الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2161 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 588 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1192
تفاصيل الحدث:

لما رحل الفرنج نحو عكا كان قد اجتمع عند صلاح الدين عسكر حلب وغيره، فسار إلى مدينة يافا، وكانت بيد الفرنج، فنازلها وقاتَلَ مَن بها منهم، وملَكَها في العشرين من رجب بالسَّيفِ عَنوةً، ونَهَبها المسلمون، وغَنِموا ما فيها، وقتلوا الفرنجَ وأسَروا كثيرًا، وكان بها أكثَرُ ما أخذوه من عسكرِ مِصرَ والقفل -حِمل كبير- الذي كان معهم، وكان جماعةٌ من المماليك الصلاحيَّة قد وقفوا على أبوابِ مدينة يافا، وكلُّ مَن خرج من جند الفرنجِ ومعه شيء من الغنيمةِ أخذوه منه، فإن امتَنَع ضَرَبوه وأخذوا ما معه قهرًا، ثم زَحَفَت العساكر إلى قلعة يافا، فقاتلوا عليها آخِرَ النهار، وكادوا يأخُذونَها، فطلب مَن بالقلعة الأمان على أنفُسِهم، وخرج البطرك الكبيرُ الذي لهم، ومعه عِدَّةٌ من أكابر الفرنج، في ذلك، وترَدَّدوا، وكان قَصدُهم منع المسلمين عن القتال، فأدركهم الليلُ، وواعدوا المسلمينَ أن ينزلوا بكرةَ غَدٍ ويسَلِّموا القلعة، فلما أصبح الناسُ طالبهم صلاح الدين بالنزول عن الحِصنِ، فامتنعوا، وإذا قد وصلهم نجدةٌ مِن عكَّا، وأدركهم ملك الإنكليز، فأخرج مَن بيافا من المسلمين، وأتاه المدَدُ مِن عكا وبرز إلى ظاهِرِ المدينة، واعترض المسلمينَ وَحدَه، وحمل عليهم، فلم يتقَدَّم إليه أحد، وعاد عن الفرنجِ. ونزل في خيامه، وأقام حتى اجتَمَعَت العساكر، وجاء إليه ابنُه الأفضل وأخوه العادل وعساكرُ الشرق، فرحل بهم إلى الرملة لينظُرَ ما يكون منه ومن الفرنج، فلزم الفرنجُ يافا ولم يبرَحوا منها.

العام الهجري : 624 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1227
تفاصيل الحدث:

هو المَلِكُ المعَظَّم شرفُ الدين عيسى بن الملك العادل كان عاليَ الهمة حازمًا شجاعًا مهيبًا فاضلًا جامعًا شَملَ أرباب الفضائل محبًّا لهم، كانت مملكتُه متسعة من حدود بلد حمص إلى العريش يدخل في ذلك بلاد الساحل الإسلامية منها، وبلاد الغور وفلسطين والقدس والكرك والشوبك وصرخد وغير ذلك. توفي يوم الجمعة آخر ذي القعدة، وكان مرضُه دوسنطاريا، وكان ملكُه لمدينة دمشق، من حين وفاة والده الملك العادل، عشر سنين وخمسة أشهر وثلاثة وعشرين يومًا، وكان في الفقه على مذهب أبي حنيفة متعصبًا لمذهبه، فإنه كان قد اشتغل به كثيرًا، وصار من المتميزين فيه، ولم يكن في بني أيوب حنفيٌّ سواه، وتبعه أولاده، وكان يحب الأدبَ كثيرًا واشتغل بعلم النحو اشتغالًا زائدًا، وصار فيه فاضلًا، وكذلك اللغة وغيرها، وقيل إنه كان قد شرط لكلِّ من يحفظ "المفصَّل" للزمخشري مائة دينار وخلعة، فحفظه لهذا السبب جماعة، ورأيت بعضَهم بدمشق، والناس يقولون: إن سبب حفظهم له كان هذا، وقيل إنَّه لما توفي كان قد انتهى بعضُهم إلى أواخره وبعضُهم في أثنائه، وهم على قدر أوقاتِ شروعهم فيه، ولم يُسمَعْ بمثل هذه المنقبة لغيره. وكان يقولُ كثيرًا: إن اعتقادي في الأصول ما سطره أبو جعفر الطحاوي، ووصى عند موته بأن يكَفَّن في البياض، ولا يجعل في أكفانه ثوبٌ فيه ذهب، وأن يُدفَن في لحد، ولا يبنى عليه بناءٌ، بل يكون قبره في الصحراء تحت السماء، ولما توفي ولي بعده ابنُه داود وتلقب بالملك الناصر، وكان عمرُه قد قارب عشرين سنة.

العام الهجري : 683 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1284
تفاصيل الحدث:

طردَ الشَّريفُ أبو نمي جند اليَمَن واستبدَّ بها، وكان من خبَرِه أن مكة كانت بينه وبين قتادة، وكان يؤخَذُ من حاج اليمنِ على كل جمل مبلغ ثلاثين درهمًا، ومن حاج مصر على الجمل مبلغ خمسين درهمًا مع كثرة النهب والعسف في جباية ما ذكر، فما زال الظاهر بيبرس حتى صار يؤخَذُ من حاج مصر مبلغ ثلاثين درهمًا على كل جمل، فجرَّد المظفر صاحب اليمن إلى مكة عسكرًا عليه أسد الدين جغريل، فمَلَكَها بعد حرب، فجمع قتادة وأبو نمي العرب لحربه، فوقع الاتفاق بينهما أن تكون مكةُ بينهم نصفين ثم اختلفا بعد مُدَّة، وانفرد أبو نمي وقَوِيَ وأخرج عسكر اليمن، واشتد على الحجاجِ في الجباية، فرسم السلطانُ بسفر ثلاثمائة فارس صحبة الأمير علاء الدين سنجر الباشقردي، وأنفق في كل فارسٍ ثلاثمائة درهم، وكتب بخروجِ مائتي فارس من الشام فتوجهوا صحبة الحاج، فكانت بينهم وبين أبي نمي وقعة، وأخربوا الدرب، وكان الحاجُّ كثيرًا؛ لأنها كانت وقفة الجمعة، ووقعت الحربُ بمكة بسبب أن أبا نمي بلغه توجه العسكر، فلم يخرج إلى لقاء الحاج وبَعَث قواده فقط، فلم يرضَ الباشقردي إلا بحضوره واستعَدَّ للحرب، وقد وقف أبو نمي بمن معه ليمنع العسكر من دخول مكة، ورموهم بالحِجارةِ فرماهم العسكر بالنشَّاب، وأحرق البابَ ودخلوا مكة، فقام البرهانُ خضر السنجاري حتى أخمد الفتنةَ، وحُمِلَت خِلعةُ أبي نمي إليه، وقضى الناس حَجَّهم.

العام الهجري : 863 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1459
تفاصيل الحدث:

تعرَّض جماعة من المماليك الأجلاب للأمير زين الدين الأستادار، فهرب منهم فضربوه، ولا يختلف اثنان في قوة شوكة الأجلاب في هذه الأيام، حتى تجاوزت الحدَّ، وبطل أمر حكام الديار المصرية قاطبةً، وصار من كان له حقٌّ أو شِبهُ حق لا يشتكي غريمَه إلا عند الأجلاب، ففي الحال يخلص حقه من غريمه، إما على وجه الحقِّ أو غيره، فخافهم كل أحد، لا سيما التجَّار والبَيَعة من كل صنف، وترك غالب الناس معايشَهم؛ خوفًا على رأس مالهم، فعزَّ بسبب ذلك وجود أشياء كثيرة، ووقع الغلاء في جميع الأشياء، ثم في يوم الأحد السابع عشر رجب تعرَّض بعض المماليك الأجلاب للقاضي محب الدين ابن الشحنة كاتب السر، وهو طالِعٌ إلى الخدمة السلطانية، وضربه من غير أمرٍ يوجِبُ ضربه أو الكلام معه، وفي يوم الأحد تاسع شعبان ضرب السلطان مملوكينِ من مماليكه الأجلاب وحبَسَهما؛ لأجل قتلهما نانق الظاهري، ولم يقتُلْهما به كما أمر الله تعالى, ثم في يوم الجمعة الثاني عشر رمضان نهبت العبيد والمماليك الأجلاب النسوةَ اللاتي حضرن صلاة الجمعة بجامع عمرو بن العاص بمصر القديمة، وأفحشوا في ذلك إلى الغاية، وفي يوم الأحد الحادي والعشرين منه أغلقت المماليك الأجلاب باب القلعةِ، ومنعوا الأمراء والمباشرين من النزول إلى دورِهم؛ بسبب تعويق عليقِ خيولهم، وفعلوا ذلك أيضًا من الغدِ إلى أن رُسِمَ لهم عوضًا عن كل عليقة مائتا درهم!

العام الهجري : 892 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1487
تفاصيل الحدث:

لما كان النصف من شهر ربيع الثاني من هذا العام خرج ملك قشتالة إلى أرض المسلمين قاصدًا مدينة بلش مالقة، فلما سمع ملك غرناطة محمد الزغل بنزوله على مدينة بلش ندب أهل غرناطة ومن أطاعه من أهل تلك الجهات وترك طائفةً تقاتل أهل البيازين، وخرج يريد نصرة أهل بلش، وذلك يوم السبت الرابع والعشرين لربيع الثاني من عام التاريخ، فلما سار قريبًا منها وجد العدو قد سبقه بالنزول عليها، ودار بها من كل الجهات فقصد الأمير حصن منتميس فنزله بحملته وأقام به بعض الأيام فطلبه الناس أن يسير بهم نحو العدو للقائه فتوجه بهم إليه فرتبهم، وكان ذلك عشية النهار فدخل عليهم الليل بالطريق فبينما هم سائرون إذ قامت كرَّة ودهشة فانهزموا في ظلام الليل من غير لقاء عدو ولا قتال، وكانت على ذمة أمير غرناطة فنزلها فرجعوا منهزمين مفلولين إلى محلتهم، فباتوا ليلتهم تلك وفي الغد أتاهم الخبر أن العدو استخلص مدينة بلش فسُقط في أيديهم وانهزموا من غير أن يلقوا عدوًّا، ورجع كل واحد منهم إلى وطنه, ولما استولى العدو على مدينة بلش دخلت في ذمته جميع القرى التي تلي بلش وقرى جبل منتميس وحصن قمارش، وخرج أهل بلش من بلدهم مؤمَّنين وحملوا ما قدروا عليه، وذلك بعد قتال شديد وحرب عظيمة، فمنهم من جوزه العدو إلى أرض العدوة، ومنهم من أقام في بعض تلك القرى، ومنهم من سار إلى أرض المسلمين التي بقيت بالأندلس.

العام الهجري : 908 العام الميلادي : 1502
تفاصيل الحدث:

قام في ينبع الأمير دراج- جد الأشراف ذوي هجار القاطنين بينبع النخل- بدور نبيل في حفظ مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبث أميرِها حسن بن الزبير الذي تهجم على مخزون الحجرة الشريفة، ودخل المدينة في ربيع الأول سنة 901 وسيطر على الأوضاع بالمدينة، واطمأن الناس بوصوله إليها. إلا أن هذا الأمير دراج توفي سنة 902، وتنازع أبناؤه على إمرة ينبع، فبرز منافس قوي من الأشراف لأبناء دراج على الإمارة فتح بابًا لصراع سياسي وعسكري فترة من الزمن، هو يحيى بن سبع، وبالرغم من توليه الإمارة في جمادى الآخرة سنة 903 إلا أن ذلك لم يصدر من السلطان المملوكي إنما من أمير مكة، فحمل هذا الأمير الينبعي على المماليك، ودخل معهم في صراع مسلح مستعينًا بقبائل ينبع وما جاورها في قطع طريق قوافل أمراء حج المماليك. ودخل في حلبة هذا الصراع سنة 908 أمير مكي خارج على إخوته هو أحمد بن محمد بن بركات المعروف بالجازاني، وعاشت الحجاز فترة من الصراع الحامي حتى هُزِم ابن سبع سنة 912, وتواصلت الصراعات في مكة وما حولها بسبب الجازاني وابن سبع في هذا العام وما بعده، ونالت جُدَّة منها نصيبًا، فما إن يخرج أمير من مكة حتى يهاجم جُدَّة ليسيطر على تجارتها ويجبي مكوسها ويموِّل عسكره ورجاله استمرارًا للصراع المسلح, وقُتل الجازاني سنة 909 في شهر رجب وهو يطوف بالبيت العتيقِ.

العام الهجري : 1023 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1614
تفاصيل الحدث:

لما استولى النصارى الأسبان على العرائش، طمحت نفوسُهم إلى الاستيلاء على غيرها وتعزيزِها بأختها، فرأوا أنَّ المهديةَ أقربُ إليها، فبعث إليها الطاغية فيليبس الثالث من جزيرة قادس تسعين مركبًا حربية، فانتهوا إليها واستولوا عليها من غير قتال؛ لفرار المسلمين الذين كانوا بها عنها، وبعدها كتب أهل سلا إلى السلطان زيدان، فبعث إليهم أبا عبد الله العياشي الذي كان مقدمًا بوكالته على الجهاد بدكالة، وأمر أبو عبد الله أهلَ سلا بالتهيؤ للغزو واتخاذ العُدة، فلم يجد عندهم إلَّا نحوَ المائتين منها، وكانت السنون والفِتَن قد أضعَفَتها، فحضَّهم على الزيادة والاستكثار منها، فكان مبلغُ عِدَّتهم بما زادوه زهاءَ أربعمائة، ثم نهض بهم إلى المعمورة فصادف بها من النصارى غِرَّةً، فكانت بينه وبينهم حربٌ قُربُها إلى أن غربت الشمس، فقُتِل من النصارى زهاءُ أربعمائة، ومن المسلمين مائتان وسبعون، وهذه أول غزوة أوقعها في أرض الغرب بعد صدوره من ثغر آزمور، ومنها أقصرت النصارى عن الخروج إلى الغابة، وضاق بهم الحالُ، ثم إن السلطان زيدان لما بلغه اجتماعُ الناس على سيدي محمد العياشي بسلا وسلامته من غدرةِ قائدِه السنوسي، بعث إلى قائده على عسكر الأندلس بقصبة سلا المعروف بالزعروري وأمره باغتيالِه والقبض عليه، ففاوض الزعروري أشياخَ الأندلس في ذلك، فاتفق رأيُهم على أن يكون مع العياشي جماعةٌ منهم عينًا عليه وطليعةً على نيَّتِه واستخبارًا لِما هو عازم عليه وما هو طالبٌ له، فلازمه بعضُهم وشعر العياشي بذلك فانقبض عن الجهادِ ولَزِم بيته.

العام الهجري : 1153 العام الميلادي : 1740
تفاصيل الحدث:

كان الشيخ عبد الوهاب بن سليمان والد الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد انتقل إلى حريملاء وتولى القضاء فيها, فلما قَدِم الشيخ من رحلاته العلمية على والدِه في حريملاء أخذ يقرأُ عليه, ويُنكِرُ ما يفعلُه الجهَّال من البدع والشرك في الأقوال والأفعال، وكثُرَ منه الإنكار لذلك ولجميع المحظورات، حتى وقع بينه وبين أبيه كلام، وكذلك وقع بينه وبين الناس في البلد, فأقام على ذلك مدة سنين، حتى توفي والده في هذه السنة، فأعلن بالدعوة والإنكار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وتبعه أناسٌ مِن أهل حريملاء ومالوا معه واشتهر بذلك، وكان رؤساء أهل بلد حريملاء قبيلتين وقع بينهما خلاف ولم يكن للبلد رئيس يزع الجميع إليه. وكان في البلد عبيدٌ لإحدى القبلتين، كثيرٌ تعدِّيهم وفسقهم, فأراد الشيخ أن يُمنَعوا عن الفساد, فهمَّ العبيد أن يفتكوا بالشيخ ويقتلوه بالليل سرًّا. فلما تسوَّروا عليه الجدار عَلِم بهم أناس فصاحوا بهم فهربوا. فانتقل الشيخ بعدها إلى العُيينة, ورئيسُها يومئذ عثمان بن حمد بن معمر،  فتلقاه بالقبول وأكرمه, وتزوج الشيخُ فيها من عمة ابن معمر: الجوهرة بنت عبد الله بن معمر, ثم عرض الشيخُ على ابن معمر ما قام به ودعا إليه، وقال له: إني أرجو إنْ أنت قمتَ بنصر لا إله إلا الله أن يُظهِرَك الله وتَملِكَ نجدًا وأعرابها, فساعده عثمان على ذلك.

العام الهجري : 1280 العام الميلادي : 1863
تفاصيل الحدث:

هي لالا فاطمة نسومر، وتسمى أيضًا لالة فاطمة، واسمُها الحقيقي هو (فاطمة سيد أحمد محمد بن عيسى)، و"لالة أو لالا" هي لفظةُ توقير أمازيغية تعني "السيدة" وهي من أبرز وجوه المقاومة الشعبية الجزائرية في بدايات الغزو الفرنسي للجزائر. وُلِدَت لالا فاطمة نسومر بقريةِ ورجة قرب عين الحمام سنة 1246هـ /1830م في أسرةٍ تنتمي إلى الطريقة الرحمانية، وأبوها محمد بن عيسى مقدَّم زاوية الشيخ سيدي أحمد أومزيان شيخ الطريقة الرحمانية. وأمُّها لالا خديجة. نشأت لالا فاطمة نشأةً دينية وبعد وفاةِ أبيها وجدت نفسَها وحيدةً منعزلة عن الناس فتركت مسقَطَ رأسها وتوجَّهت إلى قرية سومر؛ حيث يقطنُ أخوها الأكبر سي الطاهر، وإلى هذه القريةِ نُسِبَت. قاومت الاستعمارَ الفرنسي مقاومةً عنيفة أبدت خلالَها شجاعةً وبطولة متفردتين، حتى تمكَّن الفرنسيونَ مِن إلقاء القبض عليها في وادي يسر، فحُكِمَ عليها بالإقامة الجبرية بـ(تورثاثين) بمنطقة العيساوية التي تبعد15 كم عن مدينة تابلاط التي تحتَضِنُ الزاوية العيساوية التي كان يديرها "الباي محي الدين" كسجن، فاختارت لالا فاطمة لنفسِها هذه الزاوية للتعبُّدِ والدراسة، حتى مرضت وانتقلت إلى جوار ربِّها دون أن يتجاوزَ عُمرُها 33 سنة, ويقال إنها ماتت مسمومة في فرنسا، ثم دُفِنَت في مقبرة سيدي عبد الله قبل أن يتمَّ نَقلُ رُفاتها إلى مربع الشهداء بمقبرة العالية سنة 1995م.

العام الهجري : 1383 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1964
تفاصيل الحدث:

هو عباس بن محمود بن إبراهيم بن مصطفى العقَّاد، الكاتب المشهور، إمامٌ في الأدب، من المكثرين كتابةً وتصنيفًا مع الإبداع. أصلُه من دمياط، انتقل أسلافُه إلى المحلة الكبرى، وكان أحدُهم يعمل في عقادة الحرير. فعُرِف بالعقَّاد. وعمل أبوه صرَّافًا في إسنا، فتزوج بكُردية من أسوان، ووُلِدَ عباسٌ في أسوان وتعلَّم في مدرستها الابتدائية. وشُغِف بالمطالعة. وسعى للرِّزق فكان موظفًا بالسكة الحديدية، ثم بوزارة الأوقاف بالقاهرة، ثم مُعَلِّمًا في بعض المدارس الأهلية. ثم انقطع إلى الكتابة في الصحف والتأليف، وأقبل الناسُ على ما ينشر. تعلَّمَ الإنجليزيةَ في صباه وأجادها، ثمَّ ألمَّ بالألمانية والفرنسية، وظلَّ اسمُه لامعًا مدة نصف قرن، أخرج في خلالها من تصنيفه 83 كتابًا، في أنواع مختلفة من الأدب الرفيع؛ منها كتاب ((عن الله))، و((عبقرية محمد))، و((عبقرية خالد))، و((عبقرية عمر))، و((عبقرية علي))، و((عبقرية الصِّدِّيق))، و((رَجْعة أبي العلاء))، و((الفصول))، و((مراجعات في الأدب والفنون))، و((ساعات بين الكتب))، و((ابن الرومي))، و((أبو نُواس))، و((سارة)) و((سعد زغلول))، وقد اشتهر بمعاركه الفكرية مع الدكتور زكي مبارك، والأديب مصطفى صادق الرافعي، والدكتور العراقي مصطفى جواد، والدكتورة عائشة عبد الرحمن ((بنت الشاطئ)). أسَّس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري "مدرسة الديوان"، وكانت هذه المدرسةُ من أنصار التجديد في الشعر، والخروج به عن القالَب المعروف. ثم توفي رحمه الله.

العام الهجري : 1400 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1979
تفاصيل الحدث:

عَمِلَ جُهيمان بن محمد بن سيف العتيبيُّ في الحرس الوطني السُّعوديُّ لمدة 18 عامًا، ثم انتقل إلى جامعةِ أمِّ القُرى للدراسة فيها، ثم انتقَلَ إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنوَّرةِ، وهناك الْتقى بمحمد بن عبد الله القَحطانيِّ. تزوَّج جُهيمان العتيبي بأختِ محمد القحطانيِّ، وفي غرَّة محرَّم من العام 1400 من الهجرة / 20 تشرين، نوفمبر بعْد صَلاة الفجر دخَل جُهيمان وجماعتُه المسجد الحرامَ في مكة المكرمة لأداء صلاة الفجْرِ، وما إنِ انقضَتْ صلاة الفجرِ حتى قام جهيمان وصِهْرُه أمام المصلِّين في المسجد الحرامِ؛ لِيُعْلِنَ للناس نَبَأ ظُهور المهديِّ المنتظَر، وفِرارَه مِن "أعداء الله"، واعتصامَه في المسجد الحرامِ. قدَّم جُهيمان صِهرَه محمدَ بن عبد الله القحطانيَّ بأنه المهديُّ المنتظَرُ، ومُجدِّدُ هذا الدِّين، ثم قام جُهيمان وأتباعُه بمُبايعة "المهدي المنتظَر"، وطلَب مِن جُموع المصلِّين مُبايَعتَه، وأوصدَ أبوابَ المسجد الحرامِ، ووجَدَ المصلُّون أنفسهم مُحاصَرين داخِل المسجدِ الحرام. ثم أُخْلِيَ سبيلُ النِّساء والأطفال، فتدافَعَت قوَّات الأمْنِ السعودية مُعزَّزة بقُوات الكوماندوز السُّعودية، وتبادَلَ الطرَفان النِّيرانَ الكثيفةَ، وأصاب المسجِدَ الحرامَ ضررٌ بالغٌ جرَّاء القصفِ، وسقَط مِن أتباع جهيمان صِهْرُه محمدُ بن عبد الله، ونفَرٌ من أتباعِه، واستسْلَمَ جُهيمان ومَن بقِيَ معه، وصدَر حُكْمُ المحكمةِ بقتل 61 منهم، وكان جُهيمان من ضمن قائمةِ المحكوم عليهم بالقتل.

العام الهجري : 762 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1361
تفاصيل الحدث:

كان زوالُ مُلكِه في ليلة الأربعاء تاسع جمادى الأولى، وذلك أنَّه بلغه وهو بمنزِلِه بكوم برا أنَّ الأمير يلبغا الخاصكي يريدُ قَتْلَه، وأنه لا يدخُلُ إلى الخدمة إلَّا وهو لابِسٌ آلةَ الحَربِ مِن تحت ثيابِه فاستدعى به، وهو مع حريمه في خَلوةٍ، وأمر فنُزِعَت عنه ثيابُه كُلُّها، ثمَّ كُتِّفَت يداه، فشَفَعت فيه إحدى حظايا السلطان، حتى خَلَّى عنه وخلع عليه، واعتذر إليه بأنَّه بلغه عنه أنه لا يدخُلُ إلا بالسلاحِ مخفي في ثيابِه، فخرج إلى مخيَّمِه وقد اشتَدَّ حَنَقُه، فلم يمضِ سوى ثلاثة أيام وبلغ السلطانَ أن يلبغا قد خامر وأظهر العِصيانَ، وألبس مماليكَه آلةَ الحرب، فبادر للركوبِ في طائفةٍ مِن مماليكه ليكبِسَه على بغتة، ويأخُذَه من مخيمه، فسبق ذلك إلى يلبغا من الطواشي بشير الجمدار، فركب بمماليكِه مِن فَورِه بالسلاح يوم الاثنين ثامن جمادى الأولى بعد العصر، ولقي السلطانَ وهو سائِرٌ إليه، وتوافقا حتى غَرَبت الشمس، فحَمَل يلبغا بمن معه يريد السُّلطانَ فانهزم مِن غير قتال، ومعه الأميرُ عِزُّ الدين أيدمر الدوادار، فتفَرَّقَت مماليكه في كلِّ جِهةٍ، وتمادى السلطانُ في هزيمتِه إلى شاطىء النيل، وركِبَ هو وأيدمر فقط في بعضِ المراكب، وترك ركوبَ الحرَّاقة السلطانية، وصَعِدَ قلعة الجبل، وألبَسَ مَن بها من المماليك، فلم يجِدْ في الإسطبل خيولًا لهم، فاضطرب ونزل من القلعةِ ومعه أيْدَمُر وقد تنكَّرا ليسيرا إلى الشامِ فعَرَفَهما بعضُ المماليك، فأنكر حالهما، وأخذهما ومضى بهما إلى بيت الأمير شرف الدين موسى بن المازْكَشي، فآواهما هذا وقد مضى يلبغا وقت هزيمةِ السلطان في إثره فلم يظفَرْ به، فركب الحراقة ومنع أن يعدى مركِبٌ بأحد من المماليك السلطانيَّة إلى بر مصر، وعدَّى بأصحابه في الليل إلى البر، فلَقِيَه الأمير ناصر الدين محمد بن المحسني، والأمير قشتمر المنصوري في عدة وافرة، فحاربهما وهزَمَهما، وتقَدَّمَ فهزم طائفةً بعد طائفة، ثم وجد الأميرَ أسنبغا ابن البوبكري في عِدَّة وافرة فقاتله قريبًا من قنطرة قديدار قتالًا كبيرًا، جرح فيه أسنبغا وانهزم من كان معه، ومضى يلبغا حتى وقف تحت القلعة، فبلغه نزولُ السلطان وأيدمر منكسرينِ، وبينما هو مفكِّرٌ فيما يفعله، إذ أتاه قاصِدُ ابن الأزْكَشي وأخبَرَه بأن السلطان وأيدمر عنده، فسار بعسكَرِه إلى بيت ابن الأزْكَشي بالحُسَينية، وأحاط به، وأخذ السلطانَ والأمير أيدمر ومضى بهما إلى داره، قُرْبَ جبل الكبش فحَبَسَهما بها، ووكَلَ بهما من يثِقُ به، ثم عاد إلى القلعة وقد امتنع بها طائفةٌ مِن مماليك السلطان، ورَمَوه بالنشاب، فأعلمهم بأنه قد قبض على السلطانِ وسَجَنَه في داره، فانحَلَّت عزائِمُهم، وفتحوا باب القلعة، فصَعِدَ يلبغا ومن معه إليها وملكها وأقام في السلطنةِ محمَّدَ بن المظفر حاجي بن محمد بن قلاوون ولَقَّبَه بالمنصور، وكان عمره أربعة عشر عامًا، ولم يُوقَفْ للسلطان حسن على خبر، فقيل إنه عاقبه عقوبةً شديدة حتى مات ودفنه في مصبطة كان يركَبُ عليها من داره بالكبش، وقيل دفنه بكيمان مضر وأَخفى قبره، فكان عمره دون الثلاثين سنة، منها مدة سلطنته هذه الثانية ست سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام، وأمَّا السلطان الجديد المنصور فإنه استدعى الخليفةَ وقُضاة القضاة، وأحضر المنصور ففَوَّضَ الخليفة إليه أمورَ الرعيَّة، وركب والكافَّةُ بين يديه من باب الدار إلى الإيوان، حتى جلس على تخت الملك، وحَلَف له الأمراء على العادة، وهو لابِسٌ الثوب الخليفتي، وذلك في يوم الأربعاء تاسِعَ جمادى الأولى، ولُقِّب بالملك المنصور صلاح الدين، وهو أوَّلُ من تسلطن من أولاد أولاد الملك الناصر محمد، فقام الأمير يلبغا بتدبير الدولة، ولم يبقَ للمنصور سوى الاسم، والأميرُ قَشتمر المنصوري نائِبُ السلطنة، ودُقَّت البشائر، ونودي بالقاهرة ومِصرَ بسَلطنةِ الملك المنصور، وكُتِبَ إلى الأعمال بذلك، فسارت البريدية.

العام الهجري : 1358 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1939
تفاصيل الحدث:

هو الملِكُ غازي بن فيصل بن الشريف حسين الهاشمي ثاني ملوكِ العراق. ولِدَ سنة 1333هـ / 1912م في مكة التي كانت واقعةً ضِمنَ ممالك وولايات الدولة العثمانية، وهو الابنُ الوحيد للملك فيصل الأول الذي كان له 3 بنات. عاش في كنَفِ جَدِّه حسين بن علي شريف مكة قائد الثورة العربية المنادي لاستقلال العرب من الأتراك العثمانيين، مناديًا بعودة الخلافة للعرب. أرسله والِدُه الملك فيصل الأول إلى كلية هارو في إنجلترا سنة 1927ه، فدرس فيها سنتين، وعاد إلى بغداد فتخرَّج بالمدرسة العسكرية، وكان مُولعًا بالرياضة والصيد. سمِّيَ وليًّا للعهد عام 1924م، وناب عن والِدِه في تصريف شؤون الملك سنة 1933م، فحَدَثت فتنة "الآشوريين" وأبوه في انجلترا، فكان موقِفُه فيها حازمًا. تولى الحكم وهو شاب يبلغُ حوالي 23 عامًا، ثم ملكًا لعرش العراق عام 1933م بعد وفاة والده؛ لذا كان بحاجة للخبرة السياسية التي استعاض عنها بمجموعة من المستشارين من الضباط والساسة الوطنيين. كان الملك غازي ذا ميول قومية عربية. ناهضَ النفوذَ البريطاني في العراق واعتبرَه عقبةً لبناء الدولة العراقية الفتيَّة وتنميتها، كما اعتبره المسؤول عن نهب ثرواته النفطية والآثار المكتَشَفة حديثًا؛ لذلك ظهرت في عهدِه بوادر التقارب مع حكومة هتلر قبل الحرب العالمية الثانية. وشهد عهده صراعًا بين المدنيين والعسكريين من الذين ينتمون إلى تيارينِ مُتنازِعَينِ داخِلَ الوزارة العراقية: تيار مؤيد للنفوذ البريطاني، وتيار وطني ينادي بالتحَرُّر من ذلك النفوذ؛ حيث كان كلُّ طرف يسعى إلى الهيمنة على مقاليد السياسة في العراق. فوقف الملك غازي إلى جانب التيار المناهِضِ للهيمنة البريطانية؛ حيث ساند انقلابَ بكر صدقي وهو أوَّلُ انقلاب عسكري في العالم العربي. كما قرَّب الساسةَ والضباط الوطنيين إلى البلاط الملكي، فعَيَّن الشخصية الوطنية المعروفة معالي رشيد عالي الكيلاني باشا رئيسًا للديوان الملكي, ونادى بتحرُّر الأقاليم والولايات العربية المحتلة التي كانت متوحِّدةً تحت الحكم العثماني، ودعا إلى إعادة توحيدِها تحت ظلِّ دولة عربية واحدة، ومن هنا ظهرت دعوته لتحرير الكويت من الوصاية البريطانية، وتوحيدها مع العراق والإمارات الشرقية لِنَجدٍ؛ حيث قام بتأسيسِ إذاعة خاصة به في قصره الملكي؛ قصر الزهور، وأعَدَّ البرامج الخاصة بتحرير ووحدة الأقاليم العربية، ومنها توحيد الكويت بالعراق، والوقوف إلى جانب فلسطين التي كانت تحت الاحتلالِ البريطاني، والتي كانت في حالة حرب داخلية؛ بسبب تعرُّضِها لهجرات واسعة من المستوطنين اليهود مِن كافة أرجاء العالم، ووقوف القوى الفلسطينية بوجهِ هذه الهجرات. فوقف إلى جانب قادة الثورة الفلسطينية، كعز الدين القسَّام، وغسان كنفاني، ومفتي القدس الشيخ عبد القادر الحسيني، وفي الثاني من شهر صفر 4 نيسان قُتِلَ الملك غازي بن فيصل في حادث سيارة كان يقودُها بنفسه حيث اصطدم بعمود الهاتف الممغنط الذي جذبَها نحوه، ويبدو أن الأمرَ ليس طبيعيًّا، ولعلَّ الأمر مدَبَّر، كذلك وجود جروح خلفَ رأس الملك غازي بمكانِ وجود المُرافق أمرٌ مشكوك فيه؛ لأنَّه لم يكن مَرضيًّا عنه من قِبَل إنجلترا، ثم اجتمع مجلس الوزراء بعد مقتله وأعلن تنصيبَ ولي العهد الأمير فيصل بن الملك غازي ملكًا على العراق باسم فيصل الثاني، ووُضِعَ عبد الإله بن علي بن الحسين، وهو خال الملك غازي وصيًّا على الملك الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني، وكانت الملِكة عالية زوجة الملك غازي قد أدلت بشهادتها أمام المجلِسِ بأن زوجها الملك غازي أوصاها في حالة وفاته بتسميةِ الأمير عبد الإله -شقيقها- وصيًّا على ابنها فيصل، ثم تُوِّجَ رسميًّا في شعبان من عام 1372هـ / 2 أيار 1953م حيث بلغ سن الرشد ورفعت وصاية خاله عليه.

العام الهجري : 680 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1281
تفاصيل الحدث:

ورد الخبر بدخول منكوتمر أخي أبغا بن هولاكو بن طلوي بن جنكيزخان إلى بلاد الروم بعساكر المغول، وأنه نزل بين قيسارية والأبلستين، فبعث السلطان قلاوون الكشافة، فلقوا طائفةً من التتار أسروا منهم شخصًا وبعثوا به إلى السلطان، فقَدِمَ إلى دمشق في العشرينَ مِن جمادى الأولى، فأتاه السلطانُ ولم ينزل به حتى أعلَمَه أن التتار في نحو ثمانين ألفًا، وإنهم يريدونَ بلاد الشام في أول رجب، فشرع السلطانُ في عرض العساكر، واستدعى الناس، فحضَرَ الأمير أحمد بن حجي من العراق في جماعة كبيرةٍ مِن آل مراتكون زهاء أربعة آلاف فارس، وقدمت نجدةٌ من الملك المسعود خضر بن الظاهر بيبرس صاحب الكرك، وقدمت عساكِرُ مصر وسائر العربان والتركمان وغيرهم، فوردت الأخبار بمسير التتار، وأنهم انقَسَموا فسارت فرقةٌ مع الملك أبغا بن هولاكو إلى الرحبة ومعه صاحب ماردين، وفرقة أخرى من جانب آخر، فخرج بجكا العلائي في طائفة من الكشافة إلى جهة الرحبة، وجفل الناسُ من حلب إلى حماة وحمص حتى خلت من أهلها، وعَظُم الإرجاف، وتتابع خروج العساكر من دمشق إلى يوم الأحد سادس عشر جمادى الآخرة، فخرج السلطانُ إلى المرج، بمن بقي من العساكر وأقام به إلى آخر الشهر، ثم رحل يريد حمص فنزل عليها في حادي عشر رجب ومعه سائر العساكر، وحضر الأمير سنقر الأشقر من صهيون ومعه بعض أمرائه فسُرَّ السلطان قلاوون بذلك وأكرمهم وأنعم عليهم، وكان ذلك في ثاني عشر فنزل سنقر الأشقر على الميسرة، وقويت الأراجيف بقرب العدو، ووصل التتارُ إلى أطراف بلاد حلب، وقدم منكوتمر إلى عين تاب، ونازل الملك أبغا قلعة الرحبة في السادس عشر جمادى الآخرة، ومعه نحو ثلاثة آلاف فارس، وتقدم منكوتمر قليلًا قليلًا حتى وصل حماة، وأفسد نواحيها وخرب جواسقَ الملك المنصور صاحب حماة وبستانه فورد الخبر إلى السلطان قلاوون بذلك وهو على حمص، وأن منكوتمر في خمسين ألفًا من المغول وثلاثين ألفًا من الكرج والروم والأرمن والفرنجة، وأنَّه قد قفز إليه مملوك الأمير ركن الدين بيبرس العجمي الجالق ودله على عورات المسلمين، ثم ورد الخبَرُ بأن منكوتمر قد عزم أن يرحل عن حماة، ويكون اللقاء في يوم الخميس رابع عشر رجب، واتفق عند رحيله أن يدخل رجلٌ منهم إلى حماة وقال للنائب: اكتُبِ الساعة إلى السلطان قلاوون على جناحِ الطائر بأن القَومَ ثمانون ألف مقاتل، في القلب منهم أربعةٌ وأربعون ألفًا من المغول وهم طالبون القلب، وميمنتهم قوية جدًّا، فيقوي ميسرة المسلمين، ويحترز على السناجق، فسقط الطائر بذلك وعلم بمقتضاه، وبات المسلمون على ظهور خيولهم، وعند إسفار الصباح من يوم الخميس رابع عشر شهر رجب: ركب السلطان ورتب العساكِرَ: وجعل في الميسرة الأميرَ سنقر الأشقر ومن معه من الأمراء، ثم اختار السلطانُ مِن مماليكه مائتي فارس، وانفرد عن العصائب ووقف على تل، فكان إذا رأى طلبًا قد اختل أردفه بثلاثمائةٍ مِن مماليكه، فأشرَفت كراديس التتار وهم مِثْلَا عساكر المسلمين، ولم يعتدُّوا منذ عشرين سنة مثل هذه العِدَّة، ولا جمعوا مثل جَمعِهم هذا، فإنَّ أبغا عرض من سيره صحبة أخيه منكوتمر فكانوا خمسة وعشرين ألف فارس منتخبة، فالتحم القتال بين الفريقين بوطأة حمص، قريبًا من مشهد خالد بن الوليد، ويوم الخميس رابع عشر رجب، من ضحوة النهار إلى آخره، وقيل من الساعة الرابعة، فصدمت ميسرة التتار ميمنة المسلمينَ صَدمةً شديدة ثبتوا لها ثباتًا عظيمًا، وحملوا على ميسرةِ التتار فانكسرت وانتَهَت إلى القلب وبه منكوتمر، وصَدَمَت ميمنة التتار  ميسرة المسلمين، فانكسرت الميسرةُ وانهزم من كان فيها، وانكسر جناحُ القلب الأيسر، وساق التتار خلفَ المسلمين حتى انتهوا إلى تحت حمص وقد غُلِّقَت أبوابها، ووقعوا في السوقةِ والعامة والرجَّالة والمجاهدين والغلمان بظاهر حمص، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا وأشرف الناس على التلاف، ولم يعلم المسلمون من أهل الميسرة بما جرى للمسلمين أهل الميمنة من النصر، ولا علم التتار الذين ساقوا خلف المسلمين ما نزل بميسرتِهم من الكسرة، ووصل بعض المنهزمين إلى صفد، وكثيرٌ منهم دخل دمشق، ومر بعضُهم إلى غزة، فاضطرب الناسُ بهذه البلاد وانزعجوا انزعاجًا عظيمًا، وأما التتار الذين ساقوا خلف المنهزمين من المسلمين أصحاب الميسرة، فإنهم نزلوا عن خيولهم وأيقنوا بالنَّصرِ، وأرسلوا خيولهم ترعى في مرج حمص، وأكلوا ونهبوا الأثقال والوطاقات والخزانة وهم يحسبون أن أصحابهم ستُدرِكُهم، فلما أبطأوا عليهم بعثوا من يكشف الخبر، فعادت كشافتُهم وأخبرتهم أن منكوتمر هرب، فركبوا وردُّوا راجعين، هذا ما كان من أمر ميمنة التتار وميسرة المسلمين، وأما ميمنة المسلمين فإنها ثبتت وهزمت ميسرة التتار حتى انتهت إلى القلب، إلا الملك المنصورَ قلاوون فإنه ثبت تحت السناجق –الرماح-، ولم يبقَ معه غير ثلاثمائة فارس، والكوسات تضرب، وتقدَّم سنقر الأشقر، وبيسري، وطيبرس الوزيري، وأمير سلاح، وأيتمش السعدي، ولاجين نائب دمشق، وطرنطاي نائب مصر، والدواداري، وأمثالهم من أعيان الأمراء إلى التتار، وأتاهم عيسى بن مهنا فيمن معه، فقتلوا من التتار مقتلةً عظيمة، وكان منكوتمر مقدم التتار قائمًا في جيشه، فلما أراده الله من هزيمته نزل عن فرسه ونظر من تحت أرجل الخيل، فرأى الأثقالَ والدواب فاعتقد أنَّها عساكر، ولم يكن الأمرُ كذلك، بل كان السلطان قلاوون قد تفرقت عنه عساكِرُه ما بين منهزم ومَن تقدم القتال، حتى بقي معه نحو الثلاثمائة فارس لا غير، فنهض منكوتمر من الأرض ليركَبَ فتقنطر عن فرسِه، فنزل التتار  كلُّهم لأجله وأخذوه، فعندما رآهم المسلمون قد ترجَّلوا حملوا عليهم حملةً واحدة كان الله معهم فيها، فانتصروا على التتار، وقيل إنَّ الأمير عز الدين أزدمر الحاج حمل في عسكر التتار وأظهر أنه من المنهزِمين، فقَدِمَهم وسأل أن يوصَلَ إلى منكوتمر، فلما قرب منه حمل عليه وألقاه عن فَرَسِه إلى الأرض، فلما سقط نزل التتارُ إليه من أجل أنه وقع، فحمل المسلمون عليهم عند ذلك، فلم يثبُت منكوتمر وانهزم وهو مجروح، فتبعه جيشه وقد افترقوا فرقتين: فرقة أخذت نحو سلمية والبرية، وفرقة أخذت جهة حلب والفرات، وأما ميمنة التتار التي كسرت ميسرة المسلمين، فإنها لما رجعت من تحت حمص كان السلطان قد أمر أن تلف السناجق ويبطل ضرب الكوسات، فإنَّه لم يبق معه إلَّا نحو الألف، فمرت به التتار ولم تعرض له، فلما تقدموه قليلًا ساق عليهم، فانهزموا هزيمةً قبيحة لا يلوون على شيء، وكان ذلك تمام النصر، وهو عند غروبِ الشمس من يوم الخميس، ومر هؤلاء المنهزمون من التتار نحو الجبل يريدون منكوتمر، فكان ذلك من تمام نعمة الله على المسلمين، وإلَّا لو قدر الله أنهم رجعوا على المسلمين لما وجدوا فيهم قوة، ولكِنَّ الله نصر دينه، وهزَمَ عَدُوَّه مع قوتهم وكثرتهم، وانجلَت هذه الواقعة عن قتلى كثيرة من التتار  لا يحصى عددهم، وعاد السلطانُ في بقية يومه إلى منزلتِه بعد انقضاء الحرب، وكتب البطائِقَ بالنصرة وبات ليلةَ الجمعة إلى السحر في منزلته، فثار صياحٌ لم يشك النَّاسُ في عود التتار، فبادر السلطان وركب وسائِرُ العساكر، فإذا العسكر الذي تبع التتار وقت الهزيمة قد عاد، وقتل من التتار في الهزيمة أكثَرَ ممن قتل في المصاف، واختفى كثيرٌ منهم بجانب الفرات، فأمر السلطان أن تُضرَمَ النيران بالأزوار التي على الفرات، فاحترق منهم طائفة عظيمة، وهلك كثير منهم في الطريق التي سلكوها من سلمية، وفي يوم الجمعة: خرج من العسكر طائفة في تتبع التتار، مقدمهم الأمير بدر الدين بيليك الأيدمري، ورحل السلطان من ظاهر حمص إلى البحيرة ليبعد عن الجيف، وقتل من التتار صمغار، وهو من أكبر مقدميهم وعظمائهم، وكانت له إلى الشام غارات عديدة، واستشهد من المسلمين زيادة على مائتي رجل، وأمَّا أبغا بن هولاكو ملك التتار فإنه لم يشعر وهو على الرحبة إلا وقد وقعت بطاقة من السلطانِ إلى نائب الرحبة، بما منَّ الله به من النصر وكسرةِ التتار فعندما بلغه ذلك بدق بشائر القلعة رحل إلى بغداد، ووصل الأميرُ بدر الدين الأيدمري إلى حلب، وبعث في طلب التتار إلى الفرات، ففَرُّوا من الطلب وغرق منهم خلق كثير، وعبرت طائفة منهم على قلعة البيرة، فقاتلهم أهلُها وقتلوا منهم خمسمائة، وأسروا مائة وخمسين، وتوجَّه منهم ألف وخمسمائة فارس إلى بغراس، وفيهم أكابِرُ أصحاب سيس وأقاربهم فخرج عليهم الأميرُ شجاع الدين السيناني بمن معه، فقتَلَهم وأسَرَهم عن آخرهم بحيث لم يُفلِتْ منهم إلا دون العشرين، وتوجَّه منهم على سلمية نحو أربعة آلاف، فأخذ عليهم نواب الرحبة الطرقات والمعابر، فساروا في البرية فماتوا عطشًا وجوعًا، ولم يسلم منهم إلا نحو ستمائة فارس، فخرج إليهم أهل الرحبة فقتلوا أكثرهم، وأحضروا عِدَّةً منهم إلى الرحبة ضُرِبت أعناقهم بها، وأدرك بقية التتار  الملك أبغا، وفيهم أخوه منكوتمر وهو مجروح، فغضب عليه وقال: " لم لا مت أنت والجيش ولا انهزمت" وغضب أيضًا على المقدمين، فلما دخل أبغا بغداد سار منها إلى جهة همذان وتوجه منكوتمر إلى بلاد الجزيرة فنزل بجزيرة ابن عمر، وكانت الجزيرة لأمه قد أعطاها إياها أبوه هولاكو لما أخذها.

العام الهجري : 3 ق هـ الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 620
تفاصيل الحدث:

لمَّا أراد الله عزَّ وجلَّ إظهارَ دينهِ، وإعزازَ نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وإنجازَ مَوعِدِه له خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مَوسمِ الحجِّ يَعرِضُ نَفْسَهُ على قبائلِ العربِ، كما كان صنع في كُلِّ مَوسمٍ. فبينما هو عند العَقبةِ لَقِيَ رهطًا مِنَ الخَزرجِ أراد الله بهم خيرًا فقال لهم مَن أنتم؟ قالوا: نَفرٌ مِنَ الخَزرجِ، قال أمِن موالي يَهودَ؟ قالوا: نعم. قال أفلا تَجلِسون أُكلِّمكُم؟ قالوا: بلى. فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عزَّ وجلَّ، وعرض عليهم الإسلامَ، وتلا عليهم القُرآنَ. وكان مما صنع الله لهم به في الإسلامِ أنَّ يَهودَ كانوا معهم في بلادِهم، وكانوا يتَوعَّدونَهُم بِقُربِ ظُهورِ نَبِيٍّ يتَّبِعونهُ ثمَّ يَقتلون معه العربَ قتلَ إِرَمَ, فلمَّا كلَّمهُم صلَّى الله عليه وسلَّم ودعاهم إلى الله قال بعضُهم لبعضٍ: يا قومُ، تعلموا والله إنَّه للنَّبيُّ الذي تَوعَّدكُم به يَهودُ فلا تَسْبِقَنَّكُم إليه. فأجابوه فيما دعاهم إليه وقالوا له: إنَّا قد تركنا قومَنا، ولا قومٌ بينهم مِنَ العَداوةِ والشَّرِّ ما بينهم، وعسى أن يجمعَهُم الله بكَ. فَسنَقدَمُ فنَدعوهُم إلى أمرِك، ونعرِضُ عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدِّينِ، فإن يَجمعْهُم الله عليك فلا رجلَ أعزُّ منك. ثمَّ انصرفوا راجِعين إلى بلادِهم، قد آمنوا وصدَّقوا". فلمَّا قَدِموا المدينةَ إلى قومِهم ذكروا لهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ودَعوهُم إلى الإسلامِ حتَّى فَشا فيهِم فلمْ يَبْقَ دارٌ مِن دورِ الأنصارِ إلَّا وفيها ذِكْرٌ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.