احتلَّ الفرنج حصن أفامية من بلد الشام، وسبب ذلك أن المتولي لأفامية من جهة الملك رضوان صاحب حلب أرسل إلى صاحب مصر العُبيدي الإسماعيلي، وكان يميل إلى مذهبهم، يستدعي منهم من يسلِّم إليه الحصن، وهو من أمنع الحصون، فطلب خلف بن ملاعب الكلابي -كان متغلبًا على حمص- من صاحب مصر العبيدي أن يكون هو المقيم به، وقال: إنني أرغب في قتال الفرنج وأوثرُ الجهاد. فسلموه إليه وأخذوا رهائنه، فلما ملكه خلع طاعتَهم ولم يرعَ حقهم، وأقام بأفامية يُخيف السبيل، ويقطع الطريق، واجتمع عنده كثيرٌ من المفسدين، فكثُرت أمواله، ثم إن الفرنج ملكوا سرمين، وهي من أعمال حلب، وأهلها غلاة في التشيع، فلما ملكها الفرنج تفرَّق أهلها، فتوجه القاضي الذي بها إلى ابن ملاعب وأقام عنده، فأكرمه وأحبه ووثق به، فأعمل القاضي الحيلةَ عليه، وكتب إلى أبي طاهر، المعروف بالصائغ، وهو من أعيان أصحاب الملك رضوان، ووجوه الباطنية ودعاتهم، ووافقهم على الفتك بابن ملاعب، وأن يسلِّمَ أفامية إلى الملك رضوان، وعاود القاضي مكاتبة أبي طاهر بن الصائغ، وأشار عليه أن يوافق رضوان على إنفاذ ثلاثمائة رجل من أهل سرمين، وينفذ معهم خيلًا من خيول الفرنج، وسلاحًا من أسلحتهم، ورؤوسًا من رؤوس الفرنج، ويأتوا إلى ابن ملاعب ويُظهروا أنهم غزاة ويَشكُوا من سوء معاملة الملك رضوان وأصحابه لهم، وأنهم فارَقوه، فلقِيَهم طائفة من الفرنج فظفروا بهم، ويحملوا جميع ما معهم إليه، فإذا أذِنَ لهم في المقام اتفقت آراؤهم على إعمال الحيلة عليه، ففعل ابن الصائغ ذلك، ووصل القوم إلى أفامية، وقَدِموا إلى ابن ملاعب بما معهم من الخيل وغيرها، فقبل ذلك منهم، وأمرهم بالمقام عنده، وأنزلهم في ربض أفامية، فلما كان في بعض الليالي نام الحرَّاس بالقلعة، فقام القاضي ومن بالحصن من أهل سرمين، ودلوا الحبال وأصعدوا أولئك القادمين جميعهم، وقصدوا أولاد ابن ملاعب، وبني عمه، وأصحابه، فقتلوهم، وأتى القاضي وجماعة معه إلى ابن ملاعب، فقتله وقتل أصحابه، وهرب ابناه، فقُتِل أحدهما، والتحق الآخر بأبي الحسن بن منقذ، ولما سمع ابن الصائغ خبر أفامية سار إليها، وهو لا يشكُّ أنها له، فقال له القاضي: إن وافقتَني وأقمتَ معي، فبالرحب والسعة، ونحن بحكمك، وإلا فارجع من حيث جئتَ. فأيِسَ ابن الصائغ منه، وكان أحد أولاد ابن ملاعب بدمشق عند طغتكين غضبان على أبيه، فولاه طغتكين حصنًا، وضَمِن على نفسه حِفظَ الطريق، وأخذ القوافل، فاستغاثوا إلى طغتكين منه، فأرسل إليه من طلبه، فهرب إلى الفرنج واستدعاهم إلى حصن أفامية، وقال: ليس فيه غيرُ قوت شهر، فأقاموا عليه يحاصرونه، فجاع أهله وملكه الفرنج، وقتلوا القاضيَ المتغلِّبَ عليه، وأخذوا الصائِغَ فقتلوه، وكان هو الذي أظهر مذهب الباطنية بالشام، هكذا ذكر بعضهم أن أبا طاهر الصائغ قتله الفرنج بأفامية، وقد قيل: إن ابن بديع، رئيس حلب، قتله سنة سبع وخمسمائة بعد وفاة رضوان.
في سنةِ سبع وتسعين مَلَك غياث الدين وأخوه شهابُ الدين ما كان لخوارزم شاه محمَّد بنِ تكش بخراسان ومرو ونيسابور وغيرها، وعادا عنها بعد أن أقطعا البلادَ، فلمَّا بلغ خوارزم شاه خبَرُ عودة العساكر الغوريَّة عن خراسان، ودخول شهاب الدين الهندَ، أرسل إلى غياثِ الدين يعاتِبُه ويُهَدِّدُه، فغالَطَه غِياثُ الدين في الجواب لتمديدِ الأيامِ بالمُراسلاتِ، ويخرج أخوه شهاب الدين من الهند بالعساكِرِ؛ فإن غياث الدين كان عاجزًا بسَبَبِ إصابته بداء النقرس، فلما وقفَ خوارزم شاه على رسالة غياث الدين أرسَلَ إلى علاء الدين الغوري، نائب غياث الدين بخراسان، يأمُرُه بالرحيل عن نيسابور، ويتهَدَّدُه إن لم يفعل، فكتب علاء الدين إلى غياث الدين بذلك، ويُعَرِّفُه ميل أهلِ البلد إلى الخوارزميين، فأعاد غياث الدين جوابَه يقوِّي قَلْبَه، ويَعِدُه النصرةَ والمنع عنه، وجمع خوارزم شاه عساكِرَه وسار عن خوارزم نصفَ ذي الحجة سنة 597، ومَلَك خوارزم شاه مدينةَ مرو، وسار إلى نيسابور وبها علاء الدين، فحصره، وقاتله قتالًا شديدًا، وطال مقامُه عليها، وراسله غيرَ مَرَّة في تسليم البلد إليه، وهو لا يُجيبُ إلى ذلك انتظارًا للمَدَدِ مِن غياث الدين، فبقي نحو شهرين، فلما أبطأ عنه النجدة أرسل إلى خوارزم شاه يطلُبُ الأمانَ لِنَفسِه ولمن معه من الغوريَّة، وأنه لا يتعَرَّضُ إليهم بحَبسٍ ولا غيره من الأذى، فأجابه إلى ذلك، وحَلَف لهم، وخرجوا من البلد وأحسَنَ خوارزم شاه إليهم، ووصَلَهم بمال جليل وهدايا كثيرة، وطلب من علاء الدين أن يسعى في الصُّلحِ بينه وبين غياث الدين وأخيه، فأجابه إلى ذلك. ثم سار خوارزم شاه إلى سرخس، وبها الأمير زنكي، فحصره أربعين يومًا، وجرى بين الفريقينِ حروبٌ كثيرة، فضاقت الميرةُ على أهل البلد، لا سيما الحَطَب، فأرسل زنكي إلى خوارزم شاه يطلُبُ منه أن يتأخَّرَ عن باب البلد حتى يخرُجَ هو وأصحابه ويترك البلَدَ له، فراسله خوارزم شاه في الاجتماعِ به ليُحسِنَ إليه وإلى من معه، فلم يجِبْه إلى ذلك، واحتج بقُربِ نَسَبِه مِن غياث الدين، فأبعد خوارزم شاه عن باب البلد بعساكِرِه، فخرج زنكي فأخذ من الغَلَّات وغيرها التي في المعسكَرِ ما أراد لا سيما من الحَطَب، وعاد إلى البلد وأخرج منه من كان قد ضاق به الأمرُ، فنَدِمَ حيث لم ينفَعْه الندم؛ ورحل عن البلد، وترك عليه جماعة من الأمراء يحصرونَه، فلما أبعد خوارزم شاه سار محمَّد بن جربك من الطالقان، وهو من أمراء الغوريَّة، وأرسل إلى زنكي أمير سرخس يُعَرِّفُه أنه يريد أن يكبس الخوارزميين لئلا ينزعِجَ إذا سَمِعَ الغلبة، وسمع الخوارزميون الخبَرَ، ففارقوا سرخس، وخرج زنكي ولقِيَ محمد بن جربك وعسكر في مرو الروذ، وأخذ خراجَها وما يجاورها، فسَيَّرَ إليهم خوارزم شاه عسكرًا مع خاله، فلَقِيَهم محمد بن جربك وقاتَلَهم، فلمَّا سَمِعَ خوارزم شاه ذلك عاد إلى خوارزم، وأرسل إلى غياثِ الدين في الصلح، فأجابه عن رسالتِه مع أمير كبير من الغورية يقال له الحسين بن محمد المرغني، ومرغن من قرى الغور، فقبض عليه خوارزم شاه.
هو السُّلطانُ علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش بن إيل أرسلان بن آتسز بن محمد بن نوشتكين. نسبه ينتهي إلى إيلتكين أحد مماليك السلطان ألب أرسلان بن جغر بيك السلجوقي. أباد ملوك العالم، ودانت له الممالك واستولى على الأقاليم. كان صبورًا على التعب وإدمان السير، غير متنَعِّم ولا مقبل على اللذات، إنما نهمتُه في المُلك وتدبيره وحِفظِه وحِفظِ رعيَّتِه. كان فاضِلًا، عالِمًا بالفقه والأصول، وغيرهما. وكان مكرمًا للعلماء محبًّا لهم، محسنًا إليهم، يحب مناظرتَهم بين يديه. ويُعظِّم أهل الدين ويتبَرَّك بهم. أفنى ملوك خراسان، وما وراء النهر، وقتل صاحب سمرقند، وأخلى البلاد من الملوك- ولم يبقَ لها من يحميها- واستقلَّ بها، فكان ذلك سببًا لهلاكه, فلما نزل خوارزم شاه محمد همذان، كاتب الوزير مؤيد الدين محمد بن القمي نائب وزير الخليفة عساكرَ خوارزم شاه، ووعدهم بالبلاد، فاتفقوا مع الخطا على قتل علاء الدين، وبعث القميُّ إليهم بالأموال والخيول سرًّا، فكان ذلك سببًا لوهنه، وعَلِمَ بذلك، فسار من همذان إلى خراسان ونزل مرو، فصادف في طريقه الخيول والهدايا والكُتُب إلى الخطا، وكان معه منهم سبعون ألفًا، فلم يمكنه الرجوعُ لفساد عسكره. وكان خالُه من أمراء الخطا، وقد حلَّفوه أن لا يطلع خوارزم شاه على ما دبروا عليه، فجاء إليه في الليل، وكتب في يده صورة الحال، ووقف بإزائه، فنظر إلى السطورِ وفَهِمَها، وهو يقول: خُذْ لنفسِك، فالساعةَ تُقتَلُ، فقام وخرج من تحت ذيل الخيمةِ، ومعه ولداه جلال الدين والآخر، فركب، وسار بهما، ثم دخل الخطا والعساكر إلى خيمته، فلم يجدوه، فنهبوا الخزائن والخيول، فيقال: إنه كان في خزائنه عشرة آلاف ألف دينار وألف حمل قماش أطلس وغيره. وكانت خيله عشرين ألف فرس وبغل، وله عشرة آلاف مملوك. فهرب ورَكِب في مركب صغير إلى جزيرة فيها قلعة ليتحصَّن بها، فأدركه الأجَلُ، فدفن على ساحل البحر، وهرب ولداه، وتفرقت الممالك بعده، وأخذت التتار البلاد, وقيل بعد فراغ جنكيزخان من سمرقند أرسل وراء خوارزم شاه، وكانوا عشرين ألفا فساروا وراءه فأدركوه وبينهم وبينه نهر جيحون وهو آمن بسببه، فلم يجدوا سفنًا فعملوا لهم أحواضًا يحملون عليها الأسلحة ويُرسِل أحدهم فرسه ويأخذ بذنَبِها فتجرُّه الفرس بالماء وهو يجر الحوضَ الذي فيه سلاحُه، حتى صاروا كلُّهم في الجانب الآخر، فلم يشعُرْ بهم خوارزم شاه إلا وقد خالطوه، فهرب منهم إلى نيسابور ثم منها إلى غيرها وهم في أثره لا يمهلونه يجمع لهم فصار كلما أتى بلدًا ليجتمع فيه عساكره له يدركونه فيهرب منهم، حتى ركب في بحر طبرستان وسار إلى قلعة في جزيرة فيه، فكانت فيها وفاته، وقيل إنه لا يعرف بعد ركوبه في البحر ما كان من أمره بل ذهب فلا يدرى أين ذهب، ولا إلى أي مفر هرب، وملكت التتار حواصله فوجدوا في خزانته ما لا يحصى، وقبل وفاة علاء الدين خوارزم شاه أوصى لابنه جلال الدين منكبرتي بالسلطة.
هو حاكِمُ مصر الفائزُ بنَصرِ الله أبو القاسمِ عيسى بن الظَّافِرِ إسماعيلَ بن الحافِظِ عبدِ المَجيدِ بن محمدِ بن المُستَنصِر بالله العُبيديُّ، المصريُّ الفاطِميُّ. كانت مُدَّةُ حُكمِه سِتَّ سِنين ونحوَ شَهرينِ؛ وكان عُمرُه لمَّا وَلِيَ خمسَ سِنين، قال الذَّهبيُّ: "لمَّا اغتَالَ عبَّاسٌ الوَزيرُ الظَّافِرَ، أَظَهَرَ القَلقَ، ولم يكُن عَلِمَ أَهلُ القَصرِ بمَقتَلِه, فطَلَبوه في دُورِ الحَرَمِ فما وَجَدوهُ، وفَتَّشُوا عليه وأَيِسُوا منه، وقال عبَّاسٌ لأَخوَيهِ: أَنتُما الذين قَتَلتُما مولانا، فأَصَرَّا على الإنكارِ، فقَتَلَهُما نَفْيًا للتُّهمَةِ عنه, واستَدعَى في الحالِ عيسى هذا، وهو طِفلٌ له خَمسُ سِنين, وقِيلَ: بل سَنَتانِ. فحَمَلهُ على كَتِفِه، ووَقَفَ باكِيًا كَئيبًا، وأَمَرَ بأن تَدخُل الأُمراءُ، فدَخَلوا, فقال: هذا وَلَدُ مَولاكُم، وقد قَتَلَ عَمَّاهُ مَولاكُم، فقَتَلتُهُما به كما تَرَونَ، والواجِبُ إِخلاصُ النِّيَّةِ والطَّاعةُ لهذا الوَلَدِ، فقالوا كلُّهم: سَمْعًا وطاعَةً، وضَجُّوا ضَجَّةً قَوِيَّةً بذلك، ففَزِعَ الطِّفلُ، ولَقَّبوهُ الفائِزَ، وبَعَثوهُ إلى أُمِّهِ، واختَلَّ عَقلُه من حينئذٍ، وصار يَتَحرَّك ويُصرَع، ودانَت الممالِكُ لعبَّاسٍ. وأمَّا أَهلُ القَصرِ، فاطَّلَعوا على باطِنِ القَضِيَّةِ، فكاتَبُوا طَلائِعَ بنَ رزيك الأرمنيَّ الرَّافِضيَّ، والِيَ المنية" كان ابنُ رزيك ذا شَهامَةٍ وإِقدامٍ, فسَألوهُ الغَوْثَ، والأَخذَ بالثَّأْرِ من عبَّاسٍ الوَزيرِ لقَتْلِه الظَّافِرَ وأَخَوَيْهِ, فلَبِسَ الحِدادَ، وكاتَبَ أُمراءَ القاهرةِ، وهَيَّجَهُم على طَلَبِ الثَّأْرِ، فأَجابوهُ, فسار إلى القاهرةِ، وكان عبَّاسٌ في عَسكرٍ قَليلٍ. فخارَت قُواهُ وهَرَبَ هو وابنُه نَصرٌ ومَماليكُه والأَميرُ ابنُ مُنقِذٍ, واستَولَى الصَّالِحُ طَلائعُ بن رزيك على دِيارِ مصر بلا ضَربَةٍ ولا طَعنَةٍ، فنَزلَ إلى دارِ عبَّاسٍ، ثم استَدعَى خادِمًا كَبيرًا، وقال له: مَن هاهنا يَصلُح للحُكمِ؟ فقال: هاهنا جَماعةٌ؛ وذَكَرَ أَسماءَهُم، وذَكَرَ له منهم إِنسانٌ كَبيرُ السِّنِّ، فأَمَرَ بإحضارِهِ، فقال له بَعضُ أَصحابِه سِرًّا: لا يكون عبَّاسٌ أَحزَمَ منك حيث اختارَ الصَّغيرَ وتَرَكَ الكِبارَ واستَبَدَّ بالأَمرِ؛ فأَعادَ الصالحُ الرَّجُلَ إلى مَوضِعِه، وأَمَرَ حينئذٍ بإحضارِ العاضِدِ لدِينِ الله أبي محمدٍ عبدِ الله بن يوسفَ بن الحافظِ، ولم يكُن أَبوهُ حاكِمًا، وكان العاضِدُ في ذلك الوَقتِ مُراهقًا قارَبَ البُلوغَ، فبايَعَ له بالحُكمِ.
هو محمَّد بنُ الأمين بنِ عبد الله بن أحمدَ الحَسَني الإدريسيِّ العَمْراني، كُنْيتُه (بُوخُبْزة)، وُلِد بتِطْوانَ في المغربِ عام1351هـ / 1932م، وكانت تحْت الاحتلالِ الأسبانيِّ.
أتمَّ حِفظَ القرآنِ، ثم أتمَّ حِفظَ بعضِ المتون العِلمية، كالآجُروميةِ، والمرشِد المُعِين على الضَّروري من عُلوم الدِّين، ومُختصَر خَليلٍ في الفِقه المالكي، ثم الْتحَقَ بالمعهد الدِّيني بالجامع الكبيرِ، ومكَث فيه نحْوَ عامينِ تلقَّى خلالَها دُروسًا نِظاميةً مختلِفةً، وأخَذ عن والدِه رحمه الله النَّحْوَ بالآجُرومية وجُزءٍ من الألْفية، وتلقَّى العِلم على عددٍ من عُلماءِ ومَشايخِ المغربِ، مِن أشهَرِهم محمَّد تقي الدِّين الهلالي الحُسَيني، وحضَر دُروسًا في الحديث والسِّيرة على الفقيهِ الحاج أحمد بن محمَّد الرُّهوني.
وكان رحِمه الله مِن عُلماء أهلِ السُّنة في المغرب، ومِن العلماء المشهودِ لهم بالموسوعيَّةِ العِلمية والإحاطة بمُحتويات الكُتب مَخطوطِها ومَطبوعِها.
عَمِل كاتبًا مع القاضي أحمد بن تاوَيْت في وزارة العدْل، وأصدَر عددًا مِن المجلَّات والصُّحف، منها: مجلَّة الحديقة، ومجلة أفكارِ الشَّباب، وصَحيفة البُرهان، وكتَب في مجلة "لِسان الدِّين" التي كان يُصدِرها تقيُّ الدين الهلاليُّ، والذي خلَفه على رئاسة تَحريرِها بعْد سَفرِه عبد الله كنّون، ومجلة "النصر"، و"النِّبراس"، وصحيفة "النور"، وغيرها.
اهتمَّ بالمحدِّث أحمد بن الصِّدِّيق الغُماري، وأُعجِب بسَعةِ اطِّلاعه ورُسوخ قدَمِه في عُلوم الحديث، فكاتَبه وجالَسه وأجازه إجازةً عامةً. كما أجازه مُشافهةً كثيرٌ مِن العلماء، مِن أشهَرِهم الشَّيخ عبد الحيِّ الكَتانيُّ، والشَّيخ عبد الحفيظِ الفاسيُّ الفهْري، والشيخ الطاهرُ بن عاشورٍ.
الْتَقى بالشيخ الألبانيِّ أكثرَ مِن ثَلاثِ مراتٍ: مرةً في المدينةِ المنوَّرة، ومرَّتَين في المغربِ، وتأثَّر بدَعوتِه السَّلفية، وكان سَببًا في اتباعِه المنهجَ السَّلَفيَّ.
له مؤلَّفاتٌ كثيرة؛ منها: (الشَّذرات الذهبية في السِّيرة النَّبوية)، و(فتْح العَلِي القديرِ في التفسير)، و(نظَرات في تاريخ المذاهب الإسلامي)، و(مَلامح من تاريخ عِلم الحديث بالمغرِب)، و(الأدلَّة المحرَّرة على تحْريم الصلاة في المقبرة).
وحقَّق عددًا من الكُتب؛ منها: تَحقيق جزءٍ من كتاب التمهيدِ لابن عبد البَرِّ، تحقيق أجزاءٍ مِن الذَّخيرة للقِرافي، تَحقيق سِراج المهتَدِين لابن العرَبيِّ.