الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2649 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 743 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 1342
تفاصيل الحدث:

لَمَّا خُلِعَ السلطانُ الناصِرُ تحصَّن بالكركِ، فرَسَم السلطانُ الصَّالِحُ إسماعيلُ بإحضار المجرَّدين إلى الكرك وعيَّنَ عِوَضَهم تجريدةً أخرى إلى الكرك، وهي التجريدةُ السابعة، فيها الأميرُ بيبرس الأحمدي، والأمير كوكاي، وعشرون أمير طبلخاناه، وستة عشر أمير عشرة، وكتب بخروج عسكرٍ أيضًا من دمشق ومعهم المنجنيق والزحَّافات، وأرسل أيضًا مع الأحمدي أربعةَ آلاف دينار لِمن عساه ينزِلُ إليه من قلعة الكركِ طائعًا، وجهَّزَ معه تشاريفَ كثيرةً، وعُيِّنَت لهم الإقاماتُ، وكان الوقتُ شِتاءً، فقاسَوا من الأمطار مشقاتٍ كثيرة، وأقاموا نحو شهرين، فاستعَدَّ لهم المَلِكُ الناصر، وجمع الرجالَ وأنفق فيهم مالًا كثيرًا، وفَرَّق فيهم الأسلحةَ المُرصَدة بقلعة الكرك، ورَكِبَ المنجنيق الذي بها، ووقَعَ بينهم القتالُ والحصارُ، واشتَدَّ الحصارُ على المَلِك الناصر بالكرك، وضاقت عليه هو ومن معه لقِلَّة القوت، وتخلَّى عنه أهل الكرك، وضَجِروا من طولِ الحصار، ووعَدوا الأمراءَ بالمساعدة عليه، فحُمِلَت إليهم الخِلَع ومبلغَ ثمانين ألف درهم، هذا وقد استهَلَّ السلطان في أول سنة 745 بتجريدةٍ ثامنة إلى الكرك، وعيَّنَ فيها الأمير منكلي بغا الفخري والأميرَ قماري والأمير طشتمر طلليه؛ ولم يجِد السلطانُ في بيت المال ما ينفِقُه عليهم، فأخذ مالًا من تجارِ العَجَم ومن بنت الأمير بكتمر الساقي على سبيل القَرضِ، وأنفق فيهم، وخرج المجرَّدون في يوم الثلاثاء حادي عشر المحرم سنة 745، وهؤلاء نجدة لمن توجَّه قبلهم خوفًا أن يمَلَّ مَن كان توجَّه من القتال، فيجِدَ النَّاصِرُ فرجًا بعَودِهم عنه، وقُطِعَت الميرة عن الملك الناصر، ونَفِدَت أموالُه من كثرة نفقاته، فوقع الطَّمَعُ فيه، وأخَذَ بالغ- وكان أجَلَّ ثقات الناصر- في العمل عليه، وكاتَبَ الأمراء ووعدهم بأنه يُسَلِّمَ إليهم الكرك، وسأل الأمانَ، فكُتِب إليه من السلطانِ أمانٌ، وقَدِمَ إلى القاهرة ومعه مسعودٌ وابن أبي الليث، وهما أعيانُ مشايخ الكرك، فأكرمهم السلطان وأنعم عليهم، وكتب لهم مناشيرَ بجميع ما طلبوه من الإقطاعاتِ والأراضي، وكان من جملة ما طلبه بالِغ وحده نحو أربعمائة وخمسين ألف درهم في السنة، وكذلك أصحابُه، ثم أعيدوا إلى الكركِ بعدما حلفوا، ثم ركب العسكر للحرب، وخرج الكركيون فلم يكن غيرُ ساعة حتى انهزموا منهم إلى داخِلِ المدينة، فدخل العسكر أفواجًا واستوطنوها، وجَدُّوا في قتال أهل القلعةِ عِدَّة أيام، والناسُ تَنزِلُ إليهم منها شيئًا بعد شيءٍ حتى لم يبقَ عند الملك الناصر أحمد بقلعةِ الكرك سوى عشرة أنفُس، فأقام يرمي بهم على العسكر وهو يجِدُّ في القتال ويرمي بنفسِه، وكان قويَّ الرميِ شُجاعًا، إلى أن جُرِحَ في ثلاثة مواضع، وتمكَّنَت النقابة من البرج وعَلَّقوه وأضرموا النار تحته، حتى وقع، وكان الأميرُ سنجر الجاولي قد بالغ أشَدَّ مبالغة في الحصار، وبذل فيه مالًا كثيرًا، ثم هجم العسكرُ على القلعة في يوم الاثنين الثاني والعشرين من صفر سنة 745 فوجدوا الناصِرَ قد خرج من موضِعٍ وعليه زردية، وقد تنكَّب قَوسَه وشَهَر سَيفَه، فوقفوا وسَلَّموا عليه، فردَّ عليهم وهو متجَهِّم، وفي وجهِه جرحٌ وكَتِفُه أيضًا يسيلُ دمًا، فتقَدَّم إليه الأمير أرقطاي والأمير قماري في آخرين، وأخذوه ومَضَوا به إلى دهليز الموضِعِ الذي كان به وأجلَسوه، وطَيَّبوا قلبه وهو ساكِتٌ لا يجيبهم، فقَيَّدوه ووكَلوا به جماعة، ورتَّبوا له طعامًا، فأقام يومَه وليلته، ومن باكِرِ الغد يُقَدَّمُ إليه الطعام فلا يتناوَلُ منه شيئًا إلى أن سألوه أن يأكُلَ، فأبى أن يأكُلَ حتى يأتوه بشابٍّ يقال له عثمان، كان يهواه، فأتوَه به فأكل عند ذلك، وخرج الأميرُ ابن بيبغا حارس طير بالبشارةِ إلى السلطانِ الملك الصالح، وعلى يَدِه كتب الأمراء، فقَدِمَ قلعة الجبل في يوم السبت ثامن عشرين صفر، فدُقَّت البشائِرُ سبعة أيام، وأخرج السلطانُ منجك اليوسفي الناصريَّ السلاح دار ليلًا من القاهرة لقَتلِ الملك الناصر أحمد من غير مشاورةِ الأمراء في ذلك، فوصل إلى الكرك وأُدخِلَ على الملك الناصر وأخرَجَ الشابَّ مِن عنده، ثم خنَقَه في ليلة رابع شهر ربيع الأول، وقَطَع رأسه، وسار من ليلته ولم يَعلَمِ الأمراءُ ولا العسكَرُ بشيء من ذلك، حتى أصبحوا وقد قطع منجك مسافة بعيدةً، وقدم منجك بعد ثلاثةِ أيام قلعة الجبل ليلًا، وقَدَّم الرأسَ بين يدي السلطان- وكان ضخمًا مهولًا له شعر طويل- فاقشعَرَّ السلطان عند رؤيته وبات مرجوفًا، وطلب الأمير قبلاي الحاجب، ورسم له أن يتوجَّهَ لحفظ الكرك إلى أن يأتيَه نائبٌ لها، وكتب السلطانُ بعود الأمراء والعساكر المجردين إلى الكرك، فكانت مُدَّةُ حصار الملك الناصر بالكرك سنتين وشَهرًا وثلاثةَ أيام.

العام الهجري : 13 العام الميلادي : 634
تفاصيل الحدث:

بعَث رُسْتُم جيشًا لِقِتالِ أبي عُبيدِ بن مَسعودٍ الثَّقفيِّ فالْتَقَى الطَّرفانِ في النَّمارِقِ بين الحِيرَةِ والقَادِسِيَّةِ، وكان على خَيلِ المسلمين المُثَنَّى بن حارِثةَ، فهزَم الفُرْسَ وهَربوا وساروا إلى كَسْكَر فلَحِقَهم  أبو عُبيدٍ  ثمَّ هزَمهم ثانيةً وفَرَّ الفُرْسُ إلى المدائنِ. وجمَع المسلمون الغَنائمَ مِن كَسْكَر، فرَأَوْا مِن الأَطعِمَة شيئًا عظيمًا، فاقْتَسموهُ وجعلوا يُطعِمونه الفلَّاحين، وبَعثوا بخُمُسِه إلى عُمرَ وكتبوا إليه: إنَّ الله أَطعمَنا مَطاعِم كانت الأكاسِرةُ يَحمونها، وأحببنا أن تَرَوْها، ولِتَذكروا إنعامَ الله وإفْضالَه.

العام الهجري : 212 العام الميلادي : 827
تفاصيل الحدث:

استولى على جزيرةِ صقليَّة فيمي الروميُّ الذي غلَبَ عامِلَ قُسطنطينَ عليها، وكان فيمي طلبَ مِن زيادةِ الله النَّجدةَ، فجهز زيادةُ الله جيشًا كبيرًا بإمرة أسَدِ بنِ الفُرات قاضي القيروان، الذي سار إليهم فانتصرَ المسلمون بالبداية، ثم جاءت نجداتُ الروم إلى نصارى صقلية وانقلبَ فيمي اللعينُ على المسلمينَ، ومات أسدُ بنُ الفرات، فلم يتوغَّلوا داخِلَ الجزيرةِ، لكِنَّ النجدة جاءت من القيروان كما وصلَت سفُنٌ مِن الأندلس ساعدت المسلمينَ، فحاصر المسلمونَ بلرم عام 215هـ وفتحوها في العام التالي.

العام الهجري : 252 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 866
تفاصيل الحدث:

هو إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب الحسني من بيتٍ خرج منهم جماعةٌ على الخلفاء بالحجاز والعراق والمغرب، عرف بالسَّفَّاك، خرج إسماعيل سنة إحدى وخمسين ومائتين في زمن المستعين بالله بالحجاز وهو شاب له عشرون سنة، وتبعه خلقٌ كثير من المتشيِّعة والديلم, فعاث في الحرمين وقتل من الحُجَّاج بعرفة وسلَبَ ونهب، ولقِيَ النَّاسُ منه عنَتًا إلى أن هلك هو وأصحابُه بالطاعون في السنة التالية من خروجِه.

العام الهجري : 487 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1094
تفاصيل الحدث:

يومَ الجُمعةِ رابع عشر المُحرَّم، خُطِبَ ببغداد للسُّلطانِ بركيارق بن ملكشاه، وكان قَدِمَها أَواخِرَ سَنَةِ سِتٍّ وثَمانين وأربعمائة، وأَرسلَ إلى الخَليفةِ المُقتدِي بأَمرِ الله يَطلُب الخُطبةَ، فأُجِيبَ إلى ذلك، وخَطَبَ له، ولُقِّبَ رُكنَ الدِّين، وحَملَ الوَزيرُ عَميدُ الدَّولةِ بن جَهيرٍ الخِلَعَ إلى بركيارق، فلَبِسَها، وعُرِضَ التَّقليدُ على الخَليفةِ لِيُعَلِّمَ عليه، فعَلَّمَ فيه، وتُوفِّي فَجأَةً، ووُلِّيَ ابنُه الإمامُ المُستَظهِر بالله الخِلافةَ، فأَرسلَ الخِلَعَ والتَّقليدَ إلى السُّلطانِ بركيارق، فأَقامَ ببغداد إلى رَبيعٍ الأَوَّل مِن السَّنَةِ، وسار عنها إلى المَوصِل.

العام الهجري : 773 العام الميلادي : 1371
تفاصيل الحدث:

هو المهديُّ لدينِ الله علي بن محمد بن علي بن منصور من سلالة الناصر بن الهادي إلى الحَقِّ من أئمة الزيدية في اليمن، ولِدَ في هجرة من قرى إلهان, وبويع بالإمامة بعد وفاة المؤيَّدِ بالله يحيى بن حمزة، افتَتَح صنعاء واستولى على صَعدة وذمار، وقاتل الباطنيَّةَ وخَرَّبَ قُراهم وأمَّن الطُّرُقات وأزال سَبعَ عَشرة إمارةً مستقِلَّةً، وكان فقيهًا مجتهدًا، وله تصانيفُ ومختصرات ورسائل. أُصيبَ بالفالج أو بعِلَّة في دماغه, وتوفِّيَ بذمار ونُقِلَ إلى صعدة، فتولى ابنه محمد الناصر شؤونَ الإمامة.

العام الهجري : 1244 العام الميلادي : 1828
تفاصيل الحدث:

كانت رأسُ الخيمة قد أعلنت ولاءَها للدولة السعودية الأولى، ولجأ إليها عددٌ من الذين فرُّوا من الدرعية بعد استسلامِ الإمام عبد الله بن سعود، وجَدَّد أهلُ رأس الخيمة ولاءَهم لتركي بن عبد الله، حيث قَدِمَ إليه وفد منهم يطالبون بقاضٍ ومعلم وسَرِيَّةً، فأرسل معهم سَرِيةً بقيادة عمر بن عفيصان لحمايتِهم من خصومِهم، ومعه قاضٍ هو الشيخ محمد بن عبد العزيز العوسجي قاضي بلدان المحمل زمنَ الإمام سعود، وأصبحت واحةُ البريمي مركزًا للقوة السعودية في تلك الجهاتِ.

العام الهجري : 1293 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1876
تفاصيل الحدث:

لم يلبَث السلطانُ مراد الخامس بن عبد المجيد إلَّا ثلاثة وتسعين يومًا في الخلافةِ حتى قيل إنَّ جنونَ السلطانِ ظهر للناس بشكلٍ واضحٍ، فكان لا بدَّ من خلعِه، وأعلن ذلك من قِبَل شيخِ الإسلامِ عام 1876م وكان نص الفتوى: "إذا جُنَّ إمامُ المسلمين جنونًا مُطبِقًا ففات المقصودُ من الإمامةِ، فهل يصِحُّ حلُّ الإمامة من عهدته؟ الجواب: يصِحُّ، والله أعلم. كتبه الفقير حسن خير الله أفندي، فتم عزلُه في العاشر من هذا الشهر وتم تولية أخيه عبد الحميد الثاني.

العام الهجري : 1380 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1961
تفاصيل الحدث:

اتَّسَعت أعمالُ إدارة المعارف بعد وفاة الملك عبد العزيز فجُعِلت وزارةً كسائر وزارات الدولة، وتولاها الأميرُ فهد بن عبد العزيز، وفي عهده أُنشِئَت جامعة الرياض، ثم تولى الوَزارةَ الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، ثم تولاها أخوه حسن بن عبد الله آل الشيخ الذي توسَّع نطاقُ جامِعة الرياض في عَهدِه، فشَمِلَت كليَّات العلوم والصيدلة والآداب والتجارة والزراعة، ثم الهندسة، وأُنشِئَت جامعة الملك عبد العزيز الأهلية في جُدة، والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.

العام الهجري : 1432 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 2011
تفاصيل الحدث:

بعد حشدِ أنصارِ الرئيسِ علي عبد الله صالح في جمعةٍ أسمَوها «جمعةَ الأمن والأمان»، تعرَّض الرئيسُ اليمنيُّ علي عبد الله صالح لمُحاولةِ اغتيالٍ، أُصيب من جرَّائها بحروقٍ بليغةٍ، وقد تمَّت مُحاولةُ اغتيالِه في مسجد دار الرِّئاسة. واتَّهم الإعلامُ اليمنيُّ أنصارَ الشيخِ صادقٍ الأحمر شيخ قبيلة حاشد بارتكابِ هذا التفجيرِ، بينما نفى مديرُ مكتبهِ أيَّ صلةٍ لهم بالهجومِ، وفي فجرِ يوم الأحد (5) يوليو أعلن الدِّيوانُ الملكيُّ السُّعوديُّ وُصولَ الرئيسِ اليمنيِّ للأراضي السُّعودية لتلقِّي العلاجِ.

العام الهجري : 616 الشهر القمري : شعبان العام الميلادي : 1219
تفاصيل الحدث:

تعتبر هذه الهجمة هي الحملة الصليبية الخامسة على المسلمين؛ حيث اجتمع رأي الفرنج على الرحيل من عكا إلى مصر، والاجتهاد في تملُّكِها، فأقلعوا في البحر، وأرسَوا على دمياط، في يوم الثلاثاء رابع شهر ربيع الأول سنة 515 على بر جيزة دمياط، وصار الفرنجُ في غربي النيل، فأحاطوا على معسكَرِهم خندقًا، وبنوا بدائره سورًا، وأخذوا في محاربة أهل دمياط، وعملوا آلات ومرمات، وأبراجًا متحركة يزحفون بها في المراكب إلى برج السلسلة ليملكوه، حتى يتمكَّنوا من البلد، والملك العادل يجهِّز عساكر الشام شيئًا بعد شيء إلى دمياط، حتى صار عند الكامل من المقاتلة ما لا يكاد ينحصر عددُه، هذا والعادل بمرج الصفر، فبينا هو في الاهتمام بأمر الفرنج، إذ ورد عليه الخبر بأخذ الفرنج برج السلسلة بدمياط، فمَرِضَ من ساعته، فرحل من المرج إلى عالقين، وقد اشتد مرضه، فمات في سابع جمادى الآخرة يوم الخميس من هذه السنة، وكان الكاملُ قد بعث إلى الآفاق سبعين رسولًا، يستنجد أهل الإسلام على قتال الفرنج، فقَدِمَت النجدات من حماة وحلب، إلا أنه لما قدم على المعسكر موت العادل وقع الطمعُ في الملك الكامل، وثار العربُ بنواحي أرض مصر، وكثر خلافهم واشتد ضَرَرُهم، وصار من الخلاف ما حرض الفرنجَ على التحرك، فضعفت نفوس الناس لأنَّه السلطان حقيقة، وأولاده وإن كانوا ملوكًا إلا أنه يحكُمُهم، والأمر إليه، وهو ملك البلاد، فاتفق موته والحالُ هكذا من مقاتلة العدو، وكان من جملة الأمراء بمصر أميرٌ يقال له عماد الدين أحمد بن علي، ويعرف بابن المشطوب، وهو من الأكراد الهكارية، وهو أكبر أميرِ بمصر، وله لفيف كثير، وجميع الأمراء أرادوا أن يخلعوا الملكَ الكامل من المُلك ويملكوا أخاه الملك الفائز بن العادل ليصيرَ الحكم إليهم عليه وعلى البلاد، فبلغ الخبر إلى الكامل، ففارق المنزلة التي كان فيها ليلًا جريدة، وسار إلى قرية يقال لها أشموم طناح، فنزل عندها، وأصبح العسكَرُ وقد فقدوا سلطانهم، فركب كل إنسان منهم هواه، ولم يقف الأخ على أخيه، ولم يقدروا على أخذِ شَيءٍ من خيامهم وذخائرهم وأموالهم وأسلحتهم إلَّا اليسير الذي يخِفُّ حمله، وتركوا الباقيَ بحاله من ميرة، وسلاح، ودواب، وخيام وغير ذلك، ولحقوا بالكامِلِ، وأما الفرنج فإنهم أصبحوا من الغد، فلم يروا من المسلمين أحدًا على شاطئِ النيل كجاري عادتهم، فبقوا لا يدرون ما الخبر، حتى أتاهم من أخبرهم الخبر على حقيقته، فعبروا النيل إلى بر دمياط آمنين بغير منازعٍ ولا ممانع، فغَنِموا ما في معسكر المسلمين، فكان عظيمًا يُعجِز العادِّين. وكاد الملك الكامل يفارق الديار المصرية؛ لأنه لم يثق بأحد من عسكره، فاتفق من لطف الله تعالى بالمسلمين أن الملك المعظم عيسى وصل إلى أخيه الكامل بعد الهزيمة بيومين، والناسُ في أمر مريج، فقَوِيَ به قلبه، واشتد ظهرُه، وثبت جنانه، وأقام بمنزلته، وأخرجوا ابن المشطوب إلى الشام، فاتصل بالملك الأشرف وصار من جندِه، قال ابن خلكان: "فلما عبر الفرنج إلى أرض دمياط اجتمعت العربُ على اختلاف قبائلها، ونهبوا البلاد المجاورة لدمياط، وقطعوا الطريق، وأفسدوا، وبالغوا في الإفسادِ، فكانوا أشدَّ على المسلمين من الفرنج، وكان أضرَّ شيءٍ على أهل دمياط أنَّها لم يكن بها من العسكر أحدٌ؛ لأن السلطان ومن معه من العساكر كانوا عندها يمنعون العدُوَّ عنها، فأتتهم هذه الحركة بغتة، فلم يدخلها أحدٌ من العسكر، وكان ذلك من فِعلِ ابن المشطوب؛ لا جَرَم لم يمهِلْه الله، وأخذه أخذةً رابيةً"، أحاط الفرنج بدمياط، وقاتلوها برًّا وبحرًا، وعملوا عليهم خندقًا يمنعهم من يريدهم من المسلمين، وهذه كانت عادتهم، وأداموا القتال. اشتد قتالُ الفرنج، وعَظُمَت نكايتهم لأهل دمياط، كان فيها نحو العشرين ألف مقاتل، فنهكتهم الأمراضُ، وغلت عندهم الأسعار، وامتلأت الطرقاتُ من الأموات، وعدمت الأقوات، وسئموا القتالَ وملازمته؛ لأن الفرنج كانوا يتناوبون القتال عليهم لكثرتِهم، وليس بدمياط من الكثرة ما يجعلون القتالَ بينهم مناوبة، ومع هذا فقد صبروا صبرًا لم يُسمَع بمِثلِه، وكثر القتل فيهم والجراح والموت والأمراض، ودام الحصارُ عليهم إلى السابع والعشرين من شعبان سنة 616، فعجز من بقي من أهلها عن الحفظ لقلَّتِهم، وتعذر القوت عندهم، فسَلَّموا البلد إلى الفرنج في هذا التاريخ، بالأمان، فخرج منهم قوم وأقام آخرون لعجزهم عن الحركة. وعندما أخذ الفرنج دمياط وضعوا السيَف في الناس، فلم يُعرَف عدد من قتل لكثرتهم، ورحل السلطانُ بعد ذلك بيومين، ونزل قبالة طلخا، على رأس بحر أكوم ورأس بحر دمياط، وخيَّم بالمنزلة التي عرفت بالمنصورة وحَصَّن الفرنج أسوار دمياط، وجعلوا جامِعَها كنيسةً.

العام الهجري : 36 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 656
تفاصيل الحدث:

بعدَ وَقعةِ الزَّابوقةِ بين الزُّبيرِ وطَلحةَ مع مَن أَرسَلهم عُثمانُ بن حَنيفٍ مِن أهلِ البَصرَةِ بقِيادةِ حَكيمِ بن جَبلةَ سار عَلِيٌّ مِن المدينةِ، وبعَث ابنَه الحسنَ، وعمَّارَ بن ياسرٍ إلى الكوفةِ بين يَديهِ يَسْتَنْفِران النَّاسَ، فخرَج مِن الكوفةِ سِتَّة آلافٍ، قَدِموا على عَلِيٍّ بذي قار، فسار في نحوِ عشرةِ آلافٍ، ثمَّ إنَّه وصَل إلى البَصرَةِ، فالتَقى هو وجيشُ طَلحةَ والزُّبيرِ، فاصْطَفَّ الفَريقان وليس لِطَلحةَ ولا لِعَلِيٍّ رأسي الفَريقين قَصْدٌ في القِتالِ؛ بل لِيَتكَلَّموا في اجْتِماعِ الكَلِمَةِ، أرسَل عَلِيٌّ المقدادَ بن الأسودِ والقَعقاعَ بن عُمَر لِيَتكلَّما مع طَلحةَ والزُّبيرِ، واتَّفقوا على عدمِ القِتالِ، فطَلحةُ والزُّبيرُ ومعهما عائشةُ أُمُّ المؤمنين يَرون أنَّه لا يَجوزُ تَرْكُ قَتَلَةِ عُثمانَ، وكان عَلِيٌّ يَرى أنَّه ليس مِن المَصلحةِ تَتَبُّعُ قَتَلَةِ عُثمانَ الآنَ؛ بل حتَّى تَسْتَتِبَّ الأمورُ، فقَتْلُ قَتَلَةِ عُثمانَ مُتَّفَقٌ عليه مِن الطَّرفين، والاخْتِلافُ إنَّما هو في متى يكونُ تَنفيذُهُ، وبعدَ الاتِّفاقِ نام الجَيشان بخيرِ ليلةٍ، وبات قَتَلَةُ عُثمانَ بِشَرِّ ليلةٍ حتَّى قَرَّروا أن يُنْشِبوا القِتالَ بين الفَريقين, فحمَل القَتَلَةُ على عَسكرِ طَلحةَ والزُّبيرِ، فظَنَّ طَلحةُ والزُّبيرُ أنَّ عَلِيًّا حمَل عليهم، فحمَلوا دَفْعًا عن أَنفُسِهم، فظَنَّ عَلِيٌّ أنَّهم حمَلوا عليه، فحمَل دَفْعًا عن نَفْسِه، فوَقَعت الفِتنةُ بغيرِ اخْتِيارِهم، وحاوَل قادةُ الجَيشين وَقْفَ القِتالِ لكن لم يُفْلِحوا، فكان طَلحةُ يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ أَنْصِتوا. وهُم لا يُنْصِتون، فقال: أُفٍّ أُفٍّ فَراشُ نارٍ, وذِبَّانُ طَمَعٍ. وعَلِيٌّ يُحاوِل يَمنعُهم ولا يَردُّون عليه, وعائشةُ راكِبةٌ جَمَلَها: لا قاتَلَت، ولا أَمَرَت بالقِتالِ, وقد أَرسَلت كعبَ بن سُورٍ بمُصحفٍ مَنْشُورٍ بيَدِه يُناشِدُ النَّاسَ أن لا يُرِيقوا دِماءَهُم، فأصابُه سَهْمُ غَرْبٍ فقَتَلهُ، فتَرامى أَوْباشُ الطَّائِفَتين بالنَّبْلِ، وشبَّت نارُ الحربِ، وثارت النُّفوسُ، فالْتَحَموا واشْتَدَّ القِتالُ أمامَ الجَملِ الذي عليه عائشةُ رضِي الله عنها حتَّى عُقِرَ الجَملُ، وقُتِلَ طَلحةُ والزُّبيرُ، وحُمِلَتْ عائشةُ بِهَوْدَجِها إلى دارِ عبدِ الله بن خَلَفٍ، ثمَّ سَيَّرَها عَلِيٌّ إلى مكَّةَ في صُحبَةٍ مِن النِّساءِ، ثمَّ وَلَّي على البَصرَةِ عبدَ الله بن عبَّاسٍ بعدَ أيَّامٍ مِن وَقعةِ الجَملِ. وكان سببَها الأصليَّ هو المطالبةُ بقَتلِ قَتَلَةِ عُثمانَ، وإقامةِ الحَدِّ عليهم، ولم يكُن القِتالُ أصلًا في بالِ أحدٍ مِن الفَريقين، ولكن قَدَّرَ الله وما شاء فَعَلَ، ومَعلومٌ أنَّ طَلحةَ والزُّبيرَ وعَلِيًّا ممَّن شهِد لهم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالجنَّةِ، فرضِي الله عنهم جميعًا وأَرضاهُم.

العام الهجري : 566 الشهر القمري : ربيع الآخر العام الميلادي : 1171
تفاصيل الحدث:

هو الخليفةُ، المستنجد بالله، أبو المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله محمد بن المستظهر بن المقتدي العباسي. أمُّه كرجية اسمُها طاووس. عقد له أبوه بولاية العهد في سنة سبع وأربعين، وعمره يومئذ تسع وعشرون سنة. فلما احتُضِر المقتفي، رام طائفة عزل المستنجد، وبعثت حَظِيَّة المقتفي أم علي إلى الأمراء تعدهم وتمنيهم؛ ليبايعوا ابنَها علي بن المقتفي. قالوا: كيف هذا مع وجود ولي العهدِ يوسف؟ فقالت أنا أكفيكموه، فدبرت مؤامرة للتخلص من يوسف الذي اكتشف الأمر فاعتقلها وابنها علي، وثَبَت الأمرُ له، وتلقب بالمستنجد بالله. كان يقولُ الشعر، ونقش على خاتمه: من أحَبَّ نفسه عَمِلَ لها. كانت خلافته إحدى عشرة سنة وشهرًا وستة أيام، وصُلِّي عليه يوم الأحد قبل الظهر، ودُفن بدار الخلافة، ثمَّ نُقِل إلى التربة من الرصافة، وكان سببُ موته أنه مرض واشتد مرضه، وكان قد خافه أستاذ الدار عضد الدين أبو الفرج بن رئيس الرؤساء، وقطب الدين قايماز المقتفوي، وهو حينئذ أكبَرُ أمير ببغداد، فلما اشتد مرض الخليفة اتفقا، ووضعا الطبيبَ على أن يصِفَ له ما يؤذيه، فوصف له دخولَ الحمام، فامتنع لضَعفِه، ثم إنه دخل وأغلق الباب عليه فمات، وقيل إنَّ الخليفة كتب إلى وزيره مع طبيبه ابن صفية يأمُرُه بالقبض على أستاذ الدار وقطب الدين وصَلْبِهما، فاجتمع ابن صفية بأستاذ الدار، وأعطاه خط الخليفة، فقال له: تعود وتقول إنني أوصلت الخطَّ إلى الوزير، ففعل ذلك، وأحضر أستاذ الدار قطب الدين ويزدن وأخاه تنامش، وعرض الخط عليهم، فاتفقوا على قتل الخليفة، فدخل إليه يزدن وقايماز الحميدي، فحملاه إلى الحمام وهو يستغيث وألقياه، وأغلقا الباب عليه وهو يصيح إلى أن مات، ثم بعد وفاة المستنجد، أحضرَ هو وقطب الدين ابنه أبا محمد الحسن، وبايعاه بالخلافة، ولقباه المستضيء بأمر الله، وشرطا عليه شروطًا: أن يكون عضدُ الدين وزيرًا، وابنُه كمال الدين أستاذ الدار، وقطب الدين أمير العسكر، فأجابهم إلى ذلك، ولم يتول الخلافة من اسمُه الحسنُ إلَّا الحسن بن علي بن أبي طالب، والمستضيء بأمر الله، فبايعه أهلُ بيته البيعةَ الخاصة يوم توفي أبوه، وبايعه الناسُ في الغد في التاج بيعةً عامة، ويُذكَرُ أن الخليفة المستنجد بالله كان من أحسن الخلفاء سيرةً مع الرعية، عادلًا فيهم، كثير الرفق بهم، وأطلق كثيرًا من المكوس، ولم يترك بالعراق منها شيئًا، وكان شديدًا على أهل العيثِ والفسادِ والسعاية بالناس.

العام الهجري : 123 العام الميلادي : 740
تفاصيل الحدث:

بعدَ أن تَفَشَّت الخَوارِج في المَغرِب وهُم الصُّفْرِيَّة وَلَّوْا عليهم مَيسرَة المدغري المعروف بِمَيسرَة الحَقير، فأَعلَن الثَّورَةَ على عُبيدِالله بن الحَبْحاب فاستولى على طَنجَة وقَتَل عامِلَها عُمَرَ بن عبدِ الله المُرادي ووَلَّى عبدَ الأعلى الرُّومي، فتَوَجَّه الأَخيرُ إلى السُّوس لِقِتال إسماعيل بن عُبيدِ الله بن الحَبْحاب، وكان أَبُوه وَلَّاه على السُّوس، وقُتِلَ في المعركة عبدُ الأعلى فسَيَّرَ مَيسرَة لِقِتالِ إسماعيل على رَأسِ جَيشٍ مِن البَرْبَر فقاتَلوا وقَتَلوا إسماعيل، فوَجَّه عُبيدُ الله بن الحَبْحاب جَيشًا بِقِيادَة خالد بن أبي عُبيدَة الفِهري لِقِتالِ مَيسرَة فتَحاجَز الفَريقان وعاد مَيسرَةُ إلى طَنجَة فنَقِمَ عليه البَرْبَرُ وقَتَلوه ووَلَّوْا عليهم خالدَ بن حُميد الزَّناتي فالْتَقى جَيشُ البَرْبَر مع جَيشِ خالد الفِهري بالقُربِ مِن طَنجَة فكانت مَعركةً ضارِيةً شَديدةً كانت نَتيجَتُها هَزيمةَ جَيشِ خالد الفِهري وقَتْلَ الكَثيرِ منهم، وسُمِّيَت وَقعةَ الأَشراف لِكَثَرةِ الأشراف في جَيشِ خالد الفِهري والذين قُتِلَ الكَثيرُ منهم.

العام الهجري : 231 العام الميلادي : 845
تفاصيل الحدث:

لم تَزَل هذه الفتنةُ ساريةً مِن أيام المأمونِ إلى أيَّامِ المُعتَصِم ثمَّ إلى أيام الواثق، فبَقِيَ على نفسِ مِنوالِ صاحِبَيه السابقَينِ، يمتَحِنُ العلماء بمسألة خَلْقِ القرآنِ ومسألةِ رؤية الله تعالى يومَ القيامة، وسُجِنَ مَن سُجِن وقُتِل من قُتل بسبب هذا، حتى ورد كتابُ الخليفةِ هارون الواثقُ إلى الأعمالِ بامتحانِ العُلَماءِ بخلقِ القُرآنِ، وكان قد منع أبوه المعتَصِمُ ذلك، فامتحَنَ الناسَ ثانيًا بخَلْقِ القرآن. ودام هذا البلاءُ بالنَّاسِ إلى أن مات الواثِقُ وبُويع المتوكِّلُ جَعفرٌ بالخلافة، في سنة اثنتينِ وثلاثين ومائتين، فرفع المتوكِّلُ المِحنةَ ونشَرَ السُّنَّةَ، بل إنَّ الأمرَ استفحَلَ بالواثِقِ أكثَرَ مِن ذلك؛ فإنَّه أمَرَ أيضًا بامتحانِ الأُسارى الذين وَفِدوا من أَسْرِ الفِرنجِ بالقَولِ بخَلقِ القُرآنِ وأنَّ اللهَ لا يُرى في الآخرةِ، فمن أجاب إلى القَولِ بخَلقِ القُرآنِ وأنَّ الله لا يرى في الآخرةِ فُودِيَ، وإلَّا تُرِكَ في أيدي الكُفَّار، وهذه بدعةٌ صَلعاءُ شَنعاءُ، عَمْياءُ صَمَّاءُ، لا مُستنَدَ لها مِن كِتابٍ ولا سُنَّةٍ ولا عقلٍ صَحيحٍ، بل الكتابُ والسُّنَّة والعَقلُ الصَّحيحُ بخِلافِها.