الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1175 ). زمن البحث بالثانية ( 0.011 )

العام الهجري : 646 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1249
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ، الإمام، العلَّامة، المقرئ، الأصولي، الفقيه، النحوي، جمال الأئمَّة والمِلَّة والدين أبو عمرو بن الحاجب عثمانُ بن عُمَر بن أبي بكر بن يونس الدويني الكردي الأصل، الإسنائي المولد، ثمَّ المصري, المالكي. كان مولده في آخر سنة 570 بأسْنا وهي بلدة صغيرة بصعيد مصر، كان والده حاجبًا للأمير عز الدين موسك الصلاحي. اشتغل أبو عمرو بالقاهرة في صغره بالقرآنِ الكريم، ثم بالفقهِ على مذهب الإمام مالك، رضي الله عنه، ثم اشتغلَ بالعلم فحَرَّرَ النحو تحريرًا بليغًا، ثم قرأَ القراءات، وبرع في علومِه وأتقنها غايةَ الإتقان. تفقه فسادَ أهل عصرِه، وكان رأسًا في علوم كثيرة، منها الأصول والفروع والعربية والتصريف، والعروض والتفسير، وغير ذلك، وقد استوطن دمشق سنة 617، ودرَّس بها للمالكية جامعها وبالنورية المالكية، وتخرج به الأصحاب، حتى كان خروجُه من دمشق بصحبةِ الشيخ عز الدين بن عبد السلام سنةَ ثمان وثلاثين، فصارا إلى الدِّيار المصرية، وكان من أذكى الأئمَّة قريحةً، وكان حُجَّةً متواضعًا عفيفًا كثير الحياء منصفًا محبًّا للعلم وأهله، بارعًا في العلوم متقنًا لمذهب مالك بن أنس، وله مختصر في الفقه انتظم فيه فوائد ابن شاش، ومختصر في أصول الفقه، استوعب فيه عامة فوائد الإحكام لسيف الدين الآمدي، وشرح المفصل والأمالي في العربية، والمقدمة المشهورة في النحو، اختصر فيها مفصَّل الزمخشري وشَرَحَها، والتصريف وشرحه، وعروض على وزن الشاطبية. وسار بمصنفاته الركبانُ. قال القاضي ابن خلكان: " وصنَّفَ في أصول الفقه، وكلُّ تصانيفه في نهاية الحسن والإفادة، وخالف النحاةَ في مواضِعَ، وأورد عليهم إشكالاتٍ وإلزاماتٍ تَبعُد الإجابة عنها، وكان من أحسَنِ خَلقِ الله ذهنًا, ولما عاد إلى القاهرة جاءني مرارًا بسبب أداء شهاداتٍ، وسألته عن مواضِعَ في العربية مُشكِلة، فأجاب أبلغَ إجابة بسكونٍ كثيرٍ وتثَبُّت تام"  توفي بالإسكندرية ضاحي نهار الخميس 26 شوال، ودفن خارج باب البحر بتربة الشيخ الصالح ابن أبي شامة.

العام الهجري : 1424 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 2003
تفاصيل الحدث:

وُلدَ عبدُ اللهِ الطيبُ المجذوبُ بقرية التميراب غربَ الدامر في 25 رمضانَ 1339هـ / الموافق 2 يونيو 1921م، تعلَّم بمدارس كسلا والدامر وبربر، وكلية غردون التذكارية بالخرطوم، والمدارس العُليا، ومعهدِ التربيةِ ببخت الرضا، وجامعة لندنَ بكلية التربية، ومعهدِ الدراساتِ الشرقيةِ والإفريقيةِ، نال الدكتوراه من جامعة لندنَ (SOAS) سنةَ 1950م.
وعمِلَ بالتدريس بأم درمان الأهليةِ، وكليةِ الخرطومِ الجامعيةِ، وجامعةِ الخرطومِ، وغيرِها.
تولَّى عِمادةَ كليةِ الآدابِ بجامعة الخرطوم (1961-1974م)، ثم مديرًا لجامعة الخرطوم (1974-1975)، وعُيِّن أولَ مديرٍ لجامعة جوبا (1975-1976م)، وأسَّس كلية بايرو بكانو "نيجيريا"، تُوفي في 19 ربيع الثاني 1424.

العام الهجري : 1399 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1979
تفاصيل الحدث:

عمِلَ الشاهُ ما سماه الثورة البيضاء والتي هدفُها إخضاعُ رجال الدينِ وأخْذ جزءٍ من ممتلكاتهم أيضًا، وكان الخمينيُّ قد سُجِن بسبب ردِّه على الشاه يوم رفَضَ تعدُّد الزوجات، ثم نُفيَ إلى تركيا، ثم إلى العراق، وعاش في النجف، ثم أُجبر على السفر من العراقِ، ورفضت الكويتُ استقباله فسافر إلى فرنسا، ومع ذلك كانت خُطبه وكلماتُه وحماسه يُنقَل إلى إيران فتحدُث بسببها أعمالُ شغب ومظاهرات، وحدثت عدَّة أعمال عنفٍ في عددٍ من المدن ووقعت الصِّدامات مع الشرطةِ، وكان يسقطُ الكثير من القتلى أثناءَ هذه الصداماتِ، وكلُّ هذه الأمور كانت مقدِّمةً للثورة، ثم أعلن الخمينيُّ من مكان إقامتِه في باريس في 9 ذي القعدة 1398هـ / 10 تشرين الأول 1978م أن الحكومةَ الإيرانيَّةَ قد دعته ليكفَّ عن نشاطه السياسيِّ، مما ألهب المظاهرات في اليوم التالي حتى اقترح حاكمُ طهران العسكري على الشاهِ تدميرَ مدينة قم كلِّها، وأما الخمينيُّ فاجتمعَ في باريس مع قادة المعارضةِ في سبيل التنسيقِ للحركةِ، وفي اليوم التالي لعاشوراء يوم حداد الرافضةِ تدفَّق مليونا متظاهرٍ يلبسون لباسَ الحداد، وهم يهتفون: الله أكبر، وكان الجيشُ على استعداد لأي عملٍ من المتظاهرين، ثم دعا الخمينيُّ الشعبَ إلى الجهادِ، واشتعلت نار الثورةِ وتحوَّلت من مظاهراتٍ إلى ثورة معارضةٍ تطالب بإسقاطِ النظامِ، وبدأ الشاه يسترضي الشعبَ حتى خرج في التلفازِ وقال: إنه سيعمَلُ ما يأمر به الشعبُ، وفي 7 صفر / 7 كانون الثاني 1979م صرَّح حسن منتظري بعد عودته من لقاءِ الخمينيِّ رفضه أية حكومة طالما بقِيَ الشاه، ولن تقبل سوى سقوطِ الشاهِ لإقامة جمهوريةٍ إسلاميةٍ، وذلك أن الشاهَ قد أعلن أنه يريد السفرَ خارجَ البلاد وترْك مجلس وصاية نيابةَ عنه، فغادرَ الشاه إيران في 7 صفر 1399هـ / 7 يناير إلى القاهرةِ، وأعلن الخمينيُّ أنه سيعودُ للبلاد وأنه لا يريد أن يكونَ رئيسًا عليها، ثم وصل الخمينيُّ إلى طهران في 4 ربيع الأول / شباط، وكان في استقبالِه في المطارِ ستَّةُ ملايين شخصٍ، وأحاطت هذه الجموعُ بالرجل ذي 80 عامًا، فاستقلَّ طائرة هليكوبتر ليُكمِلَ رحلته فوق رؤوس البشرِ الذين احتشدوا لاستقبالِه، ومع قدومه ذابتِ الدولةُ وسلطتُها وحكومتُها أمام شخصيتِه، وانضمَّت بعض وحدات الجيش إلى المتظاهرين، وأُعلِنَ أنَّ رحيلَ الشاه نهاية المطافِ؛ فالأهمُّ هو إنهاء التسلُّط الأجنبيِّ، ونقَلَ التلفاز وقائع وصولِه، وأعلن الخمينيُّ عدم شرعية الحكومةِ شهبور بختيار، وعين مهدي بازركان رئيسًا للوزراء، وأعلنت حكومة بختيار رئيس وزراء الشاه منع التجوُّل، لكنَّ الخمينيَّ ردَّ عليه بإعلان العصيان المدني، وكتب ورقةً نُقلت صورتُها على شاشة التلفازِ الذي استولى عليه أنصارُه، فيها: "تحدَّوا حظرَ التجول" فتدفَّق الشعب إلى الشارع، وتصاعدتْ حدَّة المواجهات، واستولى المتظاهرون على كميات كبيرةٍ من أسلحةِ الجيش، فجاء القائد الأعلى للقواتِ المسلَّحة الجنرال قرباغي إلى الخمينيِّ وأعلن استسلامَه وحيادَ الجيش في المواجهات التي تحدُث في المدن بين مؤيِّدي النظامين، وعادت القواتُ العسكريةُ إلى مواقِعها، وأعلن الخمينيُّ قيامَ الجمهورية الإسلاميَّة الإيرانية، وفرَّ شهبور بختيار إلى فرنسا؛ حيث اغتالَه هناك الحرسُ الثوريُّ الإيراني في 6 أغسطس عام 1991م. استمرَّت الثورة سنة كاملةً ذهب ضحيَّتها 76.311 قتيلًا وعشرات الآلافِ من الجرحى، ورفعت الثورةُ الإسلامية في إيرانَ الشعاراتِ التي يمكن أن يسيرَ الشعبُ وراءها ويقبلها؛ وذلك لكسبِ التأييد، فطرحت العملَ بالإسلام دون إعلان الانتسابِ الشيعيِّ المرفوض في العالم الإسلاميِّ، كما أعلنوا معاداةَ الدول الصليبيَّة وخاصَّة أمريكا، وأعلنوا التأييدَ للقضية الفلسطينيةِ وأنها ستعملُ على تخليص أرضِ الشام ممن دنَّسها، وصرَّح الخمينيُّ أنه سيقطع علاقاتِه مع إسرائيلَ، ثم بدا للعالم الإسلامي النوايا عندما أظهر الخميني والقادة معه العقيدةَ الرافضية فخَفَّ التأييد العالمي الإسلامي بل انعدم في أكثرها.

العام الهجري : 377 العام الميلادي : 987
تفاصيل الحدث:

تهيأ العزيزُ الفاطميُّ صاحِبُ مِصرَ لِغَزوِ الرُّوم، فاحتَرَقت مراكبُه، فاتَّهَم بها أناسًا. ثمَّ بعد ذلك وصَلَت رسلُ الروم في البحر إلى ساحِلِ القدس، ودخلوا مصرَ يَطلُبونَ الصُّلح، فأجابهم العزيزُ واشترط شروطًا شديدةً التَزَموا بها كلها، منها: أنَّهم يَحلِفونَ أنَّه لا يبقى في مملكتِهم أسيرٌ إلَّا أطلقوه، وأن يُخطَبَ للعَزيزِ في جامع قُسطنطينية كلَّ جمعة، وأن يُحمَلَ إليه من أمتعةِ الرُّومِ كُلَّ ما افترَضه عليهم، ثم رَدَّهم بعقدِ الهدنة سبعَ سِنينَ.

العام الهجري : 95 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 714
تفاصيل الحدث:


هو أبو محمَّد الحَجَّاجُ بن يُوسُف الثَّقَفي، قائِدٌ أُمَوِيٌّ، داهِيَة، سَفَّاك، خَطِيب، وُلِدَ وَنَشأَ في الطَّائِف، وانْتَقَل إلى الشَّام فلَحِقَ بِرَوْحِ بن زِنْباع نائِب عبدِ الملك بن مَرْوان فكان في عِدادِ شُرْطَتِه، ثمَّ ما زال يَظهَر حتَّى قَلَّدَهُ عبدُ الملك أَمْرَ عَسْكَرِهِ, ثمَّ أَصبَح والِيًا على العِراق مِن قِبَل عبدِ الملك بن مَرْوان، أَصلَح البِلادَ في العِراق واعْتَنَى بها، وازْدَهَرَت في عَصرِه التِّجارَة والصِّناعَة، وكان مَعروفًا بالظُّلْمِ، وسَفْكِ الدِّماء، وانْتِقاص السَّلَف، وتَعَدِّي حُرُماتِ الله بأَدْنَى شُبْهَة، وقد أَطْبَقَ أَهلُ العِلْم بالتَّارِيخ والسِّيَر على أَنَّه كان مِن أَشَدِّ النَّاس ظُلْمًا، وأَسْرَعِهم للدَّمِ الحَرامِ سَفْكًا، ولم يَحفَظ حُرْمَةَ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في أَصحابِه، ولا وَصِيَّتَه في أَهلِ العِلْم والفَضْل والصَّلاح مِن أَتْباعِ أَصحابِه. وكان جَبَّارًا عَنيدًا. قالت أَسماءُ بِنتُ أبي بَكْرٍ رضي الله عنها للحَجَّاجِ: إنَّ رَسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حَدَّثَنا «أنَّ في ثَقِيفٍ كَذَّابًا ومُبِيرًا». فأمَّا الكَذَّابُ فقد رَأَيْناهُ -تَعْنِي المُخْتار- وأمَّا المُبِيرُ فأَنت هو. والمُبِيرُ: المُهْلِك، الذي يُسْرِف في إِهْلاكِ النَّاس. نَشأَ الحَجَّاجُ شابًّا لَبِيبًا فَصيحًا بَليغًا حافِظًا للقُرآن، وكان يُكْثِر تِلاوَةَ القُرآن، ويَتَجَنَّب المَحارِم، ولم يَشْتَهِر عنه شَيءٌ مِن التَّلَطُّخ بالفُروج، وإن كان مُتَسَرِّعًا في سَفْكِ الدِّماءِ، كان فيه سَماحَةً بإعطاءِ المالِ لِأَهلِ القُرآن، فكان يُعطي على القُرآن كَثيرًا، ولمَّا مات لم يَتْرُك فيما قِيلَ إلَّا ثلاثمائة دِرْهَم. بَلَغَ ما قَتَل الحَجَّاجُ صَبْرًا مائة ألف وعشرين ألف، قال عنه الذهبي: "نَسُبُّهُ ولا نُحِبُّه؛ بل نُبْغِضُه في الله؛ فإنَّ ذلك مِن أَوْثَقِ عُرَى الإيمان, وله حَسَنات مَغْمورة في بَحْرِ ذُنوبِه، وأَمْرُهُ إلى الله. وله تَوْحِيد في الجُمْلَة، ونُظَراء مِن ظَلَمَةِ الجَبابِرَة والأُمَراء" لمَّا حَضَرتُه الوَفاةُ اسْتَخْلَف على الصَّلاةِ ابنَه عبدَ الله، واسْتَخْلَف على حَربِ الكوفَة والبَصْرَة يَزيدَ بن أبي كَبْشَة، وعلى خَراجِهِما يَزيدَ بن أبي مُسلِم، فأَقَرَّهُما الوَليدُ بعدَ مَوتِه، ولم يُغَيِّر أَحَدًا مِن عُمَّالِ الحَجَّاج.

العام الهجري : 436 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1044
تفاصيل الحدث:

هو أبو القاسِمِ عليُّ بنُ الحُسَين بن موسى بن محمد بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشَّريفُ الموسويُّ، المُلَقَّب بالمرتضى، ذي المجدين، كان نقيبَ الطالبيِّينَ وكان إمامًا في عِلمِ الكلامِ والأدبِ وجيد الشعر. وُلِدَ سنة 355, وكان أكبَرَ مِن أخيه ذي الحَسَبين الشريف الرضي، كان على مذهَبِ الإماميَّةِ والاعتزال، يُناظِرُ على ذلك، وكان يُناظِرُ عنده في كل المذاهب، وله تصانيفُ في التشيُّعِ، أصولًا وفروعًا. قال الذهبي عنه: " هو جامِعُ كتاب "نهج البلاغة"، المنسوبةِ ألفاظُه إلى عليِّ بنِ أبي طالب ولا أسانيدَ لذلك، وبعضُها باطِلٌ، وفيه حَقٌّ ولكِنَّ فيه موضوعاتٍ حاشا الإمامَ مِن النطق بها، ولكنْ أين المُنصِفُ?! وقيل: بل جَمْعُ أخيه الشَّريف الرضي, ثم قال: وكان من الأذكياءِ الأولياءِ المتبَحِّرينَ في الكلامِ والاعتزالِ، والأدبِ والشِّعرِ، لكنَّه إماميٌّ جَلْدٌ. نسأل الله العفو.". قال ابن كثير: "وقد نقل ابنُ الجوزي أشياءَ مِن تفرُّداتِه في التشَيُّع، فمِن ذلك أنَّه لا يصِحُّ السجودُ إلَّا على الأرضِ أو ما كان مِن جِنسِها، وأنَّ الاستجمارَ إنمَّا يُجزِئُ في الغائطِ لا في البولِ، وأنَّ الكتابيَّاتِ حَرامٌ، وكذا ذبائِحُ أهل الكتاب، وأنَّ المرأة إذا جَزَّت شَعْرَها يجب عليها كَفَّارة قتل الخطأ، وغير ذلك كثيرٌ، وأعجَبُ منها ذَمُّ الصحابةِ رَضِيَ الله عنهم، ثمَّ سَرَدَ من كلامِه شيئًا قبيحًا في تكفيرِ عُمَرَ بنِ الخطاب وعثمانَ وعائشة وحفصة رضي الله عنهم". قال ابنُ حزم: الإماميَّةُ كلُّهم على أنَّ القُرآنَ مُبَدَّلٌ، وفيه زيادةٌ ونَقصٌ سوى المرتضى، فإنَّه كفَّرَ مَن قال ذلك. قال الذهبيُّ مُعَلِّقًا على كلامِ ابنِ حزم، قلتُ: وفي تواليفِه سَبُّ أصحاب رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنعوذُ باللهِ مِن عِلمٍ لا ينفَعُ". ولم يتكَلَّمْ فيه وفي أخيه الرضي كثيرٌ مِن المؤرخين رعايةً لِشَرَفِ نَسَبِهم، وإلَّا فإنهم كانوا على مذهَبِ الرَّفضِ والاعتزال، توفِّيَ في يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول.

العام الهجري : 1325 العام الميلادي : 1907
تفاصيل الحدث:

عَمِلَ السلطانُ عبد الحميد على كَسبِ الشعوب الإسلامية عن طريقِ الاهتمامِ بكلِّ مؤسَّساتها الشرعيَّة والعِلميَّة، والتبَرُّع لها بالأموالِ والمِنَح، ورَصد المبالغ الطائلة لإصلاحِ الحَرَمين، وترميمِ المساجِدِ وزَخرفتها، وأخذ السلطانُ يستميل إليه مسلمي العربِ بكلِّ الوسائِلِ، فكوَّن له من العَرَبِ حرسًا خاصًّا، وعيَّنَ بعضَ الموالين له منهم في وظائِفَ كبرى، وأبدى السلطان عبد الحميد اهتمامًا بالغًا بإنشاءِ الخطوطِ الحديديةِ في مختَلِفِ أنحاءِ الدولة العثمانية، مُستهدفًا من ورائها تحقيقَ ثلاثةِ أغراضٍ:
1- ربطُ أجزاءِ الدولة المتباعدةِ مع بعضٍ؛ ممَّا يساعِدُ على نجاح فكرةِ الوَحدةِ العُثمانية، والجامعة الإسلامية، والسيطرة الكاملة على الولاياتِ التي تتطلَّبُ تقويةَ قَبضةِ الدولة عليها.
2- إجبارُ تلك الولاياتِ على الاندماجِ في الدولةِ والخضوعِ للقوانينِ العَسكرية التي تنُصُّ على وجوبِ الاشتراكِ في الدفاعِ عن الخلافةِ بتقديمِ المالِ والرِّجال.
3- تسهيلُ مُهمَّةِ الدفاع عن الدولة في أيَّةِ جبهةٍ من الجبهاتِ التي تتعرَّضُ للعدوانِ؛ لأنَّ مَدَّ الخطوطِ الحديديَّةِ سيُساعِدُ على سرعةِ توزيع القواتِ العثمانية وإيصالِها إلى الجبهاتِ.
وكانت سكةُ حديد الحجاز من أهمِّ الخطوط الحديدية التي أُنشِئت في عهدِ السلطان عبد الحميد؛ ففي سنة 1900م بدأ بتشييدِ خطٍّ حديدي من دمشق إلى المدينة؛ للاستعاضة به عن طريق القوافِلِ الذي كان يستغرِقُ من المسافرين حوالي أربعين يومًا، وطريقِ البحرِ الذي يستغرقُ حوالي اثنى عشر يومًا من ساحلِ الشامِ إلى الحجاز، وكان يستغرِقُ من المسافرين أربعة أو خمسة أيام على الأكثَرِ، ولم يكن الغَرَضُ من إنشاء هذا الخطِّ مجرَّدَ خدمة حجَّاج بيت الله الحرام وتسهيل وصولهم إلى مكَّة والمدينة، وإنما كان السلطان عبد الحميد يرمي من ورائِه أيضًا إلى أهدافٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ؛ فمن الناحية السياسية خَلَق المشروعُ في أنحاء العالم الإسلامي حماسةً دينيةً كبيرةً؛ إذ نشر السلطانُ على المسلمين في كافة أنحاء الأرضِ بيانًا يناشِدُهم فيه المساهمةَ بالتبَرُّع لإنشاء هذا الخط، وقد افتتح السلطانُ عبد الحميد قائمةَ التبرعات بمبلغ (خمسين ألفًا ذهبًا عثمانيًّا من جيبه الخاصِّ) وتقَرَّر دفع (مائة ألف) ذهب عثماني من صندوق المنافع، وأُسِّست الجمعيَّاتُ الخيرية، وتسابق المسلمون من كلِّ جهةٍ للإعانة على إنشائِها بالأنفُسِ والأموالِ، ورغم احتياجِ المشروع لبعض الفنِّيين الأجانب في إقامة الجسور والأنفاق، فإنَّهم لم يُستخدَموا إلا إذا اشتَدَّت الحاجة إليهم، مع العلمِ بأنَّ الأجانب لم يشتركوا إطلاقًا في المشروع، ابتداءً من محطةِ الأخضر -على بعد 760 كليو مترًا جنوب دمشق- وحتى نهايةِ المشروع؛ ذلك لأنَّ لجنة المشروع استغنت عنهم واستبدلت بهم فنيين مصريين. وبلغ عدد العمال غير المَهَرة عام 1907م (7500) عاملًا. وبلغ إجمالي تكاليف المشروع (4.283.000) ليرة عثمانية. وتم إنشاءُ المشروع في زمنٍ وتكاليف أقلَّ مما لو تعمله الشركات الأجنبية في أراضي الدولةِ العثمانية، وفي أغسطس سنة 1908م وصل الخطُّ الحديدي إلى المدينة المنورة، وكان مفروضًا أن يتِمَّ مَدُّه بعد ذلك إلى مكةَ، لكنْ حدث أن توقَّف العملُ فيه؛ لأنَّ شريف مكة -وهو الحسين بن علي- خشِيَ على سُلطاته في الحجاز من بطشِ الدولة العثمانية، فنهض لعرقلةِ مَدِّ المشروع إلى مكَّةَ، وكانت مقَرَّ إمارتِه وقوَّته. فبقيت نهايةُ الخط عند المدينة المنورة، حتى إذا قامت الحرب العالمية الأولى عَمِلَ الإنجليزُ بالتحالف مع القوات العربية التي انضَمَّت إليهم بقيادة فيصل ابن الشريف حسين بن علي على تخريبِ سكةِ حديد الحجاز، وكان أوَّلُ قطار قد وصل إلى محطة سكة الحديد في المدينة المنورة من دمشق الشام يوم 22 (أغسطس) 1908م، وكان بمثابة تحقيقِ حُلمٍ مِن الأحلام بالنسبة لمئات الملايين من المسلمين في أنحاء العالم كافة؛ فقد اختصر القِطارُ في رحلته التي استغرَقَت ثلاثة أيام، وقطع فيها 814 ميلًا مشقَّاتِ رحلةٍ كانت تستغرق في السابق أكثَرَ من خمسة أسابيعَ، ويسَّرت على المسلمين القيامِ بأداء فريضة الحَجِّ.

العام الهجري : 1258 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1842
تفاصيل الحدث:

في ليلةِ عشرين من رمضان أنزل اللهُ من الغيث العظيم على نجدٍ، فسالت منه الوديان، وضاقت من جَورِ سَيلِه الشعبان، وعمَّ جميع الأوطان والبلدان حتى أشفقوا من الغرق، فتضَرَّعوا إلى الله خوفًا من الغرق، فكان هذا السيلُ رحمة من الله للعباد والبلدان، وإنقاذًا من بعد السنين الشداد، فجرى به كلُّ وادٍ، وكان قد مضى على وادي سدير نحو أربع عشرة سنة ما عَمَّ بلدانَه سَيلُه، وغارت آبارُه وهلك كثيرٌ من نخله، فأخذ وادي منيخ أكثَرَ من خمسة أيام وجرت الأودية كلُّها بسيلٍ لم يُعرَفْ مِثلُه منذ أعوام، ونزل على الوشم مسيلٌ عظيم لم يُعرَف له نظير منذ ثلاثين سنة، حتى قيل: إن وادي بلد القرابين شال صخرةً عظيمة في مجراه ولا يدري أحد أين رماها، وجرى وادي حنيفة وخرب العامِرَ وخرب السيل في الفرع والخرج والجنوب، وجعل كلَّ عامرٍ
دامرًا، وعم الضِّرابَ والآكامَ، وابتهج به جميعُ الأنام، وهذه المنة الجسيمة كلها في هذه الليلة العظيمة، وذلك في الوسمي لسبعٍ مضين من حلول الشمس برج العقرب، وكان الناس في غاية الضعفِ مِن قلة البَذرِ وقِلَّة العوامل والرجال بعد سنين القحط، والوقت الشديد والجَدب المبيد، وغَور الآبار، وموت النخيل والأشجار، حتى جلا أهلُ البلدان ولم يبقَ في كُلِّ بلد إلا عُشرُ أهلِها، وتتابعت المصائب عليها، وتشتَّت شَملُها وتفَرَّقوا في الأقطارِ، وأكثَرُهم جَلَوا إلى البصرة وما حولها من الديار، ودام هذا الوقتُ كلَّ سنة بزيادةِ شِدَّةٍ إلى أن مضت تسعُ سنين، فأنزل الله لهم هذه السنة هذا السيلَ العظيم البركة، فكانوا على أوفَقِ التيسير في البَذرِ والعوامل والمحترفين، وسخَّر الله الغنيَّ للفقير، والمستأجِرَ للأجير، والمُعير للمستعير، حتى لم يحتَجْ حاجةً أحدٌ تلجِئُه إلى ترك الزرع، فضاقت كلُّ بلد بزروع أهلها، وزرعوا وَعْرَها وسهلها، وأعشبت الأرض من أوانها، وأربعت المواشي في وسط بلدانها وتزخرفت.

العام الهجري : 1270 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1854
تفاصيل الحدث:

أعلنت كلٌّ من فرنسا وإنجلترا بصفةٍ رسمية الحربَ على روسيا؛ وذلك تنفيذًا لمعاهدة استانبول التي وقَّعَتْها الدولتان مع الدولة العثمانية، والتي تقضي بتكوينِ جيشٍ واحد من كلٍّ مِن تركيا وفرنسا وإنجلترا بهدفِ حربِ روسيا.

العام الهجري : 510 العام الميلادي : 1116
تفاصيل الحدث:

كان السلطانُ محمد بن ملكشاه ببغداد عازمًا على المقام بفارس، فاضطرَّ إلى المسير إلى أصبهان ليكونَ قريبًا من فارس؛ لئلَّا تختلف عليه، ولما قصده جاولي سقاوو ورضي عنه أقطعَه بلاد فارس، بعد أن أخذ منه الموصل, فسار جاولي إليها ومعه ولد السلطان جغري، وهو طفل له من العمر سنتان، وأمره بإصلاحها، وقَمْعِ المفسدين بها، فسار إليها، فأوَّل ما اعتمده فيها أنه لم يتوسط بلاد الأمير بلدجي، وهو من كبار مماليك السلطان ملكشاه، ومن جملة بلاده كليل وسرماه، وكان متمكنًا بتلك البلاد. وراسله جاولي ليحضر خدمة جغري ولد السلطان، وعلَّم جغري أن يقول بالفارسية: خذوه، فلما دخل بلدجي قال: جغري على عادته: خذوه، فأُخِذ وقُتِل، ونُهِبت أموالُه. وكان لبلدجي من جملة حصونه قلعة إصطخر، وهي من أمنع القلاع وأحصنها، وكان بها أهلُه وذخائره، وقد استناب في حفظها وزيرًا له يعرف بالجهرمي، فعصى عليه، وأخرج إليه أهله وبعض المال، ولم تزل في يد الجهرمي حتى وصل جاولي إلى فارس فأخذها منه، وجعل فيها أمواله. وكان بفارس جماعة من أمراء الشوانكارة، وهم خلق كثير لا يُحصَون، ومُقَدَّمُهم الحسن بن المبارز، المعروف بخسرو، وله فسا وغيرها، فراسله جاولي ليحضُرَ خدمة جغري، فأجاب: إنني عبد السلطان وفي طاعته، فأما الحضور فلا سبيل إليه؛ لأنني قد عرفت عادتك مع بلدجي وغيره، ولكنني أحمل إلى السلطان ما يؤثِرُه. فلما سمع جاولي جوابه علم أنه لا مقامَ له بفارس معه، فأظهر العودَ إلى السلطان، وحمل أثقالَه على الدواب، وسار كأنه يطلب السلطان، ورجع الرسولُ إلى خسرو فأخبره، فاغتَرَّ وقعد للشرب وأمن. وأما جاولي فإنه عاد من الطريق إلى خسرو جريدة في نفر يسير، فوصل إليه وهو مخمور نائم، فكبسَه، فأنبهه أخوه فضلوه، فلم يستيقظ فصب عليه الماء البارد فأفاق، وركب من وقته وانهزم، وتفَرَّق أصحابه، ونهب جاولي ثقله وأمواله، وأكثر القتلَ في أصحابه، ونجا خسرو إلى حصنه، وهو بين جبلين، يقال لأحدهما أنج. وسار جاولي إلى مدينة فسا فتسلمها، ونهب كثيرًا من بلاد فارس منها جهرم، وسار إلى خسرو وحصره مدة، وضيق عليه، فرأى من امتناع حصنه وقوتِه وكثرة ذخائره ما علم معه أن المدة تطول عليه، فصالحه ليشتغِلَ بباقي بلاد فارس، ورحل عنه إلى شيراز، فأقام بها، ثم توجه إلى كارزون فملكها، وحصر أبا سعد محمدًا في قلعته، وأقام عليها سنتين صيفًا وشتاء، فراسله جاولي في الصلح، ثم نفذ ما عند أبي سعد، فطلب الأمان فأمَّنه، وتسلم الحصن. ثم إن جاولي أساء معاملته، فهرب، فقبض على أولاده، وبثَّ الرجال في أثره، فرأى بعضهم زنجيًّا يحمل شيئًا، فقال: ما معك؟ فقال: زادي، ففتَّشه، فرأى دجاجًا وحلواء السكر، فقال: ما هذا من طعامِك! فضربه، فأقَرَّ على أبي سعد، وأنه يحمِلُ ذلك إليه، فقصدوه، وهو في شِعبِ جبل، فأخذه الجندي وحمله إلى جاولي فقتله. وسار إلى داربجرد، وصاحبها اسمه إبراهيم، فهرب صاحبها منه إلى كرمان خوفًا منه، وكان بينه وبين صاحب كرمان صهر، وهو أرسلانشاه بن كرمانشاه بن أرسلان بك بن قاورت، فقال له: لو تعاضدنا لم يقدِرْ علينا جاولي، وطلب منه النجدة، وسار جاولي بعد هربه منه إلى حصار رتيل رننه، يعني مضيق رننه، وهو موضع لم يؤخذ قهرًا قط؛ لأنه واد نحو فرسخين، وفي صدره قلعة منيعة على جبل عال، وأهل داربجرد يتحصَّنون به إذا خافوا، فأقاموا به، وحفظوا أعلاه. فلما رأى جاولي حصانتَه سار يطلب البرية نحو كرمان، كاتمًا أمره، ثم رجع من طريق كرمان إلى داربجرد، مظهرًا أنه من عسكر الملك أرسلانشاه، صاحب كرمان، فلم يشكَّ أهل الحصن أنهم مدَدٌ لهم مع صاحبهم، فأظهروا السرور، وأذنوا له في دخول المضيق، فلما دخله وضع السيفَ فيمن هناك، فلم ينجُ غير القليل، ونهب أموالَ أهل داربجرد وعاد إلى مكانه، وراسل خسرو يعلمه أنه عازم على التوجه إلى كرمان، ويدعوه إليه، فلم يَجِدْ بدًّا من موافقته، فنزل إليه طائعًا، وسار معه إلى كرمان، وأرسل إلى صاحبها القاضي أبا طاهر عبد الله بن طاهر قاضي شيراز، يأمره بإعادة الشوانكارة؛ لأنهم رعية السلطان، يقول: إنه متى أعادهم عاد عن قصد بلاده، وإلا قصَدَه، فأعاد صاحب كرمان جواب الرسالة متضمنة الشفاعة فيهم؛ حيث استجاروا به. ولما وصل الرسول إلى جاولي أحسن إليه، وأجزل له العطاء، وأفسده على صاحبه، وجعله عينًا له عليه، وقرر معه إعادة عسكر كرمان ليدخل البلاد وهم غارُّون، فلما عاد الرسول وبلغ السيرجان، وبها عساكر صاحب كرمان، ووزيره مقدَّم الجيش، أعلم الوزير ما عليه جاولي من المقاربة، وأنه يفارق ما كرهوه، وأكثر من هذا النوع، وقال: لكنه مستوحِش من اجتماع العساكر بالسيرجان، وإن أعداء جاولي طمعوا فيه بهذا العسكر، والرأي أن تعاد العساكر إلى بلادها. فعاد الوزير والعساكر وخلت السيرجان، وسار جاولي في أثر الرسول، فنزل بفرج، وهي الحد بين فارس وكرمان، فحاصرها، فلما بلغ ذلك ملك كرمان أحضر الرسول وأنكر عليه إعادة العسكر، فاعتذر إليه. وكان مع الرسول فراش لجاولي ليعود إليه بالأخبار، فارتاب به الوزير، فعاقبه، فأقر على الرسول فصُلِب ونُهِبت أموالُه وصُلِب الفراش، وندب العساكر إلى المسير إلى جاولي، فساروا في ستة آلاف فارس. وكانت الولاية التي هي الحد بين فارس وكرمان بيد إنسان يسمَّى موسى، وكان ذا رأي ومكر، فاجتمع بالعسكر، وأشار عليهم بترك الجادة المسلوكة، وقال: إن جاولي محتاطٌ منها، وسلك بهم طريقًا غير مسلوكة بين جبال ومضايق. وكان جاولي يحاصِرُ فرج، وقد ضيَّق على من بها، وهو يدمن الشرب، فسير أميرًا في طائفة من عسكره ليلقى العسكر المنفذ من كرمان، فسار الأمير فلم ير أحدًا، فظن أنهم قد عادوا، فرجع إلى جاولي وقال: إن العسكر كان قليلًا، فعاد خوفًا منا، فاطمأن حينئذ جاولي، وأدمن شرب الخمر. ووصل عسكر كرمان إليه ليلًا، وهو سكران نائم، فأيقظه بعض أصحابه وأخبره، فقطع لسانه، فأتاه غيره وأيقظه وعرَّفه الحال، فاستيقظ وركب وانهزم، وقد تفرَّق عسكره منهزمين، فقُتِل منهم وأُسِرَ كثير، وأدركه خسرو وابن أبي سعد الذي قتل جاولي أباه، فسارا معه في أصحابهما، فلم ير معه أحدًا من أصحابه الأتراك، فخاف على نفسه منهم، فقالا له: إنا لا نغدِرُ بك، ولن ترى منا إلا الخير والسلامة، وسارا معه، حتى وصل إلى مدينة فسا، واتصل به المنهزمون من أصحابه، وأطلق صاحب كرمان الأسرى وجهزهم، وكانت هذه الوقعة في شوال سنة ثمان وخمسمائة. وبينما جاولي يدبر الأمر ليعاود كرمان ويأخذ بثأره توفِّيَ الملك جغري ابن السلطان محمد، وعمره خمس سنين، وكانت وفاته في ذي الحجة سنة تسع وخمسمائة، ففت ذلك في عضده، فأرسل ملك كرمان رسولًا إلى السلطان، وهو ببغداد، يطلب منه منع جاولي عنه، فأجابه السلطان أنه لا بد من إرضاء جاولي وتسليم فرج إليه، فعاد الرسول في ربيع الأول سنة عشر وخمسمائة، فتوفي جاولي، فأمنوا ما كانوا يخافونه، فلما سمع السلطان سار عن بغداد إلى أصبهان؛ خوفًا على فارس من صاحب كرمان.

العام الهجري : 489 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1096
تفاصيل الحدث:

مَلَكَ قِوامُ الدَّولةِ أبو سَعيدٍ كربوقا التُّركيُّ مَدينةَ المَوصِل، فأَسَرَهُ تاجُ الدولةِ تتش لمَّا قَتَلَ أتسز وبوزان، فلمَّا أَسَرَهُ أَبقَى عليه، ولم يكُن له بلدٌ يَملِكُه إذا قَتلَه، كما فَعلَ الأُميرُ بوزان، فإنه قَتَلَهُ واستَولَى على بِلادِه الرها وحران. ولم يَزَل قِوامُ الدولةِ مَحبوسًا بحَلَب إلى أن قُتِلَ تتش، ومَلَكَ ابنُه المَلِكُ رضوان حَلَب فأَرسلَ السُّلطانُ بركيارق رَسولًا يَأمُرهُ بإطلاقِه وإطلاقِ أَخيهِ التونتاش، فلمَّا أُطلِقَا سارا واجتَمَع عليهما كَثيرٌ من العَساكِر البَطَّالين، فأَتَيَا حران فتَسَلَّماها، وكاتَبَهُما محمدُ بنُ شَرفِ الدولةِ مُسلمِ بنِ قُريشٍ العُقيليُّ، وهو بنصيبين، ومعه ثروانُ بنُ وهيب، وأبو الهَيْجاءِ الكُرديُّ، يَستَنصِرونَ بهما على الأَميرِ عليِّ بنِ شَرفِ الدولةِ العُقيليِّ، وكان بالمَوصِل قد جَعلَهُ بها تاجُ الدولةِ تتش بعدَ وَقعَةِ المُضَيَّع, فسار قِوامُ الدولةِ إليهم، فلَقِيَهُ محمدُ بنُ شَرفِ الدولةِ على مَرحَلتَينِ من نصيبين، واستَحلَفَهُما لِنَفسِه، فقَبَضَ عليه قِوامُ الدولةِ بعدَ اليَمينِ، وحَمَلَهُ معه، وأَتَى نصيبين، فامتَنَعت عليه، فحَصَرَها أربعين يومًا، وتَسَلَّمها، وسار إلى المَوصِل فحَصَرَها، فلم يَظفَر منها بشيءٍ، فسار عنها إلى بلدٍ، وقَتَلَ بها محمدَ بنَ شَرفِ الدولةِ، وغَرَّقَهُ، وعاد إلى حِصارِ المَوصِل، ونَزلَ على فَرسَخٍ منها بقَريَةِ باحلافا، وتَركَ التونتاش شَرقيَّ المَوصِل، فاستَنجَد عليُّ بنُ مُسلمِ بن قُريشٍ العُقيليُّ صاحِبُها بالأَميرِ جكرمش، صاحِبِ جَزيرَةِ ابنِ عُمَرَ، فسار إليه نَجدَةً له، فلمَّا عَلِمَ التونتاش بذلك سار إلى طَريقِه، فقاتَلَهُ، فانهَزَم جكرمش، وعاد إلى الجَزيرَةِ مُنهَزِمًا، وصار في طاعَةِ قِوامِ الدولةِ، وأَعانَهُ على حَصْرِ المَوصِل، وعُدِمَت الأَقواتُ بها وكلُّ شيءٍ، حتى ما يُوقِدونَه، فأَوقَدوا القِيرَ، وحَبَّ القُطنِ. فلمَّا ضاقَ بصاحِبِها عليٍّ الأَمرُ وفارَقَها وسار إلى الأَميرِ صَدقَةَ بن مزيد الأَسَديِّ، أَميرِ العَربِ بالحِلَّةِ، وتَسَلَّم قِوامُ الدولةِ البلدَ بعدَ أن حَصَرَهُ تِسعةَ أَشهُر، وخافَهُ أَهلُه لأنه بَلَغَهم أن التونتاش يُريدُ نَهبَهم، وأن قِوامَ الدولةِ يَمنَعهُ من ذلك، فاشتَغَل التونتاش بالقَبضِ على أَعيانِ البَلدِ، ومُطالَبَتِهم بوَدائِع البلدِ، واستَطالَ على قِوامِ الدولةِ، فأَمَرَ بقَتْلِ التونتاش، فقُتِلَ في اليومِ الثالثِ، وأَمِنَ الناسُ شَرَّهُ، وأَحسَنَ قِوامُ الدولةِ السِّيرَةَ فيهم، وسارَ نحوَ الرَّحبَة، فمُنِعَ عنها، فمَلَكَها ونَهَبَها واستَنابَ بها وعاد.

العام الهجري : 745 العام الميلادي : 1344
تفاصيل الحدث:

أبطل نائِبُ السُّلطانِ الأميرُ الحاج آل ملك ما أحدَثَه النِّساءُ مِن مَلابسِهنَّ، وذلك أنَّ الخواتينَ نساءَ السُّلطانِ وجواريَهنَّ أحدَثْنَ قُمصانًا طِوالًا تخبُّ أذيالها على الأرضِ، بأكمامٍ سَعةِ الكُمِّ منها ثلاثةُ أذرع، فإذا أرخَتْه الواحدةُ منهن غطَّى رِجْلَها، وعُرِفَ القَميصُ منها فيما بينهنَّ بالبهطلة، ومَبلَغُ مَصروفِه ألفُ درهم ممَّا فوقها! وتشَبَّه نِساءُ القاهرة بهن في ذلك، حتى لم يبقَ امرأةٌ إلَّا وقميصُها كذلك، فقام الوزيرُ منجك في إبطالها، وطَلَب والي القاهرة ورسمَ له بقَطعِ أكمامِ النِّساءِ، وأخْذ ما عليهن، ثم تحدَّثَ منجك مع قاضي القضاة بدار العدلِ يوم الخِدمةِ بحضرةِ السُّلطانِ والأمراء فيما أحدثه النِّساءُ من القمصان المذكورة، وأنَّ القَميصَ منها مبلغُ مصروفه ألف درهم، وأنهنَّ أبطَلْنَ لِبسَ الإزار البغدادي، وأحدَثْنَ الإزار الحرير بألفِ درهم، وأنَّ خُفَّ المرأة وسرموزتَها بخمسمائة درهم، فأفتوه جميعُهم بأنَّ هذا من الأمور المحرمة التي يجِبُ منعُها، فقَوِيَ بفَتواهم، ونزل إلى بيتِه، وبعث أعوانَه إلى بيوت أربابِ الملهى، حيث كان كثيرٌ من النساء، فهَجَموا عليهنَّ، وأخذوا ما عندهنَّ من ذلك، وكَبَسوا مناشِرَ الغسَّالينَ ودكاكين البابية، وأخذوا ما فيها من قُمصان النساء، وقَطَّعَها الوزير منجك، ووكل الوزيرُ مماليكَه بالشوارِعِ والطُّرُقات، فقَطَّعوا أكمامَ النساء، ونادى في القاهرةِ ومصر بمنع النِّساءِ مِن لبس ما تقدَّم ذِكرُه، وأنَّه متى وُجِدَت امرأةٌ عليها شيءٌ مِمَّا مُنِعَ، أُخرِقَ بها وأُخِذَ ما عليها، واشتَدَّ الأمر على النساء، وقُبِضَ على عِدَّةٍ منهن، وأُخِذَت أقمِصَتُهنَّ، ونُصِبَت أخشابٌ على سورِ القاهرة بباب زويلة وباب النصر وباب الفتوح، وعُلِّقَ عليها تماثيلُ مَعمولةٌ على سور النِّساءِ، وعليهن القُمصانُ الطوالُ، إرهابًا لهن وتخويفًا، وطُلِبَت الأساكِفةُ، ومُنِعوا من بَيعِ الأخفافِ والسراميز المذكورة، وأن تُعمَلَ كما كانت أولًا تُعمَل، ونودي من باع إزارًا حريرًا أُخِذَ جميعُ مالِه للسُّلطان، فانقطع خروجُ النساءِ إلى الأسواق، وركوبهنَّ حمير المكارية، وإذا وُجِدَت امرأةٌ كُشِفَ عن ثيابِها، وامتنع الأساكِفةُ مِن عَمَلِ أخفاف النساء وسراميزهن المُحدَثة، وانكَفَّ التجَّار عن بيع الأُزُر الحريرِ وشرائِها، حتى إنَّه نُودِيَ على إزارٍ حريرٍ بثمانينَ درهمًا فلم يَلتَفِتْ له أحدٌ، فكان هذا مِن خيرِ ما عُمِلَ.

العام الهجري : 752 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1351
تفاصيل الحدث:

توعَّكَ السلطانُ المَلِكُ الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ولَزِمَ الفراشُ أيامًا، فبلغ الأميرَ طاز ومغلطاي ومنكلي بغا أنَّه أراد بإظهار توعُّكِه القَبضَ عليهم إذا دخلوا إليه، وأنَّه قد اتَّفَقَ مع قشتمر وألطنبغا الزامر وملكتمر المارديني وتنكز بغا على ذلك، وأن ينعِمَ عليهم بإقطاعاتِهم وإمراتهم، فواعدوا أصحابَهم، واتَّفَقوا مع الأمير بيبغا ططر حارس الطير النائب، والأمير طيبغا المجدي والأمير رسلان بصل، وركبوا يوم الأحدِ سابِعَ عشر جمادى الآخرة بأطلابِهم، ووقفوا عند قبة النصر، فخرج السلطانُ إلى القصر الأبلق، وبعث يسألُهم عن سبب ركوبهم، فقالوا: "أنت اتفقت مع مماليكِك على مَسْكِنا، ولا بدَّ من إرسالهم إلينا، فبعث السلطانُ إليهم تنكز بغا وقشتمر وألطنبغا الزامر وملكتمر، فعندما وصلوا إليهم قَيَّدوهم، وبَعَثوهم إلى خزانة كايل، فسُجِنوا بها، فشَقَّ ذلك على السلطان، وقال: " قد نزلت عن السَّلطنةِ "، وسير إليهم النمجاة، فسلَّموها للأمير طيبغا المجدي، وقام السلطانُ إلى حريمه، فبعث الأمراءُ الأمير صرغتش، ومعه الأمير قطلوبغا الذهبي وجماعة؛ ليأخُذَه ويحبِسَه، فأخرجه صرغتمش وقد غطَّى وجهه إلى الرحبة، فلما رآه الخدام والمماليك تباكَوا عليه بكاءً كثيرًا، وطلع صرغتمش به إلى رُواق فوق الإيوان، ووكَلَ به من يحفَظُه، وعاد إلى الأمراء، وكانت مُدَّتُه ثلاث سنين وتسعة أشهر وأربعة عشر يومًا، منها مُدَّة الحجر عليه ثلاث سنين، ومدة استبداده تسعة أشهر، وكان القائِمُ بدولته الأمير شيخو رأس نوبة، ثم تولَّى صلاح الدين صالح بن الناصر محمد بن قلاوون حيث أقيمَ سُلطانًا بعد خَلْعِ أخيه الناصر حسن، وكان عمره أربع عشرة سنة، في يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة، وذلك أنَّ الأمراء لَمَّا حُمِلَت إليهم النمجاة، باتوا ليلة الاثنين بإسطبلاتهم، وبكَّروا يوم الاثنين إلى القلعة، واجتمعوا بالرحبة داخل باب النحاس، وطلَبوا الخليفةَ والقضاة وسائر أهل الدولة، واستدعَوا به، فلمَّا خرج إليهم ألبَسوه شِعارَ السلطنة، وأركبوه فرسَ النوبة من داخل باب الستارة، ورُفِعَت الغاشية بين يديه، وكان الأميرُ طاز والأمير منكلي بغا الفخري آخذَينِ بشكيمةِ الفَرَسِ حتى جلس على التخت، وحَلَفوا له، وحلَّفوه على العادة، ولقَّبوه بالملك الصالح، ونودِيَ بسَلطنتِه في القاهرة ومصرَ.

العام الهجري : 840 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1436
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ المنصور نجاح الدين أبو الحسن علي بن صلاح بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن منصور بن حجَّاج بن يوسف الحسني، الرسي المدعو بأمير المؤمنين، إمامُ الزيدية ورأسُهم.
 صاحبُ صنعاء باليمن، أقام في الإمامة بعد أبيه ستًّا وأربعين سنة وثلاثة أشهر، وأضاف إلى صنعاء وصعدة عدة من حصون الإسماعيلية، أخذها منهم بعد حروب وحصار. مات في سابع صفر،  فقام بعده ابنه الإمام الناصر صلاح الدين محمد بعهده إليه وبيعة الجماعة له، فمات بعد ثمانية وعشرين يومًا في الخامس والعشرين شهر ربيع الأول، فأجمع الزيدية بعده على رجل منهم يقال له صلاح بن علي بن محمد بن أبي القاسم وبايعوه، ولقَّبوه بالمهدي، وهو من بني عم الإمام المنصور، وقام بأمره قاسم ابن سنقر على أن يكون الحُكمُ له، فعارضه الإمام وصار يحكُمُ بما يؤدي إليه اجتهاده، ولا يلتفت إلى ابن سنقر، فثار عليه بعد ستة أشهر رجل يقال له محمد بن إبراهيم الساودي، وأعانه ابن سنقر، وقبضا عليه وسجناه في قصر صنعاء، ووكل به محمد بن أسد الأسدي، وقام قاسم بالأمر، فدبرت زوجةُ الإمام المهدي في خلاصِه، ودفعت إلى الأسدي الموكل به ثلاثة آلاف أوقية، فأفرج عنه، وخرج به من القصر، وسار إلى معقل يسمى ظفار، وفيه زوجة المهدي، ومضى الأسدي إلى معقل يسمى دمر، وهو من أعظم معاقل الإسماعيلية التي انتزعها الإمام المنصور علي بن صلاح، وأقام المهدي مع زوجته بظفار، ثم جمع الناس وسار إلى صنعاء، فوقع بينه وبين ابن سنقر وقعة، انكسر فيها الإمامُ وتحصَّن بقلعة يقال لها تلى، فلما بلغ ذلك زوجته ملكت صعدة، وأطاعها من بها من الناس، فاضطرب أمر ابن سنقر، وكان الناس مخالفين عليه، فأقام ولدًا صغيرًا وهو ابن بنت الإمام المنصور علي وأبوه من الأشراف الرسية، فازداد الناس نفورًا عنه وإنكارًا عليه، واستدعَوا الإمام المهدي إلى صعدة، فقدمها وبايعه الأشراف بيعة ثانية، حتى تم أمره، وبعث إلى أهل الحصون يدعوهم إلى طاعته، فأجابوه، وانفرد ابن سنقر بصنعاء وحدها على كرهٍ من أهلها، وبُغضٍ له.

العام الهجري : 1385 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1965
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الفقيه محمد بن عبد العزيز بن محمد بن مانع الوهيبي التميمي النجدي. ولِدَ في مدينة عنيزة إحدى مدن القصيم سنة 1300 هـ، ولما بلغ السابعةَ أدخله والده الكتاتيبَ؛ ليتعلم بها القرآنَ، ولم يلبث والدُه أن توفِّي، فشرع في القراءةِ على عُلماء بلده، فقرأ على عمِّه الشيخ عبد الله، وعلى الشيخ صالح العثمان القاضي، ولما بلغ الثامنةَ عَشْرة من عمره سافر إلى بغداد، واتصل بالعلامة السيد محمود شكري الألوسي، فقرأ عليه وعلى ابن عمه السيد علي الألوسي، وقرأ على غيرِهما من مشاهير العلماء ببغداد، فقرأ في النحو والصرف والفقه، والفرائض والحساب، ثم توجَّه إلى مصر فأقام في الأزهر مدةً قرأ فيها على الشيخ محمد الذهبي، ثم سافر إلى دمشق الشام ولازم الشيخ جمال الدين القاسمي، وحضر دروسَ الشيخ بدر الدين محدِّث الشام، وحضر دروس العلامة الشيخ عبد الرزاق البيطار، ثم رجع إلى بغدادَ ولازم القراءةَ على العلامة محمود شكري الألوسي، فقرأ عليه كثيرًا من مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وكثيرًا من الكتب والشروح والرسائل المختصرة، وفي هذه المدة دعاه بعضُ الأكابر من أهل بغداد؛ ليكونَ إمامًا له ويقرأ عليه كتبَ الحديث، فقرأ عليه بعضًا من صحيح البخاري، وجميعَ صحيح مسلم، والجزءَ الأوَّلَ مِن زاد المعاد لابن القيم، والجزءَ الأوَّلَ من مسند الإمام أحمد بن حنبل، والموطَّأ للإمام مالك، وكثيرًا من كتب التاريخ، وقرأ نزهةَ النظر للحافظ ابن حجر، ثم رجع إلى بلده مدينة عنيزة سنة 1329هـ وقرأ على قاضيها الرَّوض المُرْبِع، ثمَّ توجه إلى بلد الزبير سنة 1330هـ وقرأ على الفقيه الحنبلي المشهور في بلدة الزبير محمد العوجان في الفقه الحنبلي والفرائض والحساب، ثم دعاه مُقبل الذكير أحد تجار نجد وأعيانها -المقيمين في البحرين للتجارة- دعاه لمكافحة التنصير، وفتح له لهذا الغرض مدرسة لتعليم علوم الشريعة واللغة سنة 1330هـ، فأقام في البحرين أربعَ سنين شرح في أثنائها العقيدةَ السفارينية، ثم دعاه حاكم قطر عبد الله بن قاسم بن محمد بن ثاني، فتوجَّه إليها في شوال سنة 1334هـ فتولَّى القضاءَ والخطابة والتدريس، ورحل إليه كثيرٌ من الطلاب أخذوا عنه العلمَ في قَطَر، وأقام في قطر أربعًا وعشرين سنة تولى خلالها القضاءَ والفتيا، وتزوَّج في قطر وأنجب أبناءه الثلاثة: الشيخ عبد العزيز، وأحمد، وعبد الرحمن، وأنشأ في قَطَر أوَّلَ مدرسةٍ علمية سنة 1336هـ، واستمرَّت نحو سبعة عشر عامًا. وبَقِيَ في قَطَر إلى صَفَر سنة 1358هـ، فقَدِمَ الأحساءَ ومكث بها إلى شهر جمادى الآخرة، وفي هذه الأثناء قَدِمَ الأحساءَ معالي الوزير ابن سليمان وزير الملك عبد العزيز، فاتصل به وقابله وأشار عليه ابن سليمان أن يقابِلَ الملك عبد العزيز، فقَدِمَ عليه في مدينة الرياض فأكرمه وعيَّنه مدرسًا في الحرم المكي الشريف، فأقام في مكَّةَ واجتمع عليه كثيرٌ من طلاب العلم يقرؤون عليه في الفقه والحديث، والنحو والفرائض، منهم الشيخ عبد العزيز بن رشيد رئيس هيئة التمييز بنجد، والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم بن عبد اللطيف الباهلي، والشيخ البصيلي، والشيخ ناصر بن حمد الراشد الرئيس العام لتعليم البنات، والشيخ عبد الله بن زيد بن محمود، ومن أبرز تلامذته: الشيخ عبد الرحمن السعدي؛ علَّامة القصيم، وبعد قيامه بواجب التدريس بالمسجد الحرام عيَّنه الملك عبد العزيز زيادةً على ذلك رئيسًا لثلاث هيئات: هيئة تمييز القضايا، وهيئة الأمر بالمعروف، وهيئة الوعظ والإرشاد. وقام بهذه الأعمال إلى جانب قيامِه بالتدريس في المسجد الحرام بعد صلاتَي الفجر والمغرب، وفي عام 1364هـ عيَّنه الملكُ مديرًا للمعارف، وفي سنة 1366هـ أسند إليه رئاسةَ دار التوحيد، ولما شُكِّلت وزارةُ المعارف سنة 1373هـ وعُيِّن الأمير فهد بن عبد العزيز وزيرًا لها نُقِلَ الشيخ ابن مانع مستشارًا برتبة وكيل وزارة إلى عام 1377ه،ـ حيث طلبه حاكِمُ قطر، ولازم الشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن قاسم بن ثاني إلى أن توفي رحمه الله ببيروت على إثر عملية جراحية أُجريت له، ونُقِل جثمانه إلى قَطَر ودُفِن بها، وخَلَّف ثلاثة أبناء: عبد العزيز، وأحمد، وعبد الرحمن, ومكتبةً كبيرة حافلة بنوادر الكتب، ومؤلفات كثيرة، منها: ((إقامة الدليل والبرهان بتحريم الإجارة على قراءة القرآن))، و ((تحديث النظر في أخبار الإمام المهدي المنتظر))، و ((إرشاد الطلاب إلى فضيلة العلم والعمل والآداب))، و ((الأجوبة الحميدة: رسالة تتعلق بالتوحيد))، و ((حاشية على دليل الطالب))، و ((سبل الهدى شرح قطر الندى))، وله ((الكواكب الدرية شرح الدرة المضيئة))، و ((القول السديد فيما يجب لله على العبيد)).