الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2638 ). زمن البحث بالثانية ( 0.009 )

العام الهجري : 635 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1238
تفاصيل الحدث:

بعد موت الأشرف موسى بن العادل أبي بكر بن أيوب صاحب دمشق قام من بعده بدمشق أخوه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل، صاحِبُ بصرى، بعهدٍ من أخيه له، فاستوفى الملك الصالح عماد الدين على دمشقَ وبعلبك، وبعث ابنه الملك المنصور محمودًا إلى الشرق، ليتسَلَّم سنجار ونصيبين والخابور من نوَّاب الشرق، وبعث إلى المجاهد صاحب حمص، وإلى المظفر صاحب حماة، وإلى الحلبيين أيضًا، ليحلفوا له ويتفقوا معه على القاعدة التي تقَرَّرت بينهم وبين الأشرف على مخالفة الكامل، فأجابوا إلَّا صاحب حماة، فإنَّه مال مع الكامل، وبعث إليه يُعلِمُه بميله إليه، فسُرَّ الكامل بذلك، ثمَّ إن الملك الصالح عماد الدين صادر جماعة من الدماشقة، الذين قيل عنهم إنهم مع الملك الكامل، منهم العلم تعاسيف، وأولاد مزهر، وحبسَهم في بصرى، فتجهز الكامِلُ، وخرج من قلعة الجبل بعساكره، بكرةَ يوم الخميس في الثالث والعشرين من صفر، واستناب على مصر ابنه الملك العادل، وأخذ معه الناصر داود بن الملك المعظم، وهو لا يشُكُّ أن الملك الكامل يسلم إليه دمشق، لما كان قد تقرَّرَ بينهما، فكاتب الكامِلُ نائب قلعة عجلون حتى سَلَّمها، ونزل على دمشق بمسجد القدم، في الثالث والعشرين من ربيع الأول، وقد تحصنت وأتتها النجدات، فحاصرها وقطع عنها المياه، وضايقَها حتى غلت بها الأسعار، وأحرق العقيبة والطواحين، وألحَّ على أهلها بالقتال، وكان الوقتُ شتاء فأذن الصالح إسماعيل، وسَلَّم دمشق لأخيه الكامل، فعَوَّضَه عنها بعلبك والبقاع، وبصرى والسواد، فتسَلَّم الكامل دمشق في عاشر جمادى الأولى، وسار الصالح إسماعيل إلى بعلبك، لإحدى عشرة بقيت من جمادى الأولى، فنزل الملك الكامل بالقلعة، وأمر بنصب الدهليز بظاهر دمشق، وسيَّرَ المظفر صاحب حماة إلى حمص، وأطلق الفلك المسيري من سجن قلعة دمشق. كان قد سجنه الملك الأشرف, ونقل الأشرف إلى تربته، وأمر الكامِلُ في يوم الاثنين سادس جمادى الآخرة ألَّا يصلي أحد من أئمة الجامع المغربَ سوى الإمام الكبير فقط؛ لأنَّه كان يقع بصلاتهم تشويشٌ كبير على المصلين.

العام الهجري : 825 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1422
تفاصيل الحدث:

ما زال برسباي قائمًا بتدبير أمر الدولة، ثم أحَبَّ أن يُطلَق عليه اسمُ السلطان لما خلا له الجو؛ فإنه كان ينافسه جنبك  الصوفي، وقد استطاع طرباي التخلص منه، ثم استطاع برسباي بمكيدة كذلك التخلص من طرباي وسجنه، ولما تم أمر الأمير برسباي فيما أراد من القبض على الأمير طرباي والاستبداد بالأمر، أخرج الأمير سودون الحموي منفيًّا إلى ثغر دمياط، ثم أخذ في إبرام أمره ليترقى إلى أعلى المراتب، فلم يلقَ في طريقه من يمنعه من ذلك، وساعده في ذلك موت الأمير حسن بن سودون الفقيه خال الملك الصالح محمد بن ططر في يوم الجمعة الثالث عشر صفر، فإنه كان أحد مقدمي الألوف وخال السلطان الملك الصالح، وكان جميع حواشي الملك الظاهر ططر يميلون إليه، فكُفِيَ الأمير برسباي همَّه أيضًا بموته، فلما رأى برسباي أنَّه ما ثَمَّ عنده مانع يمنعه من بلوغ غرضه بالديار المصرية، خَشِيَ عاقبة الأمير تنبك ميق نائب الشام، وقال: لا بدَّ من حضوره ومشورته فيما نريد فِعلَه، فندب لإحضاره الأمير ناصر الدين محمد ابن الأمير إبراهيم ابن الأمير منجك اليوسفي، فحضر ثم خلا به الأمير برسباي وتكلم معه واستشاره فيمن يكون سلطانًا؛ لأن الديار المصرية لا بد لها من سلطان تجتمع الناس على طاعته، ثم قال له: وإن كان ولا بد فيكون أنت، فإنك أغاتنا وكبيرنا وأقدَمنا هجرةً، فاستعاذ الأمير تنبك من ذلك وقام في الحال، وقَبَّل الأرض بين يديه، وقال: ليس لها غيرك، فشكر له الأمير برسباي على ذلك، ثم اتفق جميع الأمراء على سلطنته، وخلع الملك الصالح محمد بن ططر من السلطنة، فوقع ذلك يوم الأربعاء ثامن شهر ربيع الآخر، فكانت مدة حكم الملك الصالح أربعة أشهر وثلاثة أيام, وتم الخلع بموافقة نائب الشام على ذلك، واستُدعِيَ الخليفة والقضاة، وقد جُمع الأمراء وأرباب الدولة، فبايعه الخليفة في هذا اليوم الأربعاء، ولُقِّبَ بالملك الأشرف أبي العز، ونودي بذلك في القاهرة ومصر، وهو السلطان الملك الأشرف سيف الدين أبو النصر برسباي الدقماقي الظاهري، وأصل الملك الأشرف هذا شركسي الجنس، وجُلِب من البلاد فاشتراه الأمير دقماق المحمدي الظاهري نائب ملطية، وأقام عنده مدة، ثم قدمه إلى الملك الظاهر برقوق في عدة مماليك أخر، ثم أعتقه السلطان الظاهر برقوق.

العام الهجري : 583 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1187
تفاصيل الحدث:

لَمَّا خرج العادِلُ من مصر، وفتح مجدليابة، سار إلى مدينة يافا، وهي على الساحِلِ، فحصَرَها وملَكَها عَنوةً، ونَهَبها، وأسرَ الرِّجالَ، وسبى الحريمَ، وجرى على أهلها ما لم يجرِ على أحدٍ مِن أهل تلك البلاد، فأما تبنين، فقد قام صلاح الدين بإنفاذ تقي الدين ابن أخيه إلى تبنين، فلمَّا وصلها نازلها، وأقام عليها، فرأى حَصْرَها لا يتِمُّ إلا بوصول عَمِّه صلاح الدين إليه، فأرسل إليه يُعلِمُه الحالَ ويَحُثُّه على الوصولِ إليه، فرحل ثامِنَ جمادى الأولى، ونزل عليه في الحادي عشر منه، فحصرها، وضايقَها، وقاتَلَها بالزحف، وهي من القلاعِ المنيعة على جَبَلٍ، فلما ضاق عليهم الأمرُ واشتَدَّ الحَصرُ، أطلقوا مَن عندهم من أسرى المسلمين، وهم يزيدونَ على مائة رجل، فلما دخلوا العسكَرَ أحضَرَهم صلاح الدين وكساهم، وأعطاهم نَفقةً، وسَيَّرَهم إلى أهليهم، وبَقيَ الفرنج كذلك خمسة أيام ثم أرسلوا يطلُبونَ الأمان، فأمَّنَهم على أنفسهم فسَلَّموها إليه، ووفى لهم وسَيَّرَهم إلى مأمنهم، وأمَّا صيدا فإنَّ صلاح الدين لَمَّا فرغ من تبنين رحل عنها إلى صيدا، فاجتاز في طريقِه بصرفند فأخذها صفوًا عَفوًا بغيرِ قتالٍ، وسار عنها إلى صيدا، وهي من مدن الساحلِ المعروفة، فلما سمع صاحِبُها بمَسيره نحوه سار عنها وترَكَها فارغةً من مانعٍ ومدافع. فلما وصَلَها صلاحُ الدين تسَلَّمَها ساعةَ وُصولِه وكان مِلكُها حادي عشر جمادى الأولى. وأمَّا بيروت فهي من أحصن مدن الساحل وأنزَهِها وأطيبها. فلما فتح صلاحُ الدين صيدا سار عنها من يومِه نحو بيروت ووصل إليها من الغدِ، فرأى أهلها قد صعدوا على سورها وأظهروا القُوَّةَ والجَلَدَ والعُدَّةَ، وقاتلوا على سورها عدَّةَ أيام قتالًا شديدًا واغتَرُّوا بحصانة البلد، وظنُّوا أنهم قادرون على حفظه، وزحف المسلمونَ إليهم مرَّةً بعد مرة، فبينما الفرنج على السور يقاتلون إذ سمعوا من البلد جلبةً عظيمةً وغَلبةً زائدةً، فأتاهم مَن أخبَرَهم أنَّ البلد قد دخله المُسلِمونَ مِن الناحية الأخرى قَهرًا وغَلبةً، فأرسلوا ينظُرونَ ما الخبَرُ، وإذا ليس له صِحَّةٌ، فأرادوا تسكينَ مَن به فلم يُمكِنْهم ذلك لكثرةِ ما اجتمعَ فيه من السَّوادِ، فلما خافوا على أنفُسِهم من الاختلافِ الواقِعِ، أرسلوا يطلُبونَ الأمان، فأمَّنَهم على أنفُسِهم وأموالهم وتسَلَّمَها في التاسع والعشرين من جمادى الأولى، فكان مدة حصرها ثمانية أيام، وأمَّا جبيل فإن صاحِبَها كان من جملة الأسرى الذين سُيِّروا إلى دمشق مع مَلِكِهم، فتحَدَّثَ مع نائب صلاح الدين بدمشق في تسليمِ جبيل على شَرطِ إطلاقِه، فعرف صلاح الدينِ بذلك، فأحضره مُقَيَّدًا عنده تحت الاستِظهارِ والاحتياط، وكان العسكَرُ حينئذ على بيروت، فسَلَّمَ حِصنَه وأطلَقَ أسرى المسلمين الذين به، وأطلقه صلاحُ الدين كما شرَطَ له.

العام الهجري : 448 العام الميلادي : 1056
تفاصيل الحدث:

جاء البساسيري إلى المَوصِل ومعه نورُ الدَّولةِ دُبيس في جَيشٍ كَثيفٍ، فاقتَتَل مع صاحبِها قُريشِ بن بَدران ونَصرَهُ قُتلمشُ ابنُ عَمِّ طُغرلبك، وهو جَدُّ مُلوكِ الرُّومِ، فهَزمَهما البساسيري، وأَخذَ البَلدَ قَهْرًا، فخُطِبَ بها للعُبيديين  بمصر، وكذلك خُطِبَ للمِصريِّين فيها بالكوفَةِ وواسِط وغَيرِها من البِلادِ، وعَزَمَ طُغرلبك على المَسيرِ إلى المَوصِل لِمُناجَزَةِ البساسيري فنَهاهُ الخَليفةُ عن ذلك لِضِيقِ الحالِ وغَلاءِ الأَسعارِ، فلم يَقبَل فخَرجَ بِجَيشهِ قاصِدًا المَوصِل بجَحافِلَ عَظيمةٍ، ومعهُ الفِيَلَةُ والمَنْجَنِيقَاتُ، وكان جَيشُه لِكَثرتِهم يَنهَبون القُرى، وربَّما سَطَوْا على بَعضِ الحَريمِ، فكتَبَ الخَليفةُ إلى السُّلطانِ يَنهاهُ عن ذلك، فبَعثَ إليه يَعتَذِر لِكَثرةِ مَن معهُ. ولمَّا اقتَربَ طُغرلبك مِن المَوصِل فتَحَ دُونَها بِلادًا، ثم فَتحَها وسَلَّمَها إلى أَخيهِ داودَ، ثم سار منها إلى بِلادِ بَكْرٍ ففَتحَ أَماكنَ كَثيرةً هناك.

العام الهجري : 527 العام الميلادي : 1132
تفاصيل الحدث:

عبر إلى الشام جمع كثير من التركمان من بلاد الجزيرة، وأغاروا على بلاد طرابلس وغنموا وقتلوا كثيرًا، فخرج القمص -كبير القساوسة- صاحب طرابلس في جموعه فانزاح التركمان من بين يديه، فتبعهم فعادوا إليه وقاتلوه فهزموه وأكثروا القتل في عسكره، ومضى هو ومن سلم معه إلى قلعة بعرين، فتحصنوا فيها وامتنعوا على التركمان، فحصرهم التركمان فيها. فلما طال الحصار عليهم نزل صاحب طرابلس ومعه عشرون فارسًا من أعيان أصحابه سرًّا، فنَجَوا وساروا إلى طرابلس وترك الباقين في بعرين يحفظونها، فلما وصل إلى طرابلس كاتب جميع الفرنج فاجتمع عنده منهم خلقٌ كثير، وتوجه بهم نحو التركمان؛ لِيُرحِلهم عن بعرين، فلما سمع التركمان بذلك قصدوهم والتقوهم وقُتِل بينهم خلق كثير، وأشرف الفرنج على الهزيمة، فحملوا نفوسهم ورجعوا على حامية إلى رفنية، فتعذر على التركمان اللَّحاقُ بهم إلى وسط بلادهم، فعادوا عنهم.

العام الهجري : 527 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1133
تفاصيل الحدث:

سار ملك الفرنج، صاحب البيت المقدس، في خيَّالته ورجَّالته إلى أطراف أعمال حلب، فتوجه إليه الأمير أسوار، النائب بحلب، فيمن عنده من العسكر، وانضاف إليه كثير من التركمان، فاقتتلوا عند قنسرين، فقُتل من الطائفتين جماعة كثيرة، وانهزم المسلمون إلى حلب، وتردَّد ملك الفرنج في أعمال حلب، فعاد أسوار وخرج إليه فيمن معه من العسكر، فوقع على طائفة منهم، فأوقع بهم، وأكثر القتل فيهم والأسر، فعاد من سلم منهزمًا إلى بلادهم، وانجبر ذلك المصاب بهذا الظفر، ودخل أسوار حلب ومعه الأسرى ورؤوس القتلى، وكان يومًا مشهودًا، ثم إن طائفة من الفرنج من الرها قصدوا أعمال حلب للغارة عليها، فسمع بهم أسوار، فخرج إليهم هو والأمير حسان البعلبكي، فأوقعوا بهم وقتلوهم عن آخرهم في بلد الشمال، وأسروا من لم يقتل، ورجعوا إلى حلب سالمين.

العام الهجري : 530 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1136
تفاصيل الحدث:

كان أصحابُ حمص أولادُ الأمير خيرخان بن قراجا، والوالي بها مِن قبلِهم، قد ضَجِروا من كثرةِ تعَرُّضِ عَسكَرِ عماد الدين زنكي إليها وإلى أعمالِها، وتَضييقِهم على مَن بها مِن جُنديٍّ وعامِّيٍّ، فراسلوا شهابَ الدين محمود بن تاج الملوك بوري صاحب دمشقَ في أن يُسَلِّموها إليه، ويُعطيهم عِوضًا عنها تَدمُر، فأجابهم إلى ذلك، وسار إليها وتسَلَّمَها منهم، وسَلَّمَ إليهم تَدمُر، وأقطع حِمصَ مَملوكَ جَدِّه معين الدين أنر، وجعل فيها نائبًا عنه ممَّن يثق به من أعيانِ أصحابِه، وعاد عنها إلى دِمشقَ. فلمَّا رأى عسكرَ زنكي الذين بحَلَب وحماة خروجَ حِمص عن أيديهم تابَعوا الغاراتِ إلى بلَدِها والنَّهبَ له، والاستيلاءَ على كثيرٍ منه، فجرى بينهم عِدَّةُ وقائع، وأرسل شهابُ الدين إلى زنكي في المعنى واستقرَّ الصُّلح بينهم، وكفَّ كُلٌّ منهم عن صاحِبِه.

العام الهجري : 570 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1174
تفاصيل الحدث:

لَمَّا استقَرَّ مُلك صلاح الدين لدمشق، وقرَّر أمْرَها، استخلَفَ بها أخاه سيفَ الإسلام طغتكين بن أيوب، وسار إلى مدينة حمص مستهَلَّ جمادى الأولى، وكانت حمص وحماة وقلعة بعين وسلمية وتل خالد والرها من بلد الجزيرة في أقطاعِ الأمير فخر الدين مسعود الزعفراني، فلمَّا مات نور الدين لم يُمكِن فخر الدين المقامُ بها لسوء سيرتِه في أهلها، ولم يكُنْ له في قلاعِ هذه البلاد حُكمٌ، إنما فيها ولاة لنور الدين. وكان بقلعةِ حمص والٍ يحفَظُها، فلما نزل صلاح الدين على حمص، حاديَ عَشَرَ مِن هذا الشهر، راسل مَن فيها بالتسليم، فامتنعوا، فقاتلهم من الغَدِ، فملك البلدَ وأمَّنَ أهلَه، وامتنعت عليه القلعةُ، وبقيت ممتنعة إلى أن عاد من حلب، وترك بمدينة حمص من يحفَظُها، ويمنَعُ مَن بالقلعة من التصَرُّفِ وأن تصعَدَ إليهم ميرةٌ.

العام الهجري : 599 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1203
تفاصيل الحدث:

أخذَ الظاهِرُ غازي قلعةَ نجمٍ مِن أخيه الأفضل، وكانت في جملةِ ما أخذ من العادِلِ لَمَّا صالَحَه سنة سبع وتسعين، فلما كان هذه السَّنة أخذ العادِلُ من الأفضل سروج وحملين ورأس عين، وبَقِيَ بيده سميساط، وقلعة نجم، فأرسل الظاهِرُ إليه يطلُبُ منه قلعةَ نجم، وضَمِنَ له أنه يشفَعَ إلى عَمِّه العادل في إعادةِ ما أخذ منه، فلم يعُطِه، فتهَدَّدَه بأن يكون إلبًا عليه، ولم تَزَلِ الرسُلُ تترَدَّدُ حتى سَلَّمَها إليه في شعبان، وطلب منه أن يعَوِّضَه قُرًى أو مالًا، فلم يفعَلْ، ولما رأى الأفضَلُ عَمَّه وأخاه قد أخذا ما كان بيده أرسل إلى رُكنِ الدين سليمان بن قلج أرسلان، صاحِب ملطية وقونية، وما بينهما من البلادِ، يَبذُلُ له الطاعةَ، وأن يكون في خِدمتِه، ويخطُبُ له ببلده، ويَضرِب السكَّة باسمه، فأجابه ركن الدين إلى ذلك، وأرسل له خِلعةً فَلِبَسها الأفضَلُ، وخَطَب له بسميساط في سنة ستمائة وصار في جملتِه.

العام الهجري : 619 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1222
تفاصيل الحدث:

سار الكرج من بلادهم إلى بلاد أران وقصدوا مدينة بيلقان، وكان التتار قد خربوها، ونهبوها فلما سار التتر إلى بلاد قفجاق عاد من سلم من أهلها إليها، وعَمَروا ما أمكنهم عمارته من سورها، فبينما هم كذلك إذ أتاهم الكرج ودخلوا البلد وملكوه، وكان المسلمون في تلك البلاد ألِفُوا من الكرج أنهم إذا ظفروا ببلد صانعوه بشيء من المال فيعودون عنهم، فكانوا أحسن الأعداء مقدرةً، فلما كانت هذه الدفعة ظن المسلمون أنهم يفعلون مثل ما تقدم، فلم يبالغوا في الامتناعِ منهم، ولا هربوا من بين أيديهم، فلمَّا ملك الكرج المدينة وضعوا السيف في أهلِها، وفعلوا من القتل والنهب أكثَرَ مما فعل بهم التتر، هذا جميعُه يجري، وصاحب بلاد أذربيجان أوزبك بن البهلوان بمدينة تبريز، ولا يتحرك في صلاح، ولا يتجه لخير، بل قد قنع بالأكل وإدمان الشرب والفساد.

العام الهجري : 633 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1236
تفاصيل الحدث:

سار الملك الكامل من القاهرة بعساكره يريد بلاد الشرق، فنازل الرَّها حتى أخذها يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الأولى، وأسَرَ منها زيادةً على ثمانمائة من الأمراء، وهدم قلعتَها، ونازل حران، وأخذها بعد حصارٍ وقتال في رابع عشر جمادى الآخر، وأسَرَ من كان بها من أجناد السلطان علاء الدين كيقباذ، وأمرائه ومقدميه الصوباشية، وكانوا سبعمائة وخمسة وعشرين رجلًا، فمات كثير منهم في الطرقات، ثم نزل الكامِلُ على دنيسر وخربها، فورد عليه الخبَرُ بأن التتر قد وصلوا إلى سنجار، في مائة طلب، كل طلب خمسمائة فارس، وأخذ الكامِلُ قلعة السويداء عَنوةً، وأسر من بها في سابع عشر جمادى الآخر، وهدمَها، وأخذ قطينًا، وأسر من بها في رجب، وفي تاسع عشره: بعث الكامل جميع الأسرى إلى ديار مصر، وعِدَّتهم تزيد على الثلاثة آلاف، وعاد إلى دمشق، وسلم الشرق لابنه الملك الصالح أيوب.

العام الهجري : 1138 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1726
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الإمام العلَّامة المحقِّق المدقِّق نور الدين أبو الحسن بن عبد الهادي السندي، من فقهاء الأحناف المشهورين. ولِدَ ببته قرية من بلاد السند ونشأ بها ثم ارتحل إلى تستر، وأخذ بها عن جملة من الشيوخ، كالسيد محمد البرزنجي، والملا إبراهيم الكوراني، وغيرهما، ودرَّس بالحرم الشريف النبوي، واشتهر بالفضل والذكاء والصلاح. استوطن المدينةَ المنورة، برع في علم الحديث، وألَّف مؤلفات نافعة من الحواشي، منها: حاشية على كل من سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، وعلى مسند أحمد، وعلى صحيحي البخاري ومسلم، وعلى البيضاوي، وغيرها من المؤلفات التي سارت بها الركبان، وكان شيخًا جليلًا عالِمًا عاملًا ورعًا زاهدًا، ماهرًا محققًا بالحديث والتفسير والفقه والأصول والمعاني والمنطق والعربية، وغيرها، أخذ عنه جملةٍ من الشيوخ، منهم: الشيخ محمد حياة السندي وغيره. كانت وفاته بالمدينة المنورة ثاني عشري شوال، وكان لوفاته مشهد عظيم حضره جمٌّ غفير من الناس حتى النساء، وغُلِّقت الدكاكين، وحمل الولاة نعشَه إلى المسجد النبوي الشريف، وصلِّي عليه به، ودُفِن بالبقيع، وكُثَر البكاءُ والأسفُ عليه.

العام الهجري : 393 العام الميلادي : 1002
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ المنصور، حاجِبُ الممالك الأندلسيَّة، أبو عامر، محمَّدُ بن عبد الله بن أبي عامر مُحمَّد بن وليد المعافري القَحطاني القُرطُبي، قَدِمَ قُرطبةَ شابًّا لطلَبِ العِلمِ والأدَبِ، وكان عنده هِمَّةٌ عاليةٌ، وكَّلَتْه زوجةُ الحاكِمِ المُستنصِر صبحَ البكشنجية أمورَها وإدارةَ ضياعِها وبَقِيَ يترقَّى حتى تولَّى الشُّرطةَ والإشرافَ على الأموالِ، ثمَّ صار وكيلًا لوليِّ العَهدِ هشامٍ، فلمَّا تسَلَّمَ هِشامٌ المؤيَّد المُلكَ وكان صَغيرًا تدبَّر الأمورَ كُلَّها وضبَطَها أشَدَّ ضَبطٍ, فكان القائِمَ بأعباءِ دَولةِ الخليفةِ المروانيِّ المؤيَّدِ باللهِ هِشامِ بنِ الحَكَمِ أميرِ الأندلُسِ، استُخلِفَ المؤيَّدُ وهو ابنُ تِسعِ سنينَ. فكانت مقاليدُ الأمورِ إلى الحاجِبِ ابنِ أبي عامرٍ, الذي استمالَ الأمراءَ والجَيشَ بالأموالِ، ودانَت لهيبتِه الرِّجالُ، وتلقَّبَ بالمنصورِ، واتخذَ الوُزراءَ لنَفْسِه، أمَّا المؤيَّدُ فكان معه صورةً بلا معنًى، بل كان مَحجوبًا لا يجتَمِعُ به أميرٌ ولا كَبيرٌ، بل كان أبو عامرٍ يَدخُلُ عليه قَصرَه، ثمَّ يخرجُ فيقولُ: رسمَ أميرُ المؤمنينَ بكذا وكذا، فلا يخالِفُه أحَدٌ، وإذا كان بعد سَنةٍ أو أكثَر، أركَبَه فَرَسًا، وجعل عليه بُرنُسًا، وحولَه جواريه راكبات، فلا يعرِفُه أحدٌ مِن بينهِنَّ، يخرُجُ يتنَزَّهُ في الزَّهراءِ، ثمَّ يعودُ إلى القَصرِ على هذه الصِّفةِ. كان ابنُ أبي عامرٍ مِن رجالِ الدَّهرِ: رأيًا وحَزمًا، ودَهاءً وإقدامًا. عَمَد أوَّلَ تغَلُّبِه على الدَّولةِ إلى خزائنِ كُتُبِ الحَكَم المُستنصِر، فأبرز ما فيها من تصانيفِ الأوائِلِ والفَلاسِفة- حاشا كتُبِ الطِّبِّ والحسابِ- بمَحضَرٍ من العُلَماءِ، ثمَّ أمرَ بإفرازِ ما فيها وأمَرَ بإحراقِها، فأُحرِقَت، وطُمِرَ بعضُها؛ فعَلَ ذلك تحبُّبًا إلى العوامِّ، وتقبيحًا لِمَذهَبِ الحَكَم. وكان لابنِ أبي عامرٍ مَجلِسٌ في الأسبوعِ يجتَمِعُ إليه فيه الفُضَلاءُ للمُناظرةِ، فيُكرِمُهم ويحتَرِمُهم ويَصِلُهم، ويُجيزُ الشُّعَراءَ، وكان بطلًا شُجاعًا، حازِمًا سائِسًا، غزَّاءً عالِمًا، جَمَّ المحاسِنِ، كثيرَ الفُتوحات، عاليَ الهِمَّة، دام في المملكةِ نَيِّفًا وعشرينَ سَنةً، وكان كثيرَ الغَزوِ للفِرنجة، بلَغَت غَزَواتُه خِلالَ حُكمِه نيِّفًا وخمسينَ غَزوةً، انتصر فيها كلِّها، وكثُرَ السَّبيُ أيامَه, حتى بِيعَت بنتُ عَظيمٍ مِن عُظَماءِ الرُّومِ ذات حُسنٍ وجمالٍ بعشرين دينارًا. دانت له الجزيرةُ, وأَمِنَت به وبعَدلِه وبحُبِّه للجِهادِ والغَزوِ، توفِّيَ بأقصى الثُّغورِ مَبطونًا في مدينةِ سالمٍ في إحدى الغَزَواتِ عن 66 عامًا، ولَمَّا توفِّيَ الحاجِبُ المنصورُ ابنُ أبي عامرٍ، قام في مَنصِبِه ابنُه الملَقَّبُ بالمظَفَّرِ: أبو مروانَ عبد الملك بن محمَّد. وجرى على مِنوالِ والِدِه، فكان ذا سَعدٍ عَظيمٍ، وكان فيه حَياءٌ مُفرِطٌ يُضرَبُ به المَثَلُ، ومع ذلك كان مِنَ الشُّجَعانِ المذكورينَ، فدامَت الأندلُس في أيَّامِه في خيرٍ وخِصبٍ وعِزٍّ إلى أن مات في صَفَر سنة 399. وقام بتدبيرِ دولةِ المؤيَّدِ باللهِ الناصِرُ عبدُ الرَّحمنِ أخو المظَفَّرِ المَعروفُ بشنشول.

العام الهجري : 407 العام الميلادي : 1016
تفاصيل الحدث:

اقتَسَم أصحابُ الأطرافِ والرُّؤَساءُ حُكمَ بلادِ الأندلُسِ، وصاروا طوائِفَ مُتناحِرةً، فقُرطبةُ استولى عليها أبو الحَسَنِ بنُ جهور، وكان مِن وزراء الدَّولة العامريَّة، وبقِيَ كذلك إلى أن مات سنةَ خمسٍ وثلاثين وأربعِمِئَة، وقام بأمِرِ قُرطبةَ بَعدَه ابنُه أبو الوليد مُحمَّدُ بنُ جهور، وأمَّا إشبيليَّةُ فاستولى عليها قاضيها أبو القاسمِ مُحمَّدُ بنُ إسماعيلَ بنِ عَبَّاد اللخمي. لَمَّا انقَسَمَت مملكةُ الأندلُسِ، شاع أنَّ المؤيَّدَ هشامَ بنَ الحَكَمِ الذي اختفى خبَرُه قد ظهر وسار إلى قلعةِ رباح، وأطاعه أهلُها، فاستدعاه ابنُ عَبَّاد إلى إشبيليَّة، فسار إليه وقام بنَصرِه، وأمَّا بطليوس فقام بها سابورُ الفتى العامريُّ، وتلقَّبَ سابور بالمنصورِ، ثم انتَقَلت من بعدِه إلى أبي بكر مُحمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ مَسلَمةَ، المعروفِ بابنِ الأفطس، وتلَقَّبَ بالمظَفَّر، وأصلُ ابنِ الأفطَسِ مِن بربر مِكناسة، وأمَّا طُلَيطِلةُ فقام بأمْرِها ابنُ يعيشَ، ثمَّ صارت إلى إسماعيلَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عامر بنِ ذي النون، وتلَقَّب بالظَّافِرِ بحَولِ الله، وأصلُه من البربَرِ، ثمَّ ملَكَ بعدَه ولَدُه يحيى بنُ إسماعيلَ، ثُمَّ أخَذَت الفِرنجُ منه طُلَيطِلةَ في سنة 477، وصار هو ببلنسيَّة، وأقام هو بها إلى أن قتَلَه القاضي ابنُ جحاف الأحنف. وأمَّا سَرقَسطة والثَّغرُ الأعلى، فصارت في يدِ مُنذِرِ بنِ يحيى، ثمَّ صارت سَرقَسطة وما معها بعدَه لوَلَدِه يحيى بنِ مُنذِر بن يحيى، ثم صارت لسُليمانَ بنِ أحمَدَ بنِ مُحمَّد بن هود الجذاميِّ، وتلقَّبَ بالمُستعين بالله، وأمَّا طرطوشة فوَلِيَها لَبيبُ بنُ الفتى العامريِّ. وأمَّا بلنسيَّة فكان بها المنصورُ أبو الحَسَنِ عبدُ العزيز المغافري، ثم انضاف إليه المريةُ، ثمَّ مَلكَ بعدَه ابنُه مُحمَّدُ بنُ عبدِ العزيز، ثم غَدَرَ به صِهرُه المأمونُ بنُ ذي النُّون، وأخَذَ المُلكَ مِن محمَّدِ بنِ عبدِ العزيز في سنة 457. وأمَّا السَّهلةُ فمَلَكَها عَبُّود بنُ رزين، وأصلُه بربري. وأمَّا دانية والجزائرُ فكانت بيَدِ المُوفَّقِ بنِ أبي الحُسَينِ مُجاهِد العامريِّ. وأمَّا مرسيَّةُ فوَلِيَها بنو طاهرٍ، واستقامت لأبي عبدِ الرَّحمنِ منهم، إلى أن أخَذَها منه المُعتَمِدُ بنُ عباد. ثمَّ عصى بها نائبُها عليه، ثمَّ صارت للمُلَثَّمين. وأمَّا المرية فمَلَكَها خيران العامريُّ، ثم ملك المريةَ بعدَه زُهَيرٌ العامريُّ، واتسَعَ مُلكُه إلى شاطبة، ثمَّ قُتِلَ وصارت مملكَتُه إلى المنصورِ عبدِ العزيز بن عبد الرَّحمنِ المنصورِ بنِ أبي عامر، ثمَّ انتقَلَت حتى صارت للمُلَثَّمينَ, وأمَّا غِرناطةُ فمَلَكَها حبوسُ بنُ ماكس الصِّنهاجيُّ, وأمَّا مالقة فمَلَكَها بنو عليِّ بنِ حَمُّود العَلَويُّ، فلم تَزَلْ في مَملكةِ العَلَويِّينَ يُخطَبُ لهم فيها بالخِلافةِ، إلى أن أخَذَها منهم باديسُ بنُ حبوس صاحِبُ غرناطة. فهذه صورةُ تَفَرُّقِ ممالكِ الأندلُسِ، بعد ما كانت مُجتَمِعةً لخُلَفاءِ بني أمَيَّةَ.

العام الهجري : 859 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1455
تفاصيل الحدث:

في يوم الاثنين التاسع والعشرين صفر من هذه السنة استقرَّ شمس الدين نصر الله بن النجار ناظر الدولة وزيرًا عِوَضًا عن سعد الدين فرج بن النحال بحكم عزلِه، وكان قد طرأ على أمر الوزارة من الضعفِ ما جعل ابن تغري بردي يقول عنها: "لم تَرَ عيني فيما رأيتُ ممن لبس خِلَعَ الوزارة أقبح زيًّا من ابن النجار، حتى إنَّه أذهب رونقَ الخِلعة مع حسن زيِّ خِلعةِ الوزارة وأبَّهة صفتها، ولو منَّ الله سبحانه وتعالى بأن يُبطِلَ اسمَ الوزير من الديار المصرية في هذا الزمانِ كما أبطلَ أشياء كثيرة منها، لكان ذلك أجودَ وأجمل بالدولة، ويصير الذي يلى هذه الوظيفة يسمَّى ناظر الدولة؛ لأنَّ اسم الوزارة عظيمٌ، وقد سمِّيَ به جماعةٌ كبيرة من أعيان الدنيا قديمًا وحديثًا في سائر الممالك والأقطار، مثل الصاحب إسماعيل بن عبَّاد، وهلَّم جرًّا، إلى القاضي الفاضل عبد الرحيم، ثم بني حنَّاء وغيرهم من العلماء والأعيان، إلى أن تنازلت ملوكُ مصر في أواخر القرن الثامن حتى ولِيَها في أيامهم أوباش النَّاسِ وأسافِلُ الكَتَبة الأقباط، وتغيَّرَ رسومها، وذهب بهم أبَّهة هذه الوظيفة الجليلة التي لم يكن في الإسلامِ بعد الخلافة أجَلُّ منها ولا أعظم، وصارت بهؤلاء الأصاغرِ في الوجود كلا شيء، وليت مع ذلك كان يلي هذه الوظيفةَ من هؤلاء الأسافلِ من يقوم بما هو بصَدَدِه، بل يباشر ذلك بعَجزٍ وضَعفٍ وظُلمٍ وعَسْفٍ، مع ما يمدُّه السلطانُ بالأموال من الخزانة الشريفة، فليت شعري لم لا كان ذلك مع من هو أهلٌ للوزارة وغيرِها، فلا قوة إلَّا بالله, وباشر ابن النجَّار الوزارة أشرَّ مباشرة، وأقبح طريقة، ولم تطُلْ أيَّامه، وعجز وبلغ السلطانَ عَجزُه، فلما كان يوم الخميس أول شهر ربيع الآخر طلب السلطان الوزراء الثلاثة ليختار منهم من يوليه، وهم: ابن النجَّار الذي عجز عن القيام بالكُلَف السلطانية، والصاحب أمين الدين بن الهيصم، وسعد الدين فرج بن النحَّال، فوقع في واقعة طريفةٍ، وهي أن السلطان لما أصبح وجلس على الدكَّة من الحوش استدعى أوَّلًا ابن النجَّار، فقيل له: هرب واختفى، فطلب أمينَ الدين بن الهيصم، فقيل له: مات في هذه الليلةِ، وإلى الآن لم يُدفَن، فطلب فرج بن النحَّال، فحضر، وهو الذي فَضَل من الثلاثة، فكلَّمه السلطان أن يستقرَّ وزيرًا على عادته، فامتنع واعتذر بقلَّة متحصَّل الدولة، وفي ظنِّه أن السلطان قد احتاج إليه بموتِ ابن الهيصم وتسحَّب ابن النجَّار، وشرع يكرِّرُ قوله بأنَّ لحم المماليكِ السلطانية المرتَّب لهم في كل يوم ثمانية عشر ألف رطل، خلا تفرقة الصُّرَر التي تعطى لبعض المماليك السلطانية وغيرهم، عوضًا عن مرتَّب اللحم، فلما زاد تمنُّعُه أمر به السلطان فحُطَّ إلى الأرض وتناولته رؤوسُ النوب بالضرب المبَرِّح إلى أن كاد يهلك، ثم أقيم ورُسِمَ عليه بالقلعة عند الطواشي فيروز الزمام والخازندار إلى أن عُمِلَت معه مصالحة وأعيد للوزارةِ"