لم يتجاوب الشعب الجزائري مع السياسة الفرنسية في جميع الجهاتِ بدون استثناء؛ فلم يكن هناك أثَرٌ في فَرْنَسة الشعب الجزائري المسلِم، وهو ما دفع مخطِّطي السياسة الفرنسية إلى اتهام الجزائريين بأنَّهم شَعبٌ يعيش على هامش التاريخ. حارب الجزائريون سياسةَ التفرقة الطائفية، وقد رأى المصلِحون من أبناء الجزائر في ظِلِّ فَشلِ حركات المقاومة يتقَدَّمُهم الشيخ العالِم عبد الحميد بن باديس أنَّ العمل يجب أن يقومَ في البداية على التربية الإسلامية؛ لتكوين قاعدة صلبة يمكِنُ أن يقومَ عليها الجهاد في المستقبل، مع عدم إهمال الصراع السياسي؛ فتمَّ تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1350هـ -1931م بزعامة عبد الحميد بن باديس، وعلى الصعيد السياسي بدأ الجزائريون المقاومةَ من خلال التنظيم السياسي الذي خاض هذا الميدانَ بأفكار متعددة، وظهرت عدةُ تنظيمات سياسية، ولَمَّا اشتعلت الحربُ العالمية الثانية ذهب كثيرٌ من الجزائريين إلى الحرب للدفاع عن فرنسا، فدُمِّر الإنتاج في الجزائر وزادت صعوباتُ الحياة؛ لذلك تقدَّموا ببيان إلى السلطات الفرنسية يطالبون فيه بحَقِّ تقرير المصير، تقدَّم به فرحات عباس زعيم حزب اتحاد الشعب الجزائري، ورفضت فرنسا قَبولَ البيان كأساسٍ للمحادثات، فأحدث ذلك ردَّ فِعلٍ عنيفًا عند الجزائريين الذين أصَرُّوا على تمسُّكِهم بالبيان والتزامهم به، ففرض الجنرال كاترو الحاكِمُ العام في الجزائر الإقامةَ الجبرية على فرحات عباس وغيره من الزعماء الجزائريين، فاستغلت فرنسا قيامَ بعض المظاهرات في عدد من المدن الجزائرية وإحراقها للعلم الفرنسي، فارتكبت مذبحةً رهيبة سقط فيها (45) ألف شهيد جزائري، فاتجه الجزائريون بعد تلك المذابح البَشِعة إلى العَمَل السري، وكان يتم اختيارُ أفراد هذا العمل من خيرة الشبانِ خُلقًا وأدبًا، فلم يكن يُسمَحُ بضَمِّ المُلحِدين أو الفوضويين، وبدأت خلايا المجاهِدين تنتشر في الجزائر طولًا وعرضًا، وأحيطت أساليبُ العمل بسريةٍ تامةٍ؛ مما كان له أكبر الأثر في نجاح الثورة، واستطاع هذا التنظيمُ الدعايةَ للثورة في صفوف الشعب وإعداده للمعركة القادمة.
الحرب الأهليَّة اللبنانيَّة هي حرب دمويَّة وصراعٌ معقَّد استمرَّ في لبنان 15 سنة و6 أشهر ما بين 1975- 1990م، وتعود جذوره للصراعاتِ والتنازلاتِ السياسيَّة في فترة الاستعمار الفرنسيِّ لسوريا ولبنان، وعاد ليثورَ بسبب التغيُّر السكانيِّ (الديمغرافي) في لبنان والنزاع الدينيِّ: الإسلامي النصراني من جهةٍ، والسني الشيعي من جهة أخرى، ومما زاد من حدَّة النزاع تقاربُ هذه العناصر من سوريا أو إسرائيل. وقد ساهَم إنشاءُ دولة إسرائيلَ ونزوحُ مئاتِ الآلاف من اللاجئين الفلسطينيِّين إلى لبنان خلالَ عامي 1948 و1967 في تغيير التوازن الديموغرافي لصالح السكانِ المسلمين. وقد بدأ القتالُ بين الموارنة والقواتِ الفلسطينية (معظمهم من منظمة التحرير الفلسطينية)، ثم شَكَّلت الجماعاتُ اليساريَّة والعربيَّة والإسلاميَّة اللبنانية تحالفًا مع الفلسطينيين خلال فترة القتالِ، وعلاوةً على ذلك شاركت القوى الأجنبية، مثل إسرائيل وسوريا، في الحرب وحاربَت جنبًا إلى جنب مع فصائلَ مختلفةٍ. وبعد توقُّف قصير للمعارك عام 1976م لانعقاد القمَّة العربية عاد الصراع الأهليُّ ليُستكملَ، وعاد ليتركَّز القتالُ في جنوب لبنان بشكل أساسيٍّ، والذي سيطرت عليه بدايةً منظَّمةُ التحريرِ الفلسطينيَّة، ثم قامت إسرائيلُ باحتلالِه. وقد أسفرتْ هذه الحربُ عن مقتل 120 ألفًا، وما يقربُ من 76 ألف شخص مشرَّدين داخلَ لبنان، ومليون نازح خارج لبنان نتيجةَ الحربِ، ولم تسحب سوريا قواتها حتى عام 2005م؛ حيثُ أُجبرت على الانسحاب تحت ضغط المظاهرات اللبنانية والتدخُّل الدبلوماسي المكثَّف من الولايات الأمريكية المتحدة، وفرنسا والأمم المتحدة. وفي أغسطس 1989م تم التوصُّل بوساطة السعودية إلى اتفاق الطائف الذي كان بدايةً لإنهاء الحرب الأهليَّة. ولكن ميشيل عون رفض الاتفاقَ؛ وذلك لأن الاتفاق يقضي بانتشارٍ سوريٍّ على الأراضي اللبنانية، وتم إقصاء ميشيل عون من قصر بعبدا الرئاسيِّ في أكتوبر عام 1990 بعملية لبنانية - سورية مشتركة ومباركة أمريكية؛ حيث اضطر للجوء إلى السفارة الفرنسية، وتوجه من بعدها إلى باريس في منفاه.
هو أبو الأعْلى المَوْدوديُّ بنُ أحمَدَ حسن مودودي أميرُ الجماعة الإسلامية، وُلِدَ في 3 رجب سنة 1321هـ بمدينة أورَنْج آباد الدكن في حَيْدر آباد، وتلقَّى تعليمَهُ على يد والدِهِ، فتعلَّم المودوديُّ القُرآنَ والعربيةَ والحديثَ والفِقْه حتى حَفِظَ المُوطَّأَ، ثم دخل الثانويَّةَ وهو ابن 11 سنةً لنُبوغِهِ، ثم بعد ذلك بدأ العملَ في الصَّحافةِ التي وجَدَ فيها مجالًا للدَّعْوة والتَّعْليم، وكان يُصدِرُ مجلةَ ترجمان القُرآن، وأسَّس الجماعةَ الإسلاميةَ في لاهورَ بهَدَف الدَّعْوة إلى الإسلام، وتمَّ انتخابُهُ أميرًا لها في 3 شعبان 1360 هـ / 26 أغسطس 1941م، وبعد عامَينِ نقلتِ الجماعةُ الإسلاميةُ مركزَها الرئيسيَّ من لاهورَ إلى دار السَّلام، ومع إعلانِ قيام دَوْلة باكستان 1366 هـ / 1947م عاد المودوديُّ مع زُملائِهِ إلى لاهور مرَّةً أخرى؛ حيث مقرُّ الجماعةِ الإسلاميةِ بها، وبعد قيام باكستان بنحو خمسةِ أشهُرٍ ألقى المودوديُّ أولَ خِطابٍ له في كُلية الحُقوق، وطالب بتشكيلِ النِّظام الباكستاني طِبقًا للقانون الإسلامي، وظلَّ المودوديُّ يُلِحُّ على مُطالبة الحكومة بهذا المطلب، فألقى خطابًا آخَرَ في اجتماعٍ عامٍّ بكراتشي في ربيع الآخر 1367 هـ / مارس 1948م تحت عُنوان "المُطالبةُ الإسلاميةُ بالنِّظامِ الإسلاميِّ"، فاعتقلته الحكومة مع عددٍ من قادةِ الجماعةِ الإسلاميةِ في غُرَّة ذي الحِجَّة 1367 هـ / 4 أكتوبر 1948م إلى أن أُطلِقَ سراحُهُ في 11 شعبان 1369 هـ / 28 من مايو 1950م، ثم اعتُقِلَ في 1372هـ، وبعد أربعةِ أيَّامٍ من اعتقاله حُكِمَ عليه بالقتل، ثم تم تَخْفيف حُكم القتل والحُكم عليه بالسَّجْن مدى الحياة، ثم صدر حُكم بالعَفْو عنه في 1374 هـ / 1955م. كانت حياةُ المودوديِّ العِلْميةُ مليئةً بالتَّأليف والعَمَل والنَّشاط؛ فقد ألَّفَ أكثَرَ من مائةٍ وعِشرينَ كتابًا وكُتيِّبًا، غير المُحاضَرات والمَقالات منها: كتاب ((الحِجابُ))، و ((مبادئُ الإسلامِ))، و ((نحن والحَضارةُ الغربيَّةُ))، و ((المُصطَلَحاتُ الأربعةُ في القُرآنِ))، و ((تفسيرُ سُورةِ النُّور))، وغيرُها كثيرٌ، تُوفِّيَ المودوديُّ في الأول من ذي القعدة / 22 أيلول في نيويورك بأمريكا، ونُقِلَ جُثمانُهُ إلى باكستانَ، ودُفِنَ في المَنْصورةِ بلاهورَ.
عاد أبو زكريا الحفصي إلى تونس بعد حملته المظفرة، وأعلن على رؤوس الملأ استقلالَه بالملك، وانقطاع تبعيَّته للموحِّدين رسميًّا، وبايع لنَفسِه بيعةً عامَّةً في هذه السَّنة وضرب السكَّة باسمِه، وأمر أن يُخطَبَ له باسمِه على كل منابِرِ بلاده، ثم بايع لابنه أبي يحيى وليًّا للعهدِ سنة 638(1246م).
سار الأميرُ فخر الدين بن شيخ الشيوخ أمير عسكر المَلِك الصالحِ نجم الدين أيوب صاحِب مصرَ بعسكرٍ إلى طبرية، ونزلت الجيوشُ لحصار الفرنج ففَتَحَت طبريَّةَ عَنوةً في عاشر صفر، وفَتَحَت عسقلان بعدَ حصارٍ شديد وأُخِذَت من يد الفرنجِ في أواخِرِ جُمادى الآخرةِ.
في يومِ الاثنين سادس عشر المحَرَّم ورَدَت رسُلُ مَلِكِ الحبشة بكتابِه يتضَمَّنُ أمْرَه بإعادة ما خُرِّبَ من كنائِسِ النصارى بمصر, ومعامَلَتِهم بالإكرامِ والاحترامِ، ويهَدِّدُ بأنَّه يُخَرِّبُ ما عنده من مساجدِ المسلمين، ويَسُدُّ النيلَ حتى لا يَعبُرَ إلى مصر، فسَخِرَ السلطان الناصر محمد بن قلاوون منه، ورَدَّ رُسُلَه!!
بعد فتح العثمانيين عدة مدن وقلاع إيرانية، أهمها مدائن همدان وأريوان وتبريز؛ وذلك نتيجة لتسلط الفوضى داخل إيران، وتنازع كل من الشاه أشرف الذي قتل مير محمد أمير أفغانستان، والشاه طهماسب ملك ساسان. انتهت هذه الحرب بالصلح مع الشاه أشرف في 25 صفر سنة 1140هـ
هو الدُّكتور طه بن حسين بنِ عليِّ بن سلامةَ. وُلِد سنةَ 1889م في قرية (الكيلو) بمَغاغةَ مِن مُحافَظة المِنْيا (بالصعيد المصْري)، وأُصِيب بالجُدريِّ في الثالثة مِن عُمرِه، فكُفَّ بصَرُه. وكان السابعَ من إخوته وأخواتِه الذين بلَغَ عَددُهم (13)، وكان والدُه ذا مركزٍ مَرموقٍ في الضاحيةِ، حرَصَ على تَعليمِ أولادِه؛ وحرَص أنْ يُعلِّم ابنَه طه، فأدْخَله الكُتَّاب، وحفِظ فيه القرآنَ الكريمَ، وحفِظَ الكثير مما كان يَسمَع مِن أدعيةٍ وأشعارٍ وقصصٍ، وحفِظَ قواعدَ التَّجْويد، وحين تَرعرعَ راح أخوه الأزهريُّ يُحفِّظه الألفيَّةَ؛ لِيَعُدَّه للحياة الجديدةِ في الأزهر. دخَل الأزهرَ عام 1902، وتفتَّح ذِهْنُه، واتَّسعَت آفاقُ تَفكيرِه حين بَدأ يَحضُر دُروس الأدبِ على يَدِ سيد علي المَرْصفيِّ، والأستاذُ ينْحو في دُروسِه مَنْحى اللُّغويين والنُّقاد، مع مَيلٍ لِلتَّفقُّهِ والتحليلِ، ويُعنى بمُفردات اللُّغة، وإظهارِ ما في الشِّعرٍ من بَيانٍ وبديعٍ ومَعانٍ. وظهَرَت لَدَيه مَلَكة النَّقْد، وكان عامُ 1908 عامًا فاصلًا بينه وبين حياةِ الأزهرِ وشُيوخ الأزهرِ؛ ففي هذا العامِ فُتِحَت الجامعةُ المصريَّةُ الأهلية، فانْتَمى إليها وقَضى فيها سنواتٍ ثلاثًا يَختلِفُ إليها وإلى الأزهرِ. وقد وجَدَ في دُروس الجامعةِ اختلافًا كثيرًا ووجَدَ حُرِّيةَ البحثِ، فشُغِف بهذه الدُّروسِ حُبًّا، وتفتَّحَت لها نفْسُه، وكان أثَرُ ذلك عميقًا فيها، ووجَدَ في الجامعةِ مُبتغاهُ، وفي ظِلِّ البحثِ التَّحليليِّ أخْرَج رِسالتَه عن أبي العَلاءِ المَعرِّي ((ذِكرى أبي العَلاء)) التي نال بها دَرجةَ الدُّكتوراه، وهو أوَّلُ مَن نال شَهادةَ الدُّكتوراه من الجامعةِ المصرية عام 1914م، فلما وُزِّعت مَطبوعةً ثارت حَولها ضجَّةٌ، ورُمِيَ بالإلحاد، وقَدَّمَ أحدُ النُّواب إلى الجمعية العامَّةِ استجوابًا أثار به مَوضوعَ رِسالة طه حُسين، وطالَب بفَصْلِه ونزْعِ الشَّهادة عنه، ولولا تَداركُه مِن رئيس المجلِسِ (سعد زغلول) لَتغيَّر مجْرى حَياتِه. وفي 5 مارس 1914 سافَر على نَفقةِ الجامعةِ إلى فرنسا لِيُكمِل دِراستَه، فكان ذلك حَدَثًا لم يَتيسَّر لغَيرِه من أمثالِه. وفي جامعةِ مونبيليه التي يُدرَّس فيها الأدبُ الفرنسيُّ واللُّغةُ اللاتينيةُ، تعرَّف على سُوزان التي كانت زَميلتَه في الجامعة أثناءَ بَعثتِه إلى فرنسا، وقد كانت سُوزان تَقرأُ عليه كُتبًا من عُيون الأدبِ الفرنسيِّ والتاريخِ الرُّوماني واليونانيِّ. واقترَنَ بها يومَ 19 أغسطس 1919 م، فكان لِسُوزانَ الأثرُ الأكبر في توجُّهاته القادمةِ. تزوَّج بها طه وهو يَستعِدُّ للدُّكتوراه برسالةٍ عن "ابن خَلْدون" وفَلسفتِه الاجتماعيةِ، وفي السَّنة التي تزوَّج فيها بسُوزانَ عاد إلى مصرَ، وتمَّ تعيينُه أستاذًا للتاريخ القديمِ. وفي عام 1925 أُلحِقَت الجامعةُ بالحكومةِ، فتمَّ تَعيينُه أستاذًا دائمًا للأدبِ العربيِّ بكُلِّية الآدابِ، ثم عَميدًا لهذه الكُلِّية، فوَزيرًا للمعارِفِ، وفي هذه المدَّةِ تمكَّن طه مِن جعْلِ التعليمِ الثانوي والفنِّي مجانًا، وعيَّنته جامعةُ الدُّول العربيَّةِ رئيسًا لِلَجْنتِها الثقافية فأدارها مدَّةً. كان طه حُسين خلالَ هذه الفترة جمَّ النَّشاطِ؛ يَكتُب ويُحاضِر، ويَنشُر ويُؤلِّف حتى ذاع صِيتُه. وأخرَجَ مُحاضراته (في الظَّاهرة الدِّينية عند اليونان) في كِتابٍ عام 1919 يَحمِل اسمَ "آلهة اليونانِ". وفي 1926 نُشِر كِتابُه "الشِّعر الجاهِلي"، فأثار ظُهورُه ثورةً عاصفةً كادت تَعصِفُ بطه حُسين وكُرسِيِّه وأدَبِه، وانبَرَت أقلامُ الأدباء والمؤرِّخين وعُلماء المسلمين يَرُدُّون عليه، وأُحِيل طه حُسين سنةَ 1926 إلى النِّيابة وحَقَّقت معه، وانتهَت مِن قَرارِها سنة 1927. وكان قرارُها بتَفْنيدِ انحرافاتِ طه حُسين الفِكْرية في كِتابِه، وتَفنيدِ ما أخَذَه من المستَشْرقينَ أمْثال رِينان، ومَرْغليوث، وغَيرِهما، وصُودِرَ كتابُه وجُمِع من الأسواقِ. وقد حصَل على الدُّكتوراه الفَخْرية من جامعةِ مَدريد وجامعة كمَبِردج، ونال وِسامَ الباشويةِ ووِسامَ الليجيون دونير مو طَبقة كراند أوفيسيه، ونال الدُّكتوراه الفَخْريةَ من جامعاتِ ليون، ومونبيليه، ومَدْريد، وأكْسُفورد، وانتُخِبَ رئيسًا للمَجْمَع اللُّغوي بعدَ وَفاةِ أحمد لُطفي السَّيِّد سنة 1963. وكان مُشتغِلًا بالترجمةِ كثيرًا. أنْجَبَت سُوزانُ لِطه: أمينةَ، ومُؤنس الذي اعتنَقَ النَّصرانيةَ وأعْلَنها في إحدى الكنائسِ بفرنسا! وتُوفِّي طه حُسين عام 1973م.
هو الحكَمُ بنُ هشامٍ ابنُ الداخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ابن الحَكَم الأُموي، المرواني، أبو العاصِ، أميرُ الأندلس، وابنُ أميرِها، وحفيدُ أميرها. ويلقَّب: بالمرتضَى، ويعرف: بالربضي؛ لِما فعلَ بأهلِ الربض. بويعَ بالمُلك عند موت أبيه- في صفر سنة ثمانين ومائة- وكان من جبابرةِ الملوك وفُسَّاقهم ومتَمَرِّديهم، وكان فارسًا شجاعًا فاتِكًا، ذا دهاءٍ وحَزمٍ، وعُتُوٍّ وظُلمٍ، تملَّكَ سبعًا وعشرين سنة. وكان في أوَّلِ أمْرِه على سيرةٍ حميدةٍ، تلا فيها أباه، ثم تغيَّرَ وتجاهر بالمعاصي. كان يأخذُ أولادَ النَّاسِ المِلاح، فيُخصيهم ويُمسِكُهم لنَفسِه. وله شِعرٌ جَيِّد. وكان يقرِّبُ الفُقَهاء وأهلَ العلمِ. وكَثُرت العلماء بالأندلُسِ في دولته، حتى قيل: إنَّه كان بقُرطبة أربعةُ آلاف متقَلِّس- أي: مُتزَيِّينَ بزيِّ العلماء- فلما أراد اللهُ فناءهم، عَزَّ عليهم انتهاكُ الحكَمِ بن هشام للحُرُمات، وأْتَمَروا ليخلَعوه، ثم جيَّشوا لقتاله، وجرت بالأندلسِ فِتنةٌ عظيمةٌ على الإسلام وأهله- فلا قوَّةَ إلا باللهِ- على يدِ الحَكَمِ بن هشام، قُتل فيها عشراتُ الآلافِ مِن العُلَماء والعامَّة خاصةً في وقعة الربض بقُرطبة، ثم توفِّيَ الحَكَمُ بن هشام. وهو أوَّلُ من جَنَّد بالأندلُسِ الأجنادَ المُرتَزِقة، وجمع الأسلحةَ والعُدَد، واستكثَرَ من الحشَمِ والحواشي، وارتبَطَ الخيولَ على بابه، وشابَهَ الجبابرةَ في أحوالِه، واتَّخذ المماليكَ، وجعَلَهم في المرتَزِقة، فبلغت عِدَّتُهم خمسةَ آلاف مملوك، وكانوا يُسَمَّون الخُرسَ؛ لعُجمةِ ألسنتِهم، وكانوا يوميًّا على باب قَصرِه. وكان يطَّلِعُ على الأمور بنفسه، ما قَرُب منها وبَعُد، وكان له نفَرٌ مِن ثقاتِ أصحابِه يُطالِعونَه بأحوالِ النَّاس، فيرُدُّ عنهم المظالِمَ، ويُنصِفُ المظلومَ، وهو الذي وطَّأَ لعَقِبه المُلْكَ بالأندلس، وولِيَ بعده ابنُه عبدالرحمن بن الحكَم.
هو أبو طاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الحميري الصنهاجي صاحب إفريقية وما والاها, كان من خيار الملوك، عارفًا حسن السيرة، كان عادلًا في دولته ضابطًا لأمور رعيته، عارفًا بخرجه ودخله، مدبرًا في جميع ذلك على ما يوجبه النظر العقلي ويقتضيه الرأي الحكمي، وكان كثيرَ المطالعة لكتب الأخبار والسِّيَر، عارفًا بها، رحيمًا للضعفاء شفيقًا على الفقراء، يُطعِمُهم في الشدائد فيرفُق بهم، ويقرب أهل العلم والفضل من نفسه، وساس العرب في بلاده فهابوه وانكفأت أطماعهم، وكان له نظرٌ حسن في صناعة النجوم والأحكام، وكان حسنَ الوجه، وكانت ولايةُ الأمير يحيى بالمهدية خلافةً عن أبيه تميم يوم الجمعة لأربع بقين من شهر ذي الحجة سنة 497، وكان عمره ثلاثًا وأربعين سنة وستة أشهر وعشرين يومًا، وركب على العادة، وأهل دولته محتفُّون به، ورجع إلى قصره فغيَّرَ لباس أهل الدولة من الخواص والجند بخِلَعٍ سَنِية، وكانوا قد غيَّروا لباسَهم لموت أبيه، ووهب للأجناد والعبيد أموالًا كثيرة، ولما جلس يحيى للملك قام بالأمر وعدل في الرعية وفتح قلاعًا لم يتمكن أبوه من فتحها، وظهر في أيامه محمد بن تومرت الذي ادَّعى أنه المهدي المنتظر، واستفحل خطره, وفي هذه السنة وقف ليحيى ثلاثة غرباء، وزعموا أنهم يعملون الكيمياء، فأحضرهم ليتفرج عليهم في خَلوةٍ، وعنده قائد عسكره إبراهيم، والشريف أبو الحسن، فسَلَّ أحدهم سكينًا، وضرب الملك، فما صنع شيئًا، ورفسه الملك فدحرجه، ودخل مجلسًا وأغلقه، وقتل الآخر الشريف، وشَدَّ إبراهيم بسيفه عليهم، ودخل المماليك، وقتلوا الثلاثة، وكانوا باطنيةً، وقيل إن الآمر العبيدي ندبهم لذلك. توفي يحيى وله اثنتان وخمسون سنة, وخلف ثلاثين ولدًا ذكرًا, وكانت دولته ثماني سنين, وكان ولده علي نائبه على سفاقس، فأُحضِرَ وعُقِدت له الولاية، ودُفِنَ يحيى في القصر.
هو أبو سعيد آقسنقر البرسقي الغازي، الملقَّب قسيم الدولة سيف الدين، وكان مملوكًا تركيًّا صاحب الموصل والرحبة وتلك النواحي، ملَكَها بعد مودود بن التونتكين، وكان مودود بالموصل وببلاد الشام من جهة السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي، فقُتِل مودود سنة 507، وآقسنقر يومئذ شحنة بغداد، كان ولَّاه إياها السلطان محمد في سنة 498، فلما قتل مودود أرسل السلطان محمد البرسقي واليًا على الموصل وأمره بالاستعداد لقتال الفرنج بالشام، فوصل إلى الموصِل وملكها وغزا، ودفع الفرنج عن حلب وقد ضايقوها بالحصار، فلما استنجد به أهلها، فأجابهم ونادى الغزاة، ولما أشرف على حلب تقهقرت الفرنج، ورتَّب أمور البلد، وأمدَّهم بالغلَّات، ورتَّب بها ابنه فيها، ثم عاد إلى الموصل وأقام بها إلى أن قُتل. وهو من كبراء الدولة السلجوقية، وله شهرة كبيرة بينهم. كان عادلًا حميد الأخلاق، شديد التدين، محبًّا للخير وأهله، مُكرِمًا للفقهاء والصالحين، ليِّنًا حسن المعاشرة، ويرى العدل ويفعله، وكان من خير الولاة؛ يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويصلي من الليل متهجِّدًا، عالي الهمة، كان من خيار الولاة, وكان شجاعًا محل ثقة الخلفاء والملوك وتقديرهم. قتلته الباطنية بجامع الموصل يوم الجمعة التاسع من ذي القعدة سنة 520، قتله الباطنية في مقصورة الجامع بالموصل، وقيل: إنهم جلسوا له في الجامع بزي الصوفية، فلما انفتل من صلاته قاموا إليه وأثخنوه جراحًا؛ وذلك لأنه كان تصدى لاستئصال شأفتهم وتتبَّعَهم وقتل منهم عصبةً كبيرة، وتولى ولَدُه عز الدين مسعود موضِعَه، ثم توفي يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة 521، وملك بعده عماد الدين زنكي بن آقسنقر, وكان من مماليك السلطان طغرلبك أبي طالب محمد، وكان من أمراء السلاجقة المشار إليهم فيها، المعدودين من أعيانهم.
غزا أبو يوسُفَ يعقوبُ بنُ عبد المؤمن، صاحِبُ بلاد المغرب والأندلس، بلادَ الفِرنجِ بالأندلُسِ، وسبَبُ ذلك أنَّ ألفونسو مَلِك الفرنج بها، ومَقَرُّ مُلكِه مدينة طليطلة، كتب إلى يعقوبَ كتابًا فحواه أنَّه يريد الإغارةَ على البلادِ والقَتلَ، وأنَّه لا مانع له من ذلك ويستهزئُ بقوة المسلمين ويتَّهِمُهم بالضَّعفِ مع أنَّهم- أي المسلمين- مأمورون بالجهاد، حتى لو كان العدوُّ ضِعفَ العَدَد، واستهزأ بالمَلِك أبي يوسف يعقوب، فلمَّا وصل كتابُه وقرأه يعقوبُ، كتب في أعلاه هذه الآية: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37]، وأعاده إليه، وجمع العساكِرَ العظيمةَ من المسلمينَ وعبَرَ المجاز إلى الأندلس، وقيل: كان سبَبُ عبوره إلى الأندلس أن يعقوبَ لَمَّا قاتل الفرنج سنة ست وثمانين وصالحهم، بَقِيَ طائفة من الفرنج لم تَرْضَ الصلح، فلما كان الآن جَمَعت تلك الطائفة جمعًا من الفرنجِ، وخرجوا إلى بلاد الإسلام، فقَتَلوا وسَبَوا وغَنِموا وأسروا، وعاثوا فيها عيثًا شديدًا، فانتهى ذلك إلى يعقوب، فجمع العساكِرَ، وعبَرَ المجاز إلى الأندلس في جيشٍ يضيقُ عنهم الفضاء، فسَمِعَت الفرنج بذلك، فجمعت قاصيَهم ودانيهم، فالتقوا تاسِعَ شعبان شماليَّ قُرطبةَ عند قلعة رياح، بمكانٍ يعرف بمرج الحديد، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فكانت الدائرة أولًا على المسلمين، ثمَّ عادت على الفرنج، فانهزموا أقبحَ هزيمةٍ، وانتصر المسلمون، وغَنِمَ المسلمون منهم شيئًا عظيمًا، ولَمَّا انهزم الفرنج اتَّبَعهم أبو يوسف، فرآهم قد أخذوا قلعةَ رياح، وساروا عنها من الرُّعبِ والخوف، فمَلَكَها وجعل فيها واليًا وجندًا يحفظونها، وعاد إلى مدينة إشبيلية، وأما ألفونسو فإنه لما انهزم حَلَقَ رأسَه، ونكَّسَ صليبَه، ورَكِبَ حمارًا، وأقسَمَ أنْ لا يركب فرسًا ولا بغلًا حتى تُنصَرَ النَّصرانيَّة.
لَمَّا ثبت الفرنج في دمياط بثُّوا سراياهم في القرى يقتلون ويأسرون، فعظُم الخطب واشتدَّ البلاء، وندب السلطانُ الملك الكامل الناسَ وفَرَّقهم في الأرض، فخرجوا إلى الآفاق يستصرخون النَّاسَ لاستنقاذ أرض مصر من أيدي الفرنج، وشرع الكاملُ في بناء الحور –خيام من جلد أبيض- والفنادق والحمامات والأسواق بمنزلة المنصورةِ، وجهَّزَ الفرنج من حصل في أيديهم من أسارى المسلمين في البحرِ إلى عكا وبرزوا من مدينةِ دمياط يريدون أخذَ مصرَ والقاهرة، فنازلوا السلطان تجاه المنصورة، واجتمع الناسُ من أهل مصر وسائر النواحي ما بين أسوان إلى القاهرة، ونودِيَ بالنفير العام، وألَّا يبقى أحد, وذكروا أن مَلِكَ الفرنج قد أقطع ديارَ مصر لأصحابه, وأنزل الكامِلُ على ناحية شار مساح ألفي فارس، في آلاف من العربان، ليحولوا بين الفرنج وبين مرادِهم، وسارت الشواني- ومعها حراقة كبيرة- إلى رأس بحر المحلة، وعليها الأميرُ بدر الدين بن حسون، فانقطعت الميرةُ عن الفرنج من البر والبحر، وقَدِمَت النجدات للملك الكافي من بلاد الشام، وخرجت أمم الفرنج من داخل البحر تريد مدَدَ الفرنج على دمياط فوافى دمياط منهم طوائفُ لا يحصى لهم عدد فلما تكاملَ جمعُهم بدمياط خرجوا منها، وقد زُيِّنَ لهم سوءُ عمَلِهم أن يملكوا أرض مصر، ويستولوا منها على مماليكِ البسيطة كلها، فلما قدمت النجدات من المسلمين هال الفرنجَ ما رأوا، وكان قدومُ هذه النجدات في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة، وتتابع قدوم النجدات حتى بلغ عدد فرسان المسلمين نحو الأربعين ألفًا، فحاربوا الفرنج في البر والبحر، وأخذوا منهم ست شواني وجلاسة وبطسة- سفن حربية ضخمة- وأسروا منهم ألفين ومائتي رجل، ثم ظفروا أيضًا بثلاث قطائع فتضعضع الفرنجُ لذلك، وضاق بهم المقام، وبعثوا يسألون في الصُّلحِ.
سار شهاب الدين غازي بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب قلعة سرماري، وهي من أعمال أرمينية إلى خلاط، لأنه كان في طاعة صاحب خلاط، فحضر عنده، واستخلف ببلده أميرًا من أمرائه، فجمع هذا الأمير جمعًا وسار إلى بلاد الكرج، فنهب منها عدة قرى وعاد، فسمعت الكرج بذلك، فجمع صاحب دوين، واسمه شلوة، وهو من أكابر أمراء الكرج، عسكره وسار إلى سرماري فحصرها أيامًا، ونهب بلدها وسوادها ورجع، فسمع صاحب سرماري شهاب الدين الخبر، فعاد إلى سرماري، فوصل إليها في اليوم الذي رحل الكرج عنها، فأخذ عسكره وتبعهم، فأوقع بساقتهم، فقتل منهم وغنم، واستنقذ بعض ما أخذوا من غنائم بلاده، ثم إن صاحب دوين جمع عسكره وسار إلى سرماري ليحصرها، فوصل الخبَرُ إلى شهاب الدين بذلك، فحَصَّنها، وجمع الذخائر وما يحتاج إليه، فأتاه من أخبره أن الكرج نزلوا بوادي بني دوين وسرماري، وهو وادي ضيق، فسار بجميع عسكره جريدة –الجريدة: خَيْلٌ لا رَجَّالة فيها- وجَدَّ السير ليكبس الكرج، فوصل إلى الوادي الذي هم فيه وقت السحر، ففرق عسكره فرقتين: فرقةً من أعلى الوادي، وفرقة من أسفله، وحملوا عليهم وهم غافلون، ووضعوا السيف فيهم، فقتلوا وأسروا، فكان في جملة الأسرى شلوة أمير دوين، في جماعة كثيرة من مقدميهم، ومن سلم من الكرج عاد إلى بلدهم على حال سيئة، ثم إن ملك الكرج أرسل إلى الملك الأشرف موسى بن العادل، صاحب ديار الجزيرة، وهو الذي أعطى خلاط وأعمالها الأمير شهاب الدين، يقول له: كنا نظن أننا صلح، والآن فقد عمل صاحب سرماري هذا العمل، فإن كنا على الصلح فنريد إطلاق أصحابنا من الأسر، وإن كان الصلح قد انفسخ بيننا فتعرفنا حتى ندبِّر أمرنا، فأرسل الأشرف إلى صاحب سرماري يأمره بإطلاق الأسرى وتجديد الصلح مع الكرج، ففعل ذلك واستقرت قاعدة الصلح، وأُطلق الأسرى.
قُتِلَ السلطانُ المَلِكُ المنصورُ حسام الدين لاجين ونائبُه سيف الدين منكوتمر، ليلةَ الجمعة حادي عشر ربيع الآخر، على يدِ الأمير سيف الدين كرجي الأشرفي ومَن وافقه من الأمراء، وذلك بحضورِ القاضي حسامِ الدين الحنفي وهو جالسٌ في خدمته يتحَدَّثان، وقيل كانا يلعبانِ بالشطرنج، فلم يشعُرا إلَّا وقد دخلوا عليهم فبادروا إلى السلطانِ بسُرعةٍ جَهرةً ليلةَ الجمعة فقَتَلوه وقُتِلَ نائبُه منكوتمر صبرًا صبيحة يوم الجمعةِ وألقِيَ على مزبلة، واتفق الأمراءُ على إعادة ابنِ أستاذهم المَلِك النَّاصر محمدِ بنِ قلاوون، فأرسلوا وراءَه، وكان بالكرك ونادَوا له بالقاهرة، وخُطِبَ له على المنابر قبل قدومِه، وجاءت الكتُبُ إلى نائِبِ الشامِ قبجق فوجدوه قد فَرَّ خَوفًا من غائلة لاجين، فسارت إليه البريديَّةُ فلم يدركوه إلا وقد لحِقَ بالمغول عند رأسِ العين، من أعمال ماردين، وتفارط الحالُ ولا قُوَّة إلَّا بالله، وكان سَبَبُ قتل لاجين ونائبه منكوتمر هو ما بدر منهما تجاهَ الأمراءِ؛ فإن لاجين كان قد حَلَف لهم يوم أن نَصَبوه سلطانًا بعد قتْلِه كتبغا أنَّه لن يولي منكوتمر شيئًا بل سيقَدِّمُهم فَهُم الأمراءُ, ولكِنَّ هذا ما لم يكُنْ، فقَدَّمَ مَملوكَه وجعَلَه نائبَه وأصبح يعتَقِلُ الأمراء ويقتُلُ بَعضَهم، حتى إنه في أسبوعٍ واحد قتل خمسةً مِن الأمراء، والذي لم يُقتَل أو يُعتَقَل أُبعِدَ في الولاياتِ السخيفةِ التي لا تليقُ بهم في الأماكِنِ البعيدة، وكُلُّ ذلك بتدبيرِ النائب منكوتمر؛ طمعًا منه أن يليَ السلطنة؛ لأنَّ لاجين لا ذريَّةَ له من الذكور، فأفعالُه تلك أوغَرَت عليه صدورَ الأمراء ممَّا حدا بهم إلى قتلِهما جميعًا، ثم كان دخولُ الملك الناصر إلى مصرَ يوم السبتِ رابِعَ جمادى الأولى، وكان يومًا مشهودًا، ودُقَّت البشائِرُ ودخل القضاةُ وأكابِرُ الدولة إلى القلعة، وبويع بحضرةِ عَلَم الدين أرجواش، وخُطِبَ له على المنابر بدِمشقَ وغيرها بحضرةِ أكابر العلماء والقُضاة والأُمراءِ.