الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3041 ). زمن البحث بالثانية ( 0.011 )

العام الهجري : 761 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1360
تفاصيل الحدث:

هو جمالُ الدين أبو محمَّدٍ عبدُ اللهِ بنُ يوسُفَ بنِ أحمد بن هشام الأنصاري الحنبلي النحويُّ. وُلِدَ وتوفِّيَ بمصر, كان بارعًا في عدة علوم، لا سيما العربية؛ فإنه كان فارِسَها ومالِكَ زِمامِها، وعُدَّ مِن كبار أئمَّةِ النحو، وله فيه الأبحاث العجيبة، والنكات الغريبة، والأنظار الدقيقة، حتى قيل عنه: أنحى مِن سيبويه, وهو صاحِبُ الشَّرحِ على ألفية ابن مالك في النحو، المسمى أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، وشرح أيضًا البردة، وشرح بانت سعاد، وكتاب المغني، وله شذور الذهب في معرفة كلام العرب، وله قَطْر الندى وبَلُّ الصَّدى، والإعراب وقواعد الإعراب، وغير ذلك، وكان أولًا حنفيًّا ثم استقَرَّ حنبليًّا وتنَزَّل في دروس الحنابلة. توفِّيَ في ليلة الخامس من ذي القعدة، ومات عن بضعٍ وخمسين سنة، ودفن بعد صلاة الجمعة بمقابر الصوفيَّة خارج باب النصر من القاهرة.

العام الهجري : 923 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1517
تفاصيل الحدث:

هو الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب بن داود بن طاهر: سلطان اليمن. ولِدَ سنة 866 بالمقرانة محل سلفه، ونشأ في كفالة أبيه فحفظ القرآن واشتغل قليلًا، ثم ملك اليمن بعد أبيه ولقِّب بالملك الظافر، فاختلف عليه بنو عامر فقهرهم وأذعنوا له، وملك اليمن الأسفل وتهامة ثم صنعاء وصعدة وغالبَ ما بينهما من الحصون. كان يحبُّ العلماء ويكرمُهم ويجمع الكتبَ, وكان على جانبٍ عظيم من الدين والتقوى والمشي في طاعة الله تعالى، لا تُعلَمُ له صبوة، وكان ملازمًا للطهارة والتلاوة والأذكار ولا يفتُرُ عن ذلك آناءَ الليل وأطراف النهار، وكان له من أعمال البِرِّ ما لا يُحصى، كبناء المساجد والمدارس وغيرها, ولم تزلْ الحربُ قائمة بينه وبين جماعةٍ من أئمة أهل البيت، فتارة له وتارة عليه. ولما خرج الجراكسة إلى اليمن غلبوه واستولوا على جميع ذخائره، وهي شيءٌ يفوق الحصرَ وأخرجوه من مدائنه وقتلوه قريب صنعاء, وكانت مدة ملكِه إلى انقضاء دولته تسعًا وعشرين سنة إلا أيامًا.

العام الهجري : 1190 العام الميلادي : 1776
تفاصيل الحدث:

هو الشَّيخُ صُباح الأولُ بن جابر بن سَلمان بن أحمد العتبي. في سنة 1129هـ اتفق ثلاثةٌ من رؤساء القبائل التي سكَنَت الكويت وهم: صُباح بن جابر بن سلمان بن أحمد، وخليفةُ بن محمَّد، وجابر بن رحمة العتبي رئيس الجلاهمة، على أن يتولَّى صُباح الرئاسةَ وشؤونَ الحُكمِ، وأن يتشاورَ معهم، ويتولَّى خليفة شؤونَ المال والتجارة، ويتولى جابر بن رحمة شؤونَ العمل في البحرِ، وتقسَّم جميعُ الأرباح بينهم بالتساوي, ثم حاول صُباح أن يقوِّيَ مركزَه في الكويت فتمكَّن من حصولِ اعتراف الوالي العُثماني في بغداد، ومنَحَه لقبَ قائم مقام سنة 1130هـ، كما اعترف له أمير الأحساء سعدون بن غرير بحُكم الكويت، بحيث لا ينضَمُّ لخصومه وأن ينفِّذَ جميعَ أوامره وأوامِر من سيأتي بعده, وتوفِّي صباح في هذا العام وتَرَك من الأبناء سلمان ومحمد ومبارك وعبد الله الذي خلَفَه في الحُكم.

العام الهجري : 768 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1367
تفاصيل الحدث:

لَمَّا كان يومُ الأحد سابع شوال بلغ الأميرَ أسندَمُر الناصريَّ أميرَ كبير أتابك العساكر ومُدَبِّر المملكة ونائِبَ السلطنة- وهو الذي أصبح المقَدَّمَ بعد قَتلِ يلبغا- أنَّ جماعةً من الأمراء قد اتَّفَقوا على الفتكِ به وبالأجلاب، وهم أعضادُه وبهم يصولُ، فخرج ليلًا من داره إلى دار الأمير قجماس الطازي، وبذل له مالًا كبيرًا حتى استماله إليه، ثم فارَقَه، وفي ظَنِّه أنه قد صار معه، ولم يكن كذلك، وعاد إلى مَنزِلِه بالكبش واستدعى خواصَّه من اليلبغاوية، وقَرَّرَ معهم أنه إذا ركب للحرب يَقتُل كُلُّ واحد منهم أميرًا، أو يَقبِض عليه، وبذل لهم مالًا كبيرًا حتى وافَقوه، وما هو إلا أن خرج أسنَدمر من عند قجماس ليُدَبِّرَ ما قد ذكَرَ مع الأجلاب، ركب قجماس إلى جماعة من الأمراء، وقَرَّر معهم القبضَ على أسنَدمُر، فركبوا معه للحرب، ووقَفوا تحت القلعة، فنزل السلطانُ في الحال إلى الإسطبل، ودُقَّت الكوسات حربيًّا، وأما أسندمر فإنَّه بات هذه الليلة في إسطبله، حتى طلعت الشمس، ركب من الكبش بمن معه من اليلبغاويَّة وغيرهم، ومضى نحو القرافة، ومَرَّ من وراء القلعة، حتى وافاهم من تحت دار الضيافة، ووقف تحت الطبلخاناه فالتقى مع الأمراء، واقتتلوا فهَزَمَهم بمن كان قد دبَّر معهم من اليلبغاوية في الليل قَبْضَ الأمراء أو قَتْلَهم، وثبت الأمير ألجَاي اليوسفي والأمير أرغون ططر، وقاتلا أسندمر إلى قبيل الظهر، فلما لم يجدا مُعينًا ولا ناصرًا انكسرا إلى قبة النصر، وانفَضَّ الجمع بعد ما قتل الأمير ضروط الحاجب، وجرح الأمير قجماس والأمير أقبغا الجلب، وكثيرٌ من الأجناد والعامة، فقَبَض الأمير أَسَندَمر على الأمير قجماس، والأمير أَقبغا الجلب والأمير أقطاي، والأمير قُطْلُوبغا جركس، وهؤلاء أمراءُ ألوف، وقبض من أمراء الطبلخاناه على قرابغا شاد الأحواش، واختفى كثيرٌ من الأمراء، ومرت مماليك أَسَندَمُر وطائفة من الأجلاب في خلقٍ كثير من العامة، فنَهَبوا بيوت الأمراء، فكانت هذه الواقعةُ من أشنع حوادث مصر وأعظَمِها فسادًا.

العام الهجري : 823 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1420
تفاصيل الحدث:

هو الأمير قرا يوسف ابن الأمير قرا محمد بن بيرم خجا التركماني متملك العراق وتبريز، وكان قرا يوسف شديد الظلم قاسي القلب لا يتمسَّك بدين، واشتهر عنه أنَّ في عصمته أربعين امرأة، وقد خربت في أيامه وأيام أولاده مملكة العراقين, فصدر بحقه فتوى تستبيحُ دمه, فقد ذكر موفق الدين ابن العجمي "أن قرا يوسف عنده أربع زوجات، فإذا طلَّق واحدةً دفعها إلى قصر له وتزوَّج غيرها حتى بلغ عدد من في القصر أربعين امرأة يسمِّيهن السراري ويطؤُهنَّ كالسَّراري بمِلكِ اليمين! فاتفق الحال على كتابة فتوى متضمنة سوء سيرته، فصُوِّرت وكُتِبَت وكَتَب عليها البلقيني ومن حضر المجلس يتضمَّنُ جواز قتاله. وأعجب السلطان ما كتب الحنبلي وأمر أن ينسخ ويقرأ على الناس, فنودي في الناس: بأن قرا يوسف طرق البلاد وأنه يستحل الدماء والفروج والأموال وخرَّب البلاد" وقد عصى عليه ولده شاه محمد ببغداد فحاصره ثلاثة أيام، حتى خرج إليه، فأمسكه واستصفى أمواله، وولى عِوَضَه ابنه أصبهان أمير زاة، ثم عاد إلى تبريز لحركة شاه رخ بن تيمورلنك عليه، ثم في ثامن عشر ذي الحجة قَدِمَ كتاب سليمان صاحب حصن كيفا، يتضمن موت قرا يوسف في رابع عشر ذي القعدة مسمومًا، فيما بين السلطانية وتوريز، وهو متوجه إلى قتال شاه رخ بن تيمورلنك، وملك بعده ابنه شاه محمد بن قرا يوسف، ثم تنصَّر ودعا الناس إلى دين النصرانية، وأباد العلماء والمسلمين، ثم ملك بعده إسكندر، وكان على ما كان عليه شاه محمد وزيادة، ثم أخوهما أصبهان، فكان زنديقًا لا يتديَّنُ بدين، فقرا يوسف وذريته هم كانوا سببًا لخراب بغداد التي كانت كرسيَّ الإسلام، ومنبعَ العلوم، ومدفنَ الأئمة الأعلام!!

العام الهجري : 17 العام الميلادي : 638
تفاصيل الحدث:

لمَّا نزَل المسلمون المدائنَ اجْتَوَوْها فشَكُوا ذلك, فكتَب حُذيفةُ إلى عُمَر: إنَّ العَربَ قد رَقَّتْ بُطونُها، وجَفَّتْ أَعضادُها، وتَغَيَّرَتْ أَلوانُها. وكان مع سعدٍ, فكتَب عُمَرُ إلى سعدٍ: أَخبِرني ما الذي غَيَّرَ أَلوانَ العَربِ ولُحومَهُم؟ فكتَب إليه سعدٌ: إنَّ الذي غَيَّرَهُم وُخومَةُ البِلادِ، وإنَّ العَربَ لا يُوافِقُها إلَّا ما وافَق إِبِلَها مِن البُلدانِ. فكتَب إليه عُمَر: أن ابْعَثْ سَلمانَ وحُذيفةَ رائِدَيْنِ فَلْيَرتادا مَنزِلًا بَرِّيًّا بَحْرِيًّا ليس بيني وبينكم فيه بَحرٌ ولا جِسْرٌ. فأَرسلَهُما سعدٌ، فخرَج سَلمانُ حتَّى أتى الكوفَةَ، وسار حُذيفةُ في شَرقِيِّ الفُراتِ لا يَرضى شيئًا حتَّى أتى الكوفَةَ، وكلُّ رَمْلٍ وحَصْباء مُخْتَلِطَيْنِ فهو كوفةُ، فأَتَيا عليها وفيها ثلاثةُ أَدْيِرَةٍ للنَّصارى، فأَعجبَتْهُما البُقعَةُ، فنَزَلا فَصَلَّيا، ودَعَوا الله تعالى أن يَجعلَها مَنزِلَ الثَّباتِ. فلمَّا رجَعا إلى سعدٍ بالخَبَرِ وقَدِمَ كِتابُ عُمَر إليه أيضًا كتَب سعدٌ إلى القَعقاعِ بن عَمرٍو وعبدِ الله بن المُعْتَمِّ أن يَسْتَخْلِفا على جُنْدِهما ويَحضَرا عنده، ففَعَلا، فارْتَحَل سعدٌ مِن المدائنِ حتَّى نزَل الكوفةَ في المُحَرَّمِ سَنَةَ سبعَ عشرةَ، وكان بين نُزولِ الكوفةِ ووَقعةِ القادِسيَّة سَنَةٌ وشَهرانِ، وكان فيما بين قِيامِ عُمَر واخْتِطاط الكوفةِ ثلاثُ سِنين وثمانيةُ أَشْهُر. ولمَّا نزَلها سعدٌ وكتَب إلى عُمَر: إنِّي قد نزَلتُ بالكوفةِ مَنزِلًا فيما بين الحِيرَةِ والفُراتِ بَرِّيًّا وبَحْرِيًّا، وخَيَّرْتُ المسلمين بينها وبين المدائنِ، فمَن أَعجبَهُ المقامُ بالمدائنِ تَركتُه فيها كالمَسْلَحَةِ. ولمَّا اسْتَقَرُّوا بها عَرَفوا أَنفُسَهُم، ورجَع إليهم ما كانوا فَقَدوا مِن قُوَّتِهم، واسْتَأْذَنَ أهلُ الكوفةِ في بُنيانِ القَصَبِ.

العام الهجري : 247 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 862
تفاصيل الحدث:

كان مَقتلُ الخليفةِ المتوكِّلِ على الله على يَدِ وَلَدِه المنتَصِر، وكان سببُ ذلك أن المتوكِّلَ أمَرَ ابنَه عبدَ الله المعتَزَّ أن يخطُبَ بالناسِ في يومِ جمعة، فأدَّاها أداءً عظيمًا بليغًا، فبلغ ذلك من المنتَصِر كلَّ مبلغٍ، وحَنقَ على أبيه وأخيه، وزاد ذلك أنَّ المتوكِّلَ أراد من المنتَصِر أن يتنازلَ عن ولايةِ العهد لأخيه المعتَزِّ فرفض، وزاد ذلك أيضًا أنَّه أحضَرَه أبوه وأهانَه وأمَرَ بضَربِه في رأسِه وصَفْعِه، وصَرَّحَ بعَزلِه عن ولايةِ العَهدِ، فاشتَدَّ أيضًا حَنقُه أكثَرَ ممَّا كان، فلمَّا كان يومُ عيدِ الفِطرِ خطَبَ المتوكِّلُ بالنَّاسِ وعنده بعضُ ضَعفٍ مِن عِلَّةٍ به، ثم عدَلَ إلى خيامٍ قد ضُرِبَت له أربعةُ أميالٍ في مثلِها، فنزل هناك ثم استدعى في يومِ ثالثِ شَوَّال بنُدَمائِه على عادتِه في سَمَرِه، ثمَّ تمالأ ولَدُه المنتصِرُ وجماعةٌ مِن الأمراءِ على الفَتكِ به فدخلوا عليه ليلةَ الأربعاءِ لأربعٍ خَلَونَ مِن شَوَّال، وهو على السِّماطِ، فابتدروه بالسُّيوفِ فقَتَلوه، وكانت مدةُ خلافتِه أربعَ عشرةَ سَنةً وعَشرةَ أشهر وثلاثة أيام، ثم ولَّوا بعده ولَدَه المنتَصِر، وبعث إلى أخيه المعتَزِّ فأحضَرَه إليه فبايعه المعتَزُّ، وقد كان المعتَزُّ هو وليَّ العَهدِ مِن بعدِ أبيه، ولكِنَّه أكرَهَه، وخاف فسَلَّمَ وبايعَ، ومِن المعروفِ أنَّ الأتراكَ الذين كان قد قَرَّبَهم الواثقُ وجعَلَهم قوَّادَه الأساسيِّينَ قد حَقَدوا على المتوكِّلِ، فكان ذلك من أسبابِ تَمالُئِهم على قَتلِه، وباغتيالِ المتوكِّلِ يعتبَرُ العصرُ العباسيُّ الأوَّلُ قد انتهى، وهو عصرُ القُوَّة، وبدأ العصرُ الثاني- عصرُ الضَّعفِ والانحدارِ- بالمنتصرِ؛ وذلك لأنَّ الخِلافةَ أصبحت صورةً ظاهريَّةً، والحُكمُ الحقيقيُّ هو للقُوَّاد العسكريِّين.

العام الهجري : 529 العام الميلادي : 1134
تفاصيل الحدث:

حصر ابن ردمير الفرنجي مدينةَ أفراغة من شرق الأندلس، وكان الأمير يوسف بن تاشفين بن علي بن يوسف بمدينة قرطبة، فجهَّز الزبير بن عمرو اللمتوني والي قرطبة ومعه ألفا فارس، وسير معه ميرة كثيرة إلى أفراغة، وكان يحيى بن غانية، الأمير المشهور، أمير مرسية وبلنسية من شرق الأندلس، ووالي أمرها لأمير المسلمين علي بن يوسف، فتجهَّز في خمسمائة فارس، وكان عبد الله بن عياض صاحب مدينة لاردة، فتجهز في مائتي فارس، فاجتمعوا وحملوا الميرة وساروا حتى أشرفوا على مدينة أفراغة، وكان ابن ردمير في اثني عشر ألف فارس، وأدركه العجب، ونفذ قطعة كبيرة من جيشه. فلما قربوا من المسلمين حمل عليهم بعضُهم وكسَرَهم، وردَّ بعضَهم على بعض، وقتل فيهم، والتحم القتال، وجاء ابن ردمير بنفسه وعساكره جميعها مدلين بكثرتهم وشجاعتهم، وعظم القتال، فكثُرَ القتل في الفرنج، فانهزم ابن ردمير وولى هاربًا، واستولى القتل على جميع عسكرِه، فلم يسلم منهم إلا القليل، ولحق ابن ردمير بمدينة سرقسطة، فلما رأى ما قُتِل من أصحابه مات مفجوعًا بعد عشرين يومًا من الهزيمة، وكان أشدَّ ملوك الفرنج بأسًا، وأكثرهم تجردًا لحرب المسلمين، وأعظمهم صبرًا، كان ينام على طارقته بغير وطاءٍ، وقيل له: هلا تسرَّيت من بنات أكابر المسلمين اللاتي سَبَيتَ؟ فقال: الرجلُ المحارب ينبغي أن يعاشِرَ الرجال لا النساء، وأراح اللهُ منه وكفى المسلمين شَرَّه.

العام الهجري : 689 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1290
تفاصيل الحدث:

هو السلطانُ المَلِكُ المنصورُ سَيفُ الدنيا والدين، أبو المعالي وأبو الفتوح قلاوون بن عبد الله التركي الصالحيُّ النجميُّ الألفي، اشتراه المَلِكُ الصالحُ نجم الدين أيوب بألفي دينار، ولهذا يقالُ له الألفي, وكان من أكابِرِ الأمراء عنده وبعدَه، كان ملكًا عظيمًا حَسَنَ الصورة مَهيبًا، عليه أبَّهةُ السلطنة ومهابة المُلك، تامَّ القامة حَسَنَ اللِّحيةِ عاليَ الهِمَّة شجاعًا وقورًا, وكان لا يحِبُّ سَفكَ الدماء، إلَّا أنه كان يحِبُّ جمع الأموال، ولَمَّا تزوَّج الملكُ السعيد بن الظاهر بابنة قلاوون غازية خاتون، عظُمَ شأنُه جِدًّا عند الظاهر، وما زال يترفَّعُ في الدولة حتى صار أتابكَ سلامش بن الظاهر، ثم عزله واستقَلَّ بالملك في سنة أربع وثمانين. فأمسَكَ قلاوون بجماعةٍ مِن أمراء ظاهرية، واستعمل مماليكَه على نيابة البلاد. كسر التتارَ سنة ثمانين، ونازل حصنَ المرقب, وفتح طرابلسَ سنة ثمان وثمانين، وعزم على فتح عكَّا وبرز إليها فعاجَلَته المنيَّةُ, ودفن بتربته بمدرسته العظيمةِ التي أنشأها بين القصرين، والتي ليس بديارِ مِصرَ ولا بالشَّامِ مِثلُها. وفيها دارُ حديث والمارستان المنصوري. وعليها أوقافٌ دارَّة كثيرة عظيمة، مات عن قريبٍ من ستين سنة، وكانت مدَّة ملكه اثنتي عشرة سنة، وقد أبقى اللهُ تعالى الملكَ في بنيه ومماليكِه وبني بنيه إلى أواخِرِ القرن الثامن الهجري, وبعد وفاته جلس ابنُه وولي العَهدَ الملِكُ الأشرف صلاح الدين خليل على تخت الملك بقلعةِ الجبل يوم الأحد سابع ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة.

العام الهجري : 1413 العام الميلادي : 1992
تفاصيل الحدث:

في 24 نيسان إبريل 1992، تم توقيعُ اتفاق عُرف باسم اتفاق بيشاورَ من قِبَل أحزاب الاتحاد الإسلامي لمجاهِدي أفغانستانَ السبعة، وحزب الوَحْدة الشيعي، والحركة الإسلامية محسني، فتمَّ الاتفاق على تشكيل حكومة مؤقَّتة لمدة شَهرينِ، وعلى رأسها صبغة الله مجددي، ثم يتبَعُه ولمدة أربعة أشهرٍ بُرهان الدين ربَّاني، ولكنَّ الحزب الإسلامي بقيادة حكمتيار رفَضَ الاتفاقيةَ بالرغم من أنَّه من الموقِّعين عليها، فهاجَم كابل وانهارت الاتفاقية، وبَقيَ ربَّاني في رئاسة الدولة.
ثم عادت الأحزاب المتناحِرة لتجتمِعَ في 7 مارس 1993م في إسلام أباد في باكستانَ بعد حرب ضَروسٍ، ومعاركَ طاحنةٍ في كابُولَ، وتمَّ توقيع اتفاقية عُرفت باتفاقية إسلام أباد، شاركت فيها السعوديةُ وباكستانُ، ونصَّت الاتفاقية على أن:
1. لربَّاني رئاسة الدولة لمدة 18 شهرًا.
2. وقلب الدين حكمتيار يتولَّى رئاسة الوزراء.
3. وأن يتمَّ إيقاف إطلاق النار.
ولكنَّ الاتفاقيةَ لم تُنفَّذ بسبب اندلاع القتال من جديد بين ربَّاني وحكمتيار بسبب الاتهامات المتبادَلة بين حِزبَيْهما، وفي الأول من يناير عام 1994م تعرَّض برهان الدين ربَّاني لمحاوَلة انقلاب بيد تحالُف بين حكمتيار، وعبد الرشيد دوستم، وصبغة الله مجددي، وحزب الوَحْدة الشيعي، ولكنَّ الانقلاب فشِلَ، وتمَّ تجديد فترة حُكم ربَّاني لعام آخَرَ في يوليو 1994م، وفي نوفمبر 1994م، بدأت طالِبان بالظهور، وخلال عامَيْنِ سيطَرَت على معظم مناطقِ أفغانستانَ، ودخلت كابولَ عامَ 1996م، وأعلنت نفسَها الحاكمةَ للبلاد بإزاحة ربَّاني.

العام الهجري : 218 العام الميلادي : 833
تفاصيل الحدث:

بعد أن أحضر إسحاقُ بنُ إبراهيمَ العُلَماءَ والمحدِّثينَ لامتحانِهم، كان مِن بينهم الإمامُ أحمَدُ، ومحمدُ بنُ نوح، وغيرُهم كثيرٌ، ولَمَّا انتهت النوبةُ إلى امتحانِ الإمامِ أحمَدَ بنِ حنبَل، قال له: أتقولُ إنَّ القرآنَ مَخلوقٌ؟ فقال: القرآنُ كلامُ اللهِ، لا أزيدُ على هذا، فقال له: ما تقولُ في هذه الرُّقعةِ؟ بالرقعةِ التي وافَقَ عليها قاضي القُضاةِ بِشرُ بن الوليد الكِندي، فقال: أقولُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فقال رجلٌ من المعتزلة: إنَّه يقولُ: سَميعٌ بأذُنٍ، بصيرٌ بعَينٍ! فقال له إسحاقُ: ما أردتَ بقَولِك: سَميعٌ بصيرٌ؟ فقال: أردتُ منها ما أراده اللهُ منها؛ وهو كما وصف نفسَه، ولا أزيدُ على ذلك. فكتب جواباتِ القَومِ رَجُلًا رجلًا وبعثَ بها إلى المأمون، فلما وصَلَت جواباتُ القوم إلى المأمونِ، بعث إلى نائبه يمدَحُه على ذلك ويرُدُّ على كلِّ فَردٍ ما قال في كتابٍ أرسَلَه. وأمر نائِبَه أن يمتَحِنَهم أيضًا فمن أجاب منهم شُهِرَ أمرُه في الناس، ومن لم يجِبْ منهم فابعَثْه إلى عسكَرِ أميرِ المؤمنين مقيَّدًا مُحتَفِظًا به حتى يصِلَ إلى أميرِ المؤمنين فيرى فيه رأيَه، ومِن رأيِه أن يضرِبَ عُنُقَ مَن لم يقُلْ بِقَولِه. فعند ذلك عقد النائبُ ببغداد مجلسًا آخر وأحضر أولئك، وفيهم إبراهيمُ بنُ المهدي، وكان صاحبًا لبِشرِ بنِ الوليد الكندي، وقد نصَّ المأمونُ على قتلِهما إن لم يُجيبا على الفَورِ، فلما امتحنَهم إسحاقُ أجابوا كلُّهم مُكرَهينَ متأوِّلينَ قَولَه تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} إلَّا أربعةً، وهم: أحمد بن حنبل، ومحمَّد بن نوح، والحسَنُ بن حمَّاد سجادة، وعُبيد الله بن عمر القواريري. فقيَّدَهم وأرصدهم ليبعَثَ بهم إلى المأمونِ، ثم استدعى بهم في اليومِ الثاني فامتحَنَهم فأجاب سجادة إلى القولِ بذلك فأُطلِقَ. ثم امتحَنَهم في اليوم الثالثِ فأجاب القواريريُّ إلى ذلك فأُطلِقَ قَيدُه، وأَخَّرَ أحمدَ بنَ حَنبل ومحمَّدَ بن نوحٍ الجندُ؛ لأنَّهما أصرَّا على الامتناعِ من القول بذلك، فأكَّدَ قيودَهما وجمَعَهما في الحديدِ، وبعَثَ بهما إلى الخليفةِ وهو بطرسوس، وكتب كتابًا بإرسالهما إليه. فسارا مُقَيَّدينِ في محارة على جمَلٍ متعادِلَينِ- رَضِيَ الله عنهما- وجعل الإمامُ أحمد يدعو الله عزَّ وجَلَّ ألَّا يجمَعَ بينهما وبين المأمونِ، وألَّا يَرَياه ولا يراهما، ثمَّ جاء كتابُ المأمونِ إلى نائبِه أنَّه قد بلغني أنَّ القومَ إنما أجابوا مُكرَهينَ متأوِّلينَ قَولَه تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} وقد أخطؤوا في تأويلِهم دلك خطأً كبيرًا، فأرسَلَهم كلَّهم إلى أميرِ المؤمنين. فاستدعاهم إسحاقُ وألزَمَهم بالمسيرِ إلى طرسوس فساروا إليها، فلمَّا كانوا ببعض الطريقِ بلَغَهم موتُ المأمونِ، فرُدُّوا إلى الرقَّةِ، ثمَّ أُذِنَ لهم بالرجوعِ إلى بغداد، فاستجاب اللهُ سبحانَه دُعاءَ عَبدِه ووَلِيِّه الإمامِ أحمَدَ بنِ حَنبل.

العام الهجري : 488 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1095
تفاصيل الحدث:

هو أبو شُجاعٍ الوَزيرُ محمدُ بن الوَزيرِ حُسينِ بن عبدِ الله بن إبراهيمَ، الروذراوريُّ، أَهوازيُّ الأَصلِ من همذان. كان أبو شُجاعٍ قد قَرأَ الفِقهَ والعَربيَّةَ، وسَمِعَ الحَديثَ من جَماعةٍ منهم: أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ، وصَنَّفَ كُتُبًا منها كِتابُه الذي ذَيَّلَهُ على ((تجارب الأمم)) ووَزَرَ للمُقتدِي بالله سَليمًا مِن طَمَعٍ، وكان يَملِك حِينئذٍ عَيْنًا ستمائة ألف دِينارٍ، فأَنفَقَها في الخَيراتِ والصَّدقاتِ. قال أبو جَعفرِ بن الخِرقيِّ: "كُنتُ أنا مِن أَحَد عشر يَتَولَّون إِخراجَ صَدَقاتِه، فحَسِبتُ ما خَرَجَ على يَدِي فكان مائة ألف دِينارٍ، ووَقَّفَ الوُقوفَ، وبَنَى المَساجِدَ، وأَكثَرَ الإنعامَ على الأَرامِلِ واليَتامَى، وكان يَبيعُ الخُطوطَ الحَسَنَة، ويَتصدَّق بثَمَنِها ويقول: أَحَبُّ الأَشياءِ إليَّ الدِّينارُ والخَطُّ الحَسَن، فأنا أُخرِجُ للَّه مَحبوبي. ووَقَعَ مَرَضٌ في زَمانِه، فبَعَثَ إلى جَميعِ أَصقاعِ البَلدِ أَنواعَ الأَشرِبَةِ والأَدوِيَةِ، وكان يُخرِج العُشْرَ من جَميعِ أَموالِه النَّباتيَّة على اختِلافِ أَنواعِه. حَكَى حاجِبُه الخاصُّ بهِ قال: استَدعاني لَيلةً، وقال: إنِّي أَمَرتُ بعَمَلِ قَطائفَ، فلمَّا حَضَرَ بين يديَّ ذَكرتُ نُفوسًا تَشتَهيهِ فلا تَقدِرُ عليه، فنَغَّصَ ذلك عليَّ أَكْلَهُ، ولم أَذُق منه شَيئًا، فاحمِل هذه الصُّحونَ إلى أَقوامٍ فُقراءَ. فحَمَلَها الفَرَّاشُونَ معه، وجَعَلَ يَطرُق أَبوابَ المَساجِد ببابِ المَراتِبِ، ويَدفَع ذلك إلى الأَضِرَّاءِ المُجاوِرينَ بها"  وكان يُبالِغُ في التَّواضُع، حتى تَرَكَ الاحتِجابَ فيُكَلِّم المَرأَةَ والطِّفلَ، وأَوْطَأَ العَوامَّ والصَّالِحينَ مَجلِسَه، وكان يُحضِر الفُقهاءَ الدِّيوانَ في كلِّ مُشكِلٍ، وكانوا إذا أَفتَوا في حَقِّ شَخصٍ بوُجوبِ حَقِّ القَصاصِ عليه سَأَلَ أَولياءَ الدَّمِ أَخْذَ شَيءٍ من مالِه وأن يَعفُوا، فإن فَعَلوا وإلَّا أَمَرَ بالقَصاصِ، وأَعطَى ذلك المالَ وَرَثَةَ المَقتُولِ الثاني، وفي زَمانِه أُسقِطَت المُكوسُ، وأُلبِسَ أَهلُ الذِّمَّةِ الغِيارَ، وتَقدَّم إلى الخِرَقيِّ المُحتَسِب أن يُؤَدِّبَ كلَّ مَن فَتَحَ دُكَّانَه يَومَ الجُمعةِ ويُغلِقَه يومَ السبتِ مِن البَزَّازينَ وغَيرِهم، وقال: هذه مُشارَكةٌ لليَهودِ في حِفْظِ سَبتِهم. وكان قد سَمِعَ أن النَّفَّاطِينَ والكِلابزيَّة -مَن يَتَولَّى تَربيَةَ الكِلابِ وبَيعَها- يَقِفونَ على دَكاكِين المُتعيِّشين فيَأخُذون منهم كلَّ أُسبوعٍ شَيئًا، فنَفَذَ مَن يَمنعُهم مِن الاجتِيازِ بهم. وحَجَّ في وِزارَتِه سَنةَ ثمانين، فبَذَلَ في طَريقِه الزَّادَ والأَدوِيَةَ، وعَمَّ أَهلَ الحَرمَينِ بصَدَقاتٍ، وساوَى الفُقراءَ في إِقامَةِ المَناسِك والتَّعَبُّد، وكان كَثيرَ البِرِّ للخَلْقِ، كَثيرَ التَّلَطُّفِ بهم، ولمَّا عُزِلَ خَرجَ إلى الجامِعِ يومَ الجُمعةِ فانثالَت عليه العامَّةُ تُصافِحُه وتَدعُو له، فكان ذلك سَبَبًا لالتِزامِه بَيتَه، والإنكارِ على مَن صَحِبَهُ، وبَنَى في دِهليزِ دارِهِ مَسجِدًا وكان يُؤَذِّن ويُصلِّي فيه، ثم وَرَدَت كُتُبُ نِظامِ المُلْكِ بإخراجِه من بغداد، فأُخرِجَ إلى بَلدةٍ، فأَقامَ مُدَّةً، ثم استَأذَنَ في الحَجِّ فأُذِنَ له فخَرجَ, وجاوَرَ بالمَدينَةِ، فلمَّا مَرِضَ مَرْضَ المَوتِ حُمِلَ إلى مَسجدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم, وتُوفِّي مِن يَومِه ودُفِنَ بالبَقيعِ بعدَ أن صُلِّيَ عليه بمَسجدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، في مُنتَصفِ جُمادَى الآخِرَة من هذه السَّنَةِ وهو ابنُ إحدى وخمسين سَنةً، وكان له شِعْرٌ حَسَنٌ.

العام الهجري : 474 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1082
تفاصيل الحدث:

هو الإمامُ، العَلَّامةُ، الحافظُ، ذو الفُنونِ، القاضي أبو الوَليدِ سُليمانُ بنُ خَلَفِ بنِ سعدِ بن أيُّوبَ التَّجيبيُّ الأندَلُسيُّ، القُرطُبيُّ، الباجيُّ، الفَقِيهُ المالكيُّ، صاحبُ التَّصانيفِ. وَلِدَ سَنةَ 403هـ أَصلُه من مَدينةِ بطليوس، فتَحوَّل جَدُّهُ إلى باجةَ -بُليدَة بقُربِ إشبيلية- فنُسِبَ إليها، وليست باجة المدينةَ التي بإفريقية، التي يُنسَب إليها الحافظُ أبو محمدٍ عبدُ الله بنُ محمدِ بن عليٍّ الباجيُّ، وابنُه الحافظُ الأَوحَدُ أبو عُمرَ أحمدُ بنُ عبدِ الله بن الباجيِّ، وهُما من عُلماءِ الأندَلُس أيضًا. كان أبو الوَليدِ أَحَدَ الحُفَّاظِ المُكثِرينَ في الفِقهِ والحَديثِ، سَمِعَ الحَديثَ ورَحلَ فيه إلى بِلادِ المَشرقِ فسَمِعَ هناك الكَثيرَ، واجتَمعَ بأَئمَّةِ ذلك الوَقتِ، كالقاضي أبي الطَّيِّبِ الطَّبريِّ، وأبي إسحاقَ الشِّيرازيِّ، وجاوَرَ بمكَّةَ ثلاثَ سِنينَ مع الشيخِ أبي ذَرٍّ الهَرويِّ، وأَقامَ ببغدادَ ثلاثَ سِنينَ، وبالمَوصِل سَنةً عند أبي جَعفرٍ السمنانيِّ قاضِيها، فأَخذَ عنه الفِقهَ والأُصولَ، وسَمِعَ الخَطيبَ البغداديَّ وسَمِعَ منه الخَطيبُ أيضًا، ثم عاد إلى بَلدِه بعدَ ثلاث عشرة سَنةً بِعِلمِ غَزيرٍ، حَصَّلَهُ مع الفَقرِ والتَّقَنُّعِ باليَسيرِ، وتَولَّى القَضاءَ هناك، ويُقالُ: إنَّه تَولَّى قَضاءَ حَلَب أيضًا. له مُصنَّفاتٌ عَديدةٌ منها: ((المُنتقَى في الفِقْه)), و((المعاني في شرح الموطأ))، و((إحكام الفُصول في أَحكام الأُصول))، و((الجَرْح والتَّعديل))، وغيرُ ذلك، قال القاضي عِياض: "آجَرَ أبو الوَليدِ نَفسَه ببغداد لِحِراسَةِ دَربٍ، وكان لمَّا رَجعَ إلى الأندَلُسِ يَضرِب وَرَقَ الذَّهَبِ للغَزْلِ، ويَعقِد الوَثائقَ، قال لي أَصحابُه: كان يَخرُج إلينا للإقراءِ وفي يَدهِ أَثَرُ المَطرَقَةِ، إلى أن فَشَا عِلمُه، وهَيَّتَت الدنيا به -أي شَهَرَتهُ وأَظهرَت اسمَه-، وعَظُمَ جاهُه، وأُجزِلَت صِلاتُه، حتى تُوفِّي عن مالٍ وافرٍ، وكان يَستَعمِلُه الأَعيانُ في تَرَسُّلِهم، ويَقبلُ جَوائِزَهم، وَلِيَ القَضاءَ بمَواضِعَ من الأندَلُس" قال الأَميرُ أبو نصرٍ: "أمَّا الباجي ذو الوِزارَتَينِ فَفَقِيهٌ مُتكَلِّمٌ، أَديبٌ شاعِرٌ، سَمِعَ بالعراقِ، ودَرَسَ الكلامَ، وصَنَّفَ, وكان جَليلًا رَفيعَ القَدرِ والخَطَرِ، قَبْرُه بالمرية", وقال القاضي أبو عليٍّ الصَّدَفيُّ: "ما رَأيتُ مِثلَ أبي الوليدِ الباجي، وما رَأيتُ أَحدًا على سَمْتِه وهَيئَتِه وتَوقيرِ مَجلِسِه". وقد جَرَت بينه وبين ابنِ حَزمٍ مُناوَأَةٌ شَديدةٌ كما جَرَت بينهما مُناظراتٌ كَثيرةٌ، قال القاضي عِياض: "كَثُرَت القالةُ في أبي الوليدِ لِمُداخَلَتِه للرُّؤساءِ" تُوفِّي بالمرية ليلةَ الخميسِ بين العِشاءَينِ التاسع والعشرين من رجب وعُمرُه إحدى وسبعون سَنةً.

العام الهجري : 476 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1083
تفاصيل الحدث:

هو الشيخُ، الإمامُ، القُدوَةُ، المُجتَهِد، شيخُ الإسلامِ، أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن عليِّ بن يوسفَ الفيروزاباذي الشِّيرازيُّ، الشافعيُّ، الأشعريُّ, نَزيل بغدادَ، قِيلَ: لَقَبُه جَمالُ الدِّينِ، وُلِدَ سَنةَ 393هـ  في قَريةِ فيروزباذ من قُرَى فارس، وقِيلَ: هي مَدينَة خوارزم، وهو شيخُ الشافعيةِ في عَصرِه, ومُدَرِّسُ النِّظاميَّةِ ببغداد، تَفَقَّه بفارس على أبي عبدِ الله البَيضاوي، ثم قدم بغداد سَنةَ خَمس عشرة وأربعمائة، فتَفَقَّه على القاضي أبي الطَّيِّبِ الطَّبريِّ، وبَرَعَ على يَدِه، وصار مُعيدَهُ، وكان يُضرَب المَثَلُ بفَصَاحَتِه وقُوَّةِ مُناظَرتِه. وسَمِعَ الحَديثَ من ابنِ شاذان  والبرقاني، وكان عابِدًا وَرِعًا، مُتواضِعًا، ظَريفًا، كَريمًا، جَوَادًا، طَلْقَ الوَجْهِ، دائِمَ البِشْرِ، مَليحَ المُحاوَرَةِ، زاهِدًا، جاءَتهُ الدُّنيا صاغِرةً، فأَبَاهَا، واقتَصرَ على خُشونَةِ العَيْشِ أيامَ حَياتِه. كان كَبيرَ القَدْرِ مُعَظَّمًا مُحتَرمًا إمامًا في الفِقْهِ والأُصولِ والحَديثِ، وفُنونٍ كَثيرةٍ. رَحلَ الناسُ إليه من البلادِ، وقَصَدوهُ، وتَفَرَّدَ بالعِلمِ الوافرِ مع السِّيرَةِ الجَميلةِ، والطَّريقَةِ المَرْضِيَّةِ. قال السَّمعانيُّ: سَمعتُ جَماعةً يقولون: "لمَّا قَدِمَ أبو إسحاقَ نيسابور رَسولًا تَلَقَّوهُ، وحَملَ إمامُ الحَرمَينِ غاشِيَتَهُ، ومَشَى بين يَديِه وقال: أَفتَخِرُ بهذا". وكان عامَّةُ المُدَرِّسِينَ بالعِراقِ والجِبالِ تَلامِذتَهُ وأَتباعَهُ, وكان يُنشِد الأَشعارَ المَلِيحَةَ، ويُورِدُها، ويَحفَظ منها الكَثيرَ. قال محمدُ بن عبدِ المَلِكِ الهمذانيُّ: حَكَى أبي قال: "حَضرتُ مع قاضي القُضاةِ أبي الحَسنِ الماوردي عَزاءً، فتَكلَّم الشيخُ أبو إسحاقَ واجلا وأَجادَ، فلمَّا خَرَجنا، قال الماورديُّ: ما رَأيتُ كأبي إسحاقَ! لو رَآهُ الشافعيُّ لتَجَمَّلَ به" قال خَطيبُ المَوصِل أبو الفضلِ: "حَدَّثنِي أبي قال: تَوجَّهتُ من المَوصِل سَنةً إلى أبي إسحاقَ، فلمَّا حَضرتُ عنده رَحَّبَ بي، وقال: مِن أين أنت؟ فقلتُ: من المَوصِل. قال: مرحبًا أنت بَلدِيِّي. فشاهدتُ من حُسْنِ أَخلاقِه ولَطافَتِه وزُهدِه ما حَبَّبَ إليَّ لُزومَه، فصَحِبتُه إلى أن مات" له مُصنَّفاتٌ كَثيرةٌ نافعةٌ، كـ((المُهَذَّبِ)) في المَذهبِ، و((التنبيه))، و((النكت في الخِلاف))، و((اللمع في أصول الفقه))، و((التبصرة))، و((طبقات الشافعية)) وغيرِ ذلك، تُوفِّي لَيلةَ الأَحدِ الحادي والعشرين في دارِ أبي المُظَفَّرِ ابنِ رَئيسِ الرُّؤساءِ، وغَسَّلَهُ أبو الوَفاءِ بن عقيل الحنبليُّ وصَلَّى عليه ببابِ الفردوس من دارِ الخِلافةِ، وشَهِدَ الصلاةَ عليه المُقتدِي بأَمرِ الله، وتَقدَّم للصلاةِ عليه أبو الفَتحِ المُظفَّر ابنُ رَئيسِ الرُّؤساءِ، ثم صُلِّيَ عليه مَرَّةً ثانيةً بجامعِ القَصرِ، ودُفِنَ ببابِ إبرز في تُربَةٍ مُجاورةٍ للناحيةِ.

العام الهجري : 403 العام الميلادي : 1012
تفاصيل الحدث:

اجتمع البربَرُ فقَدَّموا على أنفُسِهم سُلَيمانَ بنَ الحَكَمِ بنِ سُلَيمانَ بنِ عبد الرحمن الناصرِ، فنهض بالبربَرِ إلى الثَّغرِ واستجاش بالنَّصارى وأتى بهم إلى بابِ قُرطبةَ فبرَزَ إليه جماعةُ أهلِ قُرطبةَ، فلم تكُنْ إلَّا ساعةٌ حتى قُتِلَ مِن أهلِ قُرطبةَ نَيِّفٌ وعشرونَ ألفَ رجُلٍ في جبَلٍ هنالك يُعرَفُ بجبلِ قنطش، وهي الوقعةُ المشهورة، ذهب فيها من الخِيارِ والفُقَهاءِ وأئمَّةِ المساجِدِ والمؤذِّنينَ خَلقٌ كثيرٌ، واستتَرَ مُحمَّدُ بنُ هشام المهديُّ أيامًا ثمَّ لحِقَ بطُلَيطِلة، وكانت الثغورُ كُلُّها من طرطوشة إلى الأشبونة باقيةً على طاعتِه ودَعوتِه، واستجاش بالإفرنجِ وأتى بهم إلى قُرطبةَ، فبَرَز إليه سُلَيمانُ بنُ الحَكَمِ مع البربر إلى موضعٍ بقُربِ قُرطُبةَ على نحوِ بضعةَ عشر ميلًا يُدعَى دارَ البَقَر، فانهزم سُلَيمانُ والبربَرُ، واستولى المهديُّ على قُرطُبةَ ثمَّ خرج بعد أيَّامٍ إلى قتالِ جمهورِ البربر، وكانوا قد عاثُوا بالجزيرةِ، فالتَقَوا بموضعٍ يُعرَفُ بوادي أره، فكانت الهزيمة على مُحمَّدِ بنِ هشامٍ المهديِّ، وانصرف إلى قُرطُبةَ، فوثب عليه العَبيدُ مع واضحٍ الصَّقلبيِّ فقتلوه ورَدُّوا هِشامًا المؤيَّدَ، فكانت مدَّةُ ولاية المهديِّ منذ قام إلى أن قُتِلَ سبعة عشر شهرًا مِن جُملتِها السِّتَّة الأشهر التي كان فيها سُلَيمانُ بقُرطُبة، وكان هو بالثَّغرِ، وانقَرَض عَقِبُه فلا عَقِبَ له، فقام سُلَيمانُ بنُ الحكم يوم الجمعة لسِتٍّ خَلَونَ مِن شَوَّال سنة 399هـ وتلقَّبَ بالمُستعين بالله، ثمَّ دخل قُرطُبةَ في ربيع الآخر سنة 400ه، فتلقَّبَ حينئذ بالظَّافِرِ بحَولِ الله، مضافًا إلى المستعين بالله، ثمَّ خرج عنها في شوال مِن السنة بعينها، فلم يزل يجول بعساكِرِ البربَرِ معه في بلاد الأندلُسِ يُفسِدُ وينهَبُ ويُقفِرُ المدائِنَ والقُرى بالسَّيف والغارةِ، لا يُبقي البربرُ معه على صغيرٍ ولا كبيرٍ، ولا امرأةٍ، إلى أن دخل قُرطبةَ في صدر شوال سنة 403، وأُحضِرَ هِشامٌ المُؤَيَّدُ فخَلَعَه من الخلافةِ، وأمره بمبايعتِه، فبويع لسليمانَ هذا، ثمَّ قَبَض على القائِدِ واضحٍ قائِدِ هِشامٍ المُؤَيَّدِ وقَتَلَه.