الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1510 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 422 العام الميلادي : 1030
تفاصيل الحدث:

كانت الرَّها بيدِ نَصرِ الدَّولة بن مروان، فلمَّا قُتِلَ عَطير الذي كان صاحِبَها، شَفَعَ صالحُ بنُ مرداس، صاحِبُ حَلَب، إلى نَصرِ الدَّولة ليُعيدَ الرَّها إلى ابنِ عطير، وإلى ابنِ شبلٍ، بينهما نِصفَينِ، فقَبِلَ شَفاعَتَه، وسَلَّمَها إليهما، وكان في الرَّها برجانِ حَصينانِ أحَدُهما أكبَرُ من الآخر، فتَسَلَّمَ ابنُ عطير الكبير، وابنُ شبل الصَّغيرَ، وبَقِيَت المدينةُ معهما إلى هذه السَّنة، فراسل ابنُ عطير أرمانوس مَلِكَ الروم، وباعَه حِصَّتَه من الرَّها بعشرينَ ألف دينار، وعِدَّة قُرًى من جملتِها قريةٌ تُعرَفُ إلى الآن بسن ابن عطير، وتسَلَّموا البرُجَ الذي له، ودخلوا البلَدَ فمَلَكوه، وهرب أصحابُ ابنِ شبل من البُرجِ الآخَر، وقَتَل الرُّومُ المُسلِمين، وخَرَّبوا المساجِدَ، وسَمِعَ نَصرُ الدَّولة الخبَرَ، فسَيَّرَ جيشًا إلى الرها، فحصَروها وفتَحوها عَنوةً، واعتصم مَن بها مِن الرُّومِ بالبُرجَينِ، واحتمى النَّصارى بالبيعةِ التي لهم، وهي من أكبَرِ البِيَعِ وأحسَنِها عِمارةً، فحَصَرهم المسلمونَ بها، وأخرَجوهم، وقَتَلوا أكثَرَهم، ونَهَبوا البلدَ، وبَقِيَ الرومُ في البرجين، وسَيَّرَ إليهم عسكرًا نحو عشرةِ آلاف مقاتل، فانهزم أصحابُ ابنِ مَروانَ مِن بينِ أيديهم، ودخَلوا البلدَ وما جاوَرَهم من بلادِ المُسلِمينَ، وصالحهم ابنُ وَثَّاب النميري على حَرَّان وسروج وحمَلَ إليهم خراجًا.

العام الهجري : 11 العام الميلادي : 632
تفاصيل الحدث:

كانت بنو تميمٍ قد اختَلَفت آراؤُهم أيَّامَ الرِّدَّةِ؛ فمنهم من ارتدَّ ومَنَع الزَّكاةَ، ومنهم من بَعَث بأموالِ الصَّدَقاتِ إلى الصِّدِّيقِ، ومنهم من توقَّف لينظُرَ في أمرِه، فبينما هم كذلك إذ أقبَلَت سَجاحُ بنتُ الحارِثِ بنِ سُوَيدِ بنِ عقفانَ التَّغلِبيَّةُ من الجزيرةِ، وهي من نصارى العَرَبِ، وقد ادَّعَت النبُوَّة، ومعها جنودٌ مِن قَومِها ومن التَفَّ بهم، وقد عزموا على غَزوِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، فلمَّا مَرَّت ببلادِ بني تميمٍ دَعَتْهم إلى أمرِها، فاستجاب لها عامَّتُهم، ثمَّ قَصَدَت بجنودِها اليمامةَ؛ لتأخُذَها مِن مُسَيلِمةَ بنِ حَبيبٍ الكَذَّابِ، فهابه قومُها، وقالوا: إنَّه قد استفحَلَ أمرُه وعَظُمَ، فلمَّا سَمِعَ بمَسيرِها إليه خافها على بلادِه، فبَعَث إليها يستأمِنُها ويضمَنُ لها أن يُعطيَها نِصفَ الأرضِ الذي كان لقُرَيشٍ لو عَدَلَتْ، وراسَلَها ليجتَمِعَ بها في طائفةٍ مِن قَوِمه، فركِبَ إليها في أربعينَ مِن قَومِه، وجاء إليها فاجتَمَعا في خيمةٍ، فلما خلا بها وعَرَض عليها ما عَرَض من نِصفِ الأرضِ، وقَبِلَت ذلك، ثمَّ انثَنَت راجعةً إلى بلادِها، وذلك حين بلَغَها دُنُوُّ خالدٍ مِن أرضِ اليمامةِ، فكَرَّت راجعةً إلى الجزيرةِ بَعدَما قَبَضَت من مُسَيلِمةَ نِصفَ خَراجِ أرضِه.

العام الهجري : 1428 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 2008
تفاصيل الحدث:

تُوفيَ الشيخُ صالحُ بنُ عبدِ الرحمنِ الأطرمُ عضوُ هيئة كبار العلماء، وأستاذُ الدراسات العُليا في قسمِ الفقهِ بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياضِ، إثْرَ مرضٍ مُزمنٍ لازَمَه سنواتٍ عدةً، والشيخُ حصَلَ على الدكتوراه من المعهد العالي للقضاء، وكان يتولَّى تدريسَ مادة الفقه المقارَن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياضِ، بالإضافةِ إلى تدريسه لطلبة مرحلتَيِ الماجستير والدكتوراه في الكليةِ ذاتِها، وفي المعهد العالي للقضاءِ بالرياضِ، والشيخُ الأطرمُ من مواليد الزلفي، وقد التحَقَ منذ وقتٍ مبكرٍ بحلقاتِ العلماء، حيث تلقَّى العلم على يدِ نُخبةٍ من كبار علماء المملكةِ، وعلى رأسهم فضيلةُ العلَّامةُ الشيخُ محمدُ بن إبراهيم رحمه اللهُ، والشيخُ ابنُ بازٍ، ومن أبرز تلاميذه: الشيخُ عبدُ العزيزِ بنُ عبدِ اللهِ آلَ الشيخ (مفتي عام المملكة)، وفضيلةُ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، وغيرُهما.

العام الهجري : 1251 العام الميلادي : 1835
تفاصيل الحدث:

كان محمد علي باشا والي مصر يعمَلُ على تكوين دولة كبرى على حسابِ الدولة العثمانية، فضَمَّ السودان والشام وأجزاءً من بلاد اليونان والأناضول إلى سيطرته. وكان يَعُدُّ شبهَ جزيرة العرب من المناطق التابعة لدولته؛ ولهذا لم يكن غافلًا عما يجري في نجد من حركة لإعادة الدولة السعودية. ووجد أنَّ مِمَّا يسهل عَمَلَ الحملات العسكرية أن يترأَّسَها أحدُ أفراد الأسرة السعودية. وأراد محمد علي باشا التخاطبَ مع الإمام فيصل بن تركي، فأرسل إليه دوسري بن عبد الوهاب أبو نقطة، مبعوثًا ليكونَ وسيطًا بينهما. وطلب من الإمامِ فيصل إرسالَ الخَراج إليه، وتزويد القوات المصرية المحاربة في شبه الجزيرة العربية ببعض ما تحتاج إليه. ولكن الإمام لم يشأ أن يلبِّيَ هذه الطلبات، ربما لأنَّه خَشِيَ أن تُستعمَلَ ضِدَّه مستقبلًا. وفي الوقت نفسِه اتخذ موقفًا لينًا تجاه حكومة محمد علي، فأرسل هدايا ثمينة إلى أحمد باشا ممثِّل محمد علي في الحجاز مع أخيه جلوي بن تركي، على أملِ أن يكونَ في ذلك تعبيرٌ عن حُسنِ نيَّتِه تجاه الدولة. وأبدى استعدادَه لتلبية بعضِ طلبات القوات المصرية من الإبل. لكِنَّ محمد علي لم يقتنِعْ بذلك الموقف، فجهَّز حملة عسكرية بقيادة إسماعيل بك، ووضع على رأسِها -من الناحية الشكلية- خالد بن سعود بن عبد العزيز -الشقيق الأكبر للإمام عبد الله بن سعود- وكان خالد بن سعود قد أسَرَه إبراهيم باشا عند سقوط الدرعية، وأُرسِلَ إلى مصر مع بقَّية آل سعود، ووصلت الحملةُ إلى ينبع في هذه السنة.

العام الهجري : 792 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1390
تفاصيل الحدث:

بعد أن قام الظَّاهِرُ برقوق بالاستيلاء على مِصرَ وعودَتِه إليها، بقي منطاش في دمشق عاصيًا على السلطان برقوق، وأخَذَ منطاش بعلبكَّ بعد أن حاصرها محمد بن بيدمر أربعةَ أشهر، ثم إنَّ الظاهر برقوقًا جَهَّز العساكِرَ إلى دمشق لأخْذِها من منطاش، فلما بلغ منطاش قدومُ العساكر برز من دمشق، وأقام بقبَّة يلبغا، ثم رحل نصفَ ليلة الأحد ثالث عشر جمادى الآخرة بخواصِّه، وهم نحو الستمائة فارس، ومعه نحو السبعينَ حملًا ما بين ذَهَبٍ ودراهم وقماش، وتوجه نحو قارا والنبك، بعد أن قَتَل المماليك الظاهرية، والأميرُ ناصر الدين محمد بن المهمندار، وإن الأمير الكبير أيتمش خرج من سجنه بقلعة دمشق وأفرجَ عَمَّن بها، ومَلَك القلعة، وبعث إلى النوابِ يُعلِمُهم، وسَيَّرَ كتابه إلى السلطان بذلك، فسار النوابُ إلى دمشق ومَلَكوها بغير حرب، ثمَّ إن منطاش توجه إلى الأمير نعير، ومعه عنقا بن شطى أمير آل مرا، ثم قدم البريدُ بأن منطاش ونعيرًا جمعَا جمعًا كبيرًا من العُربان والأشرفية والتركمان، وساروا لمحاربة النواب، فخرج الأمير يلبغا الناصري والأمير ألطبغا الجوباني بالعساكر من دمشق إلى سليمة، ثم اجتمع البَيْدَمرية والطازية والجنتمرية في طوائف من العامة بدمشق يريدون أخْذَها، فسَرَّح الأمير الكبير أيتمش الطائر من القلعةِ إلى سليمة يُعلِمُ الأمير يلبغا الناصري بذلك، فركب ليلًا في طائفةٍ مِن العسكر، وقَدِمَ دمشق وقاتَلَهم ومعه ألابغا العثماني حاجب الحجاب بدمشق، فقُتِلَ بينهما خلقٌ كثير من الأتراك والعوام وكَسَرَهم، وقَبَض على جماعة ووسَّطَهم تحت قلعة دمشق، وحَبَس جماعة، وقَطَع أيديَ سبعمائة رجل، وعاد إلى سليمة، وافترقت جمائِعُ منطاش وعساكر الشام ثلاث فرق، وتولى الأميرُ يلبغا الناصري محاربةَ الأمير نعير، فكسَرَه، وقتل جمعًا مِن عُرْبانه، وركب قفا نعيرٍ إلى مَنازِلِه، وحارب الأميرُ قرا دمرداش منطاشَ ومَن معه من التركمان، فضرَبَ كُلٌّ منهما الآخر، فوقعت الضربةُ بكَتِفِ منطاش، وقُطِعَت أصابع قرا دمرداش، وخامَرَ جماعة من الأشرفية على منطاش وصاروا في جملةِ الأمير ألطبغا الجوباني، فأحسن إليهم وقرَّبَهم، فلما وقعت الحربُ اتفق الأشرفيَّةُ مع بعض مماليكِه وقَتَلوه، وقبضوا على الأمير مأمور ووسَّطوه- قتلوه- وقتلوا الأمير أقبغا الجوهري وعِدَّةً من الأمراء، فكانت حروبًا شديدة، قُتِلَ فيها بين الفِرَق الثلاث خَلقٌ لا يُحصي عددَهم إلا خالقُهم سبحانه وتعالى, ونَهَبَت العربُ والعشير جميعَ ما كان مع العسكَرينِ، وقَدِمَ البريد بذلك، وأن منطاش انكسر، فأقام الأشرفيَّةُ بدله ألطبغا الأشرفي، فحضر منطاش من الغَدِ وأراد قتْلَه، فلم تمَكِّنْه الأشرفية من ذلك، وإنَّ الناصري لَمَّا رجع من محاربة نعير جمع العساكِرَ وعاد إلى دمشق، ثم خرج بعد يومين وأغار على آل علي، ووسَّط- قتل- منهم مائتي نفس، ونهب كثيرًا من جِمالِهم، وعاد إلى دمشق، ثم قَدِمَ البريد من دمشق بأن الأمير قَشْتَمُر الأشرفي، الحاكِمَ بطرابلس من جهة منطاش، سَلَّمَها من غير قتال، وأنَّ حماة وحمص أيضًا استولت العساكرُ السلطانية عليهما، ثم قَدِمَ البريد من دمشق بفرار منطاش عن أرض حَلَب، ومعه عنقاءُ بن شطي، خوفًا على نَفسِه مِن نعير، وأنَّه توجَّهَ في نحو سبعمائة فارس من العَرَبِ، أخذهم على أنَّه يكبس التركمان ويأخذ أعناقَهم، فلما قطع الدربند أخذَ خُيولَ العرب، وسار إلى مرَعش، وترك العربَ مُشا، فعادوا.

العام الهجري : 358 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 969
تفاصيل الحدث:

سيَّرَ المعِزُّ الفاطميُّ القائِدَ أبا الحسَنِ جوهَرَ الصقليَّ، غلامَ والِدِه المنصور، وهو روميٌّ، في جيشٍ كثيفٍ إلى الديار المصرية، فاستولى عليها، وكان سببُ ذلك أنَّه لَمَّا مات كافور الإخشيدي، صاحِبُ مصر، اختلفت القلوبُ فيها، ووقع بها غلاءٌ شديد، فلما بلغ الخبَرُ بهذه الأحوال إلى المُعِزِّ، وهو بإفريقية، سيَّرَ جوهرًا إليها بجيشٍ عظيمٍ أنفق عليه ما جناه من البربَرِ مِن الضرائبِ، فكانت خمسمائة ألف دينار، ثم عمَدَ المعِزُّ إلى خزائنِ آبائِه فبذل منها خمسمائة حمل من المال، وساروا في أول سنة 358 في أُهبةٍ عظيمة، فلمَّا اتَّصَل خبَرُ مسيره إلى العساكِرِ الإخشيدية بمصرَ، هربوا عنها جميعُهم قبل وصوله، ثمَّ إنَّه قَدِمَها سابِعَ عشر شعبان، وأقيمت الدعوة للمعزِّ بمصرَ في الجامع العتيق في شوال، وفي جُمادى الأولى من سنة تسعٍ وخمسين سار جوهَرُ إلى جامعِ ابن طولون، وأمر المؤذِّنَ فأذَّنَ بحَيَّ على خيرِ العمَلِ، وهو أوَّل ما أُذِّنَ بمِصرَ، ثم أذَّنَ بعده في الجامعِ العتيق، وجهَرَ في الصلاةِ ببِسمِ الله الرحمن الرحيم، ولَمَّا استقَرَّ جوهر بمصرَ، شرع في بناءِ القاهرةِ, وضُرِبَت السِّكَّةُ على الدينار بمصرَ، وهي لا إله إلا الله محمَّدٌ رسول الله، عليٌّ خيرُ الوصِيَّينِ، والوجه الآخرُ اسمُ المعِزِّ والتاريخ.

العام الهجري : 1224 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1809
تفاصيل الحدث:

هو العلَّامةُ الشيخ القاضي حسين ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ولد بمدينة الدرعية ونشأ بها وقرأ العلمَ على والده الشيخ محمد بن عبد الوهاب. وكان كفيفَ البصر نيِّرَ البصيرة جَهْوريَّ الصوت بحيث يسمَعُ تكبيرَه في الصلاة أدنى المسجد وأقصاه مع كثرةِ الخلائق، وكان له معرفةٌ في الأصل (التوحيد) والفروع والتفسير, وله مجالسُ عديدة في تدريس الفقه والتفسير وغيرهما, وقد تولَّى إمامة مسجد البجيري في منازل الدرعية الشرقية، وكان خطيبَ الجمعة في مسجد الطريف الكبير الواقع تحت قصر آل سعود في المنازل الغربية من الدرعية، كما كان أحدَ قضاة الدرعية، وكان يقومُ بالإفتاء. أخذ عنه العلمَ جماعة منهم ابناه الشيخ علي بن حسين، والشيخ عبد الرحمن بن حسين، والشيخ أحمد الوهبي، والشيخ سعيد بن حجي، توفي في شهر ربيع الآخِرِ في وباء أصاب الدرعية. وخلَّفَ خمسة أبناء هم: الشيخ علي، والشيخ عبد الرحمن والشيخ حمد، والشيخ عبد الملك، وحسن، وأحفادُه يعرفون اليوم على انفرادهم بآل حُسين نسبة إلى جدهم الشيخ حسين بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.

العام الهجري : 527 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1133
تفاصيل الحدث:

حصر المسترشد بالله مدينة الموصل في العشرين من شهر رمضان، وسبب ذلك ما تقدم من قصد الشهيد زنكي بغداد، ثم قصد جماعة من الأمراء السلجوقية باب المسترشد بالله، وصاروا معه فقَوِي بهم، واشتغل السلاطين السلجوقية بالخُلف الواقع بينهم، فأرسل الخليفة الشيخ بهاء الدين أبا الفتوح الأسفراييني الواعظ إلى عماد الدين زنكي برسالة فيها خشونة، فقبض عليه عماد الدين زنكي وأهانه ولقيه بما يكره، فأرسل المسترشد بالله إلى السلطان مسعود يعرِّفه الحال الذي جرى من زنكي ويُعلِمه أنه على قصد الموصل وحَصْرها، وتمادت الأيام إلى شعبان، فسار عن بغداد في النصف منه في ثلاثين ألف مقاتل، فلما قارب الموصل فارقها أتابك زنكي في بعض عسكره وترك الباقي بها مع نائبه نصير الدين جقر دزدارها والحاكم في دولته، وأمرهم بحفظها، ونازلها الخليفة وقاتلها وضَيَّق على من بها، وأما عماد الدين فإنه سار إلى سنجار، وكان يركب كل ليلة ويقطع الميرة عن العسكر ومتى ظفر بأحد من العسكر أخذه ونكل به، وضاقت الأمور بالعسكر أيضًا وتواطأ جماعة من الجصاصين بالموصل على تسليم البلد، فسُعي بهم فأُخذوا وصُلبوا، وبقي الحصار على الموصل نحو ثلاثة أشهر ولم يظفر منها بشيء ولا بلغه عمن بها وهن ولا قلة ميرة وقوت، فرحل عنها عائدًا إلى بغداد، فقيل: إن نصرًا الخادم وصل إليه من عسكر السلطان وأبلغه عن السلطان مسعود ما أوجب مسيره وعوده إلى بغداد، وقيل: بل بلغه أن السلطان مسعودًا عزم على قصد العراق، فعاد بالجملة، وأنه رحل عنها منحدرًا في شبارة في دجلة فوصل إلى بغداد يوم عرفة.

العام الهجري : 573 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1177
تفاصيل الحدث:

في أواخِرِ جمادى الأولى، سار صلاح الدين يوسف بن أيوب من مصرَ إلى ساحل الشامِ؛ لقصد بلاد الفرنج، وجمع معه عساكِرَ وجنودًا كثيرة، فلم يزالوا يجِدُّون السيرَ حتى وصلوا عسقلان في الرابع والعشرين منه، فنَهَبوا وأسروا، وقتلوا وأحرقوا وتفَرَّقوا في تلك الأعمال مُغِيرينَ، فلما رأَوا أنَّ الفِرنجَ لم يَظهَرْ لهم عسكَرٌ ولا اجتمع لهم من يحمي البلادَ مِن المسلمين، طَمِعوا، وانبسطوا، وساروا في الأرض آمنين مطمئنينَ، ووصل صلاحُ الدين إلى الرملة، عازمًا على أن يقصِدَ بعضَ حُصونهم ليَحصُرَه، فوصل إلى نهر، فازدحم الناسُ للعبور، فلم يَرُعْهم إلا والفرنج أشرفت عليهم بأبطالها وطلابِها، وكان مع صلاح الدين بعضُ العسكر؛ لأن أكثَرَهم تفَرَّقوا في طلب الغنيمة، فلما رآهم وقف لهم فيمن معه، وتقَدَّمَ بين يديه تقيُّ الدين عمر بن محمد ابن أخي صلاح الدين، فباشر القتالَ بنفسه بين يدي عَمِّه، فقُتِلَ من أصحابه جماعة، وكذلك الفرنجُ، وتمت الهزيمةُ على المسلمين، وحمل أحدُ الفرنج على صلاح الدين فقارَبَه حتى كاد أن يصِلَ إليه فقُتِلَ الفرنجيُّ بين يديه، وتكاثر الفرنج عليه فمضى مُنهَزِمًا، يسيرُ قليلًا ويقف ليلحَقَه العسكرُ إلى أن دخل الليل، فسلك البرية إلى أن مضى في نفَرٍ يسيرٍ إلى مصر، ولقُوا في طريقِهم مَشقَّة شديدة، وقل عليهم القوتُ والماء، وهلك كثيرٌ مِن دواب العسكر جوعًا وعطشًا وسرعةَ سير، وأما العسكَرُ الذين كانوا دخَلوا بلاد الفرنج في الغارة، فإنَّ أكثَرَهم ذهب ما بين قتيلٍ وأسير، ووصل صلاحُ الدين إلى القاهرة نصفَ جمادى الآخرة.

العام الهجري : 1385 العام الميلادي : 1965
تفاصيل الحدث:

منظمة مجاهِدي خلق المعارضة الإيرانية أكبر وأنشط حركة معارضة إيرانية. تأسَّسَت المنظَّمة على أيدي مثقَّفين إيرانيين؛ بهدف إسقاط نظامِ الشاه، وقد أعدَمَ نظامُ الشاه مؤسِّسيها وعددًا كبيرًا من أعضاء قيادتِها، وبعد سقوطِ نظام الشاه إثرَ قيام "ثورة الخميني الإيرانية" أدَّت منظمة مجاهدي خلق دورًا كبيرًا في انتصار الثورة، وقد اعتمد على قوَّتها أبو الحسن بني صدر أوَّلُ رئيس للجمهورية الإيرانية، لكِنْ ظهرت فيما بعدُ خلافاتٌ بين الحركة وبين نظام الحُكم الإيراني الجديد، وصلَت بعد عامين ونصف العام من الثورة إلى حدِّ التقاتل بين الجانبين، في صراعٍ محتدِمِ ومُستمرٍّ، فقامت الحكومةُ الإيرانية بإعدام عشرات الآلاف من أعضائها والمنتمين إليها، ولكِنَّ المنظَّمة شَدَّت عزمها على مواصلة نشاطاتها داخلَ إيران وخارجَه؛ بهدف إسقاط السُّلطة الإيرانية الحالية، وتُعَدُّ منظمَّة مجاهدي خلق الإيرانية جزءًا من ائتلافٍ واسعٍ شامل يسمَّى المجلِسَ الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي يعمل كبرلمان إيراني في المنفى، والذي يضمُّ 5 منظمات وأحزاب، و550 عضوًا بارزًا وشهيرًا من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية، والخبراء والفنانين والمثقَّفين والعلماء والضباط، إضافةً إلى قادة ما يسمى بجيش التحرير الوطني الإيراني: الذِّراعِ المسلَّح لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، والذي يتمركزُ حتى اليوم في معسكر أشرف في العراق، وتكوَّنت أغلبيةُ قادته من النساء. كان مسعود رجوي من أبرز قيادات المنظمة، الذي تولى في الوقت نفسِه رئاسةَ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وفي عام 1993م انتُخِبَ بالإجماع ابنته مريم رجوي رئيسة للجمهورية للفترة الانتقالية، وهي تتولَّى مسؤوليةَ الإشراف على نقل السلطة بشكلٍ سلمي إلى الشعب الإيراني بعد سقوط النظام الإيراني.

العام الهجري : 492 العام الميلادي : 1098
تفاصيل الحدث:

تفاقم أمرُ الباطنيين كثيرًا حتى أصبحت لهم يدٌ طولى في اغتيال الأمراء والسلاطين، كما ساعد على ذلك كثرةُ الحروب بين السلاطين أنفُسِهم، فأصبح كثيرٌ منهم لا يفارقه درعُه وسلاحُه، وقد قتل الباطنيون نظامَ الملك، وأرسلان أرغون بن ألب أرسلان، والأمير برسق، وقتلوا الأميرَ بلكابك سرمز رئيس شحنة أصبهان، ضربه باطنيٌّ بسكين في خاصرته بأصبهان في دار السلطان محمد، وكان بلكابك كثير الاحتياط من الباطنية لا يفارقه لُبسُ الدرع ومن يمنع عنه، ففي ذلك اليوم الذي قُتِلَ فيه لم يلبس دِرعًا، ودخل دارَ السلطان في قِلَّةٍ، فقتله الباطنية، ومات من أولادِه في هذه الليلة جماعة، خرج من داره خمسُ جنائز في صبيحتها, وقتلوا غيرَهم من الأكابر في السلطنة، ثم كانوا سببًا لقتل مجد الملك البلاساني؛ فقد زعموا أنه هو الذي يحرِّضُهم على القتل، وقد ظهرت مقالةُ الباطنية بعد عودة السلطان بركيارق من حصاره لأخيه محمود، وأمه خاتون الجلالية، في أصبهان، وانتشرت قوتُهم بها، وكانوا متفرِّقين في المحالِّ مِن قَبلُ، فاجتمعوا وصاروا يسرقون من قدروا عليه من مخالفيهم ويقتلونَهم، فعلوا هذا بخلق كثير، وزاد الأمر، حتى إن الإنسان كان إذا تأخر عن بيته عن الوقت المعتاد تيقَّنوا قتْلَه، وقعدوا للعزاءِ به، فحَذِرَ الناسُ وصاروا لا ينفرِدُ أحد منهم.

العام الهجري : 1181 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1767
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ الإمام الثبت العلامة الفقيهُ المحدِّث الشيخ عمر بن علي بن يحيى بن مصطفى الطحلاوي المالكي الأزهري، تفقه على الشيخ سالم النفراوي وحضر دروس الشيخ منصور المنوفي، والشهاب ابن الفقيه، والشيخ محمد الصغير الورزازي، وغيرهم، وسمع الحديثَ عن الشهابين أحمد البابلي والشيخ أحمد العماوي، وأبي الحسن علي بن أحمد الحريشي الفاسي، وتمهَّر في الفنون ودرَّس بالجامع الأزهر وبالمشهد الحُسيني، واشتهر أمرُه وطار صيته، وأشير إليه بالتقدُّمِ في العلوم، وتوجَّه إلى دار السلطنة في قضاء مهمة لأمراء مصر، فقوبل بالإجابة وألقى هناك دروسًا في الحديث في آيا صوفيا، وتلقى عنه أكابرُ العلماء هناك في ذلك الوقت، وصُرف معزَّزًا مقضيًّا حوائجه، وذلك سنة 1147. ولما تمم عثمان كتخدا القزدغلي بناء مسجده بالأزبكية في تلك السنة عيَّن الطحلاوي للتدريس فيه، وذلك قبل سفره إلى الديار الرومية، وكان مشهورًا في حسن التقرير وعذوبة البيان وجودة الإلقاء، وقرأ الموطأ وغيرَه بالمشهد الحسيني، وأفاد وأجاز الأشياخ, وكان للناس فيه اعتقادٌ حسنٌ، وعليه هيبةٌ ووقار وسكونٌ، ولكلامه وقْعٌ في القلوب. توفي ليلة الخميس حادي عشر صفر من هذه السنة، وصُلي عليه في الأزهر في مشهد حافل.

العام الهجري : 1407 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1987
تفاصيل الحدث:

عقدُ مؤتمر القمة الإسلامي الخامس في (دولة الكويت) في الفترة من 26- 29 جُمادى الأولى 1407هـ، (الموافق 26- 29 ينايــر 1987م)، وقد صدر عنه عدَّة قرارات بشأن سَير عمل اللَّجنة الدائمة للتَّعاوُن الاقتصادي والتجاري، وبشأنِ اللَّجْنة الدائمة للتَّعاوُن العِلمي والتكنولوجي، وبشأن تنفيذ خُطَّة العمل لِتَعزيز التعاوُن الاقتصادي بين الدُّوَل الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وبشأن إقامةِ نظام أطول من أجل تمويل التجارة في إطار البنك الإسلامي للتنمية، اعتمدتِ القِمَّة قرارًا بشأن قضية فلسطين والشرق الأوسط، تُؤكِّد أن قضية فلسطين هي جوهَرُ الصراع العربي الإسرائيلي، وأن السلام العادل والشامل في المِنطَقة لا يُمكِن أن يقوم إلا على أساس انسحاب العَدُوِّ الصهيوني الكامل، وغير المشروط من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلَّة. واعتمد المؤتمرُ قرارًا بشأن مُرتفعات الجولان السُّورية أُعلن فيه أن احتلال إسرائيل لهذه المِنطَقة وقرارَها بفرض قوانينِها وإدارتها على مُرتفعات الجولان المحتلَّة عملٌ عُدوانيٌّ، وأدان التدابير القَمْعيَّة الإرهابية ضد المواطنينَ السُّوريينَ هناك. واعتمد المؤتمرُ قرارًا بشأن القضيَّة اللبنانيَّة، واحتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانية، وأدان فيه الاحتلالَ الإسرائيليَّ لجنوب لبنان، وطالب بانسحاب القُوَّات الإسرائيلية فورًا من جميع الأراضي اللبنانية المحتلَّة. واعتمد المؤتمرُ قرارًا بشأن النِّزاع بين إيران والعراق، وناقَشَ المؤتمرُ الوضعَ في أفغانستان، واعتمد قرارًا أعرب فيه عن قلقه العميق إزاءَ استمرار التدخُّل العسكري السوفييتي في أفغانستان، وذكر المؤتمر مُؤكِّدًا من جديدٍ بالموقف المشترك للدول الإسلامية، وأدان المؤتمر بشِدَّة نظام حُكم الأقلية في بريتوريا لاتباعه سياسةَ الفصل العُنصري المقيتة، واحتلاله لناميبيا، واعتداءاته المُتكرِّرة على دُوَل المواجهة، والدول المجاورة، وقمعه لشعبي جنوب إفريقيا وناميبيا. وناقش المؤتمرُ مسألة إنتاج إسرائيل وحيازتِها أسلحةً نوويَّةً، وما يترتَّب على ذلك من عواقبَ خطيرةٍ تُهدِّد أمنَ مِنطَقة الشَّرقِ الأوسطِ وإفريقيا، وتزيدُ من خطرِ انتشار الأسلحة النووية. ودعا جميعَ الدُّوَل، والوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة، والمُنظَّمات الأُخرى إلى وقف التعاوُن العِلمي مع إسرائيل بكُلِّ أشكالِهِ التي مِن شأنها أن تُسهِم في دَعم قُدُراتها النوويَّة. واعتمَدَ المؤتمرُ قرارًا بشأن الخِلاف الإقليميِّ بين ليبيا وتشاد، ناشد فيه البلدَينِ تسويةَ هذا الخِلافِ بالطُّرُق السلميَّة.

العام الهجري : 779 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1377
تفاصيل الحدث:

بينما أيبك البدريُّ في أمْرِه ونَهْيِه بمصرَ، ورد عليه الخبَرُ بعصيان نوَّاب الشامِ، ففي الحال علَّق أيبك جاليش السفر في التاسع عشر من ربيع الأوَّل ورسم للعساكر بالتجهيز إلى سفر الشام وأسرع بالنفقةِ على العساكر وتجهَّزَ في أسرع وقت وخرج الجاليش من القاهرة إلى
 الريدانية في السادس والعشرين من ربيع الأول، وهم خمسةٌ من أمراء الألوف ومائةُ مملوك من المماليك السلطانية، ومائةُ مملوك من مماليك الأتابك أيبك، وفي التاسِعِ والعشرين من ربيع الأول خرج طلَبُ السلطان الملك المنصور، ثم استقَلُّوا بالمسير قاصدينَ البلاد الشامية، وساروا حتى وصلوا بلبيس، ثم رجعوا على أعقابِهم بالعساكر إلى جهة الديار المصرية، وخبَرُ ذلك أن قطلوخجا أخا أيبك مُقَدَّم الجاليش بلغه أنَّ الجماعة الذين معه مخامِرون، وأنهم أرادوا أن يكبِسوا عليه، فاستقَصَّ الخبَرَ حتى تحققه، فرَكِبَ مِن وقته وساعته وهرب في الحال، وهو في ثلاثةِ أنفس، عائدًا إلى أخيه أيبك فاجتمع به وعَرَّفه الخبر، ففي الحال أخذ أيبك السلطانَ ورجع به إلى نحو القاهرة حتى وصلها في يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الآخر، وطلع به إلى قلعةِ الجبل، وأنزل الأتابك أيبك السلطانَ المَلِكَ المنصور إلى الإسطبل السلطاني، وجاءه بعض أمراء من أصحابه، ثم أخذ أيبك في إصلاحِ أمْرِه، وبينما هو في فلك بلَغَه أنَّ الأمير قطلقتمر العلائي الطويل والأمير ألطنبغا السلطاني، وكانا رجَعا معه من بلبيس، ركبا بجماعَتِهما في نصف الليل، ومعهما عِدَّة من الأمراء وسائر المماليك السلطانية، وخرج الجميعُ إلى قبة النصر موافَقةً لِمن كان من الأمراءِ بالجاليش، فجهز أيبك الأمير قطلوخجا في مائتي مملوك لقتال هؤلاء، فخرج بهم قطلوخجا إلى قبة النصر، فتلقَّاه القوم وحملوا عليه، فانكسر ومُسِكَ، فلما بلغ أيبكَ ذلك، جهَّز الأمراء الذين كانوا بقلعة الجبل، وأرسلهم إلى قُبَّةِ النصر، هذا وقد ضعف أمر أيبك وخارت قواه؛ فإنه بلغه أنَّ جميع العساكر اتَّفَقَت على مخالفته، حتى إنَّه لم يعلم من هو القائِمُ بهذا الأمر لكثرةِ من خرج عليه، فلما رأى أمرَه في إدبار، ركب فَرَسَه ونزل من الإسطبل السلطاني من غير قتال، وهرب إلى ناحيةِ كيمان مصر، ولما استولت الأمراءُ على القلعة ألزموا واليَ القاهرة ومصر بإحضاره، فنُودِيَ عليه بالقاهرة ومصر، وهدِّدَ من أخفاه بأنواعِ النَّكال، فخاف كلُّ أحد على نفسه من تقريبه، فلم يجِدْ أيبك بدًّا من طلب الأمان من الأميرِ يلبغا الناصري فأمَّنَه بعد مدة، فطلع أيبك إليه، فحالَ وقَعَ بَصَرُ القوم عليه قبضوه، وأرسلوه مقَيَّدًا إلى سجن الإسكندرية، وكان ذلك آخِرَ العهد به، أما الأمراءُ فإنهم لما بلَغَهم هروب أيبك من قلعة الجبل رَكِبَ الجميع من قبة النصر وطلعوا إلى الإسطبلِ السلطاني من القلعة، وصار المتحدث فيهم قطلقتمر العلائي الطويل، وضرب رنكه على إسطبل شيخون بالرميلة تجاه باب السلسلة، وأقام ذلك اليومَ مُتحَدِّثًا، فأشار عليه مَن عنده من أصحابه أن يسلطنَ سلطانًا كبيرًا يرجِعُ الناس إلى أمْرِه ونهيه، فلم يفعَلْه وقال: حتى يأتيَ إخوانُنا- يعني الأمراء الذين كانوا بالجاليش مع قطلوبغا- ثم حضرت الأمراءُ الذين كانوا بالجاليش إلى الإسطبل السلطاني، وهم جمعٌ كبير ممن أنشأه أيبك وغيرُهم، وتكَلَّموا فيمن يكون إليه تدبيرُ الملك، واشتوروا في ذلك، فاختلفوا في الكلام، وظهر للقادمينَ الغَدرُ مِمَّن كان بالإسطبل السلطاني، فقبضوا على جماعة منهم وقَيَّدوا الجميع، وأُرسلوا إلى الإسكندرية صحبة جمال الدين عبد الله بن بكتمر الحاجب، واتفقوا على أن يكون المتكَلِّم في المملكة الأمير يلبغا الناصري، فصار هو المتحَدِّثَ في أحوال الملك، وسكن الإسطبلُ السلطاني، وأُرسِلَ بإحضار الأمير طشتمر العلائي الدوادار نائب الشام، ثمَّ في يوم الأحد تاسع شهر ربيع الآخر، لما تزايد الفَحصُ على أيبك حضر أيبك بنفسه إلى عند الأمير بلاط، فطلع به بلاط إلى يلبغا الناصري بعد أن أخذ له منه الأمانَ حَسَب ما تقدَّمَ ذِكرُه، ولم تطُلْ أيام يلبغا الناصري في التحدث، وظهر منه لِينُ جَنب، فاتفق برقوق وبركة- وهما حينذاك من أمراء الطبلخانات، لهما فيها دون الشهرين - مع جماعةٍ أُخَرَ وركبوا في سادس عشر شهر ربيع الآخر، وركبت معهم خشداشيتهم- زملاء المهنة- من المماليك اليلبغاوية، ومسكوا دمرداش اليوسفي، وتمرباي الحسني، وآقبغا آص الشيخوني، وقطلوبغا الشعباني، ودمرداش التمان تمري المعلم، وأسندمر العثماني، وأسنبغا تلكي، وقُيِّدوا وأرسلوا إلى سجن الإسكندرية فسُجِنوا بها، فصار برقوق العثماني هو متولي السَّلطنةِ، فسكن القصر وكان هذا بدايةَ التمَكُّن للماليك الشَّراكِسةِ.

العام الهجري : 6 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 627
تفاصيل الحدث:

بَعَثَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُحمَّدَ بن مَسلَمةَ رَضي اللهُ عنه في ثلاثين راكِبًا إلى القُرْطاءِ -بينها وبين المدينةِ سَبعُ ليالٍ-، وهم بَطنٌ من بني بَكرٍ، واسمُه: عُبَيدُ بنُ كِلابٍ.
فخَرَج محمدُ بنُ مَسلَمةَ رَضي اللهُ عنه وأصحابُه فسار اللَّيلَ واستَتَر النَّهارَ، فلمَّا أغار عليهم هَرَب سائِرُهم بعد أن قَتَل نَفَرًا منهم، واستاقَ المسلمون نَعَمًا وشاءً، وقَدِموا المدينةَ لِلَيلةٍ بَقيَت من المُحرَّمِ ومعهم ثُمامةُ بنُ أُثالٍ الحَنفيُّ سيِّدُ بني حَنيفةَ، كان قد خَرَج مُتنَكِّرًا لاغتيالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمرِ مُسيلِمةَ الكَذَّابِ، فأخَذَه المسلمون، فلمَّا جاؤوا به رَبَطوه بساريةٍ من سَواري المَسجِدِ، فخَرَج إليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: "ما عِندَكَ يا ثُمامةُ؟" فقال: عِندي خَيرٌ يا مُحمَّدُ، إنْ تَقتُلْ تَقتُلْ ذا دَمٍ، وإنْ تُنعِمْ تُنعِمْ على شاكِرٍ، وإنْ كُنتَ تُريدُ المالَ فسَلْ تُعطَ منه ما شِئتَ، فتَرَكَه. ثم مرَّ به مرَّةً أُخرَى، فقالَ له مِثلَ ذلك، فرَدَّ عليه كما ردَّ عليه أولًا، ثم مرَّ مرَّةً ثالِثةً فقال بعدما دار بينهما الكَلامُ السَّابِقُ: "أطلِقوا ثُمامةَ"، فأطلَقوه، فذَهَب إلى نَخلٍ قَريبٍ من المسجِدِ، فاغتَسَل، ثم جاءه فأسلَمَ، وقال: "واللهِ ما كان على وَجهِ الأرضِ وَجهٌ أبغَضَ إليَّ من وَجهِك، فقد أصبَحَ وَجهُك أحبَّ الوُجوهِ إليّ، وواللهِ ما كان على وَجهِ الأرضِ دينٌ أبغَضَ إلَيَّ من دِينِك، فقد أصبَحَ دينُك أحَبَّ الأديانِ إليَّ، وإنَّ خَيلَك أخذَتْني وأنا أُريدُ العُمرةَ، فبَشَّرَه رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأمَره أن يَعتَمِرَ؛ فلمَّا قَدِم على قُرَيشٍ قالوا: صَبَأتَ يا ثُمامةُ، قال: لا واللهِ، ولكنِّي أسلَمتُ مع مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا واللهِ لا يأتيكُم من اليَمامةِ حَبَّةُ حِنطةٍ حتى يأذنَ فيها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم". وكانت يَمامةُ ريفُ مكةَ؛ فانصَرَف إلى بلادِه، ومَنَع الحَمْلَ إلى مكةَ، حتى جَهِدَت قُريشٌ، وكَتَبوا إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسألونه بأرحامِهِم أن يَكتُبَ إلى ثُمامةَ يُخلِّي إليهِم حَمْلَ الطَّعامِ؛ ففَعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.