هو الشيخُ شُعيبُ بنُ مُحرَّمٍ الألبانيُّ الأرناؤوطُ، وُلِدَ عامَ 1928 في العاصمةِ السوريةِ دمشقَ، وهو يَنحدِرُ من أسرةٍ ألبانيَّةِ الأصلِ، هاجرَتْ إلى دِمَشقَ سنةَ 1926، وكان والدُه من أهلِ العِلمِ. درَسَ اللغةَ العربيةَ في سِنٍّ مُبكِّرةٍ، وتعلَّم مبادئَ الإسلامِ، وحفِظَ أجزاءً كثيرةً من القرآنِ الكريمِ. تتلمَذَ في علومِ العربيةِ على كِبارِ أساتِذَتِها وعُلمائِها في دمشقَ آنَذاكَ، منهم الشيخُ صالحٌ الفَرفورُ، والشيخُ عارفٌ الدوجيُّ اللذان كانا من تلاميذِ علَّامةِ الشامِ في عَصرِه الشيخِ بَدرِ الدينِ الحَسَنيِّ. وبعدها اتَّجَهَ لدراسةِ أصولِ الفقهِ، خاصَّةً فيما يتعلَّقُ بالمذهَبِ الحَنَفيِّ، إضافةً إلى دراستِه تفسيرَ القرآنِ الكريمِ، والحديثَ، وكُتُبَ الأخلاقِ، إلى أنْ تخصَّصَ في عِلمِ السُّنَّةِ والحديثِ، واشتغَلَ بتحقيقِ التُّراثِ العربيِّ الإسلاميِّ، وكانت بِدايتُه الأولى في المكتَبِ الإسلاميِّ بدِمَشقَ عامَ 1958؛ حيثُ ترأَّسَ فيه قِسمَ التحقيقِ والتصحيحِ مُدَّةَ عِشرين عامًا، حقَّق فيها أو أَشرَفَ على تحقيقِ عشَراتِ المُجَلَّداتِ من أُمَّهاتِ كُتبِ التراثِ في شتَّى العلومِ. ومن أهمِّ أعمالِه تحقيقُ الكتُبِ التاليةِ: ((شَرحِ السُّنَّةِ للبَغَويِّ))، و((رَوضةِ الطَّالِبِينَ)) للنَّوَويِّ، بالاشتراكِ مع الشيخِ عبدِ القادرِ الأَرنَؤُوط، و((سِيَرِ أَعلامِ النُّبَلاءِ)) للذَّهَبيِّ، و((الإحسانِ في تقريبِ صَحيحِ ابنِ حِبَّانَ))، و((سُنَنِ النَّسائيِّ الكُبرى))، بالاشتراكِ مع حسن شلبي، و((مُسنَدِ الإمامِ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ)). وقد تخرَّجَ على يدِ الشيخِ شُعَيبٍ في التحقيقِ عَددٌ من طَلَبةِ العلمِ، منهم: محمد نعيم العرقسوسي، وإبراهيم الزيبق، وعادل مرشد، وأحمد برهوم، ورضوان العرقسوسي، وغيرُهم. تُوفِّي الشيخُ شُعَيبٌ -رَحِمَه اللهُ- في العاصمةِ الأُردنيَّة عَمَّانَ عن عُمرٍ تجاوزَ 90 سنةً.
وُلِدَت حليمةُ يعقوب يومَ 23 أغسطس 1954 في سنغافورةَ، والدُها كان حارسًا، وهو مُسلِمٌ من أصلٍ هنديٍّ، وعانَت حليمةُ الفَقرَ في طُفولتِها؛ إذ تُوفِّيَ والدُها وهي في سنِّ الثامنةِ، واضطُرَّتْ في سنِّ العاشرةِ من عُمرِها إلى أنْ تُساعِدَ والدتَها العاملةَ في دُكَّانٍ لبيعِ الأطعمةِ، وفي عملياتِ التنظيفِ والغسيلِ، وفي توزيعِ الأكلِ على الزبائنِ! وبرَغمِ ظُروفِها الصعبةِ واصلَت دِراستَها حتى تخرَّجَت عامَ 1978 في جامعةِ سنغافورةَ الوطنيةِ، تزوَّجَت عامَ 1980 من محمد عبد الله الحبشي، وهو رجلُ أعمالٍ يَمنيٌّ، ولهما خَمسةُ أبناءٍ. حصلَت حليمةُ على شهادةِ بكالوريوس في القانونِ بدرجةِ شرَفٍ، وفي عامِ 2001 حصلت على شهادةِ ماجستير بالقانون، وفي عامِ 2016 مُنحت شهادةَ دكتوراه فَخريَّةٍ في القانونِ من نفسِ الجامعةِ، ثم اقتحمَت حليمةُ عالَمَ السياسةِ عامَ 2001 بطلَبٍ من رئيسِ الوزراءِ وقتَها غوه تشوك تونغ الذي أخبَرَها بأنها يُمكِنُ أنْ تلعَبَ دورًا كبيرًا في الحياةِ السياسيَّةِ بالبلادِ، وكان ذلك قبلَ الانتخاباتِ العامَّةِ. وانتُخِبَت بعد ذلك نائبةً في الدائرةِ الانتخابيَّةِ للتمثيلِ الجماعيِّ "جيورونغ"، وتدرَّجَت في المناصبِ حتى أصبحت في أعقابِ الانتخاباتِ العامَّةِ عامَ 2011 وزيرةً للدولةِ في وزارةِ التنميةِ المجتمعيَّةِ والشبابِ والرياضةِ، وبعد تعديلٍ وَزاريٍّ في نوفمبر 2012 أصبحت وزيرةَ دولةٍ في وزارةِ التنميةِ الاجتماعيَّةِ والأُسريَّةِ. وفي 14 يناير 2013 عُيِّنَت حليمةُ متحدثةً باسمِ البرلمانِ، وكانت أولَ امرأةٍ تَشغَلُ هذا المنصِبَ في تاريخِ البلادِ؛ لتتولَّى منصِبَ رئيسةِ البرلمان بين عامي 2013 و2017. وفي 6 أغسطس 2017 أعلنت حليمةُ أنَّها ستستقيلُ من منصِبِ متحدثةٍ باسم البرلمانِ؛ لخوضِ سِباقِ الانتخاباتِ الرئاسيَّةِ لعامِ 2017 لتفوزَ فيها بمنصبِ رئاسةِ الدولةِ لتصبحَ أوَّلَ رئيسةٍ لدولةِ سنغافورةَ.
تَجمَّعَ الفُرْسُ في نَهاوَنْد بقِيادةِ ذي الحاجِبِ بعدَ أن ذهبَت أكثرُ مُدُنِهِم، وبَقَوْا فترةً على ذلك لعدمِ سَماحِ عُمَرَ رضِي الله عنه بالانسِياحِ في فارِسَ، ولكن لمَّا كَثُرَ نَقضُ العُهودِ بسببِ تَقَوِّيهِم بمَن بَقِيَ في نَهاوَنْد، شاوَر عُمَرُ المسلمين في أَمْرِ الفُرْسِ المجتمعين في نَهاوَنْد، وكان يُهِمُّ أن يَسيرَ بنفسه لمُلاقاتِهِم، فأشار عليه علِيٌّ: أنِ ابْعَثْ إلى أهلِ الكوفةِ فَلْيَسِرْ ثُلثاهُم، وكذلك تَبعثُ إلى أهلِ البَصرةِ. فقال عُمَرُ أشيروا عَلَيَّ مَن اسْتعمِلُ عليهم؟ فقالوا: أنت أفضلُنا رأيًا وأعلمُنا بأَهلِك. فقال: لأَسْتَعْمِلَنَّ عليهم رجلًا يكونُ لأوَّلِ أَسِنَّةٍ يَلقاها. بعَث عُمَرُ بن الخطَّاب رضِي الله عنه السَّائبَ بن الأقْرَعِ، مَولى ثَقيفٍ -وكان رجلًا كاتبًا حاسبًا- فقال: الْحَقْ بهذا الجيشِ فكُنْ فيهم، فإن فتَح الله عليهم فاقْسِمْ على المسلمين فَيْئَهُم، وخُذْ خُمُسَ الله وخُمُسَ رَسولِه، وإن هذا الجيش أُصِيبَ، فلا أَراكَ، واذْهَبْ في سَوادِ الأرضِ، فبَطْنُ الأرضِ خيرٌ مِن ظَهرِها يَومئذٍ. وبعَث عُمَرُ إلى أهلِ الكوفةِ أن يَمُدُّوا جيشَ المسلمين فسار النُّعمانُ بقُرابةِ ثلاثين ألفًا، ومعه حُذيفةُ بن اليَمانِ، والزُّبيرُ بن العَوَّامِ، والمُغيرةُ بن شُعبةَ، والأشعثُ بن قيسٍ، وعَمرُو بن مَعْدِي كَرِبْ، وابنُ عُمَرَ، حتَّى أَتَوْا نَهاوَنْد فالْتَقوا بالفُرْسِ يومَ الأربعاءِ، فَحَثَّ النُّعمانُ النَّاسَ على القِتالِ، فأشار المُغيرةُ بن شُعبةَ أن يَتَعَجَّلَ الفُرْسَ بالقِتالِ، فقال النُّعمانُ: إنِّي شَهِدْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا لم يُقاتِل أوَّلَ النَّهارِ أَخَّرَ القِتالَ حتَّى تَزولَ الشَّمسُ، وتَهُبَّ الرِّياحُ، وتَحْضُرَ الصَّلاةُ، ويَطِيبَ القِتالُ، ويَنزِلَ النَّصْرُ، فما مَنَعَنِي إلَّا ذلك. ثمَّ دَعا: اللَّهمَّ إنِّي أسألُك أن تُقِرَّ عَيْنِي اليومَ بفَتحٍ يكونُ فيه عِزُّ الإسلامِ، وذُلٌّ يُذَلُّ به الكُفَّارُ، ثمَّ اقْبِضْني إليك بعدَ ذلك على الشَّهادةِ، أَمِّنُوا يَرحمُكُم الله. فأَمَّنُوا وهُم يَبكون، ثمَّ قال النُّعمانُ: إنِّي هازُّ اللِّواءَ ثلاثَ مَرَّاتٍ، فالهَزَّةُ الأُولى فَلْيَقْضِ الرَّجلُ حاجتَهُ ولْيَتوضَّأْ، والهَزَّةُ الثَّانيةُ فَلْيَرْمِ الرَّجلُ ثِيابَهُ وسِلاحَهُ، والهَزَّةُ الثَّالثةُ فاحْمِلُوا ولا يَلْوِي أحدٌ على أحدٍ، فإن قُتِلَ النُّعمانُ فلا يَلْوِي عليه أحدٌ، وإنِّي داعِ الله بدَعوَةٍ فعَزمتُ على امرئٍ إلَّا أَمَّنَ عليها، فقال: اللَّهمَّ ارْزُقْ النُّعمانَ شَهادةً بِنَصْرِ المسلمين وفَتْحٍ عليهم. فأَمَّنَ القومُ، فهَزَّ اللِّواءَ ثلاثَ مَرَّاتٍ وحَمَلَ وحَمَلَ النَّاسُ معه, وكان الأعاجمُ قد شَدُّوا أَنفُسَهُم بالسَّلاسِل لِئلَّا يَفِرُّوا، وحَمَلَ عليهم المسلمون فقاتلوهم، فرُمِيَ النُّعمانُ بِنُشَّابَةٍ فقُتِلَ رَحِمَهُ الله، فَلَفَّهُ أخوهُ سُويدُ بن مُقَرِّن في ثَوبِه، وكَتَمَ قَتْلَهُ حتَّى فتح الله عليهم، ثمَّ دفَع الرَّايةَ إلى حُذيفةَ بن اليَمانِ، وقتَل الله ذا الحاجِبِ قائِدَ الفُرْسِ، وافْتُتِحَت نَهاوَنْد، فلم يكُن للأعاجمِ بعدَ ذلك جَماعةٌ. كُتِبَ إلى عُمَرَ بالفَتحِ مع رجلٍ مِن المسلمين، فلمَّا أتاهُ قال له: أَبْشِر يا أميرَ المؤمنين بفتحِ أَعزَّ الله به الإسلامَ وأَهلَهُ، وأَذَلَّ به الكُفْرَ وأَهلَهُ. قال: فحَمِدَ الله عزَّ وجلَّ، ثمَّ قال: النُّعمانُ بَعَثَكَ؟ قال: احْتَسِبْ النُّعمانَ يا أميرَ المؤمنين. قال: فبَكَى عُمَرُ واسْتَرْجَعَ، قال: ومَن وَيْحك! قال: فُلان وفُلان. حتَّى عَدَّ له ناسًا كثيرًا، ثمَّ قال: وآخرين يا أميرَ المؤمنين لا تَعرِفُهم. فقال عُمَرُ وهو يَبكي: لا يَضُرُّهم ألَّا يَعرِفَهم عُمَرُ، ولكنَّ الله يَعرِفُهم.
كانت غزاة الحاجِبِ بدرِ بنِ أحمد إلى دار الحرب، وهي غزاة مطونية -مدينة بالأندلس-. وكان أميرُ المؤمنين الناصر لَمَّا اتَّصل به تطاوُلُ المشركينَ على من كان بإزائِهم من أهل الثغور بامتناعِ الصَّوائِفِ عن غزوهم، والإيغالِ في بلادهم بالحرب؛ أحفَظَه ذلك، وأذكى عَزْمَه، وأكَّدَ بصيرته في مجاهدةِ أعداء الله وأعداءِ دينه في هذا العام، فأمر بالاحتفال في الحَشدِ وجَمعِ الرجالِ والتكثيرِ مِن الأجناد والفرسان الأبطال. وعَهِدَ إلى حاجبه بالغزو بنفسِه في الصائفة. ونَفَذت كتبُه إلى أهل الأطراف والثغور بالخروجِ إلى أعداء الله، والدُّخول في معسكره، والجِدِّ في نكاية أهل الكفر، والإيقاعِ بهم في أواسط بلادِهم، ومُجتَمَع نصرانيَّتِهم. ففصل الحاجِبُ بالجيوشِ يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرَّم، وانثالت إليه العساكِرُ مِن كلِّ جهة في ثغور المسلمين، ودخل بهم دارَ الحرب، وقد احتشد المشركونَ، وتجمَّعوا من أقاصي بلادهم، واعتَصَموا بأمنَعِ جبالهم، فنازلهم الحاجبُ بدر بن أحمد بأولياءِ الله وأنصارِ دينِه، فكانت له على أعداءِ الله وقائِعُ اشتَفَت فيها صدورُ المسلمين، وانتَصَروا على أعداءِ الله المشركين. وقُتل في هذه الغزاةِ مِن حُماتهم وأبطالِهم، وصُلاةِ الحُروبِ منهم، جملةٌ عظيمةٌ لا يأخذها عدٌّ، ولا يحيطُ بها وصفٌ. وكان الفتحُ يوم الخميس لثلاثٍ خلون من ربيع الأول ويوم السبت لخمس خلون من ربيع الأول، في معاركَ جليلة، لم يكن أعظَمُ منها صنعًا، ولا أكثَرُ من أعداء الله قتيلًا وأسيرًا. وورد الكتاب بذلك على أمير المؤمنين النَّاصرِ يومَ الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول؛ فأكثَرَ مِن شُكرِ الله عز وجل على ما منَّ به، وفتحَ فيه.
نَدَبَ عُمَرُ بن الخطَّاب سُراقةَ بن عَمرٍو، وعبدَ الرَّحمن بن رَبيعةَ للمَسيرِ إلى بِلادِ البابِ، وهي بِلادُ التُّرْكِ خلفَ بابِ الأبوابِ المعروف بالدَّرْبَنْد، وأَمَدَّهُ عُمَرُ بن الخطَّاب بحَبيبِ بن مَسلمةَ، ولكنَّ شَهْرَيراز مَلِكَ تلك البِلادِ طلَب مِن عبدِ الرَّحمن أن يُمْهِلَهُ ففعَل، كما عَبَّرَ له عن كُرْهِهِ للأَرْمَن والقَبْج الذين يُقيمون حول بِلادِه، وأَعرَب عن نَواياهُ الطَّيِّبَة للمسلمين، وطلَب أن يُعْفوهُ مِن الجِزيَة مُقابل أن يُساعِدَهم في حُروبِهم على الأَرْمَن ومَن حولَهم، فقَبِلَ ذلك سُراقةُ، وأَقَرَّهُ عُمَر على ذلك، فَوَجَّه سُراقةُ أربعةَ جُيوشٍ إلى البِلادِ المُحيطَةِ بأَرْمِينِيَة وفَتَحَها.
ثار رجُلٌ من البربر، يقالُ له حبيبٌ البرنسي، بجبال الجزيرة؛ فتجَمَّع إليه جماعةٌ من أهل الشَّرِّ والفساد في الأرضِ، فشَنَّ بهم الغارةَ على قُرى رية وغيرها، فأشاع الأذى، ونهبَ وقتَل وسَبى،، فأخرج إليه عبدُ الرحمن الأجنادَ، فلما وصلوا إليه ألْفَوُا البربرَ قد قَصَدوا حبييًا ومن تجمَّعَ إليه، فتغَلَّبوا على المعقل الذي كان انضوى إليه، وأخرجوه عنه، وقتلوا عدةً كثيرةً من أصحابه. وافتَرَق بقيَّتُهم عنه، ودخل حبيبٌ في غِمارِ النَّاسِ. وطُفِئَت ثائِرتُه، فكتب الأميرُ عبد الرحمن إلى عمَّالِ الكور بالبَحثِ عنه, وطُلِبَ دهرًا فلم يُظفَرْ به.
بعد مَقتَل عُمَرَ بنِ حَفصون استلم ابنُه سليمان قيادةَ الثَّورةِ، وبقي على سيرةِ أبيه، ثم قُتِلَ في هذه السنة, كان سليمانُ قد ركب وخرج عن مدينة ببشتر مركزِ الثَّورةِ ومَقَرِّها. معارِضًا لبعض الحشَمِ المجاورينَ له من العسكر، فتبادرت إليه الخيلُ مِن الجهة التي كان فيها عبدُ الحميد الوزير، فصُرِعَ سليمانُ عن فرسِه، فاحتزَّ رأسَه سعيدُ بن بعلي العريف المعروف بالشفة، وقطعت يداه ورجلاه، وبعث الوزيرُ عبد الحميد برأسِه وجُثَّتِه ويديه مُبَعَّضةً مفترقةً، فرُفِعَت على باب السدَّة بقرطبةَ في خشبة عاليةٍ، وكان الفتحُ فيه عظيمًا سارًّا لجميع المُسلمين.
وثبَ مُحمَّدُ بنُ هِشامِ بنِ عبد الجبَّار بنِ عبدِ الرَّحمنِ النَّاصر على الأميرِ هِشامِ المُؤَيَّد، ثمَّ خَلَعه وتسمَّى بالمهديِّ، وكان سبَبُ الخَلعِ هو ما قام به المؤَيَّد مِن تولِّيه العهدَ لعبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي عامر، فأمر المهديُّ بهَدمِ مدينةِ الزَّهراء مَعقِلِ بني عامر وسَلَّطَ العامَّةَ عليه فنهبوا ما فيه مِن الأموالِ والأمتعةِ، كما نَهَبوا دُورَ زُعَماء البربر بالرصافة، كما قام المهديُّ بحَجزِ المُؤَيَّد في دارِ أحدِ وُزَرائِه، وأعلن للنَّاسِ أنَّه مات وأخرَجَ لهم جُثَّةَ شابٍّ شَبيهٍ به، وصلَّى عليه ودفَنَه، وقيل: إنَّ هذا الشابَّ كان نصرانيًّا.
هو السُّلطانُ أبو يعقوب يوسُفُ بن يعقوب بن عبد الحَقِّ بن محيو بن أبي بكر بن حمامة ملك المغرب. وثب عليه سعادةُ الخَصِيُّ أحدُ مواليه في بعضِ حُجَرِه، وقد خَضَّب رجلَيه بالحنَّاء وهو مُستلقٍ على قَفاه، فطعنه طعناتٍ قطَعَ بها أمعاءه، وخرج فأُدرِكَ وقُتِلَ، فمات السلطانُ آخِرَ يوم الأربعاء سابع ذي القعدة، وأقيم بعده حفيدُه أبو ثابت عامر ابن الأمير أبي عامر بن السلطان أبي يعقوب يوسف بن يعقوب بن عبد الحق، وكانت مُدَّةُ حُكمِه إحدى وعشرين سنةً.
عندما أنشأت بريطانيا عرشينِ ملكيَّينِ للهاشميين خصومِ الملك عبد العزيز، في العراق وشرق الأردن عام 1921م، غَضِبَ الملك من سياسة بريطانيا تجاهَه بعد أن أحاطوه بالأعداءِ، وأقاموا دويلاتٍ من حولِه ونَصَبوا من أعدائِه ملوكًا وقدَّموا لهم المساعداتِ المالية والسياسية، فدعا إلى عقد مؤتمر في الرياض حضره القادةُ العسكريون والشيوخُ والعلماء من نجدٍ وما حولها، وأُعلِنَ في هذا المؤتمر عن مبايعة الملك عبد العزيز ومَنحِه لقبَ سلطان نجد وملحقاتها، ثم أعلنت الحكومةُ البريطانية اعترافَها الرسميَّ بلقب ابن سعود الجديدِ سُلطانًا على نجد وملحقاتها هو وخلفائه من بعده.
هو عبدُ العزيز محسن الحكيم، الزعيمُ الشيعيُّ، وعضوُ البرلمان العراقيِّ، ورئيسُ "المجلس الإسلامي الأعلى الشيعي"، وُلد الحكيمُ سنةَ (1953م) بمدينة النجف العراقيَّةِ، وهو ابن المَرجِع الشيعي محسن الطَّبطَبائي الحكيم، وشقيقُ المعارِض محمد باقر الحكيم، الذي اغتِيلَ بانفِجارِ سيارةٍ مفخَّخة عامَ (2003م). وكان عبدُ العزيز الحكيمُ أحدَ الأعضاءِ المؤسِّسين لـ"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" المعارِض لحُكمِ الرئيس العراقي صدَّام حُسين، وترأَّس جَناحَهم العسكريَّ (فيلق بدر) عامَ (1982م). وقد تُوفِّي في طهرانَ، بعد معاناةٍ مع مرضِ سرطانِ الرِّئةِ.
سارت عصابةٌ كبيرة من الفرنج من نواحي الدارم إلى نواحي مصر ليُغيروا وينهبوا، فسَمِعَ بهم المسلمون، فخرجوا إليهم على طريقِ صدر وأيلة، فانتزح الفرنجُ من بين أيديهم فنزلوا بماءٍ يقال له العسيلة، وسبقوا المُسلمين إليه، فأتاهم المسلمون وهم عِطاشٌ قد أشرَفوا على الهلاك، فرأوا الفرنجَ قد ملكوا الماء، فأنشأ اللهُ سبحانه وتعالى بلُطفِه سحابةً عظيمةً فمُطِروا منها حتى رَوُوا، وكان الزَّمانُ قَيظًا، والحَرُّ شديدًا في بَرٍّ مُهلِك، فلما رأوا ذلك قَوِيَت نفوسهم، ووَثَقوا بنصر الله لهم، وقاتَلوا الفرنج، فنصرهم الله عليهم فقتلوهم، ولم يسلَمْ منهم إلَّا الشريدُ الفريدُ، وغَنِمَ المسلمون ما معهم من سلاح ودوابَّ، وعادوا منصورين قاهرين بفضل الله.