الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 3431 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 842 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1438
تفاصيل الحدث:

بعد أن تسلطن الظاهر جقمق أصبح الأمير قرقماس هو أتابك العساكر وهو الأمير الكبير، ثم في ربيع الآخر ثارت عدة من المماليك القرانصة الذين قاموا مع السلطان العزيز يوسف بن برسباي قبل ذلك على الأشرفية، وطلبوا الآن من السلطان الزيادة في مرتباتهم، فنزل إليهم الأمير قرقماس ووعدهم بأن يكلم السلطان بذلك، ولكنهم أبوا إلَّا أن يقاتلوا السلطان واستطاعوا أن يقنعوا الأمير قرقماس بأن يكون معهم ضِدَّ السلطان، فلبسوا سلاحهم ولبس هو الآخر أيضًا، وأتاه كثير من الأشرفية، وساروا به حتى وقف بالرميلة تجاه باب السلسلة، وهم في اجتماعهم مختلفة آراؤهم، وعندما وقف تجاه باب السلسلة من القلعة سار بعض أتباعه ونادى في القاهرة على لسانه بمجيء المماليك إلى الأمير قرقماس، وأنه ينفق فيهم مائتي دينار لكل واحد، وبمجيء الزعر إليه وأنه يعطي كل واحد منهم عشرين دينارًا، فعَظُم جمعُه، بحيث توهَّم كثير من الناس أن الأمر له، وكان السلطان عند ذلك في نفر قليل، فبادر بنزوله من القصر إلى المقعد الذي بجانب باب السلسلة، ومعه المال، وبعث بجماعة للقتال، فوقعت الحربُ بين الفريقين مرارًا، والجراح فاشية فيهم، وقد قُتِل جماعة وتعَيَّن الغلب لقرقماس ومن معه، إلا أن عدة من الأمراء فرُّوا عنه، وصعدوا من باب السلسلة إلى السلطان، فسُرَّ بهم، ثم أقبل أيضًا من جهة الصليبة عدة أمراء، ووقفوا تجاه قرقماس في هيئة أنهم جاؤوا ليقاتلوا معه، ثم ساقوا خيولهم بمن معهم، ودخلوا باب السلسلة، وصاروا مع السلطان، فازداد بهم قوة، هذا وقد دُقَّت الكوسات -قطعتان من نحاس يدق بإحداهما على الأخرى بإيقاع مخصوص- السلطانية حربيًّا بالطبلخاناه من القلعة، وقامت ثلاثة مشاعلية على سور القلعة تنادي من كان في طاعة السلطان فليحضُرْ وله من النفقة كذا وكذا، ونثر مع ذلك السلطان من المقعد على العامة ذهبًا كثيرًا، وصار يَقِفُ على قدميه ويحَرِّض أصحابه على القتال، فأقبلت الفرسان نحوه شيئًا بعد شيء داخلة في طاعته، وتركت قرقماس، والحرب مع هذا كله قائمة بين الفريقين ضربًا بالسيوف، وطعنًا بالرماح، إلا أن الرمي من القلعة على قرقماس ومن معه بالنشاب كثيرٌ جدًّا، مع رمى العامة لهم بالحجارة في المقاليع؛ لبغضها في قرقماس وفي الأشرفية، فتناقص جمعهم، وتزايد جمع السلطان إلى قبيل العصر، فتوجه بعض الأشرفية وأخذوا في إحراق باب مدرسة السلطان حسن؛ ليتمكنوا من الرمي على القلعة من أعلاها، فلم يثبت قرقماس، وفَرَّ وقد جُرِح، فثبتت الأشرفية وقاتلت ساعة، حتى غُلِبت بالكثرة عليها، فانهزمت بعدما قُتِل من الفرسان والرجالة جماعة، وجُرح الكثير، فممن جُرح من السلطانية الأمير تغري بردي المعروف بالمؤذي حاجب الحجاب من طعنة برمح في شدقه، والأمير أسنبغا الطيارى الحاجب في آخرين، فكانت هذه الوقعة من الحروب القوية بحسب الوقت، إلا أن قرقماس جرى فيها على عادته في العجلة والتهور، ففاته الحزم، وأخطأه التدبير من وجوه عدة؛ ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ} وعندما انهزم القوم ندب السلطان الأمير أقبغا التمرازي أمير سلاح في جماعة؛ لطلب المنهزمين، فتوجه نحو سرياقوس خشية أن يمضوا إلى الشام، فكانوا أعجز من ذلك، ولم يجد أحدًا فعاد، ثم قُبِض على الأمير قرقماس، ثم سُجِن بالإسكندرية، ثم قُتِل بعد عدة أشهر.

العام الهجري : 965 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1557
تفاصيل الحدث:

تولَّى السلطانُ الغالب بالله الحُكمَ، وذلك بعد مقتل أبيه ومبايعةِ أهل فاس له وأهلِ مراكش، فاستوثق له الأمرُ وتمهَّد له ملك أبيه. وكان قد نشأ في عفافٍ وصيانة، وحَفِظَ القرآن وأخذ بطرفٍ صالحٍ من العلم، وكان وليَّ عهد أبيه، وكان يلقَّب من الألقاب السلطانية بالغالب بالله، لقَّبَه به غيرُ واحد من الأئمةِ.

العام الهجري : 725 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1325
تفاصيل الحدث:

وقع بمصرَ مَطَرٌ لم يُسمَعْ بمِثلِه بحيث زاد النيلُ بسببه أربعَ أصابع، وتغيَّرَ أيامًا، وكذلك زادت دجلةُ ببغداد حتى غَرِقَت ما حول بغداد وانحصر الناسُ بها ستَّةَ أيام لم تُفتَحْ أبوابها، وبَقِيَت مثل السفينة في وسط البحر، وغَرِقَ خَلقٌ كثير من الفلَّاحين وغيرِهم، وتَلِفَ للنَّاسِ ما لا يعلَمُه إلا الله، وودَّعَ أهلُ البلد بعضُهم بعضًا، ولجؤوا إلى الله تعالى وحَمَلوا المصاحِفَ على رؤوسهم في شِدَّةِ الشوق في أنفُسِهم حتى القُضاة والأعيان، وكان وقتًا عجيبًا، ثم لطَفَ الله بهم فغِيضَ الماءُ وتناقَصَ، وتراجَعَ النَّاسُ إلى ما كانوا عليه من أمورِهم الجائرةِ وغير الجائرةِ، وذكر بعضُهم أنَّه غَرِقَ بالجانب الغربي نحوٌ من ستة آلاف وستمائة بيت.

العام الهجري : 859 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1455
تفاصيل الحدث:

لما وقف الخليفةُ القائم بأمر الله في صفِّ المماليك الظاهرية في فتنتِهم ضِدَّ السلطان الأشرف إينال ظنًّا منه أنه يُخلَعُ فيزداد بذلك مرتبةً فوق التي هو فيها بوقوفِه مع هؤلاء المماليك، ولكن لما انكسر أمرُهم ومَسَك السلطانُ الأشرف إينال الخليفةَ ووبَّخه على وقفته هذه، أمر بحبسه بالبحرةِ من قلعة الجبل، وخلعه من الخلافة بأخيه يوسف في يوم الخميس ثالث شهر رجب، ثم أرسل الخليفةَ القائمَ بأمر الله في يوم الاثنين سابع رجب إلى سجن الإسكندرية، فسجن بها مدة سنين، ثم أُطلِقَ من السجن، وسكنَ بالإسكندرية إلى أن مات بها في أواخر سنة 862، فأصبح الخليفةُ هو أبو المحاسن يوسف بن المتوكل ولقِّب بالمستنجد بالله.

العام الهجري : 245 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 859
تفاصيل الحدث:

خرج المجوسُ (النورماند) إلى ساحِلِ البحر بالغرب، في اثني وستين مركبًا، فوجدوا البحر محروسًا، ومراكِبَ المُسلِمينَ مُعَدَّة، تجري من حائطِ إفرنجة إلى حائطِ جليقية في الغرب الأقصى، فتقدم مركبانِ مِن مراكبِ المجوسِ، فتلاقت بهم المراكِبُ المُعَدَّة، فوافَوا هذين المركبينِ في بعضِ كُسورِ باجة؛ فأخذوهما بما كان فيهما من الذهَبِ والفِضَّة والسَّبيِ والعُدَّة. ومَرَّت سائر مراكِبِ المجوس في الريفِ حتى انتهت إلى مصبِّ نهرِ إشبيلية في البحر، فأخرج الأميرُ الجيوش، ونفر النَّاسُ مِن كُلِّ أوبٍ، وكان قائدُهم عيسى بن الحسن الحاجب. وتقَدَّمت المراكِبُ مِن مَصَبِّ نهر إشبيلية حتى حلَّت بالجزيرة الخضراء، فتغلبوا عليها، وأحرقوا المسجِدَ الجامع بها، ثمَّ جازُوا إلى العدوة فاستباحوا أريافَها، ثم عادوا إلى ريفِ الأندلس، وتوافَوا بساحل تدمير، ثم انتهوا إلى حصنِ أوربولة، ثم تقَدَّموا إلى إفرنجة فشَتوا بها، وأصابوا بها الذراريَّ والأموالَ، وتغلَّبوا بها على مدينةٍ سكنوها، فهي منسوبةٌ إليهم إلى اليوم، حتى انصرفوا إلى ريفِ بحرِ الأندلس، وقد ذهب من مراكِبِهم أكثرُ مِن أربعين مركبًا، ولَقِيَهم مراكبُ الأمير محمد، فأصابوا منها مركبينِ بريف شذونة، فيها الأموالُ العظيمة. ومضت بقيَّةُ مراكِبِ المجوس.

العام الهجري : 120 العام الميلادي : 737
تفاصيل الحدث:

هو عبدُ الله بن كَثيرِ بن عَمرِو بن عبدِ الله بن زاذان بن فيروزان، أَحَدُ القُرَّاء السَّبعَة، إمامُ أَهلِ مَكَّة في القِراءَةِ، ولَقِيَ فيها عددًا مِن الصَّحابَة، وكان فَصيحًا بَليغًا مُفَوَّهًا، أَبيضَ اللِّحْيَة، طَويلًا، جَسيمًا، أَسْمَر، أَشْهَلَ العَينينِ، يَخضِب بالحِنَّاء، عليه السَّكينَة والوَقار، تُوفِّي في مَكَّة.

العام الهجري : 301 العام الميلادي : 913
تفاصيل الحدث:

جهَّز عُبيدُ الله المهديُّ العساكِرَ مِن إفريقية، وسيَّرَها مع ولده أبي القاسمِ إلى الديار المصريَّةِ، فساروا إلى بُرقة، واستولوا عليها، وساروا إلى مصرَ، فمَلَك الإسكندريَّةَ والفيُّومَ، وصار في يدِه أكثَرُ البلاد، وضيَّقَ على أهلها، فسيَّرَ إليها المقتدر باللهِ مُؤنِسًا الخادمَ في جيش كثيف، فحاربهم وأجلاهم عن مصرَ، فعادوا إلى المغربِ مَهزومينَ.

العام الهجري : 1296 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1879
تفاصيل الحدث:

تولى خير الدين التونسي منصِبَ رئاسة الوزراء في الدولةِ العثمانيةِ. ولد خير الدين في القفقاس لعائلةِ تليش الأباظية الشركسية، حوالي عام 1820م. تعهَّده والي تونس الداي أحمد، وهيأ له فُرَصَ الاستزادة من العلوم، فأكَبَّ على دراسة الفنون العسكرية والسياسية، والتاريخ والعلوم الشرعية، وأتقن اللغاتِ العربيةَ والتركية والفرنسية. أصبح رئيسًا لمكتب العلوم الحربية بباردو عام 1840م، ثم أصبح رئيسًا لفرقة الفرسان في الجيش التونسي. وعيِّن مديرًا لِمَصرف الدراهم التونسي. وفي عام 1849م رقِّيَ إلى رتبة ومنصب أمير لواء الخيالة في تونس، وفي عام 1855م أنعَمَ عليه الباي المشير محمد باشا برتبة الفريق؛ لإنقاذه تونس من قرضٍ مالي ثقيل كاد الباي السابق أن يندفِعَ إليه. ثم عيَّنه وزيرًا للبحرية عام 1857‏م حيث أجرى عدَّةَ إصلاحات إدارية. وساهم في صياغةِ وإصدار قانون (عهد الأمان) التونسي عام 1857م. وشارك في وضع الدستور التونسي عام 1860‏م. وعند إنشاءِ مجلس الشورى التونسي المنتَخَب كان خير الدين باشا الرئيس الفعليَّ للمجلس من عام 1861‏م. اصطدم مع سياسة الباي الجديد محمد الصادق فقَدَّم استقالتَه من الوزارة ومِن رئاسة مجلس الشورى عام 1862م وفَرَض على نفسه العزلةَ السياسية لمدة تسع سنوات بين عامي 1862م و1869م. وكان من نتائج عزلته تلك تأليفُه الكتاب الشهير الذي أسماه ((أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك)) والذي تمَّ طبعُه في تونس عام 1867 ‏م. بعد ذلك شارك مندوبًا عن تونس في اللجنة المالية المختلطة المشكَّلة لتحصيل ديون الدُّول الأوروبية من تونس، فاستطاع الحدَّ من نفوذ اللجنة وتدخُّلِها في شؤون الدولة. ‏وفي أكتوبر 1873م عيِّنَ وزيرًا أكبر لتونس (أي رئيسًا للوزراء) فسَنَحَت له فرصةُ تحقيق برامجه الإصلاحية التي طرحَها في كتابه (أقوم المسالك) واستطاع نقل تونس من حالة الكرب والضيق والفوضى إلى حالةٍ مِن الأمنِ والرخاء والنظام. وتصدى بحزمٍ للمطامع الأجنبية في بلادِه، وخاصة المطامح الفرنسية والإيطالية المتنافسة. ولكِنَّه فوجئ بمعاتبة الباي له وغضبه من سياسته في التحمُّسِ لإعانة الدولة العثمانية في حَربِها ضِدَّ روسيا، فقَدَّم استقالته من رئاسة الوزارة في يوليو1877م. ‏وبعد استقالته ضَيَّق عليه الباي الخناقَ ومنعه من الاتصال بالناس، فكان معتقلًا في منزله. وقد سافر للعلاجِ ثم عاد إلى تونس وظَلَّ شِبهَ مُعتَقَل حتى استدعاه السلطانُ العثماني عبد الحميد الثاني فسافر إلى الأستانة في رمضان 1877م حيث استقبله السلطانُ وعَيَّنه وزير دولة بعد رفضِه منصب وزير العدل. ولكِنَّه فوجئ في صباح يوم 4 ‏ديسمبر 1878م بتعيينه رئيسًا لوزراء الدولة العثمانية. وكانت الدولةُ العثمانية وقتَها في ضيقٍ وحَرَجٍ كبير؛ فالجيش الروسي يقِفُ على عتبات العاصمة استانبول، والأسطول البريطاني في مضيق البوسفور، والاقتصادُ متدهور، وهناك المشكلةُ الأرمينية، ومشاكِلُ في قبرص والبوسنة! فسارع خير الدين باشا إلى عقد اتِّفاقٍ مع الروسِ يضمَنُ مصالح المسلمين في بلغاريا وروملي الشرقية،كما انسحب الأسطولُ البريطاني مِن مَضيقِ البوسفور، وسَوَّى الخلافات مع النمسا، وحُلَّت مشكلة الأرمن، واستبدل بالخديويِّ إسماعيل ابنَه توفيقًا في مصر. وقد اختلف كثيرًا مع السلطان عبد الحميد الثاني ورجالِ حاشيته إبَّانَ توليه رئاسة الوزراء، فكان أن عُزِلَ مِن منصبه في شعبان 1296 ‏هـ ( 1879 ‏م) وعاش بعدها بعيدًا عن السياسة حتى توفِّي بعد عشر سنوات في الأستانة عام 1889‏م ودفِنَ في جامع أيوب، إلا أن الحكومة التونسية بادرت في عام 1968‏م إلى نقل رُفاته ودفنه في تونس تقديرًا لخِدماتِه، وقد أطلق عليه الشَّعبُ التونسي لقب ((أبو النهضة التونسية)).

العام الهجري : 578 العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

لَمَّا ملك صلاح الدين نصيبين، سار إلى الموصل، وكان عزُّ الدين بن مسعود بن مودود صاحِبُها ومجاهد الدين قايماز قد جمعا العساكرَ الكثيرةَ ما بين فارسٍ وراجل، وأظهرا من السلاحِ وآلات الحصار ما حارت له الأبصارُ، وبذلا الأموالَ الكثيرة، وسار صلاحُ الدين حتى قارب الموصل، فرأى ما هاله وملأ صدرَه وصدور أصحابِه، فإنه رأى بلدًا عظيمًا كبيرًا، ولَمَّا رأى السور والفصيلَ، عَلِمَ أنَّه لا يقدر على أخْذِه، وأنَّه يعود خائبًا، ثم رجع إلى مُعسكَرِه وصَبَّحَ البلد، وكان نزولُه عليه في رجب، فنازله وضايقَه، ونزل محاذيَ باب كندة، وأنزل صاحِب الحصن بباب الجسر، وأنزل أخاه تاجَ الملوك عند الباب العمادي، وانشبَّ القتال، فلم يظفر، فنصَبَ منجنيقًا، فنصب عليه من البلدِ تسعة مجانيق، ثمَّ إن صلاح الدين رحل من قرب البلد، ونزل متأخِّرًا؛ خوفًا من البَياتِ، فإنه لقُربِه كان لا يأمنُ ذلك، ثم تردَّدت الرسل إلى عز الدين ومجاهد الدين في الصُّلحِ، فلما رأى صلاح الدين أنه لا ينالُ مِن الموصل غرضًا، ولا يحصُلُ على غير العناءِ والتعب، وأنَّ مَن بسنجار من العساكر الموصليَّة يقطعونَ طريقَ مَن يَقصِدونه من عساكِرِه وأصحابه، سار من الموصِلِ إلى سنجار.

العام الهجري : 531 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1137
تفاصيل الحدث:

سار أتابك عمادُ الدين زِنكي من المَوصِلِ إلى الشَّامِ وحصَرَ قلعةَ بعرين، وهي تُقارِبُ مدينةَ حَماةٍ، وهي مِن أمنَعِ معاقِلِ الفِرنجِ وأحصَنِها، فلمَّا نزل عليها قاتَلَها، وزحف إليها، فجمَعَ الفِرنجُ فارِسَهم وراجِلَهم، وساروا في قَضِّهم وقَضيضِهم، ومُلوكِهم وقَمامِصتِهم- كبارِ القَساوسة – وأمرائهم إلى أتابك زنكي؛ لِيُرحِّلوه عن بعرين، فلم يَرحَلْ وصبَرَ لهم إلى أن وصَلوا إليه، فلَقِيَهم وقاتَلَهم أشَدَّ قِتالٍ رآه الناسُ، وصبَرَ الفريقان ثمَّ أجلَت الوقعةُ عن هزيمة الفرنج، وأخذَتْهم سيوفُ المُسلِمينَ مِن كُلِّ جانبٍ، واحتمى ملوكُهم وفُرسانُهم بحِصن بعرين لقُربِه منهم، فحصَرَهم زنكي فيه، ومنع عنهم كُلَّ شَيءٍ حتى الأخبار، فكان مَن به منهم لا يَعلَمُ شيئًا مِن أخبارِ بلادِهم لشِدَّةِ ضَبطِ الطُّرُقِ وهَيبتِه على جُندِه، ثمَّ إنَّ القسوس والرُّهبانَ دَخَلوا بلادَ الرُّومِ وبلادَ الفِرنجِ وما والاها مُستَنفِرينَ على المُسلِمينَ، وأعلموهم أنَّ زنكي أخذ قلعةَ بعرين ومَن فيها من الفرنجِ، ومَلَك جميعَ بلادِهم بأسرَعِ وَقتٍ، وأنَّ المُسلِمينَ ليس لهم هِمَّةٌ إلَّا قَصدُ البيت المُقَدَّس، فحينئذٍ اجتَمَعت النصرانيَّة وساروا على الصَّعبِ والذَّلول، وقَصَدوا الشام، وأمَّا زنكي فإنَّه جَدَّ في قتال الفرنج، فصبَروا وقَلَّت عليهم الذَّخيرةُ، فإنهم كانوا غيرَ مُستعدِّينَ، ولم يكونوا يعتَقِدونَ أنَّ أحدًا يَقدَمُ عليهم، بل كانوا يتوقَّعونَ أنَّه مَلَك باقيَ الشَّامِ، فلمَّا قَلَّت الذخيرةُ أكلوا دوابَّهم، وأذعنوا بالتَّسليمِ لِيُؤَمِّنَهم، ويَترُكَهم يعودونَ إلى بلادِهم، فلم يُجِبْهم إلى ذلك، فلمَّا سَمِعَ باجتِماعِ مَن بَقِيَ مِن الفرنجِ ووصولِ مَن قَرُب إليهم أعطى لِمَن في الحِصنِ الأمانَ، وقَرَّر عليهم خمسينَ ألف دينارٍ يحمِلونَها إليه، فأجابوه إلى ذلك فأطلَقَهم، فخرجوا وسَلَّموا إليه، وكان زنكي في مُدَّةِ مُقامِه عليهم قد فتح المَعَرَّة وكفْر طاب مِنَ الفِرنجِ، فكان أهلُها وأهلُ سائِرِ الوِلاياتِ التي بين حَلَب وحَماة مع أهلِ بعرين في الخِزيِ؛ لأنَّ الحَربَ بينهم قائِمةٌ على ساقٍ، والنَّهب والقَتل لا يزال بينهم، فلمَّا مَلَكَها أمِنَ النَّاسُ، وعَمَرت البلادُ وعَظُم دَخلُها، وكان فتحًا مُبينًا. قال ابنُ الأثير: "ومِن أحسَنِ الأعمالِ وأعدَلِها ما عَمِلَه زِنكي مع أهل المعرَّة؛ فإنَّ الفرنجَ لَمَّا مَلَكوا المعَرَّة كانوا قد أخذوا أموالَهم وأملاكَهم، فلمَّا فتَحَها زنكي الآن حضَرَ مَن بَقِيَ مِن أهلِها ومعهم أعقابُ مَن هَلَك، وطلبوا أملاكَهم، فطلب منهم كَتْبَها، فقالوا: إنَّ الفِرنجَ أخذوا كلَّ ما لنا، والكُتُب التي للأملاكِ فيها. فقال: اطلبوا دفاتِرَ حَلَب، وكُلُّ مَن عليه خراجٌ على مُلكٍ يُسَلَّم إليه، ففعلوا ذاك، وأعاد على النَّاسِ أملاكَهم، وهذا من أحسَنِ الأفعالِ وأعدَلِها".

العام الهجري : 762 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1361
تفاصيل الحدث:

كان زوالُ مُلكِه في ليلة الأربعاء تاسع جمادى الأولى، وذلك أنَّه بلغه وهو بمنزِلِه بكوم برا أنَّ الأمير يلبغا الخاصكي يريدُ قَتْلَه، وأنه لا يدخُلُ إلى الخدمة إلَّا وهو لابِسٌ آلةَ الحَربِ مِن تحت ثيابِه فاستدعى به، وهو مع حريمه في خَلوةٍ، وأمر فنُزِعَت عنه ثيابُه كُلُّها، ثمَّ كُتِّفَت يداه، فشَفَعت فيه إحدى حظايا السلطان، حتى خَلَّى عنه وخلع عليه، واعتذر إليه بأنَّه بلغه عنه أنه لا يدخُلُ إلا بالسلاحِ مخفي في ثيابِه، فخرج إلى مخيَّمِه وقد اشتَدَّ حَنَقُه، فلم يمضِ سوى ثلاثة أيام وبلغ السلطانَ أن يلبغا قد خامر وأظهر العِصيانَ، وألبس مماليكَه آلةَ الحرب، فبادر للركوبِ في طائفةٍ مِن مماليكه ليكبِسَه على بغتة، ويأخُذَه من مخيمه، فسبق ذلك إلى يلبغا من الطواشي بشير الجمدار، فركب بمماليكِه مِن فَورِه بالسلاح يوم الاثنين ثامن جمادى الأولى بعد العصر، ولقي السلطانَ وهو سائِرٌ إليه، وتوافقا حتى غَرَبت الشمس، فحَمَل يلبغا بمن معه يريد السُّلطانَ فانهزم مِن غير قتال، ومعه الأميرُ عِزُّ الدين أيدمر الدوادار، فتفَرَّقَت مماليكه في كلِّ جِهةٍ، وتمادى السلطانُ في هزيمتِه إلى شاطىء النيل، وركِبَ هو وأيدمر فقط في بعضِ المراكب، وترك ركوبَ الحرَّاقة السلطانية، وصَعِدَ قلعة الجبل، وألبَسَ مَن بها من المماليك، فلم يجِدْ في الإسطبل خيولًا لهم، فاضطرب ونزل من القلعةِ ومعه أيْدَمُر وقد تنكَّرا ليسيرا إلى الشامِ فعَرَفَهما بعضُ المماليك، فأنكر حالهما، وأخذهما ومضى بهما إلى بيت الأمير شرف الدين موسى بن المازْكَشي، فآواهما هذا وقد مضى يلبغا وقت هزيمةِ السلطان في إثره فلم يظفَرْ به، فركب الحراقة ومنع أن يعدى مركِبٌ بأحد من المماليك السلطانيَّة إلى بر مصر، وعدَّى بأصحابه في الليل إلى البر، فلَقِيَه الأمير ناصر الدين محمد بن المحسني، والأمير قشتمر المنصوري في عدة وافرة، فحاربهما وهزَمَهما، وتقَدَّمَ فهزم طائفةً بعد طائفة، ثم وجد الأميرَ أسنبغا ابن البوبكري في عِدَّة وافرة فقاتله قريبًا من قنطرة قديدار قتالًا كبيرًا، جرح فيه أسنبغا وانهزم من كان معه، ومضى يلبغا حتى وقف تحت القلعة، فبلغه نزولُ السلطان وأيدمر منكسرينِ، وبينما هو مفكِّرٌ فيما يفعله، إذ أتاه قاصِدُ ابن الأزْكَشي وأخبَرَه بأن السلطان وأيدمر عنده، فسار بعسكَرِه إلى بيت ابن الأزْكَشي بالحُسَينية، وأحاط به، وأخذ السلطانَ والأمير أيدمر ومضى بهما إلى داره، قُرْبَ جبل الكبش فحَبَسَهما بها، ووكَلَ بهما من يثِقُ به، ثم عاد إلى القلعة وقد امتنع بها طائفةٌ مِن مماليك السلطان، ورَمَوه بالنشاب، فأعلمهم بأنه قد قبض على السلطانِ وسَجَنَه في داره، فانحَلَّت عزائِمُهم، وفتحوا باب القلعة، فصَعِدَ يلبغا ومن معه إليها وملكها وأقام في السلطنةِ محمَّدَ بن المظفر حاجي بن محمد بن قلاوون ولَقَّبَه بالمنصور، وكان عمره أربعة عشر عامًا، ولم يُوقَفْ للسلطان حسن على خبر، فقيل إنه عاقبه عقوبةً شديدة حتى مات ودفنه في مصبطة كان يركَبُ عليها من داره بالكبش، وقيل دفنه بكيمان مضر وأَخفى قبره، فكان عمره دون الثلاثين سنة، منها مدة سلطنته هذه الثانية ست سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام، وأمَّا السلطان الجديد المنصور فإنه استدعى الخليفةَ وقُضاة القضاة، وأحضر المنصور ففَوَّضَ الخليفة إليه أمورَ الرعيَّة، وركب والكافَّةُ بين يديه من باب الدار إلى الإيوان، حتى جلس على تخت الملك، وحَلَف له الأمراء على العادة، وهو لابِسٌ الثوب الخليفتي، وذلك في يوم الأربعاء تاسِعَ جمادى الأولى، ولُقِّب بالملك المنصور صلاح الدين، وهو أوَّلُ من تسلطن من أولاد أولاد الملك الناصر محمد، فقام الأمير يلبغا بتدبير الدولة، ولم يبقَ للمنصور سوى الاسم، والأميرُ قَشتمر المنصوري نائِبُ السلطنة، ودُقَّت البشائر، ونودي بالقاهرة ومِصرَ بسَلطنةِ الملك المنصور، وكُتِبَ إلى الأعمال بذلك، فسارت البريدية.

العام الهجري : 617 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1220
تفاصيل الحدث:

بعد استيلاء المغول على بخارى وما كان فيها منهم رحلوا نحو سمرقند وقد تحقَّقوا عجز خوارزم شاه عنهم، وهم بمكانه بين ترمذ وبلخ، واستصحبوا معهم من سَلِمَ من أهل بخارى أسارى، فساروا بهم مشاةً على أقبح صورة، فكلُّ من أعيا وعجز عن المشي قتلوه، فلما قاربوا سمرقند قدَّموا الخيَّالة، وتركوا الرجَّالة والأسارى والأثقال وراءهم، حتى تقدموا شيئًا فشيئًا، ليكون أرعبَ لقلوب المسلمين؛ فلما رأى أهل البلد سوادهم استعظموه، فلما كان اليومُ الثاني وصل الأسارى والرجالة والأثقال، ومع كل عشرةٍ من الأسارى عَلَم، فظن أهل البلد أن الجميعَ عساكر مقاتلة، وأحاطوا بالبلدِ وفيه خمسون ألف مقاتل من الخوارزمية، وأما عامة البلد فلا يحصون كثرة، فخرج إليهم شجعان أهله، وأهل الجلد والقوة رجالة، ولم يخرج معهم من العسكر الخوارزمي أحدٌ؛ لما في قلوبهم من خوف هؤلاء الملاعين، فقاتلهم الرجَّالة بظاهر البلد، فلم يزل التتر يتأخَّرون، وأهل البلد يَتبَعونهم، ويطمعون فيهم، وكان الكفار قد كمنوا لهم كمينًا، فلما جاوزوا الكمين خرج عليهم وحال بينهم وبين البلد، ورجع الباقون الذين أنشبوا القتال أولًا، فبَقُوا في الوسط، وأخذهم السيفُ من كل جانب، فلم يسلَمْ منهم أحد، قتلوا عن آخرهم، وكانوا سبعين ألفًا على ما قيل، فلما رأى الباقون من الجند والعامة ذلك ضَعُفت نفوسهم وأيقنوا بالهلاك، فقال الجند: وكانوا أتراكًا: نحن من جنس هؤلاء ولا يقتلوننا، فطلبوا الأمان، فأجابوهم إلى ذلك، ففتحوا أبوابَ البلد، ولم يقدِر العامة على منعهم، وخرجوا إلى الكفَّار بأهلهم وأموالهم، فقال لهم الكفار: ادفعوا إلينا سلاحَكم وأموالكم ودوابَّكم ونحن نسيركم إلى مأمنِكم، ففعلوا ذلك، فلما أخذوا أسلحتهم ودوابهم وضعوا السيف فيهم وقتلوهم عن آخِرِهم، وأخذوا أموالَهم ودوابَّهم ونساءهم، فلما كان اليوم الرابع نادوا في البلد أن يخرج أهله جميعهم، ومن تأخَّرَ قتلوه، فخرج جميعُ الرجال والنساء والصبيان، ففعلوا مع أهل سمرقند مثل فعلِهم مع أهل بخارى من النهب، والقتل، والسبي، والفساد، ودخلوا البلدَ فنهبوا ما فيه، وأحرقوا الجامِعَ وتركوا باقي البلد على حاله، وافتضُّوا الأبكار، وعذَّبوا الناس بأنواع العذاب في طلب المال، وقتلوا من لم يصلح للسبي، وكان ذلك في المحرَّم، وكان خوارزم شاه بمنزلته كلمَّا اجتمع إليه عسكر سيره إلى سمرقند، فيرجعون ولا يقدرون على الوصولِ إليها.

العام الهجري : 38 العام الميلادي : 658
تفاصيل الحدث:

هو عبدُ الله بن وَهْبٍ  الهَمْدانيُّ السَّبَئِيُّ، وقِيلَ: الحِمْيَريُّ. أصلُه مِن يَهودِ صَنْعاءَ, وقِيلَ: مِن يَهودِ الحِيرَةِ، مَعروفٌ بابنِ السَّوداءِ لأنَّ أُمَّهُ حَبَشيَّةٌ، أَظهرَ الإسلامَ في زَمَنِ عُثمانَ بن عفَّانَ, وقِيلَ: إنَّه رُوميٌّ أَظهرَ الإسلامَ هو وجماعتُه السَّبئيَّةُ بغَرَضِ تَقويضِ الدَّولةِ الإسلاميَّة لصالحِ الدَّولةِ البِيزنْطيَّة. وهو يَختلِفُ عن عبدِ الله بن وَهْبٍ الرَّاسبيِّ رأسِ الخَوارجِ الذي خرَج على عَلِيٍّ, رحَل ابنُ سَبَإٍ إلى الحِجازِ ثمَّ البَصرَةِ ثمَّ الكوفةِ ثمَّ الشَّامِ ثمَّ اسْتَقَرَّ في مِصْرَ، كلّ ذلك يَنشُر بِدعَتَهُ، وجهَر بها وتَقَوَّى في مِصْرَ، كان يقولُ بِرَجْعَةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كرَجْعَةِ عيسى في آخرِ الزَّمانِ، ثمَّ دَعا إلى عَلِيٍّ وأثار الفِتنَةَ على عُثمانَ، ثمَّ غَلا في عَلِيٍّ وأَظهرَ أنَّه الخليفةُ بعدَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالوِصايَةِ، ثمَّ قال: إنَّ في عَلِيٍّ جُزْءًا لاهوتِيًّا، وأنَّ هذا الجُزءَ يَتَناسَخ في الأئمَّةِ مِن بعدِ عَلِيٍّ، ثمَّ زعَم أنَّ عَلِيًّا أيضًا يَرْجِع، وأَفْشَلَ مع اتْباعِه المفاوضات بين عَلِيٍّ والصَّحابةِ في الجَملِ وصِفِّينَ، وتَسبَّبوا في نُشوبِ الحَربِ بينهم. يُقال: إنَّ عَلِيًّا نَفاهُ إلى المدائنِ. وذلك أنَّ عَلِيَّ بن أبي طالبٍ لمَّا بَلغَهُ أنَّ ابنَ السَّوداءِ يَنْتَقِصُ أبا بكرٍ وعُمَر دَعا به، ودَعا بالسَّيْفِ وهَمَّ بِقَتلِه، فشفَع فيه أُناسٌ، فقال: والله لا يُساكِنُني في بلدٍ أنا فيه، فسَيَّرَهُ إلى المدائنِ، وقِيلَ: حَرَقَهُ بالنَّارِ فيمَن حرَقَهُم, وقِيلَ: إنَّه اخْتَفى ولم يُعْلَمْ بِخاتِمَتِه.

العام الهجري : 1016 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1608
تفاصيل الحدث:

لما دخل عبدُ الله بن الشيخ المأمون السعدي مراكشَ واستولى عليها فعَلَ فيها أعظَمَ من فعلته الأولى بفاس، فهربت شرذمة من أهل مراكش إلى جبل جيليز واجتمع هنالك منهم عصابةٌ من أهل النجدة والحمية، واتفق رأيُهم على أن يُقَدِّموا للخلافة محمدَ بن عبد المؤمن ابن السلطان محمد الشيخ، وكان رجلًا خيِّرًا ديِّنًا صيِّنًا وقورًا, ومن أحفاد السلطان محمد الشيخ المهدي السعدي، فبايعه أهل مراكش هنالك والتفوا عليه، فخرج عبد الله بن الشيخ لقتال مَن بجبل جيليز والقبض على أميرهم ابن عبد المؤمن، ولما التقى الجمعان انهزم عبد الله وولى أصحابُه الأدبار فخرج من مراكش مهزومًا سادس شوال من هذه السنة، وترك محلَّتَه وعدتَه وجلَّ جيشه، وأخذ على طريق تامسنا، وامتُحِن أصحابُه في ذَهابِهم حتى كان مُدُّ القمح عندهم بثلاثين أوقية والخبزة من نصف رطل بربع مثقال، ولم يزل أصحابه ينتَهِبون ما مرُّوا عليه من الخيام والعمود ويَسْبُون البناتِ إلى أن وصلوا إلى فاس في الرابع والعشرين من شوال، وأما محمد بن عبد المؤمن فإنَّه لما دخل مراكش واستولى عليها صفَحَ عن الذين تخلَّفوا بها من أهل المغرب من جيش عبد الله بن الشيخ، وأعطاهم الراتب فلم يعجِبْ ذلك أهلَ مراكش ونقَموا عليه إبقاءه عليهم، وكانوا نحو الألف ونصف فكتبوا سرًّا إلى السلطان زيدان بالجبل فأتاهم وخيَّم نازلًا بظاهر البلد فخرج محمد بن عبد المؤمن إلى لقائِه فانهزم ابن عبد المؤمن ودخل السلطان زيدان مراكش واستولى عليها وصفح هو أيضًا عن الفئة المتخلِّفة عن عبد الله بن الشيخ!!

العام الهجري : 1017 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1609
تفاصيل الحدث:

كان محمد الشيخ المأمون بن أحمد المنصور الذهبي السعدي ما يزال على قُبحِ السيرة والإساءة إلى الخاصة والعامة، حتى ملَّتْه النفوسُ ورفضته القلوبُ وضاق أهلُ فاس بشؤمِه ذرعًا، وكان قد بعث ابنَه عبد الله مرةً ثالثة إلى حرب أخيه السلطان زيدان بمراكش وأعمالها، فخرج عبد الله من فاس آخِرَ ذي الحجة سنة 1016 فالتقى الجمعان بوادي بوركراك، فكانت الهزيمة على عبد الله وفرَّ في رهطٍ من أصحابه وترك محلَّتَه بما فيها بيَدِ السلطان زيدان، فاستولى عليها وانضَمَّ إليه جيش عبد الله من أهل فاس وغيرهم ميلًا إليه ورغبةً في صحبته، فعفا عنهم وتألَّفَهم، واستفحل أمرُ السلطان زيدان وتكلَّم به أهل فاس وسائِرُ بلاد الغرب، واتصل الخبر بالشيخ المأمون، وعرف أن قلوب الناس عليه فخاف الفضيحةَ وأصبح غاديًا في أهله وحشمه إلى ناحية العرائش مستصرخًا بالطاغية الإصبنيول في الأندلس على السلطان زيدان، وحمل معه أمه الخيزران وبعض عياله وجماعة من قواده وبطانته، وذلك في ذي القعدة سنة 1017، لكن الطاغيةَ لم يُمِدَّه بشيء, وانتهى مصطفى باشا قائد زيدان إلى القصر الكبير فقبض على من وجَدَ به من أصحاب الشيخ، وفر عبد الله وأبو فارس فنزلا بموضعٍ يقال له سطح بني وارتين، فبلغ خبرهما إلى السلطان زيدان، فجاء حتى نزل قبالتَهما بموضعٍ يقال له آرورات، ففَرَّ من كان معهما إلى السلطان زيدان، ولَمَّا بقِيا أوحشَ مِن وتِدٍ بقاعٍ، فرَّا إلى دار اليهودي ابن مشعل من بلاد بني يزناسن فأقاما بها.