كانت الحَربُ بين عَسكَرِ عبدِ المُؤمِنِ والعَرَبِ عند مدينة سطيف، وسَبَبُ ذلك أنَّ العَرَبَ- وهم بنو هلالٍ، والأبتح، وعدي، ورياح، وزغب، وغيرهم من العرب- لَمَّا مَلَك عبدُ المؤمِنِ بلادَ بني حَمَّاد اجتَمَعوا من أرض طرابلس إلى أقصى المغرب، وقالوا: إنْ جاوَرَنا عبدُ المؤمِنِ أجلانا من المَغرِبِ، وليس الرأيُ إلَّا إلقاءَ الجِدِّ معه، وإخراجَه من البلاد قبل أن يتمَكَّنَ، وتحالَفوا على التعاوُنِ والتَّضافُرِ، وألَّا يَخونَ بَعضُهم بعضًا، وعَزَموا على لقائِه بالرِّجالِ والأهلِ والمالِ؛ ليُقاتِلوا قِتالَ الحريم، واتَّصَل الخبَرُ بالملك رجار الفرنجي، صاحِبِ صقَليَّة، فأرسل إلى أمراءِ العَرَبِ، وهم محرز بن زياد، وجبارة بن كامل، وحسن بن ثعلب، وعيسى بن حسن وغيرهم يَحُثُّهم على لقاءِ عبدِ المؤمنِ ويَعرِضُ عليهم أن يُرسِلَ إليهم خمسةَ آلاف فارس من الفِرنجِ يُقاتِلونَ معهم على شَرطِ أن يُرسِلوا إليه الرَّهائِنَ، فشَكَروه وقالوا: ما بنا حاجةٌ إلى نَجدَتِه ولا نَستَعينُ بغير المُسلِمينَ، وساروا في عددٍ لا يحصى، وكان عبدُ المؤمن قد رحل من بجاية إلى بلادِ المغرب، فلَمَّا بلغه خبَرُهم جَهَّزَ جَيشًا من الموحِّدينَ يزيدُ على ثلاثين ألفَ فارس، واستعمل عليهم عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ الهنتاني، وسعدَ اللهِ بنَ يحيى، وكان العَرَبُ أضعافَهم، فاستجَرَّهم الموحِّدونَ وتَبِعَهم العَرَبُ إلى أن وصلوا إلى أرض سطيف بين جبال، فحَمَلَ عليهم جَيشُ عبد المؤمن فجأةً والعَرَبُ على غيرِ أُهبةٍ، والتقى الجَمعانِ، واقتتلوا أشَدَّ قتالٍ وأعظَمَه، فانجَلَتِ المعركةُ عن انهزامِ العَرَبِ ونُصرةِ المُوحِّدينَ، وتَرَك العَرَبُ جميعَ ما لهم من أهلٍ ومالٍ وأثاثٍ ونَعَمٍ، فأخذ الموحِّدونَ جميعَ ذلك، وعاد الجيشُ إلى عبدِ المُؤمِنِ بجَميعِه، فقَسَّمَ جميعَ الأموالِ على عَسكَرِه، وتَرَك النِّساءَ والأولادَ تحت الاحتياط، وكَّلَ بهم من الخَدَمِ الخِصيانِ مَن يَخدُمهم ويقومُ بحَوائِجِهم، وأمَرَ بصِيانتِهم، فلمَّا وصلوا معه إلى مراكش أنزَلَهم في المساكنِ الفَسيحةِ، وأجرى لهم النَّفَقاتِ الواسِعةَ، وأمَرَ عبدُ المؤمِنِ ابنَه مُحمَّدًا أن يكاتِبَ أُمَراءَ العَرَبِ ويُعلِمُهم أنَّ نِساءهم تحت الحِفظِ والصِّيانة، وأمَرَهم أن يَحضُروا ليُسَلِّمَ إليهم أبوه ذلك جَميعَه، وأنَّه قد بذل لهم الأمانَ والكَرامةَ، فلمَّا وَصَلَ كِتابُ مُحَمَّدٍ إلى العَرَبِ سارعوا إلى المسيرِ إلى مراكش، فلمَّا وصلوا إليها أعطاهم عبدُ المؤمِنِ نِساءَهم وأولادَهم، وأحسن إليهم وأعطاهم أموالًا جزيلةً، فاستَرَقَّ قُلوبَهم بذلك، وأقاموا عنده، وكان بهم حَفِيًّا، واستعان بهم على ولايةِ ابنِه مُحمَّدٍ للعَهدِ.
هو الفيلسوف الرياضي الفلكي نصير الدين أبو جعفر محمد بن عبد الله الطوسي، كان يقال له المولى نصير الدين، ويقال الخواجا نصير الدين، اشتغل في شبيبتِه وحصَّل علم الأوائلِ جيدًا، وصَنَّف في ذلك في علم الكلامِ، وشرح الإشارات لابن سينا، حتى كان رأسًا في علم الأوائل، لا سيَّما معرفة الرياضة وصنعة الأرصاد، فإنه فاق بذلك على الكبار. اشتغل في بداية أمرِه على المعين سالم بن بدران المصري المعتزلي، المتشيِّع الرافضي فنزع فيه عروق كثيرة منه، حتى أفسد اعتقادَه، وزَرَ نصير الدين لأصحاب قلاع ألموت من الإسماعيلية، ثم وزر لهولاكو، وكان ذا حُرمة وافرة ومنزلةٍ عاليةٍ عند هولاكو, وكان معه في واقعة بغداد، وقيل إنه أشار على هولاكو خان بقتل الخليفةِ بعد أن كان أحدُ منجِّمي هولاكو حذَّره من مغبة ذلك، وكان يطيعُه فيما يشير به, وجعله هولاكو على أوقافِ بغداد يتصَرَّف فيها كيف يشاء, فابتنى بمدينةِ مراغة قُبَّة رصد عظيمة ورتَّبَ فيها الحكماء من المنجِّمين والفلاسفة والمتكلمين والفقهاء والمحدثين والأطباء وغيرهم من أنواع الفضلاء، وجعل لهم الجامكيَّة- الراتب- واتخذ فيها خزانةً عظيمة عالية، فسيحةَ الأرجاء وملأها بالكتب التي نُهِبَت من بغداد والشام والجزيرة، حتى تجمَّعَ فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد. وكان سمحًا، كريمًا، حليمًا حسن العشرةِ، غزيرَ الفضائل، جليلَ القدر، لكنَّه على مذهب الأوائِلِ في كثيرٍ مِن الأصول، نسأل الله الهدى والسَّداد. وله شعرٌ جيد قوي, وله كتابُ أخلاق ناصري بالفارسية ألَّفه لمتملك الإسماعيليَّة لما كان وزيرًا له في ألموت، وله كتاب تجريد العقائد بالعربية، وهو في الفلسفة وعلم الكلام، وله إثبات العقل الفعال وشرح كتاب المجسطي (المنطق) وغير ذلك. قال ابن القيم: " صارع محمد الشهرستانى ابن سينا في كتاب سماه "المصارعة" أبطل فيه قولَه بقدم العالم وإنكار المعاد، ونفى علمَ الرب تعالى وقدرته، وخلقه العالم، فقام له نصير الإلحاد وقعد، ونقَضَه بكتاب سماه "مصارعة المصارعة" ووقَفْنا على الكتابين نصر فيه: أن الله تعالى لم يخلق السموات والأرض في ستة أيام. وأنه لا يعلم شيئًا، وأنه لا يفعل شيئًا بقدرته واختياره، ولا يبعث من في القبور, وبالجملة فكان هذا الملحِدُ هو وأتباعه من الملحدين الكافرين بالله، وملائكته، وكتبه، ورسوله، واليوم الآخر". توفي في بغداد في ثاني عشر ذي الحجة، وله خمس وسبعون سنة.
هو الملك الظاهر برقوق أبو سعيد أولُ من ملك مصر من الجراكسة، وَلِيَ سلطانها سنة 784 وبنى المدرسة البرقوقية بمصر بين القصرين. ثم خُلِع، ثم أعيد إلى أن مات سنة 801؛ ففي يوم الثلاثاء خامس شهر شوال ابتدأ مرض السلطان الظاهر برقوق، وذلك أنه ركب للعب الكرة بالميدان في القلعة على العادة، فلما فَرَغ منه قدم إليه عسل نحل ورد من كختا، فأكل منه ومن لحم بلشون، ودخل إلى قصوره، فعكف على شرب الخمر، فاستحال ذلك خلطًا رديًّا لزم منه الفراش من ليلة الأربعاء، وتنوَّع مرضه حتى أُيس منه لشدة الحمى، وضَعْف القوى، فأرجفت بموته في يوم السبت تاسعه، واستمَرَّ أمره يشتد إلى يوم الأربعاء الثالث عشر، فشنع الإرجاف، وغُلِّقت الأسواق، فلما أصبح يوم الخميس استدعى الخليفةُ المتوكل على الله أبا عبد الله محمدًا، وقضاة القضاة وسائر الأمراء الأكابر والأصاغر وجميع أرباب الدولة إلى حضرة السلطان، فحَدَّثهم في العهد لأولاده، فابتدأ الخليفة بالحَلِف للأمير فرج ابن السلطان أنَّه هو السلطان بعد وفاة أبيه، ثم حلف بعده القضاة والأمراء، ثم مات بعد منتصف ليلة الجمعة خامس عشر شوال، وقد تجاوز الستين سنة، منها مدةُ حكمه بديار مصر منذ صار أتابك العساكر عوضًا عن الأمير طشتمر العلاي الدوادار، إلى أن جلس على تخت السلطة أربع سنين وتسعة أشهر وعشرة أيام، ومنذ تسلطن إلى أن مات ست عشرة سنة وأربعة أشهر وسبعة وعشرون يومًا، منها سلطته إلى أن خُلِع ست سنين وثمانية أشهر وعشرون يومًا، وسلطته منذ أعيد إلى أن مات تسع سنين وثمانية أشهر، والفترة بينهما ثمانية أشهر وتسعة أيام، ومدةُ حكمه أتابكًا وسلطانًا إحدى وعشرون سنة وعشرة أشهر وستة عشر يومًا، اجتمع بالقلعة الأمير الكبير أيتمش وسائر الأمراء وأرباب الدولة، واستدعى الخليفة وقضاة القضاة، وشيخ الإسلام البلقيني، ومن عادته الحضور، فلما تكاملوا بالإسطبل السلطاني أُحضِرَ فرج ابن الملك الظاهر برقوق، وخطب الخليفة وبايعه بالسلطة، وقلَّده أمور المسلمين، فقَبِل تقليده، وأُحضِرَت خِلعة سوداء أُفيضت على فرج، ونُعِت بالملك الناصر، ومضى حتى جلس على التخت بالقصر، وقبَّل الأمراءُ كُلُّهم له الأرضَ على العادة، وألبس الخليفة التشريفَ وكان عمره يومها قرابة الثلاث عشرة سنة.
تواترت الأخبارُ بأنَّ الأميرين شيخًا ونوروزًا قد اتفقا على الخروج عن طاعة السلطان، وعزما على أخذ حماة، فوقع الشروع في عمارة قلعة دمشق، وكُتِبَ تقدير المصروف على ذلك مبلغ ثلاثين ألف دينار، وفيه وقع الاهتمام في بلاد الشام بتجهيز الإقامات للسلطان، وفي شهر رجب قدم الخبر بأن الأمير نوروزًا نائب طرابلس توجَّه منها إلى حصن الأكراد وحاصرها، وأن الأمير شيخًا كتب إليه أنه اتفق مع جماعة من قلعة حلب على أن يسلِّموها له، وأشار عليه أن يرجع إلى طرابلس يحصل قلعة حلب بيده، وأن الاتفاق وقع بينهما على أن يجهزا سودن الجلب على ثلاثمائة فارس ليأخُذَ حماة، وأن الأمير شيخًا أرسل إلى ناصر الدين محمد بن دلغادر يعرض عليه نيابة عينتاب فلم يقبل ذلك، وأنه خرج من حلب يريد العمق، فنزله آخر جمادى الآخرة، وجمع عليه طائفة التركمان البياضية وابن سقل سيز، ابن صاحب الباز، وغيرهم من التركمان والعرب، وأنه أوقع بعمر بن كندر في ثالث رجب، ثم قاتل التركمان في سابعه، فكسرهم، وأسر منهم جماعة، وأنه بعث أحمد الجنكي أحد ندمائه بهدية إلى قرا يوسف، وأن نوروزًا بعث إليه بهدية أخرى صحبة بهلوان من أصحابه، وفي شهر رمضان تأكد عند السلطان خروج الأميرين شيخ ونوروز عن طاعته، وأنهما عزما على أخذ دمشق، وأن سودن الجلب ويشبك بن أزدمر سعيا في ذلك، وأن الأمير نوروزًا قتل أقسنقر الحاجب، ثم في شهر ذي الحجة خرج السلطان بجيشه من مصر يريد الشام وأن يأخذ الأمير شيخًا ونوروزًا، ثم جاء الخبر بأن الأمراء الذين تقدموه قد خرجوا عن الطاعة، فلم يَثبُت، وسار السلطان من غزة مجدًّا في طلبهم، وقد نفرت منه القلوب، وتمالأت على بُغضِه؛ لقبح سيرتِه، وسوء سريرتِه، وفي السادس والعشرين ذي الحجة نزل الأمراء الذين تقدموا بقبة يلبغا خارج دمشق، وركبوا إلى الأمير تغري بردي نائب الشام، فعادُوه وقد اشتد به مرضُه، وأعلنوا بما هم عليه من الخلاف للسلطان، والخروج عن طاعته، ثم رحلوا عن قبة يلبغا في التاسع والعشرين، ونزلوا على برزة يريدون اللحاق بالأميرين شيخ ونوروز على حمص، فلم يوافقهم على ذلك الأمير شاهين الزردكاش، فقبضوا عليه ومضوا، ونزل السلطان الكسوة في بكرة يوم الثلاثاء آخره، وقد فتَّ في عَضُدِه مخالفة الأمراء عليه، ولاحت أمارات الخذلان عليه، وظهرت كآبة الزوال والإدبار، فألبس من معه من العسكر السلاح، ورتَّبهم بنفسه، ثم ساق بهم، وقصد دمشق.
هو الإمامُ العلَّامة الشيخُ عبد العزيز بن الشيخ الإمام حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر من آل معمر أهل العُيَينة، وهم من بين سعد بن زيد مناة بن تميم، وُلِدَ في الدرعية مركزِ الحركة العلمية في ذلك الحين سنة 1203هـ ونشأ في وسط العلماء العاملين الذين كانت تزخَرُ بهم الدرعيةُ ونجد في ذلك الزمنِ، فكان من شيوخِه والِدُه الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، والشيخ الإمام عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، والشيخ العلامة المؤرخ أبو بكر حسين بن غنام، والشيخ أحمد بن حسين بن رشيد بن عفالق الحنبلي نزيل الدرعية، وغيرهم من العلماء، فمَهَر في جميعِ العلوم والفنون فصار عالِمًا محَقِّقًا وفقيهًا متبحرًا، له اليد الطولى والباع الواسع في التصنيف والتأليف ونشْر العلم وتخريجِ الكثير من الطلاب، والرَّد على المعارضين، وله عِدَّةُ مصَنَّفات وفتاوى ورسائل وأشعار، ومن أشهر مصنَّفاتِه وأجَلِّها الكتابُ المسمى: منحة القريب العجيب في الرد على عُبَّاد الصليب، ومن مصنَّفاته أيضًا: اختصار نظم ابن عبد القوي للمُقنِع. أخذ عنه العلم وانتفع به كثيرٌ من العلماء، وفي زمَنِه جرى على الديار النجدية والدولةِ السعودية ما جرى من التقتيل والتخريبِ، فدُمِّرَت الدرعية وتشَتَّت علماؤها وقادةُ الدعوة الذين كانوا بها؛ أخرجهم إبراهيم باشا من أوطانِهم ونفاهم إلى مِصرَ، وفر الشيخُ عبد العزيز بن معمر من الدرعية إلى البحرين، وكان لا يزال شابًّا في العقد الثالث من عمرِه، فأقام بها ولم تنقَطِعْ صلته بآل الشيخ الذين نُقِلوا إلى مصرَ، فكان يكاتب الشيخ عبد الرحمن بن حسن بأشعارٍ يتوجَّعُ فيها على ما حَلَّ بنجدٍ مِن الدمار والخراب. أرسل شيخُ البحرين عبد الله بن خليفة عليه شُبهةً كتَبَها قسيس نصراني إنجليزي عجز عن الردِّ عليها علماءُ البحرين والأحساء، فتناوله الشيخ عبد العزيز وأمعن النظرَ فيه وقال: تأخذونَ مني دحض هذه الشبهةِ بعد شهر إن شاء الله تعالى، فلبث شهرًا وأتمَّ الردَّ وبعث به إلى الأميرِ وفَرحَ به أشَدَّ الفَرَحِ، ودُعِيَ القسيس الإنكليزي وأعطاه الردَّ، فلما طالعه عَجِبَ له واندهش جدًّا لِما كان يظنه من عجز ِعلماء البحرين، وقال: هذا الرد لا يكونُ مِن هنا وإنما يكون من البحر النجدي، فقال له الأمير: نعم، إنه أحَدُ طلبة العلم النجديين. أقام الشيخ عبد العزيز في البحرين حتى توفِّيَ فيها.
هو الأمير سعود بن فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود، ثاني أبناء الإمام فيصل، لقِّبَ بـ (أبو هلا) لكرمِه وكثرة ترحيبِه بالضيف. وقد حكم في الدولة السعودية الثانية من 1288 إلى1291هـ (1871- 1875م) كان أبوه قد ولَّاه أميرًا على الخرج عام 1263هـ/ 1846م واستمرَّ في هذه الإمارة مدةً طويلة، وقد أكسبه ذلك قاعدةً شعبية في تلك المنطقة. أما أخوه عبد الله، الذي يكبرُه في السن، فقد كان أبوه قد عيَّنه وليًّا للعهد، وكان ساعِدَه الأيمن في قيادة المعارك وإدارة شؤون البلادِ، وفي أواخرِ حياة والده تسلَّمَ العبءَ الأكبر من السلطة؛ نتيجة مرض والده وكِبَر سِنِّه، وكان أخوه محمد بن فيصل يعاونُه في ذلك، أمَّا سعود فكان ينافِسُ أخاه دائمًا في حياةِ أبيهما، واستمَرَّ على هذا الحال حتى بعد وفاة والدهم الإمام فيصل. فعندما بويع عبدُ الله بن فيصل بعد وفاة والدِه في رجب 1282هـ/ نوفمبر 1865م خالفه سعود بعد عامٍ مِن توليه الحكمَ، وكان يرغَبُ في إزاحة أخيه وتولِّي الحكمِ بدلًا منه، وقد كان كثيرٌ من الحاضرة، وخاصةً علماء الدين، يقفون إلى جانب عبد الله؛ لأنَّه الوارِثُ الشرعي للإمامة سنًّا وعهدًا. وعلى الرغمِ مِن أن عبد الله يتمتَّعُ بشعبيةٍ كبيرة بين القبائل النجدية وتأييدِ العلماء له، فإن سعودًا تمكَّنَ مِن جمع أتباع له ومؤيدين، وكانت قبيلةُ العجمان، التي كان بينها وبين سعود صلة رحم، تكِنُّ لعبد الله العداءَ بسبب ضرباته الموجعة لهم في عهد أبيه، فاستغَلَّ سعود ذلك في حربه ضِدَّ أخيه، ونشبت بينهما بعضُ المعارك، واستفاد آلُ رشيد من تلك الفتنة الأهلية بين سعود وعبد الله فأخذوا يوسِّعون دائرة نفوذهم في البلدان النجدية. وبعد وفاة سعود بن فيصل، تولَّى بعده أخوه عبدالرحمن بن فيصل الحُكمَ، وكان سعود خلَّف أربعةً مِن الأبناء الذكور، وهم: محمد، وعبد الله، وسعد، وعبد العزيز، والثلاثة الأُوَل قتلهم ابن سبهان حاكِمُ الرياض من قِبَلِ محمد ابن رشيد، أما عبد العزيز فكان منفيًّا وقت قَتْلِهم، في حائلٍ مع عمِّه الإمام عبد الله، وعبد العزيز هذا هو والد سعود العرافة زوج نورة أخت الملك عبد العزيز، ويلقَّبُ أيضا بسعود الكبير، فيكون سعود بن فيصل هو جدُّ أبناء العرافة، رحمهم الله جميعا وغفر لهم.
هو السلطانُ حسين كامل سلطان ابن الخديوي إسماعيل، حَكَمَ مصر تحت الاحتلال البريطاني، ولِدَ في القاهرة، ولما بلغ الثامنة التحق بمدرسة قصر النيل التي أنشأها والده ليتعلَّم فيها، بخاصة أولاده وأولاد الأعيان. ولي حسين كامل سلسلةً من المناصب الإدارية. وأقام في طنطا فترةً بوصفه مفتشًا للدلتا، وأشرف على النهوض بقنوات الري في هذه المنطقة. وكذلك خدم مراتٍ عدةً في وزارات المعارف والأوقاف والأشغال العمومية، والداخلية والمالية. وعمل في مجالس إدارة كثيرٍ مِن الشركات الأجنبية، مثل سكة حديد الدلتا. على أنَّ خير ما أسداه من فضلٍ هو نهوضه بالزراعة في مصر، وأنشأ في دمنهور مدرسةً تجارية صناعية، ورأس مدة قصيرة مجلس شورى القوانين والمجلس التشريعي، ولكنه استقال من المجلسين سنة 1909 إثرَ الأزمة التي نشأت حول تمديدِ امتياز قناة السويس. ولما أعلنت تركيا الحربَ على بريطانيا سنة 1914. وشكَّت بريطانيا في أن الخديوي عباس حلمي الثاني يتعاطفُ مع تركيا فضلًا على تأييده للوطنيين في مصر، فعزلته وأقامت الأميرَ حسين كامل حاكمًا على مصر، وأطلقت عليه لقب سلطان؛ نكاية بالسلطان العثماني، وكان قبولُ حسين كامل للسلطنة قد قوبِلَ بمعارضة العناصر الوطنية؛ إذ رأوا أنَّ قبولَه لها في ظِلِّ الاحتلال البريطاني والحكومة العسكرية مَهانةٌ قومية. بل إن كثيرًا من هذه العناصر رأت أنها خيانةٌ عظمى ارتكبها في حَقِّ الدولة العثمانية المُسلِمة في حربها مع بريطانيا. بل نظر بعضُ الوطنيين إلى السلطان وحكومةِ الحرب التي يرأسُها حسين رشدي باشا إلى أنها أدواتٌ في يد سلطات الاحتلال البريطاني، فاستفحلت الوحشةُ بين الجمهور وبين الحكومة والسلطان؛ ولذلك ما إن تربَّع السلطان حسين على دست الحكمِ حتى باشر واجباتِه فمضى يمحو البقيةَ الباقية من آثار السلطان التركي على مصر ومظاهره الإدارية والقضائية، وعلى الرغم من كل هذا إلا أن علاقة السلطان حسين كامل بالسلطات البريطانية في مصر لم تكن في جميع ِالأحوال علاقاتٍ وديةً أو وثيقة؛ فقد كانت بريطانيا في مصر تنظر بعين السخط إلى أنه يعمَلُ على تقوية الروابط بينه وبين الحركة الوطنية؛ ومن ثم فإن البريطانيين كانوا لا يقرُّون محاولات السلطان بالظهور في صورة الزعيم الشعبي، في حين أن الشعب المصري كان ينكِرُ منه أنه أداةٌ في يد البريطانيين. بدأت صِحَّةُ السلطان حسين تضمحِلُّ إلى أن توفي في هذا العام، وكان ابنه الأمير كمال الدين حسين قد أعلن من قَبلُ نزوله عن حقه في وراثة عرش مصر، فخَلَف السلطانَ حسين أخوه الأميرُ فؤاد الذي أصبح ملكًا بعد ذلك.
لمَّا رجَع خالدُ بنُ الوليدِ مِن هَدْمِ العُزَّى بعَثهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى بني جَذيمَةَ داعِيًا إلى الإسلامِ لا مُقاتِلًا, فخرَج في ثلاثمائةٍ وخمسين رجلًا مِنَ المُهاجرين والأنصارِ وبني سُليمٍ، فانتهى إليهم فدَعاهُم إلى الإسلامِ فلم يُحسِنوا أن يَقولوا: أَسلَمْنا، فجعلوا يَقولون: صَبَأْنا، صَبَأْنا. -فحملها خالد على أنها سُخرية بالإسلام لأن قريشًا كانت تقول لمن أسلم صبأ تعييرا له- فجعَل خالدٌ يَقتُلُهم ويَأْسِرُهُم, ودفَع إلى كُلِّ رجلٍ ممَّن كان معه أَسِيرًا، فأمَر يومًا أن يَقتُلَ كُلُّ رجلٍ أَسِيرَهُ, فأبى ابنُ عُمَرَ وأصحابُه حتَّى قَدِموا على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فذكَروا له، فرفَع صلى الله عليه وسلم يَديهِ وقال: (اللَّهمَّ إنِّي أَبْرَأُ إليك ممَّا صنَع خالدٌ) مَرَّتين. وكانت بنو سُليمٍ هُم الذين قَتَلوا أَسْراهُم دون المُهاجرين والأنصارِ, وبعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم علِيًّا, فَوَدَى لهم قَتلاهُم وما ذهَب منهم.
بعَث النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ أَميرًا على الحَجِّ بعدَ انْسِلاخِ ذي القَعدةِ لِيُقيمَ للمسلمين حَجَّهُم -والنَّاسُ مِن أهلِ الشِّركِ على مَنازِلهم مِن حَجِّهِم- فخرَج أبو بكرٍ رضِي الله عنه ومَن معه مِنَ المسلمين، وقد بعَث عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلِيًّا رضي الله عنه بعدَ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه لِيكونَ معه، ويَتوَلَّى علِيٌّ بِنَفْسِه إبلاغَ البَراءةِ إلى المشركين نِيابَةً عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لِكونِهِ ابنَ عَمِّهِ، مِن عَصَبَتِهِ، قال أبو هُريرةَ: بعَثَني أبو بكرٍ في تلك الحَجَّةِ في مُؤَذِّنين يَومَ النَّحْرِ، نُؤَذِّنُ بمِنًى: أن لا يَحُجَّ بعدَ العامِ مُشركٌ، ولا يَطوفَ بالبيتِ عُريانٌ. قال حُميدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ: ثمَّ أَردَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا، فأَمَرهُ أن يُؤَذِّنَ ببَراءَة. قال أبو هُريرةَ: فأَذَّنَ مَعَنا علِيٌّ في أهلِ مِنًى يَومَ النَّحْرِ: لا يَحُجُّ بعدَ العامِ مُشرِكٌ، ولا يَطوفُ بالبيتِ عُريانٌ.
كان جدُّ السامانيين أسدُ بن سامان من أهل خراسان، وينتسبونَ إلى الفُرس تارة وإلى سامة بن لؤيِّ بن غالب أحيانًا, وكان لأسدِ بن سامان أربعةُ بنين: نوح وأحمد ويحيى وإلياس، وكان في خراسان حين استولى عليها المأمونُ، فأكرمهم المأمونُ أربعَتَهم وقَدَّمَهم واستعملهم، فتولى أحمدُ بن أسد فرغانةَ في سنة أربع ومائتين، ويحيى بن أسد الشاشَ مع أسروشنه، وإلياس بن أسد هراةَ، ونوح بن أسد سمرقندَ، ولَمَّا تولى طاهرُ بن الحسين خراسان أقرَّهم على الأعمال، ثم مات نوح ثم مات إلياس بهراة, وكان لأحمد بن أسدٍ سبعةُ بنين: نصر ويعقوب ويحيى وأسد وإسماعيل وإسحاق وحميد، ثم مات أحمد بن أسد، واستخلف ابنه نصرًا على أعمالِه بسمرقند وما وراءها، فبقي عاملًا عليها إلى آخِرِ أيام الطاهريَّة, وفي هذه السَّنة ولى الخليفةُ المعتمِد نصرَ بن أحمد بلادَ ما وراء النهر، فجعل سمرقند قاعدةَ مُلكِه، وكان إسماعيلُ بن أحمد يخدُم أخاه نصرًا، فولَّاه بُخارى.
أمر الناصِرُ ببناء مدينة الزَّهراء في قرطبة، وكان يصرف فيها من الصَّخرِ المنجور ستةَ آلاف صخرة في اليوم، سوى التَّبليطِ في الأساس وجَلَب إليها الرُّخام من قرطاجَنَّة إفريقية ومن تونس، وكان الأمناء الذين جلبوه عبد الله بن يونس، وحسن القرطبي، وعليُّ بنُ جعفر الإسكندراني، وكان الناصر يَصِلُهم على كلِّ رخامة بثلاثة دنانير، وعلى كلِّ سارية بثمانية دنانير. وكان فيها من السَّواري 4313 سارية، المجلوبة منها من إفريقية 1013 سارية. وأهدى إليه ملِكُ الروم 140سارية، وسائر ذلك من رخام الأندلس. وأما الحوضُ الغريب المنقوش المُذهَّب بالتماثيل، فلا قيمةَ تُقَدَّرُ له، جلَبَه ربيع الأسقف من القسطنطينية مِن مكانٍ إلى مكانٍ حتى وصل في البَحرِ، ووضعه الناصرُ في بيت المنام في المجلِس الشرقي المعروف بالمؤنس، وكان عليه اثنا عشر تمثالًا من الذهب الأحمر مرصَّع بالدرِّ النفيس العالي ممَّا صنعه بدار الصَّنعةِ بقَصرِ قُرطبة. وكان المتولِّي لهذا البنيان المذكور ابنُه الحكم، لم يتَّكِل الناصر فيه على أمينٍ غَيرِه، وكان يُخبَزُ في أيَّامِه كلَّ يومٍ ثمانمائة خبزة.
دخلَت الرُّومُ عينَ زربة- مدينةٌ قديمةٌ في آسيا الصغرى بناها الرومُ وجَدَّدَ بناءَها الرشيدُ سنة 180- بصُحبة الدُّمُسْتُق، فاستأمنه أهلُها فأمَّنَهم، وأمر بأن يدخُلوا كلُّهم المسجِدَ ومَن بَقِيَ في منزله قُتِلَ، فصاروا إلى المسجِدِ كُلُّهم، ثم قال: لا يبقينَّ أحَدٌ مِن أهلها اليوم إلَّا ذهب حيث شاء، ومن تأخَّرَ قُتِل، فازدحموا في خروجِهم من المسجدِ فمات كثيرٌ منهم، وخرجوا على وجوهِهم لا يدرونَ أين يذهبون، فمات في الطُّرُقاتِ منهم خلقٌ كثير، ثم هدَمَ الجامِعَ وكَسَر المِنبرَ وقطع مِن حَولِ البلد أربعين ألفَ نخلةً، وهدم سورَ البلد والمنازِلَ المشار إليها، وفتح حولَها أربعة وخمسين حصنًا بعضُها بالسيفِ وبعضُها بالأمان، وقتل الدُّمُسْتُق خلقًا كثيرًا، وكانت مُدَّة مقامه بعين زربة واحدًا وعشرين يومًا، ثمَّ سار إلى قيسرية فلَقِيَه أربعةُ آلاف من أهل طرسوس مع نائِبِها ابن الزيات، فقَتَل أكثَرَهم وأدركه صومُ النصارى فاشتغل به حتى فرَغَ منه، ثمَّ هجَمَ على حلَب بغتة.
لَمَّا رأى أهلُ الأندلس فِعْلَ صِنهاجةَ غَبَطوهم، ورَغِبوا في الجهاد، وقالوا للمنصورِ بنِ أبي عامر: لقد نَشَّطَنا هؤلاء للغزو، فجمع الجيوش الكثيرةَ مِن سائر الأقطار، وخرج إلى الجهاد، إلى إليون ونازلها، واستمَدَّ أهلُها الفِرنجَ، فأمدُّوهم بجيوش كثيرة، واقتتلوا ليلًا ونهارًا، فكَثُر القتل فيهم، وصبَرَت صنهاجة صبرًا عظيمًا، ثم خرج قومص كبيرٌ مِن الفرنج لم يكُنْ لهم مثله، فجال بين الصفوفِ وطلب البرازَ، فبرز إليه جلالةُ بن زيري الصنهاجي فحمل كلُّ واحد منهما على صاحِبِه، فطعنه الفرنجيُّ فمال عن الطعنةِ وضَرَبه بالسيف على عاتِقِه فأبان عاتِقَه، فسقط الفرنجيُّ إلى الأرض، وحمل المسلمونَ على النصارى، فانهزموا إلى بلادِهم، وقُتِلَ منهم ما لا يحصى ومَلَك المدينةَ، وغَنِمَ ابن أبي عامر غنيمةً عظيمةً لم يُرَ مِثلُها، واجتمع من السبيِ ثلاثون ألفًا، وأمَرَ بالقتلى فنُضِدَت بعضها على بعض، وأمر مؤذِّنًا أذَّنَ فوق القتلى المَغرِبَ، وخرَّب مدينةَ قامونة، ورجع سالِمًا هو وعساكِرُه.
سار قائدٌ كبيرٌ من الدَّيلمِ، يُسمَّى فولاذ، وهو صاحبُ قَلعةِ إصطخر، إلى شيراز، فدَخلَها وأَخرجَ عنها الأَميرَ أبا منصور فولاستون، ابنَ المَلِكِ أبي كاليجار، فقَصدَ فيروزآباذ وأَقامَ بها، وقَطعَ فولاذ خُطبةَ السُّلطانِ طُغرلبك في شيراز، وخَطبَ للمَلِكِ الرَّحيمِ، ولأَخيهِ أبي سعدٍ، وكاتَبَهُما يُظهِر لهُما الطَّاعةَ، فعَلِمَا أنَّه يَخدَعهُما بذلك، فسار إليه أبو سعدٍ، وكان بأرجان، ومعه عَساكرُ كثيرةٌ، واجتمع هو وأَخوهُ الأَميرُ أبو منصور على قَصْدِ شيراز ومُحاصرتِها بَعدَ أن اتَّفَقَا على طَاعةِ أَخيهِما المَلِكِ الرَّحيم، فتَوَجَّهَا نَحوَها فيمَن معهما مِن العَساكِر، وحَصَرَا فولاذ فيها، وطال الحِصارُ إلى أن عُدِمَ القُوتُ فيها، وبَلَغَ سِعرُ سَبعةِ أَرطالٍ حِنطَة بدِينار ومات أَهلُها جُوعًا، وكان مَن بَقِيَ فيها نحوَ أَلفِ إنسانٍ، وتَعَذَّرَ المُقامُ في البَلدِ على فولاذ، فخَرَجَ هاربًا مع مَن في صُحبَتِه من الديلم إلى نَواحي البَيضاءِ وقَلعةِ إصطخر، ودَخَل الأَميرُ أبو سعدٍ، والأميرُ أبو منصور شيراز، وعَساكِرُهما، ومَلَكوها، وأَقاموا بها.
سار سُليمانُ بن قتلمش، صاحِبُ قونية وأقصرا وأَعمالِها من بلادِ الرُّومِ، إلى الشم الشام، فمَلَكَ مَدينةَ أنطاكية من أرضِ الشامِ، وكانت بَيَدِ الرُّومِ من سَنةِ 358هـ، وسَببُ مُلْكِ سُليمانَ المدينةَ أن صاحِبَها الفردوس الرُّوميَّ كان قد سار عنها إلى بِلادِ الرُّومِ، ورَتَّبَ بها شِحْنَةً – مَسؤول عن ضَبْطِ المدينة-، وكان الفردوس مُسيئًا إلى أَهلِها، وإلى جُنْدِه أيضًا، فاتَّفقَ ابنُه والشِّحْنَةِ على تَسليمِ البَلدِ إلى سُليمانَ بن قتلمش، وكاتَبوهُ يَستَدعونه، فرَكِبَ البحرَ وأَخذَ البلدَ في شعبانَ، فقاتَلهُ أَهلُ البلدِ، فهَزَمهم مَرَّةً بعدَ أُخرى، وقَتلَ كَثيرًا من أَهلِها، ثم عَفَا عنهم، وتَسلَّم القَلعةَ المعروفة بالقسيان، وأَخذَ من الأَموالِ ما يُجاوِز الإحصاءَ، وأَحسنَ إلى الرَّعِيَّةِ، وعَدَلَ فيهم، وأَمرَهم بعِمارَةِ ما خُرِّبَ، ومَنعَ أَصحابَه من النُّزولِ في دُورِهم ومُخالَطَتِهم، ولمَّا مَلَكَ سُليمانُ أنطاكية أَرسلَ إلى السُّلطانِ ملكشاه يُبَشِّرُهُ بذلك، ويَنسُب هذا الفَتحَ إليه لأنَّه من أَهلِه، وممَّن يَتولَّى طاعتَه، فأَظهرَ ملكشاه البِشارةَ به، وهَنَّأَهُ الناسُ.