وجَّه أبو أحمد الموفَّق ولَدَه أبا العباسِ في نحوٍ مِن عشرة آلافِ فارس وراجلٍ، في أحسَنِ هيئةٍ وأكملِ تجَمُّل لقتال الزنج، فساروا نحوَهم فكان بينه وبينهم من القتالِ والنِّزال في أوقاتٍ متعدِّدة ووقعاتٍ مشهورةٍ، استحوذ أبو العباس بن الموفِّق فيها على ما كان استولى عليه الزنجُ ببلاد واسط وأراضي دجلة، هذا وهو شابٌّ حَدَثٌ لا خبرةَ له بالحرب، ولكِنْ سَلَّمَه الله وأعلى كلمَتَه وسَدَّد رَميَتَه وأجاب دعوتَه، وفتح على يديه وأسبَغَ نِعَمَه عليه، وهذا الشابُّ هو الذي وليَ الخلافةَ بعد عمه المعتمد، ثم ركب أبو أحمد الموفَّق ناصر دين الله في بغداد في صفر منها في جيوشٍ كثيفة، فدخل واسط في ربيع الأوَّل منها، ثم سار بجميعِ الجيوش إلى صاحب الزنج وهو بالمدينة التي أنشأها وسمَّاها المنيعة، فقاتل الزنجُ دونها قتالًا شديدًا فقهرهم ودخلها عَنوةً وهربوا منها، فبعث في آثارِهم جيشًا، فلَحِقوهم إلى البطائح يقتُلون ويأسرون، وغَنِمَ أبو أحمد من المنيعة شيئًا كثيرًا، واستنقذ من النساء المُسلمات خمسةَ آلافِ امرأة، وأمر بإرسالهنَّ إلى أهاليهن بواسط، وأمر بهدمِ سُورِ البلد وبطَمِّ خندقها وجعلها بلقعًا بعد ما كان للشَّرِّ مَجمعًا، ثم سار الموفَّق إلى المدينة التي لصاحب الزنج التي يقال لها المنصورة، وبها سليمان بن جامع، فحاصروها وقاتلوه دونها فقُتِلَ خَلقٌ كثيرٌ من الفريقين، ورَمى أبو العباس بن الموفَّق بسهمٍ أحمدَ بن هندي أحدَ أمراء صاحب الزنج فأصابه في دماغِه فقَتَله، فشَقَّ ذلك على الزنجِ جِدًّا، وأصبح الناسُ محاصِرينَ مدينة الزنج يومَ السبت لثلاث بقين من ربيع الآخر والجيوشُ المُوَفَّقية مُرتَّبة أحسنَ ترتيب، فتقدم الموفَّق واجتهد في حصارِها، فهزم الله مقاتِلَتَها وانتهى إلى خَندقِها، فإذا هو قد حُصِّنَ غايةَ التحصين، وإذا هم قد جعلوا حول البلدِ خمسةَ خنادقَ وخمسة أسوار، فجعل كلمَّا جاوز سورًا قاتلوه دون الآخَرِ، فيَقهَرُهم ويجوز إلى الذي يليه، حتى انتهى إلى البلد فقتل منهم خلقًا كثيرًا وهرب بقيَّتُهم، وأسَرَ مِن نساءِ الزِّنج من حلائل سليمان بن جامع وذويه نساءً كثيرةً وصِبيانًا، واستنقذ من أيديهم النساءَ المُسلِمات والصبيانَ مِن أهل البصرة والكوفة نحوًا من عشرة آلاف نسمةٍ فسَيَّرَهم إلى أهليهم، ثمَّ أمر بهدم أسوارِها ورَدْم خنادِقِها وأنهارِها، وأقام بها سبعةَ عشر يومًا، بعث في آثارِ مَن انهزم منهم، فكان لا يأتونَ بأحدٍ منهم إلَّا استماله إلى الحقِّ برِفقٍ ولِينٍ وصَفحٍ، فمن أجابه أضافه إلى بعض الأمراءِ - وكان مقصودُه رجوعَهم إلى الدينِ والحَقِّ- ومن لم يُجِبْه قتله أو حبَسَه، ثم ركب إلى الأهواز فأجلاهم عنها وطرَدَهم منها وقتلَ خلقًا كثيرًا من أشرافهم؛ منهم أبو عيسى محمد بن إبراهيم البصري، وكان رئيسًا فيهم مُطاعًا، وغَنِم شيئًا كثيرًا من أموالهم، وكتب الموفَّق إلى صاحب الزنج- قبَّحَه الله- كتابًا يدعوه فيه إلى التوبةِ والرجوع عمَّا ارتكبه من المآثِمِ والمظالمِ والمحارمِ، ودعوى النبوَّةِ والرِّسالة، وخرابِ البُلدانِ واستحلالِ الفُروج الحرام، ونبَذَ له الأمانَ إن هو رجَعَ إلى الحق، فلم يَرُدَّ عليه صاحِبُ الزنج جوابًا، فسار أبو أحمد الموفَّق إلى مدينةِ صاحب الزنج وحصار المختارة، فلمَّا انتهى إليها وجدَها في غاية الإحكام، وقد حَوَّط عليها من آلات الحصار شيئًا كثيرًا، وقد التفَّ على صاحب الزنج نحوٌ من ثلثمائة ألفِ مقاتلٍ بسيفٍ ورُمحٍ ومِقلاعٍ، ومن يكثر سوادهم، فقَدَّم الموفَّق ولدَه أبا العباس بين يديه فتقَدَّم حتى وقف تحت قصرِ الملك فحاصَره محاصرةً شديدةً، وتعجَّبَ الزنج من إقدامِه وجرأتِه، ثم تراكمتِ الزِّنجُ عليه من كلِّ مكان فهزمهم وأثبتَ بهبوذ بن عبدالوهاب أكبَر أمراءِ صاحبِ الزنجِ بالسِّهام والحجارةِ، ثم خامر جماعةٌ من أصحاب أمراءِ صاحِب الزنج إلى الموفَّق فأكَرَمهم وأعطاهم خِلَعًا سَنِيَّة، ثم رَغِبَ إلى ذلك جماعةٌ كثيرون فصاروا إلى الموفَّق، ثم ركب أبو أحمد الموفَّق في يوم النصف من شعبان ونادى في الناسِ كلِّهم بالأمان إلى صاحبِ الزنج، فتحول خلقٌ كثيرٌ من جيش صاحب الزنج إلى الموفَّق، وابتنى الموفَّق مدينةً تجاه مدينة صاحب الزنج سمَّاها الموفَّقيَّة، ليستعينَ بها على قتال صاحب الزنج، ثم جرت بينهم حروبٌ عظيمة، وما زالت الحربُ ناشبةً حتى انسلخت هذه السنةُ وهم محاصِرونَ للخبيثِ صاحِبِ الزنج، وقد تحوَّل منهم خلقٌ كثيرٌ، فصاروا على صاحِبِ الزنج بعد ما كانوا معه، وبلغ عددُ من تحول قريبًا مِن خمسين ألفًا من الأمراءِ الخواصِّ والأجناد، والموفَّق وأصحابُه في زيادةٍ وقوَّة ونصرٍ وظفَرٍ.
عن عُبادةَ بنِ الصَّامتِ رضي الله عنه أحدُ النُّقَباءِ ليلةَ العَقبةِ: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحبِه وسلَّم قال وحولَه عِصابةٌ مِن أصحابهِ: (بايِعوني على أنْ لا تُشرِكوا بالله شيئًا، ولا تَسرِقوا، ولا تَزنوا، ولا تَقتُلوا أولادَكُم، ولا تَأتوا ببُهْتانٍ تَفتَرونهُ بين أيديكُم وأرجُلِكُم، ولا تَعْصوا في مَعروفٍ، فمَن وَفَّى منكم فأجرُهُ على الله، ومَن أصاب مِن ذلك شيئًا فعُوقِبَ في الدُّنيا فهو كفَّارةٌ له، ومَن أصاب مِن ذلك شيئًا ثمَّ سَترهُ الله فهو إلى الله، إن شاء عَفا عنه، وإن شاء عاقَبهُ). قال: فبايَعناهُ على ذلك.
كان حَسَّانُ بنُ الجَرَّاح قد خرج على الحاكِمِ، وأمَدَّه الرُّومُ، ثمَّ إنَّ الظاهِرَ لَمَّا عقَدَ المُعاهَدةَ مع الرُّومِ كان منها عدَمُ إمدادِ حَسَّان، فلمَّا كانت هذه السَّنَةُ أرسل الظَّاهِرُ الفاطميُّ جَيشًا بقيادةِ أنوشتكين التركي لَمَّا بلَغَه أنَّ حَسَّان وسِنان بن عليان أميرَ بني كلابٍ وصالِحَ بنَ مرداس أميرَ حَلَب اتَّفَقوا على إخراجِ الفاطميِّينَ مِن الشَّامِ واقتسامِها بينهم، فكانت الحَربُ بين جيشِ الفاطميِّينَ وبينهم في موقِعٍ يُدعى الأُقحُوانة عند طبَريَّة، وكان من نتائِجِ الحَربِ مَقتَلُ صالحِ بنِ مِرداس وهُروب حسَّان ولجوئِه إلى الرُّوم.
خرج بمِصرَ إنسانٌ اسمُه سكين وقيل سُليمان، كان يُشبِهُ الحاكِمَ صاحِبَ مِصرَ، فادَّعى أنَّه الحاكِمُ، وقد رجعَ بعد موتِه، فاتَّبَعه جمعٌ مِمَّن يعتَقِدُ رَجعةَ الحاكِمِ، فاغتنموا خُلوَّ دار الخليفةِ بمصرَ مِن الجند وقصَدوها معه نِصفَ النَّهار، فدخلوا الدهليز، فوثَبَ من هناك من الجندِ، فقال لهم أصحابُه: إنَّه الحاكِمُ، فارتاعوا لذلك، ثمَّ ارتابوا به، فقَبَضوا عليه، واقتَتلوا، فتراجع الجندُ إلى القصرِ، والحَربُ قائمة، فقُتِلَ من أصحابه جماعة، وأُسِرَ الباقون وصُلِبوا أحياءً، ورماهم الجندُ بالنشابِ حتى ماتوا.
قال ابنُ كَثيرٍ: "في يومِ الخَميسِ حادي عشر المُحرَّمِ حَضرَ إلى الدِّيوانِ أبو الوَفا عليُّ بنُ محمدِ بنِ عَقيلٍ العَقيليُّ الحَنبليُّ، وقد كَتبَ على نَفسِه كِتابًا يَتضمَّن تَوبتَه من الاعتِزالِ، وأنَّه رَجعَ عن اعتِقادِ كَوْنِ الحَلَّاجِ من أَهلِ الحَقِّ والخَيرِ، وأنه قد رَجعَ عن الجُزءِ الذي عَمِلَه في ذلك، وأنَّ الحَلَّاجَ قد قُتِلَ بإجماعِ عُلماءِ أَهلِ عَصرِه على زَندَقتِه، وأنَّهم كانوا مُصِيبينَ في قَتلِه وما رَمَوْهُ بهِ، وهو مُخطِئٌ، وأَشهَدَ عليه جَماعةً من الكُتَّابِ، ورَجعَ من الدِّيوانِ إلى دارِ الشَّريفِ أبي جَعفرٍ فسَلَّمَ عليه وصالَحه واعتَذرَ إليه، فعَظَّمَه"
لَمَّا استولى عبدُ المؤمن بنُ علي قائدُ المُوحِّدينَ على مراكش، أحضَرَ اليهودَ والنَّصارى، وقال: إنَّ الإمامَ المَهديَّ أمَرَني ألَّا أُقِرَّ النَّاسَ إلَّا على مِلَّةٍ واحدةٍ وهي الإسلامُ، وأنتم تَزعُمونَ أنَّ بعد الخَمسِمئة عام يظهَرُ مَن يُعضِّدُ شريعتَكم، وقد انقَضَت المُدَّةُ، وأنا مُخَيِّرُكم بين ثلاثٍ: إمَّا أن تُسلِموا، وإمَّا أن تَلحَقوا بدارِ الحَربِ، وإمَّا أن أضرِبَ رِقابَكم، فأسلم منهم طائِفةٌ، ولَحِقَ بدار الحَربِ أخرى. وأخرَبَ عبدُ المؤمِنِ الكنائسَ والبِيَعَ ورَدَّها مساجِدَ، وأبطل الجِزيةَ، وفعل ذلك في جميعِ ولاياتِه.
في يومِ الاثنين تاسِعَ جمادى الآخرة أُخرِجَ ما كان عند الشيخِ تقي الدينِ ابن تيميَّةَ من الكتُبِ والأوراقِ والدواةِ والقلم، ومُنِعَ من الكُتُبِ والمطالعة، وحُمِلَت كتُبُه في مُستهَلِّ رَجَب إلى خزانةِ الكتُبِ بالعادليَّة الكبيرة، وكانت نحو ستين مجلَّدًا، وأربع عشرة ربطةَ كراريس، فنظر القضاةُ والفُقهاءُ فيها وتفَرَّقوها بينهم، وكان سبَبَ ذلك أنَّه أجاب لما كان ردَّ عليه التقيُّ ابنُ الأخنائي المالكي في مسألة الزيارة، فرَدَّ عليه الشيخ تقي الدين واستجهَلَه وأعلَمَه أنَّه قليل البضاعة في العلم، فطَلَع الأخنائيُّ إلى السلطان وشكاه، فرسم السلطانُ عند ذلك بإخراجِ ما عنده من ذلك، وكان ما كان.
بعد وفاة أورخان وتولِّي ابنِه مراد الأول أراد أميرُ القرمان في أنقرة علاءُ الدين خليل بن محمود أن يستَغِلَّ هذه الفرصة ظنًّا منه أنَّه يقضي على العثمانيِّينَ فاستنهضَ هِمَمَ الأمراء المستقِلِّينَ في آسيا الصغرى للقتال، وعَمِلَ على تجميعهم، غيرَ أنَّه تفاجأ بجيش مراد الأول الحاكِمِ الجديدِ، وهي محيطةٌ بمدينة أنقرة، ودخلها فاتحًا، فاضطر علاءُ الدين لِعَقدِ الصلح معه وتنازل عن أنقرة، واعترف السلطانُ مراد بالأميرِ علاء الدين أميرًا على بقية أملاك دولةِ القرمان، وتزوَّجَ مراد من ابنةِ علاء الدين.
توغَّلت القوات الإسرائيلية في غزَّةَ بشكل واسعٍ منذُ انسحابِها من القطاع في عملية أُطلق عليها "أمطار الصيف"، وقامت فيها بقصف محطَّات توليد الكهرباء والجسور، واضطرَّ آلاف الفِلَسْطينيِّين أنْ يَفِرُّوا من بُيوتهم نتيجةً للاجتياحات العسكرية المستمرة، والقصف الشديد، ودخلت كمية محدودةٌ من المساعدات الإنسانية قطاع غزَّةَ بعد إغلاق مَعبَر المنطار (كارني) بشكلٍ كاملٍ،
أطلق الجيش الإسرائيلي عمليتَه العسكريةَ هذه بعد أنْ قام مسلحون فِلَسْطينيُّونَ بالهجوم على موقِعِ مراقبةٍ للجيش الإسرائيلي عندَ مَعبَر كيريم شالوم، وخطف جندي إسرائيلي.
هو السلطانُ الملك الأشرف سيف الدين أبي النصر برسباي الدقماقي الظاهري، سلطان الديار المصرية، جركسي الأصل، اشتراه الأمير دقماق المحمدي الظاهري نائب ملطية، وأقام عنده مدة، ثم قدَّمه إلى الملك الظاهر برقوق, وهو السلطان الثاني والثلاثون من ملوك دولة الترك المماليك، والثامن من الجراكسة بالديار المصرية، وقد تولى السلطنة بمصر سنة 825 وفتح مدينة قبرص وأنشأ بمصر مدرسة وجامعًا بسرياقوس, كان سلطانًا جليلًا سياسيًّا مدبِّرًا، عاقلًا شهمًا متجمِّلًا في مماليكه وخيوله، وكانت صفتُه أشقر طوالًا نحيفًا رشيقًا منوَّر الشيبة بهيَّ الشكل، غير سبَّاب ولا فحَّاش في لفظه، حَسنَ الخُلقِ، ليِّنَ الجانب، حريصًا على إقامة ناموس الملك، يميل إلى الخير، يحب سماع تلاوة القرآن العزيز، حتى إنه رتب عدة أجواق تُقرأُ عنده في ليالي المواكب بالقصر السلطاني دوامًا. وكان يكرم أرباب الصلاح ويُجِلُّ مقامهم، وكان يكثر من الصوم صيفًا وشتاء؛ فإنه كان يصوم في الغالب يوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر، يديم على ذلك. وكان يصوم أيضًا أول يوم في الشهر وآخر يوم فيه، مع المواظبة على صيام يومي الاثنين والخميس في الجمعة، حتى إنه كان يتوجه في أيام صومه إلى الصيد ويجلس على السماط وهو صائم، ويُطعِمُ الأمراء والخاصكية بيده، ثم يَغسِلُ يديه بعد رفع السِّماط كأنه واكل القوم. وكان عبدًا صالحًا ديِّنًا خيِّرًا لا يتعاطى المُسكِرات، ولا يحب من يفعل ذلك من مماليكه وحواشيه. وكان يحب الاستكثار من المماليك، حتى إنه زادت عدة مماليكه المشتروات على ألفي مملوك، لولا ما أفناهم طاعون سنة ثلاث وثلاثين، ثم طاعون سنة إحدى وأربعين هذا، فمات فيهما من مماليكه خلائق. وكان يميل إلى جنس الجراكسة على غيرهم في الباطن، يَظهَرُ ذلك منه في بعض الأحيان، وكان لا يحبُّ أن يشهر عنه ذلك؛ لئلا تنفر الخواطر منه؛ فإن ذلك مما يُعاب به على الملوك، وكانت مماليكه أشبه الناس بمماليك الملك الظاهر برقوق في كثرتهم، وأيضًا في تحصيل فنون الفروسية، ولو لم يكن من مماليكه إلا الأمير إينال الأبوبكري. لَمَّا تولى الأشرف برسباي نيابةَ حلب لم يقطع يدَ أحد بحلب، ولا قَتَل أحدًا، وحماها وبلادها بالحال, وفي يوم الثلاثاء رابعه عَهِدَ السلطان الأشرف برسباي إلى ولده المقام الجمالي يوسف، ثم جلس الخليفة أمير المؤمنين المعتضد بالله أبو الفتح داود، وقضاة القضاة الأربعة على مراتبهم، والأمير الكبير جقمق العلائي أتابك العساكر، ومن تأخَّر من أمراء الألوف، والمباشرون، ما عدا كاتب السر فإنه شديد المرض، ثم قام القاضي زين الدين عبد الباسط وفتح باب الكلام في عهد السلطان من بعد وفاته لابنه المقام الجمالي بالسلطنة، وقد حضر أيضًا مع أبيه، فاستحسن الخليفة ذلك وأشار به، فتقدَّم القاضي شرف الدين الأشقر بالعهد إلى بين يدي السلطان، فأشهد السلطان على نفسه بأنه عهد إلى ولده الملك العزيز جمال الدين أبي المحاسن يوسف من بعد وفاته بالسلطة، فأمضى الخليفة العهد، وشهد بذلك القضاة، ثم ظل المرض يتزايد بالسلطان إلى أن خارت قواه وأصبح يهذي أحيانًا حتى لما كان شهر ذي الحجة مات عصر يوم السبت ثالث عشر، وفي الحال حضر الخليفة والقضاة الأربعة والأمير الكبير جقمق العلائي وسائر أمراء الدولة، وسلطَنوا المقام الجمالي يوسف، ولقبوه بالملك العزيز يوسف جمال الدين أبي المحاسن وعمره يومئذ أربع عشرة سنة وسبعة أشهر، ثم أخذ الأمراء في تجهيز السلطان، فجُهِّز وغُسِّل وكُفِّن بحضرة الأمير إينال الأحمدي الفقيه الظاهري برقوق أحد أمراء العشرات بوصية السلطان له، وهو الذي أخرج عليه كلفة تجهيزه وخرجته من مال، كان الأشرف دفعه إليه في حياته، وأوصاه أن يحضر غسله وتكفينه ودفنه، ولما انتهى أمْرُ تجهيز الملك الأشرف حُمِل من الدور السلطانية إلى أن صُلِّي عليه بباب القلعة من قلعة الجبل، وتقدم للصلاة عليه قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر، ثم حُمِل من المصلى على أعناق الخاصكية والأمراء الأصاغر، إلى أن دفن بتربته التي أنشأها بالصحراء خارج القاهرة، وكانت جنازته مشهودة بخلاف جنائز الملوك، ولم يقع في يوم موته اضطراب ولا حركة ولا فتنة، ونزل إلى قبره قُبَيل المغرب، وكانت مدة سلطنته بمصر سبع عشرة سنة تَنقُص أربعة وتسعين يومًا.
هو أبو العبَّاس أحمد بن أبي الحسن علي بن أبي العباس أحمد المعروف بالرفاعي، شيخُ الطائفةِ الأحمديَّة الرفاعية البطائحية الصوفيَّة المشهورة، كان أصلُه من العرب فسكن في البطائِحِ بقرية يقال لها: أم عبيدة، وانضم إليه خلقٌ عظيم من الفقراء، وأحسنوا الاعتقادَ فيه وتَبِعوه, حتى عُرِفوا بالطائفة الرفاعيَّة والبطائحية ويقال: إنَّه حَفِظَ التنبيه في الفقه على مذهب الشافعيِّ، قال الذهبي في العِبَر: وقد كَثُرَ الزغل في بعض أصحابه وتجدَّدَت لهم أحوال شيطانيَّة... وهذا ما لم يَعرِفْه الشيخُ ولا صُلَحاءُ أصحابِه، وذكر ابن خَلِّكان: "أنَّه قال: وليس للشيخ أحمد عَقِبٌ، وإنما النسل لأخيه وذريَّته يتوارثون المشيخة بتلك البلاد". مَرِضَ في آخر حياته حتى توفي يوم الخميس الثاني والعشرين من جمادى الأولى. والطريقة الرفاعية من الطرُقِ الصوفيَّة المنتشرة في كثيرٍ مِن البلاد، وقد غَلَوا في الرفاعيِّ حتى استغاثوا به من دونِ الله، وزعموا أنَّ لهم أحوالًا وكرامات،كالدخول في النيران، والركوب على السِّباع، واللعب بالحيات، وما إلى ذلك مما يُدَجِّلونَ به على العوامِّ مِمَّا لم يُنزِلْ به الله سلطانًا.
وافَقَ البرلمانُ السلوفاكيُّ على مشروعِ قانونٍ يجعَلُ من الصعْبِ إعلانَ الإسلامِ دينًا رسميًّا في البلادِ، كما يُصعِّبُ من بناءِ المساجدِ، وأعدَّ مشروعَ القانونِ الحِزبُ القوميُّ السلوفاكيُّ الشريكُ في الحكومةِ الائتلافيةِ، ودعَمَتْه أحزابُ المعارضةِ؛ ما أدَّى إلى تمريرِه بأغلبيةِ الأصواتِ. ووَفقًا للقانونِ الجديدِ لا بدَّ أنْ يكونَ عَددُ أتباعِ دينٍ ما في سلوفاكيا 50 ألفًا على الأقلِّ؛ لتعترِفَ الدولةُ بهذا الدِّينِ، في حين كان هذا العدَدُ سابقًا 20 ألفًا، وبذلك لا بدَّ أنْ يبلُغَ عدَدُ المسلمين المسجَّلينَ في سلوفاكيا 50 ألفًا؛ ليكونَ الإسلامُ دِينًا رسميًّا، وليتمكَّنَ المسلمون من بِناءِ المساجدِ، عِلمًا أنَّ الإسلامَ هو أحدُ أديانِ الأقلِّيَّاتِ في سلوفاكيا، ووَفقًا للمؤسَّسةِ الإسلاميةِ في سلوفاكيا فإنَّ أربعةً من أصلِ خمسةِ آلافِ شخصٍ من السلوفاكيِّين في عامِ 2011م يعتنقون الإسلامَ، ويعيشُ مُعظَمُهم في العاصمةِ براتيسلافا، ويتكوَّنُ الجزءُ الأكبرُ منهم من الألبانِ والبوسنيِّين ومن العربِ أيضًا. وسلوفاكيا هي الدولةُ الوحيدةُ في الاتحادِ الأوروبيِّ التي لا يوجَدُ على أراضيها أيُّ مَسجدٍ، وقد رُفِضَت طَلَباتٌ عِدَّةٌ لبناءِ مساجدَ.
سار عُقبةُ بن نافعٍ بعدَ أن وَلَّاهُ يَزيدُ أفريقيا في عَسكرٍ عَظيمٍ حتَّى دخَل مَدينةَ باغايَة وقد اجْتَمع بها خَلْقٌ كثيرٌ مِن الرُّومِ، فقاتَلوهُ قِتالًا شَديدًا وانْهزَموا عنه، وقَتَلَ فيهم قَتلًا ذَريعًا، وغَنِمَ منهم غَنائمَ كثيرةً، ودخَل المُنْهزِمون المدينةَ وحاصَرهُم عُقبةُ. ثمَّ كَرِهَ المُقامَ عليهم فسار إلى بلاد الزَّابِ، وهي بِلادٌ واسعةٌ فيها عِدَّةُ مُدُنٍ وقُرىً كثيرةٍ، فقصَد مَدينَتَها العُظْمى واسْمُها أَرَبَة، فامْتَنع بها مَن هناك مِن الرُّوم والنَّصارى، وهرَب بعضُهم إلى الجِبالِ، فاقْتَتَل المسلمون ومَن بالمدينةِ مِن النَّصارى عِدَّةَ دَفَعاتٍ، ثمَّ انْهزَم النَّصارى وقُتِلَ كثيرٌ مِن فِرسانِهم، ورحَل إلى تاهرت. فلمَّا بلَغ الرُّومَ خَبرُه اسْتَعانوا بالبَرْبَر فأجابوهم ونَصروهُم، فاجتمعوا في جَمْعٍ كثيرٍ والْتَقوا واقْتَتَلوا قِتالًا شَديدًا، واشْتَدَّ الأمرُ على المسلمين لِكَثرةِ العَدُوِّ، ثمَّ إن الله تعالى نَصرَهُم فانهَزمَت الرُّومُ والبَرْبَر وأَخذَهُم السَّيفُ، وكَثُرَ فيهم القَتلُ، وغَنِمَ المسلمون أَموالَهم وسِلاحَهُم. ثمَّ سار حتَّى نزل على طَنْجَة فَلَقِيَهُ بَطْرِيقٌ مِن الرُّومِ اسمُه يليان، فأَهْدَى له هَدِيَّةً حَسنةً ونزَل على حُكمِه، ثمَّ سأله عن الأندلُسِ فعَظُمَ الأمرُ عليه، فسأله عن البَرْبَر، فقال: هم كَثيرون لا يَعلَم عددَهُم إلَّا الله، وهم بالسُّوسِ الأَدْنى، وهم كُفَّارٌ لم يَدخلوا في النَّصرانيَّة، ولهم بَأسٌ شَديدٌ. فسار عُقبةُ إليهم نحوَ السُّوسِ الأَدْنى، وهي مَغرِبُ طَنْجَة، فانتهى إلى أوائلِ البَرْبَر، فلقوه في جَمعٍ كثيرٍ، فقَتَلَ فيهم قَتلًا ذَريعًا، وبعَث خَيْلَه في كُلِّ مكانٍ هربوا إليه، وسار هو حتَّى وصَل إلى السُّوسِ الأقصى، وقد اجتمع له البَرْبَر في عالمٍ لا يُحْصَى، فلَقِيَهم وقاتَلهُم وهَزمَهُم، وقَتَلَ المسلمون فيهم حتَّى مَلُّوا وغَنِموا منهم وسَبَوْا سَبْيًا كثيرًا، وسار حتَّى بلَغ ماليان ورأى البَحرَ المُحيطَ، فقال: يا رَبِّ، لولا هذا البَحرُ لمَضيْتُ في البِلادِ مُجاهدًا في سَبيلِك. ثمَّ عاد فنَفَرَ الرُّومُ والبَرْبَر عن طَريقِه خَوفًا منه، فلمَّا وصَل إلى مدينة طُبْنَة أَمَرَ أصحابَه أن يَتقدَّموا فَوْجًا فَوْجًا ثِقَةً منه بما نال مِن العَدُوِّ، وأنَّه لم يُبْقِ أحدًا يَخشاهُ، وسار إلى تَهُوذَة لِيَنظُرَ إليها في نَفَرٍ يَسيرٍ، فلمَّا رآه الرُّومُ في قِلَّةٍ طَمِعوا فيه، فأغلقوا بابَ الحِصْنِ وشَتَموهُ وقاتَلوهُ وهو يَدعوهُم إلى الإسلامِ فلم يَقبَلوا منه.
سُيِّرَت العساكِرُ مِن مِصرَ لقتالِ المفرج بن جراح، وسبَبُ ذلك أنَّ ابنَ جَرَّاح عظُمَ شَأنُه بأرض فلسطينَ، وكثُرَ جَمعُه، وقَوِيَت شوكتُه، وبالغ هو في العيثِ والفساد، وتخريبِ البلاد، فجهز العزيزُ الفاطمي العساكرَ وسَيَّرَها، وجعل عليها القائِدَ يلتكين التركي، فسار إلى الرملة، واجتمع إليه من العربِ، من قيسٍ وغيرها، جمعٌ كثيرٌ، وكان مع ابنِ جَرَّاح جمعٌ يرمون بالنُّشَّاب، ويقاتلون قتالَ الترك، فالتَقَوا ونشبت الحرب بينهما، وجعل يلتكين كَمينًا، فخرج على عسكرِ ابنِ جراح من وراء ظهورهم، عند اشتداد الحرب، فانهزموا وأخذَتْهم سيوفُ المصريين، ومضى ابن جراح منهزمًا إلى أنطاكية، فاستجار بصاحبِها فأجاره، وصادف خرُوج مَلِك الروم من القسطنطينيَّة في عساكرَ عظيمةٍ يريدُ بلاد الإسلام، فخاف ابنُ جراح، وكاتَبَ بكجور بحمص والتجأ إليه، وأمَّا عسكَرُ مِصرَ فإنَّهم نازلوا دمشقَ، مخادعين لقسَّام الجبيليِّ التَّرَّاب، لم يظهروا له إلَّا أنهم جاؤوا لإصلاحِ البَلَدِ، وكفِّ الأيدي المتطَرِّقة إلى الأذى، وكان القائد أبو محمود قد مات في هذه السَّنةِ، وهو والي البلد، ولا حُكْمَ له، وإنما الحُكمُ لقَسَّام، فلما مات قام بعده في الولايةِ جَيشُ بن الصمصامة، وهو ابنُ أخت أبي محمود، فخرج إلى يلتكين وهو يظُنُّ أنه يريد إصلاحَ البلد، فأمره أن يخرجَ هو ومن معه وينزِلوا بظاهر البلد، ففَعَلوا. وحَذِرَ قَسَّام، وأمر مَن معه بمباشرةِ الحَربِ، فقاتلوا دفعاتٍ عِدَّة، فقوي عسكر يلتكين، ودخلوا أطرافَ البلد، ومَلَكوا الشاغور، وأحرقوا ونهبوا، فاجتمع مشايخُ البلَدِ عند قَسَّام، وكَلَّموه في أن يخرجوا إلى يلتكين، ويأخذوا أمانًا لهم وله، فانخذل وذَلَّ، وخضع بعد تجبُّرِه وتكبُّرِه، وقال: افعلوا ما شئتُم، وعاد أصحابُ قَسَّام إليه، فوجدوه خائفًا، مُلقِيًا بيده، فأخذ كلُّ لنَفسِه. وخرج شيوخُ البلد إلى يلتكين، فطلبوا منه الأمانَ لهم ولقسام، فأجابهم إليه، وكان مبدأُ هذه الحرب والحصر في المحرم لعشرٍ بَقِينَ منه، والدخول إلى البلد لثلاث بقين منه، ولم يعرض لقسَّامٍ ولا لأحدٍ مِن أصحابه، وأقام قسَّام في البلد يومين ثم استتَرَ، فأخذ كلَّ ما في داره وما حولها من دورِ أصحابِه وغيرِهم، ثمَّ خرج إلى الخيام، فقصد حاجِبَ يلتكين وعَرَّفه نفسَه، فأخذه وحَمَله إلى يلتكين، فحمله يلتكينُ إلى مصر، فأطلقه العزيزُ، واستراح النَّاسُ من تحكُّمِه عليهم، وتغَلُّبِه بمن تبعه من الأحداثِ مِن أهلِ العيثِ والفَسادِ.
هو الإمامُ، العَلَّامةُ، الحافظُ، ذو الفُنونِ، القاضي أبو الوَليدِ سُليمانُ بنُ خَلَفِ بنِ سعدِ بن أيُّوبَ التَّجيبيُّ الأندَلُسيُّ، القُرطُبيُّ، الباجيُّ، الفَقِيهُ المالكيُّ، صاحبُ التَّصانيفِ. وَلِدَ سَنةَ 403هـ أَصلُه من مَدينةِ بطليوس، فتَحوَّل جَدُّهُ إلى باجةَ -بُليدَة بقُربِ إشبيلية- فنُسِبَ إليها، وليست باجة المدينةَ التي بإفريقية، التي يُنسَب إليها الحافظُ أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ محمدِ بن عليٍّ الباجيُّ، وابنُه الحافظُ الأَوحَدُ أبو عُمرَ أحمدُ بنُ عبدِ الله بن الباجيِّ، وهُما من عُلماءِ الأندَلُس أيضًا. كان أبو الوَليدِ أَحَدَ الحُفَّاظِ المُكثِرينَ في الفِقهِ والحَديثِ، سَمِعَ الحَديثَ ورَحلَ فيه إلى بِلادِ المَشرقِ فسَمِعَ هناك الكَثيرَ، واجتَمعَ بأَئمَّةِ ذلك الوَقتِ، كالقاضي أبي الطَّيِّبِ الطَّبريِّ، وأبي إسحاقَ الشِّيرازيِّ، وجاوَرَ بمكَّةَ ثلاثَ سِنينَ مع الشيخِ أبي ذَرٍّ الهَرويِّ، وأَقامَ ببغدادَ ثلاثَ سِنينَ، وبالمَوصِل سَنةً عند أبي جَعفرٍ السمنانيِّ قاضِيها، فأَخذَ عنه الفِقهَ والأُصولَ، وسَمِعَ الخَطيبَ البغداديَّ وسَمِعَ منه الخَطيبُ أيضًا، ثم عاد إلى بَلدِه بعدَ ثلاث عشرة سَنةً بِعِلمِ غَزيرٍ، حَصَّلَهُ مع الفَقرِ والتَّقَنُّعِ باليَسيرِ، وتَولَّى القَضاءَ هناك، ويُقالُ: إنَّه تَولَّى قَضاءَ حَلَب أيضًا. له مُصنَّفاتٌ عَديدةٌ منها: ((المُنتقَى في الفِقْه)), و((المعاني في شرح الموطأ))، و((إحكام الفُصول في أَحكام الأُصول))، و((الجَرْح والتَّعديل))، وغيرُ ذلك، قال القاضي عِياض: "آجَرَ أبو الوَليدِ نَفسَه ببغداد لِحِراسَةِ دَربٍ، وكان لمَّا رَجعَ إلى الأندَلُسِ يَضرِب وَرَقَ الذَّهَبِ للغَزْلِ، ويَعقِد الوَثائقَ، قال لي أَصحابُه: كان يَخرُج إلينا للإقراءِ وفي يَدهِ أَثَرُ المَطرَقَةِ، إلى أن فَشَا عِلمُه، وهَيَّتَت الدنيا به -أي شَهَرَتهُ وأَظهرَت اسمَه-، وعَظُمَ جاهُه، وأُجزِلَت صِلاتُه، حتى تُوفِّي عن مالٍ وافرٍ، وكان يَستَعمِلُه الأَعيانُ في تَرَسُّلِهم، ويَقبلُ جَوائِزَهم، وَلِيَ القَضاءَ بمَواضِعَ من الأندَلُس" قال الأَميرُ أبو نصرٍ: "أمَّا الباجي ذو الوِزارَتَينِ فَفَقِيهٌ مُتكَلِّمٌ، أَديبٌ شاعِرٌ، سَمِعَ بالعراقِ، ودَرَسَ الكلامَ، وصَنَّفَ, وكان جَليلًا رَفيعَ القَدرِ والخَطَرِ، قَبْرُه بالمرية", وقال القاضي أبو عليٍّ الصَّدَفيُّ: "ما رَأيتُ مِثلَ أبي الوليدِ الباجي، وما رَأيتُ أَحدًا على سَمْتِه وهَيئَتِه وتَوقيرِ مَجلِسِه". وقد جَرَت بينه وبين ابنِ حَزمٍ مُناوَأَةٌ شَديدةٌ كما جَرَت بينهما مُناظراتٌ كَثيرةٌ، قال القاضي عِياض: "كَثُرَت القالةُ في أبي الوليدِ لِمُداخَلَتِه للرُّؤساءِ" تُوفِّي بالمرية ليلةَ الخميسِ بين العِشاءَينِ التاسع والعشرين من رجب وعُمرُه إحدى وسبعون سَنةً.