بعد أن توفِّيَ غالِبُ النَّاصِريُّ أميرُ مدينةِ سالم والثُّغورِ الشَّماليَّة بالأندلُسِ، وكان هو المنافِسَ لمحمد بن أبي عامر المنصور، وكان غالِبٌ قد انضَمَّ للنصارى لقتالِ المنصورِ، فبعد هذا توجَّه المنصورُ إلى ليون لحربِ مَلِكِها راميرو الذي استنصَرَ بمَلِكَي قشتالة ونافار، فحصلت بينهم حروبٌ قُربَ سيمانكس أو شنت منكش، فكانت نتيجةُ هذه المعارك انتصارَ ابنِ أبي عامر الذي تلقَّبَ بعدَ هذه المعارك بالمنصورِ.
اصطدم السلطان العثماني محمد الفاتح مع البنادقة الذين يملِكونَ بعض المواقع في بلاد المورة، وجزرًا كثيرة في بحر إيجة، وقد هاجم البنادقة بعض المراكز العثمانية ودخلوها فسار إليهم السلطان ففرُّوا من مواقعهم ودخلها العثمانيون، وبعد هدنةِ سنة عاد البنادقة لغيِّهم ونقضوا العهد فأرادوا استعادةَ ما فقدوه، وبدؤوا يُغيرون على الدولة العثمانية، ولكنهم باؤوا بالفشل وفقَدوا بعض مواقعهم المهمَّة.
احتلَّ الجيشُ الروسي قلعة "أوزي" في أوكرانيا، أهَمَّ القلاعِ العثمانية على البحر الأسود، وارتكب الروسُ فيها مجزرةً رهيبةً راح ضحيَّتَها 25 ألف تركي مِن الرجال والنساء والأطفال، بعد أن قاموا بتعذيبِهم بشِدَّةٍ, وكان لخبرِ سقوطِ أوزي بيَدِ الروس وذبحِ أهلِها المدنيين بالسيفِ أكبَرُ الأثَرِ على السلطان عبد الحميد الأول؛ حيث أُصيب على إثر الخبَرِ بنزيفٍ في المخِّ توفِّيَ بعده.
نجح الأميرُ عبد القادر الجزائري في إحراز نصرٍ على القائد الفرنسي الجنرال "بيجو" في منطقة "وادي تفنة (أو تافنة) "، الأمرُ الذي أجبر القائدَ الفرنسي على عقدِ معاهدة هدنة جديدةٍ عُرفت باسم "معاهدة تافنة"، وعاد الأميرُ عبد القادر بعدها لإصلاحِ حالِ بلادِه وترميمِ ما أحدَثَتْه المعارك بالحصون والقلاع، وتنظيم شؤونِ البلاد، لكِنَّ الفرنسيين نقَضوها عام 1839م.
بعدَ شَهرٍ من انقلابِ النَّيجَرِ أعلَن عَدَدٌ من ضبَّاطِ الجيشِ عن سيطرتِهم على السُّلطةِ وإنهاءِ حُكمِ الرَّئيسِ علي بونغو أونديمبا. وذلك بعد مدَّةٍ قصيرةٍ من إعلانِ لجنةِ الانتخاباتِ فوزَ بونغو بولايةٍ ثالثةٍ.
وأعلَن الضُّباطُ في بيانِ مُتلفَزٍ إلغاءَ نتائجِ الانتخاباتِ، وحَلَّ جميعِ مُؤَسَّساتِ الدَّولةِ، وإغلاقَ الحدودِ الدَّوليَّةِ. ووضَعوا الرَّئيسَ علي بونغو قَيدَ الإقامةِ الجَبريَّةِ في منزلِه مع أسرتِه.
كان المُعتَدُّ بالله أبو بكر هِشامُ بنُ مُحمَّدِ بنِ عبدِ المَلِك بن عبد الرحمن النَّاصر الأمويُّ أميرَ قُرطُبةَ، لكنَّه لم يَقُمْ بها إلا يسيرًا حتى قامت عليه طائفةٌ مِن الجُندِ فخُلِعَ، وجَرَت أمورٌ مِن جُملتِها إخراجُ المُعتَدِّ بالله مِن قَصرِه هو وحشَمُه والنِّساءُ حاسراتٍ عن أوجُهِهنَّ حافيةً أقدامُهنَّ إلى أن أُدخِلوا الجامِعَ الأعظَمَ على هيئةِ السَّبايا، فأقاموا هنالك أيامًا يُتعَطَّفُ عليهم بالطَّعامِ والشَّرابِ إلى أن أُخرِجوا عن قُرطُبةَ، ولَحِقَ هِشامٌ ومَن معه بالثُّغورِ بعد اعتقاله بقُرطُبةَ، فلم يزَلْ يجولُ في الثغور إلى أن لَحِقَ بابن هود المتغَلِّب على مدينة لاردة وسرقسطة وأفراغة وطرطوشة وما والى تلك الجهاتِ، فأقام عنده هشامٌ إلى أن مات في سنة 427 ولا عَقِبَ له، فهِشامٌ هذا آخِرُ مُلوكِ بني أميَّة بالأندلُسِ، وبخَلْعِه انقطَعَت الدَّعوةُ لبني أميَّةَ وذِكرُهم على المنابِرِ بجَميعِ أقطارِ الأندلس، ولَمَّا انقَطَعَت دعوةُ بني أمية استولى على تدبيرِ مُلكِ قُرطُبةَ أبو الحزم جهورُ بنُ مُحمَّدِ بنِ جهور وهو قديمُ الرِّياسةِ شَريفُ البيتِ، كان آباؤه وزراءَ الدَّولةِ الحَكَميَّة والعامريَّة، فلمَّا خلا له الجوُّ وأصفَرَ الفِناءُ وأقفَرَ النادي من الرُّؤساءِ وأمكَنَتْه الفرصةُ؛ وثَبَ عليها فتولى أمْرَها واضطلَعَ بحِمايتِها، ولم ينتَقِلْ إلى رتبةِ الإمارةِ ظاهرًا بل دَبَّرَها تدبيرًا لم يُسبَقْ إليه؛ وذلك أنَّه جعَلَ نَفسَه مُمسِكًا للمَوضِعِ إلى أن يجيءَ مَن يتَّفِقُ النَّاسُ على إمارتِه فيُسَلِّم إليه ذلك، ورتَّبَ البوَّابينَ والحَشَم على تلك القُصورِ على ما كانت عليه أيامَ الدَّولةِ، ولم يتحَوَّلْ عن دارِه إليها، وجعَلَ ما يرتَفِعُ مِن الأموالِ السُّلطانيَّةِ بأيدي رجالٍ رَتَّبَهم لذلك، وهو المُشرِفُ عليهم، وصَيَّرَ أهلَ الأسواقِ جُندًا له وجَعَلَ أرزاقَهم رُؤوسَ أموالٍ تكونُ بأيديهم مُحصاةً عليهم، يأخذونَ رِبحَها، ورُؤوسُ الأموالِ باقيةٌ مَحفوظةٌ يُؤخَذونَ بها ويُراعَونَ في كُلِّ وَقتٍ كيف حِفظُهم لها، وفَرَّقَ السِّلاحَ عليهم واستمَرَّ أمْرُه على ذلك إلى أن مات في غُرَّةِ صَفَر سَنةَ 435، ثم ولِيَ ما كان يتولَّى مِن أمر قُرطُبةَ بَعدَه ابنُه أبو الوليدِ مُحَمَّدُ بنُ جهور فجرى في السياسةِ وحُسنِ التدبيرِ على سَنَنِ أبيه غيرَ مُخِلٍّ بشيءٍ مِن ذلك إلى أن مات أبو الوليدِ في شوَّال من سنة 443.
هو الخليفةُ العثماني عبد المجيد الأول بن محمود الثاني بن عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني. كان السلطانُ عبد المجيد الأول ضعيفَ البنية شديدَ الذكاء، واقعيًّا ورحيمًا، وهو من أجلِّ سلاطين آل عثمان قدْرًا، تولَّى الحُكمَ بعد وفاة والِدِه السلطان محمود الثاني سنة 1839م، وكان عمرُه دون الثامنة عشرة، فكان صِغَرُ سِنِّه هذا فرصةً لبعض الوزراء التغريبيين لإكمال ما بدأه والدُه الراحل من إصلاحاتٍ على الطريقة الأوروبية، والتمادي في استحداثِ الوسائل الغربية، ومن هؤلاء الوزراء الذين ظهروا في ثيابِ المصلحين ومُسُوح الصادقين (مصطفى رشيد باشا) الذي كان سفيرًا للدولة في (لندن) و (باريس). أحب السلطان عبد المجيد الإصلاحَ فأدخل التنظيماتِ الحديثة، ورَغِب في تطبيقها في الحال، كما أدخل إصلاحاتٍ جمَّةً في الجيوش العثمانية. وترقَّت في أيامه العلومُ والمعارف، واتَّسَعت دائرةُ التجارة، وشُيِّدت الكثيرُ من المباني الفاخرة، ومُدَّت في عهده أسلاكُ الهاتف وقضبان السكك الحديدية, ويعتبر السلطانُ عبد المجيد أوَّلَ سلطان عثماني يُضفي على حركة تغريب الدولة العثمانية صِفةَ الرسمية؛ إذ إنَه أمر بتبني الدولة لهذه الحركةِ، وأمر بإصدار فرمانَي التنظيمات عامي 1854م، 1856م، وبهما بدأ في الدولة العثمانية ما سُمِّيَ بعهد التنظيمات، وهو اصطلاح يعني تنظيم شؤون الدولة وَفْقَ المنهج الغربي، وبهذين الفرمانينِ تم استبعادُ العمل بالشريعةِ الإسلامية، وبدأت الدولةُ في التقنين وإقامة المؤسسات، فكان السلطان عبد المجيد خاضِعًا لتأثير وزيره "رشيد باشا" الذي وجَدَ في الغرب مَثَله وفي الماسونية فلسفَتَه، ورشيد باشا هو الذي أعدَّ الجيلَ التالي له من الوزراءِ ورجال الدولة مثل مدحت باشا. توفِّيَ السلطان عبد المجيد في السابع عشر من ذي الحجة من هذا العام بعد أن دام في الحُكم اثنين وعشرين سنة ونصفًا تقريبًا، وتولى بعده أخوه عبد العزيز خلفًا له.
بعد أن استطاع الشيخُ مبارك آل الصباح الاستيلاءَ على حُكمِ الكويت أبقى العلمَ العُثمانيَّ مرفوعًا في الكويت ليخَفِّفَ نقمةَ النَّاسِ عليه من قَتلِه لأخويه محمد وجراح ليستفردَ بالحكم، ومن جانبِ الدولة العثمانية فإنها لم تكنْ واثقةً به، ومنعًا لاعتراف أيِّ دولة باستقلاله عيَّنَتْه قائمقام في الكويت، أمَّا البريطانيون فكانوا يتخوَّفون من أمرين: من الحكومة العثمانية التي بدأت تعَزِّزُ قواتها في البصرة، وبدأت نواياها تتَّجِهُ إلى ضمِّ الكويت رسميًّا لها، وعدم تركها على وَضعِها، ومن طرفٍ آخَرَ تتخَوَّف من روسيا التي باتت تزاحمُها على الخليج العربي بالتقرُّبِ من الكويت لأخذِ الامتيازات وإنشاء محطاتٍ للفحم في الموانئ، فحاولت بريطانيا عن طريقِ المقيم البريطاني عقدَ اتفاقية مع مبارك الصباح، فتَمَّ إبرام اتفاقية مضمونُها عدم استقبال مبارك لأيِّ مبعوث دولة أجنبية، وتمت هذه الاتفاقيَّةُ بسريَّةٍ تامَّةٍ، وحاولت بريطانيا أيضًا أن تزيدَ عدد السفن البحرية الحربية بحُجَّةِ حماية الخليج العربي أمام الكويتِ، وحاول العثمانيون أن يتولَّوا بأنفُسِهم إدارة ميناء الكويت، ورفض ذلك مبارك فأرسل العثمانيون قوةً عسكريةً بحجَّةِ إقامة دارٍ للجمارك ومَدِّ خطٍّ للتلغراف، وفي الوقت نفسه قام البريطانيون بإعلامِ العثمانيين بأنَّ الكويتَ له استقلالُه، وأنَّ الأمور ستُصبِحُ خطيرةً إذا ما قام العثمانيون بإنشاءِ دار الجمارك في الكويت دون موافقةِ بريطانيا، وأصدر البريطانيون أوامِرَهم للمقيم البريطاني في الخليجِ العربي بالضغطِ على مبارك وتهديدِه حتى لا يتصَرَّفَ دون استشارةِ حكومة الهند، ثم إنَّ محاولات الدولة العثمانية لفَرضِ سُلطتِها على الكويت جَعَلت مباركًا يتصل بقائِدِ السفينة البريطانية سفنكس طالبًا منه إعلان الحكومة البريطانية بتجديدِ الحمايةِ الدائمةِ على الكويت، ورفضت بريطانيا ذلك أولًا، ثم استاء البابُ العالي من مبارك، فأصدر مرسومًا بنفيه من الكويت، ولكِنَّه استنجد بالسفُنِ البريطانية ليخَلِّصوه من هذا المرسوم، وبعد أن قام كرزن برحلةٍ إلى الخليج العربي والتي أدَّت إلى تركيز النفوذ البريطاني في الخليجِ بعد مناقشةٍ قوية مع الدولة العثمانية، تمَّ إعلانُ الحمايةِ البريطانية للكويت والتي أصبحت الكويت بموجِبِه منطقةَ نفوذٍ بريطانية، وتم تعيينُ ممَثِّل سياسي فيها، هو الضابط نوكس.
كانت حملات التنصير قد وصلت إلى البحرين عام 1893م وتأسَّست أولُ مدرسة للتعليم بالأسلوب الغربي الحديث في البحرين على يدِ البعثة، وفي عام 1894 افتتحت الإرساليةُ الأمريكية مكتبةً عامةً لها بالمنامة وبدأت عمَلَها في تقديم بعضِ الصُّحُفِ والكتُبِ لروَّادِها، ثم أنشأت الإرساليةُ الأمريكيةُ مستشفى ماسون التذكارية، ودكانًا لبيع الإنجيل، وحينها كان مجلِسُ الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة ابن حاكم البحرين يُعَدُّ من أهم المنتديات الثقافية في البحرين آنذاك، كما كان مُقبِل بن عبد الرحمن الذكير واحدًا من أهمِّ مُثقَّفي البحرين المشاركين والفعَّالين في المجلس، وحينها رأى كلٌّ مِن مقبل الذكير، ويوسف كانو ضرورةَ تأسيس نادي أدبي إسلامي، واستضافة أحد العلماء الكبار؛ لمقاومة هذه الحَمَلات التخريبية في البلادِ، من خلال أنشطة هذا النادي، فتوصَّلا بعد تحرٍّ إلى أن أفضَلَ من يمكنه تسلم إدارة النادي هو الشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز المانع الوهيبي التميمي، وأنه لا بدَّ من العمل على إحضاره من مقر إقامته بالبصرة، وبعد أسابيع من المراسلات حضر الشيخ المانع من البصرة حاملًا معه خبرةَ أساتذته في مقاومة التبشير، الذين تتلمذ على أيديهم في مِصرَ والعراق، أمثال الشيخ محمد رشيد رضا. تسلم الشيخ المانع منصِبَه كمدير للنادي الأدبي الإسلامي بمجرد وصوله، وقد عَرَض عليه مقبل الذكير أن يجعَلَ له مدرسة للتعليم الإسلامي تكون مُلَحقةً بالنادي الإسلامي، فكان النادي في بداية تأسيسه عبارةً عن صفين دراسيين لتدريس العلوم الشرعية وبعض العلوم الحديثة، كما توفر في النادي غرفةُ مطالعة ومكتبة، فكان للشيخ المانع دورٌ فاعل في نشر العلوم الإسلامية في المنامة، وظلَّ الشيخ هناك أربع سنوات يدرِّس شباب "النادي الإسلامي" جُلَّ العلوم الإسلامية؛ مِن قرآنٍ، وفقه، ولغة، ورياضية كالعلوم الفلكية والفرائض، وأصبح النادي ملتقًى لرواد العلم والمثقفين في المنامة والبلدان المجاورة لها، كما أصبح مكانًا يتدارس فيه الأهالي أساليبَ التبشير وسُبُلَ مقاومته، ولم يكن النادي الإسلامي مجردَ مكان للثقافة والنقاشات الأدبية فحسب، بل كان مقرًّا للتواصل الفكري والعلمي مع الشعوب الإسلامية، والمراسَلات بين المفكِّرين والمثقَّفين والعلماء في البحرين والشارقة والقاهرة.
كانت الأرطاوية أول هجرة نشأت في نجد سنة 1329هـ حيث تولى رئاستها زعيم مطير فيصل الدويش , والتي تقع في الطريق بين الكويت والقصيم بقرب الزلفي ثم بعده نشأت هجرة الغطغط والتي تقع جنوب غربي الرياض حيث سكنها جزء من عتيبة تحت قيادة سلطان بن بجاد , ثم تتابع نشوء الهجر التي استوطنتها قبائل الجزيرة العربية بتشجيع ودعم الملك عبدالعزيز لها حيث وفر لهم المياه بحفر الآبار وبناء المساجد وتوفير المؤن الغذائية لهم والأعلاف لدوابهم كما أرسال إليهم العلماء وطلبة العلم يعلمونهم الدين وذلك لتحقيق عدة أغراض : منها الحد من تمرد هذه القبائل على سلطان الملك عبدالعزيز, واستثمار قوتهم العسكرية في إتمام توحيد الجزيرة العربية وقد بلغ عدد الهجر حوالي 200 هجرة ممتد في جميع أطراف ووسط الجزيرة العربية , ويبدوا أن بداية نشأة الهجر كحركة عسكرية أحيطت بشيء من الكتمان حتى أن جميع الرحالة الأجانب الذين كانوا يجوبون أرجاء جزيرة العرب من عام 1912م لم يلفت نظرهم في هذه الهجر أي حراك يدل على أنها تمثل ثكنات عسكرية سيكون لها شأن في تقرير عدد من التحولات السياسية على الرغم أن هؤلاء الرحالة كان من أهم مهامهم رصد أي نمو لقوة عسكرية أو تحركات جديدة في المنطقة . غيرَ أنَّ هذه الهجَر أورثت الملِكَ عبدالعزيز مشكلةَ تمويلها ماديًّا؛ فبعد أن باع أولئك الباديةُ جمالَهم وصاروا يتعصَّبونَ بالعِصابة البيضاءِ وأقاموا في الهجَر لا يعمَلونَ شَيئًا في أيامِ السِّلمِ؛ أصبحوا عالةً على الملك عبد العزيز, فأرسل لهم العُلَماءَ والوعَّاظَ يُعَلِّمونهم العِلمَ الشَّرعيَّ والتاريخ وسِيَرَ السَّلَفِ، ويرغِّبونَهم في العمَلِ. وكانت أول مشاركة عسكرية للإخوان مع الملك عبدالعزيز في معركة جراب 1914م ولكنهم ظهروا كقوة ضاربة بجانب الملك عبدالعزيز في معركة تربة 1919م حيث قلبوا موازين القوى داخل الجزيرة العربية لصالح الملك عبدالعزيز ضد خصومة لذلك كان للإخوان دور واضح في ضم كل من حائل وعسير والحجاز، واستمر الإخوان مصدر قوة للملك عبدالعزيز إلى أن حدث الخلاف معهم حول عدد من القضايا العصرية التي أدت إلى نهايتهم في معركة السبلة.
الحربُ السُّوفيتية في أفغانستانَ، أو الغزوُ السُّوفيتيُّ لأفغانستانَ؛ هو اسمٌ يُطلَق على حرْبٍ دامتْ عشْرَ سنواتٍ، كان هَدَف السُّوفيت المعلَنُ دعْمَ الحكومة الأفغانيةِ الصَّديقة للاتِّحاد السُّوفيتيِّ، والتي كانت تُعاني مِن هَجَمات الثوَّار المعارضِينَ للسُّوفيت، والذين حَصَلوا على دَعْمٍ مِن مجموعةٍ من الدول المناوئةِ للاتحادِ السُّوفيتي، مِن ضِمْنها الولاياتُ المتحدة الأمريكيةُ، والسُّعودية، وباكستانُ، والصِّين. أدخَلَ السُّوفيت قوَّاته في 25 ديسمبر 1979، وقد بدَأَ التدخل الرُّوسي -أو الاحتلال الرُّوسي- مع الرئيس الجديد بابرك كارمل الذي ما كان سِوى دُميةً يُحرِّكها الروسُ، بينما هم يَصُولون ويَجُولون في أفغانستان كما يَشاؤون.
دخَلَ كارمل أفغانستانَ مع القوات الرُّوسية على متن دبَّابة رُوسية من نوع (تي 72)، وكانوا قد سَبَقوه وهو ما يَزال في مُوسكو يُذِيع بَياناتِه على الشعبِ الأفغاني، فاجتازوا نهْرَ جَيحون ممارسينَ الإرهابَ بكلِّ صُوره وأشكالِه، ثم بدَأَ النقلُ الجويُّ الضخم؛ حيث وصَلَ أكثرُ من 300 طائرةِ نقْلٍ ضخمةٍ لنقْلِ الجنود والعَتادِ والمؤنِ إلى كابُلَ، وهاجمت القواتُ الرُّوسية قصرَ الأمانِ ومحطةَ الإذاعةِ، كما جرَّدت وَحدات الجيشِ الأفغاني من سِلاحِها، ثم تَلا ذلك إرسالُ الجيشِ الأربعين الرُّوسي، فتوزَّعت قوَّاته على العواصم الإقليميةِ، ثم نُوقِش مَوضوعُ هذا التدخُّل في هيئة الأُمَمِ، مع المطالَبةِ بالانسحابِ الفوريِّ وغيرِ المشروط، ولكنْ دُون جَدْوى؛ فكالعادةِ عندما يكونُ الأمرُ متعلِّقًا بدولةٍ إسلامية لا يُحرِّكون ساكنًا! واسْتنكَرَت الدولُ الإسلامية هذا التدخُّل السافرَ، ولكنَّ القوَّات الروسيةَ تابعَت تَزايُدَها، فوصَلَ عددُها إلى 75 ألفًا، وأخذَتْ تَستعمِل الغازاتِ السامةَ ضدَّ المجاهدين، وحتى ضدَّ السُّكَّان المحلِّيين، فكَثُرَ اللاجِئون إلى باكستانَ، ولم يَنْقَضِ عام 1400هـ حتى كان عددُ الضحايا المسلمينَ مليونَ شخصٍ، ثم وصَل عددُ القواتِ الروسيةِ بعدَ سنتينِ إلى 150 ألفًا، وتمَّ عقْدُ اتفاقيةٍ مع كابُلَ مُدَّتها خمسُ سنواتٍ، تعهَّدَت فيها موسكو بتأمينِ الخُبراءِ والمعدَّاتِ والتدريبِ؛ حيث لم تَنسحبِ القواتُ السُّوفيتيةُ التي بلَغ عددُها في أفغانستانَ 110 آلاف جُنديٍّ، إلا بمُوجِب اتفاقِ جِنيف الذي وُقِّع في 14 إبريل 1988م، وفي 15 فِبراير 1989م انسحَبَت كافَّة قُوَّات الرُّوس بعد أنْ فَقَدوا 15 ألفَ جُنديٍّ.
وُلِد شمعون بيريز في بولندا، وهاجَرَت عائلتُه إلى فِلَسطينَ في عامِ 1934م (أيامَ الانتدابِ البريطانيِّ)، واستقَرَّت في مدينةِ تل أبيب التي أصبَحَت في تلك الأيامِ مَركزًا للمجتمَعِ اليهوديِّ. تعلَّمَ في مدرسةِ "غيئولا" في تلِّ أبيب، ثم واصلَ دراستَه في المدرسةِ الزراعيَّة "بن شيمن" قُربَ مدينةِ اللدِّ. وفي 1947م انضمَّ إلى قيادةِ الهجاناه، وكان مَسؤولًا عن شراءِ العَتادِ والموارِدِ البشريَّة. وفي ذلك الحينِ عَمِلَ مع دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وعمِلَ دبلوماسيًّا في وزارةِ الدِّفاعِ الإسرائيليَّةِ، وكانت مُهمَّتُه جَمعَ السِّلاحِ اللازمِ لدولةِ إسرائيلَ الحديثةِ. وفي 1949م عُيِّن بيريز رئيسًا لبَعثةِ وزارةِ الدَّفاعِ الإسرائيليَّةِ إلى الولاياتِ المتَّحدة. وفي 1952م عُيِّنَ نائبًا للمديرِ العامِّ لوَزارةِ الدفاعِ الإسرائيليَّة، ثم أصبحَ المديرَ العامَّ في 1953م. ونجَحَ في بناءِ المُفاعلِ النوويِّ الإسرائيليِّ (مفاعلِ ديمونةَ) من الحُكومةِ الفرنسيَّة، كذلك نظَّمَ التعاونَ العسكريَّ مع فرنسا الذي أدَّى إلى الهجومِ على مصرَ في أكتوبر 1956 ضِمنَ العُدوانِ الثُّلاثيِّ. وترَكَ بيريز حزبَ ماباي عام 1965 ليؤسِّسَ مع ديفد بن غوريون حزبَ رافي، ثم عاد للعمَلِ على توحيدِ الحِزبينِ عامَ 1968 تحت اسمِ حِزبِ العمَلِ الإسرائيليِّ، وأصبحَ زعيمًا له عامَ 1977. وتولَّى منصبَ رئيسِ الوزراءِ بالتناوبِ مع إسحاق رابين، ثم صار نائبًا لرئيسِ الوُزراءِ ووزيرًا للخارجيَّةِ في المدَّةِ ما بين 1986 و1988، وشغَلَ بعدها منصِبَ وزير الماليَّةِ، ثم عُيِّنَ عامَ 1992 وزيرًا للخارجيَّةِ. فشرَعَ في مفاوضاتٍ تمخَّضَت عن توقيعِ اتفاقيَّةِ أوسلو مع منظمَّةِ التحريرِ الفلسطينيَّةِ في سبتمبر 1993، تقاسَم بعدها جائزةَ نوبل للسَّلامِ مع رابين وياسر عرفات. وفي أكتوبرَ 1994 وقَّع معاهدةَ السلامِ مع الأَردُنِّ. وبعد اغتيالِ رابين، تولَّى رئاسةَ الوزراءِ في 1995، وأمرَ بعُدوانٍ عسكريٍّ شاملٍ ضدَّ لُبنانَ في 1996 سُمِّي بعناقيدِ الغضَبِ في محاولةٍ للقَضاءِ على المقاومةِ، قصَفَ فيه مدُنَ لُبنانَ بما فيها العاصمةُ بيروتُ، وفي عامِ 2007 انتُخِب رئيسًا لإسرائيلَ حتى 2014. وفي 13 سبتمبر 2016 نُقِلَ إلى مستشفى تلِّ هاشومير، قُربَ تلِّ أبيب، بعد تَعرُّضِه لجَلطةٍ في الدِّماغِ. وتوفِّيَ عن عمرٍ ناهزَ 93 عامًا.
اعتذَرَت المملكة العربية السعودية عن عدمِ قَبولِ مقعدٍ غيرِ دائمٍ في مجلس الأمن الدولي؛ لأنَّ أُسلوبَ العملِ وازدواجيَّةَ المعايِيرِ الحاليَّةِ تمنعُ المَجلِسَ من أداءِ واجباتِه وتحمُّل مسؤولياتِه لإنهاءِ الحروبِ وغيرِها من المشاكِل في أنحاء العالَم. وذَكَرت أنَّها لا تستطيع قَبولَ المِقعَد إلى أنْ تُطبَّقَ إصلاحاتٌ على المَجلسِ.
عاد المأمونُ إلى بلاد الروم في هذه السَّنة بعد أن كان سار إليهم أوَّلَ السَّنة الماضية، وسببُ ذلك أنَّه بلغه أنَّ مَلِكَ الرومِ قتلَ ألفًا وستَّمائة مِن أهل طرسوس والمصيصة، فسار حتى دخل أرضَ الروم، وقيل كان سببُ دُخولِه إليها أنَّ مَلِكَ الرومِ كتب إليه وبدأ بنَفسِه، فسار إليه، ولم يقرأ كتابَه، فلمَّا دخل أرضَ الرومِ أناخ على أنطيغو، فخرجوا على صُلْحٍ، ثم سار إلى هرقلة، فخرج أهلُها على صلحٍ، ووجَّه أخاه أبا إسحاقَ المعتَصِم، فافتتح ثلاثينَ حِصنًا ومطمورةً، ووجَّه يحيى بن أكثم من طوانة، فأغار وقتل وأحرَقَ، فأصاب سبيًا ورجع؛ ثم سار المأمونُ إلى كيسوم، فأقام بها يومين، ثم ارتحل إلى دمشق.
هي رضية الدين بنت السلطان شمس الدين ألتمش المؤسس الحقيقي لدولة المماليك بالهند، وقد اشتهر ألتمش بالعدل وتحقيق الأمن في دولته. وكان ألتمش يحب ابنته ويقدمها على إخوانها الذكور لما يتوسم فيها من النجابة والهمة العالية, كما أنها كانت غاية في الحسن والجمال وعذوبة المنطق؛ لذا كان يسند إليها بعض المهام، حتى إنه فكَّر في أن يجعلها وليَّة للعهد دون إخوانها الذكور الذين انشغلوا باللهو والملذات، فلما مات ألتمش خلفه ابنه ركن الدين فيروز، غير أنه كان منشغلًا عن مسئولية الحكم وتبعاته باللهو واللعب، تاركًا تصريف أمور دولته إلى أمِّه التي استبدَّت بالأمر وهو ما جعل الأحوال تزداد سوءًا، وتشتعل المعارضة ضده، وانتهت الأزمة بأن بايع كثير من الأمراء رضية الدين بنت ألتمش، وأجلسوها على عرش السلطنة. وقد تحقق ما كان يراه أبوها ولا يراه سواه ممن كانوا يعترضون عليه إيثاره لها. جلست رضية الدين على عرش سلطنة دلهي نحو أربع سنوات 634-637 (1236-1369م) بذلت ما في وسعها من طاقة لتنهض بالبلاد التي خوت خزائنها من المال لإسراف أخيها، وسارت على خطا أبيها في سياسته الحكيمة العادلة في بداية الأمر، لكنها اصطدمت بالعلماء وكبار أمراء الملوك الذين يشكلون جماعة الأربعين، ويستأثرون بالسلطة والنفوذ، وحاولت الملكة جاهدة أن تسوسهم، وتحتال على تفريق كلمتهم، وتعقُّب المتمردين والثائرين عليها، وكانت تظهر بمظهر الرجال، وتجلس على العرش والعباءة عليها، والقلنسوة على رأسها وتقود جيشها وهي تمتطي ظهر فيلِها. ولما استقرت أحوال مملكتها انصرفت إلى تنظيم شؤونها، فعينت وزيرًا جديدًا للبلاد، وفوَّضت أمر الجيش إلى واحد من أكفأ قادتها هو سيف الدين أيبك، ونجحت جيوشها في مهاجمة قلعة رنتهبور وإنقاذ المسلمين المحاصرين بها، وكان الهنود يحاصرون القلعة بعد وفاة أبيها السلطان التمش. غير أن هذه السياسة لم تلق ترحيبًا من مماليك سلطنتها الذين أنِفوا أن تحكمهم امرأة، وزاد من بغضهم لهذا الأمر أن السلطانة رضية أخذت تتمرد على قيم الدين الإسلامي وحاربت الناصحين لها خاصة من العلماء. كما قرَّبت إليها رجلًا حبشيًّا مملوكا يُدعى جمال الدين ياقوت، كان يشغل منصب قائد الفرسان، ولم تستطع السلطانة أن تُسكت حركات التمرد التي تقوم ضدها، كما كانت تفعل في كل مرة، فاجتمع عليها المماليك وأشعلوا الثورة ضدها، وحاولت أن تقمعها بكل شجاعة، لكنها هُزمت، وانتهى الأمر بقتلها في 25 ربيع الأول 637 (25 أكتوبر 1239م) وتولِّي أخيها السلطان معز الدين عرش البلاد.