الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3793 ). زمن البحث بالثانية ( 0.013 )

العام الهجري : 36 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 656
تفاصيل الحدث:

بعدَ وَقعةِ الزَّابوقةِ بين الزُّبيرِ وطَلحةَ مع مَن أَرسَلهم عُثمانُ بن حَنيفٍ مِن أهلِ البَصرَةِ بقِيادةِ حَكيمِ بن جَبلةَ سار عَلِيٌّ مِن المدينةِ، وبعَث ابنَه الحسنَ، وعمَّارَ بن ياسرٍ إلى الكوفةِ بين يَديهِ يَسْتَنْفِران النَّاسَ، فخرَج مِن الكوفةِ سِتَّة آلافٍ، قَدِموا على عَلِيٍّ بذي قار، فسار في نحوِ عشرةِ آلافٍ، ثمَّ إنَّه وصَل إلى البَصرَةِ، فالتَقى هو وجيشُ طَلحةَ والزُّبيرِ، فاصْطَفَّ الفَريقان وليس لِطَلحةَ ولا لِعَلِيٍّ رأسي الفَريقين قَصْدٌ في القِتالِ؛ بل لِيَتكَلَّموا في اجْتِماعِ الكَلِمَةِ، أرسَل عَلِيٌّ المقدادَ بن الأسودِ والقَعقاعَ بن عُمَر لِيَتكلَّما مع طَلحةَ والزُّبيرِ، واتَّفقوا على عدمِ القِتالِ، فطَلحةُ والزُّبيرُ ومعهما عائشةُ أُمُّ المؤمنين يَرون أنَّه لا يَجوزُ تَرْكُ قَتَلَةِ عُثمانَ، وكان عَلِيٌّ يَرى أنَّه ليس مِن المَصلحةِ تَتَبُّعُ قَتَلَةِ عُثمانَ الآنَ؛ بل حتَّى تَسْتَتِبَّ الأمورُ، فقَتْلُ قَتَلَةِ عُثمانَ مُتَّفَقٌ عليه مِن الطَّرفين، والاخْتِلافُ إنَّما هو في متى يكونُ تَنفيذُهُ، وبعدَ الاتِّفاقِ نام الجَيشان بخيرِ ليلةٍ، وبات قَتَلَةُ عُثمانَ بِشَرِّ ليلةٍ حتَّى قَرَّروا أن يُنْشِبوا القِتالَ بين الفَريقين, فحمَل القَتَلَةُ على عَسكرِ طَلحةَ والزُّبيرِ، فظَنَّ طَلحةُ والزُّبيرُ أنَّ عَلِيًّا حمَل عليهم، فحمَلوا دَفْعًا عن أَنفُسِهم، فظَنَّ عَلِيٌّ أنَّهم حمَلوا عليه، فحمَل دَفْعًا عن نَفْسِه، فوَقَعت الفِتنةُ بغيرِ اخْتِيارِهم، وحاوَل قادةُ الجَيشين وَقْفَ القِتالِ لكن لم يُفْلِحوا، فكان طَلحةُ يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ أَنْصِتوا. وهُم لا يُنْصِتون، فقال: أُفٍّ أُفٍّ فَراشُ نارٍ, وذِبَّانُ طَمَعٍ. وعَلِيٌّ يُحاوِل يَمنعُهم ولا يَردُّون عليه, وعائشةُ راكِبةٌ جَمَلَها: لا قاتَلَت، ولا أَمَرَت بالقِتالِ, وقد أَرسَلت كعبَ بن سُورٍ بمُصحفٍ مَنْشُورٍ بيَدِه يُناشِدُ النَّاسَ أن لا يُرِيقوا دِماءَهُم، فأصابُه سَهْمُ غَرْبٍ فقَتَلهُ، فتَرامى أَوْباشُ الطَّائِفَتين بالنَّبْلِ، وشبَّت نارُ الحربِ، وثارت النُّفوسُ، فالْتَحَموا واشْتَدَّ القِتالُ أمامَ الجَملِ الذي عليه عائشةُ رضِي الله عنها حتَّى عُقِرَ الجَملُ، وقُتِلَ طَلحةُ والزُّبيرُ، وحُمِلَتْ عائشةُ بِهَوْدَجِها إلى دارِ عبدِ الله بن خَلَفٍ، ثمَّ سَيَّرَها عَلِيٌّ إلى مكَّةَ في صُحبَةٍ مِن النِّساءِ، ثمَّ وَلَّي على البَصرَةِ عبدَ الله بن عبَّاسٍ بعدَ أيَّامٍ مِن وَقعةِ الجَملِ. وكان سببَها الأصليَّ هو المطالبةُ بقَتلِ قَتَلَةِ عُثمانَ، وإقامةِ الحَدِّ عليهم، ولم يكُن القِتالُ أصلًا في بالِ أحدٍ مِن الفَريقين، ولكن قَدَّرَ الله وما شاء فَعَلَ، ومَعلومٌ أنَّ طَلحةَ والزُّبيرَ وعَلِيًّا ممَّن شهِد لهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالجنَّةِ، فرضِي الله عنهم جميعًا وأَرضاهُم.

العام الهجري : 320 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 932
تفاصيل الحدث:

لَمَّا تزايَدَت الوحشةُ بين مؤنسٍ صاحِبِ الجيشِ، والخليفةِ المُقتَدر وزاد ذلك انفرادُ الوزيرِ الحسين بن القاسم بأشياءَ أغاظت مؤنِسًا، الذي عزم على المسيرِ إلى الموصِلِ، فسار إليها وحارب فيها بني حمدانَ وهزمهم، فاستمال نحوه كثيرًا مِن الجند والأعراب وغيرهم، وجمع العساكِرَ وسار إلى المُقتَدِر على أن يُجرِيَ عليهم الأرزاقَ وإلَّا قاتلوه، وقد بعث بين يديه الطلائِعَ، حتى جاء فنزل بباب الشماسية ببغداد، وأشيرَ على الخليفة أن يستدينَ مِن والدتِه مالًا ينفِقُه في الأجناد، فقال: لم يبقَ عندها شيءٌ، وعزم الخليفةُ على الهربِ إلى واسط، وأن يترُكَ بغداد لمؤنسٍ حتى يتراجَعَ أمرُ النَّاسِ، ثم يعود إليها، فردَّه عن ذلك ابنُ ياقوت وأشار بمواجهتِه لمُؤنِس وأصحابه، فإنَّهم متى رأَوا الخليفةَ هربوا كلُّهم إليه وتركوا مؤنِسًا، فركب المقتَدِر وهو كارهٌ، وبين يديه الفُقَهاءُ ومعهم المصاحفُ المنشورة، وعليه البُردة والنَّاسُ حوله، ثم بعث إليه أمراؤُه يَعزِمون عليه أن يتقَدَّمَ، فامتنع من التقدُّمِ إلى محَلِّ المعركة، ثم ألحُّوا عليه فجاء بعد تمنُّعٍ شديدٍ، فما وصل إليهم حتى انهَزَموا وفَرُّوا راجعين، ولم يلتَفِتوا إليه ولا عطَفوا عليه، فكان أوَّلَ مَن لقيه من أمراء مؤنسٍ عليُّ بن بليق، فلما رآه ترجَّلَ وقبَّلَ الأرضَ بين يديه، وقال: لعن اللهُ من أشار عليك بالخروجِ في هذا اليوم. ثم وكَّلَ به قومًا من المغاربة البربر، فلما ترَكَهم وإياه شَهَروا عليه السَّلاحَ، فقال لهم: ويلَكم أنا الخليفةُ, فضربه أحدُهم بسَيفِه على عاتقِه فسقط إلى الأرضِ، وذبَحَه آخَرُ وتركوا جُثَّتَه، وأخذت المغاربةُ رأس المقتَدِر على خشبةٍ قد رفعوها وهم يلعَنونه، فلما انتهوا به إلى مؤنسٍ- ولم يكن حاضرًا الوقعة- فحين نظر إليه لطم رأسَ نَفسِه ووجهَه وقال: ويلَكُم، واللهِ لم آمُرْكم بهذا، لعَنَكم الله، والله لنُقتَلَنَّ كُلُّنا، ثم ركب ووقف عند دارِ الخلافة حتى لا تُنهَب، وهرب عبدُ الواحد بن المقتدر وهارون بن غريب، وأبناء رايق، إلى المدائن، وكان فِعْلُ مؤنسٍ هذا سببًا لطَمَعِ مُلوكِ الأطراف في الخُلَفاء، وضَعْفِ أمرِ الخلافةِ جِدًّا، مع ما كان المقتَدِر يعتمِدُه في التبذير والتَّفريط في الأموال، وطاعةِ النِّساءِ، وعزل الوُزراء، فلمَّا قُتِلَ المقتدر بالله عزَمَ مؤنِسٌ على تولية أبي العبَّاسِ بنِ المقتدر بعد أبيه ليُطَيِّبَ قلبَ أم المقتدر، فعدل عن ذلك جمهورُ من حضر من الأمراءِ، فقال أبو يعقوب إسحاقُ بنُ إسماعيل النوبختي بعد التَّعَبِ والنكد نبايعُ لخليفةٍ صبيٍّ له أمٌّ وخالاتٌ يُطيعُهن ويشاوِرُهنَّ؟ ثم أحضروا محمَّدَ بنَ المعتضد- وهو أخو المقتدر- فبايعه القُضاةُ والأُمراء والوُزراء، ولقبوه بالقاهر بالله، وذلك في سحَرِ يوم الخميس لليلتينِ بقيتا من شوال منها.

العام الهجري : 774 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1373
تفاصيل الحدث:

هو المُحَدِّث الإمامُ الفقيهُ الحافِظُ الأوحَدُ البارعُ: عماد الدين أبو الفداء إسماعيلُ بن الخطيب شهاب الدين أبي حفص عمر بن كثير القرشي البصروي ثم الدمشقي الشافعي، صاحِبُ التفسيرِ والتاريخِ، صِهْرُ الشيخِ أبي الحجَّاج المِزِّي، مَولِدُه بقريةٍ شرقيَّ بُصرى من أعمال دمشق في سنة 701 كان أبوه خطيبًا بها، ثم انتقل إلى دمشق في سنة 706. تفقه ابن كثير بالشيخ برهان الدين الفزاري وغيره، وصاهر الحافِظَ المزِّيَّ فأكثَرَ عنه، وأفتى ودرَّس، وناظر وبرع في الفقه والتفسير والنحو، وأمعَنَ النظر في الرجال والعِلَل، وولي مشيخةَ أم الصالح والتنكزية بعد الذهبي، ذكره الذهبيُّ في المعجم المختص فقال: "هو فقيهٌ مُتقِنٌ، ومُحَدِّث مُحَقِّق، ومفَسِّر نقَّاد، وله تصانيفُ مُفيدة يدري الفِقهَ ويَفهَمُ العربيَّة والأصول، ويحفَظُ جملةً صالحة من المتونِ والتفسيرِ والرِّجال وأحوالهم، سَمِعَ مني، وله حِفظٌ ومَعرِفة " كان قدوةَ العُلَماء والحُفَّاظ، وعُمدةَ أهلِ المعاني والألفاظ، وسَمِعَ وجَمَع، وصنف ودرَّس، وحدَّث وألَّف، وكان له اطلاعٌ عظيم في الحديث والتفسير والتاريخ، واشتهَرَ بالضبط والتحرير، وقد تتلمذ على شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّة، وكان على عقيدتِه؛ قال ابنُ حجر: "وقع بينَ ابنِ كثير وبين إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قَيِّم الجوزية مُنازعةٌ في تدريس النَّاسِ، فقال له ابنُ كثيرٍ: أنت تكرهُني لأنَّني أشعريٌّ! فقال له: لو كان من رأسِك إلى قَدَمِك شعرٌ ما صَدَّقَك النَّاسُ في قَولِك أنَّك أشعريٌّ، وشَيخُك ابنُ تيميَّة!!" انتهى إليه علمُ التاريخ والحديث والتفسير، وله مُصنَّفات عديدة مفيدة، ومن مصنفاته: تفسير القرآن الكريم، وكتاب طبقات الفقهاء، ومناقب الإمام الشافعي رضي الله عنه، والتاريخ المسمى بالبداية والنهاية، وخرج أحاديث مختصر ابن الحاجب، وكتب على البخاري ولم يكمله، وله التكميل في الجرح والتعديل، ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل، جمع فيه بين تهذيبِ الكمالِ للمِزِّي، وميزانِ الاعتدال لشيخهِ الذهبي، مع زياداتٍ وتحرير عليهما في الجرح والتعديل. قال ابن حجر: " ولازم المزِّي وقرأ عليه تهذيب الكمال، وصاهره على ابنتِه، وأخذ عن ابن تيميَّةَ، ففُتِنَ بحُبِّه وامتُحِنَ لِسَبَبِه، وكان كثير الاستحضارِ، حَسَن المُفاكَهة، سارت تصانيفُه في البلاد في حياتِه، وانتفع بها الناسُ بعد وفاته ". توفي في يوم الخميس سادس عشرين شعبان، وكانت جنازته حافلة مشهودة، ودُفِنَ بوصية منه في تربة شيخِ الاسلام ابنِ تيميَّة بمقبرة للصوفيَّة، خارج باب النصر من دمشق. وهو غير عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن بردس البعلبكي الحنبلي المتوفى سنة 786.

العام الهجري : 843 العام الميلادي : 1439
تفاصيل الحدث:

جرت حروب بأفريقية من بلاد المغرب، وذلك أنه لما مات أبو فارس عبد العزيز، وقام من بعده حفيده المنتصر أبو عبد الله محمد بن أبى عبد الله، ولى عمه أبا الحسن على بن أبي فارس بجاية وأعمالها، فلما مات المنتصر، وقام من بعده أخوه أبو عمرو عثمان بن أبي عبد الله، امتنع عمه أبو الحسن من مبايعته، ورأى أنه أحق منه، ووافقه فقيه بجاية منصور بن علي بن عثمان وله عصبة وقوة، فاستبد بأمر بجاية وأعمالها، فسار أبو عمرو من تونس في جمع كبير لقتاله، فالتقيا قريبًا من تبسة وتحاربا، فانهزم أبو الحسن إلى بجاية، ورجع أبو عمرو إلى تونس، ثم خرج أبو الحسن من بجاية، وضم إليه عبد الله بن صخر من شيوخ إفريقية، ونزل بقسنطينة وحصرها وقاتل أهلها مدة، فسار إليه أبو عمرو من تونس في جمع كبير، فلما قرب منه سار أبو الحسن عائدًا إلى جهة بجاية، فتبعه أبو عمرو حتى لقيه وقاتله، فانهزم أبو عمرو بعدما قتل أبو الحسن عدةً من أصحابه، وعاد كل منهما إلى بلده، فلما كان في هذه السنة أعمل أبو عمرو الحيلةَ في قتل عبد الله بن صخر حتى قتله، وحُمِل رأسه إليه بتونس، ففَتَّ ذلك في عضد أبي الحسن، ثم جهز أبو عمرو العساكر من تونس في إثر ذلك، فنازلت العساكر بجاية عدة أيام، حتى خرج الفقيه منصور بن علي إلى قائد العسكر، وعقد معه الصلح ودخل به إلى بجاية، وعبر الجامع وقد اجتمع به الأعيان، وجاء أبو الحسن ووافق على الصلح، وأن تكون الخطبة لأبي عمرو، ويكون هو ببجاية في طاعته، وترجع العساكر عن بجاية إلى تونس، فلما تم عقد الصلح أقيمت الخطة باسم أبي عمرو، وعادت العساكر تريد تونس، فبلغهم أن أبا عمرو خرج من تونس نحوهم لقتال أبي الحسن، فأقاموا حتى وافاهم، ووقف على ما كان من أمر الصلح، فرضي به، وأخذ في العود إلى جهة تونس، فورد عليه الخبر بأن أبا الحسن خاف على نفسه من أهل بجاية، فخرج ليلًا حتى نزل جبل عجيسة، فأقر عساكرَه حيث ورد عليه الخبر، وسار جريدة في ثقاته، ودخل مدينة بجاية، فسُرَّ أهلها بقدومه، وزينوا البلد، فرتب أحوالها واستخلف بها أصحابه، وعاد إلى معسكره، واستدعي شيوخ عجيسة، فأتاه طائفة منهم فأرادهم على تسليم أبى الحسن إليه، وبذل لهم المال، فأبوا أن يسلموه، فتركهم وعاد إلى تونس، فكثُرَ جمع أبي الحسن بالجبل، وأقام به مدة، ثم خاف من عجيسة أن تغدر به، ولم يأمنهم على نفسه، فسار ونزل جبل عياض قريبًا من الصحراء.

العام الهجري : 158 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 775
تفاصيل الحدث:

كان المنصورُ عَهِدَ بالخلافة لولَدِه المهدي محمد بن عبد الله من بعدِه بعد أن اضطرَّ عيسى بن موسى إلى خلعِ نَفسِه من ولاية العهدِ، فلما توفِّي المنصورُ في الحج كُتِمَ أمرُ وفاتِه، حتى أُخِذَت البيعةُ لابنه المهدي، وبُويِعَ له بين الرُّكنِ والمقام، عُرِفَ المهديُّ بسماحتِه وكرَمِه ورَدِّه للمظالمِ.

العام الهجري : 272 العام الميلادي : 885
تفاصيل الحدث:

تحرَّكَت بقيَّةُ الزنج في أرض البصرة ونادَوا: يا انكلاي يا منصور، وانكلاي هو ابنُ صاحب الزنج، وسليمانُ بن جامع وأبان بن علي المهلبي، وجماعةٌ من وجوههم كانوا في جيش الموفَّق, فبعث إليهم الموفَّق فقُتِلوا وحُمِلَت رؤوسُهم إليه، وصُلِبَت أبدانُهم ببغداد، وسَكَنَت شرورُهم.

العام الهجري : 237 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 851
تفاصيل الحدث:

غَضِبَ المتوكِّلُ على ابنِ أبي دؤاد القاضي المعتزليِّ، وكان على المظالمِ، فعَزَله عنها واستدعى يحيى بنَ أكثَمَ، فولاه قضاءَ القُضاةِ والمظالمِ أيضًا. وفي ربيع الأوَّل أمر الخليفةُ بالاحتياطِ على ضِياعِ ابنِ أبي دؤاد، وأخَذَ ابنَه أبا الوليد محمَّدًا فحَبَسه في يوم السبتِ لثلاثٍ خَلَونَ من ربيع الآخر، وأمَرَ بمصادرتِه، فحَمَل مائةَ ألفِ وعشرين ألف دينار، ومن الجواهِرِ. كان ابنُ أبي دؤاد قد أصابه الفالجُ (الشلل النصفي) بعد أن دعا على نفسِه إن لم يكُن الواثِقُ قد قتَلَ أحمدَ بنَ نصرٍ كافرًا, ثم نفى المتوكِّلُ أهلَ ابن أبي دؤاد من سامِرَّا إلى بغداد مُهانين، وفي عيدِ الفطر من هذا العام أمَرَ المتوكِّل بإنزالِ جُثَّة أحمدَ بنِ نصرٍ الخُزاعي والجَمعِ بين رأسِه وجَسَدِه وأن يُسَلَّم إلى أوليائِه، ففَرِحَ النَّاسُ بذلك فرحًا شديدًا، واجتمع في جنازتِه خَلقٌ كثيرٌ جِدًّا، وكان يومًا مَشهودًا, ثمَّ كتب المتوكِّلُ إلى الآفاقِ بالمَنعِ مِن الكلامِ في مسألةِ الكلامِ، والكَفِّ عن القولِ بخَلقِ القرآن، وأنَّ من تعلَّمَ عِلمَ الكلامِ لو تكلَّمَ فيه فالمطبق (سجن من سجون بغداد) مأواه إلى أن يموتَ. وأمر الناسَ ألَّا يشتغِلَ أحدٌ إلَّا بالكتابِ والسنَّةِ لا غيرُ، ثمَّ أظهر إكرامَ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبل واستدعاه من بغدادَ إليه، فاجتمع به فأكرمَه وأمَرَ له بجائزةٍ سَنِيَّةٍ فلم يقبَلْها، وخلع عليه خِلعةً سَنيَّةً مِن ملابسِه فاستحيا منه أحمدُ كثيرًا، فلبسها إلى الموضِعِ الذي كان نازلًا فيه، ثمَّ نزعها نزعًا عنيفًا وهو يبكي- رحمه الله تعالى- وارتفَعَت السُّنَّة جِدًّا في أيام المتوكِّل- عفا الله عنه- وكان لا يولِّي أحدًا إلا بعد مشورةِ الإمام أحمد، وكانت ولايةُ يحيى بن أكثم قضاءَ القضاةِ مَوضِعَ ابنِ أبي دؤاد عن مشورتِه، وقد كان يحيى بن أكثَم هذا من أئمَّة السنة، وعُلماء الناس، ومن المعظِّمين للفقه والحديث واتِّباع الأثَر.

العام الهجري : 290 العام الميلادي : 902
تفاصيل الحدث:

أقبل يحيى بن زكرَوَيه بن مهرويه أبو قاسم القرمطي المعروفُ بالشيخ في جحافلِه، فعاث بناحية الرقَّة فسادًا، فجهز إليه الخليفةُ جيشًا نحو عشرة آلاف فارس، وكان قد سار يحيى بن زكرويه إلى دمشق وحاصرها، فقُتِلَ على باب دمشق، زرَقَه رجلٌ من المغاربةِ بِمزراقِ نارٍ- المزراقُ رُمحٌ قصير أو خفيفٌ يُقْذَف باليد- فقَتَله، ففَرِحَ الناس بقتله، وكان هذا المغربيُّ من جملة جيش المصريين، فقام بأمرِ القرامطةِ مِن بعده أخوه الحُسَين وتسمَّى بأحمد وتكنَّى بأبي العباس وتلقَّب بأمير المؤمنين، وأطاعه القرامطة، فحاصر دمشقَ فصالحه أهلُها على مال، ثم سار إلى حمصَ فافتتحها وخُطِبَ له على منابِرِها، ثمَّ سار إلى حماة ومعرَّة النعمان فقهر أهلَ تلك النواحي واستباح أموالَهم وحريمَهم، وكان يقتُلُ الدوابَّ والصِّبيانَ في المكاتب، ويُبيحُ لِمَن معه وطء النِّساء، فربما وطئَ الواحدةَ الجماعةُ الكثيرةُ مِن الرجال، فإذا ولَدَت ولدًا هنأَ به كلُّ واحدٍ منهم الآخَرَ، فكتب أهل الشامِ إلى الخليفة ما يلقَونَ مِن هذا اللعين، فجهَّز إليهم جيوشًا كثيفة، وأنفق فيهم أموالًا جزيلة، وركب في رمضان فنزل الرقَّةَ وبَثَّ الجيوشَ في كلِّ جانبٍ لقتال القرامطة، وكان القرمطي هذا يكتُبُ إلى أصحابه: "مِن عبد الله المهديِّ أحمد بن عبد الله المهدي المنصور الناصر لدين الله القائم بأمر الله الحاكم بحكم الله، الداعي إلى كتاب الله، الذابِّ عن حريم الله، المختار من ولد رسول الله" وكان يدَّعي أنَّه من سلالة علي بن أبي طالب من فاطمة، وهو كاذِبٌ أفاكٌ أثيمٌ- قبَّحه الله- فإنَّه كان من أشدِّ الناس عداوةً لقريش، ثم لبني هاشم، دخل سلميةَ فلم يدَعْ بها أحدًا من بني هاشم حتى قتَلَهم، وقتل أولادَهم، واستباح حريمَهم.

العام الهجري : 431 العام الميلادي : 1039
تفاصيل الحدث:

لَمَّا توفِّيَ أبو القاسمِ بنُ مكرم صاحِبُ عُمان خلَّف أربعةَ بنينَ، وهم أبو الجيش، والمهذَّب، وأبو محمد، وآخرُ صغيرٌ، فوَلِيَ بعده ابنُه أبو الجيش، وأقَرَّ عليَّ بن هطال المنوجاني، صاحِبَ جيش أبيه، وكان المهذَّب، يَطعنُ على ابنِ هطال، وبلغه ذلك، فأضمَرَ له سوءًا، فجهَّزَ له مكيدةً وجعله يكتُبُ بخَطِّه ما أظهَرَه ابنُ هطال عند أبي الجيش، وقال له: إنَّ أخاك كان قد أفسد كثيرًا من أصحابِك عليك، وتحَدَّث معي، واستمالني فلم أوافِقْه؛ فلهذا كان يذمُّني، ويقع فيَّ، وهذا خَطُّه بما استقَرَّ- يعني من أنَّه سيمنَحُه الوَزارةَ وغَيرَها إن مَكَّنَه من الأمرِ- فلمَّا رأى خطَّ أخيه أمَرَه بالقبض عليه، ففعل ذلك واعتقَلَه، ثمَّ وضَعَ عليه من خنَقَه وألقى جُثَّتَه إلى مُنخَفضٍ مِن الأرض، وأظهَرَ أنَّه سقط فمات، ثم توفِّي أبو الجيشِ بعد ذلك بيسيرٍ، وأراد ابن هطال أن يأخُذَ أخاه أبا محمَّدٍ فيولِّيَه عمان ثمَّ يقتُلَه، فلم تُخرِجْه إليه والدتُه، وقالت له: أنت تتولَّى الأمور، وهذا صغيرٌ لا يَصلُحُ لها. ففعل ذلك، وأساء السِّيرةَ، وصادر التجَّار، وأخذ الأموالَ، وبلغ ما كان منه مع بني مكرم إلى المَلِك أبي كاليجار البويهي، والعادِل أبي منصور ابنِ مافنة، فأعظما الأمر واستكبَراه، وشَدَّ العادِلُ في الأمر، وكاتَبَ نائبًا كان لأبي القاسِمِ بنِ مكرم بجبالِ عُمان يُقالُ له المرتضى، وأمَرَه بقصد ابن هطال، وجَهَّز العساكِرَ مِن البصرة لتسيرَ إلى مساعدةِ المرتضى، فجمَعَ المرتضى الخَلقَ، وتسارعوا إليه وخرجوا عن طاعةِ ابن هطال، وضَعُف أمرُه، واستولى المرتضى على أكثَرِ البلاد، ثمَّ وضعوا خادمًا كان لابنِ مكرم، وقد التحَقَ بابنِ هطال؛ لقَتْلِه، وساعَدَه على ذلك فَرَّاش كان له، فلمَّا سمع العادل بقَتلِ ابن هطال سيَّرَ إلى عُمان من أخرج أبا محمد بن مكرم، ورتبَه في الإمارةِ، وكان قد استقَرَّ أنَّ الأمر لأبي محمد في هذه السَّنة.

العام الهجري : 589 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1193
تفاصيل الحدث:

خرج السلطانُ طغرل بن ألب أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي في سنة ثمان وثمانين من الحبس، وملك همذان وغيرها، وكان قد جرى بينه وبين قتلغ إينانج بن البهلوان، صاحِبِ البلاد، حربٌ انهزم فيها قتلغ إينانج، وتحصَّنَ بالري، وسار طغرل إلى همذان فمَلَكَها، فأرسل قتلغ إينانج إلى خوارزم شاه علاء الدين تكش يستنجِدُه، فسار إليه في سنة ثمان وثمانين، فلما تقاربا نَدِمَ قتلغ إينانج على استدعاء خوارزم شاه، وخاف على نفسِه فمضى من بين يديه وتحصَّنَ في قلعة له، فوصل خوارزم شاه إلى الري وملَكَها، وحصر قلعةَ طبرك ففتحها في يومينِ، وراسله طغرل، واصطلحا، وبَقِيَت الري في يد خوارزم، فجَدَّ في السير خوفًا عليها، فأتاه الخبَرُ، وهو في الطريق، أنَّ أهل خوارزم منعوا سلطان شاه عنها، ولم يقدِرْ على القرب منها، وعاد عنها خائبًا، فشتى خوارزم شاه بخوارزم، فلما انقضى الشتاءُ سار إلى مرو لقصدِ أخيه سنة تسع وثمانين، فترددت الرسلُ بينهما في الصلح، فبينما هم في تقرير الصلح ورد على خوارزم شاه رسولٌ مِن مستحفظ قلعة سرخس لأخيه سلطان شاه يدعوه ليسَلِّمَ إليه القلعة؛ لأنه قد استوحش من صاحِبِه سلطان شاه، فسار خوارزم شاه إليه مجِدًّا، فتسَلَّمَ القلعة وصار معه، وبلغ ذلك سلطان شاه  ففتَّ في عَضُده، وتزايد كمَدُه، فمات آخر رمضان سنة 589؛ فلما سمع خوارزم شاه بموته سار من ساعتِه إلى مرو فتسَلَّمَها، وتسَلَّمَ مملكة أخيه سلطان شاه جميعها وخزائنه، وأرسل إلى ابنه علاء الدين محمد، وكان يلقب حينئذ قطب الدين، وهو بخوارزم، فأحضره فولَّاه نيسابور، وولَّى ابنَه الأكبَرَ ملكشاه مرو، وذلك في ذي الحجة.

العام الهجري : 872 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1467
تفاصيل الحدث:

في يوم الخميس التاسع عشر محرم ورد الخبَرُ بأن إقامة الحاج التي جهزت من القاهرة أُخِذَت عن آخرها، أخذها مبارك شيخ بني عقبة بمن كان معه من العرب، وأنه قتل جماعة ممن كان مع الإقامة المذكورة، منهم جارقطلو السيفي دولات باي أحد أمراء آخورية السلطان، فعظم ذلك على السلطان، وزاد توعُّكُه، وعلى الناس قاطبة، وضَرَّ أخذُ إقامة الحاج غايةَ الضرر، وأشرف غالبهم على الموت، فلما كان يوم الجمعة العشرين من المحرم وصل الحاج الرجبي، وعظيم من كان فيه زين الدين بن مزهر كاتب السر وأمير حاج الركب الأول سيباي، إلى بركة الحاج معًا، بعد أن قاست الحجاج أهوالًا وشدائد من عدم الميرة والعلوفة وقلَّة الظهر، ودخل نانق أمير الحاج من الغد، فلما كان يوم الاثنين الثالث والعشرين محرم عين السلطان الأميرَ أزبك رأس نوبة النوب الظاهري، والأمير جانبك حاجب الحجاب الأشرفي المعروف بقلقسيز، وصحبتهما أربعة من أمراء العشرات، وعدة مماليك من المماليك السلطانية؛ لقتال مبارك شيخ عرب بني عقبة ومن معه من الأعراب، وكتب السلطان أيضًا لنائب الكرك الأمير بلاط، ونائب غزة الأمير إينال الأشقر، بالمسير إلى جهة الأمير أزبك بعقبة أيلة، ومساعدته على قتال مبارك، وخرج الأميرُ أزبك بمن عيِّن معه من القاهرة في يوم الاثنين سابع صفر، وخرج نائب صفد، ونائب غزة أيضًا إلى جهة العقبة لقتال مبارك شيخ عرب بني عقبة، ووصل الخبَرُ بقدوم الأمير أزبك رأس نوبة النوب من تجريدة العقبة، بعد أن أمسك مباركًا شيخ بني عقبة، الذي قطع الطريقَ على إقامة الحجَّاج، ورسم بتسمير مبارك شيخ بني عقبة ورفقته، وكانوا أزيد من أربعين نفرًا، فسَمَّروا الجميع، وطِيفَ بهم الشوارع، ثم وسِّطوا- قتلوا- في آخر النهارِ عن آخِرِهم.

العام الهجري : 1160 العام الميلادي : 1747
تفاصيل الحدث:

كانت وقعةُ دلقة من غير رضاء أمير العُيينة ابن معمر ولم يشاوَرْ فيها؛ لذلك لم يحضُرْها. يقول ابن غنام: "لما رأى ابنُ معمر عودةَ الجماعة من الحرب خَشِيَ أن ينكشف نفاقُه وأن تظهر خيانته, فأرسل إلى الشيخ وإلى محمد بن سعود يستشفع إليهما, ويطلب منهما الصفحَ عن تخلُّفِه، فقبلا عذره رجاءً منهما ألا يعودَ إلى مكره, ثم قَدِمَ عليهما ومعه وجوهُ أهل حريملاء والعُيينة، وعاهدهما على الجهاد والقيام بنصرة الدين، ولو في أي مكان, فتوهَّما فيه الصدق والوفاء، فرأَّسوه ورفعوه على المسلمين وأمَّروه, وكان من أعظم ما أظهر نفاق عثمان بن معمر أنَّه أرسل إلى إبراهيم بن سليمان أمير ثرمداء وأمَرَه أن يركب إلى دهام بن دواس مع جماعتِه ويزين له الاتِّفاقَ مع عثمان والقدوم عليه إلى العُيينة على أن يُظهِرَ في أحاديثه بمجالِسِه أنه اهتدى وانضم إلى الجماعة, فقدم مع دهام مع إبراهيم بن عثمان، وكان ذلك من غير مشورة الشيخ وابن سعود، فحين رأى أهل العيينة  دهامًا وعَلِموا بما حدث شَقَّ عليهم ذلك واجتمعوا جميعًا وساروا إلى عثمان, فلما رأى حالَهم مَوَّه عليهم وقال لهم: ليس لي مرادٌ إلا الإرسال للشيخ ليحضُرَ عقد الصلح ويدخُلَ دهام في دائرة الإسلامِ، فاطمأنت نفوسُ القوم, ثم أرسل  إلى الشيخ وألحَّ عليه في القدوم، ولكن الله ألقى في رُوعِ الشيخ ما استبان به خيانةَ عثمان وغدره، فامتنع عن الذهاب فلمَّا رجع الرسول وأخبرهم بذلك عرف أهل البلد مكرَ عثمان، فحصروا ابن دواس في القصرِ وهَمُّوا أن يفتكوا به، لكن دهام هرب منهم تحت جنح الظلام، وعاد إبراهيم بن سليمان إلى ثرمداء وفارق منهج الحق, وكان هذا كلُّه قبل أن يفِدَ عثمان على الشيخ وابن سعود ويأخذ منهما العهد المجدد, ولكنه مع ذلك لم يخلِصِ النية ولم يعقِدْ على الوفاء، وسيتبين غدرُه "

العام الهجري : 1376 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1957
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ العلامة أبو عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي، من بني تميم. وُلِدَ في عُنيزة في القصيم في 12 محرم سنة 1307هـ. نشأ الشيخُ يتيمًا؛ فقد توفِّيَت أمُّه وله من العمر أربع سنوات، ثم توفِّيَ والِدُه وهو في السابعة، لكنه نشأ نشأةً صالحة، وقد أثار إعجابَ مَن حوله فاشتهر منذ حداثته بفطنته، وذكائه، ورغبته الشديدةِ في طلب العلم وتحصيله، فحَفِظَ القرآن عن ظهر قلبٍ وعمُرُه أحد عشر عامًا، ثم اشتغل بالعلم على يد علماءِ بلَدِه حتى نال الحظَّ الأوفر من كل فَنٍّ من فنون العلم، ولَمَّا بلغ من العمر ثلاثًا وعشرين سنة جلس للتدريسِ، فكان يَتعلَّمُ ويُعلِّمُ، ، وكان من أحسَنِ الناس تعليمًا وأبلَغِهم تفهيمًا، حصل له من التلاميذ المحصلين عددٌ كثير. كان ذا معرفةٍ فائقة في الفقه وأصوله، وكان أوَّلَ أمره متمسِّكًا بالمذهب الحنبليّ تبعًا لمشايخه، ويحفظ بعضَ متون المذهب. وكان أعظَمُ اشتغاله وانتفاعه بكتُبِ شَيخِ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وحصل له خيرٌ كثير بسببهما في علم الأصول والتوحيد، والتفسير، وغيرها من العلوم النافعة. وبسبب استنارتِه بكُتُبِ الشيخين المذكورين صار لا يتقيَّدُ بالمذهب الحنبلي، بل يرجِّحُ ما تَرَجَّحَ عنده بالدليل الشرعي، أما مُصنَّفاتـه، فكان ذا عنايةٍ بالغة بالتأليف، فشارك في كثير من فنون العلم، فألَّف في التوحيد، والتفسير، والفقه، والحديث، والأصول، والآداب، وغيرها. وأغلَبُ مؤلَّفاته مطبوعة إلا اليسير منها؛ أشهرها: ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان))، طبعت مؤلفاته في مجموع بعنوان ((مجموع مؤلفات الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي)) في 27 مجلدًا.
توفي رحمه الله في عُنَيزة بالقصيم بعد عمر دام تسعًا وستين سنة قضاها في التعلُّم والتعليم والتأليف.

العام الهجري : 299 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 912
تفاصيل الحدث:

لَمَّا عزَلَ المُقتَدِرُ ابنَ الفرات قلَّدَ أبا علي محمد بن يحيى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وكان قليلَ الخبرةِ في تدبير أمور الوزارة, فانحَلَّت أمور الدولة؛ لأنَّه كان ضجورًا، ضَيِّقَ الصَّدرِ، مُهمِلًا لقِراءةِ كتُبِ العُمَّال، وجِبايةِ الأموال، وكان يتقَرَّبُ إلى الخاصة والعامة، فمنَعَ خَدَمَ السُّلطانِ وخَواصَّه أن يخاطِبوه بالعبدِ، وكان إذا سأله أحدٌ حاجةً دقَّ صَدرَه، وقال: نعمْ وكرامةً، فسُمِّي "دق صَدرَه"، إلَّا أنَّه قَصَّرَ في إطلاقِ الأموال للفرسان والقُوَّاد، فنفروا عنه واتَّضَعت الوَزارةُ بفِعلِه. وكان أولادُه قد تحَكَّموا فيه، وكان يولِّي في الأيام القليلة عِدَّةً من العُمَّال، حتى إنَّه ولَّى بالكوفةِ في مدةِ عشرينَ يومًا، سبعةً مِن العمال، فاجتمعوا في الطريقِ، فعَرَضوا توقيعاتِهم، فسار الأخيرُ منهم، وعاد الباقونَ يطلُبونَ ما خَدَموا به أولادَه، ثم زاد الأمرُ حتى تحكَّمَ أصحابُه، فكانوا يُطلِقونَ الأموالَ ويُفسِدونَ الأحوال، فانحَلَّت القواعِدُ، وخَبُثَت النيَّات، واشتغل الخليفةُ بعَزلِ وُزرائِه والقَبضِ عليهم، والرُّجوعِ إلى قَولِ النِّساءِ والخَدَم، والتصَرُّف على مقتضى آرائِهم، فخرجت الممالِكُ، وطَمِعَ العُمَّالُ في الأطراف.

العام الهجري : 411 العام الميلادي : 1020
تفاصيل الحدث:

زاد شَغبُ الأتراكِ بهَمذانَ على صاحِبِهم شَمسِ الدَّولةِ بنِ فَخرِ الدَّولة، وكان قد تقَدَّمَ ذلك منهم غيرَ مَرَّة، وهو يحلُمُ عنهم بل يَعجِزُ، فقَوِيَ طمَعُهم، فزادوا في التوثُّبِ والشغبِ، وأرادوا إخراجَ القُوَّادِ القوهيَّة الأكرادِ مِن عنده، فلم يُجِبْهم إلى ذلك، فعَزَموا على الإيقاعِ بهم بغيرِ أمْرِه، فاعتَزَل الأكرادُ مع وزيرِه تاجِ الملك أبي نصر بنِ بهرامَ إلى قلعةِ برجين، فسار الأتراكُ إليهم فحَصَروهم، ولم يلتَفِتوا إلى شمسِ الدَّولة، فكتب الوزيرُ إلى أبي جعفرِ بنِ كاكويه، صاحبِ أصبهان، يستنجِدُه، وعَيَّنَ له ليلةً يكونُ قُدومُ العساكِرِ إليه فيها بغتةً، ليخرُجَ هو أيضًا تلك الليلةَ لِيَكبِسوا الأتراك. فعل أبو جعفرٍ ذلك، وسيَّرَ ألفَي فارس، وضَبَطوا الطرقَ لِئَلَّا يسبِقَهم الخبَرُ، وكبسوا الأتراك سَحَرًا على غفلةٍ، ونزل الوزيرُ والقوهيَّةُ من القلعةِ، فوضعوا فيهم السَّيفَ، فأكثَروا القَتلَ، وأخَذوا المالَ، ومَن سلِمَ مِن الأتراكِ نجا فقيرًا، وفعَلَ شَمسُ الدَّولة بمَن عندَه في همذان كذلك، وأخرَجَهم، فمضى ثلاثُمِئَة منهم إلى كرمان، وخدموا أبا الفوارِسِ بنَ بهاء الدَّولة صاحِبَها.