الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2508 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 697 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1298
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ البريدُ مِن حَلَب بوقوع الخلاف بين الملك طقطاي بن منكوتمر ملك التتار وطائفة الأمير نغيه حتى قُتل منهم كثيرٌ من المغول، وانكسر طقطاي، وأنَّ غازان قَتَل وزيره نيروز وعِدَّةً ممن يلوذ به، فاتَّفق الرأي على أخذ سيس ما دام الخلافُ قائمًا بين المغول، وأن يخرُجَ الأمير بدر الدين بكتاش أميرُ سلاح ومعه ثلاثةُ أمراء وعشرةُ آلاف فارس، وكتب لنائب الشامِ بتجريد الأمير بيبرس الجالق وغيرِه من أمراءِ دِمشقَ وصفد وطرابلس، وعُرض الجيش في جمادى الأولى، فلما تجهَّزوا سار الأميرُ بدرُ الدين بكتاش الفخري إلى غزاةِ سيس، ومعه مِن الأمراءِ حسامُ الدين لاجين الرومي الأستادار وشمس الدين أقسنقر كرتاي ومضافيهم، فدخلوا دمشق في خامس جمادى الآخرة، وخرج معهم منها الأميرُ بيبرس الجالق العجمي والأميرُ سيف الدين كجكن والأمير بهاء الدين قرا أرسلان ومضافيهم في ثامنه، وساروا بعسكرِ صفد وحمص وبلاد الساحِلِ وطرابلس، والملك المظَفَّر تقي الدين محمود صاحب حماة، فلما بلغ مسيرُهم متمَلِّكَ سيس بعث إلى السلطانِ يسأله العفوَ، فلم يجِبْه، ووصلت هذه العساكِرُ إلى حلب، وجهَّز السلطانُ الأميرَ علم الدين سنجر الدواداري بمضافيه من القاهرة ليلحَقَ بهم، فأدرك العساكِرَ بحلب، وخرجوا منها بعسكرِ حلب إلى العمق، وهم عشرةُ آلاف فارس، فتوجَّه الأميرُ بدر الدين بكتاش في طائفةٍ مِن عقبة بغراس إلى إسكندرونة، ونازلوا تل حمدون، وتوجَّه الملك المظَفَّر صاحب حماة والأمير علم الدين سنجر الدوادراي والأمير شمس الدين أقسنقر كرتاي في بقيَّةِ الجيشِ إلى نهر جهان، ودخَلوا جميعًا دربند سيس في يوم الخميسِ رابع رجب، وهناك اختلفوا، فأشار الأميرُ بكتاش بالحصار ومنازلةِ القلاع، وأشار سنجر الدواداري بالغارةِ فقط، وأراد أن يكونَ مُقَدَّم العسكر، ومنَعَ الأمير بكتاش من الحصارِ ومنازلةِ القِلاعِ فلم ينازِعْه، فوافقه بكتاش وقطَعوا نهرَ جهان للغارة، ونزل صاحِبُ حماة على مدينة سيس، وسار الأميرُ بكتاش إلى أذنة، واجتمَعَت العساكِرُ جميعُها عليها بعد أن قتَلوا من ظَفِروا به من الأرمن، وساقوا الأبقار والجواميس، ثم عادوا من أذنة إلى المصيصة بعد الغارة، وأقاموا عليها ثلاثة أيام حتى نصبوا جسرًا مرَّت عليه العساكِرُ إلى بغراس، ونزلوا بمرجِ أنطاكية ثلاثة أيام، ثم رحلوا إلى جسرِ الحديدِ يريدونَ العودةَ إلى مصر، فعادت العساكرُ من الروج إلى حلب وأقاموا بها ثمانية أيام، وتوجَّهوا إلى سيس من عقبة بغراس، وسار كجكن وقرا أرسلان إلى أياس وعادا شبه منهزمَينِ؛ فإنَّ الأرمن أكمنوا لهم في البساتين، فأنكر عليهما الأمير بكتاش، فاعتذروا بضيقِ المسلك والتفاف الأشجارِ وعدم التمكُّن من العدُوِّ.

العام الهجري : 1232 العام الميلادي : 1816
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ أبو محمد عثمان بن محمد الملقب بـ (فودي) بن عثمان بن صالح بن هارون بن محمد أحدُ علماء نيجيريا، كان مالكيَّ المذهب. ولِدَ في قرية طقِل في شمال نيجيريا، سنة 1169هـ يعتبرُ عثمان دان فوديو مؤسِّسَ دولة تكرور في سوكوتو في غربِ أفريقيا قريبًا من نهر الكونغو، وكان قد عاد من الحجِّ وهو ممتلئٌ حماسةً للإصلاح الديني، فكَثُر أتباعُه والمتحمِّسون لأفكارِه، فلما زاد عددُ أتباعه ومريديه، وفكَّرَ في الاتصال بأحدِ الملوك ليشُدَّ مِن أزره، فلجأ إلى أقوى ملوكِ الهوسة- وهو وقتذاك- الملِكُ نافتا (ملك غوبر)، وشرح له الإسلامَ الصحيح وطلبَ إليه إحياءَ معالم الدين، وإقامةَ العدل بين الناس. فاستجاب له أوَّلَ الأمر وأسند إليه الفتوى والإرشادَ بمجلِسِه وديوانه، غيرَ أنَّ بعض مدَّعي العلمِ الحاقدين قاموا يعَيِّرونه لاتصاله بالمَلِك ويتَّهمونه بالرياء والسعي إلى الجاه والسلطان، ووشَوا به عنده، ومنهم من أنكر عليه بعضَ أقواله وأفعاله، فوقعت بينه وبين المَلِك جفوة سافر بسَبَبِها الشيخ إلى بلاد زمفرة وكبي. يقول الإمام محمد بللو ابن الشيخ عثمان بن فودي عن معاناة والده: "ثم إنَّه لما برز هكذا، وكثُرَ أتباعه من العلماء والعوام، وتراسل الخلقُ إلى الاقتداء به، وكفاه اللهُ من ناوأه من علماءِ وَقتِه، حتى نشر أعلامَ الدين، وأحيا السنة الغرَّاء، فتمكَّنت في البلد أيَّ تمكين- نصَبَ أهل الدنيا له العداوةَ مِن أمراء هذه البلاد،..... وإنما غاظهم ما يرون من ظهورِ الدين وقيام ما درس مِن معالم اليقين، وذَهاب بقاءِ ما هم فيه من الضَّلالِ والباطِلِ والتخمين، مع أنَّ سَلطنتَهم.. مؤسَّسة على قواعِدَ مخُالِفة للشريعة.... فلمَّا أوضح الشيخُ الطريق، واهتدى إليه أهلُ التوفيق... وبقِيَ أهل الدنيا من علماءِ السوء والملوك في طغيانِهم يعمهون،... فجعل أولئك الملوك والعلماء يؤذون الجماعةَ (أتباعه)، ويعترضون كلَّ من ينتسب إلى الشيخ،... ولم يزَلْ كُلُّ من تولى من ملوكِ بلادنا مجتَهِدًا في إطفاءِ ذلك النور، ويكيد بالشيخِ وبجماعته، ويمكُرُ بهم ويحتال في استئصالهم" استطاع الشيخ عثمان بالدعوة أن يوحِّدَ تلك الجماعات المتناثرة في شتى أقاليم الحوصة ويجعل منها جماعةً واحدةً مُتماسِكةً، فأصبح له جَيشٌ قوي، ثم تعرض لولايات الحوصة الإسلامية، فسقطت واحدة تلوَ الأخرى في يدِه، وكان قد قسَّم مملكتَه على ولديه، ومات في هذه السنة بعد أن أسَّس مملكةً كبيرة سُرعان ما هبَّ الإنجليز للتدخل فيها, ولفودي مؤلَّفات كثيرة تجاوزت 150 كتابًا. توفِّي في ولاية سقطو (سوكوتو) بنيجيريا.

العام الهجري : 634 العام الميلادي : 1236
تفاصيل الحدث:

عاد أبو زكريا الحفصي إلى تونس بعد حملته المظفرة، وأعلن على رؤوس الملأ استقلالَه بالملك، وانقطاع تبعيَّته للموحِّدين رسميًّا، وبايع لنَفسِه بيعةً عامَّةً في هذه السَّنة وضرب السكَّة باسمِه، وأمر أن يُخطَبَ له باسمِه على كل منابِرِ بلاده، ثم بايع لابنه أبي يحيى وليًّا للعهدِ سنة 638(1246م).

العام الهجري : 645 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1247
تفاصيل الحدث:

سار الأميرُ فخر الدين بن شيخ الشيوخ أمير عسكر المَلِك الصالحِ نجم الدين أيوب صاحِب مصرَ بعسكرٍ إلى طبرية، ونزلت الجيوشُ لحصار الفرنج ففَتَحَت طبريَّةَ عَنوةً في عاشر صفر، وفَتَحَت عسقلان بعدَ حصارٍ شديد وأُخِذَت من يد الفرنجِ في أواخِرِ جُمادى الآخرةِ.

العام الهجري : 726 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1326
تفاصيل الحدث:

في يومِ الاثنين سادس عشر المحَرَّم ورَدَت رسُلُ مَلِكِ الحبشة بكتابِه يتضَمَّنُ أمْرَه بإعادة ما خُرِّبَ من كنائِسِ النصارى بمصر, ومعامَلَتِهم بالإكرامِ والاحترامِ، ويهَدِّدُ بأنَّه يُخَرِّبُ ما عنده من مساجدِ المسلمين، ويَسُدُّ النيلَ حتى لا يَعبُرَ إلى مصر، فسَخِرَ السلطان الناصر محمد بن قلاوون منه، ورَدَّ رُسُلَه!!

العام الهجري : 1140 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1727
تفاصيل الحدث:

بعد فتح العثمانيين عدة مدن وقلاع إيرانية، أهمها مدائن همدان وأريوان وتبريز؛ وذلك نتيجة لتسلط الفوضى داخل إيران، وتنازع كل من الشاه أشرف الذي قتل مير محمد أمير أفغانستان، والشاه طهماسب ملك ساسان. انتهت هذه الحرب بالصلح مع الشاه أشرف في 25 صفر سنة 1140هـ

العام الهجري : 1334 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1916
تفاصيل الحدث:

كانت مُراسلاتُ "حسين - مكماهون" التي دارت بين شَريف مكةَ الشَّريفِ حسين، ونائبِ الملِكِ البريطاني في القاهرة هنري مكماهون، تمثِّلُ مقدِّماتِ الثورةِ العربية، ومن أبرزِ أسبابِها، والتي وعدت فيها بريطانيا الشريفَ حسينًا بالمساعدة وتنصيبِه ملكًا على العربِ، وإقامةِ خلافةٍ عربيةٍ إسلاميةٍ، كما أنَّ هناك أسبابًا أخرى، منها: الضَّعفُ الذي دَبَّ في أطرافِ الدولةِ العثمانية التي كانت تحكمُ المناطِقَ العربيةَ في الشامِ والحجازِ ومصر والمغرب، ومنها النعراتُ العُنصرية التي ظهرت على يدِ الاتحاديِّين القوميِّين بشكلٍ واضح، وانتشر الظلمُ في الدولةِ على نطاقٍ واسع؛ فسياسةُ الاتحاديِّينَ هي التي أيقظت الفكرةَ القوميَّةَ العثمانيةَ، بدأ بسوء الظنِّ بالعربِ، وأسهم في ذلك بعضُ الذين يريدون تخويفَ السلطانِ العثماني من العربِ، يُشيعُ أن العربَ يريدون أن يقيموا مملكةً عربية وحدهم، وكانت شكاوى العرب تنحصِرُ في إقصاء عدد كبير منهم عن وظائفهم بالأستانة، وعدمِ دعوة العربِ لأيِّ اجتماع للتأليف بين العناصِرِ العثمانية، ولا إدخالهم في الجمعياتِ الاتحادية ولا اللِّجان المركزية، ولا حتى تعيينهم على الولاياتِ والقضاءِ في البلاد العربية، ومعارضة الاتحاديين لكلِّ مشروعٍ علمي أو أدبي في البلاد العربية، ثم بدأت بعضُ الأحزاب العربية بالظهورِ كردَّةِ فِعلٍ للقومية العثمانية؛ فعُقِدَ في باريس أول مؤتمر عربي عام 1913م، ثم تفاقم أمرُ الاتحاديين وعَظُم تشدُّدهم إلى القومية التركية، وزاد الأمرُ عندما قام جمال باشا -الذي لقِّبَ بالسفاح- بقتل عددٍ مِن الذين كَشَف أنهم يتآمرون من خلال جمعياتٍ سرية على الاستقلال عن الدولة العثمانية، وكان القوميُّون العربُ قد رأوا أن يتجمَّعوا حولَ زعيم واحد ويشكِّلوا قوةً كبيرة عربية، فرأوا في الشريفِ حُسين بن علي -شريفِ مكة وأميرِها- الشخصَ المناسب لهذه الزعامة، فأجابهم، وكان التفاهمُ معه سرًّا بواسطةِ من تمكَّن مِن بعض أعضاء الجمعيات العربية الذين هربوا من جمال باشا ووصلوا للحجاز وغيرها، فتمَّ بين زعماء العرب وجمعيَّاتهم وبعضِ المقامات العالية، ومنهم الشريف حسين، أن قرَّروا إعلان الثورة في الحجاز، وكان الشريف حسين قد تعاقد مع مكماهون على أن يكون العرب حلفاءَ للإنجليز والفرنسيين خلال الحرب العالمية الأولى، وطبعا ضد الأتراك؛ لأنها كانت ضِدَّ الحلفاء، ووعدوا الشريف حسين أن يُبقوه مَلِكًا على العرب وأن يعطوا العربَ استقلالهم، وإن كان القوميون العربُ بعد اطِّلاعهم على مراسلات حسين مكماهون أغضبهم كثيرًا تنازل الشريف حسين عن بعض البلاد العربية للإنجليز أو للفرنسيين. أعلن الشريفُ حسين الثورةَ على الدولة العثمانية، وأطلق بنفسِه في ذلك اليوم أولَ رصاصةٍ على قلعةِ الأتراك في مكة؛ إيذانًا بإعلانِ الثورة، وعزَّز حركتَه بإذاعة منشورٍ اتَّهم فيه الاتحاديِّين في تركيا بالخروج على الشريعةِ الإسلامية، وجاء فيه: "وانفصلت بلادُنا عن المملكةِ العثمانية انفصالًا تامًّا، وأعلنَّا استقلالًا لا تشوبُه شائبةُ مُداخَلة أجنبية ولا تحكُّم خارجي"، واستطاعت القواتُ الثائرة أن تستوليَ في أقلَّ من ثلاثة أشهرٍ على جميعِ مدن الحجاز الكبرى، باستثناء المدينة النبوية التي بقيت محاصَرةً إلى نهاية الحرب العالمية الأولى، ولم يلبَثْ أن بويع الشريفُ حسين ملكًا على العرب. وقد نسفت القواتُ العربية بقيادةِ الأمير الشريف فيصل سكةَ حديد الحجاز، واحتلَّت ينبع والعَقَبة، واتخذوا من العَقَبة نُقطةَ ارتكازٍ لهم، ثم أخذ فيصل يتقدَّمُ لِيُحارِبَ الأتراكَ في منطقة شرقي الأردن، وبذلك قَدَّم للحُلفاء أكبرَ مساعدة؛ حيث استطاع اللورد اللنبي قائِدُ القوات الإنجليزية أن يدخُلَ القدسَ بمعاونة العرب، كما أنَّ احتلالَ القوات العربية لمنطقة شرقي معان قد حمى ميمنة القواتِ البريطانية في فلسطين من هَجَمات الأتراك عليها في منطقة بئر سبع والخليل، وحمى خطوطَ مواصلاتها، ولم تلبَث القواتُ العربيةُ أن تقدَّمت في (ذي الحجة 1336هـ/ سبتمبر 1918م) فاحتَلَّت دمشق واصطدمت بالأتراكِ قبل أن يدخُلَها اللنبي، ولم يمضِ أكثرُ من شهر حتى زال النفوذُ العثماني من سوريا بعد أن أمضى بها أربعة قرون. والواقع أن الكثيرين قد أُصيبوا بخيبةِ أمل كبيرة، وعلى رأسِهم الشيخ محمد رشيد رضا، وذلك عندما عَلِموا بتنازل حسين عن ولايتي إسكندرون ومرسين والمناطق الشمالية السورية، ووافق على مصالح فرنسا في ولاية بيروت لِما بعد الحرب، وعلى مصالح بريطانيا في البصرة وبغداد، وأنَّ الأسطول الإنجليزي هو الذي أسقط ثغورَ جدة ورابغ وينبع وغيرها من موانئ الحجاز، وأن ثغرَ بورسودان كان القاعدةَ التي انطلق منها الأسطول الإنجليزي لدعم ثورة الشريف حسين، وازداد شعورُهم بالخيبة عندما وجدوا ضباط إنجلترا وفرنسا مثل اللنبي وكوكس وكاترو وغورو والضابط الشهير لورانس هم الذين يقودون القبائِلَ العربية، ووصل الأمرُ ببعض هؤلاء الضبَّاط في النَّيلِ من المسلمين أنه لَمَّا دخل الجنرال اللنبي القدسَ يوم 9/12/1917م قال قولَته المشهورة: الآن انتهت الحروبُ الصَّليبية! ولَمَّا دخل الجنرال غورو دمشق يوم 21/7/1920م توجَّه إلى قبر صلاح الدين الأيوبي ووقف أمامَه قائلًا: ها قد عُدنا يا صلاحَ الدين! ثم تكرَّست المرارةُ والحسرة عندما ارتفعت أعلامُ بريطانيا وفرنسا على المناطق التي قاتَلَ فيها العرب، ولم يكن بينها عَلَمُ الدولة العربية المنتظَرة! وحاول الشيخ رشيد رضا أن يلفِتَ نظرَ الشريف حسين إلى خطورة ما أقدم عليه؛ لأن العدوَّ الحقيقيَّ هو الاستعمار الغربي لا الدولةُ العثمانية، إلا أنَّ بريقَ المصلحة وأحلامَ المُلك والعَرش كانا قد سيطرا على خيال الشريف حسين، فلم يستمِعْ إلى صوتِ ناصحٍ أو حكيمٍ! وإنما أمر بمنع دخول مجلة "المنار" التي يُصدِرُها الشيخ رشيد رضا من دخول مكة. ولم يعلم العربُ باتفاقِ (سايكس – بيكو) إلا عندما أعلنه البلاشفة بعد قيام ثورتهم في روسيا 1917م، وتأكَّد العربُ أنَّ الاتفاق أهمل تأسيسَ خلافة عربية، وأعطى بعضَ أجزاء من الدولة العربية المنتَظَرة لفرنسا، وأثار هذا الاتفاقُ حفيظةَ العرب، إلا أنَّهم مضوا في ثورتهم بعد طمأنةِ البريطانيين لهم، ونجح العثمانيُّون في تصوير الشريف حسين على أنَّه خائِنٌ للإسلام متحالِفٌ مع الدُّوَل النصرانية ضِدَّ دولة إسلامية، إلَّا أن الخلافاتِ الحقيقيةَ بين العرب والإنجليز تعمَّقت وظهرت مع إطلاقِ بريطانيا لوعدِ بلفور في (المحرم 1336هـ/نوفمبر 1917م) كانت غاية الإنجليز من ثورة العرب هو ضربَ الأتراك بالعرب، بدلًا أن يخوضوا هم غمار هذه الحرب، ويدلُّ على ذلك أن الإنجليز كانوا يضغطون على الشريف حسين لبدء الثورة عندما كانت جيوش الحلفاء تستسلم للأتراك عند كوت العمارة في نيسان 1916م، وكان الحلفاءُ غير قادرين على مواجهة القوات العثمانية عند قناة السويس واليمن، فكان التعجيل بالثورة ضِدَّ العثمانيين فيه تخفيف العبء عن الإنجليز، وفعلًا أدى إعلان الثورة إلى رجحان كفة الحلفاء، وبدأت الحاميات التركية في الاستسلام بعد أن حوصِرَت واستعمل معها رجال الجيش حربَ العصابات، ثم بدأ القتال فعلًا بين العرب وجيوش العثمانيين في الحجاز في التاسع من شعبان 10 يونيو، وأعلنوا استقلالهم، وهاجموا الثكناتِ التركيةَ في مكة، وحمِيَ القتال خلال يومين، حتى تعطَّلت الصلاةُ والطواف في المسجد الحرام، وكذلك الأمرُ في جدَّة؛ دام القتال ستة أيام حتى سقطت بيدِ قوات الشريف، وفي التاسع من رمضان استسلم الأتراك في مكة، وفي ذي القعدة سقطت الطائفُ، ثم أعلن الحجازُ استقلاله عن الاتحاديين، فانتهز الإنجليز والفرنسيون الفرصة وبدؤوا في إرسال التهاني، وحتى الدول الأوربية الأخرى كروسيا وسائر الدول غير المنحازة، أما السوريون واللبنانيون فلم ينَلْهم من الثورة إلا الحصارُ والاضطهاد؛ حيث كانت كفاءتُهم الحربية ضعيفة مقارنة مع كفاءات العثمانيين في هذه المنطقة، وكانت جيوش الثورة عبارة عن ثلاثة جيوش كل واحد بقيادة ولد من أولاد الحسين، وهم فيصل، وعبد الله، وعلي، وكان مع جيش فيصل لورنس وكان يتلقى أوامِرَه من الجنرال اللنبي، ثم تألَّفت أول وزارة عربية في السابع من ذي الحجة 1334هـ/ 5 أكتوبر 1916م، ثم أمر بتأليف مجلس الشيوخ الأعلى، هذا ولم تعين الحكومة العربية، ثم تمت مبايعةُ العربِ للشريف حسين بن علي ملكًا على العرب يوم الخميس السادس من محرم 1335هـ/ 6 تشرين الأول 1916م، علما أن استنكارًا إسلاميًّا قد ورد إلى الشريف حسين عن طريق شكيب أرسلان الذي قال له: أتقاتل العربَ بالعربِ أيها الأمير حتى تكون ثمرةُ دماء قاتِلِهم ومقتولِهم استيلاء إنجلترا على جزيرة العرب، وفرنسا على سوريا، واليهود على فلسطين، وهذا ما حصل بالفعل!!

العام الهجري : 206 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 822
تفاصيل الحدث:

هو الحكَمُ بنُ هشامٍ ابنُ الداخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ابن الحَكَم الأُموي، المرواني، أبو العاصِ، أميرُ الأندلس، وابنُ أميرِها، وحفيدُ أميرها. ويلقَّب: بالمرتضَى، ويعرف: بالربضي؛ لِما فعلَ بأهلِ الربض. بويعَ بالمُلك عند موت أبيه- في صفر سنة ثمانين ومائة- وكان من جبابرةِ الملوك وفُسَّاقهم ومتَمَرِّديهم، وكان فارسًا شجاعًا فاتِكًا، ذا دهاءٍ وحَزمٍ، وعُتُوٍّ وظُلمٍ، تملَّكَ سبعًا وعشرين سنة. وكان في أوَّلِ أمْرِه على سيرةٍ حميدةٍ، تلا فيها أباه، ثم تغيَّرَ وتجاهر بالمعاصي. كان يأخذُ أولادَ النَّاسِ المِلاح، فيُخصيهم ويُمسِكُهم لنَفسِه. وله شِعرٌ جَيِّد. وكان يقرِّبُ الفُقَهاء وأهلَ العلمِ. وكَثُرت العلماء بالأندلُسِ في دولته، حتى قيل: إنَّه كان بقُرطبة أربعةُ آلاف متقَلِّس- أي: مُتزَيِّينَ بزيِّ العلماء- فلما أراد اللهُ فناءهم، عَزَّ عليهم انتهاكُ الحكَمِ بن هشام للحُرُمات، وأْتَمَروا ليخلَعوه، ثم جيَّشوا لقتاله، وجرت بالأندلسِ فِتنةٌ عظيمةٌ على الإسلام وأهله- فلا قوَّةَ إلا باللهِ- على يدِ الحَكَمِ بن هشام، قُتل فيها عشراتُ الآلافِ مِن العُلَماء والعامَّة خاصةً في وقعة الربض بقُرطبة، ثم توفِّيَ الحَكَمُ بن هشام. وهو أوَّلُ من جَنَّد بالأندلُسِ الأجنادَ المُرتَزِقة، وجمع الأسلحةَ والعُدَد، واستكثَرَ من الحشَمِ والحواشي، وارتبَطَ الخيولَ على بابه، وشابَهَ الجبابرةَ في أحوالِه، واتَّخذ المماليكَ، وجعَلَهم في المرتَزِقة، فبلغت عِدَّتُهم خمسةَ آلاف مملوك، وكانوا يُسَمَّون الخُرسَ؛ لعُجمةِ ألسنتِهم، وكانوا يوميًّا على باب قَصرِه. وكان يطَّلِعُ على الأمور بنفسه، ما قَرُب منها وبَعُد، وكان له نفَرٌ مِن ثقاتِ أصحابِه يُطالِعونَه بأحوالِ النَّاس، فيرُدُّ عنهم المظالِمَ، ويُنصِفُ المظلومَ، وهو الذي وطَّأَ لعَقِبه المُلْكَ بالأندلس، وولِيَ بعده ابنُه عبدالرحمن بن الحكَم.

العام الهجري : 429 العام الميلادي : 1037
تفاصيل الحدث:

دخلَ رُكنُ الدين أبو طالبٍ طغرلبك محمد بن ميكائيل بن سلجوق مدينةَ نيسابور -شمال غرب أفغانستان- مالِكًا لها، وكان سببُ ذلك أنَّ الغزَّ السلجقيَّة لَمَّا ظهروا بخراسان أفسدوا، ونهبوا، وخرَّبوا البلاد، وسَبَوا، وسَمِعَ الملك مسعودُ بنُ محمود بن سبكتكين بخَبَرِهم، فسَيَّرَ إليهم حاجِبَه سباشي في ثلاثين ألف مقاتلٍ، فسار إليهم من غزنة، فلما بلغ خراسانَ أقام مدَّة سنة على المدافعة والمُطاولة، كان سباشي يَتْبعُ أثَرَهم إذا بعدوا، ويَرجِعُ عنهم إذا أقبلوا استعمالًا للمحاجزة، وإشفاقًا من المحاربة، حتى إذا كان في هذه السَّنة، وهو بقريةٍ بظاهر سرخس، والغز بظاهر مروٍ مع طغرلبك، وقد بلغَهم خبَرُه، فقاتلوه يومَ وصَلوا، فلما جنَّهم الليلُ أخذ سباشي ما خَفَّ مِن مالٍ وهَرَب في خواصِّه، وترك خِيَمَه ونيرانَه على حالها، قيل فعَلَ ذلك مواطأةً للغز (التركمان) على الهزيمةِ، فلمَّا أسفر الصبح عرف الباقونَ مِن عَسكَرِه خَبَرَه، فانهزموا، واستولى الغزُّ على ما وجدوه في مُعَسكرِهم مِن سوادهم، وقتلوا من الهنودِ الذين تخلَّفوا مقتلةً عظيمة، وأسرى داود أخو طغرلبك، وهو والِدُ السلطان ألب أرسلان، إلى نيسابور، وسَمِعَ أبو سهل الحمدوني ومن معه بها، ففارقوها، ووصل داود ومَن معه إليها، فدخلوها بغير قتال، ولم يُغَيِّروا شيئًا من أمورِها، ووصل بعدَهم طغرلبك ثمَّ وصَلَت إليهم رسُلُ الخليفةِ في ذلك الوقت، وكان قد أرسَلَ إليهم وإلى الذين بالريِّ وهمذان وبلد الجبل ينهاهم عن النَّهبِ والقتل والإخراب، فكَفُّوا عن ذلك، ثم استولَوا على سائِرِ بلاد خراسان سوى بلخٍ، وأقام طغرلبك بدارِ الإمارة، وجلس على سريرِ المَلِك مسعود، وصار يقعُدُ للمظالم يومينِ في الأسبوع على قاعدةِ ولاة خراسان, وكانوا يخطُبونَ للمَلِك مسعودٍ على سبيلِ المغالطة، وكانوا ثلاثة إخوة: طغرلبك، وداود، وبيغو، وكان ينال- واسمه إبراهيم- أخا طغرلبك وداودَ لأمِّهما.

العام الهجري : 509 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1116
تفاصيل الحدث:

هو أبو طاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الحميري الصنهاجي صاحب إفريقية وما والاها, كان من خيار الملوك، عارفًا حسن السيرة، كان عادلًا في دولته ضابطًا لأمور رعيته، عارفًا بخرجه ودخله، مدبرًا في جميع ذلك على ما يوجبه النظر العقلي ويقتضيه الرأي الحكمي، وكان كثيرَ المطالعة لكتب الأخبار والسِّيَر، عارفًا بها، رحيمًا للضعفاء شفيقًا على الفقراء، يُطعِمُهم في الشدائد فيرفُق بهم، ويقرب أهل العلم والفضل من نفسه، وساس العرب في بلاده فهابوه وانكفأت أطماعهم، وكان له نظرٌ حسن في صناعة النجوم والأحكام، وكان حسنَ الوجه، وكانت ولايةُ الأمير يحيى بالمهدية خلافةً عن أبيه تميم يوم الجمعة لأربع بقين من شهر ذي الحجة سنة 497، وكان عمره ثلاثًا وأربعين سنة وستة أشهر وعشرين يومًا، وركب على العادة، وأهل دولته محتفُّون به، ورجع إلى قصره فغيَّرَ لباس أهل الدولة من الخواص والجند بخِلَعٍ سَنِية، وكانوا قد غيَّروا لباسَهم لموت أبيه، ووهب للأجناد والعبيد أموالًا كثيرة، ولما جلس يحيى للملك قام بالأمر وعدل في الرعية وفتح قلاعًا لم يتمكن أبوه من فتحها، وظهر في أيامه محمد بن تومرت الذي ادَّعى أنه المهدي المنتظر، واستفحل خطره, وفي هذه السنة وقف ليحيى ثلاثة غرباء، وزعموا أنهم يعملون الكيمياء، فأحضرهم ليتفرج عليهم في خَلوةٍ، وعنده قائد عسكره إبراهيم، والشريف أبو الحسن، فسَلَّ أحدهم سكينًا، وضرب الملك، فما صنع شيئًا، ورفسه الملك فدحرجه، ودخل مجلسًا وأغلقه، وقتل الآخر الشريف، وشَدَّ إبراهيم بسيفه عليهم، ودخل المماليك، وقتلوا الثلاثة، وكانوا باطنيةً، وقيل إن الآمر العبيدي ندبهم لذلك. توفي يحيى وله اثنتان وخمسون سنة, وخلف ثلاثين ولدًا ذكرًا, وكانت دولته ثماني سنين, وكان ولده علي نائبه على سفاقس، فأُحضِرَ وعُقِدت له الولاية، ودُفِنَ يحيى في القصر.

العام الهجري : 521 العام الميلادي : 1127
تفاصيل الحدث:

هو أبو سعيد آقسنقر البرسقي الغازي، الملقَّب قسيم الدولة سيف الدين، وكان مملوكًا تركيًّا صاحب الموصل والرحبة وتلك النواحي، ملَكَها بعد مودود بن التونتكين، وكان مودود بالموصل وببلاد الشام من جهة السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي، فقُتِل مودود سنة 507، وآقسنقر يومئذ شحنة بغداد، كان ولَّاه إياها السلطان محمد في سنة 498، فلما قتل مودود أرسل السلطان محمد البرسقي واليًا على الموصل وأمره بالاستعداد لقتال الفرنج بالشام، فوصل إلى الموصِل وملكها وغزا، ودفع الفرنج عن حلب وقد ضايقوها بالحصار، فلما استنجد به أهلها، فأجابهم ونادى الغزاة، ولما أشرف على حلب تقهقرت الفرنج، ورتَّب أمور البلد، وأمدَّهم بالغلَّات، ورتَّب بها ابنه فيها، ثم عاد إلى الموصل وأقام بها إلى أن قُتل. وهو من كبراء الدولة السلجوقية، وله شهرة كبيرة بينهم. كان عادلًا حميد الأخلاق، شديد التدين، محبًّا للخير وأهله، مُكرِمًا للفقهاء والصالحين، ليِّنًا حسن المعاشرة، ويرى العدل ويفعله، وكان من خير الولاة؛ يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويصلي من الليل متهجِّدًا، عالي الهمة، كان من خيار الولاة, وكان شجاعًا محل ثقة الخلفاء والملوك وتقديرهم. قتلته الباطنية بجامع الموصل يوم الجمعة التاسع من ذي القعدة سنة 520، قتله الباطنية في مقصورة الجامع بالموصل، وقيل: إنهم جلسوا له في الجامع بزي الصوفية، فلما انفتل من صلاته قاموا إليه وأثخنوه جراحًا؛ وذلك لأنه كان تصدى لاستئصال شأفتهم وتتبَّعَهم وقتل منهم عصبةً كبيرة، وتولى ولَدُه عز الدين مسعود موضِعَه، ثم توفي يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة 521، وملك بعده عماد الدين زنكي بن آقسنقر, وكان من مماليك السلطان طغرلبك أبي طالب محمد، وكان من أمراء السلاجقة المشار إليهم فيها، المعدودين من أعيانهم.

العام الهجري : 591 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1195
تفاصيل الحدث:

غزا أبو يوسُفَ يعقوبُ بنُ عبد المؤمن، صاحِبُ بلاد المغرب والأندلس، بلادَ الفِرنجِ بالأندلُسِ، وسبَبُ ذلك أنَّ ألفونسو مَلِك الفرنج بها، ومَقَرُّ مُلكِه مدينة طليطلة، كتب إلى يعقوبَ كتابًا فحواه أنَّه يريد الإغارةَ على البلادِ والقَتلَ، وأنَّه لا مانع له من ذلك ويستهزئُ بقوة المسلمين ويتَّهِمُهم بالضَّعفِ مع أنَّهم- أي المسلمين- مأمورون بالجهاد، حتى لو كان العدوُّ ضِعفَ العَدَد، واستهزأ بالمَلِك أبي يوسف يعقوب، فلمَّا وصل كتابُه وقرأه يعقوبُ، كتب في أعلاه هذه الآية: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37]، وأعاده إليه، وجمع العساكِرَ العظيمةَ من المسلمينَ وعبَرَ المجاز إلى الأندلس، وقيل: كان سبَبُ عبوره إلى الأندلس أن يعقوبَ لَمَّا قاتل الفرنج سنة ست وثمانين وصالحهم، بَقِيَ طائفة من الفرنج لم تَرْضَ الصلح، فلما كان الآن جَمَعت تلك الطائفة جمعًا من الفرنجِ، وخرجوا إلى بلاد الإسلام، فقَتَلوا وسَبَوا وغَنِموا وأسروا، وعاثوا فيها عيثًا شديدًا، فانتهى ذلك إلى يعقوب، فجمع العساكِرَ، وعبَرَ المجاز إلى الأندلس في جيشٍ يضيقُ عنهم الفضاء، فسَمِعَت الفرنج بذلك، فجمعت قاصيَهم ودانيهم، فالتقوا تاسِعَ شعبان شماليَّ قُرطبةَ عند قلعة رياح، بمكانٍ يعرف بمرج الحديد، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فكانت الدائرة أولًا على المسلمين، ثمَّ عادت على الفرنج، فانهزموا أقبحَ هزيمةٍ، وانتصر المسلمون، وغَنِمَ المسلمون منهم شيئًا عظيمًا، ولَمَّا انهزم الفرنج اتَّبَعهم أبو يوسف، فرآهم قد أخذوا قلعةَ رياح، وساروا عنها من الرُّعبِ والخوف، فمَلَكَها وجعل فيها واليًا وجندًا يحفظونها، وعاد إلى مدينة إشبيلية، وأما ألفونسو فإنه لما انهزم حَلَقَ رأسَه، ونكَّسَ صليبَه، ورَكِبَ حمارًا، وأقسَمَ أنْ لا يركب فرسًا ولا بغلًا حتى تُنصَرَ النَّصرانيَّة.

العام الهجري : 620 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1223
تفاصيل الحدث:

سار شهاب الدين غازي بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب قلعة سرماري، وهي من أعمال أرمينية إلى خلاط، لأنه كان في طاعة صاحب خلاط، فحضر عنده، واستخلف ببلده أميرًا من أمرائه، فجمع هذا الأمير جمعًا وسار إلى بلاد الكرج، فنهب منها عدة قرى وعاد، فسمعت الكرج بذلك، فجمع صاحب دوين، واسمه شلوة، وهو من أكابر أمراء الكرج، عسكره وسار إلى سرماري فحصرها أيامًا، ونهب بلدها وسوادها ورجع، فسمع صاحب سرماري شهاب الدين الخبر، فعاد إلى سرماري، فوصل إليها في اليوم الذي رحل الكرج عنها، فأخذ عسكره وتبعهم، فأوقع بساقتهم، فقتل منهم وغنم، واستنقذ بعض ما أخذوا من غنائم بلاده، ثم إن صاحب دوين جمع عسكره وسار إلى سرماري ليحصرها، فوصل الخبَرُ إلى شهاب الدين بذلك، فحَصَّنها، وجمع الذخائر وما يحتاج إليه، فأتاه من أخبره أن الكرج نزلوا بوادي بني دوين وسرماري، وهو وادي ضيق، فسار بجميع عسكره جريدة –الجريدة: خَيْلٌ لا رَجَّالة فيها- وجَدَّ السير ليكبس الكرج، فوصل إلى الوادي الذي هم فيه وقت السحر، ففرق عسكره فرقتين: فرقةً من أعلى الوادي، وفرقة من أسفله، وحملوا عليهم وهم غافلون، ووضعوا السيف فيهم، فقتلوا وأسروا، فكان في جملة الأسرى شلوة أمير دوين، في جماعة كثيرة من مقدميهم، ومن سلم من الكرج عاد إلى بلدهم على حال سيئة، ثم إن ملك الكرج أرسل إلى الملك الأشرف موسى بن العادل، صاحب ديار الجزيرة، وهو الذي أعطى خلاط وأعمالها الأمير شهاب الدين، يقول له: كنا نظن أننا صلح، والآن فقد عمل صاحب سرماري هذا العمل، فإن كنا على الصلح فنريد إطلاق أصحابنا من الأسر، وإن كان الصلح قد انفسخ بيننا فتعرفنا حتى ندبِّر أمرنا، فأرسل الأشرف إلى صاحب سرماري يأمره بإطلاق الأسرى وتجديد الصلح مع الكرج، ففعل ذلك واستقرت قاعدة الصلح، وأُطلق الأسرى.

العام الهجري : 648 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1250
تفاصيل الحدث:

كتب الأمراءُ القيمريَّة مِن دمشق إلى المَلِك النَّاصِر صلاح الدين يوسُف بن العزيز محمَّد بن الظاهر غازي بن السُّلطان صلاح الدين يوسُف بن أيوب صاحِب حلب، يحذرونَه بامتناعِهم من الحَلِف لشَجرةِ الدُّرِّ، ويحثُّونَه على المسيرِ إليهم حتى يملِكَ دمشق، فخرج من حَلَب في عساكِرِه مُستهَلَّ شَهرَ ربيع الآخر، ووصل إلى دمشقَ يوم السبت ثامِنَه، ونازلها إلى أن كان يومُ الاثنين عاشِرَه زحف عليها، ففتح الأمراءُ القيمرية له أبواب البلد وكان القائمُ بذلك من القيمريَّة الأمير ناصر الدين أبو المعالي حسين بن عزيز بن أبي الفوارس القيمري الكردي، فدخلها الناصرُ صلاح الدين هو وأصحابه بغير قتالٍ، وخلع على الأمراءِ القيمرية، وعلى الأميرِ جمال الدين بن يغمور، وقبَضَ على عِدَّة من الأمراء المماليك الصالحيَّة وسجَنَهم، ومَلَك الناصر صلاح الدين قلعةَ دمشق، وكان بها مجاهدُ الدين إبراهيم أخو زين الدين أمير جندار، فسَلَّمها إلى الناصر، وبها من المالِ مائة ألف دينار وأربعمائة ألف درهم سوى الأثاث، ففرق الناصِرُ جميعَ ذلك على الملوك والأمراء، وتسَلَّموا ما حولها كبعلبك وبُصرى والصلت وصرخد، وامتنعت عليهم الكرك والشوبك بالملك المغيثِ عمر بن العادل بن الكامل، كان قد تغلب عليهما في هذه الفتنة حين قُتِلَ المعظم توران شاه، فطلبه المصريون ليُمَلِّكوه عليهم فخاف مما حَلَّ بابنَي عَمِّه، فلم يذهب إليهم ولما استقَرَّت يد الحلبيين على دمشق وما حولها جلس الناصِرُ في القلعة وطَيَّب قلوب الناس، ثم ركبوا إلى غزة ليتسَلَّموا الديار المصرية، فبرز إليهم الجيشُ المصري فاقتتلوا معهم أشَدَّ القتال، فكُسر المصريونَ أوَّلًا بحيث إنه خُطِبَ للناصر في ذلك بها، ثم كانت الدائرة على الشاميِّين فانهزموا وأسروا من أعيانهم خلقًا كثيرًا، وعَدِمَ من الجيش الصالح إسماعيل.

العام الهجري : 698 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1299
تفاصيل الحدث:

قُتِلَ السلطانُ المَلِكُ المنصورُ حسام الدين لاجين ونائبُه سيف الدين منكوتمر، ليلةَ الجمعة حادي عشر ربيع الآخر، على يدِ الأمير سيف الدين كرجي الأشرفي ومَن وافقه من الأمراء، وذلك بحضورِ القاضي حسامِ الدين الحنفي وهو جالسٌ في خدمته يتحَدَّثان، وقيل كانا يلعبانِ بالشطرنج، فلم يشعُرا إلَّا وقد دخلوا عليهم فبادروا إلى السلطانِ بسُرعةٍ جَهرةً ليلةَ الجمعة فقَتَلوه وقُتِلَ نائبُه منكوتمر صبرًا صبيحة يوم الجمعةِ وألقِيَ على مزبلة، واتفق الأمراءُ على إعادة ابنِ أستاذهم المَلِك النَّاصر محمدِ بنِ قلاوون، فأرسلوا وراءَه، وكان بالكرك ونادَوا له بالقاهرة، وخُطِبَ له على المنابر قبل قدومِه، وجاءت الكتُبُ إلى نائِبِ الشامِ قبجق فوجدوه قد فَرَّ خَوفًا من غائلة لاجين، فسارت إليه البريديَّةُ فلم يدركوه إلا وقد لحِقَ بالمغول عند رأسِ العين، من أعمال ماردين، وتفارط الحالُ ولا قُوَّة إلَّا بالله، وكان سَبَبُ قتل لاجين ونائبه منكوتمر هو ما بدر منهما تجاهَ الأمراءِ؛ فإن لاجين كان قد حَلَف لهم يوم أن نَصَبوه سلطانًا بعد قتْلِه كتبغا أنَّه لن يولي منكوتمر شيئًا بل سيقَدِّمُهم فَهُم الأمراءُ, ولكِنَّ هذا ما لم يكُنْ، فقَدَّمَ مَملوكَه وجعَلَه نائبَه وأصبح يعتَقِلُ الأمراء ويقتُلُ بَعضَهم، حتى إنه في أسبوعٍ واحد قتل خمسةً مِن الأمراء، والذي لم يُقتَل أو يُعتَقَل أُبعِدَ في الولاياتِ السخيفةِ التي لا تليقُ بهم في الأماكِنِ البعيدة، وكُلُّ ذلك بتدبيرِ النائب منكوتمر؛ طمعًا منه أن يليَ السلطنة؛ لأنَّ لاجين لا ذريَّةَ له من الذكور، فأفعالُه تلك أوغَرَت عليه صدورَ الأمراء ممَّا حدا بهم إلى قتلِهما جميعًا، ثم كان دخولُ الملك الناصر إلى مصرَ يوم السبتِ رابِعَ جمادى الأولى، وكان يومًا مشهودًا، ودُقَّت البشائِرُ ودخل القضاةُ وأكابِرُ الدولة إلى القلعة، وبويع بحضرةِ عَلَم الدين أرجواش، وخُطِبَ له على المنابر بدِمشقَ وغيرها بحضرةِ أكابر العلماء والقُضاة والأُمراءِ.