قام عبد الكريم النحلاوي بانقلاب عسكري في سوريا ضدَّ الجمهورية العربية المتحدة برئاسة جمال عبد الناصر، ويعد النحلاوي المسؤولَ الرئيسي عن انفصال سوريا عن مصر في الوحدة التي نشأت بين القطرين تحت اسم "الجمهورية العربية المتحدة"، ثم قام النحلاوي في 28 مارس 1962م بانقلابٍ آخر فحَلَّ البرلمان وأقال حكومة معروف الدواليبي. ثم وقع انقلاب عسكري بعد يومين ضد "النحلاوي".
لمَّا اطْمأَنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعدَ الفتحِ بعَث خالدَ بنَ الوليدِ إلى العُزَّى لخمسِ ليالٍ بَقِينَ مِن هذا الشَّهرِ الكريمِ لِيَهدِمَها، وكانت بِنَخْلَةَ، وكانت لقُريشٍ وجميعِ بني كِنانةَ, وهي أَعظمُ أَصنامِهم. وكان سَدَنَتُها بني شَيبانَ؛ فخرَج إليها خالدٌ في ثلاثين فارسًا حتَّى انتهى إليها فهَدمَها. ولمَّا رجَع إليها سألهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (هل رأيتَ شيئًا؟). قال: لا. قال: (فإنَّك لم تَهدِمْها فارجِعْ إليها فاهْدِمْها). فرجع خالدٌ مُتَغَيِّظًا قد جَرَّدَ سَيفَهُ فخَرجتْ إليه امرأةٌ عُريانةٌ سَوداءُ ناشِرَةُ الرَّأسِ، فجعَل السَّادِنُ يَصيحُ بها، فضربها خالدٌ فجزَلها بِاثْنتَينِ، ثمَّ رجَع إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فأخبرَهُ، فقال: (نعم، تلك العُزَّى، وقد أَيِسَتْ أن تُعْبَدَ في بلادِكُم أبدًا).
كان يعقوبُ بن الليث وأخوه عمرو يعملانِ الصُّفر بسجستان، ويُظهِران الزهد والتقشُّف، وكان في أيامهما رجلٌ من أهل سجستان يُظهِرُ التطوُّع بقتال الخوارج، يقال له صالح المطوعي، فصَحِبه يعقوب، وقاتلَ معه، فحَظِيَ عنده، فجعله صالحٌ مقامَ الخليفة عنه، ثم هلك صالحٌ، وقام مقامَه إنسانٌ آخر اسمه درهم، فصار يعقوبُ مع درهم كما كان مع صالحٍ قبله. ثم إنَّ صاحبَ خُراسان احتال لدرهم لَمَّا عَظُم شأنُه وكثُر أتباعُه، حتى ظَفِر به وحمَله إلى بغداد، فحبسه بها ثم أطلَقَه، وخدَم الخليفةَ ببغداد. عظُمَ أمرُ يعقوب بعد أخذِ درهم، وصار متولِّيَ أمر المتطوِّعة مكان درهم، وقام بمحاربة الشراة، فظفِرَ بهم، وأكثَرَ القتلَ فيهم، حتى كاد يُفنيهم، وخرَّب قراهم، وأطاعه أصحابُه بمَكرِه، وحُسْنِ حالِه ورأيِه، طاعةً لم يطيعوها أحدًا كان قبله، واشتَدَّت شوكتُه، فغَلَب على سجستان، وأظهر التمسُّكَ بطاعة الخليفة وكاتبه، وصدرَ عن أمره، وأظهَرَ أنَّه هو أمَرَه بقتال أتباعِه، فخرج عن حدِّ طلب الشراة، وصار يتناولُ أصحاب أمير خراسان، ثم سار مِن سجستان إلى هراة من أعمال خُراسان ليملِكَها، وكان أمير خراسان محمد بن طاهر بن عبد الله بن طاهر بن الحسين، وعاملُه على هراة محمد بن أوس الأنباري، فخرج منها لمحاربةِ يعقوب في تعبئة حَسَنة، وبأس شديدٍ، وزيٍّ جميل، فتحاربا واقتتَلا قتالًا شديدًا فانهزم ابن أوس، ومَلَك يعقوبُ هراة وبوشنج، وصارت المدينتانِ في يده، فعَظُم أمره حينئذ، وهابه أميرُ خراسان وغيرُه من أصحاب الأطراف.
أبو القاسمِ الفَضلُ ابنُ المُقتَدر جعفر بن المعتضد أحمد بن الموفق الخليفة العباسي. ولدَ سنة 301 وبويع بالخلافةِ بعد خَلعِ المُستكفي نفسَه سنة 334، وأمُّه اسمُها مشغلة أمُّ ولد. كان مقهورًا مع نائب العراقِ ابنِ بُوَيه مُعِزِّ الدولة الذي قرَّرَ له في اليومِ مائة دينار فقط. ولَمَّا اشتَدَّ الغَلاءُ المُفرطُ ببغداد، اشتري المطيعُ لله لمعِزِّ الدولةِ كر دقيقٍ بعشرين ألف درهم, وفي سنة 360 فُلِجَ المُطيعُ، وبطَلَ نِصفُه، وتمَلَّكَ في أيَّامِه بنو عُبَيدٍ مِصرَ والشَّام، وأذَّنُوا بدمشق " بحيَّ على خير العمل "، وغلت البلادُ بالرَّفضِ شرقًا وغربًا، وخَفِيَت السنَّةُ قَليلًا، واستباحت الرومُ نصيبين وغيرَها، فلا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله، ولَمَّا تحكَّم الفالِجُ في المطيعِ دعاه سبكتكين الحاجِبُ التركيُّ إلى عزلِ نَفسِه، وتسليمِ الخلافةِ إلى ابنِه الطائِعِ لله، ففعل ذلك في ثالثَ عشر من ذي القعدة سنة 363, ولَمَّا استفحل بلاءُ اللُّصوصِ ببغداد، ورَكِبوا الخيل، وأخذوا الخفارةَ، وتلقَّبوا بالقُوَّاد. خرج المطيعُ وولده الخليفةُ الطائِعُ لله إلى واسط فمات المطيعُ هناك في المحرم سنة 364 بعد ثلاثة أشهر من عزلِه. وعمره 63 سنة، فكانت خلافته ثلاثين سنة سوى أشهر. وفي أيَّامه سنة 316 تلقَّب عبد الرحمن الناصر صاحبُ الأندلس بأمير المؤمنين. وقال: أنا أحقُّ بهذا اللقبِ مِن خليفةٍ تحت يدِ بني بُوَيه. قال الذهبي: " وصدق النَّاصِرُ؛ فإنَّه كان بطلًا شُجاعًا سائسًا مَهيبًا، له غَزَواتٌ مَشهودةٌ، وكان خليقًا للخلافةِ"
الكاتِبُ المَشهورُ صاحِبُ الخَطِّ المنسوبِ أبو الحَسَنِ عليُّ بنُ هلالٍ البَغداديُّ، المعروف بابنِ البَوَّاب؛ ويقال له "ابن الستري" أيضًا؛ لأنَّ أباه كان بوَّابًا، والبَوَّاب ملازِمٌ سِترَ البابِ، فلهذا نُسِبَ إليهما. كان شَيخُه في الكتابةِ ابنَ أسَدٍ الكاتِبَ المَشهورَ، وهو أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ أسدِ بنِ عليِّ بنِ سَعيدٍ القارئ الكاتب البزَّاز البغدادي. قال ابن كثيرٍ: "وقد أثنى على ابنِ البوَّابِ غَيرُ واحد في دينِه وأمانته، وأمَّا خَطُّه وطريقتُه، فهي أشهرُ مِن أن نُنَبِّهَ عليها، وخَطُّه أوضَحُ تعريبًا من خط الوزيرِ أبي عليِّ بنِ مُقلةَ الكاتبِ المَشهورِ، ولم يكُنْ بعدَ ابنِ مُقلةَ أكتَبُ منه، وعلى طريقتِه النَّاسُ اليومَ في سائِرِ الأقاليمِ إلَّا القَليلَ". قال ابنُ خَلِّكانَ: "لم يوجَدْ في المتقَدِّمينَ ولا المتأخِّرينَ مَن كَتَبَ مِثلَه ولا قارَبَه، وإن كان أبو عليٍّ ابنُ مُقلةَ الوزيرُ أوَّلَ مَن نَقَل هذه الطريقةَ مِن خَطِّ الكوفيِّينَ، وأبرَزَها في هذه الصُّورةِ، وله بذلك فضيلةُ السَّبقِ، وخَطُّه أيضًا في نهايةِ الحُسنِ، لكِنَّ ابنَ البوَّابِ هَذَّبَ طريقةَ ابنِ مُقلةَ ونَقَّحَها وكَساها طلاوةً وبَهجةً. والكُلُّ مُعتَرِفٌ لابنِ البوَّابِ بالتفَرُّد، وعلى منوالِه يَنسجونَ، وليس فيهم من يَلحَقُ شَأوَه ولا يَدَّعي ذلك، مع أنَّ في الخَلقِ مَن يدَّعي ما ليس فيه، ومع هذا فما رأَينا ولا سَمِعْنا أنَّ أحدًا ادَّعى ذلك، بل الجميعُ أقَرُّوا له بالسَّابقةِ وعَدَمِ المشاركة". توفِّي ابنُ البوَّاب ببغداد، ودُفِنَ جوارَ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ.
قامَت الدعوةُ الصُّلَيحيَّة باليمنِ والتي أصلها إسماعيليٌّ عن طريق علي بن محمد الصليحي. كانت الدعوةُ الإسماعيليَّةُ قد انقطعت في اليمَنِ بعد اختلافِ عليِّ بن الفضل وابن حوشب؛ إذ سيطَرَ الأوَّلَ على المنطقةِ وأعلن كُفرَه الصَّريحِ حتى مات مسمومًا عام 303هـ على حين اعتزل ابن حوشب في مغارب اليمن. حتى قامت الدعوةُ مُجدَّدًا على يدِ عليٍّ الصليحيِّ الذي كان أبوه محمَّدٌ مِن قضاة اليمن سُنِّي المذهب, وكان داعي الباطنيَّة عامِرُ بنُ عبد الله الزواخي يتردَّدُ على القاضي محمَّد الصليحي؛ لِمَنزلتِه وسُؤدَدِه، وكان عليٌّ حَدَثًا فتفَرَّس به عامِرٌ النجابةَ فاستمال قلبَه وشَوقَّه للمال والحُكمَ، وأسَرَّ إليه أمورًا سِرًّا من أبيه وأهله وهو لا يزالُ حدثًا, ثم لم ينشبْ عامر أنْ هلك فأوصى بكُتُبِه لعلي، فعكف الصليحي على دراستِها ومطالعتها، وكان ذكيًّا, ففقِه وتميَّزَ في رأي العُبَيدين الإسماعيليَّة، ومهر في تأويلاتهم، وقَلْبِهم للحقائقِ, ولَمَّا كان في سنة 429 ثار في رأس مسار، وهو أعلى ذروةٍ في جبال اليمن، وكان معه ستونَ رجلًا قد حالَفَهم بمكة في موسم سنة 428 على الموت والقيامِ بالدعوة، وما منهم إلَّا مَن هو مِن قَومِه وعشائِرِه في مَنعةٍ وعددٍ كثيرٍ، ولم يكنْ برأس الجبل المذكور بناءٌ، فقط كان فيه قلعةٌ منيعة عالية، ولم تمضِ عليه أشهرٌ حتى بناه وحَصَّنه وأتقَنَه. واستفحل أمرُ الصليحيِّ شيئًا فشيئًا، وكان يدعو للمستنصرِ صاحِبِ مصر، ويخافُ من نجاح صاحِبِ تهامةَ، وظلَّ يلاطِفُه ويستكينُ لأمره، وفي الباطِنِ يَعمَلُ الحيلةَ في قتله، ولم يَزَل به حتى قَتَله بالسُّمِّ.
هو الحسنُ بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العبيدي المصري, استوزره أبوه وجعله وليَّ عهده سنة 526، فظلم وعسف وسفك الدماء، وقَتَل أعوان أبي علي الوزير الذي قبله، حتى قيل إنَّه قتل في ليلة أربعين أميرًا، فخافه أبوه، وجهَّز لحربه جماعة، فحاربهم واختلطت الأمور، ثم دس أبوه من سقاه السمَّ، فهلك هذه السنة, وكان الحسن يميل إلى أهل السُّنة, وقيل في سبب قتله: إنه لما حصل اقتتال بين ابني الحاكم، وغلب الحسن وتولى الوزارة وولاية العهد، مع سوء السيرة وسفكه للدماء ونهبه للأموال وكثرة الاقتتال بين العسكر والعبيد؛ أدى ذلك كله إلى ضجر الناس كلهم منه؛ كبيرِهم وصغيرهم، ورفَعوا شكواهم مرارًا إلى الحاكم والده، فلما رأى والدُه أنه لا ينفكُّ من هذه النازلة العظيمة إلا بقتلِ ابنه لتنحَسِمَ المباينة بينه وبين العسكر، فاستدعى طبيبه ابن قرقة، وفاوضه في عمل سمٍّ لقتل ولده، فقال: الساعة، ولا يتقطَّعُ منها الجسد بل تفيض النفسُ لا غير. فأحضرها من يومه، وألزم الحافِظُ ابنه حسنًا بمن ندبه من الصقالبة، فأكرهوه على شربها، فمات في يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى الآخرة، ثم ولَّى الحافظ بعده الوزارة لبهرام الأرمني النصراني الملقَّب تاج الدولة، فشق على الناس وزارته، وتطاول النصارى في أيامه على المسلمين، وأقبل الأرمن يَرِدون إلى القاهرة ومصر من كل جهة، حتى صار بها منهم عالمٌ عظيم، ووصل إليه ابن أخيه فكثر القيل والقال، وأطلق أسيرًا من الفرنج كان من أكابِرِهم، فأنكر الناس ذلك ورفعوا فيه النصائح للحافظ، وأكثروا من الإنكار.
لما رأى فرديناند الخامس ملك قشتالة أن المسلمين قد عجزوا عن أخذ الحامة ونصرة من فيها من الأسارى، وقع له الطمع في بلاد الأندلس، فأخذ في الاستعداد والخروج إليها. طلب فرديناند الخامس من أبي عبد الله محمد بن سعد الملقب بالزغل أمير مالقة إمضاء معاهدة يكون فيها أمير مالقة تابعًا لقشتالة، فرفض ذلك أمير مالقة، فقام ملك قشتالة بإعلان الحرب عليه, فلما كان جمادى الأولى من هذا العام خرج ملك قشتالة بحملة عظيمة، وقصد مدينة لوشة فنزل عليها بحملته، وكان قد اجتمع فيها جملة من نجدة رجال غرناطة حين سمعوا بخروجه إليها فلما قرب من البلد خرج إليه الرجال والفرسان فقاتلوه قتالًا شديدًا وردوه على أعقابه وقتلوا كثيرًا من النصارى وأخذوا لهم من تلك العدة التي قربوا بها من النفط وغيره من عدة الحرب، ثم إن الأمير أبا الحسن علي بن سعد أمدهم بقائد من غرناطة يقود جيشًا من الفرسان في تلك الليلة فاشتدت عند ذلك عصبة المسلمين وقويت قلوبهم فلما أصبح الصباح ورأى النصارى الزيادة في جيش المسلمين مع ما نالهم من أول الليل من الهزيمة والقتل وأخذ العدة، داخَلَهم الرعب واشتد خوفهم فأخذوا في الارتحال عنهم، فخرج إليهم المسلمون فقاتلوهم قتالًا شديدًا، فانهزم النصارى وتركوا كثيرًا من أخبيتهم وأمتعتهم وأطعمتهم وآلة حربهم، وتركوا من الدقيق شيئًا كثيرًا فاحتوى المسلمون على جميع ذلك كله وانصرف العدو مهزومًا مفلولًا إلى بلده، ففرح المسلمون بذلك فرحًا عظيمًا، وكان ذلك في السابع والعشرين من جمادى الأولى.
بَعثَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على رأسِ تِسعةِ أشهُرٍ من الهِجرةِ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ رَضي اللهُ عنه في عِشرين من المُهاجِرين. وقيل: ثَمانيةٍ إلى الخَرَّارِ. وعَقَد له لواءً أبيضَ حَمَلَه المِقدادُ بنُ عَمرٍو رَضي اللهُ عنه. والخَرَّارُ: وادٍ يُتَوَصَّلُ منه إلى الجُحفةِ، وقد عَهِدَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليه ألَّا يُجاوِزَه؛ ليَعتَرِضَ عيرًا لقُريشٍ تَمرُّ بِهِم، فخَرَجوا يَمشون على أقدامِهِم، يَكمُنون النَّهارَ ويَسيرون اللَّيلَ حتى صَبَّحوا المكانَ المَذكورَ في صُبحِ خمسٍ؛ فوَجدوا العِيرَ قد مرَّت بالأمسِ؛ فضَرَبوا راجِعين إلى المدينةِ من غيرِ حربٍ.
هو العلَّامةُ الأديبُ الأخباريُّ، شهابُ الدين أبو عُمَر أحمدُ بنُ عبد ربه ابن حبيب بن حدير بن سالم المرواني القرطبي، مولى هشامِ بنِ عبد الرحمن بن معاوية بن هشام المعروف بابن عبد ربه الأندلسي. صاحِبُ كتاب (العِقد الفريد). ولد في رمضان سنة 246 كان موثَّقًا نبيلًا بليغًا شاعرًا, وكان من الفضلاء المُكثرين، والعُلَماء بأخبار الأوَّلين والمتأخرين، وكتابه العِقدُ يدُلُّ على فضائل جمة، وعلوم كثيرة مهمة، قال ابن كثير: "ويدلُّ كثيرٌ مِن كلامه على تشيُّعٍ فيه، ومَيلٍ إلى الحَطِّ على بني أميَّة، وهذا عجيبٌ منه؛ لأنَّه أحدُ مواليهم، وكان الأولى به أن يكونَ ممَّن يواليهم لا ممَّن يعاديهم"، له ديوانُ شِعرٍ حَسَنٍ، لكِنْ أورد منه أشعارًا في التغزُّلِ في المردانِ والنِّسوان. توفِّيَ بقرطبة يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى عاش اثنتين وثمانين سنة.
لَمَّا أخفقت حملة الشريف عبد العزيز في تحقيقِ أيِّ نصر على دولة الدرعية، جهَّز الشريف غالب بن مساعد شريف مكة جنودًا عظيمةً من مكة وغيرها ومعه سبعة مدافِعَ، فقصد هو بنفسِه أخاه عبد العزيز، ثم رحل الشريف غالب وأخوه عبد العزيز بجنودِهما الهائلة، ونزلوا قصر الشعراء، وهي قرية معروفة بأعالي نجدٍ، وحاصروها وضربوها بالمدافِعِ، وكادوا لها بأنواعِ القتالِ، وساقوا عليها الأبطالَ، وأقام الشريفُ غالب يحاصِرُها أكثَرَ من شهر، فرحل منها على فشَلٍ، وقُتل من قومه أكثَرُ من 50 رجلًا ورجع منها إلى أوطانِه، وتفرَّقت عنه جموعُه وعُربانه, ثم أرسل الأميرُ سعود خلفَهم محمد بن معيقل بقوَّةٍ معه يتبعُ أثر الشريف غالب ويُغيرُ عليه من الخَلفِ، فأغار على فريقٍ مِن قحطان وحصل جلادٌ بينهم وغَنِموا منهم إبلًا كثيرةً وخمسة عشر من الخيل الأصايل.
تعرَّض السلطانُ العثماني عبد الحميد الثاني لمحاولةِ اغتيالٍ فاشلةٍ دَبَّرها الأرمن بإيعازٍ وتشجيعٍ مِن الحركة الصهيونية اليهودية العالَمية، وعُرِفَ هذا الحادِثُ في التاريخ العثماني باسم "حادث القنبلة". كلَّف يهود سويسرا إدوارد جورج اليهوديَّ الفرنسيَّ الجنسية بالتعاونِ مع أعضاء جمعية الطاشناق الماسونية الأرمنية لإدخالِ عَرَبة إلى استانبول، فوصلت إلى استانبول قِطعةً قطعةً، وتمَّ تركيبُها لتكون قنبلةَ جحيمٍ تنفَجِرُ في الوقتِ الذى يخرجُ فيه السلطان عبد الحميد من مسجِدِ محمد الفاتح بعد صلاةِ الجمعة، فانفَجَرت، ولم يتِمَّ لهم ما أرادوا، وجرَّاء هذا التفجيرِ لقيَ عشرون شَخصًا مَصرعُهم، وقُبِضَ على المنَفِّذين الأرمن بالبابِ العالي، فتدخَّل السفير الأرمن لحمايتهم بحُجَّة الامتيازات الأجنبية، وتمَّ له ما أراد. ولم يكُنْ حادِثُ القنبلة المحاوَلةَ الوحيدة للأرمن لاغتيالِ السلطان عبد الحميد.
في هذه السَّنةِ غَزَت جماعةٌ من الدرعية، فصادفت الشريف منصورًا فأسَرَتْه مع ركبٍ كان معه، فمَنَّ الإمامُ عبد العزيز وأطلقه دون فداءٍ, فلما عاد الشريف منصور إلى مكةَ استأذن من شريفِ مكَّةَ ليَسمحَ لأتباع الدرعية بالحَجِّ، فحجَّت طائفةٌ منهم آمنة وقضت فرضها بعد أن كان الحجُّ متعسرًا على أتباع الدعوة بسبَبِ الشائعات التي لدى أشرافِ مكَّةَ ضِدَّ أتباع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
أمرَ السلطان عبد الحميد الثاني بتأسيسِ مؤسسة الديون العمومية في الدولة العثمانية؛ لمعالجة مشكلة ديونِ الدولة، فوُضِعَت إيراداتُ الدولة الرئيسية تحت تصرُّفِ هذه المؤسسة لتسديدِ ديون الدولة التي بلغت 252 مليون قطعة ذهبية، فأسقطت المؤسَّسةُ من ديون الدولة 146 مليونًا. وقد لَعِبَت هذه المؤسسة دورًا في تسديد كثيرٍ مِن ديون الدولة أثناء عهدِ السلطان عبد الحميد الثاني.
أفرجت السلطاتُ الفرنسيةُ عن الزعيم التونسي عبد العزيز الثعالبي بعد سجن استمرَّ 9 أشهر. وعبد العزيز الثعالبي زعيمٌ تونسي حاول التخلُّصَ من الاستعمار وظُلمِه، والرفعة بالمجتمع في الوقت ذاته. وقد تعرَّض الثعالبي للنفي والتَّرحال في سبيل دعوته ومبادئه. وقد تولى الثعالبي رئاسةَ الحزب الحر الدستوري التونسي الذي كان من أهدافِه: الفصلُ بين السلطات الثلاث. ضمانُ الحريات والمساواة. إجباريَّةُ التعليم.