الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1885 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 3 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 624
تفاصيل الحدث:

وهي غزوةُ ذي أمَرَّ بناحيةِ نَجدٍ. وسَبَبُها: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَلَغه أنَّ جَمعًا من بني ثَعلَبَة بنِ سَعيدِ بن ذُبْيانَ بن بَغيضٍ بنِ رَيثِ بن غَطَفانَ، وبني مُحارِبِ بن خَصَفةَ بن قَيسٍ بذي أمَرَّ قد تَجَمَّعوا يُريدون أن يُصيبوا مِن أطرافِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وجَمَعهم رجلٌ منهم يُقال له: دُعْثورُ بن الحارِثِ بن مُحارِبٍ، فنَدَب رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسلمين، وخرج في أربعِمِئةٍ وخَمسين، معهم عِدَّةُ أفراسٍ، واستَخلَف على المدينةِ عُثمانَ بنَ عفانَ، فأصابوا بالمدينةِ رجلًا منهم بذي القَصَّةِ يُقال له: جَبَّارٌ من بني ثَعلَبةَ، فقال له المسلمون: أين تُريد؟ فقال: أُريدُ يَثرِبَ لأرتاَد لنَفسي وأنظُرَ، فأُدخِلَ على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَرَه مِن خَبَرِهم، قال: لن يُلاقوك ولو سَمِعوا بسَيرِك هَرَبوا في رؤوسِ الجبالِ وأنا سائِرٌ معك، فدعاه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الإسلامِ وأسلم، وضمَّه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى بلالٍ، فأخَذَ به جبَّارٌ طَريقًا، وهَبَط به عليهم، وسَمِع القومُ بمَسيرِ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فهَرَبوا في رؤوسِ الجِبالِ، فبَلَغ ماءً يقال له: ذو أمَرَّ، فعَسكرَ به، وأصاب رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه مطرٌ كثيرٌ، فابتَلَّت ثيابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وثيابُ أصحابِهِ؛ فنزل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تحتَ شجرةٍ ونَشَر ثيابَهُ لتَجِفَّ، واضطَجَع، وذلك بمَرأًى من المُشرِكين، واشتَغَل المسلمون في شؤونِهم. فبَعَث المشركون رَجلًا شُجاعًا منهم يقال له: دُعْثورُ بنُ الحارث، وكان سيِّدَها وأشجَعَها، ومعه سيفٌ متقلِّدٌ به، فبادَرَ دُعْثورٌ وأقبَلَ مُشتَمِلًا على السَّيفِ، حتى قام على رأسِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالسَّيفِ مشهورًا، فقال: يا مُحمَّدُ، مَن يَمنَعُك مِنِّي اليَومَ؟ فقال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "اللهُ". ودَفَع جِبريلُ في صدرِه، فوقَع السَّيفُ من يدِه؛ فأخَذه رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال له: "مَن يَمنَعُك مِنِّي؟!" فقال: لا أحَدَ، وأنا أشهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ الله، والله لا أُكثِّرُ عليك جَمعًا أبدًا، فأعطاهُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سيفَه.ثم أتى قَومَه فقالوا: ما لك؟ وَيلَكَ! فقال: نَظرتُ إلى رجلٍ طَويلٍ، فدَفَع في صَدري، فوَقَعتُ لظَهري، فعَرَفتُ أنَّه مَلَك، وشَهِدتُ بأنَّ مُحَمَّدًا رسول الله، واللهِ لا أُكثِّرُ عليه جَمعًا. وجَعَل يَدعو قومَه إلى الإسلامِ. وأنزل الله تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [المائدة 11]. وعاد رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ، ولم يَلْقَ كَيدًا، وكانت غَيبَتُه خمسَ عشرةَ ليلةً، وقيل: قام رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بنَجدٍ صَفَرَ كُلَّه.

العام الهجري : 18 العام الميلادي : 639
تفاصيل الحدث:

هو أمينُ الأُمَّةِ عامرُ بن عبدِ الله بن الجَرَّاح رضِي الله عنه، اشْتَهَر بكُنْيَتِه, أبي عُبيدةَ، أحدُ العشرةِ المُبَشَّرين بالجنَّةِ، شَهِدَ بدرًا وأُحُدًا والمَشاهِدَ كُلَّها مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو مِن السَّابقين إلى الإسلامِ، وهاجَر إلى الحَبَشةِ وإلى المدينةِ أيضًا، وكان يُدْعى: القويَّ الأمينَ، آخَى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بينه وبين أبي طَلحةَ الأنصاريِّ، كان مِن القُوَّادِ الفاتحين زَمَنَ عُمَر، حيث عَيَّنهُ قائدًا لِجُيوشِ الشَّام بعدَ عَزْلِ خالدِ بن الوَليد، وكان عُمَرُ يُجِلُّهُ كثيرًا حتَّى قِيلَ: إنَّ عُمَر قال: لو كان أبو عُبيدةَ حَيًّا لاسْتَخْلَفْتُه, وقال عُمَرُ لأصحابِه يومًا: تَمَنَّوْا. فقال رجلٌ أَتَمَنَّى لو أنَّ لي هذه الدَّارَ مَملوءةٌ ذهبًا انْفقتُه في سَبيلِ الله عزَّ وجلَّ. ثمَّ قال: تَمَنَّوْا. فقال رجلٌ: أَتَمَنَّى لو أنَّها مملوءةٌ لُؤْلُؤًا وزَبَرْجَدًا أو جَوْهرًا أُنْفِقُه في سَبيلِ الله عَزَّ وجلَّ وأَتَصدَّقُ به. ثمَّ قال: تَمَنَّوْا. فقالوا: ما نَدري يا أميرَ المؤمنين. فقال عُمَرُ: أَتَمَنَّى لو أنَّ هذا الدَّارَ مملوءةٌ رِجالًا مِثلَ أبي عُبيدةَ بن الجَرَّاحِ. تُوفِّيَ في طاعون عَمْواس على المشهورِ.

العام الهجري : 252 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 866
تفاصيل الحدث:

هو المؤيَّدُ إبراهيمُ بن جعفر المتوكِّل على الله، أحدُ وُلاةِ العهد الثلاثة بعد الخليفةِ المتوكِّل: وهم المنتصر بالله، والمعتَزُّ بالله، والمؤيَّد، تمَّ خَلْعُه من ولاية العهد مرتين؛ الأولى: في عهد أخيه المنتصِر؛ حيث قام بخلعِه مع المعتز بضَغطٍ من قادة الأتراك, والثانية: على يد أخيه المعتزِّ بالله؛ حيث تمَّ إجبارُه على خَلعِ نَفسِه من ولاية العهدِ، ومن ثمَّ تمَّ قتلُه في ظروف غامضة, وكانت امرأةٌ من نساء الأتراك قد جاءت إلى محمَّد بن راشد المغربي فأخبَرَته أنَّ الأتراك يريدون إخراج إبراهيمَ المؤيَّد من الحبس، وركب محمد بن راشد إلى المعتز فأعلَمَه ذلك، فدعا بموسى بن بغا فسأله فأنكر، وقال: يا أمير المؤمنين إنما أرادوا أن يُخرِجوا أبا أحمد بن المتوكِّل لأُنسِهم به، وأما المؤيَّد فلا، فلما كان يومُ الخميس لثمانٍ بَقِين من رجبٍ دعا المعتزُّ القضاةَ والفقهاء والشهودَ والوجوه، فأُخرِجَ إليهم إبراهيمُ المؤيَّد ميتًا لا أثر به ولا جُرحَ، وحُمِلَ إلى أمه على حمارٍ، وحُمِلَ معه كفَنٌ وحَنوطٌ، وأُمِرَ بدَفنِه، وحول أبو أحمد إلى الحجرة التي كان فيها المؤيَّد، فيقال غُطِّي على أنفِه فمات، وقيل: أُقعِدَ في الثلج ووُضِعَ على رأسه، وقيل في سبب موتِه أشياء أخرى.

العام الهجري : 400 العام الميلادي : 1009
تفاصيل الحدث:

لَمَّا شاع صنيعُ الحاكِمِ في الأمورِ التي خرَقَ العاداتِ فيها، ودُعِيَ عليه في أعقابِ الصَّلواتِ وظُوهِرَ بذلك، أشفَقَ وخاف، وأمَرَ بعمارةِ دارِ العِلمِ وفَرَشَها، ونقل إليها الكُتُبَ العظيمةَ، وأسكَنَها مِن شُيوخِ السُّنَّة شَيخينِ، يُعرَفُ أحدُهما بأبي بكرٍ الأنطاكيِّ، وخلَعَ عليهما وقَرَّبَهما ورَسَم لهما بحضورِ مَجلِسِه ومُلازمتِه، وجمع الفُقَهاءَ والمُحَدِّثينَ إليها، وأمَرَ أن يُقرأَ بها فضائلُ الصَّحابة، ورَفَع عنهم الاعتراضَ في ذلك، وأظهَرَ المَيلَ إلى مذهَبِ الإمامِ مالكٍ والقَولَ به، ولَبِسَ الصُّوفَ في هذه السَّنةِ يومَ الجُمُعةِ عاشِرَ شَهرِ رَمَضان، ورَكِبَ الحِمارَ، وأظهَرَ النُّسُك وملأ كَفَّه دفاتِرَ، وخطَبَ بالنَّاسِ يومَ الجُمُعةِ وصلى بهم، ومنَعَ مِن أن يُخاطَبَ يا مولانا، ومِن تقبيلِ الأرضِ بينَ يديه، وأقام الرَّواتِبَ لِمَن يأوي المساجدَ مِن الفُقراءِ والقُرَّاء والغُرَباء وأبناءِ السَّبيل، وأجرى لهم الأرزاقَ، وأقام على ذلك ثلاثَ سنينَ، ثم بدا له بعد ذلك، فقَتَل الفقيهَ أبا بكرٍ الأنطاكيَّ والشيخَ الآخَرَ، وخَلْقًا كثيرًا آخَرَ مِن أهلِ السُّنَّةِ، لا لأمرٍ يقتضي ذلك، وفعَلَ ذلك كُلَّه في يومٍ واحد. وأغلق دارَ العِلمِ، ومنَعَ مِن جميعِ ما كان فعَلَه، وعاد إلى ما كان عليه أوَّلًا من قَتلِ العُلَماءِ والفُقَهاء، وأزيدَ.

العام الهجري : 540 العام الميلادي : 1145
تفاصيل الحدث:

لَمَّا أراد السُّلطانُ مسعود الرَّحيلَ مِن بغداد، أشار عليه الأميرُ المهلهل أن يَحبِسَ عليَّ بن دبيس بقلعةِ تكريت، فعَلِمَ ذلك، فهَرَب في جماعةٍ يَسيرةٍ نحو خمسة عشر، فمضى إلى الأزيز، وجمَعَ بني أسدٍ وغَيرَهم، وسار إلى الحلَّةِ وبها أخوه مُحمَّد بن دبيس، فقاتَلَه، فانهزَمَ مُحمَّد، ومَلَك عليٌّ الحلَّةَ، واستهان السُّلطانُ أمْرَه أوَّلًا، فاستفحل وضَمَّ إليه جَمعًا مِن غِلمانِه وغِلمانِ أبيه وأهلِ بيتِه وعساكِرِهم، وكَثُرَ جَمعُهم، فسار إليه مهلهل فيمن معه في بغداد من العسكَرِ، وضَرَبوا معه مصافًا، فكسَرَهم وعادوا مُنهَزِمينَ إلى بغداد وكان أهلُ الحلَّةِ يتعَصَّبونَ لعليِّ بنِ دبيس، وكانوا يَصيحون إذا رَكِبَ مُهلهَل وبعضُ أصحابه: يا عليُّ، كله. وكثر ذلك منهم بحيث امتنع مهلهل مِنَ الرُّكوبِ، ومَدَّ عليٌّ يَدَه في أقطاعِ الأُمَراءِ بالحلة، وتصَرَّف فيها، وصار شحنة بغداد ومَن فيها على وجَلٍ منه، وجمَعَ الخليفةُ جَماعةً وجَعَلَهم على السُّورِ لحِفظِه، وراسَل عليًّا، فأعاد الجوابَ بأنَّني العبدُ المطيعُ مهما رُسِمَ لي فعَلْتُ؛ فسكن النَّاسُ، ووصَلَت الأخبارُ بعد ذلك أنَّ السُّلطانَ مَسعودًا تفَرَّقَ خُصومُه عنه، فازداد سُكونُ النَّاسِ.

العام الهجري : 953 العام الميلادي : 1546
تفاصيل الحدث:

هو القائد العثماني خيرُ الدين خضر بن يعقوب بن يوسف أحدُ أكبرِ قادة الأساطيل العثمانية، وأحد رموزِ الجهاد البحري، لقَّبه السلطان سليم الأول بخير الدين باشا، وعُرِف لدى الأوروبيين ببربروسا، أي: ذي اللحية الحمراء، ولِدَ سنة 871 ويذكَرُ أن والده يعقوب أصلُه من بقايا الفاتحين المسلمين الأتراك الذين استقرُّوا في جزيرة مدللي إحدى جزر الأرخبيل، وأمه سيدة مسلمة أندلسية كان لها الأثرُ على أولادها في تحويل نشاطِهم شطرَ بلاد الأندلس التي كانت تئِنُّ في ذلك الوقت من بطش الإسبانِ والبرتغاليين، عاش هو وأخوه عروج في جربة التونسية، وجعلاها مركزًا لعملياتهم العسكرية في البحر المتوسط، والتصدي للقراصنة الصليبيين, فحقَّق هو وأخوه عروج باشا كثيرًا من الانتصارات ضِدَّ النصارى القراصنة، ثم تحالف خير الدين مع العثمانيين لمواصلة نشاطه الجهادي المميَّز، وقد أُعجِب به السلطان العثماني سليمان القانوني حتى عيَّنه أميرَ البحار، وخاض مع العثمانيين كثيرًا من الحروب البحرية الهامَّة، خاصةً في سواحل شمال إفريقيا والسواحل الأوروبية, ثم عُيِّنَ واليًا على الجزائر، وكان شعلةً من النشاط في القتال والجهاد البحري, فاكتسب شهرةً واسعة حتى في أوروبا التي أصبحت تخافُه, وتنسِبُ كلَّ شر يصيبها إلى خير الدين بربروسا. توفي في الجزائر.

العام الهجري : 807 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1405
تفاصيل الحدث:

هو الطاغية تيمورلنك كوركان بن أيتمش قنلغ بن زنكي بن سنيا بن طارم بن طغريل بن قليج بن سنقور بن كنجك بن طغر سبوقا بن التاخان، المغولي الأصل، من طائفة جغتاي، واسمه تمرلنك وقيل تيمور، كلاهما بمعنى واحد، والثاني أفصح، وهو باللغة التركية: الحديد. ومعنى لنك: الأعرج، ومعنى كوركان: صهر الملك، وهو ينتمي إلى قبيلة البرلاس التركية، وقد كان أحد أجداده وهو قراجا رنويان قد دعم جنكيز خان فأحبَّه وجعله وصيًّا على ابنه جغطاي، فبرز بين المغول وعرف. ولد تيمور عام 736 في كش، وقيل: إنه دخل في الإسلام على مذهب الشيعة. وكان تيمور طويل القامة، كبير الجبهة، عظيم الهامة، شديد القوَّة، أبيض اللون مشربًا بحمرة، عريض الأكتاف، غليظ الأصابع، مسترسل اللِّحية، أشلَّ اليد، أعرج اليمنى، تتوقَّد عيناه، جهير الصَّوت، لا يهاب الموت، قد بلغ الثمانين، وهو متمتِّع بحواسه وقوَّته. وكان يكره المزاَّح ويبغض الكذّاب، قليل الميل إلى اللهو، على أنّه كان يعجبه الصوت الحسن، وكان نقش خاتمه: رستى رستى، ومعناه: "صدقت نجوت" وكان له فراسات عجيبة، وسعد عظيم، وحظ زائد في رعيته، وكان له عزم ثابت، وفهم دقيق، محجاجًا سريع الإدراك، متيقِّظَا يفهم الرَّمز ويدرك اللمحة، ولا يخفى عليه تلبيس ملبِّس، وكان إذا عزم على شيء لا ينثني عنه، وكان يقال له: صاحب قران الأقاليم السبعة، وقهرمان الماء والطين، وقاهر الملوك والسَّلاطين، وكان مغرمًا بسماع التاريخ وقصص الأنبياء عليهم السَّلام ليلًا ونهارا، حتى صار-لكثرة سماعه للتاريخ- يردُّ على القارئ إذا غلط فيها، وكان يحبُّ العلم والعلماء، ويقرِّب السَّادة الأشراف، ويُدني أرباب الفنون والصَّنائع. وكان انبساطه بهيبة ووقار، وكان يباحث أهل العلم وينصف في بحثه، ويبغض الشُّعراء والمضحكين، ويعتمد على أقوال الأطبَّاء والمنجِّمين، حتى إنَّه كان لا يتحرَّك بحركة إلا باختيار فلكي, وكان يلازم لعب الشطرنج، وكان الشيخ عبد الجبَّار بن عبد الله المعتزلي الحنفي الخوارزمي عالم الدّشت، صاحب تيمورلنك وإمامه وعالمه وترجمانه. ولتيمور واقعة مع العلَّامة القاضي محب الدين أبي الوليد محمد بن محمد بن محمود الحلبي قاضيها الحنفي المعروف بابن الشحنة: لما أخذ تيمور قلعة حلب بالأمان والأيمان فاستحضر علماءها وقضاتها فحضروا إليه وطلب من معه من أهل العلم، فقال لكبيرهم عنده، وهو عبد الجبار ابن العلامة نعمان الدين الحنفي، قُل لهم: إني سائلهم عن مسائل سألت عنها علماء سمرقند وبخارى وهراة وخراسان وسائر البلاد التي افتتحتها فلم يفصحوا الجواب، فلا تكونوا مثلهم، ولا يجاوبني إلا أعلمكم وأفضلكم، وليعرف ما يتكلم به؛ فإني خالطت العلماء، وكان يعنت العلماء في الأسئلة ويجعل ذلك سببًا إلى قتلهم أو تعذيبهم، قال القاضي ابن الشحنة، فقال القاضي شرف الدين موسى الأنصاري الشافعي: هذا شيخنا ومدرس هذه البلاد ومفتيها مشيرًا إليَّ، سلوه. قال: فقال لي قاضيه عبد الجبار: سلطاننا يقول: إنه بالأمس قُتِل منا ومنكم، فمن الشهيد: قتيلُنا أم قتيلكم؟ فوجم الجميع وقلنا في أنفسنا: هذا الذي كان يبلغنا عنه من التعنت، وسكت القوم ففتح الله عليَّ بجواب سريع بديع فألقى إلي تيمور سمعه وبصره، وقال لعبد الجبار يسخر من كلامي: كيف سئل رسول الله عن هذا؟ وكيف أجاب؟ فقلت: جاء أعرابي إلى رسول الله، فقال: يا رسول الله، إن الرجل يُقاتِلُ حميةً ويقاتل ليريَ مكانه من الشجاعة، فأينا الشهيد في سبيل الله؟ فقال: ((من قاتل لتكونَ كلمة الله هي العليا، فهو الشهيد)). فقال تيمورلنك: خوب خوب! فانفتح باب المؤانسة، فكثر منه السؤال وكثر مني الجواب، وكان آخر ما سأل أن قال: ما تقولون في علي ومعاوية ويزيد؟ فأسرَّ إلى القاضي شرف الدين: أن اعرِفْ كيف تجاوبُه؛ فإنه شيعي، فلم أفرغ من سماع كلامه إلا وقد قال القاضي علم الدين القفصي المالكي كلامًا معناه: إن الكل مجتهدون، فغضب لذلك غضبًا شديدًا، وقال: علي على الحق، ومعاوية ظالم، ويزيد فاسق، وأنتم حلبيون تبع لأهل دمشق، وهم يزيدون قتلوا الحسين، قال: فأخذت في ملاطفته والاعتذار عن المالكي بأنه أجاب بشيء وجده في كتاب لا يعرف معناه، فعاد إليَّ دون ما كان عليه من البسط, وحضر صلاة المغرب وأقيمت الصلاة وأمَّنا عبد الجبار، وصلى تيمورلنك إلى جانبي قائمًا يركع ويسجد، ثم تفرقنا، وفي اليوم الثاني: غدر بكل من في القلعة وأخذ جميع ما كان فيها من الأموال والأقمشة والأمتعة ما لا يحصى، أخبرني بعض كُتابه أنه لم يكن أخذ من مدينة قط ما أخذ من هذه القلعة، وعوقب غالب المسلمين بأنواع من العقوبة، وحبسوا بالقلعة. بعد أن عاد تيمورلنك من حربه مع العثمانيين واستقر في سمرقند استعدَّ لغزو الصين، فتوجه بجيوشه إليها، ولكن وفي الطريق هاجت العواصف الثلجية فتأثر ببردها، فكانت وفاته في ليلة الأربعاء سابع عشر شعبان سنة 807 وهو نازل بالقرب من أترار، وأترار بالقرب من آهنكران، ومعنى آهنكران باللغة العربية: الحدادون، وكان سبب موته أنَّه خرج من بلاده لأخذ بلاد الصِّين، وقد انقضى فصل الصيف ودخل الخريف، وكتب إلى عساكره أن يأخذوا الأُهبة لمدة أربع سنين، فاستعدوا لذلك وأتوه من كلِّ جهة، وصُنِع له خمسمائة عجلة لحمل أثقاله. ثمَّ خرج من سمرقند  في شهر رجب وقد اشتد البرد، ونزل على سيحون وهو جامد، فعبره ومرَّ سائرا، فأرسل الله عليه من عذابه جبالًا من الثلج التي لم يُعهَد بمثلها مع قوَّة البرد الشديد، فلم يبقَ أحد من عساكره حتى امتلأت آذانهم وعيونهم وخياشيمهم، وآذان دوابهم وأعينها من الثلج، إلى أن كادت أرواحهم تذهب. ثمَّ اشتدت تلك الرِّياح، وملأ الثلج جميع الأرض -مع سعتها- فهلكت بهائمهم. وجمد كثير من النّاس، وتساقطوا عن خيولهم موتًا. وجاء بعقب هذا الثَّلج والرّيح أمطار كالبحار، وتيمور مع ذلك لا يرقُّ لأحد، ولا يبالي بما نزل بالناس، بل يجدُّ في السَّير، فما أن وصل تيمور إلى مدينة أترار حتى هلك خلق كثير من قواته, ثمَّ أمر تيمور أن يستقطر له الخمر حتى يستعمله بأدوية حارَّة لدفع البرد وتقوية الحرارة، فعُمِل له ما أراد من ذلك, فشرع تيمور يستعمله ولا يسأل عن أخبار عساكره وما هم فيه، إلى أن أثَّرت حرارة ذلك وأخذت في إحراق كبده وأمعائه، فالتهب مزاجه حتى ضَعُف بدنه، وهو يتجلَّد ويسير السَّير السّريع، وأطبَّاؤه يعالجونه بتدبير مزاجه إلى أن صاروا يضعون الثلج على بطنه؛ لعِظَمِ ما به من التلهب، وهو مطروح مدة ثلاثة أيام، فتَلِفَت كَبِده، وصار يضطرب ولونه يحمرُّ، ونساؤه وخواصُّه في صراخ، إلى أن هلك إلى لعنة الله وسَخَطِه، ولما مات لبسوا عليه المسوح، ولم يكن معه أحد من أولاده سوى حفيده سلطان خليل بن ميران شاه بن تيمور، فعاد إلى سمرقند برمَّة جده تيمور. فخرج النَّاس إلى لقائه لابسين المسوح بأسرهم، وهم يبكون ويصرخون، ودخل ورمَّةُ تيمور بين يديه في تابوت أبنوس، والملوك والأمراء وكافة النَّاس مشاة بين يديه، وقد كشفوا رؤوسهم وعليهم المسوح، إلى أن دفنوه على حفيده محمد سلطان بمدرسته، وأقيم عليه العزاء أيَّامًا، وقُرِئَت عنده الختمات، وفُرِّقت الصَّدقات، ومدَّت الحلاوات والأسمطة بتلك الهمم العظيمة، ونُشِرت أقمشته على قبره، وعلَّقوا سلاحه وأمتعته على الحيطان حوالي قبره، وكلُّها ما بين مرصع ومكلل ومزركش، في تلك القبّة العظيمة، وعُلِّقت بالقبَّة قناديل الذَّهب والفضَّة، من جملتها قنديل من ذهب زنته أربعة آلاف مثقال -وهو رطل بالسَّمرقندي، وعشرة أرطال بالدِّمشقي، وأربعون رطلًا بالمصري- وفرشت المدرسة بالبُسُط الحرير والدِّيباج. ثمَّ نُقِلت رمَّتُه إلى تابوت من فولاذ عُمِل بشيراز، وهو على قبره إلى الآن، وتحمل إليه النَّذورة من الأعمال البعيدة، ويُقصَد قبره للزِّيارة والتّبرُّك به، ويأتي قبره من له حاجة ويدعو عنده!! وإذا مرَّ على هذه المدرسة أمير أو جليل خضع ونزل عن فرسه إجلالًا لقبره؛ لِما له في صدورهم من الهيبة. فتسلطن بعده حفيده خليل بن ميران شاه فاستولى خليل على خزائن جده وبذل الأموال، وتم أمرُه إلا أن ولدَي تيمور: شاه رخ، وجلال الدين ميرانشاه، اقتسموا المملكة بينهما بخط ممتد على حدود إيران، فأخذ شاه رخ الغرب، وفيه العراق وأذربيجان وأجزاء من بلاد القفجاق القوقاز، وأخذ ميانشاه الشرق، وفيه خراسان وسجستان وأصفهان وشيراز.

العام الهجري : 116 العام الميلادي : 734
تفاصيل الحدث:

اسْتَعمَل هِشامُ بن عبدِ الملك مَرْوانَ بن محمَّد بن مَرْوان -وهو ابنُ عَمِّه- على الجَزيرَة الفراتية وأذربيجان وأرمينية، وكان سَبَبُ ذلك أن مَرْوان بن محمَّد قال لهِشام: قد كان مِن دُخولِ الخَزَر إلى بِلادِ الإسلام وقَتْل الجَرَّاح وغَيرِه مِن المسلمين ما دَخَل به الوَهَنُ على المسلمين, أنَّ مَسلمَة بن عبد الملك، ما وَطِئ مِن بِلادِهم إلَّا أَدْناها، وكان قُصاراه السَّلامَة، وقد أَردتُ أن تَأذَن لي في غَزْوَةٍ أُذْهِبُ بها عَنَّا العارَ، وأَنْتَقِمُ مِن العَدُوِّ. فأَذِنَ له واسْتَعمَله على أرمينية, فسار إلى أرمينية والِيًا عليها، وسَيَّرَ هِشامٌ الجُنودَ مِن الشَّامِ والعِراقِ والجَزيرَة، فاجْتَمَع عِندَه مِن الجُنودِ والمُتَطَوِّعَة مائة وعشرون ألفًا، فأَظْهَر أنَّه يُريدُ غَزْوَ اللَّان وقَصَد بِلادَهم، وأَرسَل إلى مَلِك الخَزَر يَطلُب منه المُهادَنَة، فأَجابَه إلى ذلك، وأَرسَل إليه مَن يُقرِّرُ الصُّلْحَ، فأَمسَك الرَّسولَ عنده إلى أن فَرَغ مِن جِهازِه وما يُريدُ، ثمَّ أَغْلَظ لهم القَوْلَ وآذَنَهم بالحَرْبِ، وسَيَّرَ الرَّسولَ إلى صاحِبِه بذلك، فما وَصَل الرَّسولُ إلى صاحِبِه إلَّا ومَرْوان قد وافاهُم، فأَعْلَم صاحِبَه الخَبَرَ، وأَخبَره بما جَمَع له مَرْوان وحَشَد واسْتَعَدَّ. فاسْتَشار مَلِكُ الخَزَر أَصحابَه، فقالوا: إنَّ هذا قد اغْتَرَّكَ ودَخَل بِلادَك، فإن أَقَمْتَ إلى أن تَجْمَع لم يَجْتَمِع عندك إلى مُدَّة فيَبْلُغ مِنك ما يُريد، وإن أنت لَقِيتَه على حالِك هذه هَزَمَك وظَفَر بك، والرَّأيُ أن تَتَأَخَّر إلى أَقْصَى بِلادِك وتَدَعَه وما يُريدُ. فقَبِلَ رَأيَهم وسار حيث أَمَروه. ودَخَل مَرْوان بِلادَهم وأَوْغَل فيها وأَخْرَبَها، وغَنِمَ وسَبَى وانْتَهي إلى آخِرِها وأَقام فيها عِدَّةَ أيَّامٍ حتَّى أَذَلَّهم وانْتَقَم منهم، ودَخَل بِلادَ مَلِك السَّرير فأَوْقَع بِأَهلِه، وفَتَح قِلاعًا، ودان له المَلِكُ، وصالَحه على ألفِ رَأسٍ، وخمسمائة غُلام، وخمسمائة جارِيَة سُود الشُّعور، ومائة ألف مُدْيٍ تُحْمَل إلى البابِ، وصالَح مَرْوان أهلَ تومان على مائة رَأسٍ، وعشرين ألف مُدْيٍ، ثمَّ دَخَل أَرضَ زريكران، فصالَحَه مَلِكُها، ثمَّ أَتَى إلى أَرضِ حمزين، فأبى حمزين أن يُصالِحَه، فحَصَرَهُم فافْتَتَح حِصْنَهم، ثمَّ أَتَى سغدان فافْتَتَحَها صُلْحًا، ووَظَّفَ على طيرشانشاه عشرة آلاف مُدْيٍ كُلَّ سَنة تُحْمَل إلى البابِ، ثمَّ نَزَل على قَلْعَة صاحِب اللكز، وقد امْتَنَع من أَداءِ الوَظيفَة، فخَرَج مَلِكُ اللكز يُريد مَلِكَ الخَزَر، فقَتَله راعٍ بِسَهْمٍ وهو لا يَعرِفُه، فصالَح أَهلُ اللكز مَرْوانَ، واسْتَعْمَل عليهم عامِلًا، وسار إلى قَلعَة شروان، وهي على البَحرِ، فأَذْعَن بالطَّاعَة، وسار إلى الدّوداني فأَقْلَع بهم ثمَّ عاد.

العام الهجري : 1012 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1603
تفاصيل الحدث:

هو السلطان محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن يزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان بن الغازي عثمان، السلطانُ العثماني الثالثَ عشر من سلاطين العثمانيين، ولِدَ في ذي القعدة سنة 974, وكانت والدتُه جاريةً بندقيةَ الأصلِ أحبَّها والده فاصطفاها زوجةً له. أمَّره أبوه على مغنيسا في أواخر سنة 991 ودام واليًا بها إلى موت والده، فجلس مكانه سنة 1003, وقد افتُريَ عليه أنَّه بدأ حكمه بقتل تسعة عشر أخًا من إخوته الذكور. كان السلطان في بداية حكمِه قد ترك إدارةَ الدولة لوزرائه, فأثَّرَ هذا في قوَّة الدولة فضَعُفت داخليًّا وتعرَّضت لعدة هزائم من خصومِها في الخارج، فنصحه عددٌ من العلماء بقيادة جيوش الدولة، فتولى قيادة غالبِ معاركها فدَبَّ في جيشِه الحميَّةُ والغيرة، ففتح قلعةَ أراو الصعبة التي عجز جدُّه السلطان سليمان القانوني عن فتحِها على الرغم من قوَّته وقوة دولته في حينها، كما قابل قواتِ السلطان محمد الثالث التحالفُ النمساوي المَجَري المعادي للدولة العثمانية في معركة كرزت، فحطَّمها ودمرها. حدث في عهده تمرُّدان؛ الأول: ثورة الفرارين، وهم الذين فرُّوا أثناء معركة كرزت، فأمر السلطان بنفيهم إلى الأناضول فتمردوا على الدولة أكثَرَ من مرة, والثورة الأخرى: ثورة الخيالة (السباه) في إستانبول، ثاروا بسبب عجز الدولة عن تعويضِهم عمَّا فقدوه من ريع أملاكِهم أثناء ثورة الفرارين في الأناضول. كان السلطان محمد الثالث سلطانًا وقورًا وجيهًا مَهيبًا صالحًا عابدًا سخيًّا، مخلِصًا عدلًا. وله من الأولاد الذكور سليم خان مات في رمضان سنة 1005 ومحمود خان قتله أبوه في ذي الحجة سنة 1011 وأحمد خان وارثه، بعد أن أخمد الحركاتِ التمردية، والثورات العنيفة، وقاد الجيوشَ بنفسه، وكانت وفاته في نهار الأحد الثامن عشر من رجب من هذه السنة، ومدة حكمه تسع سنين وشهران ويومان، وله من العمر ثمانٍ وثلاثون سنة، وتولَّى بعده ابنه أحمد الأول الذي تولى الحكم وعمره 14 سنة ولم يجلسْ أحد قبلَه من سلاطين العثمانيين في هذه السنِّ على العرش، ثم أبقى أخاه مصطفى محجوزًا مع الجواري والخَدَم بدلَ قتلِه.

العام الهجري : 1265 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1849
تفاصيل الحدث:

هو محمد علي باشا المسعود بن إبراهيم آغا القوللي الملقَّب بعزيز مصر، مؤسِّسُ الأسرة العَلَوية وحاكم مصر، من مواليد قوالة على الساحل المقدوني 1769م، كان عمه يشغل منصب (متسلم - أو نائب والي) وفي ديوان عمِّه هذا تمرَّس محمد علي بالأعمال والمعاملات من غيرِ أن يحظى بتربيةٍ مدرسية صحيحة. حتى إذا بلغ العشرين كان قد نجح في تجارةِ التبغ وعقد الصفقاتِ فيها، والتبغ مادةُ التجارة الرئيسية في بلده الأم. وظهرت عليه أمارات النزوع إلى السلطة وقوة الشخصية منذ نعومةِ أظفاره. وعندما غزا نابليون مصر أرسل السلطان سليم الثالث بِضعَ سُفُن حاملة جنودًا إلى مصر في صيف سنة 1799. كان على عمِّ محمد علي أن يبعثَ إلى مصر أيضا بكتيبةٍ مؤلفة من ثلاثمائة رجل، فعهد إلى ابنِه الصغير بقيادتِها، وعيَّن محمد علي مستشارًا لابنه. ولم تكد الكتيبةُ تَصِلُ إلى مصر حتى تولَّى محمد علي القيادةَ الفعليةَ، وأظهر في المعارك التي قادها ضِدَّ الفرنسيين من الكفاءةِ القيادية ما أهَّلَه للوثوب بقفزةٍ واحدة إلى منصِبِ القيادة العامة في سنة 1801م، وفي سنة 1805 أصبح حاكِمَ مصر بدون منازِعٍ، مستعينًا على بلوغ مأربه بشيوخِ الأزهر. ووافق السلطانُ على تعيينه واليًا على مصر. ومنحه لقبَ باشا. وأظهر من الغَيرة على الدين والرَّغبة في الجهاد والعمل لبناء مصر، ما جعله يستحوِذُ على محبة أهل مصر الذين التَفُّوا حوله وساندوه. خاض محمد علي في بداية فترة حكمه حربًا داخليَّةً ضِدَّ المماليك والإنجليز إلى أن خضعت له مصرُ بالكليَّة، ثم خاض حروبًا بالوكالةِ عن الدولة العثمانية في جزيرة العرب ضِدَّ الوهَّابيين وضِدَّ الثوار اليونانيين الثائرين على الحكم العثماني في المورة، كما وسَّع دولته جنوبًا بضمه للسودان. خلال فترة حكمِه لمصر استطاع أن ينهض بمصر عسكريًّا وتعليميًّا وصناعيًّا وزراعيًّا وتجاريًّا؛ مما جعل من مصرَ دولةً ذات ثقل في تلك الفترة، حتى أصبح ينافس الدولةَ العثمانية نفسَها؛ فقد خاض حروبًا ضِدَّها حتى دخل الأناضول وكاد يُسقِطُ الدولة العثمانية، ولكن أُخمِدَت حركتُه لتعارضها مع مصالحِ الدُّوَل الغربية التي أوقفت محمد علي وأرغمَتْه على التنازل عن معظم الأراضي التي ضَمَّها. وبسبب المشاكل في آخرِ عهد محمد علي الناجمة عن كثرة حروبِه مع خصومِه وغَرَقِ مِصرَ بالديون تخلَّى عن الحكم لابنه إبراهيم باشا في شعبان من سنة 1264هـ ثمَّ لم يعمَّرْ بعدها كثيرًا حتى توفِّيَ في رجب من هذا العامِ.

العام الهجري : 3 ق هـ الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 620
تفاصيل الحدث:


هي خَديجةُ بنتُ خويلدِ بنِ أسدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَيِّ بنِ كِلابٍ، مِن خيرِ نِساءِ الدُّنيا، أتى جبريلُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله، هذه خديجةُ قد أتتْكَ بإناءٍ فيه إدامٌ -أو طعامٌ أو شرابٌ- فإذا أتتْكَ فَاقرأْ عليها السَّلامَ مِن رَبِّها ومِنِّي، وبَشِّرها بِبيتٍ في الجنَّةِ من قَصبٍ لا صَخَبَ فيهِ ولا نَصَبَ. كانتْ خَديجةُ أوَّلَ مَنْ أَسلمَ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. آمنتْ بهِ إذ كفرَ بهِ النَّاسُ، وآوَتْهُ إذ رَفضهُ النَّاسُ، وصَدَّقتهُ إذ كَذَّبهُ النَّاسُ، ورزقهُ الله منها الوَلَدَ: القاسِمَ، والطَّيِّبَ، والطَّاهِرَ، ماتوا رضعًا، ورُقيَّةَ، وزَينبَ، وأمَّ كَلثومٍ، وفاطمةَ, توفِّيتْ رضي الله عنها وأبو طالبٍ في عامٍ واحدٍ، فتتابعتْ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم المصائبُ بموتهِما, فكانتْ خَديجةُ وَزيرةَ صِدقٍ على الإسلامِ، وكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَسكُن إليها. «توفِّيتْ خَديجةُ قبلَ مَخرجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينةِ بثلاثِ سِنينَ، فلَبِثَ سَنتينِ أو قريبًا من ذلك، ونكحَ عائشةَ وهي بنتُ سِتِّ سِنينَ، ثمَّ بنى بها وهي بنتُ تِسعِ سِنينَ» توفِّيتْ أمُّ المؤمنين خَديجةُ بنتِ خويلدٍ رضِي الله عنها في مكَّة، ودُفِنتْ بالحَجونِ.

العام الهجري : 1331 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1913
تفاصيل الحدث:

هو محمود شوكت باشا بن سليمان طالب العمري الفاروقي بالولاء، وهو قائِدٌ عراقي، ولي رئاسةَ الوزراء في الدولة العثمانية، وعَلَت شهرتُه في حركة الدستور العثماني. ولِدَ ببغداد سنة 1275ه وكان أبوه متصرفًا في المنتفق، فتعلَّم بها ثم بالمدرسة الحربية في الأستانة، وتقدَّم في المناصب العسكرية إلى أن أعطِيَ لقب فريق، وعيِّن واليًا لقوصوه، فقائدًا للفيلق الثالث بسلانيك. وكان من أعضاء جمعية (تركيا الفتاة) السِّرية التي كان هدفها في ذلك العهد القضاءَ على استبداد السلطان عبد الحميد الثاني. ونجحت الجمعية في إعلان (الدستور) وقامت على إثره فتنة (الرجعيين) في إبريل (1908) فزحف محمود شوكت بفيلقه من سلانيك على العاصمة (الأستانة) فدخلها عنوةً بعد يومين، وخلع السلطان عبد الحميد، وولَّى محمد رشاد، وتألَّفت وزارة كان محمود شوكت وزيرَ الحربية فيها، ثم أسندت إليه الصدارة العظمى (رئاسة الوزراء) واشتَدَّت في أيامه وما قبلها سيطرةُ الاتحاديين، وهم المظهر العلني لتركيا الفتاة، وجاهروا بسياسة تتريك العناصر، ولم يكن محمود شوكت (وهو جركسي الأصل، عربي المنبت) من أنصارِهم في تلك السياسة، اغتيل شوكت أمام نظارة الحربية، والذي صعد إلى الوزارة قبل 5 أشهر في إطار انقلاب نظَّمته جماعةُ الاتحاد والترقي، واتخذ الاتحاديون حادثَ الاغتيال وسيلةً لتصفية المعارضة، حيث أُعدم 29 شخصًا.

العام الهجري : 354 العام الميلادي : 965
تفاصيل الحدث:

هو شاعِرُ الزَّمانِ المَشهورُ، أبو الطَّيِّب أحمَدُ بنُ حُسَين بن حسن الجعفي الكوفي, الأديبُ الشهيرُ بالمتنبي. ولد سنة 303 بالكوفة في مَحلَّةٍ تسمى كندة فنُسِبَ إليها، وليس هو من كِندَةَ القبيلة، بل هو جعفيٌّ. قَدِمَ الشامَ في صباه, ثم أقام بالبادية يقتَبِسُ اللغة والأخبار, واشتغل بفنونِ الأدب ومَهَر فيها، وكان من المُكثِرينَ مِن نقلِ اللغة والمطَّلِعينَ على غَريبِها وحواشيها، ولا يُسألُ عن شَيءٍ إلَّا واستشهد فيه بكلامِ العَرَبِ مِن النَّظمِ والنَّثرِ، وكان من أذكياءِ عَصرِه. بلغ الذِّروةَ في النَّظمِ، وأربى على المتقَدِّمين, وسار ديوانُه في الآفاق، واعتنى العُلَماءُ به فشرحوه في أكثَرَ مِن أربعينَ شرحًا ما بين مُطَوَّلات ومُختصَراتٍ، ولم يُفعَلْ هذا بديوانٍ غَيرِه. كما أنَّ له حِكمًا وأمثالًا ومعانيَ مُبتكَرةً, وإنَّما قيل له المتنبِّي؛ لأنَّه ادَّعى النبُوَّةَ في باديةِ السَّماوة، وافتَتَن به بعضُ ضِعافِ العُقولِ، وكَذَب عليهم أنَّه يُوحى إليه قرآنٌ يُؤَلِّفُه مِن نَفسِه وشَيطانِه، وكان لؤلؤ أميرُ حمص من قِبَل الإخشيد قبض عليه ثمَّ أطلقه بعدما استَتابه، وقيل: إنَّه قال: أنا أوَّلُ مَن تنبَّأ بالشِّعرِ. تنقَّلَ في البلاد يمدحُ الأمراءَ مقابِلَ المال، لازم سيفَ الدولةِ كثيرًا ومدح كافور متولِّيَ أعمالِ مِصرَ ثمَّ هجاه ومدح مُعِزَّ الدَّولة البويهي, وقد نال بالشِّعرِ مالًا جليلا, يقال: وصل إليه من ابنِ العميدِ ثلاثون ألف دينار، وناله مِن عَضُدِ الدولة مثلها. كان المتنبي يركَبُ الخيلَ بزِيِّ العَرَب، وله شارةٌ وغِلمانٌ وهَيئةٌ. مدح كافورَ وفي رجليه خُفَّان وفي وسَطِه سيفٌ ومِنطَقةٌ ويركَبُ بحاجبين من مماليكِه وهما بالسُّيوفِ والمناطق، ولَمَّا لم يُرضِه كافور هجَاه وفارَقَه ليلةَ عيدِ النَّحرِ سنة 350، ووجَّهَ كافور خَلْفَه رواحِلَ إلى جِهاتٍ شَتَّى فلم يُلحَقْ، وكان كافور وعده بولايةِ بعضِ أعمالِه، فلمَّا رأى تعاليَه في شِعرِه وسُمُوَّه بنَفسِه، خافه، وعوتِبَ فيه فقال كافور: يا قومِ، مَن ادَّعى النبوَّةَ بعدَ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلم، أمَا يدَّعي المملكةَ مع كافور؟! فحَسْبُكم! والمتنبي هو القائِلُ: لولا المشقَّةُ ساد الناسُ كُلُّهم... الجودُ يُفقِرُ والإقدامُ قتَّالُ, وله عِدَّةُ أبياتٍ فائقة يُضرَبُ بها المثَلُ. وكان مُعجَبًا بنَفسِه, كثيرَ الفَخرِ والتَكبُّرِ, فمُقِتَ لذلك. يقال: إنَّ أبا المتنبِّي كان سَقَّاءً بالكوفةِ، وإلى هذا أشار بعضُ الشُّعَراءِ في هجو المتنبِّي، حيث قال: أيُّ فَضلٍ لشاعرٍ يطلُبُ الفضلَ مِن النَّاسِ بُكرةً وعَشِيَّا * عاش حينًا يبيعُ في الكوفةِ الماءَ، وحينًا يبيعُ ماءَ المُحَيَّا. وخبَرُ قَتْلِه أنَّ فاتِكَ الأسدي في جماعةٍ مِن الأعرابِ اعتَرَضوا المتنبِّي ومَن معه وكانوا متَّجِهينَ إلى بغدادَ قافلينَ مِن شيراز، عند النُّعمانيَّة مِن دير العاقول قُربَ النهروان. فقُتِلَ المتنبي ومعه ابنُه مُحَسَّد وغلامُه مُفلِح, وقيل: لَمَّا فَرَّ أبو الطيِّب حين رأى الغَلَبة، قال له غلامُه: لا يتحَدَّثُ النَّاسُ عنك بالفِرارِ أبدًا وأنت القائِلُ: فالخَيلُ واللَّيلُ والبَيداءُ تَعرِفُني... والحَربُ والضَّربُ والقِرطاسُ والقَلَمُ. فكَرَّ راجعًا حتى قُتِلَ، وكان هذا البيتُ سبَبَ قَتلِه.

العام الهجري : 518 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1124
تفاصيل الحدث:

كانت مدينةُ صور تحت حكم الفاطميين العُبيديين بمصر، ولم تَزَل كذلك إلى سنة 506، وكان الفرنجُ قد حصروها، وضَيَّقوا عليها، ونهبوا بلدَها غير مرة، فتجهَّز ملكُ الفرنج، وجمع عساكِرَه ليسيرَ إلى صور، فخافهم أهلُ صور، فأرسلوا إلى أتابك طغتكين، صاحب دمشق، يطلُبون منه أن يُرسِلَ إليهم أميرًا من عنده يتولاهم ويحميهم، ويكونُ البلد له، وقالوا له: إن أرسلتَ إلينا واليًا وعسكرًا، وإلا سلَّمْنا البلد إلى الفرنج؛ فسيَّرَ إليهم عسكرًا، وجعل عندهم واليًا اسمه مسعود، وكان شهمًا شجاعًا عارفًا بالحرب ومكايدها، وأمدَّه بعسكر، وسير إليهم ميرة ومالًا فرَّقَه فيهم، وطابت نفوس أهل البلد، ولم تُغَيَّر الخطبة للآمر بن المستعلي الفاطمي، صاحب مصر، ولا السكة، وكتب إلى الأفضل بمصر يعرِّفُه صورة الحال، ويقول: متى وصل إليها من مصر من يتولاها ويذُبٌّ عنها، سلَّمتُها إليه، ويطلب أن الأسطول لا ينقطع عنها بالرجال والقوة، فشكره الأفضل على ذلك، وأثنى عليه، وصوب رأيه فيما فعله، وجهز أسطولًا، وسيَّره إلى صور، فاستقامت أحوال أهلها. ولم يزل كذلك إلى سنة 516 بعد قتل الأفضل، فسُيِّرَ إليها أسطول على جاري العادة، وأمروا المقَدَّم على الأسطول أن يُعمِلَ الحيلة على الأمير مسعود الوالي بصور من قبل طغتكين، ويقبض عليه، ويتسلَّم البلد منه. وكان السببُ في ذلك أن أهل صور أكثروا الشكوى منه إلى الآمر العبيدي، صاحب مصر، بما يعتَمِدُه من مخالفتهم، والإضرار بهم، ففعلوا ذلك، وسار الأسطول فأرسى عند صور، فخرج مسعودٌ إليه للسلام على المقدَّم عليه، فلما صعد إلى المركب الذي فيه المقَدَّم اعتقله ونزل البلد، واستولى عليه، وعاد الأسطول إلى مصر وفيه الأمير مسعود، فأُكرِمَ وأُحسِنَ إليه وأُعيد إلى دمشق، وأما الوالي من قِبَل المصريين فإنه طيَّب قلوبَ الناس، وراسل طغتكين يخدمه بالدعاء والاعتضاد، وأن سبب ما فعل هو شكوى أهل صور من مسعود، فأحسن طغتكين الجواب، وبذل من نفسه المساعدةَ، ولما سمع الفرنج بانصراف مسعود عن صور قَوِيَ طمعهم فيها، وحدَّثوا نفوسهم بملكها، وشرعوا في الجمع والتأهُّب للنزول عليها وحَصْرها، فسمع الوالي بالخبر، فعلمَ أنَّه لا قوة له ولا طاقة على دفع الفرنج عنها؛ لقلة مَن بها من الجند والميرة، فأرسل إلى الآمر العُبيدي بذلك، فرأى أن يرُدَّ ولاية صور إلى طغتكين، صاحب دمشق، فأرسل إليه بذلك، فملك صور، ورتب بها من الجندِ وغيرهم ما ظنَّ فيه كفاية، وسار الفرنجُ إليهم ونازلوهم في ربيع الأول من هذه السنة، وضيَّقوا عليهم، ولازموا القتال، فقَلَّت الأقوات، وسَئِمَ من بها القتالَ، وضَعُفَت نفوسهم وسار طغتكين إلى بانياس ليقرُبَ منهم، ويذُبَّ عن البلد، ولعل الفرنج إذا رأوا قُرْبَه منهم رحلوا، فلم يتحركوا، ولزموا الحصار، فأرسل طغتكين إلى مصر يستنجِدُهم، فلم ينجدوه، وتمادت الأيام وأشرف أهلها على الهلاك، فراسل حينئذ طغتكين، صاحب دمشق، الفرنجَ, وقرَّر الأمر على أن يُسَلِّمَ المدينةَ إليهم، ويُمَكِّنوا مَن بها من الجند والرعية من الخروجِ منها بما يقدرون عليه من أموالهم ورحالهم وغيرها، فاستقرَّت القاعدةُ على ذلك، وفُتِحت أبواب البلد، وملكه الفرنجُ، وفارقه أهلُه، وتفرَّقوا في البلاد، وحملوا ما أطاقوا، وتركوا ما عجزوا عنه، ولم يَعرِض الفرنجُ لأحد منهم، ولم يبقَ إلا الضعيف عجز عن الحركة، وملك الفرنج البلدَ في الثالث والعشرين من جمادى الأولى، وكان سقوط صور بيد الفرنج وهنًا عظيمًا على المسلمين؛ فإنَّه من أحصنِ البلادِ وأمنَعِها.

العام الهجري : 419 العام الميلادي : 1028
تفاصيل الحدث:

ثار الجُندُ الأتراكُ ببغداد على جَلالِ الدَّولة البُويهيِّ الشِّيعيِّ، وشَغَّبوا، وطالبوا الوزيرَ أبا علي بنَ ماكولا بما لهم من العلوفةِ والأدرار، ونَهَبوا دارَه ودُورَ كُتَّاب المَلِك وحواشيه، حتى المُغَنِّينَ والمُخَنَّثين، ونَهَبوا صياغاتٍ أخرَجَها جلالُ الدَّولة لتُضرَبَ دنانيرَ ودراهِمَ، وتُفَرَّق فيهم، وحَصَروا جلالَ الدَّولة في داره، ومَنَعوه الطَّعامَ والماءَ، حتى شَرِبَ أهلُه ماءَ البئر، وأكَلوا ثمرةَ البُستانِ، فسألهم أن يُمَكِّنوه من الانحدارِ، فاستأجروا له ولأهلِه وأثقالِه سُفُنًا، فجَعَل بين الدارِ والسُّفُن سُرادقًا لتجتازَ حَرَمُه فيه، لئلَّا يراهم العامَّةُ والأجنادُ، فقصَدَ بعضُ الأتراكِ السُّرادِقَ، فظَنَّ جلالُ الدَّولة أنَّهم يريدونَ الحَرَم، فصاح بهم يقولُ لهم: بلَغَ أمرُكم إلى الحَرَمِ! وتقَدَّم إليهم فصاح صِغارُ الغِلمانِ والعامَّة: جلالُ الدَّولة يا منصورُ، ونزل أحدُهم عن فَرَسِه وأركَبَه إيَّاه، وقَبَّلوا الأرضَ بين يَدَيه، فلمَّا رأى قُوَّادُ الأتراك ذلك هربوا إلى خيامِهم بالرَّملة، وخافوا على نُفوسِهم، وكان في الخِزانةِ سِلاحٌ كثيرٌ، فأعطاه جلالُ الدَّولة أصاغِرَ الغِلمانِ وجعَلَهم عنده، ثمَّ أرسل إلى الخليفةِ ليُصلِحَ الأمرَ مع أولئك القُوَّاد، فأرسَلَ إليهم الخليفةُ القادِرُ بالله، فأصلح بينهم وبين جلالِ الدَّولة، وحَلَفوا، فقَبَّلوا الأرضَ بينَ يَدَيه، ورَجَعوا إلى منازِلِهم، فلم يمضِ غيرُ أيَّامٍ حتى عادوا إلى الشَّغبِ، فباع جلالُ الدَّولةِ فُرُشَه وثيابَه وخِيَمَه وفَرَّقَ ثَمَنَه فيهم حتى سَكَنوا.