في قابِس وتَغَلَّب عليها حَسَّان وتَمَّ سَيْرُه إلى باقي أنحاءِ أفريقيا.
هو المُنذِر بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم أبو الحكم المرواني. تملَّك بعد والِدِه. لَقِيَ مصرَعَه وهو أمام قلعةِ بربشتر محاصِرًا لعمر بن حفصون رأس الخارجينَ على سُلطانِ الدولة الأمويَّة بالأندلس، كانت ولايتُه سنةً واحدة وأحدَ عشَرَ شهرًا وعشرة أيَّام.
بدأت العملياتُ العسكريةُ لدَولةِ الدرعية ضِدَّ الأحساء على يدِ الأمير سعود بن عبد العزيز، وذلك ردًّا على العداءِ السَّافِرِ من بني خالد لدولةِ الدرعية، فسار الأميرُ سعود بقواتِه حتى وصل قرية العيون في الأحساءِ، فغَنِمَ جَيشُه غنائمَ كثيرةً، ثم قفل راجعًا إلى بلادِه.
أظهَرَ المُعِزُّ بنُ باديس صاحِبُ إفريقيَّةَ الدُّعاءَ للدَّولةِ العباسيَّة، وخطب للإمامِ القائِمِ بأمرِ الله، أميرِ المؤمنين، وورَدَت عليه الخِلَعُ والتقليدُ ببلادِ إفريقيَّةَ وجميعِ ما يفتَحُه، وأُرسِلَ إليه سيفٌ وفَرَسٌ وأعلامٌ على طريقِ القُسطَنْطينيَّة، فوصل ذلك يومَ الجمعة، فدُخِلَ به إلى الجامِعِ، والخطيبُ ابنُ الفاكاة على المنبر يخطُبُ الخُطبةَ الثانيةَ، فدخلت الأعلامُ، فقال: هذا لواءُ الحَمدِ يَجمَعُكم، وهذا مُعِزُّ الدينِ يَسمَعُكم، وأستَغفِرُ اللهَ لي ولكم، وقُطِعَت الخُطبةُ للعَلَويِّينَ من ذلك الوقتِ، وأُحرِقَت أعلامُهم.
وُلِدَ رحمه اللهُ في صنعاءَ القديمةِ سنة 1340هـ ـ الموافق 1921م، توفِّيَ والِدُه وهو في الرابعةِ مِن عُمُرِه، وكفَلَتْه والدتُه، درس على يدِ عَدَدٍ كبيرٍ مِن عُلَماءِ الزَّيديَّةِ وغيرِهم، وكان من أشهَرِ عُلَماءِ اليَمَنِ المعاصِرين، وكان قاضِيَ اليمن ومُفتِيَها لعدَّةِ عُقودٍ، درَّس وهو في سِنٍّ مُبكِّرةٍ لم يتجاوَزِ الخامسةَ والعشرينَ مِن عُمُرِه بعد أن أجازه عددٌ مِن مشايخِه، تأثَّر كثيرًا بالعلَّامةِ محمَّد علي الشوكاني. توفِّيَ رحمه الله وقد جاوز المائةَ مِن عُمُرِه.
هو عِمْرانُ بن حِطَّان بن ظَبْيان، السَّدُوسيُّ البَصريُّ، نَشَأ في البَصْرَة، حَدَّثَ عن عائِشَة، وأبي موسى الأشعريِّ، وابن عَبَّاس، ورَوَى عنه ابنُ سِيرين، وقَتادَة، ويحيى بن أبي كَثير. كان مِن أَهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة، فتَزَوَّج امْرأَةً مِن الخَوارِج حَسَنَةً جَميلةً جِدًّا فأَحَبَّها، وكان هو دَمِيمُ الشَّكْل، فأَرادَ أن يَرُدَّها إلى السُّنَّةِ فأَبَتْ، فَارْتَدَّ معها إلى مَذْهَبِها. وقد كان مِن الشُّعراء المُطْبِقِين، وهو القائِلُ في قَتْلِ عَلِيٍّ وقاتِلِه:
يا ضَرْبَةً مِن تَقِيٍّ ما أراد بها... إلَّا لِيَبْلُغَ مِن ذي العَرْشِ رِضْوانا
إنِّي لأَذْكُرُه يومًا فَأَحْسَبُه... أَوْفَى البَرِيَّةِ عندَ الله مِيزانا
أَكْرِم بِقَوْمٍ بُطون الطَّيْر قَبْرُهم... لم يَخْلِطُوا دِينهم بَغْيًا وعُدْوانا
وقد رَدَّ عليه بَعضُ العُلَماء في أَبياتِه المُتَقَدِّمة في قَتْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه بأبياتٍ على قافِيَتِها ووَزْنِها:
بَل ضَرْبَةً مِن شَقِيٍّ ما أراد بها... إلَّا لِيَبْلُغَ مِن ذي العَرْشِ خُسْرانا
إنِّي لأَذْكُرُه يومًا فأَحْسَبُه... أَشْقَى البَرِيَّةِ عندَ الله مِيزانا