الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2316 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 603 العام الميلادي : 1206
تفاصيل الحدث:

لَمَّا سَلَّم خوارزم شاه ترمذَ إلى الخطا سار عنها إلى ميهنة وأندخوي، وكتب إلى سونج أمير أشكار، نائب غياث الدين محمود بالطالقان يستميلُه، فعاد الرسول خائبًا لم يجِبْه سونج إلى ما أراد منه، وجمع عسكَرَه وخرج يحارِبُ خوارزم شاه، فالتَقَوا بالقرب من الطالقان، فلما تقابل العسكرانِ حمل سونج وحده مجِدًّا حتى قارب عسكرَ خوارزم شاه، فألقى سونج نفسَه إلى الأرض، ورمى سلاحه عنه، وقَبَّلَ الأرضَ، وسأل العَفْوَ، فظَنَّ خوارزم شاه أنَّه سَكرانُ، فلمَّا عَلِمَ أنه صاح ذَمَّه وسَبَّه، وقال: من يثِقُ بهذا وأشباهِه، ولم يلتفت إليه، وأخذ خوارزم شاه ما بالطالقانِ مِن مالٍ وسلاح ودوابَّ وأنفَذَه إلى غياث الدين مع رسولٍ، وحمَّله رسالةً تتضَمَّنُ التقَرُّبَ إليه والملاطفة له، واستناب بالطالقان بعضَ أصحابه، وسار إلى قلاع كالوين وبيوار، فخرجَ إليه حسام الدين عليُّ بن أبي علي، صاحب كالوين، وقاتله على رؤوس الجبال، فأرسل إليه خوارزمُ شاه يتهَدَّدُه إن لم يسَلِّمْ إليه، فقال: أمَّا أنا فمملوك، وأمَّا هذه الحصونُ فهي أمانةٌ بيدي، ولا أسَلِّمُها إلَّا إلى صاحبها، فاستحسن خوارزم شاه منه هذا، وأثنى عليه، وذمَّ سونج, ولَمَّا بلغ غياث الدين خَبَرُ سونج، وتسليمُه الطالقان إلى خوارزم شاه، عَظُمَ عِندَه وشَقَّ عليه، فسَلَّاه أصحابه، وهوَّنوا الأمر، ولَمَّا فرغ خوارزم شاه من الطالقان سار إلى هراة، فنزل بظاهِرِها.

العام الهجري : 710 العام الميلادي : 1310
تفاصيل الحدث:

بعد أن رجع الناصِرُ محمَّد إلى السلطنة وقَتَل المظَفَّر بيبرس الجاشنكيري، بقِيَ هناك الكثيرُ مِن الأمراء الذين كان يتخَوَّفُ منهم فبدأ بالقَبضِ عليهم فاستدعى من دمشقَ سبعةً من الأمراء واعتقَلَهم وحبَسَهم عنده، وفي مِصرَ قَبَض على أربعةَ عَشرَ أميرًا وحَبَسَهم، ومنهم من قُتِلَ وأُخِذَت إقطاعاته، وقُبض أيضًا على مماليك المظَفَّر بيبرس، ولكِنَّه تَرَكهم رحمة لهم، ثم إنَّه كان يهتَمُّ أكثَرَ شَيء ٍلأمرِ الأمير سيف الدين سلار المغولي الذي كان نائِبَ السلطان بيبرس الجاشنكيري، فهو الذي كان الآمِرَ الناهيَ في الدولة، وهو الذي حَرَّض بيبرسَ على كلِّ الأفعال التي صدرت منه وخاصةً مُصادرة أموال الناصر، وكان سلار قد هرب إلى الشوبك، ثمَّ إنَّه قَرَّر الحضورَ إلى السلطانِ النَّاصر، فلمَّا حضر حبَسَه وبقي محبوسًا شَهرًا حتى مات في سِجنِه جُوعًا وعَطَشًا، وقد استُخرِجَت منه كلُّ أمواله وإقطاعاته، فكانت كثيرة جدًّا بما لا يُحَدُّ ولا يوصَفُ من الذهب والفضَّة والجواهر الثمينة من الياقوت والزمُرُّد واللؤلؤ وغير ذلك من الأموال والأراضي والحيوانات الشيء المهول، ويُذكَرُ أنَّ سلار أصله من المماليك التتار الأويراتية، وصار إلى الملك الصالحِ عليِّ بن قلاوون، وبقِيَ بعد موته في خدمة الملك المنصورِ قلاوون حتى مات، ثم دخل في خدمةِ الملك الأشرف خليل بن قلاوون، وحَظِي عنده، فلما قُتِلَ حظي عند لاجين لمودَّة كانت بينهما، وترقى إلى أن صار نائِبَ السلطنة بديار مصرَ للسُّلطانِ المظَفَّر بيبرس.

العام الهجري : 908 العام الميلادي : 1502
تفاصيل الحدث:

قام في ينبع الأمير دراج- جد الأشراف ذوي هجار القاطنين بينبع النخل- بدور نبيل في حفظ مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبث أميرِها حسن بن الزبير الذي تهجم على مخزون الحجرة الشريفة، ودخل المدينة في ربيع الأول سنة 901 وسيطر على الأوضاع بالمدينة، واطمأن الناس بوصوله إليها. إلا أن هذا الأمير دراج توفي سنة 902، وتنازع أبناؤه على إمرة ينبع، فبرز منافس قوي من الأشراف لأبناء دراج على الإمارة فتح بابًا لصراع سياسي وعسكري فترة من الزمن، هو يحيى بن سبع، وبالرغم من توليه الإمارة في جمادى الآخرة سنة 903 إلا أن ذلك لم يصدر من السلطان المملوكي إنما من أمير مكة، فحمل هذا الأمير الينبعي على المماليك، ودخل معهم في صراع مسلح مستعينًا بقبائل ينبع وما جاورها في قطع طريق قوافل أمراء حج المماليك. ودخل في حلبة هذا الصراع سنة 908 أمير مكي خارج على إخوته هو أحمد بن محمد بن بركات المعروف بالجازاني، وعاشت الحجاز فترة من الصراع الحامي حتى هُزِم ابن سبع سنة 912, وتواصلت الصراعات في مكة وما حولها بسبب الجازاني وابن سبع في هذا العام وما بعده، ونالت جُدَّة منها نصيبًا، فما إن يخرج أمير من مكة حتى يهاجم جُدَّة ليسيطر على تجارتها ويجبي مكوسها ويموِّل عسكره ورجاله استمرارًا للصراع المسلح, وقُتل الجازاني سنة 909 في شهر رجب وهو يطوف بالبيت العتيقِ.

العام الهجري : 916 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1511
تفاصيل الحدث:

هو السلطان العادل المجاهد أبو الفتح محمود شاه بن محمد أحمد بن محمد بن مظفر ناصر الدين أبو الفتح بن غياث الدين الدلي الأصل، الأحمد أبادي. كان مولده سنة 848 بآباد. أسلم جَدُّ جَدِّه مظفر على يد محمد شاه صاحب دلي، وكان عاملًا له على فتن من كجرات- وفتن: بلدة من بلاد كجرات- من بلاد الهند، فلما وقعت الفتن في مملكة دلي وتقسمت البلاد، فكان الذي خصَّ مظفر حكمه كجرات، ثم وثب عليه ابنه محمد، ولكن لم يلبث أن استفحل أمر الأب مظفر، بحيث قَتَل ولده محمدًا، ثم بعد سنين انتصر أحمدُ لأبيه وقتَل جدَّه مظفرًا واستقر في كجرات، وخَلَّفه غياث الدين بن محمد، ثم قطب الدين، ثم أخوه داود، فلم يلبث سوى أيام وخُلِعَ واستقر أخوهم محمود شاه وذلك في سنة ثلاث وستين، حين كان ابن خمس عشرة سنة واستقر حكمُه وأخذ من الكفار قلعة الشابانير فابتناها مدينة وسمَّاها أحمد آباد، ومن جملة ممالكه كناية, وعَمَر بمكة رباطًا مجاورَ باب الدربية، عرف بالكنباتية، وقرَّر به جماعة ودروسًا وغير ذلك، وكان يرسِلُ لهم مع أهل الحرمين عِدَّة صدقات، ثم قطعها لَمَّا بلغه استيلاء النظَّار عليها، واستمر على ولايته إلى أن توفِّي يوم الأحد ثاني رمضان بأحمد أباد, ودفن بها.

العام الهجري : 971 العام الميلادي : 1563
تفاصيل الحدث:

خرج حسن بن خير الدين بربروسا في هذه السنة من مدينة الجزائر نحو الغرب، يقودُ جيشًا كبيرًا مؤلفًا من خمسة عشر ألف رجل من رماة البندقية، وألف فارس من الصباحية، تحت إمرة أحمد مقرن الزواوي، واثني عشر ألف رجل من زواوة وبني عباس، أما مؤَنُ وذخيرة الجيش فقد حملها الأسطولُ العثماني إلى مدينة مستغانم التي اتخذَها قاعدة للعمليات، وفي 13 أبريل وصل حسن خير الدين بكامل قوَّته أمام مدينة وهران، وضرب حصارًا حولها، وكان الإسبان مستعدِّين لتلقي الصدمة وراء حصونِهم وقلاعهم، بعد أن توالت النجدات الإسبانية والبرتغالية على وهران؛ استجابة لنداء حاكمها، ومنذ أن صارت القواتُ العثمانية على مسافة مرحلتين وبينهما، كان البيلربك نفسه على بعد ست مراحل؛ مما اضطر حسن بن خير الدين إلى رفع الحصار قبل وصول المزيد من هذه النجدات التي اتخذت من مالطة مركزًا لتجمُّعها، وهكذا لم يستطع حسن بن خير الدين تحقيق هدفه ذلك؛ لأن فيليب الثاني كان قد وضع برنامجًا طموحًا للأسطول الإسباني، والبناء البحري في ترسانات إيطاليا وقطالونيا، كما وردت لخزانة إسبانيا إعانةٌ من البابوية، واجتمعت سلطة قشتالة التشريعية في جلسة غير عادية، وأقرَّت بوجوب إمداد إسبانيا بمعوناتٍ مالية، لتساندَها في حربها مع العثمانيين؛ ممَّا كانت ثمرة تلك المجهودات وإعادة التنظيم لهيكل إسبانيا وهزيمة العثمانيين في وهران.

العام الهجري : 1153 العام الميلادي : 1740
تفاصيل الحدث:

كان الشيخ عبد الوهاب بن سليمان والد الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد انتقل إلى حريملاء وتولى القضاء فيها, فلما قَدِم الشيخ من رحلاته العلمية على والدِه في حريملاء أخذ يقرأُ عليه, ويُنكِرُ ما يفعلُه الجهَّال من البدع والشرك في الأقوال والأفعال، وكثُرَ منه الإنكار لذلك ولجميع المحظورات، حتى وقع بينه وبين أبيه كلام، وكذلك وقع بينه وبين الناس في البلد, فأقام على ذلك مدة سنين، حتى توفي والده في هذه السنة، فأعلن بالدعوة والإنكار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وتبعه أناسٌ مِن أهل حريملاء ومالوا معه واشتهر بذلك، وكان رؤساء أهل بلد حريملاء قبيلتين وقع بينهما خلاف ولم يكن للبلد رئيس يزع الجميع إليه. وكان في البلد عبيدٌ لإحدى القبلتين، كثيرٌ تعدِّيهم وفسقهم, فأراد الشيخ أن يُمنَعوا عن الفساد, فهمَّ العبيد أن يفتكوا بالشيخ ويقتلوه بالليل سرًّا. فلما تسوَّروا عليه الجدار عَلِم بهم أناس فصاحوا بهم فهربوا. فانتقل الشيخ بعدها إلى العُيينة, ورئيسُها يومئذ عثمان بن حمد بن معمر،  فتلقاه بالقبول وأكرمه, وتزوج الشيخُ فيها من عمة ابن معمر: الجوهرة بنت عبد الله بن معمر, ثم عرض الشيخُ على ابن معمر ما قام به ودعا إليه، وقال له: إني أرجو إنْ أنت قمتَ بنصر لا إله إلا الله أن يُظهِرَك الله وتَملِكَ نجدًا وأعرابها, فساعده عثمان على ذلك.

العام الهجري : 1219 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1805
تفاصيل الحدث:

سار الإمامُ سعود بجيوشه الكثيرة من جميع نواحي نجد والجنوب وعمان والأحساء وغير ذلك من البادي والحاضر، قاصدًا الشمال, وكان قد حدَث من عربان الظفير حوادِثُ من تضييع بعض فرائض الدين وإيواء المُحدَثين وإضافتهم، وأتاهم غزوٌ من بوادي الشمال، فأغاروا على بوادي المسلمين واجتازوا بالظفير فأضافوهم، وذكروا للإمام سعود أن أناسًا منهم يغزون مع أعداء المسلمين على بواديهم، وكان قبل ذلك قد حدَث بين الظفير ومطير بعضُ القتال، فقُتِل من مطير رجلٌ من رؤسائهم الدوشان. وقُتِل من الظفير مصلط بن الشايوش بن عفنان. فأرسل إليهم سعودٌ وهو في الدرعية فأصلح بينهم وكف بعضَهم عن بعض وتوعَّدَ من اعتدى منهم على الآخر, فلما سار سعود في هذه الغزوة اجتاز بوادي الظفير وهم في الدهناء على جهة لينة الماء المعروف, فأمرهم أن ينفِروا معهم غزاة، فنفر منهم شرذمةٌ رئيسُهم الشايوش بن عفنان، فاستغل سعود غزوهم، فانتهر الشايوش وغَضِب عليه فقال: إنهم عَصَوني وهم يريدون المسير لقتال مطير، فحَرف سعود الجيوش إلى الظفيري وشَنَّ عليهم الغارات وأمر فيهم بالقَتلِ والنهب، ثم بعد ذلك أعتق غالِبَهم من القتل, وأخذ جميعَ أموالهم ولم ينجُ منهم إلا الشريد من أقاصيهم، وتفرقوا فمنهم من هرب إلى المنتفق، والبعض إلى جزيرة العراق، والبعض الآخر إلى نجد, ثم رحل سعود إلى الزلفي وقسَّم الغنائمَ، وكان عند ظفير إبل وأغنام كثيرة لأهل سدير فأمرهم سعود أن يتعرفوا أموالَهم، وكل من عرف ماله أتى بشاهدين أو شاهد ويمينه ويأخذونه.

العام الهجري : 1264 العام الميلادي : 1847
تفاصيل الحدث:

الأميرُ خالد بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود أميرٌ مِن آل سعود، وهو مِن أمٍّ حبشية. نشأ بمصرَ بعد حرب إبراهيم باشا للدرعية,  ولما قَوِيَ أمر الإمام فيصل بن تركي في الديار النجدية أرسل محمد علي باشا خالدًا مع قوة عسكرية يقودُها إسماعيل بك سنة 1252 هـ لقتال فيصل بن تركي، فنشبت بينهما معاركُ انتهت باستسلام فيصل لخورشيد باشا في رمضان 1255 1838 م ووجَّهه خورشيد إلى مصر، ومعه ولداه عبد الله ومحمد وأخوه جلوي بن تركي. وتولى خالدٌ الإمارة، فسيَّرَ حملة بقيادة سعد بن مطلق إلى الأراضي المجاورة لنجد، وخضعت له عددٌ من بلدان نجد عدا الخرج وبلدة الحلوة، رفض أهلها الخضوع له؛ لعِلمِهم أن حُكمَه صوريٌّ والحكم الحقيقي لمحمد علي باشا. كتب خالدُ بن سعود إلى إمام مسقط سعيد بن سلطان يطالِبُه بالجزية التي كان يؤدِّيها من قبل لأجداده آل سعود. ومال خالدُ بن سعود إلى اللَّهوِ، فنفر منه أصحابُه، وثار عليه عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان ابن سعود، فرحل خالد إلى الأحساء، فلما دخل ابن ثنيان الرياضَ واجتمع عليه أهلُ نجد مضى خالد بن سعود إلى الدمَّام ثم الكويت، ومنها إلى مكة. وتوفي بجُدة محمومًا.

العام الهجري : 1270 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1853
تفاصيل الحدث:

أعلنت الدَّولةُ العثمانيةُ الحَربَ على روسيا في 1 محرَّم من هذه السنة، وأرسلت قِسمًا من أسطولها البحري إلى ميناء "سينوب" على البحر الأسود، وكان يتألَّفُ من ثلاث عشرة قطعة بحَرية بقيادة "عثمان باشا"، ثم وصلت إلى الميناء بعضُ القطع البحرية الروسية في 18 محرم من هذه السنة بقيادة "ناخيموف" قائد الأسطولِ الروسي؛ لتكشِفَ مواقع الأسطول العثماني، وتَعرِف مدى قوَّتِه، وظلَّت رابضةً خارج الميناء، محاصرةً للسفن العثمانية، وأرسل ناخيموف إلى دولتِه لإمداده بمزيدٍ مِن القطع البحرية، فلما حضرت جعَلَ أربعًا من سفُنِه الحربية خارجَ الميناء؛ لتقطع خطَّ الرجعة على السفن العثمانية إذا هي حاولت الهرَبَ. ولما توقَّع "عثمان باشا" غَدْرَ الأسطول الروسي، أمَرَ قواده وجنوده بالاستعدادِ والصبر عند القتال، على الرغم من تعهُّدِ نيقولا قيصر روسيا ووعْدِه بعدم ضرب القوات العثمانية إلَّا إذا بدأت هي بالقتال، لكِنَّ القيصر حنث في وعده؛ إذ أطلقت السفنُ الروسية النيرانَ على القطع البحرية العثمانية التي كانت قليلةَ العدد وضئيلةَ الحَجمِ إذا ما قُورِنَت بالسفن الروسية، وذلك في 28 صفر من هذا العام، وأسفرت المعركةُ عن تدمير سفن الدولة العثمانية، وقَتْل أكثر بحارتها. وقد أثار هذا العمَلُ غَضَبَ فرنسا وإنجلترا، فقررتا الدخولَ في حَربٍ ضِدَّ القيصر الروسي إلى جانب السلطان العثماني، واستمَرَّت نحو عامين، وهي الحربُ المعروفةُ بـ"حرب القرم".

العام الهجري : 1336 العام الميلادي : 1917
تفاصيل الحدث:

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وتقسيم الإمبراطورية، اتحدت عام 1918م كلٌّ مِن صربيا، كرواتيا، وسلوفينيا، تحت قيادة ملك الصرب بطرس الأول، وباسم مملكة صربيا وكرواتيا وسلوفينيا، وهي مملكة أوروبية امتدَّت من غرب البلقان حتى وسط أوروبا. اتبع خليفة بطرس الأول الملك الكسندر الأول حكمًا عسكريًّا منذ عام 1929م إلى حين اغتياله عام 1934م. أُعيد تسمية البلاد إلى مملكة يوغوسلافيا. ثم ناصَرَ الملكُ بطرس الثاني عام 1941م دولَ المحور في الحرب العالمية الثانية؛ مما أدى إلى إسقاطه في الحال على يد الجيش. انتهز هتلر هذه الفرصة وأمر القواتِ الألمانيةَ والإيطالية باحتلال البلاد. أصبح عام 1943م جوزيف بروز الملقب بتيتو زعيمَ المقاومة اليوغوسلافية، التي تمكَّنت مع القوات السوفيتية من تحرير البلاد عام 1945م. أُعلِنَ في نفس السنة قيامُ اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية الشعبية وتيتو رئيسًا لها. كان هذا الاتحادُ يضُمٌّ كلًّا من صربيا، كرواتيا، سلوفاكيا، البوسنة والهرسك، والجبل الأسود، ومقدونيا. بقي رئيسًا للاتحاد حتى مماته عام 1980م، الذي كان بداية النهاية للاتحاد اليوغوسلافي. كانت يوغوسلافيا في الفترة 1945 - 1948م تتبع الاتحاد السوفيتي، إلى حين ظهور خلافات على السطح وإعلان يوغوسلافيا اتباع سياسة محايدة إيجابية دوليًّا. لعبت بعد ذلك تحت قيادة تيتو دورًا مهمًّا في السياسة الدولية وتشكيل منظَّمة عدمِ الانحياز.

العام الهجري : 1339 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1921
تفاصيل الحدث:

كانت لجنةُ الحلفاء العليا المجتَمِعة في باريس والمؤلَّفة من رؤساء وزارات كلٍّ من إنجلترا وفرنسا وإيطاليا واليونان والحكومة التركية أصدرت قرارًا يقضي بنزول الجيوشِ اليونانية في أزمير، وحذَّر القرارُ الدولةَ العثمانية من المقاومة، وأن أيَّ مقاومة تعني نقضَ الهدنة وعودة الحرب، وقد نزل اليونانيون فعلًا في اليوم الثاني من مطلع صيف 1338هـ، ثم دفعت إنجلترا باليونانيين فتقدَّموا من ناحية الغرب، وجرى القتال بين الأتراك واليونانيين؛ حيث شنَّ اليونانيون هجومَهم وأحرزوا نصرًا على الأتراك في معركة إينونو الأولى، ثم عاد اليونانيون في رجب / مارس، وكان مؤتمر لندن قائمًا، فسار اليونانيون نحو أسكي شهر وأفيون قره حصار لكنَّهم هُزِموا وارتدوا إلى بورصة، فصمموا على الهجوم على استانبول، لكن بريطانيا وقفت في وجههم، فانكفأ اليونانيون نحو الشرقِ فالتقوا بالقوات التركية، واستولوا على أفيون، ثم وصل مصطفى كمال إلى جبهة القتال الذي أمر القوات التركية بالانسحابِ، وفعلًا تم ذلك وتجمَّعت القوات في سقاريا، ورجع مصطفى إلى أسكي شهر على الجبهة الأولى، وكان اليونانيون قد وصلوا إلى غرب نهر سقاريا، وبدأ الهجوم اليوناني في شوال 1339هـ وتراجع الأتراكُ بفوضوية، وسدَّ الفدائيون الثغراتِ، ثم بدأ اليونانيون أيضًا بالانسحاب بعد أن رأوا عدمَ جدوى الهجوم الذي دام عشرةَ أيامٍ، وكانوا يحرقون القرى ويدمِّرون الآبار، ويسوقون المواشيَ، ويقتلون الأهاليَ، ثم عُقِدت الهدنة مع اليونان، وبرز مصطفى كمال يومَها بأنه استطاع إجبار اليونان من الانسحاب من تركيا عام 1340ه.

العام الهجري : 1343 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1924
تفاصيل الحدث:

بلَغَت قراراتُ مؤتمر الرياض قواتِ الإخوان المتمركِزة في تربة والخرمة (من محافظات منطقة مكة المكرمة)، ووصلهم الأمرُ بالاستعداد لفتح الطائف، فتقدموا إلى الحوية قرب الطائف، وهزموا القواتِ الحجازية ودخلوا الطائفَ بعد انهيار قوات الشريف حسين في معركة الهدا، فأرسل الشريف إلى بريطانيا يطالبها بالتدخُّل وعدمِ السماح للملك عبدالعزيز بتكرارِ ما فعله الإخوان في الطائف في أماكن أخرى، ولكِنَّ بريطانيا أجابت بأنها تتمسَّكُ بالحياد وعدم التدخُّل في قضايا دينية بينهما، وأكَّدت لمندوب الحجاز أنها ستعملُ على حماية الرعايا الأجانب في الحجاز، وقد ذكَرَت عددٌ من المصادر الإعلامية في حينها بهتانًا وزورًا مشاهِدَ مُرعبة صُوِّرَت فيها وحشية الإخوان حال دخولِهم الطائِفَ، يقول جلال كشك المصري: (زحف الإخوان على الحجاز وذاب الجيش الهاشمي الذي التهمه الإخوان، وكانت معركة الطائف التي لعبت رويتر والمقطم وتايمس أوف أنديا وأجهزة الإعلام البريطانية والهاشمية دورًا كبيرًا فيما أُثير حولَ المعركة ونقَلَتْه كتابات المؤرخين دون تمحيصٍ، حتى بدت وكأنها غزوةٌ تَتَرية، وقد أجمعت المصادِرُ على أن جميعَ قتلى غزوة الطائف لا يتجاوزون 300 رجل داخِلَ وخارج المدينة، وهو أقل بكثير من ضحايا موقعة البكيرية مثلًا) وما أن بلغ الملك عبدالعزيز خبر دخول الإخوان الطائف حتى أمرهم بالتوقُّف وعدم دخول مكَّة.

العام الهجري : 1399 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1978
تفاصيل الحدث:

هو محمد إبراهيم بوخروبة، المعروفُ باسم هواري بومدين زعيم أمازيغي رئيسُ الجزائر. وهو ابنُ فلاحٍ بسيطٍ من عائلة كبيرةِ العددِ ومتواضعة الحال تَنتمي إلى عرش بني فوغال التي نزحت من ولاية جيجل عندَ بداية الاحتلال الفرنسيِّ، وُلد سنة 1932في دوَّار بني عدي (العرعرة) على بُعد بضعةِ كيلومترات غرب قرية "قالمة" من قرى الشرقِ الجزائريِّ، وتعلَّم بها وبقسنطينةَ، والتحقَ في تلك الحِقبة بجامع الزيتونةِ الذي كان يقصِدُه العديدُ من الطلبة الجزائريين، وهو من أبرزِ رجالاتِ السياسةِ بالجزائر في النصف الثاني من القرن العشرين، أصبحَ أحدَ رموز حركة عدم الانحيازِ، ولعِبَ دورًا هامًّا على الساحةِ الإفريقية والعربية، وكان أول رئيسٍ من العالم الثالث تحدَّث في الأمم المتحدة عن نظام دوليٍّ جديدٍ، وقد رفض هواري بومدين خدمة العلَمِ الفرنسيِّ وفرَّ إلى تونس سنة 1949م. ومن تونسَ انتقل إلى القاهرةِ سنة 1950م حيث التحق بجامع الأزهر ودرس فيه وتفوَّق في دراسته. تولَّى بومدين الحكم في الجزائرِ بعد انقلابٍ عسكريٍّ من 19 يونيو 1965م إلى غاية ديسمبر 1978م. فتميَّزت فترة حكمِه بالازدهارِ في الجانب الزراعي، كما قام بتأميمِ المحروقاتِ الجزائرية (البترول)، وأقام أيضًا قواعدَ صناعيةً كبرى ما زالت تعمل إلى حد الساعةِ. وكان في أول الأمرِ رئيسًا لمجلس التصحيح الثوريِّ، تم انتخابه رئيسًا للجمهوريةِ الجزائريةِ عام 1975. مات بعد أن أصيب بمرض عضال في صباح الأربعاء 27 ديسمبر.

العام الهجري : 1384 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1965
تفاصيل الحدث:

هو مالكوم إكس بن أورلي ليتل، أو الحاج مالك شباز؛ من الشخصيات الأمريكية المسلِمة البارزة في منتصف القرن الماضي، كانت حياتُه سلسلةً من التحولات؛ حيث انتقل من قاع الجريمة والانحدار إلى تطرُّف الأفكار العنصرية، ثم إلى الإسلام. وُلِد مالكوم في 6 ذي القعدة 1343هـ/ 19 مايو 1925م، وكان أبوه "أورلي ليتل" قسيسًا أسود من أتباع "ماركوس كافي" الذي أنشأ جمعيةً بنيويورك ونادى بصفاء الجنس الأسود وعودته إلى أرض أجداده في أفريقيا. وكانت العنصرية في الولايات المتحدة على أشُدِّها في ذلك الوقت. كان أبوه حريصًا على اصطحابه معه إلى الكنيسة في مدينة "لانسينغ"؛ حيث كانت تعيشُ أسرته على ما يجمعه الأب من الكنائس، وكان يحضُرُ مع أبيه اجتماعاتِه السياسيةَ في "جمعية التقدُّم الزنجية" التي تكثر خلالها الشِّعاراتُ المعادية للبِيضِ، وكان الأبُ يختم هذه الاجتماعات بقوله: إلى الأمامِ أيها الجنس الجبَّار، بوُسعِك أن تحقِّقَ المعجزاتِ. وكان هو وعائلته الزنوجَ الوحيدين بالمدينة؛ لذا كان البِيضُ يُطلِقون عليه الزِّنجيَّ أو الأسودَ، حتى ظنَّ مالكوم أن هذه الصفات جزءٌ من اسمِه، وفي عام 1931م وُجِد والده مقتولًا عند سكة القطار، فاتهمت عائلتُه مجموعةً من البِيض العُنصريين، وفي عام 1938م دخلت والدته المصحَّة العقلية بسبب معاناتها بعد فَقْدِ زوجها. قصد مالكوم بوسطن بعد انتهاء المرحلة الثانوية، وأخذته الحياةُ في مجرًى جديد؛ حيث أُصيب بنوع من الانبهار في المدينة الجميلة، وهناك انغمس في حياة اللهو والمجون. ألقت الشرطةُ القبضَ عليه وحُكِم عليه سنة 1946م بالسجن عشر سنوات، فدخل سجن "تشارلز تاون" العتيق، وكانت قضبانُ السجن ذات ألمٍ رهيب على نفس مالكوم؛ لذا كان عنيدًا يسُبُّ حرَّاسه، فيُحبَس حبسًا انفراديًّا، وتعلَّم من الحبس الانفرادي أن يكون ذا إرادة قويَّة يستطيع من خلالها التخلِّيَ عن كثير من عاداته، وفي عام 1947م تأثَّر بأحد السجناء ويُدعى "بيمبي" الذي كان يتكلَّم عن الدين والعدل، فزعزع بكلامِه ذلك الكفرَ والشَّكَّ من نفس مالكوم، وكان بيمبي يقول للسجناء: إنَّ مَن خارجَ السجن ليسوا بأفضَلَ منهم، وإنَّ الفارق بينهم وبين من في الخارج أنهم لم يقعوا في يد العدالةِ بَعدُ! ونصحه بيمبي أن يتعلَّم، فتردَّد مالكوم على مكتبة السجن وتعلم اللاتينية. وفي عام 1948م انتقل إلى سجن كونكورد، وكتب إليه أخوه "فيلبيرت" أنَّه اهتدى إلى الدِّينِ الطبيعي للرجل الأسود (الإسلام)، ونصَحَه ألا يدخِّن، وألا يأكُلَ لحم الخنزير، وامتثل مالكوم لِنُصح أخيه، ثم عَلِمَ أن إخوته جميعًا في دترويت وشيكاغو قد اهتَدَوا إلى الإسلام، وأنهم يتمنَّونَ أن يُسلِم مثلهم، ووجد في نفسه استعدادًا فِطريًّا للإسلام، ثم انتقل مالكوم إلى سجن "ينورفولك"، وهو سجنٌ مُخَفَّف في عقوباته، ويقع في الريف، ويحاضِرُ فيه بعض أساتذة الجامعة من هارفارد وبوسطن، وبه مكتبةٌ ضخمة تحوي عشرة آلاف مجلد قديم ونادر. أسلم مالكوم في السجن، وكان سبيلُه الأوَّلُ هو الاعترافَ بالذنب، ورأى أنَّه على قَدْرِ زَلَّته تكونُ توبته. وبدأ يراسِلُ كلَّ أصدقائه القدامى في الإجرام ليدعوَهم إلى الإسلام، وفي أثناء ذلك بدأ في تثقيفِ نَفسه، وبدا السجن له كأنَّه واحةٌ أو مرحلةُ اعتكافٍ علمي. خرج مالكوم من السجن سنة 1952م وذهب إلى أخيه في دترويت، وهناك تعلَّم الفاتحة وذهب إلى المسجد، وتأثَّر بأخلاق المسلمين. والتقى بالداعية إليجا محمد، وانضمَّ إلى حركة أمة الإسلام، وتبنى دعوةَ إليجا في استخدام العنف في حلِّ المشكلة العُنصرية بين السُّود والبيض في أمريكا، فبدأ يدعو الشبابَ الأسود إلى هذه الحركة، فتأثر به كثيرون؛ لأنَّه كان خطيبًا مفوَّهًا ذا حماس شديد، فذاع صيتُه حتى أصبح في فترة وجيزةٍ إمامًا ثابتًا في مسجد دترويت. وامتاز بأنه يخاطِبَ الناس باللُّغة التي يفهمونها: لغةِ العنف. وزار عددًا من المدن الكبرى، فاهتدى على يديه كثيرٌ من السود. التقى مالكوم بمارتن لوثر كينغ (نصراني وزعيم أمريكي من أصول إفريقية) يدعو إلى التفاهم مع البيض والتعايش السِّلمي ونبذ العنف، وإنهاء التمييز العنصري ضِدَّ السُّود, فاختلف معه مالكوم وهاجمه في أكثرَ من مناسبة، إلا أن مالكوم إكس أخيرًا تأثَّر بفكرة لوثر تجاه العنف وتحوَّل إلى فكرة التفاهم والتعايش مع البِيض؛ ولذلك اختلف مع إليجا، وعندما طُرد من حركة أمة الإسلام؛ بسبب مخالفته لتوجيهات إليجا في الموقف من اغتيال كندي، وقرَّر أداءَ فريضة الحج في عام 1964م، وزار العالمَ الإسلاميَّ ورأى في الطائرة التي أقلعت به من القاهرة للحَجِّ أنَّ بها ألوانًا مختلفةً من الحجيج، وأنَّ الإسلامَ ليس دينَ الرجلِ الأسودِ فقط، بل هو دينُ الإنسان. وتأثَّر مالكوم بمشهد الكعبة المشرَّفة وأصوات التلبية، وبساطة وإخاء المسلمين؛ يقول في ذلك: "في حياتي لم أشهَدْ أصدَقَ من هذا الإخاء بين أناسٍ من جميع الألوان والأجناس، إنَّ أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام؛ لأنَّه الدين الوحيد الذي يملك حلَّ مشكلة العنصرية فيها"، وقضى 12 يومًا جالسًا مع المسلمين في الحج، ورأى أنَّ الناس متساوون أمام الله بعيدًا عن سرطان العنصرية. وغيَّر مالكوم اسمَه إلى الحاج مالك شباز، وغادر مالكوم جدة في إبريل 1964م، وزار عددًا من الدول العربية والإفريقية، ورأى في أسبوعين ما لم يرَه في 39 عامًا، وخرج بمعادلة صحيحة هي: "إدانةُ كلِّ البِيض = إدانة كلِّ السُّود". وصاغ بعد عودته أفكارًا جديدة تدعو إلى الإسلام الصحيح؛ الإسلام اللاعُنصري، وأخذ يدعو إليه، ودعا إلى التعايش بين البِيض والسود، وأسَّس منظمةَ الاتحاد الإفريقي الأمريكي. وفي إحدى محاضراته يوم الأحد (18 شوال 1384هـ / 21 فبراير 1965م) صعد مالكوم ليلقيَ محاضرته، ونشبت مشاجرةٌ في الصف التاسع بين اثنين من الحضور، فالتفت الناسُ إليهم، وفي ذات الوقت أطلق ثلاثةُ أشخاصٍ من الصف الأول 16 رصاصةً على صدر مالكوم إكس، فتدفَّق منه الدمُ بغزارة، وفارق الحياةَ!.

العام الهجري : 1336 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1918
تفاصيل الحدث:

هو السلطانُ عبد الحميد الثاني بن عبد المجيد الثاني، السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية، وآخِرُ من امتلك سلطةً فعليةً منهم. ولد في 16 شعبان 1258هـ الموافق 21 سبتمبر 1842م، وتولَّى الحكم عام 1293هـ 1876م. أبعِدَ عن العرش عام 1327هـ / 1909م بتهمة الرجعية، وأقام تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في 15 جمادى الأولى 1337هـ الموافق 10 فبراير 1918م. تلقى السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد تعليمَه بالقصر السلطاني، وأتقن من اللغات: الفارسية والعربية، وكذلك درس التاريخ والأدب. يعرِّفُه البعض، "باولو خاقان" أي "الملك العظيم" وعُرِفَ في الغرب باسم "السلطان الأحمر"، أو "القاتل الكبير" بسبب مذابح الأرمن المزعوم وقوعُها في فترة تولِّيه منصِبَه. رحَّب جزء من الشعب العثماني بالعودة إلى الحكم الدستوري بعد إبعاد السلطان عبد الحميد عن العرش في أعقاب ثورة الشباب التركي "الاتحاديين". غيرَ أن الكثير من المسلمين ما زالوا يقدِّرون قيمة هذا السلطان الذي خَسِرَ عرشه في سبيل أرض فلسطين التي رفض بيعَها لزعماء الحركة الصهيونية. تولى السلطانُ عبد الحميد الثاني الخلافة في 11 شعبان 1293هـ، الموافق 31 آب (أغسطس) 1876م، وتبوَّأ عرشَ السلطنة يومئذٍ على أسوأ حال؛ حيث كانت الدولة في منتهى السوء والاضطراب، سواء الأوضاع الداخلية أو الخارجية. دبَّرت جمعية "الاتحاد والترقي" عام 1908م انقلابًا على السلطان عبد الحميد تحت شعارات الماسونيةِ "حرية، عدالة، مساواة". كان اليهودُ لَمَّا عُقِدَ مؤتمرُهم الصهيوني الأول في (بازل) بسويسرا عام 1315هـ، 1897م، برئاسة ثيودور هرتزل 1860م-1904م رئيس الجمعية الصهيونية، اتَّفقوا على تأسيس وطنٍ قوميٍّ لهم يكون مقرًّا لأبناء عقيدتهم، وأصَرَّ هرتزل على أن تكون فلسطينُ هي الوطنَ القوميَّ لهم، فنشأت فكرةُ الصهيونية، وقد اتَّصل هرتزل بالسلطان عبد الحميد مرارًا ليسمح لليهودِ بالانتقال إلى فلسطين، ولكِنَّ السلطان كان يرفض، ثم قام هرتزل بتوسيطِ كثير من أصدقائه الأجانب الذين كانت لهم صلةٌ بالسلطان أو ببعض أصحابِ النفوذ في الدولة، كما قام بتوسيطِ بعض الزعماء العثمانيين، لكنه لم يُفلح، وأخيرًا زار السلطانَ عبد الحميد بصحبة الحاخام (موسى ليفي) و(عمانيول قره صو)، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وبعد مقَدِّمات مُفعَمة بالرياء والخداع، أفصحوا عن مطالبهم، وقدَّموا له الإغراءاتِ المتمثلة في إقراض الخزينة العثمانية أموالًا طائلةً مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها خمسة ملايين ليرة ذهبية، وتحالُف سياسي يُوقفون بموجِبِه حملات الدعاية السيئة التي ذاعت ضِدَّه في صحف أوروبا وأمريكا. لكِنَّ السلطان رفض بشدةٍ وطردهم من مجلسِه، وقال: " إنكم لو دفعتم ملءَ الدنيا ذهبًا، فلن أقبل؛ إنَّ أرضَ فلسطين ليست ملكي، إنما هي ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلِمون بدمائهم لا يمكن أن يباعَ، وربما إذا تفَتَّت إمبراطوريتي يومًا يمكِنُكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل"، ثم أصدر أمرًا بمنعِ هجرة اليهود إلى فلسطين. عندئذ أدرك خصومُه الصهاينة أنهم أمام رجلٍ قوي وعنيد، وأنَّه ليس من السهولة بمكانٍ استمالتُه إلى صفِّها، ولا إغراؤه بالمال، وأنه ما دام على عرش الخلافة فإنَّه لا يمكِنُ للصهيونية العالمية أن تحقِّقَ أطماعها في فلسطين، ولن يمكِنَ للدول الأوروبية أن تحقِّقَ أطماعها أيضًا في تقسيمِ الدولة العثمانية والسيطرة على أملاكها، وإقامة دويلات لليهود والأرمن واليونان؛ لذا قرَّروا الإطاحةَ به وإبعاده عن الحكم، فاستعانوا بالقوى المختلفة التي نذرت نفسَها لتمزيق ديار الإسلام؛ أهمها الماسونية، والدونمة، والجمعيات السرية (الاتحاد والترقي)، وحركة القومية العربية، والدعوة للقومية التركية (الطورانية)، ولَعِبَ يهود الدونمة دورًا رئيسًا في إشعال نار الفتن ضد السلطان إلى أن تمَّ عزلُه وخَلعُه من منصبه عام 1909، وتم تنصيب شقيقِه محمد رشاد خلفًا له. وتوفِّيَ السلطان عبد الحميد الثاني في المنفى في 15 جمادى الأولى 1337هـ 10 فبراير 1919م.