استنجد أبو عبد الله محمد الثاني بن محمد الأول ملك غرناطة الملقَّب بالفقيه السلطان أبي يوسف المنصور يعقوب بن عبد الحق ملك بني مرين فسَيَّرَ إليه الأخير جيشًا كثيفًا عبر البحر ونزل مدينةَ طريف وأخذ في غزو البلاد التي استولى عليها الأسبانُ فخرج إليه سانشو ملك قشتالة ووقع اللقاءُ على مقربة من مدينة استجه، وانتهت المعركة الضارية بانتصار المسلمين فطلب سانشو الصلحَ فاستجاب السلطان واشترط شروطًا منها مسالمةُ المسلمين وعدم الاعتداءِ على أراضيهم.
في ربيع الأول تكامل فتح إياس (من بلاد الأرمن على ساحل البحرِ) ومعامَلتها وانتزاعُها من أيدي الأرمن، وأُخِذَ البرج الأطلس- وهو أحدُ ثلاثة أبراج وهي الأطلس والشمعة والإياس- بينه وبينها في البحر رميةٌ ونصف، فأخذه المسلمونَ بتوفيق الله وخَرَّبوه، وكانت أبوابُه مَطليَّةً بالحديد والرصاص، وعَرضُ سُورِه ثلاثة عشر ذراعًا، وغنم المسلمونَ غنائِمَ كثيرةً جدًّا، وحاصروا كوارَه فقوي عليهم الحَرُّ والذباب، فرسم السلطانُ بعَودِهم، فحرقوا ما كان معهم من المجانيقِ وأخذوا حديدَها وأقبلوا سالمين غانمينَ، وكان معهم خلقٌ كثيرٌ من المتطوعين.
جرى في بلاد سواحِلِ الشام حريقٌ مِن بلاد طرابلس إلى آخِرِ معاملة بيروت إلى جميع كسروان، أحرق الجبالَ كُلَّها ومات الوحوش كلُّها، مثل النمور والدب والثعلب والخنزير من الحريق، ما بقي للوحوشِ مَوضِعٌ يهربون فيها، وبقي الحريقُ عليه أيامًا، وهرب الناس إلى جانب البحر خوفًا من النار، واحترق زيتون كثير، فلما نزل المطرُ أطفأه بإذن الله تعالى، ومن العجب أن ورقة من شجرةٍ وقعت في بيتٍ مِن مدخنته، فأحرقت جميع ما فيه من الأثاث والثياب وغير ذلك، ومن حلية حرير كثير، وغالب هذه البلاد للدروز والرَّافضة.
قام أميرٌ مِن أمراء بني نصر يُدعى أبا سعيد محمد، وكان زوجَ أخت السلطان إسماعيل الثاني، فثار على صهره إسماعيلَ وقَتَله وأعلن نفسَه مَلِكًا باسم محمد السادس، ولكنه لم يلبَثْ أن ثار عليه أهلُ غرناطة فخلعوه فهَرَب من غرناطة إلى ملك قشتالة ولم يلبث أن قُتِلَ هناك، ثمَّ إن الوزير المريني عمر الفودودي جهَّزَ محمد الخامس الغني بالله بقوَّة فجاز بها إلى الأندلُسِ مع وزيره لسان الدين ابن الخطيب ودخل غرناطة واسترَدَّ مُلكَه بعد هروب محمد السادس، وعَهِدَ بالوزارة إلى ابن الخطيب.
ما زال محمد الخامس الغني بالله يتابِعُ الغزو فزحف بقواتِه على مدينة قرمونه، واقتحم مدينةَ قشتالة، وكان محمَّد الخامس هذا قد استغَلَّ الأحداث الداخلية والفِتَن التي ثارت في قشتالة أيام ملكها بيدرو بعد وفاة أبيه الملك ألفونسو الحادي عشر، فكانت فترة قلاقل داخلية؛ حيث جرى بين بيدرو وأخيه هنري الذي استعان بالإنكليز وأما بيدرو فاستعان بالفرنسيين، فنشبت بينهما حروبٌ داخلية انتهت بقتل بيدرو وجلوس هنري على عرش الملك باسم هنري الثاني، فاستغل هذه الأحداثَ محمَّدٌ الخامس فقام بهذه الأعمال العسكريَّة.
لما انتهى الأمير ططر من أمر جقمق في دمشق وكان هو المتولي لكل أمور السلطنة، عزم على خلع المظفر من السلطنة، وخاصة أنه يراه صغيرًا جدًّا على هذا الأمر، فخلعه في التاسع والعشرين شعبان وهو في دمشق، فكانت مدة سلطنة السلطان المظفر أحمد بن المؤيد شيخ سبعة أشهر وعشرين يومًا، وتلقب السلطان الجديد بالظاهر سيف الدين أبو الفتح ططر بن عبد الله الظاهري، وخُطِب له من يومه على منابر دمشق، وكُتِب إلى مصر وحلب وحماة وحمص وطرابلس وصفد وغزة بذلك.
قام الأمير يوسف أبو الحجاج بن أبي الحسن علي بن سعد أمير المرية بمنازعة عمه أبي عبد الله الزغل ملك غرناطة، فقام القتال بينهما وقتل أمير المرية، ثم نازعه ابن أخيه الآخر عبدالله الصغير محمد الثاني عشر العائد من الأسر يريد استعادة ملكه الذي كان فيه قبل أن يؤسر، فأعلن نفسه ملكًا على غرناطة وقام بنصرته أهل ربض البيازين وهو حي غرناطة الشعبي، وأهله عرفوا بالاضطراب الدائم، كما أمده ملك قشتالة بقوة، فتمكن من التغلب على عمه.
هو الشيخ أبو محمد عبد الله بن عجال الغزواني أصلُه من مراكش من غزوان، قبيلة من عرب تامسنا، ولِدَ بمدينة القصر الكبير وبها تعلم مبادئ علوم الدين والأدب, وكان في ابتداء أمره يقرأ العلمَ بمدرسة الوادي من عدوة الأندلس بفاس، فحصلت له إرادة فسافر إلى مراكش ولازم الشيخ التباع وتخرج به، ثم انتقل إلى بلاد الهبط فنزل بها على قبيلة، يقال لهم: بنو فزنكار، واجتمع عليه كثيرٌ من مريديه واشتهر أمرُه وعظُمَ صيتُه وكان يغزو مع السلطان, ومات فجأة وهو راكبٌ دابتَه ودُفن بتربته في حومة القصور.
بايع صالح بن يحيى العلقي رئيسُ الحُدَيدة وبيتُ الفقيه الإمامَ سعودًا على دين الله والسمع والطاعة، وحَسُنت عقيدته, فسيَّرَ إمامُ صنعاء عسكرًا حاصروا بندر الحديدة وأخذوه وأسروا ابن صالح، وكان والده استعمله أميرًا على الحُدَيدة, فجمع صالح جنوده وقومه وقبائل عديدة حاضرة وبادية نحو 3000 مقاتل، فنازل أهل زبيد وأخذوه عنوة، وغنموا منه من الأموال والمتاع الشيءَ الكثير، ولم يمتنع عليه إلا القلعةُ الأمامية وما تحميه، ثم خرج صالحٌ عن زبيد وعَزَل الأخماس وبَعَث بها إلى الدرعية، وقسَّم الباقيَ على جيشِه.
سار الإمامُ تركي بن عبد الله غازيًا من الرياض بجميعِ غَزوِه من نواحي رعاياه، ونزل الرمحية -الماء المعروف في العرمة- وأقام فيها نحو 40 يومًا ووفد عليه كثيرٌ من رؤساء العُربان من أهل الشمال، وأتاه كثيرٌ مِن الهدايا من رؤساءِ الظفير والمنتفق وغيرهم، وأتى إليه مكاتباتٌ من علي باشا والي بغداد، ثم بعث الإمام عمالَه لعُربان نجد يقبِضون منهم الزكاةَ، فكُلُّهم سَمِعوا وأطاعوا وأدَّوا الزكاة سوى العجمان، ثم رحل إليهم من موضِعِه الذي كان فيه، فلما بلغهم قدومُه عليهم، دفعوا الزكاةَ لعُمَّالِه.
طلب رؤساءُ القَصيمِ مِن الإمام فيصل أن يبعَثَ إليهم الشيخَ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين قاضيًا في بلدانهم، كمدرِّس لطلبة العلم في أوطانِهم، فأمر عليه الإمام فيصل وهو في بلد شقراء قاضيًا لأهل الوشم أن ينتَقِلَ إلى القصيم، فقَدِمَ عُنَيزة وأقام فيها، ثم طلبوا نزولَه عندهم وانتقاله إليهم بأهله، فانتقل بعياله عندهم واستوطن عُنيزة، فأكرموه غاية الإكرام وعظَّموه بما يستحِقُّه من الإعظام، فاجتمع عنده طلبةُ عِلمٍ كثيرون، ورحل إليه من الغرباء صغيرٌ وكبيرٌ، وانتفع به من طلبتهم كثير.
بدأت حربُ الـ 33 يومًا بين العدو الصِّهْيَوْني وحزبِ اللهِ، وذلك بعد ما قام الحزب بأسر جنديَّيْنِ وقَتل 8 عندَ موقع تلة الراهب في مشارفِ بلدةِ عيتا الشعب في جنوبِ لُبنانَ، وتمَّ بهذه الحرب قتلُ أكثرَ من 1200 لُبنانيٍّ، وجُرحَ أكثرُ من 4000 مواطنٍ من الجنوب وكافَّة الأراضي اللُّبنانية، كما قام الصهاينةُ بقصف جميع الجسور في لُبنانَ من الجنوب إلى الشمال إلى البقاع، والوسط، والجبل، وقامت أيضًا بأكثرَ من مجزرةٍ كان أعظمُها مجزرةً ثانيةً في قانا، وكان ضحيتها ما لا يقِلُّ عن 55 قتيلًا معظمُهم من الأطفال والنساء.
اقتَحَمت أجهزةُ الأمنِ التابعةِ لشرطةِ الحكومةِ في غزةَ آخِرَ منزلٍ فرَّ إليه مُسَلَّحون من جماعةِ أنصار جند الله، الذين سَبَق أن أعلنوا قِيامَ إمارةٍ إسلاميَّةٍ بغزةَ تنطلِقُ من مدينةِ رَفَحَ. ونجَحَت قواتُ الأمنِ في اقتحامِ منزلِ عبد اللطيف موسى الذي فرَّ إليه كَثيرٌ من المُسَلَّحين، بعد أن حاصرَتْهم الشرطةُ لساعاتٍ في مسجدِ ابن تيمية، وقد أُعلِن بعد ذلك عن مقتَلِه و(20) من أتباعِه. وعبد اللطيف موسى من مواليدِ قطاعِ غزةَ ويبلُغ من العمر (50) عامًا، وحاصِلٌ على بكالوريوس في الطبِّ من جامعة الإسكندريَّة المِصريَّة.
تُوفِّي الأديبُ السُّعودي الحَدَاثي عبد الله عبد الجبار عن عمرٍ ناهَزَ الـ(93) عامًا. وقد وُلد في مكة عامَ (1919)، ويلقَّب بـ"الأستاذ"؛ كونُه أشرَف على طُلَّابِ البَعَثات التعليميَّةِ من الحجازِ في مصر في الأربعيناتِ. وأصبح كِتابَاه: ((التيارات الأدبيَّة في قلب الجزيرة العربية)) و((قصَّة الأدب في الحجاز)) اللَّذانِ اشترك في تأليفِهِما مع الدكتور عبد المُنعِم خفاجي من المراجِعِ التاريخيَّةِ في الأدب السُّعوديِّ الحديثِ. وله أعمالٌ قَصصيَّةٌ ومسرحيةٌ ومقالاتٌ صَحفيةٌ عديدةٌ، وكان أمينًا عامًّا لرابِطَةِ الأدبِ الحديثِ إبَّانَ إقامَتِه في مصر في الأربعيناتِ.
تُوفِّي الشيخُ محمد زهير الشاويش في مدينة بيروت وصُلِّي عليه ودُفن في مقابِرِ الأوقافِ الجديدة. وعُرِفَ باسمِ زهير الشاويش وهو محقِّقٌ ومؤلِّفٌ سورِيُّ الجنسيَّة. وُلد في حيِّ المَيدان بمدينة دمشق وكان صاحِبَ ومؤسِّسَ المكتَب الإسلاميِّ للطِّباعة والنشر والتوزيع بدمشق، ويُعَدُّ أحدَ أعلامِ الدَّعوَة السلفيَّة في العصرِ الحديثِ، كان له قَصبُ السَّبقِ والرِّيادة في نشرِ التُّراث العلميِّ وتحقيقِه، وقد قَضَى مُعظمَ حياتِه في طلبِ العلمِ ومُجالسةِ العُلَماء وطباعةِ كُتُبِهم، وكان رحمه الله حَريصًا على جمعِ المَخطوطات ونوادِرِ الكُتُب وتَتَبُّعِها في مَظانِّها.