الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2458 ). زمن البحث بالثانية ( 0.007 )

العام الهجري : 419 العام الميلادي : 1028
تفاصيل الحدث:

ثار الجُندُ الأتراكُ ببغداد على جَلالِ الدَّولة البُويهيِّ الشِّيعيِّ، وشَغَّبوا، وطالبوا الوزيرَ أبا علي بنَ ماكولا بما لهم من العلوفةِ والأدرار، ونَهَبوا دارَه ودُورَ كُتَّاب المَلِك وحواشيه، حتى المُغَنِّينَ والمُخَنَّثين، ونَهَبوا صياغاتٍ أخرَجَها جلالُ الدَّولة لتُضرَبَ دنانيرَ ودراهِمَ، وتُفَرَّق فيهم، وحَصَروا جلالَ الدَّولة في داره، ومَنَعوه الطَّعامَ والماءَ، حتى شَرِبَ أهلُه ماءَ البئر، وأكَلوا ثمرةَ البُستانِ، فسألهم أن يُمَكِّنوه من الانحدارِ، فاستأجروا له ولأهلِه وأثقالِه سُفُنًا، فجَعَل بين الدارِ والسُّفُن سُرادقًا لتجتازَ حَرَمُه فيه، لئلَّا يراهم العامَّةُ والأجنادُ، فقصَدَ بعضُ الأتراكِ السُّرادِقَ، فظَنَّ جلالُ الدَّولة أنَّهم يريدونَ الحَرَم، فصاح بهم يقولُ لهم: بلَغَ أمرُكم إلى الحَرَمِ! وتقَدَّم إليهم فصاح صِغارُ الغِلمانِ والعامَّة: جلالُ الدَّولة يا منصورُ، ونزل أحدُهم عن فَرَسِه وأركَبَه إيَّاه، وقَبَّلوا الأرضَ بين يَدَيه، فلمَّا رأى قُوَّادُ الأتراك ذلك هربوا إلى خيامِهم بالرَّملة، وخافوا على نُفوسِهم، وكان في الخِزانةِ سِلاحٌ كثيرٌ، فأعطاه جلالُ الدَّولة أصاغِرَ الغِلمانِ وجعَلَهم عنده، ثمَّ أرسل إلى الخليفةِ ليُصلِحَ الأمرَ مع أولئك القُوَّاد، فأرسَلَ إليهم الخليفةُ القادِرُ بالله، فأصلح بينهم وبين جلالِ الدَّولة، وحَلَفوا، فقَبَّلوا الأرضَ بينَ يَدَيه، ورَجَعوا إلى منازِلِهم، فلم يمضِ غيرُ أيَّامٍ حتى عادوا إلى الشَّغبِ، فباع جلالُ الدَّولةِ فُرُشَه وثيابَه وخِيَمَه وفَرَّقَ ثَمَنَه فيهم حتى سَكَنوا.

العام الهجري : 436 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّي المَلِكُ جلال الدَّولة، راسل الجندُ، الملكَ أبا كاليجار مرزبان بنَ سلطان الدَّولة البويهي وخَطَبوا له. فلمَّا استَقَرَّت القواعِدُ بينه وبينهم أرسل أموالًا فُرِّقَت على الجُندِ ببغداد، وعلى أولادهم، وأرسل عشرةَ آلاف دينار للخليفةِ ومعها هدايا كثيرة، فخطبَ به ببغداد في صفر، وخَطَب له أيضًا أبو الشوك في بلادِه، ودبيس بن مزيد ببلادِه، ونصر الدَّولة بن مروان بديار بكرٍ، ولَقَّبَه الخليفةُ محيي الدِّينِ، وسار إلى بغدادَ في مِئَة فارسٍ مِن أصحابه لئلَّا تخافَه الأتراكُ، فلمَّا وصل إلى النُّعمانية لَقِيَه دبيس بن مزيد، ودخل إلى بغدادَ في شهرِ رمضان. ومعه وزيرُه ذو السَّعادات أبو الفرج محمد بن جعفر بن محمد بن فسانجس، ووعده الخليفةُ القائِمُ بأمر الله أن يستقبِلَه، فاستعفى من ذلك، وأخرج عميدَ الدَّولة أبا سعدِ بن عبد الرحيم وأخاه كمالَ الملك وزيرَي جلال الدَّولة من بغداد، فمضى أبو سعدٍ إلى تكريت، وزُيِّنَت بغداد لقدومه، وأمَرَ فخُلِعَ على أصحاب الجيوش، وهم: البساسيري، والنشاوري، والهمام أبو اللقاء، وجرى من ولاةِ العَرضِ تقديمٌ لبعض الجند وتأخير، فشَغَّب بعضهم، وقتلوا واحدًا من ولاة العرضِ بمرأًى من الملك أبي كاليجار، فنزل في سميرية- نوع من السفن- بكنكور، وانحدر خوفًا من انخراقِ الهَيبةِ.

العام الهجري : 488 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1095
تفاصيل الحدث:

هو أَميرُ الجُيوشِ، الوَزيرُ الأَرمَنيُّ، بَدرُ بنُ عبدِ الله الجمالي، اشتَراهُ جَمالُ المُلْكِ بنُ عمَّارٍ الطَّرابلسيُّ، ورَبَّاهُ، فتَرَقَّت به الأَحوالُ إلى المُلْكِ. وَلِيَ نِيابَةَ دِمشقَ للمُستَنصِر الفاطميِّ سَنَةَ 455هـ، إلى أن هاجَ أَحداثُ دِمشقَ وشُطَّارُها سَنةَ 460هـ, فتَحَوَّل إلى مصر, وقِيلَ: لمَّا ضَعُفَ حالُ المُستَنصِر في مصر واختَلَّت دَولتُه وُصِفَ له بَدرٌ الجمالي، فاستَدعاهُ فرَكِبَ البَحرَ ووَصلَ القاهِرةَ عَشِيَّةَ يَومِ الأَربعاءِ للَيلَتَينِ بَقِيَتَا من جُمادَى الأُولى، فوَلَّاهُ المُستَنصِر تَدبيرَ أُمورِه، وقامَت بوُصولِه الحُرمَةُ وأَصلَحَ الدَّولةَ؛ وكان وَزيرَ السَّيْفِ والقَلَمِ، وإليه قَضاءُ القُضاةِ والتَّقَدُّمُ على الدُّعاةِ، وساس الأُمورَ أَحسَنَ سِياسَةٍ، ويُقال: إن وُصولَه كان أَوَّلَ سَعادَةِ المُستَنصِر، وكان يُلَقَّب: أَميرَ الجُيوشِ؛ وأَنشأَ بالإسكندريَّةِ جامِعَ العَطَّارِينَ، وكان بَدرٌ الجمالي بَطَلًا شُجاعًا مَهِيبًا، مِن رِجالِ العالَمِ، قَصَدَهُ عَلقمةُ العليميُّ الشاعِرُ، فعَجَزَ عن الدُّخولِ إليه، فوَقَفَ على طَريقِه، وفي رَأسِه رِيشُ نَعامٍ، ثم أَنشَدَهُ أَبياتًا وَقَعَت منه بمَوقِع، ووَقَفَ له، ثم أَمَرَ الحاشِيةَ أن يَخلَعوا عليه، وأَمَرَ له بعَشرةِ آلافٍ، فذَهَبَ بخِلَعٍ كَثيرَةٍ إلى الغايَةِ، وَهَبَ منها لِجَماعَةٍ من الشُّعَراءِ". مات بَدرٌ بمصر سَنةَ 488هـ وخَلَّفَ أَموالًا عَظيمَةً. وقام بَعدَه ابنُه الأَفضلُ المُلَقَّب أيضًا بأَميرِ الجُيوشِ, ولمَّا مَرِضَ واشتَدَّ مَرَضُه في شَهرِ رَبيعٍ الأَوَّل من سَنةِ 487هـ، وَزَرَ وَلدُه الأَفضلُ مَوضِعَه في حَياتِه، وقِيلَ: عاش بَدرٌ نَحوًا من ثمانين سَنَةً.

العام الهجري : 502 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1109
تفاصيل الحدث:

اصطلح عامةُ بغداد السُّنَّة والشيعة، وكان الشرُّ منهم على طول الزمان، وقد اجتهد الخلفاء والسلاطين والشُحن -المسؤولون عن ضبط الأمن- في إصلاح الحال، فتعذر عليهم ذلك إلى أن أذن الله تعالى فيه، وكان بغير واسطة، وكان السبب في ذلك أن السلطان محمدًا لما قَتَل ملك العرب صدقة خاف الشيعة ببغداد أهل الكرخ وغيرهم؛ لأن صدقة كان يتشيَّع هو وأهل بيته، فشنَّع أهل السُّنَّة عليهم بأنهم نالهم غمٌّ وهَمٌّ لقتله، فخاف الشيعة وأغضوا على سماع هذا، ولم يزالوا خائفين إلى شعبان، فلما دخل شعبان تجهَّز السُّنَّة لزيارة قبر مصعب بن الزبير، وكانوا قد تركوا ذلك سنين كثيرة، ومنعوا منه لِتُقطَعَ الفِتَنُ الحادثة بسببه، فلما تجهزوا للمسير اتفقوا على أن يجعلوا طريقهم في الكرخ، فأظهروا ذلك، فاتفق رأيُ أهل الكرخ على ترك معارضتهم، وأنهم لا يمنعونهم، فصارت السُّنة تسير أهل كل محلة منفردين، ومعهم من الزينة والسلاح شيءٌ كثير، وجاء أهل باب المراتب ومعهم فيل قد عُمِل من خشب، وعليه الرجال بالسلاح، وقصدوا جميعهم الكرخ ليعبروا فيه، فاستقبلهم أهله بالبخور والطيب، والماء المبرد، والسلاح الكثير، وأظهروا بهم السرور، وشيَّعوهم حتى خرجوا من المحلة، وخرج الشيعة ليلة النصف منه إلى مشهد موسى بن جعفر وغيره، فلم يعترضهم أحد من السُّنة، فعجب الناس لذلك، ولما عادوا من زيارة مصعب لقيهم أهل الكرخ بالفرح والسرور.

العام الهجري : 514 العام الميلادي : 1120
تفاصيل الحدث:

سار ابنُ تومرت بعد أن أخرجه أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين من مراكش، إلى أغمات, ثم لحق بالجبل، فسار فيه، حتى التحق بالسوس وتسامع به أهل تلك النواحي، فوفدوا عليه، وحضر أعيانُهم بين يديه، وجعل يَعِظُهم، ويذكِّرُهم بأيام الله، ويذكر لهم شرائع الإسلام، وما غيِّر منها، وما حدث من الظلم والفساد، وأنه لا يجب طاعة دولة من هذه الدول؛ لاتباعهم الباطل، بل الواجب قتالهم، ومَنْعُهم عما هم فيه، وسمَّى أتباعَه الموحدين، فانتهى خبره إلى أمير المسلمين ابن تاشفين، فجهز جيشًا من أصحابه وسيَّرهم إليه، فنزلوا من الجبل، ولقُوا جيش أمير المسلمين، فهزموهم، وأخذوا أسلابهم، وأقبلت إليه أفواج القبائل، من الحلل التي حوله شرقًا وغربًا، وبايعوه، وأطاعته قبيلة هنتانة، وهي من أقوى القبائل، فأقبل عليهم، واطمأن إليهم، وأتاه رسل أهل تينمليل بطاعتهم، وطلبوه إليهم، فتوجه إلى جبل تينمليل واستوطنه، وألَّف لهم كتابًا في التوحيد، وكتابًا في العقيدة، ونهج لهم طريق الأدب بعضهم مع بعض، والاقتصار على القصير من الثياب، القليل الثمن، وهو يحرضهم على قتال عدوهم، وإخراج الأشرار من بين أظهرهم، ثم إن أمير المسلمين أرسل إليهم جيشًا قويًّا، فحصروهم في الجبل، وضيقوا عليهم، ومنعوا عنهم الميرة، فقلَّت عند أصحاب ابن تورمت -الذي تلقَّب بالمهدي- الأقواتُ، فاجتمع أهل تينمليل، وأرادوا إصلاح الحال مع أمير المسلمين، فبلغ الخبر بذلك المهدي بن تومرت، ولم يزل أمر ابن تومرت يعلو إلى أن قُتِلَ سنة 524.

العام الهجري : 533 العام الميلادي : 1138
تفاصيل الحدث:

توجَّه عبدُ المؤمن لِمُلاقاةِ المرابطين، إلى جَبَل كرناطة، فنَزَل في أرضٍ صُلبة، بين شَجَر، ونزل تاشفين بنُ علي قُبالتَه، في الوطأةِ في أرضٍ لا نباتَ فيها، وكان الفَصلُ شاتيًا، فتوالت الأمطارُ أيامًا كثيرةً لا تُقلِعُ، فصارت الأرضُ التي فيها تاشفين وأصحابُه كثيرةَ الوحل، تسوخُ فيها قوائمُ الخيلِ إلى صُدورِها، ويَعجِزُ الرَّجُلُ عن المشيِ فيها، وتقَطَّعَت الطرقُ عنهم، فأوقدوا رماحَهم، وقرابيسَ سُروجِهم، وهلكوا جوعًا وبردًا وسوءَ حالٍ, وكان عبدُ المؤمن وأصحابُه في أرضٍ خَشنةٍ صُلبةٍ في الجَبَل، لا يبالونَ بشَيءٍ، والميرةُ مُتَّصِلةٌ إليهم، وفي ذلك الوقتِ سَيَّرَ عبدُ المؤمن جيشًا إلى وجرةَ مِن أعمالِ تلمسان، ومُقَدَّمُهم أبو عبد الله محمد بن رقو، فبلغ خبَرُهم إلى محمد بن يحيى بن فانوا، متولِّي تلمسان، فخرج في جيشٍ مِن الملثمين، فالتَقَوا بموضعٍ يُعرَفُ بخندق الخمر، فهَزَمَهم جيشُ عبد المؤمن، وقُتِلَ مُحمَّدُ بنُ يحيى وكثيرٌ من أصحابه، وغَنِموا ما معهم ورَجَعوا، فتوجَّهَ عبدُ المؤمن بجَميعِ جَيشِه إلى غمارة، فأطاعوه قبيلةً بعد قبيلةٍ، وأقام عندهم مُدَّةً. وما بَرِحَ يمشي في الجِبالِ، وتاشفين يُحاذيه في الصَّحاري، فلم يَزَل عبدُ المؤمن كذلك إلى سنةِ خَمس وثلاثين، فتوفِّيَ أميرُ المُسلِمينَ عليُّ بنُ يوسُفَ بمراكش ومَلَك بعدَه ابنُه تاشفين، فقَوِيَ طَمَعُ عبد المؤمن في البلاد، إلَّا أنَّه لم يَنزِل الصَّحراءَ.

العام الهجري : 548 العام الميلادي : 1153
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ الفِرنجُ بالشَّامِ مَدينةَ عَسقلان، وكانت مِن جُملةِ مَملكةِ الظَّافِرِ بالله الفاطميِّ المصريِّ، وكان الفِرنجُ كُلَّ سَنةٍ يَقصِدونَها ويَحصُرونَها، فلا يَجِدونَ إلى مِلْكِها سَبيلًا، وكان الوُزراء بمِصرَ لهم الحُكمُ في البلاد، والحُكَّامُ معهم اسمٌ لا معنى تحته، وكان الوزراءُ كُلَّ سَنَةٍ يُرسِلونَ إليها الذَّخائِرَ والأسلِحةَ والأموال والرِّجالَ مَن يَقومُ بحِفظِها، فلمَّا كان في هذه السَّنَةِ قُتِلَ ابنُ السلار الوزيرُ، واختَلَفَت الأهواءُ في مصر، وولِيَ عَبَّاس الوَزارةَ، إلى أن استَقَرَّت قاعدة، فاغتَنَم الفرنج اشتغالَهم عن عسقلان، فاجتَمَعوا وحَصَروها، فصَبَرَ أهلُها، وقاتَلوهم قِتالًا شديدًا، حتى إنَّهم بعضَ الأيامِ قاتلوا خارِجَ السُّورِ، ورَدُّوا الفِرنجَ إلى خيامِهم مَقهورينَ، وتَبِعَهم أهلُ البَلَدِ إليها فأَيِسَ حينئذ الفِرنجُ مِن مِلْكِها، فبينما الفِرنجُ على عَزمِ الرَّحيلِ إذ أتاهم الخبَرُ أنَّ خِلافًا قد وقع بين أهلِ عَسقلان، وقُتِلَ بينهم قتلى، فصبَرَ الفِرنجُ، وكان سَبَبُ هذا الاختلاف أنَّهم لَمَّا عادوا عن قِتالِ الفِرنجِ قاهرينَ مَنصورينَ، ادَّعَت كلُّ طائفةٍ منهم أن النُّصرةَ مِن جِهتِهم كانت، وأنَّهم هم الذين رَدُّوا الفِرنجَ خاسِرينَ، فعَظُمَ الخِصامُ بينهم إلى أن قُتِلَ مِن إحدى الطائفتَينِ قَتيلٌ، واشتَدَّ الخَطبُ حينئذ، وتفاقَمَ الشَّرُّ، ووقعت الحَربُ بينهم، فقُتِلَ بينهم قتلى، فزاد طَمَعُ الفِرنجِ في عَسقلان، فزَحَفوا إليها وقاتَلوهم عليها، فلم يَجِدوا مَن يَمنَعُهم فمَلَكَوها.

العام الهجري : 566 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1171
تفاصيل الحدث:

كان بمصر دار للشحنة تُسمَّى دار المعونة يُحبَسُ فيها من يريد حبسه، فهدمها صلاح الدين، وبناها مدرسة للشافعية، وأزال ما كان بها من الظُّلم، وبنى دار العدل مدرسة للشافعية أيضًا، وبنى مدرسة أخرى للمالكية، وعزل القضاة المصريين، وكانوا شيعةً، وأقام قاضيًا شافعيًا في مصر، وولَّى قضاء القضاة بها لصدر الدين عبد الملك بن درباس المارداني الشافعي، فاستناب في سائر المعاملات قُضاة شافعية، ومن حينئذ اشتهر مذهبُ الشافعي ومذهب مالك بديار مصر، وتظاهر الناس بهما، واختفى مذهب الشيعة من الإمامية الإسماعيلية. وبطل من حينئذ مجلسُ الدعوة بالجامع الأزهر وغيره، واشترى تقيُّ الدين عمر بن أخي صلاح الدين منازِلَ العز بمصر، وبناها مدرسة للشافعية، كما أبطل صلاحُ الدين الأذان بحيَّ على خير العمل، محمد وعلي خير البشر، فكانت أوَّل وصمة دخلت على الدولة الفاطميَّة، ثم أمر أن يُذكَرَ في الخطبة يوم الجمعة الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان ثم علي، ثم أمر أن يذكر العاضِدُ في الخطبة بكلام يحتمل التلبيسَ على الشيعة، فكان الخطيب يقول: اللهم أصلِحِ العاضد لدينِك، لا غيرُ، ثم أمر صلاح الدين بتغيير شعار الفاطميين، وأبطل ذِكرَ العاضد من الخطبة، وكان الخطيبُ يدعو للإمام أبي محمد، فتخالُه العامة والروافض العاضِدَ، وهو يريد أبا محمد الحسن المستضئ بأمر الله الخليفة العباسي! ثم أعلن بالعزم على إقامة الخطبة العباسيَّة.

العام الهجري : 573 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1177
تفاصيل الحدث:

حصَرَ الفرنجُ مدينةَ حماة، وسَبَبُ ذلك أنَّه وصل من البحرِ إلى الساحل الشامي كند- يعني قائد-  كبيرٌ من الفرنج من أكبر طواغيتِهم، فلما رأى أنَّ صلاح الدين قد عاد منهزمًا لمصرَ، اغتنم خلو البلاد؛ لأنَّ توران شاه بن أيوب كان بدمشق ينوبُ عن أخيه صلاح الدين ليس عنده كثيرٌ من العسكَرِ، وكان أيضًا كثيرَ الانهماك في اللذَّاتِ مائلًا إلى الرَّاحات، فجمع ذلك الكند الفرنجيُّ مَن بالشام من الفرنج، وفَرَّقَ فيهم الأموال، وسار إلى مدينةِ حماة فحصرها وبها صاحِبُها شهاب الدين محمد الحارمي ابنُ خال صلاح الدين، وهو مريضٌ شديدُ المرض، وكان طائفةٌ مِن العسكر الصلاحي بالقُربِ منها، فدخلوا إليها وأعانوا من بها، وقاتل الفرنجُ على البلد قتالًا شديدًا وهَجَموا بعض الأيام على طَرفٍ منه، وكادوا يملِكونَ البلد قهرًا وقَسرًا، فاجتمع أهلُ البلد مع العسكر إلى تلك الناحية واشتَدَّ القتال، وعَظُمَ الخطب على الفريقين، واستقتَلَ المسلمون وحامَوا عن الأنفُسِ والأهل والمال، فأخرجوا الفرنجَ من البلد إلى ظاهِرِه، ودام القتالُ ظاهِرَ البلد ليلًا ونهارًا، وقَوِيَت نفوس المسلمين حين أخرجوهم من البلد، وطَمِعوا فيهم وأكثَروا فيهم القتلَ، فرحل الفرنجُ حينئذ خائبينَ، وكفى الله المُسلمينَ شَرَّهم، وساروا إلى حارم فحَصَروها، وكان مقامُهم على حماة أربعة أيام، ولَمَّا رحل الفرنجُ عن حماة مات صاحِبُها شهاب الدينِ الحارمي.

العام الهجري : 589 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1193
تفاصيل الحدث:

هو أتابك أبو المظفر عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود بن زنكي بن آقسنقر التركي، صاحِبُ الموصل، وكان عزُّ الدين مُقَدَّم الجيوش في أيام أخيه سيف الدين غازي, وكان يزور الصالحينَ، وفيه حِلمٌ وحياءٌ ودينٌ وقيامُ ليل، وفيه عَدلٌ. ولما توفي أخوه سيف الدين استقَلَّ عز الدين بالمُلك من بعده، وعمل المصافَّ مع صلاح الدين على قرونِ حماة، فانكسر مسعودٌ سنة سبعين، ثم ورث حلب، أوصى له بها ابن عمه الصالح إسماعيل، فساق وطلع إلى القلعة، وتزوج بوالدة الصالح، فحاربه صلاحُ الدين، وحاصر الموصِلَ ثلاث مرات، ولَمَّا بلغ صلاح الدين أن مسعودًا راسل الفرنج يحثُّهم على حرب صلاح الدين، غضب وسار، فنازل حلب جمادى الأولى سنة ثمان، ثم ترحَّل بعد ثلاث، وجرت بينهما أمور، ثم تصالحا، وكان موتُهما متقاربًا, وتمكن حينئذ مسعود، واطمأن، إلى أن مات بعد صلاحِ الدين بأشهر بعلة الإسهالِ، فعاد إلى الموصل مريضًا، فبَقِيَ في مرضه إلى التاسع والعشرين من شعبان، فتوفي بالموصل، ودُفِنَ بالمدرسة التي أنشأها مقابِلَ دار الملكة، وقيل: إنه كان قد بقي ما يزيد على عشرة أيام لا يتكلم إلَّا بالشهادتين، وتلاوة القرآن، وإذا تكَلَّم بغيرها استغفَرَ الله، ثم عاد إلى ما كان عليه، فرُزِقَ خاتمة خَيِّرة، وقد خلَّفَه بعد موته أخوه نور الدين أرسلان شاه بن مسعود. مات عن ابنين: القاهر مسعود، والمنصور زنكي.

العام الهجري : 599 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1203
تفاصيل الحدث:

هو السلطان غياث الدين أبو الفتح محمد بن سام بن الحسين بن الحسن الغوري، صاحِبُ غزنة وبعض خراسان وفيروزكوه ولهاوور ودهلي من الهند. كان ملِكًا عادِلًا، وللمال باذِلًا، محسِنًا إلى رعيته، رؤوفًا بهم في حُكمِه وسياسته. قَرَّبَ العلماء، وأحَبَّ الفضلاء، كان غياثُ الدين مظفرًا منصورًا في حروبِه، لم تنهَزِمْ له رايةٌ قط، وكان قليلَ المباشرة للحروب، وإنما كان له دَهاءٌ ومَكرٌ، وكان جَوادًا، كثيرَ الصَّدَقاتِ والوقوفِ بخراسان؛ بنى المساجِدَ والمدارِسَ بخراسان لأصحابِ الشافعي، وبنى الخانكاهات في الطُّرُق، وأسقط المكوس، وكان رَحِمه الله، ينسَخُ المصاحف بخَطِّه ويَقِفُها في المدارس التي بناها، ولم يَظهَرْ منه تعصب على مذهب، ويقول: "التعصب في المذاهِبِ مِن المَلِك قَبيحٌ" إلَّا أنه كان شافعيَّ المذهب، فهو يميلُ إلى الشافعيةِ مِن غَيرِ أن يُطمِعَهم في غيرِهم، ولا أعطاهم ما ليس لهم، لم يتعرضْ لمالِ أحدٍ. وكان مَن مات بلا وارث تصَدَّق بما خَلَّفَه. وكان فيه فَضلٌ وأدب. امتدت أيامُه، وأسَنَّ ومَرِضَ بالنقرس مُدَّة. توفي في السابع والعشرين من جمادى الأولى، ودُفِنَ بتربة له إلى جانبِ جامع هراة, وأُخفِيَت وفاته، وكان أخوه شهاب الدين بطوس، عازمًا على قَصدِ خوارزم شاه، فأتاه الخبَرُ بوفاة أخيه، فسار إلى هراة، فلما وصل إليها جلَسَ للعزاء بأخيه في رجب، وأظهرت وفاته حينئذٍ، وخَلَّف غياث الدين من الولد ابنًا اسمُه محمود، لُقِّبَ بعد موت أبيه غياثَ الدين.

العام الهجري : 626 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1229
تفاصيل الحدث:

حصر جلال الدين خوارزم شاه مدينة خلاط، وهي للملك الأشرف، وبها عسكره، فامتنعوا بها، وأعانهم أهل البلد خوفًا من جلال الدين لسوء سيرته، وأسرفوا في الشتم والسفه، فأخذه اللجاج معهم، وأقام عليهم جميع الشتاء محاصرًا، وفرق كثيرًا من عساكره في القرى والبلاد القريبة من شدة البرد وكثرة الثلج؛ فإن خلاط من أشد البلاد بردًا وأكثرها ثلجًا، وأبان جلال الدين عن عزم قوي، وصبر تحارُ العقول منه، ونصب عليها عدةَ مجانيق، ولم يزل يرميها بالحجارة حتى خربت بعض سورها، فأعاد أهلُ البلد عمارته، ولم يزل مصابِرَهم وملازِمَهم إلى أواخر جمادى الأولى من سنة سبع وعشرين، فزحف إليها زحفًا متتابعًا، وملكها عَنوةً وقهرًا يوم الأحد الثامن والعشرين من جمادى الأولى، سلمها إليه بعض الأمراء غدرًا، فلما ملك البلد صعد من فيه من الأمراء إلى القلعة التي لها وامتنعوا بها، وهو مُنازِلهم، ووضع السيف في أهل البلد، وقتل من وجد به منهم، وكانوا قد قلوا، فإن بعضهم فارقوه خوفًا، وبعضهم خرج منه من شدة الجوع، وبعضهم مات من القلة وعدم القوت، وخرب عساكر جلال الدين خلاط، وأكثروا القتلَ فيها، ومن سلم هرب في البلاد، وسبوا الحريم، واسترقُّوا الأولادَ، وباعوا الجميعَ، فتمَزَّقوا كلَّ مُمزَّق، وتفَرَّقوا في البلاد، ونهبوا الأموال، وجرى على أهلِها ما لم يسمَعْ بمثله أحدٌ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

العام الهجري : 636 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1238
تفاصيل الحدث:

بلنسية مدينة شهيرة بالأندلس، تقع شرقيَّ مدينتي تدمير، وقرطبة، وتتَّصِلُ بزمام إقليم مدينة تدمير. وفي بلنسية تأسَّست مملكة إسلامية عام 401 (1010م) على يدِ اثنين من موالي المنصور بن عامر ووقعت بلنسية في القرون التالية تحت سيطرة حكام ملوك الطوائف. ثمَّ المرابطين، ثم الموحدين، إلى أن سقطت في أيدي الفرنجة سنة 636 (1238م) بعد سقوط قرطبة. وفي يوم الجمعة 27 صفر سنة 636 (9 أكتوبر 1238م) دخل خايمي ملك أراجون بلنسية ومعه زوجته وأكابر الأحبار والأشراف والفرسان، بعد أن قام بحصارِ مدينة بلنسية التي تعتبر كبرى قواعد شرقي الأندلس، فاستولى عليها الإفرنج الأسبان بعد هذا الحصارِ، وكان أميرُها أبو جميل زيان بن سعد بن مردنيش يرسِلُ إلى أبي زكريا يحيى الحفصي صاحبِ تونسَ وفدًا برئاسة كاتبه عبد الله بن الأبار القضاعي يستنجِدُه ويطلُبُ عَونَه، فلم تغن هذه الاستغاثة شيئًا، ويذكر أن البابا غريغوار التاسع قد أسبغ على هذا الاستيلاء صفةَ الحرب الصليبية، ورفع علم أراجون على المدينة المنكوبة، وحُوِّلت المساجد إلى كنائس، وطُمِسَت قبور المسلمين، وقضى المَلِك عدةَ أيام يقسم دور المدينة وأموالها بين رجاله وقادته ورجال الكنيسة, وهكذا سقطت بلنسية في أيدي نصارى الأسبان بعد أن حكَمَها المسلمون أكثر من 5 قرون.

العام الهجري : 684 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1285
تفاصيل الحدث:

هو الشاعر والناقد أبو الحسن حازم بن محمد بن حازم الأنصاري القرطاجني. ولد سنة 608هـ )1211م) في قرطاجنة وإليها نسب، ونشأ في أسرة ذات علم ودين، فأبوه كان فقيهًا عالِمًا، تولى والده قضاء قرطاجنة أكثر من أربعين عامًا، وقد عني بولده حازم فوجهه إلى طلب العلم مبكرًا. وبعد أن سقطت قرطاجنة ومرسية في أيدي القشتاليين للمرة الأولى سنة 640هـ (1243م) غادر عدد كبير من العلماء والأدباء الأندلس، ووجهوا شطرهم إما إلى بلاد المشرق الإسلامي أو إلى بلاد المغرب، وكان حازم القرطاجني ممن استقر به المقام في مراكش، والتحق بحاشية حاكم الموحدين أبي محمد عبد الواحد الملقب بالرشيد، وكان بلاطه عامرًا بالأدباء والشعراء، ثم ما لبث أن ترك مراكش إلى تونس، واتصل بسلطانها أبي زكريا الحفصي، فعرف له فَضلَه وعِلمَه، فقَرَّبه منه، وعيَّنه كاتبًا في ديوانه. ولما توفِّي أبو زكريا الحفصيُّ خلفه ابنه أبو عبد الله محمد المستنصر، وكان على شاكلة أبيه في احترامِ العلماء والأدباء وتقديرهم؛ ولهذا وجد حازم القرطاجني في ظِلِّ حُكمِه كل عناية وتقدير، وكان المستنصِرُ يثق به وبذوقه الأدبي، فكان يدفع إليه ببعض المؤلفات ليرى فيها رأيه ويقرر مستواها العلمي. وظل حازم القرطاجني في تونس ولم يغادرها، محاطًا بكل عناية من حكام الدولة الحفصية، موزعًا وقته بين العمل في الديوان وعقد حلقات العلم لتلاميذه، حتى تُوفِّي في ليلة السبت 24 من رمضان من هذه السنة.

العام الهجري : 717 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1318
تفاصيل الحدث:

ظهر في سابع عشر ذي القعدة رجلٌ من أهل قرية قرطياوس من أعمالِ جبلة بساحل الشامِ زَعَم أنه محمد بن الحسن المهديُّ، وأنَّه بينما هو قائِمٌ يَحرُث إذ جاءه طائرٌ أبيضُ فنَقَب جنْبَه وأخرج روحَه وأدخل في جَسَدِه روحَ محمد بن الحسن، فاجتمع عليه من النصيريَّة القائلين بإلهيَّةِ عليِّ بن أبي طالب نحو الخمسة آلاف، وأمرهم بالسجودِ له فسجدوا، وأباح لهم الخَمرَ وتَرْك الصلوات وصَرَّحَ بأن لا إله إلا عليّ ولا حجاب إلا محمد، ورفع الراياتِ الحُمرَ، وشمعة كبيرة توقَدُ بالنَّهارِ ويَحمِلُها شابٌّ أمرَدُ زعم أنه إبراهيم بن أدهم، وأنه أحياه، وسمَّى أخاه المقداد بن الأسود الكنديَّ، وسمى آخَرَ جبريل، وصار يقول له: اطلع إليه وقُلْ كذا وكذا، ويشيرُ إلى الباري سبحانه وتعالى، وهو بزَعمِه علي بن أبي طالب، فيخرج المسمَّى جبريل ويغيب قليلًا، ثم يأتي ويقول: افعَلْ رأيك، ثم جمعَ هذا الدعِيُّ أصحابَه وهجم على المسلمينَ بجَبَلة يوم الجمعة العشرين منه، فقَتَل وسبى وأعلن بكُفرِه، وسبَّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فجرَّدَ إليه نائب طرابلس الأميرُ شهاب الدين قرطاي الأميرَ بدر الدين بيليك العثماني المنصوري على ألفِ فارسٍ فقاتلهم إلى أن قُتِلَ الدعيُّ، وكانت مُدَّةُ خروجه إلى قَتلِه خمسةُ أيام، فتمزقت جماعةُ هذا الثائر بجَبَلة، وكان قد ادَّعى أنَّ دينَ النُّصيريَّة حَقٌّ، وأن الملائكة تَنصُرُه!