الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2316 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 580 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1184
تفاصيل الحدث:

سار صلاح الدين من دمشق يريدُ الغزوَ، وجمَعَ عساكِرَه، فأتَته من كل ناحية، وأتاه نورُ الدين محمد بن قرا أرسلان، صاحِبُ الحصن. وكتب إلى مصرَ لِيُحضِرَ عَسكَرَها عنده على الكرك، فنازل الكركَ وحصره، وضَيَّقَ على من به، وأمَرَ بنصب المجانيق على ربضه، واشتَدَّ القتال، فملك المسلمون الربَضَ، وبقي الحصن، وهو الربضُ على سطحِ جَبَلٍ واحد، إلَّا أنَّ بينهما خندقًا عظيمًا فطَمُّوه بصعوبةٍ بالغة، وأرسَلَ مَن فيه من الفرنجِ إلى مَلِكِهم وفُرسانِهم يَستَمِدُّونَهم ويُعَرِّفونَهم عَجزَهم وضَعفَهم عن حِفظِ الحِصنِ، فاجتمعت الفرنجُ عن آخرها، وساروا إلى نجدتِهم عَجِلينَ، فلما بلغ الخبَرُ بمسيرهم إلى صلاح الدين رحَلَ عن الكرك إلى طُرُقِهم ليلقاهم ويُصافَّهم، ويعودَ بعد أن يهزِمَهم إلى الكرك، فقَرُبَ منهم وخَيَّم ونزل، ولم يمكِنْه الدنوُّ منهم لخشونةِ الأرض وصعوبةِ المَسلَك إليهم وضِيقِه، فأقام أيامًا ينتظِرُ خروجَهم من ذلك المكان ليتمَكَّنَ منهم، فلم يبرحوا منه خوفًا على نفوسِهم، فلما رأى ذلك رحل عنهم عدَّة فراسخ، وجعل بإزائِهم من يُعلِمُه بمسيرهم، فساروا ليلًا إلى الكَركِ، فلمَّا عَلِمَ صلاح الدين ذلك عَلِمَ أنَّه لا يتمكن حينئذٍ ولا يبلغُ غرَضَه، فسار إلى مدينةِ نابلس، ونهَبَ كُلَّ ما على طريقِه من البلاد، فلما وصَلَ إلى نابلس أحرَقَها وخَرَّبَها ونَهَبَها، وقَتَل فيها وأسَرَ وسَبى فأكثَرَ، وسار عنها إلى سبسطية، وبها جماعةُ أسرى من المسلمين، فاستنقَذَهم، ورحل إلى جينين فنهَبَها وخربها، وعاد إلى دمشق ونهب ما على طريقِه وخَرَّبه، وبث السرايا في طريقِه يمينًا وشمالًا يَغنَمونَ ويُخَرِّبون، حتى وصل إلى دمشقَ.

العام الهجري : 584 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1188
تفاصيل الحدث:

لَمَّا فَرَغ صلاحُ الدين مِن أمْرِ اللاذقيَّة في السابع والعشرين من جمادى الأولى، قصد قلعة صهيون، وهي قلعة منيعةٌ شاهقة في الهواء، صعبةُ المرتقى، على قرنة جبل، يُطيفُ بها وادٍ عَميقٌ، فيه ضِيقٌ في بعضِ المواضع، فنزل صلاحُ الدين على هذا الجبَلِ الملتصق بها، ونَصَب عليه المجانيقَ ورماها، وتقَدَّم إلى ولَدِه الظاهر، صاحِبِ حلب، فنزل على المكانِ الضَّيقِّ من الوادي، ونصَبَ عليه المجانيق أيضًا، فرمى الحصنَ منه، ودام رشقُ السهام فجُرِحَ أكثَرُ مَن بالحصن، وهم يُظهِرونَ التجَلُّدَ والامتناع، وزحف المسلمونَ إليهم ثاني جمادى الآخرة، فتعَلَّقوا بقرنة من ذلك الجبل قد أغفل الفرنجُ إحكامَها، فتسلقوا منها بين الصُّخورِ، حتى التحقوا بالسُّورِ الأول فقاتلوهم عليه حتى مَلَكوه، ثم إنَّهم قاتلوهم على باقي الأسوار فمَلَكوا منها ثلاثةً وغَنِموا ما فيها من أبقارٍ ودوابَّ وذخائِرَ وغيرِ ذلك، واحتمى الفرنجُ بالقلَّة التي للقلعة، فقاتلهم المسلمونَ عليها، فنادَوا وطَلبوا الأمان، فلم يجِبْهم صلاح الدين إليه، فقَرَّروا على أنفسِهم مثل قطيعة بيت المقدس، وتسَلَّمَ الحِصنَ وسَلَّمَه إلى أمير يقال له ناصر الدين منكوبرس، صاحِبِ قلعة أبي قبيس، فحَصَّنَه وجعله من أحصَنِ الحصون. ولَمَّا ملك المسلمون صهيون تفَرَّقوا في تلك النواحي، فملكوا حِصنَ بلاطنوس، وكان مَن به من الفرنج قد هربوا منه وتركوه خوفًا ورعبًا. وملك أيضًا حِصنَ العيدو، وحصن الجماهرتين، فاتسعت المملكةُ الإسلاميَّةُ بتلك الناحية، إلا أن الطريق إليها من البلاد الإسلاميَّة على عقبة قلعة بكسرائيل شاقٌّ شديدٌ؛ لأن الطريقَ السهلة كانت غير مسلوكةٍ، لأن بعضَها بيد الإسماعيليَّة، وبعضَها بيد الفرنجِ.

العام الهجري : 592 العام الميلادي : 1195
تفاصيل الحدث:

تبدأُ قِصَّةُ بناء مسجد الكتيبة منذ الأيامِ الأولى لانتصارِ الموحِّدين على المرابطين؛ فقد أبى كثيرٌ من الموحِّدين دخولَ البلدة أو الاستقرار فيها؛ لأنهم كانوا يسمعون مُؤَسِّسَ دولتهم المهدي (ابن تومرت) يقول لهم دائمًا: لا تدخلوا مراكش حتى تُطَهِّروها، ولما التمسوا معنى تطهيرِها لدى فقهائِهم أجابوهم أنَّ مساجد مراكش فيها انحرافٌ قليلٌ في القبلة عن الجهةِ الصَّحيحةِ، فعليكم أن تبنوا مسجِدًا دقيق الاتجاه، صحيحَ القبلة فيها. وهكذا قام عبدُ المؤمن بن علي أمير الموحِّدين بهدم مسجدِ قَصرِ الحجر ذي القبلة الخطأ، وهدم الجامِعَ الذي كان قد بناه علي بن يوسف أميرُ المرابطين بأدنى المدينة، ثم شرع في بناءِ جامعٍ عظيم مكانه. أُطلِقَ على هذا الجامِع اسمُ جامع الكتيبة الذي ابتدأ بناؤه سنة 548 ويعتبر واحدًا من ثلاثة آثار معمارية كبرى في دولة الموحِّدين، وهذه الآثار هي: رباط تازا، وجامع تيمنلل، وجامع الكتيبة. ويذهَبُ بعض الباحثين إلى أنَّ الموحِّدينَ وَقَعوا أوَّلَ الأمرِ رَغمَ حِرصِهم في نفس خطأ المرابطين؛ حيث لم يُصَوِّبوا مسجِدَهم الجديد نحو القبلة بالدقة التي كانوا يرجونَها؛ مِمَّا حمَلهم على بناءِ جامعٍ آخَرَ إلى جواره صحيحِ المحراب دقيق الاتجاه؛ ولهذا فجامع الكتيبة أنشئَ في ظن هؤلاء مرَّتين لا مرة واحدة.. وما تزال آثارُ الجامع الأول ظاهرة، وارتفاعُ المنارة إلى أعلى يصل إلى 67.5 مترًا، أي: ما يوازي عمارةً مِن عشرين طابقًا. وجُدرانُها مَطليَّة كُلُّها بالجصِّ الأبيض المائِلِ إلى الأصفر.

العام الهجري : 598 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1202
تفاصيل الحدث:

هو المعزُّ إسماعيلُ بنُ سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين بن نجم الدين أيوب. وسَبَبُ قتله قِلَّةُ عَقلِه، وما كان ادَّعاه من الدعاوى الكاذبة بعد تملُّكِه اليمن بعد أبيه. جَرَت له بها حروبٌ، منها: أنه خرج عليه الشريفُ عبد الله بن عبد الله الحسنى، وضرب معه مصافًّا، فانكسر الشريف, ثم خرج عليه مِن مماليك أبيه نحو ثمانمائة مملوك، وحاربوه، واعتصموا بصنعاء، فكَسَرهم، وأخذها منهم, ثم ادَّعى بعد ذلك الخلافة، وانتسب إلى بنى أميَّة، وجعل شعاره الخُضرةَ، وقطع خُطبةَ بنى العباس، وخطب لنفسه بالخلافةِ على منابر اليمن، وخطب بنَفسِه على المنبر يوم الجمعة.
وادَّعى الربوبيَّة، وأمَرَ كاتِبَه أن يكتُبَ: «من مقر الإلهية»، ثم نهى عن ذلك، خوفًا من القَتلِ، ولما بلغ عمَّه الملكَ العادِلَ دعواه النسبَ إلى بنى أمية، أنكره وساءه فِعلُه، وجحد أن يكونَ لبنى أيوب نَسَبٌ يتصل ببنى أمية, وخافته مماليكُ أبيه لهَوجِه وسَفَهه، ففارقوه وتحَزَّبوا عليه وحاربوه، ووافقهم على ذلك جماعةٌ مِن أمراء الأكراد، فاتفقوا كلُّهم على قتله، وضربوا معه مصافًّا، فكسروه وقتلوه، ونَصَبوا رأسَه على رمحٍ، وداروا به ببلادِ اليمن، ونهبوا زبيدَ تسعة أيامٍ, وكان له أخٌ صغير يلقَّب بالملك الناصر، فجعلوا له اسم السَّلطنة، ورُتِّبَ له سيف الدين سنقر كان مملوكًا لوالده, ثم اضطربت الأمور على سيف الدين سنقر، وتحزَّبَت عليه العساكر وقاتلوه، وجرَت بينهم حروب كثيرة، انتصر في آخِرِها وقتل جماعةً من الأكراد والأتراك، وحَبَس جماعة، وصَفَت له اليمنُ. ثم مات بعد أربع سنين.

العام الهجري : 675 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1277
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر الأمير المستنصر بن الأمير أبي زكرياء الهنتاتي البربري، الموحدي، ولي أبوه يحيى مدة ومات سنة 647 وهما بربريان من أتباع دولة الموحدين صاحبا تونس وأجل ملوكِ الغرب في زمانهما، كان جدُّه الشيخ الهنتاتي من العشرة خواص ابن تومرت، وكان محمد ملكًا مدبِّرًا شجاعًا، عاليَ الهمة، سائسًا، متحيلًا على بلوغ مقاصده، مقتحمًا للأخطار، كريمًا جوادًا، ذا غرام بالعمارات واللذات، تُزَفُّ إليه كلَّ ليلة جارية، وكان وليَّ عهد أبيه واتفق موت أبيه وهو غائبٌ عن تونس، يعني أبا عبد الله، فساق إليها على بغل في خمسة أيام ومات البغلُ وأسرع خوفًا مِن عَمَّيه، ثم لما تمكَّن قَتَلَ عمَّيه وأنفق في العرب الأموالَ واستخدمهم. أباد جماعة من الخوارج ظفر بجماعةٍ مِن أعيانهم وسجَنَهم، ثم أهلكَهم ببناء قبة عمل أساسها من ملحٍ وحبسهم بها، ثم أرسل الماء على أساسِها، فانردمت عليهم, وكانت أسلحةُ الجيش كلُّها في خزائنه، فإذا وقع أمرٌ أخرَجَها وفَرَّقَها عليهم وإذا فرغ من الحَربِ أعادها إلى الخزائن. ولم يكن لجنده إقطاع، بل يجمَعُ ارتفاع البلاد، فيأخذ لنفسِه الربعَ والثمُنَ ويُنفِقُ ما بقي فيهم في كلِّ عام أربع نفقات، توفي في أواخر هذه السنة وسَبَبُ موته أنه خرج إلى الصيد وحصل له من كثرةِ الحركة انزعاج وتغير مزاج، وزاد به الألم، فعاد إلى المدينة وهو ضعيف، فبقي على ذلك مدة أيام إلى أن توفي، وله من العمر اثنان وخمسون سنة.

العام الهجري : 681 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1282
تفاصيل الحدث:

قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خَلِّكان البرمكي الأربلي الشافعي، ولد بإربل سنة 608, وكان فاضلًا بارعًا متفننًا كريمًا جوادًا ممدوحًا فيه ستر وحِلمٌ وعفو، وعارفًا بالمذهب حسن الفتاوى جيد القريحة بصيرًا بالعربية علَّامة في الأدب والشعر وأيام الناس، كثيرَ الاطلاع حلو المذاكرة وافِرَ الحرمة، فيه رياسة كبيرة، قدم الشام في شبيبته, ودخل مصرَ وسكنها مدَّةً وتأهل بها وناب بها في القضاءِ عن القاضي بدر الدين السنجاري، ثم قدم الشام على القضاء في ذي الحجة سنة تسع وخمسين منفردًا بالأمر ثم أقيم معه في القضاء ثلاثة قضاة, ثم عزل عن القضاء سنة تسع وستين بالقاضي عز الدين بن الصائغ، ثم عزل ابن الصائغ بعد سبع سنين به، وقد كان المنصب بينه وبين ابن الصائغ دولًا يُعزل هذا تارة ويولى هذا، ويُعزَلُ هذا ويولى هذا، وابن خلكان هو أوَّلُ من جدد في أيامه قضاءَ القضاة من سائر المذاهب، فاشتغلوا بالأحكامِ بعد ما كانوا نوابًا له، وقد درَّس ابن خلكان في عدة مدارس لم تجتمع لغيره، ولم يبقَ معه في آخر وقت سوى الأمينية، وبيَدِ ابنه كمال الدين موسى النجيبية، توفي ابن خلكان بالمدرسة النجيبية في إيوانها يوم السبت آخر النهار، في السادس والعشرين من رجب، ودفن من الغد بسفح قاسيون عن ثلاث وسبعين سنة، له مصنفات أشهرها وفيات الأعيان وقد اشتهر كثيرًا وأنباء أبناء الزمان فيه أكثر من ثمانمائة ترجمة, وله مجاميع أدبية.

العام الهجري : 744 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1343
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ الإمامُ العلَّامة الناقِدُ في فنون العلوم: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ عماد الدين أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، من تلاميذ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ. كان مولِدُه في رجب سنة 705. توفي ولم يبلغِ الأربعين، وكان قد حَصَّل من العلومِ ما لا يَبلُغُه الشُّيوخُ الكبار، وتفَنَّنَ في الحديث والنحو والتصريف والفقه والتفسير والأصلين، والتاريخ والقراءات، وله مجاميعُ وتعاليقُ مُفيدة كثيرة, وكان حافِظًا جيِّدًا لأسماءِ الرجال وطُرُقِ الحديث، عارفًا بالجَرحِ والتعديل، بصيرًا بعِلَلِ الحديث، حَسَن الفَهمِ له، جَيِّد المذاكرة، صَحيحَ الذِّهنِ مُستقيمًا على طريقةِ السَّلَفِ، واتِّباع الكِتابِ والسنَّة، مثابرًا على فِعلِ الخيرات، ومن مصنَّفاته كتاب العلل، وهو مؤلِّفُ كِتاب العقود الدريَّة في مناقب شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّة، وله كتاب قواعد أصول الفقه، وفضائل الشام، والأحكام في الفقه، وغيرها كثير, وكان قد مَرِضَ قريبًا من ثلاثة أشهر بقُرحة وحُمَّى سُل، ثم تفاقم أمرُه وأفرط به إسهالٌ، وتزايد ضَعفُه إلى أن توفِّيَ يوم الأربعاء عاشرَ جمادى الأولى قبل أذانِ العصر، وكان آخِرَ كلامِه أنْ قال: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رَسولُ الله، اللهُمَّ اجعَلْني من التوَّابينَ واجعَلْني من المتطَهِّرينَ، فصُلِّيَ عليه يومَ الخميس بالجامِعِ المظفري وحضر جنازتَه قُضاةُ البلد وأعيانُ الناس من العلماء والأمراء والتجَّار والعامة، وكانت جنازتُه حافلةً، ودُفِن بالروضة.

العام الهجري : 757 العام الميلادي : 1356
تفاصيل الحدث:

هو تاجُ الدين الشيخُ حسن بزرك بن حسين بن أقبغا بن أيلكان التتري، سِبطُ أرغون بن أبغا بن هولاكو بن طولون بن جنكيزخان ملك التتار صاحب " الياسق " والأحكام التركية، وهو والِدُ أويس، وكان يقال له حسن الكبير؛ تمييزًا له عن حسن بن تمرتاش, وهو أوَّلُ حُكَّام آل جلائر, كان حَسَنٌ الكبير زوجَ خاتون بغداد بنت الجوبان، فلم يزل بوسعيد إلى أن طلقها وأخذها منه قهرًا وأبعده، فلما مات بوسعيد عاد فمَلَك بغداد وأقام بها وجرت له مع التتارِ حروبٌ كثيرة ومع أولاد تمرتاش النصر فيها, ووقع في ولايته على بغداد الغلاءُ المفرط حتى بيع الخبزُ بصنج الدراهم، ونزح الناس عن بغداد، وقام هو بالمُلكِ أحسَنَ قيامٍ، ونشر العدل إلى أن تراجعَ الناس إليها، ولما كان في سنة 749 توجَّهَ إلى تُستَر ليأخُذَ من أهلها قطيعةً قَرَّرها عليهم فأخذها وعاد فوجد نوَّابه في بغداد قد وجدوا في رواق الغزر ببغداد ثلاثة قدورٍ مثل قدور الهريسة طول كل جبٍّ منها نحو ذراعين ونصف، والثلاثة مملوءة ذهبًا مِصريًّا وصوريا ويوسيفا وفي بعض سكة الناصر البغدادي، فيقال: جاء وزن ذلك أربعين قنطارًا بالبغدادي، ومات الشيخ حسن في سنة 757 وكان سياسيًّا وحكيمًا، فلم يُعلِنْ نَفسَه سلطانًا في العراق بل أعلن ولاءه لسلطان المماليك في مصر؛ لِيَضمَنَ حمايتَهم له من أي عدوان قد يتعرض له من المغول المجاورين لدولته من جهة الشرق، وكانت مدته سبع عشرة سنة، ثم قام بالأمر بعده ابنُه أويس بهادر خان خلفًا له.

العام الهجري : 981 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1574
تفاصيل الحدث:

هو السلطان أبو محمد عبد الله الغالب بالله، ابن السلطان محمد الشيخ السعدي أمير السعديين في المغرب، ولِدَ بتارودانت سنة 933، وانتقل إلى فاس، فبويع له فيها يومَ ورد النبأ من تارودانت بأنَّ الترك اغتالوا أباه آخر سنة 964, وأتته بيعةُ مراكش في أول سنة 965 واستوثق له الأمر, وبعد أربعة أشهر من ولايته أقبل من تلمسان جيشٌ من الترك بقيادة حسن بن خير الدين بربروسا، فقاتله الغالب باللَّه بالقربِ من فاس وهزمه, وأرسل جيشًا سنة 969 لانتزاع البريجة من أيدي البرتغاليين، لكنه لم يتمكَّن من فتحها, وبنى مارستانًا بمراكش وجامعًا, وعُنِي بترقية الزراعة والصناعة, وكان الغالب بالله قد بذل وعودًا لدعم الثوَّار البورشارات من مسلمي الأندلس، لكنَّه خذلهم. بعد وفاة الغالب بالله قام بعده ابنه أبو عبد الله محمد الثاني المتوكل على الله خلفًا لأبيه، الذي كان يضمِرُ الشر لعميه عبد الملك أبي مروان وأحمد المنصور، فخرجا من المغرب واتَّجها إلى السلطان العثماني يستنجدان به، تابع المتوكِّلُ خطة والده في التقرب من الدول الأوروبية ومسالمتها ضِدَّ العثمانيين؛ حيث لم يعُدْ لديه شكٌّ في أنهم سينجدون عمَّيه بقوات عسكرية، فعقد اتفاقًا مع إنجلترا، التي كانت ترغب في تجارتها مع المغرب للفوائد التي تعود على التجَّار الإنجليز من وراء ذلك، زيادة على أنها تدرِكُ الأهمية العظمى التي للمغرب، خصوصًا وقد كانت إنجلترا في حالة حربٍ ضد إسبانيا, وكان توقيع المتوكِّل للاتفاقية التجارية مع الإنجليز يعدُّ العملَ الوحيد الذي قام به خلال حكمه القصير.

العام الهجري : 982 العام الميلادي : 1574
تفاصيل الحدث:

لَمَّا هرب عبد الملك بن محمد المهدي أبو مروان وأحمد المنصور عمَّا المتوكل على الله محمد الثاني زعيم السعديين، بعد توليه الحكم في المغرب بسبب عدائه لهما- استنجدا بالدولة العثمانية في الجزائر، فوجدت الدولةُ العثمانية في انشغال مَلِك إسبانيا فيليب الثاني بأحداث أوروبا الغربية- حيث ثورة الأراضي المنخفضة- فرصةً مناسِبةً للتدخل في المغرب، فأمدُّوا عبد الملك بجيشٍ قوامه خمسة آلاف مقاتل مسلَّحين بأحسن الأسلحة، ودخل عبدالملك فاس بعد أن أحرز انتصارًا كبيرًا على ابن أخيه المتوكِّل على الله، وعاد الجيش أدراجه إلى الجزائر، وقام عبد الملك بإصلاحات في دولته، من أهمِّها أمَرَ بتجديد السفن، وبصُنع المراكب الجديدة، فانتعشت بذلك الصناعة، كما اهتمَّ بالتجارة البحرية، وكانت الأموال التي غَنِمَها من حروبه على سواحل المغرب سببًا في انتعاش ونمو الميزان الاقتصادي للدولة، أسَّس جيشًا نظاميًّا متطورًا واستفاد من خبرة الجندية العثمانية وتشبه بهم في التسليح والرُّتَب، كما استطاع أن يبنيَ علاقات متينة مع العثمانيين، وجعل منهم حُلَفاء وأصدقاء وإخوة مخلصين للمسلمين في المغرب، وفرض احترامَه على أهل عصره، حتى الأوروبيين، احترموه وأجلَّوه. اهتمَّ عبد الملك بتقوية مؤسسات الدولة ودواوينها وأجهزتها، واستطاع أن يشكِّلَ جهازًا شوريًّا للدولة أصبح على معرفة بأمور الدولة الداخلية، وأحوال السكان عامة، وعلى دراية بالسياسة الدولية وخاصةً الدول التي لها علاقةٌ بالسياسة المغربية، وكان أخوه أبو العباس أحمد المنصور بالله- الملقب في كتب التاريخ بالذهبي- ساعِدَه الأيمن في كل شؤون الدولة.

العام الهجري : 1017 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1609
تفاصيل الحدث:

كان محمد الشيخ المأمون بن أحمد المنصور الذهبي السعدي ما يزال على قُبحِ السيرة والإساءة إلى الخاصة والعامة، حتى ملَّتْه النفوسُ ورفضته القلوبُ وضاق أهلُ فاس بشؤمِه ذرعًا، وكان قد بعث ابنَه عبد الله مرةً ثالثة إلى حرب أخيه السلطان زيدان بمراكش وأعمالها، فخرج عبد الله من فاس آخِرَ ذي الحجة سنة 1016 فالتقى الجمعان بوادي بوركراك، فكانت الهزيمة على عبد الله وفرَّ في رهطٍ من أصحابه وترك محلَّتَه بما فيها بيَدِ السلطان زيدان، فاستولى عليها وانضَمَّ إليه جيش عبد الله من أهل فاس وغيرهم ميلًا إليه ورغبةً في صحبته، فعفا عنهم وتألَّفَهم، واستفحل أمرُ السلطان زيدان وتكلَّم به أهل فاس وسائِرُ بلاد الغرب، واتصل الخبر بالشيخ المأمون، وعرف أن قلوب الناس عليه فخاف الفضيحةَ وأصبح غاديًا في أهله وحشمه إلى ناحية العرائش مستصرخًا بالطاغية الإصبنيول في الأندلس على السلطان زيدان، وحمل معه أمه الخيزران وبعض عياله وجماعة من قواده وبطانته، وذلك في ذي القعدة سنة 1017، لكن الطاغيةَ لم يُمِدَّه بشيء, وانتهى مصطفى باشا قائد زيدان إلى القصر الكبير فقبض على من وجَدَ به من أصحاب الشيخ، وفر عبد الله وأبو فارس فنزلا بموضعٍ يقال له سطح بني وارتين، فبلغ خبرهما إلى السلطان زيدان، فجاء حتى نزل قبالتَهما بموضعٍ يقال له آرورات، ففَرَّ من كان معهما إلى السلطان زيدان، ولَمَّا بقِيا أوحشَ مِن وتِدٍ بقاعٍ، فرَّا إلى دار اليهودي ابن مشعل من بلاد بني يزناسن فأقاما بها.

العام الهجري : 1185 العام الميلادي : 1771
تفاصيل الحدث:

أرسل الشيخُ محمد بن عبد الوهاب والإمام عبد العزيز إلى والي مكة الشريفِ أحمد بن سعيد رسولًا بهدايا, وكان الشريفُ قد كاتبهما وطلب منهما أن يرسِلَا إليه فقيهًا وعالِمًا من جماعتهما يُبَيِّن حقيقة ما يدعونَ إليه من الدِّينِ، ويناظر علماءَ مكةَ، فأرسلا إليه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين، ومعه رسالة منهما, يقول ابن غنام: "لما وصل الشيخُ عبد العزيز الحصين على الشريفِ الملقب بالفعر، واجتمع هو وبعض علماء مكة عنده، وهم يحيى بن صالح الحنفي، وعبد الوهاب بن حسن التركي- مفتي السلطان- وعبد الغني بن هلال، وتفاوضوا في ثلاث مسائل وقعت المناظرة فيها: الأولى: ما نُسِبَ إلينا من تكفير العموم، والثانية: هدمُ القبابِ التي على القبور، والثالثة: إنكار دعوة الصالحين للشَّفاعة. فذكر لهم الشيخ عبد العزيز أنَّ نسبة التكفير بالعموم إلينا زورٌ وبهتان علينا, وأمَّا هدم القباب التي على القبورِ فهو الحقُّ والصوابُ، كما هو وارد في كثيرٍ مِن الكتب، وليس لدى العلماء فيه شَكٌّ, وأما دعوة الصالحين وطلب الشفاعة منهم والاستغاثة بهم في النوازل، فقد نص عليه الأئمة والعلماء وقرَّروا أنَّه مِن الشرك الذي فعله القدماء، ولا يجادِلُ في جوازه إلا ملحِدٌ أو جاهِلٌ, فأحضروا كتب الحنابلة فوجدوا أنَّ الأمر على ما ذكر فاقتنعوا, واعترفوا بأنَّ هذا دينُ الله، وقالوا هذا مذهب الإمام المعظَّم، وانصرف الشيخ عنهم مبجَّلًا معزَّزًا"

العام الهجري : 1216 العام الميلادي : 1801
تفاصيل الحدث:

بعد مقتَلِ كليبر آلت القيادةُ العامَّةُ للحملةِ إلى الجنرال مينو باعتبارِه أكبَرَ ضباط الحملة سنًّا، وكان هذا القائِدُ مِن أنصار البقاء في مصر وخُطَّة سياسته استهدفت توطينَ الفرنسيين فيها، إلا أنَّ الضغوطات الداخلية والخارجية اضطرَتْه إلى مغادرة مصرَ بعد الهجوم المشترك الذي قام به الإنجليز والعثمانيون على الفرنسيين في مصر. فتظافرت عدَّةُ عوامل أرغمت المحتَلِّين الفرنسيين على الخروجِ مِن مصر في النهاية، منها تحطيمُ أسطولهم في معركة أبي قير البحرية، وسيطرةُ الإنجليز البحرية في البحر المتوسط، وتشديدُهم الحصار على الشواطئ المصرية؛ مِمَّا أعجز الحكومة الفرنسية عن إرسال النجدات والإمدادات إلى فرنسا في مصر، وانضمام الدولة العثمانية إلى أعداءِ فرنسا، والانقسام الذي حدث في صفوفِ الحملة وبدأت بوادِرُه منذ بدأ جيش بونابرت زحْفَه الشاق من الإسكندرية إلى القاهرة، ثم استفحل أمرُه بعد رحيل بونابرت وخصوصًا عَقِبَ مصرع كليبر وإبَّان قيادة مينو للحملة، وجهاد الشعب المصري المُسلِم ضد الاحتلال الفرنسي الصليبي، ذلك الجهاد الذي تمثَّلَ في ثورات القاهرة الثلاث، وفي العمليَّات الجهادية التي اشتعلت في الدلتا، وفي المقاومةِ التي اشتَدَّت في الصعيد. ودون أدنى شَكٍّ كان لجهاد مسلمي مصرَ للحكم الفرنسي بالِغُ الأثر في زعزعةِ أركانه، وفي عجزِ الفرنسيين عن بلوغ غايتهم وتنفيذ أهدافهم وانهيار آمالهم في تشييد تلك المستعمرة الجميلة التي كانوا يحلمون باتخاذِها نواة لإمبراطوريتهم الاستعمارية الجديدة في مصر، وأمَّا الإنجليز الذين دخلوا إلى مصرَ بدعوى إخراج الفرنسيين فإنَّهم أيضًا خرجوا بموجِبِ معاهدة أميان التي كانت بين الفرنسيين والإنجليز في عام 1217هـ

العام الهجري : 1220 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1805
تفاصيل الحدث:

ولد محمد علي في مدينة قَوَلة الساحلية في جنوب مقدونيا عام 1769م، وهو تركي عثماني لا يمتُّ للألبانيين ولا لصقالبة مقدونية ولا يونانها بسببٍ ولا نسب، لكنَّه حين قدم مصر جاء مع الفرقة الألبانية التي أرسلها السلطانُ العثماني إلى مصر؛ ممَّا أشكَلَ أمره على البعض، فحسِبَ أنَّ له أصلًا ألبانيًّا! وكان محمد علي قد اختاره المصريون ليكون واليًا على مصر، فبعد جلاء الفرنسيين عن مصرَ استطاع محمد علي أن يسيطرَ على الوضع، وأن يحوز رضا العلماء والتجَّار والأعيان، حتى نادَوا به واليًا على مصر، وبعثوا برسالة للسلطان العثماني يطالبونه بتعيين محمد علي واليًا علي مصر، فاستجاب لرغبتهم، فتمَّ إعلانه واليًا على مصر في 17 مايو 1805م, كما كان لثورة عمر مكرم الشعبية أثرٌ في إبعاد خورشيد باشا عن حكم مصر وتهيئتها لمحمد علي الذي استقرَّ على أريكة الحكم في مصر هذا العام، وظل يحكمُها نحو 43 سنة، فقضى على المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة، وكانوا مراكِزَ القوى ومصدرَ القلاقل السياسية، ممَّا جعل البلد في فوضى. وقضى على الإنجليز في معركة رشيد، وأصبحت مصر تتسم بالاستقرار السياسي لأوَّلِ مرة تحت ظلالِ الخلافة العثمانية. وبدأ محمد علي بتكوين أولِ جيشٍ نظامي في مصر الحديثة. وكان بدايةً للعسكرية المصرية في العصر الحديثِ، تمكَّن محمد علي أن يبنيَ في مصر دولةً عصرية على النسَقِ الأوروبي، واستعان في مشروعاتِه الاقتصادية والعلمية بخُبراء أوروبيين، ومنهم بصفةٍ خاصة السان سيمونيون الفرنسيون، الذين أمضوا في مصر بضع سنوات في الثلاثينات من القرن التاسع عشر.

العام الهجري : 1222 العام الميلادي : 1807
تفاصيل الحدث:

في بداية حكم محمد علي لمصر دخل في مفاوضاتٍ مع الإنجليز استمرَّت أربعة أشهر أكَّدَ فيها جديَّتَه ورغبته المخلصة في الارتباطِ بهم، بل وطلب وضع نفسِه تحت حمايتهم، وهذا ما يؤكِّدُه تقرير القائد الإنجليزي فريزر قائد الحملة البريطانية على الإسكندرية، والذي تولى التفاوضَ مع محمد علي، الأمر الذي أدى- بعد اقتناعهم به- إلى تخلِّيهم عن أصدقائهم من المماليك. وقد تضمَّن التقرير الذي أعده فريزر ثم أرسلَه الى الجنرال مور في 16 أكتوبر من هذا العام أهمَّ جوانب هذه المفاوضات، وقد جاء فيه: "أرجو أن تسمحوا لي بأن أبسُطَ لكم ليكون... موضِعَ نظركم فحوى محادثة جرت بين باشا مصر والميجر جنرال شريروك والكابتن فيلوز أثناء قيامهما بمهمتهما لدى سمُوِّه. ولديَّ ما يجعلني أعتقد أن هذه المحادثة، ومن اتصالات خاصة كثيرة أخرى كانت لي معه، بأنه جادٌّ وصادقٌ فيما يقترحه. لقد أبدى محمد علي باشا والي مصر رغبته في أن يضع نفسه تحت الحماية البريطانية، ووعدناه بإبلاغ مقترحاتِه إلى الرؤساء في قيادة القوات البريطانية؛ كي يقوم هؤلاء بإبلاغها إلى الحكومة الإنجليزية للنظر فيها. ويتعهد محمد علي من جانبه بمنع الفرنسيين والأتراك أو أي جيش تابع لدولة أخرى من الدخولِ إلى الإسكندرية من طريقِ البحر وبعد الاحتفاظ بالإسكندرية كصديقٍ وحليف لبريطانيا العظمى، ولكنَّه لا مناص له من الانتظار أن تعاونَه إنجلترا بقواتها البحرية إذا وقع هجوم عليه من جهة البحر؛ لأنَّه لا يملك سفنًا حربية. ويوافق محمد علي باشا في الوقت نفسِه على تزويد كلِّ السفن البريطانية التي تقِفُ على بُعد من الاسكندرية بما قد تحتاج إليه من ماء النيل عند إعطائِها إشارةً يصير الاتفاق عليها"