الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 1781 ). زمن البحث بالثانية ( 0.01 )

العام الهجري : 290 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 903
تفاصيل الحدث:

هو أبو عبدِ الرَّحمنِ عبدُ الله بنُ أحمدَ بنِ محمد بن حنبل الشيباني البغدادي، الحافظ، مِن أهل بغداد، والده هو الإمامُ أحمد بن حنبل، ولد سنة 213 وأمُّه اسمها ريحانة، تزوجَّها الإمام أحمد بعد وفاةِ زوجته الأولى عبَّاسة أم ابنِه صالحٍ، وأنجبت له ريحانةُ ابنَه عبد الله. تعلَّمَ على يدِ أبيه فسَمِعَ منه المُسنَد، فكان مُكثِرًا في الروايةِ عن أبيه وعن غيره, وكان إمامًا ثِقةً حافِظًا ثَبتًا، قال ابن المنادي: لم يكُنْ أحدٌ أروى عن أبيه منه، روى عنه المسندَ ثلاثينَ ألفًا، والتفسير مائة ألفِ حديث وعشرون ألفًا، من ذلك سماعٌ، ومن ذلك إجازة، ومن ذلك الناسِخُ والمنسوخ، والمقَدَّم والمؤخَّر، والمناسِك الكبير والصغير، وغير ذلك من التصانيف، وحديث الشيوخِ، وقال- أي ابن المنادي: وما زِلْنا نرى أكابِرَ شيوخِنا يشهدون له بمعرفةِ الرِّجالِ وعِلَل الحديث، والأسماءِ والكُنى، والمواظبة على طلَبِ الحديث في العراق وغيرها، ويذكُرونَ مِن أسلافهم الإقرارَ له بذلك، حتى إنَّ بعضَهم أسرفَ في تقريظه له بالمعرفة وزيادةِ السَّماعِ للحديث عن أبيه"، ولَمَّا مَرِضَ قيل له أين تُدفَنُ ؟ فقال: صحَّ عندي أنَّ بالقطعيَّة نبيًّا مدفونًا، ولَأن أكونَ بجوارِ نبيٍّ أحَبُّ إليَّ مِن أن أكونَ في جوار أبي، مات عن سبع وسبعين سنة، كما مات لها أبوه، واجتمع في جنازته خلقٌ كثيرٌ من الناس، وصلَّى عليه زهير ابن أخيه، ودُفِنَ في مقابِرِ باب التين- رحمَه الله تعالى.

العام الهجري : 338 العام الميلادي : 949
تفاصيل الحدث:

هو الخليفة أبو القاسمِ عبد الله المستكفي بالله بن المكتفي علي بن المعتضد العباسي. كان رَبْعَ القامةِ مليحًا، معتدِلَ البَدَن، أبيضَ بحُمرةٍ، خفيفَ العارضين. وأمُّه أمُّ ولد. بويع وقتَ خَلعِ المتقي لله عام 333. وله يومئذٍ إحدى وأربعون سنة، ولقب بالمستكفي بالله. قام ببيعته أميرُ الأمراء توزون، ولَمَّا أقبل أبو الحسن أحمدُ بنُ بويه على العراق استولى على الأهوازِ والبصرة وواسط، ثم بغداد, وفَرَّ منها أميرُ الأمراء في حينها ابن شيرزاد, وتولَّى ابن بويه منصِبَ أميرِ الأمراء, ولقَّبَه المستكفي بمعز الدولة، وأصبحَ المُعِزُّ الآمِرَ الناهيَ في بغداد، وبلغ الحالُ بضعف الخليفة أن قرَّرَ له مُعِزُّ الدولة في الشهر مائة وخمسون ألف درهم فقط, وفي عام 334 دخل على الخليفةِ المستكفي اثنان من الديلم، فطلبا منه الرزقَ، فمَدَّ يدَه للتقبيلِ، فجَبَذاه من سريرِ الخِلافةِ، وجَرَّاه بعمامته، ونُهِبَت داره، وساقاه ماشيًا إلى منزل معزِّ الدولة، الذي خَلع المستكفيَ وسملَ عينيه بمِكحلٍ محميٍّ. ثم بايع للفَضلِ بن المقتدر، ولَقَّبَه بالمطيع لله، واستقَلَّ بملك العراق معزُّ الدولة. وضعُفَ أمرُ الخلافةِ جِدًّا، وظهر الرَّفضُ والاعتزال ببني بُوَيه. فكانت خلافةُ المستكفي ستة عشر شهرًا، ثم عاش بعد العزلِ والكَحلِ ذليلًا مقهورًا مسجونًا أربعةَ أعوام إلى أن مات وله سِتٌّ وأربعون سنةً.

العام الهجري : 515 العام الميلادي : 1121
تفاصيل الحدث:

في هذه السنة، وقيل سنة 514، كانت فتنة بين عسكر أمير المسلمين علي بن يوسف، وبين أهل قرطبة. وسببها: أن أمير المسلمين استعمل عليها أبا بكر يحيى بن رواد، فلما كان يوم الأضحى خرج الناس متفرجين، فمدَّ عبد من عبيد أبي بكر يدَه إلى امرأة فأمسكها، فاستغاثت بالمسلمين، فأغاثوها، فوقع بين العبيد وأهل البلد فتنة عظيمة، ودامت جميع النهار، والحرب بينهم قائمة على ساق، فأدركهم الليل، فتفرَّقوا، فوصل الخبر إلى الأمير أبي بكر، فاجتمع إليه الفقهاء والأعيان، فقالوا: المصلحة أن تقتل واحدًا من العبيد الذين أثاروا الفتنة، فأنكر ذلك وغضب منه، وأصبح من الغد، وأظهر السلاح والعُدَد يريد قتال أهل البلد، فركب الفقهاء والأعيان والشبان من أهل البلد، وقاتلوه فهزموه، وتحصَّن بالقصر، فحصروه، وتسلقوا إليه، فهرب منهم بعد مشقة وتعب، فنهبوا القصرَ، وأحرقوا جميع دُور المرابطين، ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم من البلد على أقبحِ صورة. واتصل الخبر بأمير المسلمين فكَرِه ذلك واستعظمه، وجمع العساكر من صنهاجة، وزناتة، والبربر، وغيرهم؛ فاجتمع له منهم جمع عظيم، فعبر إليهم، وحصر مدينة قرطبة، فقاتله أهلها قتال من يريد أن يحمي دمه وحريمه وماله، فلما رأى أمير المسلمين شدة قتالهم دخل السفراءُ بينهم، وسَعَوا في الصلح فأجابهم إلى ذلك على أن يغرم أهل قرطبة المرابطين ما نهَبوه من أموالهم، واستقرت القاعدة على ذلك، وعاد عن قتالهم.

العام الهجري : 636 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1238
تفاصيل الحدث:

بلنسية مدينة شهيرة بالأندلس، تقع شرقيَّ مدينتي تدمير، وقرطبة، وتتَّصِلُ بزمام إقليم مدينة تدمير. وفي بلنسية تأسَّست مملكة إسلامية عام 401 (1010م) على يدِ اثنين من موالي المنصور بن عامر ووقعت بلنسية في القرون التالية تحت سيطرة حكام ملوك الطوائف. ثمَّ المرابطين، ثم الموحدين، إلى أن سقطت في أيدي الفرنجة سنة 636 (1238م) بعد سقوط قرطبة. وفي يوم الجمعة 27 صفر سنة 636 (9 أكتوبر 1238م) دخل خايمي ملك أراجون بلنسية ومعه زوجته وأكابر الأحبار والأشراف والفرسان، بعد أن قام بحصارِ مدينة بلنسية التي تعتبر كبرى قواعد شرقي الأندلس، فاستولى عليها الإفرنج الأسبان بعد هذا الحصارِ، وكان أميرُها أبو جميل زيان بن سعد بن مردنيش يرسِلُ إلى أبي زكريا يحيى الحفصي صاحبِ تونسَ وفدًا برئاسة كاتبه عبد الله بن الأبار القضاعي يستنجِدُه ويطلُبُ عَونَه، فلم تغن هذه الاستغاثة شيئًا، ويذكر أن البابا غريغوار التاسع قد أسبغ على هذا الاستيلاء صفةَ الحرب الصليبية، ورفع علم أراجون على المدينة المنكوبة، وحُوِّلت المساجد إلى كنائس، وطُمِسَت قبور المسلمين، وقضى المَلِك عدةَ أيام يقسم دور المدينة وأموالها بين رجاله وقادته ورجال الكنيسة, وهكذا سقطت بلنسية في أيدي نصارى الأسبان بعد أن حكَمَها المسلمون أكثر من 5 قرون.

العام الهجري : 841 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 1437
تفاصيل الحدث:

قدم الخبرُ بأن ملك البرتغال صاحب مدينة شلب من الأندلس سار يريد مدينة طنجة، فنزل على سبتة في المحرم، ومضى منها وهى بيده في البر والبحر، ومعه فيما يقال ثمانية عشر ألف رامٍ، وستة آلاف فارس، حتى نزل على طنجة فحصرها مدة شهر إلى أن أتته جموع المسلمين من فاس ومكناسة وأصيلا في شهر ربيع الآخر، فكانت بينهم وبين البرتغال من النصارى حروب عظيمة، نصر الله فيها المسلمين، وقُتِل نحو الثلثين من النصارى، والتجأ باقيهم إلى محلتهم، فضايقهم المسلمون حتى طلبوا الأمان على أن يسلِّموا للمسلمين مدينة سبتة، ويُفرجوا عن سبعمائة أسير من المسلمين، ويدفعوا ما بأيديهم من آلات الحرب للمسلمين، فأمَّنوهم، وبعثوا برهائنهم على ذلك، فصار المسلمون يأخذون النصارى ويوصلونهم إلى أسطولهم بالبحر، فحسد أحمد اللحيانى القائم بتدبير مكناسة الأزرق، وهو أبو زكريا حي بن زيان بن عمر الوطاسي القائم بتدبير مدينة فاس، وقَتَل عدة من النصارى، ورحل، فحنق النصارى من ذلك، وحطموا على المسلمين حطمةً قُتِلَ فيها جماعة، وخلصوا إلى أسطولهم، وبقي ابن ملكهم في يد المسلمين، فلما وصلوا إلى بلادهم، لم يرضَ أكابرهم بتسليم سبتة للمسلمين، وبعثوا في فداء ابن الملك بمال، فلم يقع بينهم وبين الرسول اتفاق، وسجنوه مع ابن الملك المرتهن عند صالح بن صالح بن حمو، بطنجة، فيقول المكثر: إن الذى قُتِلَ من النصارى في هذه الواقعة خمسة وعشرون ألفًا، وغَنِمَ المسلمون منهم أموالًا كثيرة.

العام الهجري : 1335 الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 1917
تفاصيل الحدث:

نشأ الاتحادُ السوفيتي بعد ثورة أكتوبر في العام 1917م بقيادة لينين الذي أزاح منافِسيه ووصل إلى الحُكمِ على يد البلاشفة اليساريين الاشتراكيين الذين تسَمَّوا باسم الحزب الشيوعي فيما بعد. ومن الأسباب الرئيسة في قيامِ الاتحاد السوفيتي: ضَعفُ النظام القيصري في روسيا، وتردِّي الأوضاع الاقتصادية، وبسبب دخول روسيا في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا، وكانت قد نشطت في روسيا العديدُ من الأحزاب اليسارية المبشِّرة بالنظام الاشتراكي الذي كان بمثابة الأمل الوحيد للتخلُّص من الإقطاعيين والرأسماليين المدعومين من قِبَل الحكومة القيصرية. وبعد عدةِ نزاعاتٍ وملاحقات وتحالفاتٍ استطاع الشيوعيون بالتعاونِ مع قوًى برجوازية -وهي الطبقة الوسطى في المجتمع- وأنواعٍ أخرى من الأحزاب الشيوعية إزاحةَ النظام القيصري، لحقت بعد ذلك فترة من الحرب الأهلية والانقسامات داخِلَ الفكر الشيوعي؛ ليقودَ الحزب الشيوعي البلشفي بقيادة فلاديمير لينين روسيا نحو حقبة سوفيتية طويلة الأمد. ولفظُ سوفييت مأخوذٌ من الكلمة الروسية التي تعني لجنة، وكان النظامُ يتكوَّن من لجان ذات عدد محدود تغطِّي جميع المناطق في الاتحاد، ثم تترتب اللجانُ بشكلٍ هرمي وصولًا للَّجنةِ المركزية للحزب الشيوعي، ويرأس الاتحادَ السوفيتي السكرتيرُ العام للحزب الشيوعي. وجمهورياته: أرمينيا، أذربيجان، روسيا البيضاء، أستونيا، جورجيا، قزخستان، قرغيزستان، لاتفيا، لتوانيا، مولدافيا، روسيا، طاجيكستان، تركمانستان، أوكرانيا، أوزبكستان، وفي هذه الجمهوريات نسبة كبيرة جدا من المسلمين.

العام الهجري : 1336 العام الميلادي : 1917
تفاصيل الحدث:

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وتقسيم الإمبراطورية، اتحدت عام 1918م كلٌّ مِن صربيا، كرواتيا، وسلوفينيا، تحت قيادة ملك الصرب بطرس الأول، وباسم مملكة صربيا وكرواتيا وسلوفينيا، وهي مملكة أوروبية امتدَّت من غرب البلقان حتى وسط أوروبا. اتبع خليفة بطرس الأول الملك الكسندر الأول حكمًا عسكريًّا منذ عام 1929م إلى حين اغتياله عام 1934م. أُعيد تسمية البلاد إلى مملكة يوغوسلافيا. ثم ناصَرَ الملكُ بطرس الثاني عام 1941م دولَ المحور في الحرب العالمية الثانية؛ مما أدى إلى إسقاطه في الحال على يد الجيش. انتهز هتلر هذه الفرصة وأمر القواتِ الألمانيةَ والإيطالية باحتلال البلاد. أصبح عام 1943م جوزيف بروز الملقب بتيتو زعيمَ المقاومة اليوغوسلافية، التي تمكَّنت مع القوات السوفيتية من تحرير البلاد عام 1945م. أُعلِنَ في نفس السنة قيامُ اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية الشعبية وتيتو رئيسًا لها. كان هذا الاتحادُ يضُمٌّ كلًّا من صربيا، كرواتيا، سلوفاكيا، البوسنة والهرسك، والجبل الأسود، ومقدونيا. بقي رئيسًا للاتحاد حتى مماته عام 1980م، الذي كان بداية النهاية للاتحاد اليوغوسلافي. كانت يوغوسلافيا في الفترة 1945 - 1948م تتبع الاتحاد السوفيتي، إلى حين ظهور خلافات على السطح وإعلان يوغوسلافيا اتباع سياسة محايدة إيجابية دوليًّا. لعبت بعد ذلك تحت قيادة تيتو دورًا مهمًّا في السياسة الدولية وتشكيل منظَّمة عدمِ الانحياز.

العام الهجري : 1338 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1920
تفاصيل الحدث:

وقَّعت الدولةُ العثمانية معاهدةَ سيفر مع الحلفاء بعد هزيمتها في الحربِ العالمية الأولى واحتلالِ معظَمِ أراضيها، في مدينة سيفر الفرنسية، وكانت هذه المعاهدةُ بمثابة المسمار الأخير في نعش الدولة العثمانية وتفكُّكِها ثم انهيارها؛ بسبب شروطها القاسية والمُجحِفة، والتي كانت بدافع النِّقمةِ مِن هزيمة الحُلَفاء في معركة غاليبولي، وضخامة الخسائر التي تكبَّدها الحلفاء على يد القوات العثمانية؛ فقد نصَّت المعاهدة على التالي: أن تكون سوريا وفلسطين وبلاد ما بين النهرين (العراق حاليًّا) دُولًا مستقلَّةً، تتولى الوصايةَ عليها القواتُ المنتدَبة من عُصبةِ الأمم. تَخلِّي الدولةِ العثمانية عن كلِّ سلطاتها الإقليمية في شمال إفريقيا. تخلِّي الدولة العثمانية عن تراقيا الشرقية لليونان، على أن تكون سميرنا (أزمير حاليًّا) والإقليم الأيوني تحت حكمِ اليونان لمدة خمس سنوات. الاعترافُ باستقلال أرمينيا، ويُضمُّ إليها جزءٌ كبير من شرق تركيا. منحُ حريةِ الملاحة في كلِّ المياه التي حول الدولة العثمانية لسفن جميع الدول. تقلُّصُ القوات التركية المسلَّحة إلى قوة شرطة فقط. هيَّأت معاهدةُ سيفر أن يكون الاقتصادُ التركي محكومًا من قِبَل لجنةٍ للحلفاء. وكان من النتائج المباشِرة لتلك الاتفاقية سقوطُ هيبة الدولة العثمانية، وكانت الضربةُ قبل الأخيرة في إلغائِها؛ حيث وقَّعت الحكومة العثمانية هذه المعاهدةَ، فكانت خسارة فادحة للاتحاديين الأتراك لذلك لم يُقِرُّوها، بينما كانت نصرًا لمصطفى كمال الذي أطاح بالحكومة العثمانية الضعيفة، وأقام كيانًا تركيًّا علمانيًّا مستقلًّا، عاصمته أنقرة.

العام الهجري : 1349 العام الميلادي : 1930
تفاصيل الحدث:

كان البريطانيون قد سبقوا الأمريكانَ إلى التنقيبِ عن النفطِ في غرب الخليج العربي. ولم تُسفِرْ بحوثُهم عن نتيجةٍ، فكتبوا إلى السلطان عبد العزيز يأسَفون على ما أضاعوا من جهدٍ ومالٍ، وانصرفوا عن البحثِ، ولَمَّا كان وزير الخارجية الأمير فيصل يزور لندن على رأس بَعثةٍ سياسية تحدَّثَ مع الجهاتِ البريطانية في احتمالِ وجودِ النِّفطِ على الشاطئ الغربي للخليج العربي، فلم يجِدْ في الشركات البريطانية استعدادًا لمجازفةٍ ثانية، وبينما كان الثريُّ الأمريكي كرين في زيارةٍ للسعودية بصُحبةِ المترجم جورج أنطونيوس، سأل كرين الملكَ عبد العزيز عمَّا يمكِنُ أن يقومَ به من مساعدة بلادِه، فطلب منه المَلِكُ أن يُحضِرَ إليه خبيرًا جيولوجيًّا يبحث له عن آبار ارتوازية في مناطق الصحراء لتسقيَ الحُجَّاجَ ويستخدِمَها البادية في الرعي والزراعة، فقال له كرين: سأبعث إليكم بخبير أعتقِدُ أنه سيفيدُ بلادَكم، ولا تكَلِّف حكومتَكم أن تنفِقَ عليه أكثر من تأمين إقامته وتنقُّلاته، فوصل إلى جدة المهندس الجيولوجي الأمريكي تويتشل، فأخذ يبحث عن الماءِ في مسافة 1500 ميل في الحجاز دون أيِّ فرصةِ أمَلٍ لِتَدفُّق المياه في أراضي الحجاز، ولَمَّا كان البحثُ عن النِّفطِ جاريًا في البحرين على يد الشركات الأمريكية، عرض المَلِكُ على تويتشل أن يتَّصِلَ بزملائِه في الشركات الأمريكية للتنقيبِ عن النفط في الأحساءِ بدلًا من البحث عن الماء، وبعد جهدٍ تمَّ الاتفاقُ مع شركة ستاندارد أويل كومباني أوف كليفورنيا على تبنِّي المشروع عام 1352هـ.

العام الهجري : 1366 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1947
تفاصيل الحدث:

أعلن الشيخ محمد إبراهيم في 19 ذي القعدة تشكيلَ حُكومةِ كشمير الحرَّة (آزاد كشمير)، وتأليف الجيش الكشميري الذي استطاع أن يسيطرَ على كثير من المناطق ويقيمَ حكومة، وذلك بعد انعقادِ مؤتمر الفلَّاحين الكشميريين، والمطالبة بانضمام الولاية إلى باكستان، لكِنَّ المهراجا الهندوسي "هري سنغ" حاكِمَ كشمير المسلِمةِ رفض هذا الطلب، وقام بتوزيعِ الأسلحة على الهنادكة؛ فسارع رجالُ القبائل من باكستان لنجدة إخوانهم الكشميريين، ولَمَّا رأى محمد عبد الله -الذي أفرج عنه المهراجا، وهو زعيم حزب "المؤتمر الوطني الإسلامي" الذي أُسِّس في كشمير نتيجة اشتداد اضطهاد الهنادكة للمسلمين- تأزُّمَ الأوضاع خَشِيَ من انفلات الأمور، فأعلن وقوفه بجانب المهراجا، وتسلَّم رئاسة الحكومة، وقُتِلَ يومها من المسلمين حوالي (62) ألفًا على يدِ الهنادكة، وفي هذه الأثناء فرَّ المهراجا سنغ إلى الهند، واستقر في دلهي العاصمة تاركًا كشمير تغرق في بحار الدماء. وعندما وجد المهراجا أنَّ الأمور خرجت عن سيطرته وقدرته أراد أن يضربَ ضربته الأخيرة ضِدَّ المسلمين الكشميريين، فعقد مع الهند أثناء وجودِه في دلهي اتفاقية في (12 من ذي الحجة/ 27 من أكتوبر) تتضمَّنُ انضمام الولاية إلى الهندِ، ورغم أنَّ هذه الاتفاقية المجحِفة لا يوافقُ عليها أغلبية الشعب، وتتناقَضُ مع اتفاقيته السابقة مع باكستان، بالإضافةِ إلى عدم تمتُّعِه بالشرعية لانتهاء المائة عام من الحماية التي نَصَّت عليها اتفاقية أمريتسار لأسرته؛ فإنه أعلن انضمامَه للهند لتبدأ فصولُ مأساة جديدة!!

العام الهجري : 1380 الشهر القمري : رمضان العام الميلادي : 1961
تفاصيل الحدث:

هو محمَّدُ الخامس بن يوسف بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن الحسني العلويّ، أبو الحسن المنصور باللَّه: ملك المغرب، ورمزُ نهضته الحديثة. وُلِدَ بفاس سنة 1329هـ وتعَلَّم بها وبالرباط، وكان بفاس يوم بُويِعَ له بعد وفاة والده سنة 1346ه 1927م، فانتقل إلى الرباط عاصمة المغرب في عهد أبيه. وكان الاحتلالُ الفرنسي المعبَّرُ عنه بالحماية هو المرجِعَ الأعلى في سياسة البلاد وإدارتها، وليس للملك الذي كان يُدعى بالسلطان ولا للقصر الملكي الذي يُسمَّى المخزَن إلَّا المظهرُ الديني في مواسِمِ الأعياد الإسلامية، ووَضْع الطابع الشريف -أي: الخاتم- على الأحكام الشرعية، وشؤون الأوقاف، أُعلِنَ استقلال المغرب يوم 3 مارس 1956 وزار أسبانيا فاتَّفَق مع حكومتِها على أن تعترف باستقلال المغرب ووَحدةِ ترابه، وأدخل المغربَ في الأُمَم المتحدة. وربَطَ بلادَه بعلاقات سياسية واقتصادية مع أكثر دول العالم. وكان يدورُ في سياسته حول دول الغرب (أمريكا ومن معها) فمَدَّت إليه الدول الاشتراكية يَدَها، فتعاون معها متحفِّظًا بحُسنِ صِلاتِه بالأولى. وكان لمدينة طنجة نظامٌ دولي يَفصِلُها عن المغرب، فألغى ذلك النِّظامَ وأدخل بلادَه في جامعة الدول العربية، ولَمَّا مَرِضَ الملك محمد الخامس سافر إلى سويسرا للعلاج، وعَيَّن ابنَه الحسن وليًّا للعهد، ثم توفي في 11 رمضان 1380هـ، فتسَلَّم المُلْكَ بعده ابنُه الحسن الثاني بعد خمسة أيام من وفاته.

العام الهجري : 1432 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 2011
تفاصيل الحدث:

اغتِيلَ في كابُل برهانُ الدين ربَّاني بن محمد يوسف -رحمه الله- والذي يُعَدُّ ثانِيَ رئيسٍ في كابُل بعد سُقوطِ الحكم الشيوعيِّ فيها في إبريل (1992)، وقد أُخرِج من كابُل في (26 سبتمبر 1996) على يدِ حركةِ طالِبان. وظلَّ ينتقِل في ولاياتِ الشَّمال التابعةِ له. وهو يُعتبَر أحدَ أبرزِ زُعماءِ تحالُفِ المعارَضةِ الشمالي، المعارِضِ لطالِبان، ووُلد في مدينة فيض آباد مركز ولاية بدخشان، وينتمي إلى قبيلَةِ اليفتليين ذاتِ العِرقية الطاجيكية السُّنية، والْتحق بمدرسةِ أبي حنيفةَ بكابُل، وبعد تخرُّجِه من المدرسة انضَمَّ إلى جامعة "كابُل" في كليَّة الشَّريعة عامَ (1960)، وتخرَّج فيها عامَ (1963)، وعُيِّن مدرسًا بها. وفي عام (1966) الْتحق بجامعةِ الأزهر وحَصَل منها على درجة الماجستير في الفلسفةِ الإسلاميَّة وعاد بها إلى جامعة كابُل ليدرُسَ الشريعةَ الإسلاميةَ. واختارَتْه الجمعيَّةُ الإسلامية ليكونَ رئيسًا لها عامَ (1972). ولم يحظَ بآراءِ النَّاخبين لقيادةِ الحركة الإسلامية في الانتخاباتِ التي أُجرِيت خارِجَ أفغانستان عامَ (1977)، وهو ما أدَّى إلى انشقاقٍ في الحركة الإسلاميَّة التي انقسَمَت إلى حِزبَين: "الحزب الإسلامي" الذي كان يقودُه قلبُ الدين حكمتيار، و"الجمعيَّة الإسلامية" التي كان يقودُها رباني. ومنذ الاحتلالِ السوفيتِّي لأفغانستان عامَ (1979) كان برهانُ الدين رباني مشارِكًا في الجهاد ضدَّ السوفيت وكانت قُوَّاتُه أوَّلَ القواتِ التي دَخَلت كابُل بعد هزيمة الشُّيوعيِّين فيها. وشَغَل منصِبَ رئيسِ المجلس الأعلى للسَّلامِ في أفغانستان.

العام الهجري : 1337 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1918
تفاصيل الحدث:

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحربِ العالمية الأولى، وإعلان هُدنةِ مودروس؛ وصل الجنرال اللنبي قائِدُ الإنجليز استانبولَ وطلب من الحكومةِ التركية تعيينَ مصطفى كمال قائدًا للجيش السادس بالقُربِ مِن الموصل حيث تهمُّ هذه المنطقة إنجلترا، وأثناء انسحاب مصطفى كمال من حلبٍ اقترح تشكيلَ وزارة جديدة برئاسةِ عزة باشا الأرناؤوط؛ لتخلُف وزارة الاتحاديين برئاسة طلعت باشا، وعلى أن يتولى هو في هذه الوَزارةِ الجديدة وزارةَ الحربية. تشَكَّلَت وزارةٌ جديدة برئاسة الأرناؤوط وضَمَّت عددًا ممن رشَّحهم مصطفى كمال لمناصِبَ وزارية، أما هو فلم يوافِقْ عليه الخليفةُ العثماني. فأخذ مصطفى يتقَرَّب من حزب أنصار الحرية والائتلاف الذي كان يتعاونُ مع سلطات الاحتلال، لكِنَّ الحزب لم يهتَمَّ به، ثم خطب مصطفى صبيحةَ بنت الخليفة العثماني وحيد الدين، فرفض طلَبه مباشرةً، كانت سلطاتُ الاحتلال تقبِضُ على كلِّ من يعود من القادة الأتراك من الجبهاتِ، ثم يُنفى إلى مالطة إلا مصطفى كمال فقد تركوه وشأنَه. كان الخليفةُ وحيد الدين ورئيسُ وزرائه فريد باشا يحسِنانِ الظَّنَّ بمصطفى كمال، فكَلَّفاه سرًّا بالقيام بثورة في شرق الأناضول، لعَلَّ هذه الثورة تُسهِمُ في الحدِّ من شروط الصلح القاسية التي فُرِضَت على الدولة. قَبِلَ مصطفى بالمهمَّة وزوَّده الخليفةُ بالمال ومَنَحَه منصِبَ مفتشٍ عامٍّ على الجيوش، ولَمَّا بُلِّغت الحكومةُ العثمانيةُ مِن الحلفاء بأنَّ الجيشَ اليونانيَّ سينزل أزمير، وعلى الحكومةِ عدَمُ مقاومتِه، فبعد نزولِ اليونانيين بيومين نزل مصطفى في ميناء أزمير من سفينة إنجليزية بشكلٍ مفاجئٍ للجميع، ثم أعلن الثورةَ على الدولة العثمانية، وتمرَّد على السلطان العثماني، وانزعجت الحكومةُ من تصرفاته، واحتجَّ الحُلَفاءُ في استانبول على الأعمالِ التي يقومُ بها مصطفى كمال في الأناضول؛ لإعطائه صفةَ الوطنية والإخلاصِ لأمَّتِه، فظهر كمال كمُنقذٍ للأمة، وتبعه وأيَّده كثيرٌ من الأتراك، ثم طلب الحلفاءُ مِن الحكومة استقدامَه إلى استانبول ووضْعَه تحت الرقابة، فدُعِيَ مِن قِبَل الوزارة، لكِنَّه لم يستجِبْ، فهدَّد الحلفاءُ بإعادة الحرب، فاضطرَّت الحكومةُ إلى إقالة مصطفى من منصِبِ المفتِّش العام، فقابل الإقالةَ بالاستقالة من الجيشِ، واتصل سرًّا بالإنجليز، ثم دعا إلى عقد مؤتمر في أرضروم، فانتُخب مصطفى رئيسًا له، ثم دعا مصطفى إلى مؤتمر أوسَعَ يشمَلُ تركيا كلَّها، فعُقِدَ مؤتمرُ سيواس في 13 ذي الحجة 1337هـ، وكانت الحكومةُ في استانبول ترى إلغاءَ المؤتمر واعتقالَ أعضائه، والحلفاءُ يؤيِّدون الحكومةَ في رأيهم لإعطاء مصطفى كمال مزيدًا من القوة، وجَعْله زعيمًا وطنيًّا يقاوم المحتَلَّ. عُقِد المؤتمَرُ وانتُخِبَ مصطفى رئيسًا له وشُكِّلَت فيه جمعيةٌ تُعنى بالدفاع عن كامل الوطنِ، وانتُخِبَت هيئةٌ تمثيليةٌ بقي أعضاؤها في سيواس. غادر مصطفى كمال سيواس إلى أنقرة التي اتخذَها مقرًّا له. احتلَّ الإنجليز باسم الحلفاء استانبول بشكلٍ كاملٍ في جمادى الآخرة 1338هـ / آذار 1920م، وبدأت الاعتقالاتُ في صفوف المؤيِّدين لمصطفى كمال، ثم نُفُوا إلى مالطة؛ لإظهارِ خلافهم مع مصطفى، وفَرَضت الحكومةُ الرقابةَ على الصحُفِ ووسائِلِ الإعلام، وراقب الإنجليزُ الوزارةَ وطلبوا بطاعةِ أوامر الخليفة؛ لينفِرَ منه الشعبُ ويتعلَّقَ أكثَرَ بمصطفى كمال الذي يعمَلُ فيما يبدو للناس ضِدَّ الإنجليز المحتلين، وأنَّه لم يتحرَّكْ ضِدَّ الخليفة إلا لأنَّه مؤيَّدٌ مِن قِبَل المحتلين، وهذا ما جعل الأتراك يرتبطون بكمال ويؤيدونه ويسيرون وراءه. في رجب 1338هـ حُلَّ المجلسُ النيابي وشُكِّل مجلِسٌ جديدٌ برئاسة فريد باشا صِهرِ الخليفة بطلبٍ مِن الإنجليز وضَغطٍ منهم؛ ليظهَرَ للنَّاسِ أن الخليفةَ وحكومتَه يسيرانِ برأي الأعداء، فيتَّجِهَ الناسُ أكثر إلى مصطفى كمال الذي يبدو أنَّه على خلاف مع المحتلين، وأنَّه عدوُّهم الأول، فلما استبَدَّ فريد باشا بحُكمِه تضايقَ السكانُ وأحبُّوا الخلاص منه، وليس لهم من طريقٍ سوى مصطفى كمال. جرت انتخاباتٌ ونجح مصطفى غيابيًّا عن أنقرة، فعُقِد مؤتمرٌ ونصب نفسه رئيسًا للمجلس وللهيئة التنفيذية، ثم أظهر التدينَ ولَبِسَ شعاره، وأعلن أن أولَ جلسة ستُفتتح بعد صلاة الجمعة في هذا اليوم المبارك في أنقرة، وعندما ألقى الخطبةَ الافتتاحية أكثَرَ من مدح الخلافةِ، وأنَّ كُلَّ ما فعله في الأناضول وانتقاله إليها كان بمعرفة الخليفة وأمرِه. أصدر شيخ الإسلام في استانبول فتوى ضدَّ مصطفى كمال فضَعُف مركزُه، وسيَّرَ الخليفةُ حملةً إلى كردستان فانضَمَّت لها كلُّ أجزاء الأناضول باستثناء أنقرة التي أرسل إليها الخليفةُ حملةً لإخضاعها لسلطانه، وكادت أوراقُ مصطفى كمال تتساقط وينتهي أمرُه، لولا تدارُكُ أسيادِه الإنجليز بإعلانِ معاهدة سيفر المجحفة بأسلوبٍ إعلامي مثيرٍ، فهاج الشعبُ ضِدَّ الخليفة الذي وقَّع عليها هو وحكومته برئاسة فريد باشا، وإن كانا مُكرَهينِ، فعاد الناسُ إلى تأييد مصطفى كمال ورجال الحملة التي وجهها الخليفةُ إلى أنقرة انقلبت من ضد كمال لتصبِحَ معه، حتى أصبح مصطفى يفكِّرُ في الهجوم على العاصمة استانبول، فالأمرُ في غاية الوضوح أنَّ الخليفةَ والحكومة مع الإنجليز في الظاهر، وهما أعداء لها واقعًا, ومصطفى كمال يهاجِمُ الإنجليز في الظاهر ويتَّفِقُ معهم في الحقيقة. جاء إعلان معاهدة سيفر في الوقت المناسِب، فانتصر مصطفى كمال على حملةِ الخليفة في أنقرة، وعلت مكانتُه وأرادت إنجلترا أن تقطِفَ ثمار تخطيطها؛ فقد غدا صنيعتُها في موقفٍ يؤهِّلُه لتسلُّم المنصِبِ الأول، فدعت بريطانيا إلى عقدِ مؤتمر في لندن لحلِّ المسألة الشرقية مع تركيا، فوجَّهت دعوةً لحكومة استانبول الحكومةِ الشرعيةِ، وهي المعنيةُ بالتفاوض بشأن الصلحِ، كما أن الإنجليزَ وجَّهوا دعوةً كذلك لحكومة مصطفي كمال في أنقرة، وهذا اعترافٌ منهم ضمنيًّا بحكومة أنقرة، وبلغ من جرأةِ حكومة أنقرة أنَّها رفضت دعوةَ حكومة استانبول؛ لأنَّها هي الممثِّل الوحيد للشعب التركي والمدافِع عن حقوقه. حضر في لندن ممثِّلون عن الحكومتين، وحرصًا على وحدة الصَّفِّ ترك وفدُ استانبول الحديثَ لوفد أنقرة، وفَشِلَ المؤتمر لكِنْ ظَهَرت حكومةُ أنقرة كممَثِّل رئيس للشعب التركي. اتصل مصطفى كمال بالفرنسيين واعترف لهم بحقِّهم في سوريا ولبنان، فكسب رضاهم واعترفوا به كممثِّل لدولة تركيا الحديثة، ثم اتصل بروسيا الشيوعية وعقدَ معهم معاهدةً في رجب 1339هـ / 16 آذار 1921م تنازل لها عن منطقة آجاريا (جورجيا) فرَضِيَت عنه واعترفت بحكومته في أنقرة، على أنها تمثِّل الدولة الحديثة للأتراك، واتصل بإيطاليا التي اعترفت بحكومتِه وتنازل لها عن منطقة أضاليا -جنوب غرب تركيا- التي دخلتها أثناء الحرب، فاتجهت الأنظارُ إلى مصطفى كمال كمنقذٍ لتركيا وممثِّل لدولة تركيا الحديثة، وأُغلِقَت كلُّ القنوات أمام الخليفة وبهذا نجحت اللعبةُ الدولية التي حبكتها إنجلترا مع دول الحُلفاء؛ وفي 17 ربيع الأول أُقيلَت حكومةُ السلطان في استانبول بضغطٍ مِن إنجلترا، وتنازل السلطانُ وأُبعِدَ عن البلاد، ثم بحثت إنجلترا مع حكومةِ أنقرة موضوع إلغاء السلطنة وإعلان تركيا دولة علمانيةً، وهو شرطُ اعتراف الحلفاء بدولة تركيا الحديثة، فأعلنت حكومةُ أنقرة إلغاءَ السلطنة، وفَصْل الدين عن الدولة، فسُرَّ الحلفاءُ بهذا الإعلان، ودَعَوا حكومةَ أنقرة إلى لوزان؛ لإعادة النظر في بنود معاهدة سيفر، وكان مصطفى كمال يشكِّل حكوماتٍ بدون برامج، ويعَيِّنُ من يشاء ويعزل من يشاء حسَبَ مزاجِه الخاص، أو ما يقَدَّمُ له من خِدماتٍ. تشكَّلَ الوفدُ إلى مؤتمر الصلح في لوزان من وزير الخارجية عصمت إينونو، ووزير الصحة، وخبير مالي، وجاء الحلفاءُ، وهم: إنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، واليونان، والولايات المتحدة الأمريكية، وكان الأمرُ كُلُّه بيد إنجلترا، وتم تعديل بنودِ معاهدة سيفر بعد جولتينِ تمَّت بين الأطراف بعد أن أعدَّ البنودَ الجديدة كبيرُ حاخام اليهود في الدولة العثمانية حاييم ناعوم، ومستشار إيطاليا ماتر سالم -يحمل جنسية عثمانية- مع الوفد التركي إلى لوزان، وكان إلغاءُ الخلافة وتَرْك الموصِل شرطين أساسيين لاستقلال تركيا. اجتمع المجلسُ النيابي في أنقرة بن20 ربيع الأول 1342هـ/ 30 أكتوبر 1923م وقرَّر إلغاءَ السلطنة وإعلان الجمهورية، وانتُخِبَ مصطفى كمال رئيسًا للجمهورية، وبعد يومين وُقِّع الصلحُ في لوزان، وأُطلِقَت المدافعُ في تركيا؛ ابتهاجًا بهذا التوقيع.

العام الهجري : 559 الشهر القمري : جمادى الأولى العام الميلادي : 1164
تفاصيل الحدث:

سيَّرَ نور الدين محمود بن زنكي عسكرًا كثيرًا إلى مصر، وجعل عليهم الأميرَ أسد الدين شيركوه بن شاذي، وهو مُقَدَّم عسكره، وأكبَرُ أمراء دولته، وأشجعُهم، وكان سبب إرسال هذا الجيش أنَّ شاور السعديَّ- وزيرَ العاضد لدين الله العُبَيدي، صاحِبِ مِصرَ- نازعه في الوزارة ضرغام، وغَلَبَ عليها، فهرب شاور منه إلى الشام، ملتجئًا إلى نور الدينِ ومُستجيرًا به، فأكرَمَ مثواه، وأحسَنَ إليه، وأنعم عليه، وكان وصولُه في ربيع الأول من هذه السنة، وطلب منه إرسالَ العساكر معه إلى مصر؛ ليعود إلى منصبه، ويكون لنور الدين ثلث دخل البلادِ بعد إقطاعات العسكَرِ، ويكون شيركوه مُقيمًا بعساكِرِه في مصر، ويتَصَرَّف هو بأمر نور الدين واختياره، ثمَّ قَوَّى عزمه على إرسال الجيوش، فتقدم بتجهيزِها وإزالة عِلَلِها، وكان هوى أسد الدين في ذلك، وعنده من الشجاعة وقُوَّةِ النفس ما لا يبالي بمخافة، فتجهز، وساروا جميعًا وشاوِر في صحبتهم، في جمادى الأولى، وتقدم نورُ الدين إلى شيركوه أن يعيدَ شاوِر إلى مَنصِبِه، وينتقم له ممَّن نازعه فيه، وسار نور الدين إلى طرفِ بلاد الفرنج مما يلي دمشق بعساكره؛ ليمنع الفرنج من التعرُّض لأسد الدين ومن معه، فكان قصارى الفرنج حِفظُ بلادهم من نور الدين، ووصل أسدُ الدين ومَن معه من العساكر إلى مدينة بلبيس، فخرج إليهم ناصر الدين أخو ضرغام بعسكَرِ المصريين ولَقِيَهم، فانهزم وعاد إلى القاهرة مهزومًا، ووصل أسدُ الدين فنزل على القاهرة أواخِرَ جمادى الآخرة، فخرج ضرغام من القاهرة آخر الشهر، فقُتل عند مشهد السيدة نفيسة، وبَقِيَ يومين، ثم حُمِل ودُفِن بالقرافة، وقُتل أخوه فارس، وخُلع على شاور مُستهَلَّ رجب، وأعيد إلى الوزارة، وتمكَّن منها، وأقام أسد الدين بظاهر القاهرة، فغدر به شاوِر، وعاد عمَّا كان قرَّره لنور الدين من البلاد المصرية، ولأسد الدين أيضًا، وأرسلَ إليه يأمُرُه بالعود إلى الشام، فأعاد الجوابَ بالامتناع، وطلب ما كان قد استقَرَّ بينهم، فلم يُجِبْه شاوِر إليه، فلما رأى ذلك أرسَلَ نُوَّابَه فتسلموا مدينة بلبيس، وحكَمَ على البلاد الشرقية، فأرسل شاوِر إلى الفرنج يستمِدُّهم ويخوِّفُهم من نور الدينِ إن مَلَك مصر، وكان الفرنجُ قد أيقنوا بالهلاكِ إن تَمَّ مِلكُ نور الدين لمصر، فلما أرسل شاوِر يطلب منهم أن يساعِدوه على إخراجِ أسد الدين من البلاد جاءهم فَرَجٌ لم يحتَسِبوه، وسارعوا إلى تلبية دعوته ونُصرتِه، وطمعوا في ملك الديار المصرية، وكان قد بذل لهم مالًا على المَسيرِ إليه، وتجهَّزوا وساروا، فلما بلغ نور الدين ذلك سار بعساكِرِه إلى أطراف بلادِهم ليمتنعوا عن المسيرِ، فلم يمنَعْهم ذلك؛ لعِلمِهم أن الخطرَ في مُقامِهم إذا ملك أسدُ الدين مصر، أشدُّ، فتركوا في بلادِهم من يحفَظُها، وسار مَلِكُ القدس في الباقين إلى مصر، وكان قد وصل إلى الساحل جمعٌ كثير من الفرنج في البحرِ لزيارة البيت المقدس، فاستعان بهم الفرنجُ الساحلية، فأعانوهم، فسار بعضُهم معهم، وأقام بعضُهم في البلاد لحفظها، فلما قارب الفرنجُ مصر فارقها أسد الدين، وقصد مدينة بلبيس، فأقام بها هو وعسكَرُه، وجعلها له ظهرًا يتحصَّنُ به، فاجتمعت العساكرُ المصرية والفرنج، ونازلوا أسدَ الدين شيركوه بمدينة بلبيس، وحصروه بها ثلاثةَ أشهر، وهو ممتنعٌ بها مع أنَّ سورَها قصير جدًّا، وليس لها خندق، ولا فصيل يحميها، وهو يغاديهم القتالَ ويُراوِحُهم، فلم يبلغوا منه غرضًا، ولا نالوا منه شيئًا، فبينما هم كذلك إذ أتاهم الخبَرُ بهزيمة الفرنج على حارم، ومِلكُ نور الدين حارم، ومسيره إلى بانياس، فحينئذ سُقِطَ في أيديهم، وأرادوا العودةَ إلى بلادهم؛ ليحفظوها، فراسلوا أسدَ الدين في الصُّلحِ والعود إلى الشام، ومفارقة مِصرَ، وتسليم ما بيده منها إلى المصريِّين، فأجابهم إلى ذلك؛ لأنه لم يعلم ما فعله نورُ الدين بالشام بالفرنج، ولأنَّ الأقوات والذخائر قَلَّت عليهم، وخرج من بلبيس في ذي الحجة.

العام الهجري : 738 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 1338
تفاصيل الحدث:

لما سار الجيش الذي قَدِمَ من القاهرة في ثاني عشر شعبان، وقَدِموا دمشق تلقَّاهم الأمير تنكز، ولم يعبأْ تنكز بالأمير أرقطاي مُقَدَّم العسكر لِما في نفسه منه، ومَضَوا إلى حلب، فقدموها في رابع عشر رمضان، وأقاموا بها يومين فقدم الأمير قطلوبغا الفخري بعساكرِ الشام، وقد وصل إلى جعبر ثمَّ ساروا جميعًا يومَ عيد الفطر، ومعهم الأميرُ علاء الدين ألطبغا نائب حلب، وهو مُقَدَّم على العسكر جميعًا، حتى نزلوا على الإسكندرونة أوَّلَ بلاد سيس، وقد تقَدَّمَهم الأمير مغلطاي الغزي إليها بشهرينِ حتى جهَّزَ المجانيق والزحَّافات والجسور الحديد والمراكِبَ وغير ذلك لعبور نهر جهان، فقَدِمَ عليهم البريد من دمشق بأن تكفور وعَدَ بتسليم القلاع للسلطان، فلْتُرَدَّ المجانيق وجميع آلات الحصار إلى بغراس، ولْيَقُمِ العسكر على مدينة إياس حتى يَرِدَ مرسوم السلطان بما يُعتَمَدُ في أمرهم وكانت التراكمين قد أغاروا على بلاد سيس، ومعهم عسكَرُ ابن فرمان فتركوها أوحشَ مِن بطن حمار، فبعث تكفور رسُلَه في البحر إلى دمياط، فلم يأذَن السلطان لهم في القدومِ عليه، من أجل أنهم لم يعلموا نائِبَ الشام بحضورِهم، فعادوا إلى تكفور، فبعث تكفور بهديَّة إلى تنكز نائب الشام، وسأله مَنْعَ العسكر من بلاده، وأنه يسَلِّمُ القلاع التي من وراء نهر جهان جميعًا للسلطان، فكاتب تنكز السلطانَ بذلك، وبعث أوحَدَ المهمندار إلى الأمير علاء الدين ألطبغا نائِبِ حلب وهو المقَدَّم على العسكر جميعًا بمَنعِ الغارة ورَدِّ الآلات إلى بغراس، فردَّها ألطبغا وركب بالعسكَرِ إلى إياس، فقَدِمَها يوم الاثنين ثاني عشر شوال، وكانت إياس قد تحصَّنت، فبادر العسكَرُ وزحف عليها بغير أمرِه، فكان يومًا مهولًا، جُرح فيه جماعة كثيرة، واستمَرَّ الحِصارُ إلى يوم الخميس خامس عشره، وأحضر نائب حلب خمسين نجارًا وعَمِلَ زحافتين وستارتين ونادى في الناس بالركوبِ للزحف، فاشتد القتالُ حتى وصلت الزحَّافات والرجال إلى قريب السورِ، بعدما استُشهِدَ جماعة كثيرة، فترجَّلَ الأمراء عن الخيول لأخذِ السور، وإذا بأوحد المهمندار ورسل تكفور قد وافَوا برسالة نائِبِ الشام، فعادُوا إلى مخَيَّمِهم فبلَّغَهم أوحَدُ المهنمدار أن يكفوا عن الغارة، فلم يوافقوه على ذلك، واستقر الحالُ على أن يسلموا البلادَ والقلاع التي شرقي نهر جهان، فتسَلَّموا منهم ذلك، وهو مُلكٌ كبير، وبلادٌ كثيرة، كالمصيصة، وكويرا، والهارونية، وسرفندكار، وإياس، وباناس، وبخيمة، والنقبر، وغير ذلك. وعلى أن تُسَلَّم إياس بعد ثمانية أيام، فلما كان اليومُ الثامن أرسل تكفور مفاتيحَ القلاع، على أن يُرَدَّ ما سُبِيَ ونُهِبَ من بلاده، فنُودِيَ بِرَدِّ السَّبيِ، فأُحضِرَ كثير منه، وأخرب الجسر الذي نُصِبَ على نهر جهان، وتوجَّه الأمير مغلطاي الغزي فتسَلَّمَ قلعة كوارة وكانت من أحصن قلاع الأرمن، ولها سورٌ مساحته فدان وثلث وربع فدان، وارتفاعه اثنان وأربعون ذراعًا بالعَمَل، وأنفق تكفور على عمارته أربعَمائة ألف وستين ألف دينار، وتسَلَّم العسكر إياس، وهدم البرج الأطلس في ثمانية أيام، بعدما عَمِلَ فيه أربعون حَجَّارًا يومين وليلتين حتى خرج منه حجَرٌ واحد، ثمَّ نُقِبَ البرج وعُلِّقَ على الأخشاب، وأُضرِمَت فيه النار، فسَقَط جميعه، وكان برجًا عظيمًا، بلغ ضمانُه في كل شهر لتكفور مبلغ ثلاثين ألف دينار حسابًا عن كلِّ يومٍ ألف دينار سوى خَراجِ الأراضي، وكان ببلدة إياس أربعمائة خمَّارة وستمائة بَغِيٍّ، وكان بها في ظاهرها ملَّاحة تضمن كل سنة بسبعمائة ألف درهم، ولها مائتان وستة عشر بستانًا تغرس فيها أنواع الفواكه، ودور سورها فدانان وثلثا فدان، ثم رحل العسكَرُ عن إياس بعدما قاموا عليها اثنين وسبعين يومًا، فمر نائِبُ حلب على قلعة نجيمة وقلعة سرفندكار وقد أخربهما مغلطاي الغزي حتى عبَرَ بالعسكر إلى حلب في الرابع عشر من ذي الحجة.