الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 6153 ). زمن البحث بالثانية ( 0.001 )

العام الهجري : 495 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1101
تفاصيل الحدث:

هو المستعلي بالله أبو القاسم أحمد بن معد المستنصر بالله الفاطمي العبيدي، حاكم مصر، حكمها مدة سبع سنين وقريبًا من الشهرين، وكان المدبِّر لدولته أمير الجيوش الأفضل بن بدر الجمالي، ولما توفِّيَ وَلِيَ بعده ابنُه أبو علي المنصور، وبويع له في اليوم الذي مات فيه أبوه، وله خمس سنين وشهر وأربعة أيام، ولُقِّب الآمر بأحكام الله، ولم يقدر يركبُ وحده على الفرس لصِغَرِ سنه، وقام بتدبير دولته الأفضل أحسن قيام، ولم يزل كذلك يدبِّرُ الأمرَ إلى أن قُتِلَ الآمر سنة خمس عشرة وخمسمائة.

العام الهجري : 495 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1102
تفاصيل الحدث:

كانت فتنةٌ كبيرة بين شحنة بغداد -شحنة: أي القَيِّم لضبط البلد- إيلغازي بن أرتق، وبين العامة. أتى جنديٌّ من أصحابه ملاحًا ليعبر به وبجماعة، فتأخَّر فرماه بنشَّابه فقتله، فأخذت العامة القاتِلَ، فجَرُّوه إلى باب النوبي، فلقيهم ابن إيلغازي فخلَّصه، فرجمتهم العامةُ. فتألم إيلغازي وعبر بأصحابه إلى محلة الملاحين فنهبوها، وانتشرت الشطَّار، فعاثوا هناك وبدعوا، وغرق جماعة، وقُتِل آخرون. وجمع إيلغازي التركمان، وأراد نهبَ الجانب الغربي من بغداد، ثم لطف اللهُ تعالى.

العام الهجري : 496 العام الميلادي : 1102
تفاصيل الحدث:

كان الأفضلُ أمير الجيوش بمصر قد أنفذ مملوكًا لأبيه -لَقَبه سعد الدولة، ويعرف بالطواشي- إلى الشام لحرب الفرنج، فلقِيَهم بين الرملة ويافا، ومقَدَّم الفرنج يعرف ببغدوين، تصافوا واقتتلوا، فحملت الفرنج حملةً صادقة، فانهزم المسلمون، فلما كانت هذه الوقعة انهزم سعد الدولة، فتردى به فرسه فسقط ميتًا، وملك الفرنجُ خيمتَه وجميعَ ما للمسلمين. فأرسل الأفضلُ بعده ابنَه شرف المعالي في جمعٍ كثير، فالتقوا هم والفرنج بالقرب من الرملة، فانهزم الفرنج، وقُتِل منهم مقتلةٌ عظيمة، وعاد من سلم منهم مغلولين، فلما رأى بغدوين شدة الأمر، وخاف القتل والأسر؛ ألقى نفسه في الحشيش واختفى فيه، فلما أبعد المسلمون خرج منه إلى الرملة. وسار شرف المعالي بن الأفضل من المعركة، ونزل على قصر بالرملة، وبه سبعمائة من أعيان الفرنج، وفيهم بغدوين، فخرج متخفيًا إلى يافا، وقاتل ابن الأفضل من بقي من الفرنج خمسة عشر يومًا، ثم أخذهم، فقتل منهم أربعمائة صبرًا، وأسر ثلاثمائة إلى مصر. ثم اختلف أصحابُه في مقصدهم، فقال قوم: نقصِدُ بيت المقدس ونتملَّكُه، وقال قوم: نقصد يافا ونملكها، فبينما هم في هذا الاختلاف إذ وصل إلى الفرنج خلق كثير في البحر قاصدين زيارة البيت المقدس، فندبهم بغدوين للغزوِ معه، فساروا إلى عسقلان، وبها شرف المعالي فلم يكن يقوى بحربهم، فلطف الله بالمسلمين، فرأى الفرنجُ البحرية حصانة عسقلان، وخافوا البيات، فرحلوا إلى يافا، وعاد ولد الأفضل إلى أبيه، فسيَّرَ رجلًا يقال له تاج العجم في البر، وهو من أكبر مماليك أبيه، وجهز معه أربعة آلاف فارس، وسيَّر في البحر رجلًا يقال له القاضي ابن قادوس، في الأسطول على يافا، ونزل تاج العجم على عسقلان، فاستدعاه ابن قادوس إليه ليتفقا على حرب الفرنج، فقال تاج العجم: ما يمكنني أن أنزل إليك إلا بأمر الأفضل، ولم يحضر عنده ولا أعانه، فأرسل ابن قادوس إلى قاضي عسقلان وشهودها وأعيانها، وأخذ خطوطهم بأنه أقام على يافا عشرين يومًا، واستدعى تاج العجم فلم يأتِه ولا أرسل رجلًا، فلما وقف الأفضل على الحال أرسل من قبض على تاج العجم وأرسل رجلًا لقبه جمال الملك، فأسكنه عسقلان، وجعله متقَدِّم العساكِرِ الشامية.

العام الهجري : 496 العام الميلادي : 1102
تفاصيل الحدث:

عاد يوسف بن تاشفين إلى قرطبة للمرة الرابعة، وقاتل ألفونسو وانتهت المعركة بانهزام ألفونسو، ثم قام يوسف بن تاشفين بأخذ البيعة لابنه علي فجعله ملِكًا على قرطبة، وعاد هو إلى مراكش.

العام الهجري : 496 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1103
تفاصيل الحدث:

كان الخليفة العباسي قد ولَّى السلطان محمدًا المُلكَ، واستنابه في جميع ما يتعلَّقُ بأمر الخلافة دون ما أغلق عليه الخليفةُ بابَه، ثم خرج السلطانُ محمد ومعه أخوه سنجر قاصدًا قتال أخيه بركيارق، وفي هذه السنة ثامن جمادى الآخرة كان المصاف الخامس بين السلطان بركيارق والسلطان محمد, فأقبل بركيارق في خمسة عشر ألفًا فحاصره في أصبهان وعددُ أصحاب محمد قليل، فضاقت الميرةُ على محمد، فقسط على أهل البلد على وجه القرض فأخذ مالًا عظيمًا، ثم عاود عسكره الشغب، فأعاد التقسيطَ بالظلم والعذاب، وبلغ الخبز عشرةَ أَمْناء بدينار، ورطل لحم بربع دينار، ومائة منًا تبنًا بأربعة دنانير، وقُلِعت أخشاب المساجد وأبواب الدكاكين، هذا والقتالُ على أبواب البلد، وينال صاحِبُ محمد يحرق الناسَ بالمصادرة، وعسكر بركيارق في رُخصٍ كثير، فاجتمع على أهل أصبهان الخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، ثم خرج السلطان محمد من أصبهان هاربًا فأرسل أخوه في أثره مملوكَه إياز، فلم يتمكَّن من القبض عليه، ونجا بنفسه سالمًا، وعاد إياز فأخبر بركيارق فلم يَسُرَّه سلامة أخيه, وفي يوم الاثنين ثالث عشرين ربيع الأول أعيدت الخطبة لبركيارق فخطب في الديوان، ثم تقدم إلى الخطباء في السابع والعشرين من هذا الشهر بأن يقتصروا على ذِكرِ الخليفة، ولا يذكروا أحدًا من السلاطين المختلفين, ثم التقى السلطان محمد وبركيارق في يوم الأربعاء في جمادي الآخرة، فوقعت الحربُ بينهما فانهزم محمد إلى بعض بلاد أرمينية على أربعين فرسخًا من الوقعة، ثم سار منها إلى خلاط ثم عاد إلى تبريز، ومضى بركيارق إلى زنجان، ثم في العام التالي صار الصلحُ بينهما بعدما تحوَّل الأمن إلى خوفٍ، وبدا السلبُ والنهب والقتلُ والضعفُ.

العام الهجري : 497 العام الميلادي : 1103
تفاصيل الحدث:

وصلت مراكب من بلاد الفرنج إلى مدينة اللاذقية فيها التجار والأجناد والحُجَّاج، وغير ذلك، واستعان بهم صنجيل الفرنجي على حصار طرابلس، فحصروها معه برًّا وبحرًا، وضايقوها وقاتلوها أيامًا، فلم يروا فيها مطمعًا، فرحلوا عنها إلى مدينة جبيل، فحصروها، وقاتلوا عليها قتالًا شديدًا. فلما رأى أهلُها عجزهم عن الفرنج أخذوا أمانًا وسلموا البلد إليهم، فلم يفِ الفرنج لهم بالأمان، وأخذوا أموالهم، واستنقذوها بالعقوباتِ وأنواع العذاب، فلما فرغوا من جبيل وساروا إلى مدينة عكا استنجدهم الملك بغدوين، ملك الفرنج، صاحب بيت المقدس على حصارها، فنازلوها وحصروها في البر والبحر، وكان الوالي بها اسمه بنا -ويعرف بزهر الدولة الجيوشي- نسبة إلى ملك الجيوش الأفضل، فقاتلهم أشد قتال، فزحفوا إليه غير مرة، فعجز عن حفظ البلد، فخرج منه وملك الفرنجُ البلد بالسيف قهرًا، وفعلوا بأهلِه الأفعال الشنيعة، وسار الوالي بها إلى دمشق، فأقام بها، ثم عاد إلى مصر واعتذر إلى الأفضل فقَبِلَ عُذرَه.

العام الهجري : 497 العام الميلادي : 1103
تفاصيل الحدث:

هو أمين الدولة أبو سعد العلاء بن حسن بن وهب الموصلايا البغدادي، الكاتب المنشئ بدار الخلافة. ذو الترسُّل الفائق، المنشئ، البليغ. كان نصرانيًّا وأسلم على يد الخليفة المقتدي بأمر الله، وحَسُن إسلامه، أسلم عندما خرج توقيعُ الخليفة سنة 484 بإلزامِ الذَّمَّةِ بلُبسِ الغيار -لبس خاص كوضع الزُّنَّار، وغيره - فأسلم بعضُهم وهرب طائفة. وفي ثاني يوم أسلم الرئيسان أبو سعد بن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء، وابن أخته أبو نصر هبة الله بن الحسن، على يد الخليفة، بحيث يريانه ويسمعانِ كلامَه. كان أبو سعد له باعٌ مديد في النظم والنثر، عُمِّر دهرًا، وكُفَّ بصَرُه، بعد أن كتب الإنشاء نيفًا وستين سنة، ولما أسلم كان قد شاخ، وقد ناب في الوزارة غيرَ مرة، وكان أفصح أهل زمانه، وفيه مكارم وآداب وعقل, وكان كثير الصدقات، وأوقف أملاكه، وله الرسائل المشهورة الرائقة، والأشعار الفائقة. كان يملي على ابن أخته العلامة أبي نصر الإنشاءَ إلى أن مات فجأة. وكان الوزير عميد الدولة بن جهير: "يثني عليه وعلى تفهُّمِه، ويقول: هو يمين الدولة وأميناها". ناب أبو سعد في الوزارة عدة نُوَب, قال ابن الأثير: "كان بليغًا فصيحًا، وكان ابتداء خدمته للقائم بأمر الله سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، خدم الخلفاء خمسًا وستين سنة، كل يوم تزداد منزلته، وكان نصرانيًّا فأسلم، وكان كثير الصدقة، جميل المحضر، صالح النية. أوقف أملاكَه على أبواب البر، ومكاتباته مشهورة حسنة" مات فجأة، فخلفه على ديوان الإنشاء ابن أخته أبو نصر، ولُقِّب نظام الحضرتين.

العام الهجري : 497 العام الميلادي : 1103
تفاصيل الحدث:

كانت حران لمملوك من مماليك ملكشاه اسمه قراجه، فاستخلف عليها إنسانًا يقال له محمد الأصبهاني، وخرج في العام الماضي، فعصى الأصبهاني على قراجه، ثم قُتل محمد الأصبهاني، قتَلَه غلامٌ لقراجه، فعند ذلك سار الفرنج إلى حران وحصروها، فلما سمع مُعين الدولة سقمان وشمس الدولة جكرمش ذلك، وكان بينهما حرب، أرسل كلٌّ منهما إلى صاحبه يدعوه إلى الاجتماع معه لتلافي أمر حران، ويُعلِمه أنه قد بذل نفسه لله تعالى وثوابه، فكل واحد منهما أجاب صاحبه إلى ما طلب منه، وسارا فاجتمعا على الخابور وتحالفا، وسارا إلى لقاء الفرنج، فالتقوا على نهر البليخ، وكان المصاف بينهم هناك فاقتتلوا، فأظهر المسلمون الانهزام، فتبعهم الفرنج نحو فرسخين، فعاد عليهم المسلمون فقتلوهم كيف شاؤوا، وامتلأت أيدي التركمان من الغنائم، ووصلوا إلى الأموال العظيمة؛ لأن سواد الفرنج كان قريبًا، وكان بيمند صاحبُ أنطاكية، وطنكري صاحِبُ الساحل، قد انفردا وراء جبل ليأتيا المسلمين من وراء ظهورهم إذا اشتدت الحرب، فلما خرجا رأيا الفرنج منهزمين، وسوادهم منهوبًا، فأقاما إلى الليل وهربا، فتبعهما المسلمون، وقتلوا من أصحابهما كثيرًا، وأسَروا كذلك، وأفلتا في ستة فرسان، وكان القمص كبير القساوسة- بردويل، صاحب الرها، قد انهزم مع جماعةٍ من قمامصتهم، وخاضوا نهر البليخ، فوَجِلت خيولهم، فجاء تركماني من أصحاب سقمان فأخذهم، وحمل بردويل إلى خيم صاحبه، وقد سار فيمن معه لاتباع بيمند، فرأى أصحاب جكرمش أن أصحاب سقمان قد استولوا على مال الفرنج، ويرجعون هم من الغنيمة بغير طائل، فقالوا لجكرمش: أي منزلة تكون لنا عند الناس، وعند التركمان إذا انصرفوا بالغنائم دوننا؟ وحَسَّنوا له أخذَ القُمص، فأنفذ فأخذ القمص من خيم سقمان، فلما عاد سقمان شقَّ عليه الأمر، وركب أصحابُه للقتال، فردَّهم، وقال لهم: لا يقوم فرح المسلمين في هذه الغزاة بغَمِّهم باختلافنا، ولا أؤثر شفاء غيظي بشماتة الأعداء بالمسلمين. ورحل لوقته، وأخذ سلاح الفرنج، وراياتهم، وألبس أصحابَه لُبسَهم، وأركبهم خيلَهم، وجعل يأتي حصون شيحان، وبها الفرنج، فيَخرُجون ظنًّا منهم أن أصحابهم نُصِروا، فيقتُلهم ويأخذ الحصن منهم، فعل ذلك بعدة حصون. وأما جكرمش فإنه سار إلى حران فتسلمها، واستخلف بها صاحبه. وسار إلى الرها، فحصرها خمسة عشر يومًا، وعاد إلى الموصل ومعه القمص الذي أخذه من خيام سقمان، ففاداه بخمسة وثلاثين دينارًا، ومائة وستين أسيرًا من المسلمين، وكان عدة القتلى من الفرنج يقارب اثني عشر ألف قتيل!

العام الهجري : 497 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1103
تفاصيل الحدث:

استولى بلك بن بهرام بن أرتق على مدينة عانة، والحديثة، وكانت له مدينة سروج، فأخذها الفرنجُ منه، فسار عنها إلى عانة وأخذها من بني يعيش بن عيسى بن خلاط، فقصد بنو يعيش سيف الدولة صدقة بن مزيد، ومعهم مشايخهم، فسألوه الإصعادَ إليها، وأن يتسلَّمَها منهم، ففعل وأصعد معهم, فرحل التركمان وبهرام عنها، وأخذ صدقة رهائنَهم، وعاد إلى حلته، فرجع بلك إليها ومعه ألفا رجل من التركمان، فمانعه أصحابه قليلًا، واستدلَّ على المخاضة إليها، فخاضها وعبر، وملكهم ونهبهم، وسبى جميع حرمهم وانحدر طالبًا هيت من الجانب الشامي، فبلغ إلى قريب منها، ثم رجع من يومه.

العام الهجري : 497 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1103
تفاصيل الحدث:

أغار الفرنج من الرها على مرج الرقة وقلعة جعبر، وكانوا لما خرجوا من الرها افترقوا فرقتين، وتواعدوا يومًا واحدًا تكون الغارة على البلدين فيه، ففعلوا ما استقرَّ بينهم، وأغاروا، واستاقوا المواشيَ، وأسَروا من وقع بأيديهم من المسلمين، فكانت قلعة جعبر والرقة لسالم بن مالك بن بدران بن المقلد بن المسيب، سلَّمها إليه السلطان ملكشاه سنة تسع وسبعين وأربعمائة.

العام الهجري : 497 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1104
تفاصيل الحدث:

في هذه السنة وقع الصلح بين الأخوين السلطانين بركيارق ومحمد ابني ملكشاه. وكان سببه أن الحروب تطاولت بينهما، وعمَّ الفساد، فصارت الأموال منهوبة، والدماء مسفوكة، والبلاد مخربة، والقرى محرقة، والسلطنة مطموعًا فيها، محكومًا عليها، فلما رأى السلطانُ بركيارق المالَ عنده معدومًا، والطمع من العسكر زائدًا، أرسل القاضي أبا المظفر الجرجاني الحنفي، وأبا الفرج الهمذاني، المعروف بصاحب قراتكين، إلى أخيه محمد في تقرير قواعد الصلح، فسار إليه وهو بالقرب من مراغة، فذكرا له ما أُرسِلا فيه، ورغَّباه في الصلح وفضيلته، وما شمل البلادَ من الخراب، وطَمَع عدوِّ الإسلام في أطراف الأرض، فأجاب إلى ذلك، وأرسل فيه رسلًا، واستقر الأمر، وحلف كلُّ واحد منهما لصاحبه، وتقررت القاعدة: أن السلطان بركيارق لا يعترض أخاه محمدًا في الطبل -كان من شعائر السلطنة أن تضرب الطبلخانات للسلطان خمس مرات في اليوم- وألَّا يُذكَر معه على سائر البلاد التي صارت له، وألَّا يكاتب أحدهما الآخرَ، بل تكون المكاتبة من الوزيرين، ولا يعارض أحدٌ من العسكر في قصد أيِّهما شاء، فأجاب بركيارق إلى هذا، وزال الخلاف والشغب، وأرسل السلطان محمد إلى أصحابه بأصبهان يأمرهم بالانصراف عن البلد، وتسليمه إلى أصحاب أخيه، وسار السلطان بركيارق إلى أصبهان، فلما سلمها إليه أصحاب أخيه دعاهم إلى أن يكونوا معه وفي خدمته، فامتنعوا ورأوا لزوم خدمة صاحبهم، فسمَّاهم أهل العسكرين جميعًا: أهل الوفاء، وتوجهوا من أصبهان، ومعهم حريم السلطان محمد إليه، وأكرمهم بركيارق، وحمل لأهل أخيه المالَ الكثير، ومن الدواب ثلاثمائة جمل، ومائة وعشرين بغلًا تحمِلُ الثِّقلَ، وسَيَّرَ معهم العساكر يخدمونهم. ولما وصلت رسل السلطان بركيارق إلى الخليفة المستظهر بالله بالصلح، وما استقرت القواعد عليه، حضر إيلغازي بالديوان، وسأل في إقامة الخطبة لبركيارق، فأجيب إلى ذلك، وفي ذي القعدة سُيِّرَت الخِلَع من الخليفة للسلطان بركيارق، وللأمير إياز، ولوزير بركيارق، والعهد بالسلطنة، وحلفوا جميعهم للخليفة وعادوا.

العام الهجري : 498 العام الميلادي : 1104
تفاصيل الحدث:

في خراسان سار جمعٌ كثير من الإسماعيلية الباطنية من طريثيت، عن بعض أعمال بيهق، وشاعت الغارة في تلك النواحي، وأكثروا القتلَ في أهلها، والنهبَ لأموالهم، والسبيَ لنسائهم، واشتدَّ أمرهم، وقَوِيَت شوكتهم، ولم يكفُّوا أيديَهم عمن يريدون قتْلَه؛ لاشتغال سلاطين السلاجقة بالاقتتال فيما بينهم عن خطر الباطنية. فمن جملة فعلهم لما تجمع حُجَّاج هذه السنة، مما وراء النهر، وخراسان، والهند، وغيرها من البلاد، فوصلوا إلى جوار الري؛ أتاهم الباطنية وقت السَّحَر، فوضعوا فيهم السيفَ، وقتلوهم كيف شاؤوا، وغَنِموا أموالهم ودوابَّهم، ولم يتركوا شيئًا، كما قتلوا هذه السنة أبا جعفر بن المشاط، وهو من شيوخ الشافعية.

العام الهجري : 498 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1105
تفاصيل الحدث:

هو السلطان ركن الدولة بركيارق بن السلطان ملكشاه بن السلطان ألب أرسلان بن داود بن سلجوق بن دقماق السلجوقي أبو المظفر، كانت سلطنته اثنتي عشرة سنة وأربعة أشهر، جرت له خطوبٌ طويلة وحروب هائلة، خُطِب له ببغداد ست مرات, فقاسى من الحروب واختلاف الأمور عليه ما لم يقاسِه أحد، واختلفت به الأحوال بين رخاء وشدة، ومُلكٍ وزواله، وأشرفَ في عدة نُوَب بعد إسلام النعمة على ذَهاب المُهجة, ولم يُهزَم في حروبه غيرَ مرَّة واحدة، وكان أمراؤه قد طمعوا فيه للاختلاف الواقع بينه وبين أخيه محمد، حتى إنهم كانوا يطلبون نوَّابَه ليقتلوهم، فلا يمكِنُه الدفعُ عنهم، وكان متى خطب له ببغداد وقع الغلاءُ، ووقفت المعايشُ والمكاسِبُ، وكان أهلها مع ذلك يحبُّونه، ويختارون سلطانه, وكان حليمًا كريمًا، صبورًا عاقلًا كثيرَ المداراة، حَسَنَ القدرة، لا يبالِغُ في العقوبة، وكان عفوُه أكثر من عقوبته. ولما قويَ أمره هذه السنة وأطاعه المخالِفون وانقادوا له؛ أدركته منيته. كان قد مرض بأصبهان بالسلِّ والبواسير، فسار منها في محفة طالبًا بغداد، فلما وصل إلى بروجرد ضَعُف عن الحركة، فأقام بها أربعين يومًا، فاشتدَّ مرضه، فلما أيس من نفسِه خلع على ولده ملكشاه، وعمره حينئذ أربع سنين وثمانية أشهر، وخلع على الأمير إياز، وأحضر جماعةً من الأمراء، وأعلمهم أنه قد جعل ابنَه وليَّ عهده في السلطنة، وجعل الأميرَ إياز أتابكه -الأمير الوالد- وأمرهم بالطاعةِ لهما، ومساعدتهما على حفظ السلطنة لولده، والذب عنها، فأجابوا كلهم بالسمع والطاعة لهما، وبَذْل النفوس والأموال في حفظ ولده وسلطنته عليه، واستحلفهم على ذلك، فحلفوا، وأمرهم بالمسير إلى بغداد فساروا، فلما كانوا على اثني عشر فرسخًا من بروجرد وصلهم خبر وفاته، فلما سمع الأمير إياز بموته أمر وزيره الخطير المبيذي وغيره بأن يسيروا مع تابوته إلى أصبهان، فحُمِل إليها ودُفِن فيها، مات بركيارق عن عمر أربع وعشرين سنة وشهور. ثم خُطِب لملكشاه بن بركيارق ببغداد في جمادى الأولى، فلم يتِمَّ أمرُه، عدا عليه عمُّه محمد الذي كان ينازع أخاه بركيارق، فانتزع السلطنة وقتل الوصيَّ إياز.

العام الهجري : 498 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1105
تفاصيل الحدث:

كانت وقعة بين طنكري الفرنجي، صاحب أنطاكية، وبين الملك رضوان، صاحب حلب، انهزم فيها رضوان وسببها أن طنكري حصر حصن أرتاح، وبه نائب الملك رضوان، فضيق الفرنجُ على المسلمين، فأرسل النائِبُ بالحصن إلى رضوان يعرِّفه ما هو فيه من الحصر الذي أضعف نفسَه، ويطلب النجدة، فسار رضوان في عسكر كثير من الخيَّالة، وسبعة آلاف من الرجَّالة، منهم ثلاثة آلاف من المتطوِّعة، فساروا حتى وصلوا إلى قِنَّسرين، وبينهم وبين الفرنج قليل، فلما رأى طنكري كثرة المسلمين أرسل إلى رضوان يطلب الصلح، فأراد أن يجيبَ فمنعه أصبهبذ صباوة، وكان قد قصده وصار معه بعد قتل إياز، فامتنع من الصلح واصطفُّوا للحرب، فانهزمت الفرنجُ من غير قتال، ثم قال الفرنج: نعود ونحمِلُ عليهم حملة واحدة، فإن كانت لنا، وإلا انهزمنا، فحملوا على المسلمين فلم يثبتوا وانهزموا، وقُتِل من المسلمين وأُسِر الكثير، وأما الرَّجَّالة فإنهم كانوا قد دخلوا معسكر الفرنج لما انهزموا، فاشتغلوا بالنهب، فقتلهم الفرنج، ولم ينجُ إلا الشريد فأُخِذ أسيرًا، وهرب من في أرتاح إلى حلب، وملكه الفرنج، وهرب أصبهبذ صباوة إلى طغتكين أتابك بدمشق، فصار معه ومن أصحابه.

العام الهجري : 498 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1105
تفاصيل الحدث:

كانت وقعةٌ بين الفرنج والمسلمين كانوا فيها على السواء، وسببها أن أمير الجيوش الأفضل، وزير صاحب مصر، كان قد سيَّرَ ولده شرف المعالي في السنة الماضية إلى الفرنج فقهرهم وأخذ الرملة منهم، ثم اختلف المصريون والعرب وادَّعى كل واحد منهما أن الفتح له، فأتتهم سرية الفرنج فتقاعد كل فريق منهما بالآخر، حتى كاد الفرنج يظهرون عليهم، فرحل عند ذلك شرف المعالي إلى أبيه بمصر، فنفذ ولده الآخر، وهو سناء الملك حسين، في جماعة من الأمراء، منهم جمال الملك، والنائب بعسقلان للمصريين، وأرسلوا إلى طغتكين أتابك بدمشق -أتابك يعني الأمير الوالد- يطلبون منه عسكرًا، فأرسل إليهم أصبهبذ صباوة ومعه ألف وثلاثمائة فارس، وكان المصريون في خمسة آلاف، وقصدهم بغدوين الفرنجي، صاحب القدس وعكا ويافا، في ألف وثلاثمائة فارس، وثمانية آلاف راجل، فوقع المصاف بينهم بين عسقلان ويافا، فلم تظهر إحدى الطائفتين على الأخرى، فقُتل من المسلمين ألف ومائتان، ومن الفرنج مثلهم، وقُتِل جمال الملك، أمير عسقلان، فلما رأى المسلمون أنهم قد تكافؤوا في النكاية قطعوا الحرب وعادوا إلى عسقلان، وعاد صباوة إلى دمشق، وكان مع الفرنج جماعة من المسلمين، منهم بكتاش بن تتش، وكان طغتكين قد عدل في الملك إلى ولد أخيه دقاق، وهو طفل، فدعاه ذلك إلى قصد الفرنج؛ ليكون معهم.