الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3066 ). زمن البحث بالثانية ( 0.011 )

العام الهجري : 1375 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1956
تفاصيل الحدث:

تم التوقيع على وثيقة الاستقلال التي أنهت الحمايةَ الفرنسية على تونس، والتي وقعها الحبيب بورقيبة مع فرنسا بعد أن ربط نفسَه وبلاده باتفاقيات ثقافية واقتصادية معها، وتم تكليفه بتشكيل حكومةٍ تبدأ بالبناء على أساس أنَّ البلاد قد حَصَلت على الاستقلال.

العام الهجري : 658 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1260
تفاصيل الحدث:

أرسل هولاكو وهو نازلٌ على حلب جيشًا مع أميرٍ مِن كبار دولته يقال له كتبغانوين، فوردوا دمشقَ في آخر صفر فأخذوها سريعًا من غير ممانعة ولا مدافع، بل تلقَّاهم كبارها بالرَّحبِ والسعة، وقد كتب هولاكو أمانًا لأهل البلد، فقُرئ بالميدانِ الأخضر ونودي به في البلد، فأمِنَ الناس على وجَلٍ مِن الغدر، كما فعل بأهلِ حلب، هذا والقلعةُ ممتنعةٌ مستورة، وفي أعاليها المجانيقُ منصوبة والحالُ شديدة، فأحضر التتارُ منجنيقًا يُحمَلُ على عجل والخيولُ تجُرُّه، وهم راكبون على الخيلِ وأسلحتهم على أبقار كثيرة، فنصب المنجنيقَ على القلعة من غربيها، وخرَّبوا حيطانًا كثيرةً وأخذوا حجارتَها ورَموا بها القلعةَ رميًا متواترًا كالمطر المتدارك، فهدموا كثيرًا من أعاليها وشرفاتها وتداعت للسقوطِ فأجابهم متوليها في آخِرِ ذلك النهارِ للمصالحة، ففتحوها وخَرَّبوا كل بدنة فيها، وأعالي بروجِها، وذلك في نصف جمادى الأولى من هذه السنة، وقتلوا المتوليَ بها بدر الدين بن قراجا، ونقيبَها جمال الدين بن الصيرفي الحلبي، وسَلَّموا البلد والقلعة إلى أميرٍ منهم يقال له إبل سيان، وكان- لعنه الله- مُعظِّمًا لدين النصارى، فاجتمع به أساقفتُهم وقسوسهم، فعظَّمَهم جدًّا، وزار كنائِسَهم، فصارت لهم دولةٌ وصولة بسببه، وذهب طائفةٌ من النصارى إلى هولاكو وأخذوا معهم هدايا وتحفًا، وقَدِموا من عنده ومعهم أمانٌ مِن جهته، ودخلوا من بابِ توما ومعهم صليبٌ منصوب يحملونه على رؤوسِ النَّاسِ، وهم ينادون بشعارِهم ويقولون: ظهر الدين الصحيح دين المسيح، ويذمُّون دينَ الإسلام وأهله، ومعهم أوان فيها خمرٌ لا يمرون على باب مسجد إلا رشُّوا عنده خمرًا، وقماقم ملآنة خمرًا يرشون منها على وجوه الناس وثيابهم، ويأمرون كل من يجتازونَ به في الأزقَّة والأسواق أن يقوم لصليبِهم، ودخلوا من دربِ الحَجَر فوقفوا عند رباط الشيخِ أبي البيان، ورشوا عنده خمرًا، وكذلك على باب مسجدِ درب الحجر الصغير والكبير، واجتازوا في السوقِ حتى وصلوا درب الريحان أو قريبًا منه، فتكاثر عليهم المسلمونَ فردُّوهم إلى سوق كنيسة مريم، فوقف خطيبُهم إلى دكة دكان في عطفة السوق فمدح دينَ النصارى وذمَّ دين الإسلام وأهله، ثم دخلوا بعد ذلك إلى كنيسة مريمَ وكانت عامرة، ولكن هذا سببُ خرابها، وضربوا بالناقوسِ في كنيسة مريم ودخلوا إلى الجامع بخمرٍ وكان في نيَّتِهم إن طالت مدة التتار أن يخرِّبوا كثيرًا من المساجد وغيرها، ولما وقع هذا في البلد اجتمع قضاةُ المسلمين والشهود والفقهاء فدخلوا القلعةَ يشكون هذا الحالَ إلى متسِلِّمِها إبل سيان فأُهينوا وطُردوا، وقَدَّم كلامَ رؤساء النصارى عليهم، وهذا كان في أول هذه السَّنة وسلطان الشام الناصر بن العزيز مقيمٌ في وطأة برزة، ومعه جيوشٌ كثيرة من الأمراء وأبناء الملوك ليناجِزوا التتار إن قَدِموا عليهم، وكان في جملة من معه الأمير بيبرس البندقداري في جماعةٍ مِن البحرية، ولكِنَّ الكلمة بين الجيوش مختلفةٌ غير مؤتلفة، لِما يريدُه الله عزَّ وجلَّ، وقد عَزَمت طائفةٌ من الأمراء على خلعِ الناصر وسَجنِه ومبايعة أخيه وشقيقِه الملك الظاهِرِ علي، فلما عرف الناصِرُ ذلك هرب إلى القلعةِ وتفَرَّقت العساكر شذَرَ مَذَرَ، وساق الأمير ركن الدين بيبرس في أصحابِه إلى ناحية غزة، فاستدعاه الملك المظفَّر قطز إليه واستقدمه عليه، وأقطعه قليوبَ، وأنزله بدار الوزارة وعَظَّم شأنَه لديه.

العام الهجري : 1253 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1837
تفاصيل الحدث:

بعد سَيرِ القوات المصرية نحوَ الرياض وجدت التشجيعَ مِن سكَّانها الذين قَدِمَ منهم وفد؛ ليعلن ولاءَهم للجيش المصري، وفر منها المعارِضون من آلِ الشيخ إلى جهات الحلوة والحريق وحوطة بني تميم في جنوبي نجد. فأراد خالد بن سعود أن يُخضِعَ المناطِقَ الجنوبية من نجدٍ بالقوة، بعد أن رفضت طاعتَه، فكتب خالد إلى أمراء سدير والمحمل والوشم وبلدان العارض بالنفير معه لقتالِ مناطق الجنوب، فخرجوا جميعًا إلَّا أمير سدير أحمد بن محمد السديري، تخلَّف بسبب القَحطِ، واستنفر خالد أهلَ الرياض، فلما وصل الخرج استنفر أهلَها، فركب معهم فهد بن عفيصان، فاجتمع لخالد وإسماعيل 7000 مقاتِلٍ مِن الترك والعُربان وأهل البلدان المتابعين لهم، فقصدوا بلدة الحلوة. كان أهلُ الحلوة قد أخرجوا نساءهم وأبناءهم وأدخلوهم الحوطةَ، وكان الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والشيخ علي بن حسين، وعبد الملك بن حسين، وحسين بن حمد بن حسين -أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب- بعد أن أقبل عساكِرُ خالد وإسماعيل على الرياض؛ هربوا منه وسكنوا بلد الحوطة، وبعضهم نزل على تركي الهزاني في الحريق، فلما صارت هذه الحادثة جعل الله بسببهم ثباتًا لهم ويقينًا يشجعونهم ويأتمرون بأمرِهم ولا يقطعون أمرًا دون مشورتِهم، فلما دخل عسكر الترك حرة قرب بلدة الحلوة، صعد أهل الحلوة الجبَلَ لقتالِهم، فوقع القتال من أوَّلِ النهار إلى بعد الظهرِ، وهم في قتال وإقبال وإدبار، فأتى المدَدُ من أهل الحوطة والحريق وغيرهم، وحصلت مقتلة عظيمة على عسكر الترك وأتباعهم، فنزلت بهم هزيمةٌ ساحقة. يقول ابن بشر: وأول من انهزم الأعرابُ الذين مع العسكرِ، ثم وقعت الهزيمةُ العظيمة التي ما وقع لها نظيرٌ في القرون السالفة ولا في الخلوفِ الخالفة، على عساكِرِ التركِ وأعوانِهم، وهلكت تلك الجنودُ ما بين قتلٍ وظمأٍ، وذُكر لي أن الرجلَ من القرابة الذين ليس لهم خيلٌ لا ينهزِمُ أكثر من رميةِ بندقٍ، ولم ينجُ واحد منهم، وتفَرَّقت الخيالة في الشِّعابِ فهلكوا فيها ليس لهم دليل، ولا يهتدون إلى السبيل، ونجا خالدٌ بنفسِه ومن معه من أهل نجد، لما رأوا الهزيمة انهزموا وحدَهم، وتركوا عسكَرَهم وجندهم، وتزبن إسماعيل والمعاون وشرذمة معهم من الخيالة هزيمةَ خالد، فاجتمعوا به وساروا معه، وهربت الأعرابُ على رحايل العسكر، وتركوا جميعَ محلَّتِهم وأمتعتِهم، فغَنِمَ أهل الحوطة وأهل الحريق وأتباعُهم جميعَ ما معهم من الأموال والسلاح والخيام، وفيها من الذهب والفضة ما ليس له نظيرٌ، وذلك يوم الأربعاء منتصف ربيع الآخر، وكان معهم فهد بن عفيصان بغزوِ أهل الدلم، فهرب عنهم في الليل، فلما وصل بلده أخبرهم بالأمرِ، وأمرهم يخرُجون ويأخذون ما وجدوا منهم، فتلقَّاهم غزوان أهل نجد وهزموهم إلى بلدِهم ونزلوا عندها، وحصل بينهم وبين أهلِها مناوشة رميٍ بالبنادق، ووافاهم أحمد السديري بغزو أهل سدير فيها، ثم إن خالدًا وإسماعيل وأتباعَهم رحلوا من الدلم وقصدوا الرياضَ ودخلوها. قيل: إن الذي نجا من الخيَّالة مع إسماعيل قريبٌ من  مائتين دخلوا معه الرياض، وكان قد أبقى في الرياضِ لَمَّا خرج إلى الحوطة أكثر من مائتين من المغاربة والترك في القصر".

العام الهجري : 1257 العام الميلادي : 1841
تفاصيل الحدث:

ظهر عبدُ الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي، على مسرحِ الأحداث التاريخية في نجدٍ بعد غزوة البياض التي رافق فيها خالدُ بن سعود ضِدَّ آل شامر من هذه السنة. وكان خالد بن سعود حريصًا على مراقبةِ تحرُّكات عبد الله بن ثنيان؛ لأنه ظَلَّ يشُكُّ في نواياه تجاهه. وعندما قرر خالد بن سعود التوجُّهَ إلى بلدة الشنانة ليودِّعَ خورشيد باشا الذي قرَّر الرحيل إلى مصر بعد معاهدة لندن في 1256هـ، طلب خالد من ابن ثنيان أن يرافِقَه فتعَلَّل ابن ثنيان بالمرضِ، وعندما غادر خالد الرياض انسَلَّ ابن ثنيان وذهب إلى قبائل المنتفق في جنوبي العراق، والتجأ إلى رئيسِها عيسى بن محمد السعدون، وظلَّ هناك عدة أسابيع دارت خلالها مراسلاتٌ بينه وبين خالد بن سعود، وكان من أهَمِّ ما توصل إليه الطرفان أن يعود ابن ثنيان إلى الرياض مكرَّمًا ويُعطى أمانًا. ولما عاد ابن ثنيان إلى الرياض شَكَّ قبل أن يدخُلَها في نوايا خالد بن سعود تجاهَه، فتوجه إلى الجنوب عند قبيلة سبيع، فساعده رئيسُها راشد بن جفران، وأهالي الجنوب في الحوطة والحلوة والحريق وغيرها، ومن هناك أعلن ابنُ ثنيان رفْضَه لحكم خالد بن سعود الذي كان يعمل باسمِ محمد علي باشا فعليًّا وباسمِه هو ظاهريًّا. وظل ابن ثنيان مؤمِنًا بضرورة عودةِ الحكم السعودي رافِضًا التبعيَّةَ السياسية لسيادة محمد علي باشا، وساعده على ذلك أمران؛ الأولُ: تأييد غالبية أهالي نجد له؛ لأنه مُطالِبٌ شرعي بالحكم في غيابِ الإمام فيصل بن تركي، بالإضافةِ إلى تأييد علماء نجد له، والثاني: خروجُ قوات محمد علي باشا من الجزيرة العربية عَقِبَ توقيع معاهدة لندن عام 1256هـ، وهي المعاهدةُ التي نصَّت على أن حكم محمد علي باشا محصورٌ في ولاية مصر العثمانية فقط. فرأى النجديون أن تحرُّكَ ابن ثنيان ضِدَّ خالد بن سعود تجسيد لمبدأ الحكم الرافض للتبعيَّة السياسية للإدارة في مصر، وعدُّوا تحرُّكَه هذا تخليصًا لهم من حكم محمد علي باشا المفروض عليهم بالقوة. وقد أثبتت الحوادثُ التاريخية تدريجيًّا أن مقاومة خالد بن سعود للتيَّار الذي كان يقوده ابن ثنيان كانت مقاومةً واهية، بينما أخذ موقِفُ ابن ثنيان في النمو والتأييد؛ لذا لم يصمد خالد بن سعود وأتباعه في وجهِ ابن ثنيان بعد انسحاب القوات المصرية من نجد، واضطر خالدٌ إلى الانسحاب شرقًا إلى الأحساء ومنها إلى الكويت، ثم توجَّه إلى مكة المكرمة حيث توفِّيَ فيها. تسلَّم ابن ثنيان حُكمَ نجد ومَدَّ نفوذه إلى بلاد أخرى كانت تابعة للدولة السعودية الأولى، وذلك إحياءً لوجودها. لكِنَّ حُكمَه لم يدم طويلًا بعد أن عاد الإمامُ فيصل بن تركي سنة 1259 هـ من منفاه في مصر إلى الرياضِ؛ لأنه كان الإمامَ الشرعيَّ المبايَع. أمسك فيصلُ بن تركي بعبد الله بن ثنيان بعد مقاومةِ الأخير له، فحبسه في السجنِ، وتوفِّيَ فيه، وصلى عليه الإمامُ فيصل، ودُفِنَ في مقابر العود.

العام الهجري : 622 العام الميلادي : 1225
تفاصيل الحدث:

بعد أن قضى جنكيزخان على دول خوارزم شاه وفعل ما فعله من القبائح والرذائل، عاد إلى بلاده وخاصة أنه سمع أنَّه قد ثار عليه فيها البعضُ يريدون إزالتَه من ملكه، فبقي في مسيره ذلك سنتين ووصل إلى بلاده، فاشتغل بإنهاء تلك الثورة، ثم أخلد للراحةِ وممارسة هواية الصيدِ.

العام الهجري : 729 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1329
تفاصيل الحدث:

في يومِ الجمعة سادس ذي القعدة بعد أذان الجُمُعةِ صَعِدَ إلى منبر جامِعِ الحكم بمصر شخصٌ من مماليك الجاولي يقالُ له أرصى، فادَّعى أنَّه المهدي وسَجَع سجعاتٍ يسيرةً على رأيِ الكُهَّان، فأُنزِلَ في شرخيبة، وذلك قبل حضورِ الخطيب بالجامِعِ المذكور.

العام الهجري : 33 ق هـ الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 591
تفاصيل الحدث:

وقع حِلفُ الفُضولِ في الشَّهرِ الحرامِ, تَداعتْ إليهِ قبائلُ من قُريشٍ, بَنو هاشمٍ، وبَنو المطَّلبِ، وأسدُ بنُ عبدِ العُزَّى، وزُهْرَةُ بنُ كِلابٍ، وتَيْمُ بنُ مُرَّةَ، فاجتمعوا في دارِ عبدِ الله بنِ جُدْعانَ التَّيميِّ؛ لِسِنِّه وشَرفِه، فتعاقدوا وتعاهدوا على ألَّا يجدوا بمكَّة مظلومًا من أهلِها وغيرِهم من سائرِ النَّاس إلَّا قاموا معه، وكانوا على مَن ظلمهُ حتَّى تُرَدَّ عَليهِ مَظلمتُه، وشهِد هذا الحِلفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال عنه: (لقد شَهِدتُ في دارِ عبدِ الله بنِ جُدْعانَ حِلفًا ما أحبُّ أنَّ لي بهِ حُمْرَ النَّعَمِ، ولو أُدْعى بهِ في الإسلامِ لأَجبتُ). وهذا الحِلفُ تُنافي رُوحهُ الحَميَّة الجاهليَّة التي كانت العصبيَّة تُثيرها، ويُقال في سببِ هذا الحِلفِ: إنَّ رجلًا من زُبَيْد قَدِم مكَّةَ ببِضاعةٍ، واشتراها منه العاصُ بنُ وائلٍ السَّهميُّ، وحَبس عنه حقَّه، فاستعدى عليهِ الأَحلافَ عبدَ الدَّارِ ومَخزومًا، وجُمَحًا, وسَهْمًا وعَدِيًّا فلم يَكترِثوا له، فَعَلَا جبلَ أبي قُبَيْسٍ، ونادى بأشعارٍ يصِف فيها ظلامتَه رافعًا صوتَه، فمشى في ذلك الزُّبيرُ بنُ عبدِ المطَّلب، وقال: ما لهذا مَتْرَكٌ. حتَّى اجتمعوا فعقدوا الحِلفَ الذي عُرف بحِلفِ الفُضولِ, ثمَّ قاموا إلى العاصِ بنِ وائلٍ فانتزعوا منه حَقَّ الزُّبيديِّ. وسببُ تَسميتِه بهذا الاسمِ: أنَّ ثلاثةً من قبيلةِ جُرْهُمَ هُم: الفضلُ بنُ فَضالةَ، والفضلُ بنُ وَداعةَ، والفضلُ بنُ الحارثِ؛ قد عقدوا قديمًا نظيرًا لهذه المُعاهدةِ، فلمَّا أَشبهَ فعلُ القُريشيِّين فعلَ هؤلاء الجُرهُميِّين الأُوَلِ المُسَمَّوْنَ جميعًا بالفضلِ سُمِّيَ الحِلفُ: حِلفُ الفُضولِ.

العام الهجري : 591 العام الميلادي : 1194
تفاصيل الحدث:

خرجَ المَلِكُ العزيزُ عُثمانُ بنُ صلاح الدين من مِصرَ في عساكره إلى دمشقَ يريدُ حَصْرَها مرَّةً أخرى، فعاد عنها مُنهَزِمًا، وسبب ذلك أنَّ مَن عنده من مماليكِ أبيه، وهم المعروفون بالصلاحيَّة، كانوا لا يزالون يخوِّفونَ العزيزَ مِن أخيه، وبيَّنوا له أنَّ المصلحةَ أخْذُ دمشق، فخرج من العام الماضي وعاد، فتجَهَّزَ هذه السنة ليخرُجَ، فبلغ الخبَرُ إلى الأفضل، فسار من دمشقَ إلى عمه الملك العادل، فاجتمع به بقلعةِ جعبر، ودعاه إلى نُصرَتِه، وسار مِن عندِه إلى حلب، إلى أخيه المَلِك الظاهر غازي، فاستنجدَ به، وسار الملك العادِلُ من قلعة جعبر إلى دمشق، فسبقَ الأفضلَ إليها ودخلها، وكان الأفضَلُ لثِقَتِه به قد أمر نوَّابه بإدخالِه إلى القلعة، ثم عاد الأفضل من حلب إلى دمشق، ووصل الملك العزيز إلى قُربِ دمشق، ثم استقَرَّت القاعدة أنَّ الأفضَلَ يملك الديارَ المصريَّة، ويُسَلِّم دمشقَ إلى عَمِّه الملك العادل، فلم يُمكِن العزيزَ المقامُ، بل عاد منهزمًا يطوي المراحِلَ خَوفَ الطَّلَبِ، ولا يصدق بالنجاة، وتساقَطَ أصحابُه عنه إلى أن وصل إلى مصر، ورَكِبَ وراءه العادِلُ والأفضل ليأخذا منه مصر، وقد اتَّفَقا على أن يكون ثُلُثُ مصر للعادل وثُلثاها للأفضل، ثمَّ بدا للعادل في ذلك فأرسل للعزيز يُثَبِّتُه، وأقبل على الأفضَلِ يُثَبِّطُه، وأقاما على بلبيس أيامًا حتى خرج إليهما القاضي الفاضِلُ مِن جهة العزيز، فوقع الصُّلحُ على أن يُرجِعَ القدسَ ومُعاملَتَها للأفضل، ويستقِر العادِلُ مقيمًا بمصر على إقطاعِه القديم، فأقام العادِلُ بها طمعًا فيها ورجع العادل إلى دمشق بعد ما خرج العزيز لتوديعِه، وهي هُدنةٌ على قذا، وصُلحٌ على دَخَن، فلما استقرَّ الأمر على ذلك وتعاهدوا عاد الأفضَلُ إلى دمشقَ وبَقِيَ العادلُ بمصرَ عند العزيز.

العام الهجري : 1356 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1937
تفاصيل الحدث:

في عام 1937م بدأت الظروفُ العالمية تُنذِرُ بنشوب الحرب العالمية الثانية فاتَّخَذت الدولُ الغربية بعضَ الاحتياطات ضِدَّ ألمانيا وإيطاليا واليابان والاتحاد السوفييتي، وكان من جملةِ التدابير المتَّخَذة عقد (ميثاق سعد آباد) في الثامن من يوليو عام 1937م في إيران، وساهم عقدُ هذا الميثاق في التقارب العراقي الإيراني، حيث عُقِدَت المعاهدة عام 1937بين العراق، تركيا، أفغانستان، وإيران تحت إشراف بريطانيا، ثم توالى عقدُ معاهدات أخرى، فعُقِدت معاهدة صداقة ومعاهدة حلِّ الاختلافات بالطرق السلمية. وأبرز ما جاء في المعاهدة: تعديلُ الحدود في شَطِّ العرب بمنحِ إيران سبعة كيلومترات وثلاثة أرباع الكيلو متر أمام عبادان. وحقَّقت المعاهدةُ لإيران حقَّ استخدام شطِّ العرب والانتفاع منه دون إذنٍ عراقيٍّ، كما كان قبل توقيعِ المعاهدة. ومنح الدولتين حق تقرير الضرائب المالية والفنية المتعلقة بشطِّ العرب، وتقضي المادة الثالثة من المعاهدة بتأليف لجنةٍ مشتركة من البلدين لنَصبِ دعائم الحدود التي كانت قد عيَّنَتْها اللجنة المشتركة عام 1914م. باشرت اللجنةُ الجديدة أعمالَها عام 1938م لكِنَّها توقَّفَت عام 1940م، ويبدو أنَّ اندلاع الحرب العالمية الثانية كان أحد أسباب توقُّف عمل اللجنة، وظلَّت مشكلة الحدود قائمة. وكان من آثار المعاهدة وأدُ كلِّ حركة تحرُّر كردية في مهدِها، فتقول إحدى موادِّه: إنَّ كلًّا من الأطراف الموقِّعة تتعهَّدُ باتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون قيامِ أيِّ نشاط لعصابات مسلحة، أو جمعيات، أو منظمات تهدف إلى إطاحة المؤسسات الحالية، التي تتحمَّلُ مسؤولية المحافظة على النظام والأمن في أي جزء من حدود الأطراف الأخرى، علمًا أنَّه انتهى أثَرُ ذلك الميثاق بنشوب الحرب العالمية الثانية.

العام الهجري : 89 العام الميلادي : 707
تفاصيل الحدث:

سَارَ محمَّدُ بن القاسِم بن محمَّد بن الحَكَم بِأَمْرٍ مِن الحَجَّاج بِجَيْشٍ مُجَهَّزٍ بالكامِل إلى مُكْران فأَقام بها أيَّاما ثمَّ أَتَى قَنَّزْبُور ففَتَحَها، ثمَّ سَارَ إلى أَرمائِيل ففَتَحَها، ثمَّ سَارَ إلى الدَّيْبُل فقَدِمَها يومَ جُمُعَة، ووافَتْهُ سُفُنٌ كان حَمَلَ فيها الرِّجالَ والسِّلاحَ والأَداةَ فخَنْدَقَ حين نَزَل الدَّيْبُل, وكان بالدَّيْبُل بُدٌّ عَظيمٌ عليه دَقَلٌ عَظيمٌ وعلى الدَّقَلِ رَايةٌ حَمراء إذا هَبَّت الرِّيحُ أَطافَت بالمَدينة، وكانت تَدور، والبُدُّ صَنَمٌ في بِناء عَظيمٍ تحتَ مَنارَةٍ عَظيمةٍ مُرتَفِعَة، وفي رَأسِ المَنارَة هذا الدَّقَل، وكُلُّ ما يُعْبَد فهو عندهم بُدٌّ. فحَصَرها وطال حِصارُها، فرَمَى الدَّقَل بِحَجَر العَرُوس فكَسَرَه، فتَطَيَّر الكُفَّارُ بذلك، ثمَّ إنَّ محمَّد أَتَى ونَاهَضَهُم وقد خَرَجوا إليه فهَزَمَهم حتَّى رَدَّهُم إلى البَلَدِ وأَمَرَ بالسَّلالِيم فنُصِبَت وصَعَد عليها الرِّجالُ، وكان أوَّلَهم صُعودًا رَجُلٌ مِن مُراد مِن أَهلِ الكوفَة، ففُتِحَت عَنْوَة وقَتَّلَ فيها ثَلاثَةَ أيَّام، وهَرَب عامِلُ ذاهر عنها وأَنزَلها محمَّدٌ أَربعةَ آلافٍ مِن المسلمين، وبَنَى جامِعَها وسَارَ عنها إلى البِيرُون، وكان أَهلُها بَعَثوا إلى الحَجَّاج فصالَحوه، فلَقوا محمَّدًا بالمِيرَةِ وأَدخَلوه مَدينَتَهم، وسَارَ عنها وجَعَل لا يَمُرُّ بمدينة إلَّا فَتَحَها حتَّى عَبَرَ نَهْرًا دون مِهْران، فأَتاهُ أَهلُ سَرْبَيْدِس فصالَحوه، ووَظَّفَ عليهم الخَراجَ وسَارَ عنهم إلى سَهْبان ففَتَحَها، ثمَّ سَارَ إلى نَهْرِ مِهْران فنَزَل في وسَطَهِ، وبَلَغ خَبرُه ذاهر فاسْتَعَدَّ لِمُحارَبَتِه وبَعَثَ جَيْشًا إلى سَدُوسْتان، فطَلَبَ أَهلُها الأَمانَ والصُّلْحَ، فآمَنَهُم ووَظَّفَ عليهم الخَراجَ، ثمَّ عَبَرَ محمَّدُ مهران مما يَلِي بِلادَ راسِل الملك على جِسْر عقده وذاهِر مُسْتَخِفٍّ به، فلَقِيَه محمَّد والمسلمون وهو على فِيلٍ وحَولَه الفِيَلَةُ، ومعه التَّكاكِرَة، فاقتتلوا قِتالًا شديدًا لم يُسمَع بِمثلِه، وتَرَجَّلَ ذاهر فقُتِلَ عند المَساءِ، ثمَّ انْهَزَم الكُفَّار وقَتَلَهم المسلمون كيف شاؤوا، فغَلَبَ محمَّدٌ على بِلادِ السِّنْدِ وفَتَحَ مدينةَ راوَرَ عَنْوةً ثمَّ سار إلى بِرْهَمِناباذ العَتيقَة، وهي على فَرْسَخَيْنِ مِن المَنْصُورة، ولم تكُن المَنْصُورة يَومئذٍ، كان مَوْضِعُها غَيْضَةً، وكان المُنْهَزِمون مِن الكُفَّار بها، فقاتَلوه ففَتَحَها محمَّدٌ عَنْوةً وقَتَل بها بَشَرًا كَثيرًا وخُرِّبَت. وسَارَ يُريدُ الرُّورَ وبَغْرورَ فلَقِيَه أهلُ ساوَنْدَرَى فطَلَبوا الأمانَ فأَعطاهُم إيَّاهُ واشْتَرَط عليهم ضِيافَة المسلمين، ثمَّ أَسلَم أَهلُها بعدَ ذلك. ثمَّ تَقدَّم إلى بِسْمَد وصالَح أَهلَها، ووَصَل إلى الرُّور، وهي مِن مدائن السِّنْدِ على جَبَل، فحَصَرَهم شُهورًا فصالَحوه، وسارَ إلى السِّكَّة ففَتَحَها، ثمَّ قَطَع نَهرَ بَياس إلى المُلْتان فقاتَلَه أَهلُها وانْهَزَموا، فحَصَرَهم محمَّدٌ فجاءَه إِنسانٌ ودَلَّهُ على قَطعِ الماء الذي يَدخُل المَدينَة فقَطَعَه، فعَطِشوا فأَلْقوا بِأَيديهم ونَزَلوا على حُكمِه، فقَتَل المُقاتِلَة وسَبَى الذُّرِّيَّة وسَدَنَة البُدِّ.

العام الهجري : 463 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1071
تفاصيل الحدث:

هو الحافِظُ أبو بكرٍ أَحمدُ بن عليِّ بن ثابتِ بن أَحمدَ بن مَهدِيٍّ، الخَطيبُ البغداديُّ، أَحدُ الحُفَّاظِ الأَعلامِ المَشهورِينَ، صاحبُ ((تاريخ بغداد)) وغَيرِه من المُصنَّفاتِ العَديدةِ المُفيدةِ، وُلِدَ سَنةَ 392هـ، وكان أبوه أبو الحَسنِ الخَطيبُ قد قَرأَ على أبي حَفصٍ الكِتَّانيِّ، وصار خَطيبَ قَريةِ درزيجان، إحدى قُرى العِراقِ، فحَضَّ وَلدَه أبا بكرٍ على السَّماعِ في صِغَرِه، فسَمِعَ وله إحدى عشرة سَنةً، نَشأَ ببغداد، وتَفَقَّهَ على أبي طالبٍ الطَّبريِّ وغَيرِه من أَصحابِ الشيخِ أبي حامدٍ الأسفراييني، وسَمِعَ الحَديثَ الكَثيرَ، ورَحلَ إلى البَصرةِ, ونيسابور, وأصبهان، وهمذان, والشامِ, والحِجازِ. وسُمِّيَ الخَطيبَ لأنه كان يَخطُب بدرزيجان، ولمَّا وقعت فِتنةُ البساسيري ببغداد سَنةَ 450هـ خَرجَ الخَطيبُ إلى الشامِ فأَقامَ بدِمشقَ بالمأذَنةِ الشرقيَّةِ مِن جامِعِها، وكان يَقرأُ على الناسِ الحَديثَ، وكان جَهورِيَّ الصوتِ، يُسمَع صَوتُه من أَرجاءِ الجامعِ كُلِّها، فاتَّفَق أنه قَرأَ على الناسِ يومًا فَضائلَ العبَّاسِ فثَارَ عليه الرَّوافِضُ من أَتباعِ الفاطِميِّين، فأَرادوا قَتْلَه فتَشَفَّعَ بالشَّريفِ الزَّينبيِّ فأَجارَهُ، وكان مَسكَنُه بدارِ العقيقي، ثم خَرجَ من دِمشقَ فأَقامَ بمَدينةِ صور، فكَتبَ شَيئًا كَثيرًا من مُصنَّفاتِ أبي عبدِ الله الصوري بِخَطِّهِ كان يَستَعيرُها من زَوجَتِه، فلم يَزَل مُقيمًا بالشامِ إلى سَنةِ 462هـ، ثم عاد إلى بغداد فحَدَّثَ بأَشياءَ من مَسمُوعاتِه، وله مُصنَّفاتٌ كَثيرةٌ مُفيدةٌ، نحو من سِتِّينَ مُصَنَّفًا، ويُقالُ: بل مائة مُصَنَّف، منها كتاب ((تاريخ بغداد))، وكتاب ((الكفاية))، و((الجامع))، و((شرف أصحاب الحديث))، و((المتفق والمفترق))، و((السابق واللاحق))، و((تلخيص المتشابه في الرسم))، و((اقتضاء العلم للعمل))، و((الفقيه والمتفقه))، وغير ذلك، ويُقال: إن هذه المُصَنَّفات أَكثرُها لأبي عبدِ الله الصوري، أو ابتَدأَها فتَمَّمَها الخَطيبُ، وجَعَلَها لِنَفسِه، قال الذهبيُّ: "ما الخَطيبُ بِمُفْتَقِرٍ إلى الصوري، هو أَحْفَظُ وأَوْسَعُ رِحلةً وحَديثًا ومَعرِفةً" كان الخَطيبُ أولا أَوَّلَ أَمرِهِ يَتكلَّم بمَذهبِ الإمامِ أَحمدَ بن حَنبلٍ، فانتَقلَ عنه إلى مَذهبِ الشافعيِّ. كان مَهيبًا وَقورًا، ثِقَةً مُتَحَرِّيًا، حُجَّةً، حَسَنَ الخَطِّ، كَثيرَ الضَّبْطِ، فَصيحًا، خُتِمَ به الحُفَّاظِ، قال ابنُ ماكولا: "كان أبو بكرٍ آخِرَ الأَعيانِ، ممَّن شاهَدناه مَعرِفةً، وحِفظًا، وإتقانًا، وضَبطًا لِحَديثِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَفَنُّنًا في عِلَلِهِ وأَسانيدِه، وعِلمًا بصَحيحِه وغَريبِه، وفَرْدِه ومُنكَرِه ومَطروحِه، ولم يكُن للبَغداديِّينَ بعدَ أبي الحَسنِ الدَّارقطنيِّ مِثلُه". كان الخَطيبُ يقول: "مَن صَنَّفَ فقد جَعلَ عَقلَهُ على طَبَقٍ يُعرِضُه على الناسِ", "كان للخَطيبِ ثَروةٌ من الثِّيابِ والذَّهبِ، وما كان له عَقِبٌ، فكَتبَ إلى القائمِ بأَمرِ الله قال له: إنَّ مالي يَصيرُ إلى بَيتِ مالٍ، فَأْذَنْ لي حتى أُفَرِّقَهُ فيمَن شِئتُ. فأَذِنَ له، ففَرَّقَها على المُحَدِّثين". تُوفِّيَ يومَ الاثنين ضُحًى، وله ثِنتانِ وسَبعون سَنةً، في حُجرَةٍ كان يَسكُنها بِدَربِ السلسلةِ، جِوارَ المَدرسةِ النِّظاميَّةِ، واحتَفلَ الناسُ بجِنازَتِه، وكان فيمَن حَملَ نَعشَه الشيخُ أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ، ودُفِنَ إلى جانبِ قَبرِ بِشْرٍ الحافيِّ.

العام الهجري : 524 العام الميلادي : 1129
تفاصيل الحدث:

أبو عبد الله محمد بن عبدالله بن تومرت المصمودي، الهرغي، الخارج بالمغرب. لقَّبه أتباعه بالمهدي، وهو زعيم الموحِّدين ومؤسس دولتهم، قال الذهبي عنه: "المدعي أنه علوي حَسَني، وأنه الإمام المعصوم المهدي، محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن هود بن خالد بن تمام بن عدنان بن صفوان بن جابر بن يحيى بن رباح بن يسار بن العباس بن محمد بن الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب. رحل من السوس الأقصى شابًّا إلى المشرق، فحجَّ وتفقَّه، وحصَّل أطرافًا من العلم، وكان أمَّارًا بالمعروف نهَّاءً عن المنكر، قويَّ النفس، زعرًا شُجاعًا، مَهيبًا قوالًا بالحق، عمَّالًا على المُلك، غاويًا في الرياسة والظهور، ذا هيبة ووقار، وجلالة ومعاملة وتألُّه، انتفع به خلق، واهتدوا في الجملة، وملكوا المدائن، وقهروا الملوك. أخذ عن: الكيا الهراسي، وأبي حامد الغزالي، وأبي بكر الطرطوشي، وجاور سنةً. وكان لهِجًا بعلم الكلام، خائضًا في مزالِّ الأقدام، ألَّف عقيدة لقَّبها (بالمرشدة) فيها توحيد وخير بانحراف، فحمل عليها أتباعه، وسمَّاهم الموحِّدين، ونبز مَن خالف (المرشدة) بالتجسيم، وأباح دمه -نعوذ بالله من الغي والهوى- وكان خَشِن العيشِ فقيرًا، قانعا باليسير، مقتصرًا على زي الفقر، لا لذة له في مأكل ولا منكح،ولا مال، ولا في شيءٍ غير رياسة الأمر، حتى لقي الله تعالى. لكنه دخل -والله- في الدماء لنيل الرياسة المُرْدِية. وكان غرامُه في إزالة المنكر والصدع بالحق، وكان يتبسَّم إلى من لقيه. وله فصاحةٌ في العربية والبربرية، وكان يُؤذى ويُضرَب ويَصبِر، فقَدِمَ المهدية وعليها يحيى بن باديس، فنزل بمسجد مُعلَّق، فمتى رأى منكرًا أو خمرًا كسَّر وبدَّد، فالتفَّ عليه جماعة، واشتغلوا عليه، فطلبه ابنُ باديس، فلما رأى حاله وسمع كلامه، سأله الدعاء، فقال: أصلحك اللهُ لرعيتك. وسار إلى بجاية، فبقي ينكر كعادته، فنُفي، فذهب إلى قرية ملالة، فوقع بها بعبد المؤمن وكان أمرد عاقلًا، فقال: يا شابُّ، ما اسمك؟ قال: عبد المؤمن. قال: الله أكبر، أنت طلبتي، فأين مقصدك؟ قال: طلب العلم. قال: قد وجدتَ العِلمَ والشرف، اصحَبْني. ونظر في حِليتِه، فوافقت ما عنده, وكان في صحبته الفقيه عبد الله الونشريسي، وكان جميلًا نحويًّا، فاتفقا على أن يُخفيَ عِلمَه وفصاحته، ويتظاهرَ بالجَهلِ واللَّكنِ مدةً، ثم يجعَلَ إظهار نفسه معجزةً، ففعل ذلك، ثم عمد إلى ستة من أجلاد أتباعه، وسار بهم إلى مراكش، وهي لابن تاشفين، فأخذوا في الإنكار، فخوَّفوا المَلِك منهم، لكنه لم يسمع منهم لما رأى فيه الديانة", حدثت بينه وبين المرابطين معارك، وكان على مقربة من مراكش، وقد مرض ابن تومرت بعد هذه الوقعة وتوفي في مدينة تينملل من بلاد السوس، وكان مرشحه للخلافة بعده عبد المؤمن.

العام الهجري : 595 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1198
تفاصيل الحدث:

هو العلَّامةُ فيلسوف الوقت، أبو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن شيخ المالكيَّة أبي الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي. حفيدُ العلَّامة ابن رشد الفقيه المتوفى سنة 520، وُلِدَ سنة عشرين قبل وفاة جده العلامة بشهر واحد. درس الفقه والأصول حتى برَعَ فيه وأقبل على عِلمِ الكلام والفلسفة وعلوم الأوائل، حتى صار يُضرَبُ به المثَلُ فيها. واشتغل بالطبِّ والرياضيات. كان ذكيًّا رَثَّ البَزَّة، قَوِيَّ النفس، أوحَدَ زمانه في علم الفقه والخلاف. نُفِيَ إلى بلاد المغرب بسبب اشتغالِه بالفلسفة، وله كُتُب في الفقه والأصول واللغة، كان شديدَ الإعجاب بأرسطو. ألفَّ ابن رشد كتابًا رَدَّ فيه على كتابِ الغزالي (تهافُت الفلاسفة) مدافعًا فيه عن آراء الفلاسفة، وله كتابُ جوامع كتب أرسطوطاليس، وله في الطب كتاب الكليَّات في وظائف الجسم ومنافعها، وكتاب شرح أرجوزة ابن سينا في الطب، وله كتب أخرى في الفقه، مثل التحصيل، وله الكتاب المشهور بداية المجتهد ونهاية المقتصد، قال عنه الذهبي: "كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه، عَلَّلَ فيه ووَجَّه، ولا نعلَمُ في فنه أنفَعَ منه، ولا أحسَنَ مَساقًا"، وله كتابُ الكشف عن الأدلة في عقائد الملة، الذي رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية. نقل الذهبي عن ابن الأبار الأندلسي أنه قال: "لم ينشأ بالأندلس مثله كمالًا وعِلمًا وفَضلًا. قال: وكان متواضِعًا، منخفِضَ الجناح، عُنِيَ بالعلم حتى حُكِيَ عنه أنه لم يترك النظَرَ والقراءة مذ عَقِلَ إلَّا ليلة وفاة أبيه وليلة عُرسِه، وأنه سوَّدَ فيما صَنَّف وقَيَّد, واختصر نحوًا من عشرة آلاف ورقة، ومال إلى علوم الأوائل، فكانت له فيها الإمامةُ دون أهل عصره. وكان يُفزَعُ إلى فُتياه في الطب كما يُفزَعُ إلى فتياه في الفقه، مع الحظِّ الوافِرِ مِن العربية, وقيل: كان يحفَظُ ديوان حبيب والمتنبي". قال الذهبي: قال ابن بشكوال: "كان ابن رشد فقيهًا عالِمًا، حافِظًا للفقهِ، مُقَدَّمًا فيه على جميع أهل عصره، عارفًا بالفتوى على مذهب مالك وأصحابه، بصيرًا بأقوالهم، نافذًا في علم الفرائض والأصول، من أهل الرياسةِ في العلم والبراعة والفهم، مع الدِّينِ والفضل والوَقار والحلم، والسَّمت الحَسَن والهَدْي الصالح" وليَ قضاء قرطبة بعد أبي محمد بن مغيث، فحُمِدَت سيرته وعَظُم قَدْرُه. قال شيخ الشيوخ تاج الدين: "لَمَّا دخلتُ إلى البلاد سألتُ عنه، فقيل: إنه مهجورٌ في داره من جهةِ المنصور يعقوب الموحدي، ولا يدخُلُ أحَدٌ عليه، ولا يخرج هو إلى أحَدٍ. فقيل: لم ؟ قالوا: رُفِعَت عنه أقوالٌ رَدِيَّة، ونُسِبَ إليه كثرةُ الاشتغال بالعلوم المهجورة من علوم الأوائل. ومات وهو محبوسٌ بداره بمراكش ". اعتقله السلطانُ المنصور يعقوب وأهانه، ثم أعاده إلى الكرامةِ، استدعاه واحتَرَمه وقَرَّبَه، حتى تعدى به الموضِعَ الذي كان يجلِسُ فيه الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص الهنتاتي، ثم بعد ذلك نَقِمَ عليه لأجل الحِكمة واشتغالِه بالفلسفة, ومات محبوسًا بداره بمراكش، ومات السلطان المنصورُ بعده بشهر.

العام الهجري : 1357 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1938
تفاصيل الحدث:

هو مصطفى كمال أتاتورك الملقَّب بالغازي؛ رئيس الجهورية التركية، وكلمة أتاتورك، تعني: أبو الأتراك، وهو الذى أسقط الخلافةَ الإسلاميةَ سنة 1343ه / 1924م. ولِدَ مصطفى كمال عام 1296هـ في مدينة سالونيك اليونانية وكانت تابعة للدولة العثمانية، من أمٍّ تدعى زبيدة، ونُسِبَ في بداية الأمر إلى زوج أمه علي رضا الذي لم يلبث أن توفِّي، ولم يتجاوز ربيبُه مصطفى الثامنةَ من العمر، وكانت زبيدة مُستهترة، وتمكَّنَت من تأمين زوجٍ لها، فغَضِبَ ولدها مصطفى منها، وترك البيتَ وذهب إلى بيت أخت علي رضا زوج أمه السابق، ودرس في المدارس الحربية في سالونيك، ومناستر، ثم التحق بالكلية الحربية في استانبول وتخرَّج منها، ثم تخرَّج من كلية الأركان برتبة رائد عام 1333هـ، وألَّف جمعية الوطن والحرية في الشام مع بعض المنفيِّين إليها، وكان يتدرَّبُ في لواء الفرسان، وعندما تمَّ تدريبُه عُيِّنَ في يافا غيرَ أنَّه هرب إلى مصر، ومنها انتقل بحرًا إلى سالونيك، واستطاع أن يجد وسيلةً لتعيينه هناك عن طريق الارتباطات التي أصبحت له، وعَمِلَ لجمعيته التي لم تلبَثْ أن انضمَّت إلى جمعية الاتحاد والترقي، ولم يستطِع البروزَ والظهور فيها؛ لأن أعضاءها لم يحترموه؛ لاستهتاره بالقِيَمِ، وانقطاعه إلى الأماكن الموبوءة من حانات، ومحلات للفجور؛ لذا فقد حقد عليهم أيضًا، ويبدو أنه كان على صلةٍ بجهة لها إمكاناتُها ولها نفوذها توجِّهُه وتحميه وترسُم له وتمَنِّيه وتعِدُه بأعلى منصب، أرسله أنور باشا وزير الحربية إلى طرابلس للقضاءِ على ثورة هناك، لكنه هرب من ليبيا، ثم أُرسِلَ ملحَقًا إلى بلغاريا قضى أيامَه في الخمور والمجون، ولَمَّا اندلعت الحرب العالمية الأولى كان يشتركُ حسب الحاجة تحت إمرة أحد القادة الألمان. وبعد الحرب وتوقيع هدنة مودروس بدأ الإنجليزُ في تهيئة مصطفى كمال لإسقاط الخلافة العثمانية، وإقامة دولة تركيا العلمانية الحديثة، وقد نجحَت في صناعته حتى كان كمال أشَدَّ عداء للإسلام والمسلمين من اليهودِ والنصارى! وفَعَل في تركيا مالم تفعَلْه جيوشُهم مجتمعةً، فما إن تولَّى رئاسة الجمهورية التركية حتى شَنَّ حربًا لا هوادةَ فيها على الإسلام والمسلمين، وفرض إجراءاتِ عَلْمَنة تركيا وفَصْلِها عن الإسلام والمسلمين بقوَّة النظام والسلاح؛ فقد كان هذا الديكتاتور مثلًا فريدًا في القسوة والتنكيل والأنانية المدمِّرة. لقد تجلَّت سياسة أتاتورك العلمانية في برنامج حزبه (حزب الشعب الجمهوري) لعام 1349هـ مرة، وعام 1355هـ مرة ثانية، والتي نصَّ عليها الدستور التركي، وهي المبادئُ الستة التي رُسِمَت بشكل ستة أسهُمٍ على علَمِ الحِزبِ، وهي: القومية، الجمهورية، الشعبية، العَلْمانية، الثورة، سلطة الدولة. هلك مصطفى كمال في 18 رمضان 10 نوفمبر 1938م بعد أن أُصيبَ قبل وفاته بسنين بمرضٍ عضال في الكلية لم يُعرَفْ كُنهُه. وكان يتعرَّضُ لآلام مبَرِّحة مزمنة لا تطاق، كانت السببَ في إدمانه على شربِ الخمر؛ مما أدى إلى إصابته بتليف الكبد، والتهاب في أعصابه الطرفية، وتعرُّضه لحالات من الكآبة والانطواء. ولما توفي دُفِنَ بعد تسعة أيام من وفاته بعد أن أمضى أكثَرَ من خمس عشرة سنة في الحكم. ثم جرت الانتخاباتُ وانتُخِبَ عصمت إينونو رئيسًا للجمهورية؛ فهو ثاني رئيس للجمهورية التركية الحديثة.

العام الهجري : 1363 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1944
تفاصيل الحدث:

هو عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد الرحمن الثعالبي: زعيمٌ تونسيٌّ، وهو عالم، أديب، كاتب، خطيب، سياسي، صحافي, جزائري الأصلِ، ولِدَ بتونس في 15 شعبان 1293هـ. حَفِظَ القرآن الكريم وأتمَّ الدراسة الأولية في البيت على يد مدرس خاص، ثم دخل مدرسة "باب سويقة الابتدائية" في تونس، ثم التحق بجامع الزيتونة وتخرج سنة 1896م، وأخذ يتردَّدُ على المدرسة الخلدونية حتى حصل على الدراسات العليا. وبظهور أولِ حزب لتحرير تونس ومقاومة الاستعمار الفرنسي حزب "تونس الفتاة" كان الثعالبي من أوائل من انضم إليه؛ ليؤسِّسَ بعدها الحزبَ الوطني الإسلامي الذي كان يدعو إلى تحرير العالم العربي كله، وقيام الوحدة بين أقطاره. وكان قد كتب وعمل محررًا في صحيفتي "المبشر" و"المنتظر" إلى أن عطَّلَتْها الحكومة، ثم أصدر جريدة "سبيل الرشاد" وكرَّسها للوعظ والإرشاد والدعوة إلى الإصلاح. وبعد سنة عطَّلتْها الحكومة وأصدرت قانونًا قيَّدت به الصحافة. جاهر الثعالبي بطلبِ الحرية لبلاده، فسجنه الفرنسيون، ولَمَّا أُطلِقَ سَراحُه سافر إلى باريس، وزار الأستانة والهند وجاوى، وعاد إلى تونس قُبيلَ سنة 1332ه / 1914م، وقد حلَّ الفرنسيون حزب تونس الفتاة، فعَمِل في الخفاء مع بقايا من أعضائه بالدعاية والمنشورات. وسافر إلى باريس بعد الحرب العالمية الأولى فطبع كتابه "تونس الشهيدة" بالفرنسية. واتُّهِم بالتآمر على أمن الدولة الفرنسية، فاعتُقِلَ ونقل سجينًا إلى تونس، وأخلي سبيله بعد 9 أشهر سنة 1920م، فرأس حزب "الدستور"، وقد ألفه أنصاره وهو في السجن، وأنشأ مجلة "الفجر" في أغسطس 1920, ثم غادر الثعالبي تونس مرة أخرى سنة 1923م متنقلًا بين مصر وسورية والعراق والحجاز والهند، مشاركًا في حركاتها الوطنية، ولا سيما مقاومة الاستعمار الفرنسي، ثم عاد إلى تونس سنة 1937م، فناوأه بعضُ رجال حزبه، فابتعد عن الشؤون العامة إلى أن توفي في تونس. من كُتُبِه: تاريخ شمال إفريقية، وفلسفة التشريع الإسلامي، ومحاضراتُه في جامعة آل البيت ببغداد نُشِرت تباعًا في مجلَّتِها، وتاريخ التشريع الإسلامي، ومذكرات في خمسة أجزاء عن رحلته إلى مصر والشام والحجاز والهند وغيرها، و"معجزة محمد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم".