الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 2316 ). زمن البحث بالثانية ( 0.008 )

العام الهجري : 720 العام الميلادي : 1320
تفاصيل الحدث:

قَدِمَ المجدُ السلامي على البريدِ مِن عند الملك أبي سعيد بن خربندا في طلب الصُّلحِ، فخرج القاضي كريم الدين الكبير إلى لقائه، وصَعِدَ به إلى القلعة، فأخبر المجد السلامي برغبةِ جوبان وأعيان دولة أبي سعيد في الصلحِ، وأنَّ الهديَّةَ تَصِلُ مع الرسل، فكَتَب إلى نائبي حلب ودمشق بتلقِّي الرسُلِ وإكرامِهم، فقدم البريدُ بأن سليمان بن مهنا عارض الرُّسُل، وأخذ جميعَ ما معهم من الهَديَّة، وقد خرج عن الطاعةِ لإخراجِ أبيه مهنَّا من البلاد وإقامةِ غيرِه في إمرة العرب، ثمَّ قَدِمَت الرسل بعد ذلك بالكُتُب، وفيها طلب الصلحِ بشُروطٍ: منها ألا تدخُلَ الفداوية إليهم، وأنَّ مَن حضر من مصر إليهم لا يُطلَبُ، ومن حضر منهم إلى مصرَ لا يعود إليهم إلَّا برضاه، وألَّا يُبعَث إليهم بغارة من عَرَب ولا تُركمان، وأن تكون الطريقُ بين المملكتين مفتوحةً تسير تجارُ كُلِّ مملكة إلى الأخرى، وأن يسيرَ الركبُ من العراق إلى الحجاز في كلِّ عامٍ بمَحمَلٍ ومعه سنجق فيه اسمُ صاحِبِ مِصرَ مع سنجق أبي سعيد ليتجَمَّلَ بالسنجق السلطانيِّ، وألا يُطلَب الأميرُ قراسنقر، فجمع السلطانُ الأمراءَ واستشارهم في ذلك بعدما قرأ عليهم الكتاب، فاتفق الرأي على إمضاءِ الصلحِ بهذه الشروط، وجُهِّزَت الهدايا لأبي سعيدٍ, وفيها خِلعةٌ أطلس باولي زركش، وقباءٌ تتَرِيٌّ وقرقلات وغير ذلك، ممَّا بلغت قيمته أربعين ألف دينار، وأعيد الرسُلُ بالجوابِ، وفيه ألَّا يُمكَّنَ عَرَبُ آل عيسى من الدخول إلى العراق، فإنَّ العَسكَرَ واصِلٌ لقتالهم، وسافر السلامي على البريد يُبَشِّرُ بعود الرسُلِ بالهَديَّة.

العام الهجري : 501 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1108
تفاصيل الحدث:

هو الأمير سيف الدولة صدقة بن بهاء الدولة منصور بن ملك العرب دبيس بن علي بن مزيد الأسدي، الناشري العراقي صاحب الحلة السيفية. كان يتشيع هو وأهل بيته، ويقال له ملك العرب. وكان ذا بأس وسطوة، كريمًا ذا ذمام، عفيفًا من الزنا والفواحش، كأن عليه رقيبًا من الصيانة، ولم يتزوج على زوجته قطُّ ولا تسرَّى، وقيل: إنه لم يشرب مُسكِرًا ولا سَمِعَ غناءً ولا قصد التسوُّقَ في طعام، ولا صادر أحدًا من أصحابه، وكان تاريخ العرب الأماجد كرمًا ووفاءً، وكانت داره ببغداد حرمَ الخائفين. اختطَّ مدينة الحلة في سنة خمس وتسعين وأربع مائة، وسكنها الشيعة، وكان قد عَظُم شأن صدقة، وعلا قدره، واتسع جاهه، واستجار به صغار الناس وكبارهم، فأجابهم، وكان كثير العناية بأمور السلطان محمد، والتقوية ليده، والشدِّ منه على أخيه بركيارق، حتى إنه جاهر بركيارق بالعداوة، ولم يبرحْ على مصافاة السلطان محمد، وزاده محمد إقطاعًا، من جملته مدينة واسط، وأذن له في أخذ البصرة. ثم أفسد ما بينهما العميدُ أبو جعفر محمد بن الحسين البلخي، ثم إنه تعدى ذلك حتى طعن في اعتقاده، ونسبه وأهل بلده إلى مذهب الباطنية، وقيل: إنما كان مذهبه التشيع لا غير، ووافق أرغون السعدي أبا جعفر العميد، وأما سبب قتله فإن السلطان محمدًا قد سخط على أبي دلف سرخاب بن كيخسرو، صاحب ساوة وآبة، فهرب منه وقصد صدقة فاستجار به فأجاره، فأرسل السلطان يطلب من صدقة أن يسلِّمَه إلى نوابه، فلم يفعل، وظهر منه أمورٌ أنكرها السلطان, فأنفذ الخليفةُ المستظهر بالله إلى صدقة ينهاه عن الخروج على السلطان، وتردَّدت الرسل بين الخليفة وصدقة, فما سمع صدقة، واجتمع له عشرون ألف فارس، وثلاثون ألف راجل، فتوجَّه السلطان إلى العراق ليتلافى هذا الأمر، فالتقى الجمعان عند النعمانية، فرشقتهم عساكر السلطان بالسهام، فجرحت خيولهم، ثم ولَّوا، وبقي صدقة يجول بنفسه، فجُرِح فرسه المهلوب، وكان عديمَ المثَل، وهرب وزيره على فرس له، فناداه، فما ألوى عليه، ثم جاءته ضربةُ سيف في وجهه، وقُتِلَ صدقة، وحُمل رأسه إلى بغداد. وقتل من أصحابه ما يزيد على ثلاثة آلاف فارس، فيهم جماعة من أهل بيته، وأُسِرَ ابنه دبيس ووزيره وعِدَّةٌ من أهله، وكان عمره تسعًا وخمسين سنة، وكانت إمارته إحدى وعشرين سنة، وحُمِل فدفن في مشهد الحسين عليه السلام, ثم عاد السلطان إلى بغداد، ولم يَصِل إلى الحلة، وأرسل إلى البطيحة أمانًا لزوجة صدقة، وأمرها بالظهور فأصعدت إلى بغداد، فأطلق السلطان ابنها دبيسًا، وأنفذ معه جماعة من الأمراء إلى لقائها.

العام الهجري : 588 العام الميلادي : 1192
تفاصيل الحدث:

في سنة ثلاث وثمانين غزا شهاب الدين الغوري بلد الهند، وانهزم أمامَ أحد ملوكها وبَقِيَ إلى الآن في نفسه غَضَبٌ عظيمٌ على الجند الغورية الذين انهزموا، فألزَمَهم من الهوان، حتى هذه السَّنة فخرج من غزنة وقد جمع عساكِرَه وسار منهم يطلُبُ عَدُوَّه الهندي الذي هزمه تلك النوبةَ، قال ابن الأثير: " لما وصل الغوري إلى برشاوور تقَدَّمَ إليه شيخ من الغورية كان يدُلُّ عليه، فقال له: قد قَرُبنا من العدو، وما يعلَمُ أحد أين نمضي، ولا من نَقصِدُ، ولا نَرُدُّ على الأمراء سلامًا، وهذا لا يجوز فِعلُه. فقال له السلطان: اعلَمْ أنَّني منذ هزمني هذا الكافِرُ، ما نمت مع زوجتي، ولا غيَّرْتُ ثياب البياضِ عني، وأنا سائِرٌ إلى عدوي، ومعتَمِدٌ على الله تعالى لا على الغوريَّة، ولا على غيرهم، فإن نَصَرَني الله سبحانه ونَصَرَ دينَه، فمِن فَضلِه وكَرَمِه، وإن انهَزَمْنا فلا تطلبوني فيمن انهَزَم، ولو هَلكْتُ تحت حوافِرِ الخيل, فقال له الشيخ: سوف ترى بني عَمِّك من الغورية ما يفعلونَ، فينبغي أن تكَلِّمَهم وتَرُدَّ سلامهم. ففعل ذلك وبَقِيَ أمراء الغورية يتضَرَّعون بين يديه، ويقولون سوف ترى ما نفعَلُ" ثم سار إلى أن وصل إلى موضع المصافِّ الأول، وجازه مسيرة أربعة أيام، وأخذ عِدَّةَ مواضِعَ مِن بلاد العدو، فلما سمع الهندي تجهَّزَ وجمع عساكره، وسار يطلب المسلمين، فلما بقِيَ بين الطائفتين مرحلةٌ عاد شهاب الدين وراءه والكافِرُ في أعقابه أربع منازل، وتمَّ على حاله عائدًا إلى أن بَقِيَ بينه وبين بلاد الإسلام ثلاثة أيام، والكافِرُ في أثره يتبعه، حتى لحقه قريبًا من مرندة فجَرَّدَ شهاب الدين من عسكَرِه سبعين ألفًا، وقال: أريدُ هذه الليلة تدورونَ حتى تكونوا وراء عسكَرِ العدو، وعند صلاة الصبحِ تأتون أنتم من تلك الناحية، وأنا من هذه الناحية، ففعلوا ذلك، وطلع الفجرُ، ومن عادة الهنود أنَّهم لا يبرحون مِن مضجعهم إلى أن تطلُعَ الشَّمسُ، فلما أصبحوا حمل عليهم عسكَرُ المسلمين من كل جانب، والقَتلُ قد كَثُرَ في الهنود، والنصرُ قد ظهر للمسلمين، فلما رأى ملك الهند ذلك أحضر فرسًا له سابقًا، وركب ليهرُبَ، فقال له أعيان أصحابه: إنَّك حلفت لنا أنَّك لا تُخَلِّينا وتهرُب، فنزل عن الفرس وركِبَ الفيل ووقَفَ مَوضِعَه، والقتالُ شديد، والقَتلُ قد كثر في أصحابه، فانتهى المسلمونَ إليه وأخذوه أسيرًا، وحينئذ عَظُمَ القتلُ والأسر في الهنود، ولم ينجُ منهم إلا القليلُ، وغَنِمَ المُسلِمونَ مِن الهنود أموالًا كثيرة وأمتعة عظيمة، وفي جملة ذلك أربعةَ عشر فيلًا، فسار شهاب الدين وهو معه إلى الحِصنِ الذي له يعول عليه، وهو أجمير، فأخذه، وأخذ جميع البلاد التي تقاربه، وأقطع جميع البلاد لمملوكه قطب الدين أيبك، وعاد إلى غزنة، وقتل ملك الهند.

العام الهجري : 89 العام الميلادي : 707
تفاصيل الحدث:

لمَّا وَصَل موسى إلى أفريقيا وبها صالِحٌ الذي اسْتَخْلَفَه حَسَّانُ على أفريقيا، وكان البَرْبَر قد طَمِعوا في البِلاد بعدَ مَسير حَسَّان عنها، فلمَّا وَصَل موسى عَزَل صالِحًا، وبَلَغَه أنَّ بأَطْرافِ البِلادِ قومًا خارجِين عن الطَّاعَة، فوَجَّه إليه ابنَه عبدَ الله فقاتَلَهم فظَفَر بهم، وسَبَى منهم ألفَ رَأسٍ، وسَيَّرَه في البَحرِ إلى جَزيرَة مَيُورْقَة، فنَهَبَها وغَنِمَ منها ما لا يُحْصَى وعاد سالِمًا، فوَجَّه ابنَه هارونَ إلى طائِفَة أُخرى فظَفَر بهم وسَبَى منهم نحوَ ذلك، وتَوَجَّه هو بِنَفسِه إلى طائِفَة أُخرى فغَنِمَ نحوَ ذلك، فبَلَغ الخُمُسُ سِتِّين ألف رَأسٍ مِن السَّبْيِ، ولم يَذكُر أَحَدٌ أنَّه سَمِعَ بِسَبْيٍ أَعظَم مِن هذا. ثمَّ قام موسى بن نُصَير بإخْلاءِ ما تَبَقَّى مِن قَواعِد للبِيزَنطيِّين على شَواطِئ تُونُس كما اسْتَعاد المَناطِق التي كان البَرْبَر قد انْتَزَعوها من المسلمين بعدَ فَتْحِها أوَّلَ مَرَّةَ، واهْتَمَّ موسى بِنَشرِ الإسلام بين البَرْبَر ومُسالَمَتِهم واسْتِمالَة رُؤوسِهم، لِيَضْمَن ألَّا يَنْزَعوا للثَّوْرَةِ مُجدَّدًا، فانْضَمَّ إلى جَيشِه الآلافُ منهم بعدَ إسلامِهِم.

العام الهجري : 1220 العام الميلادي : 1805
تفاصيل الحدث:

قبل مبايعة الشريف غالب بايع أهلُ المدينة الإمام سعود على دين الله ورسوله والسمع والطاعة، وهُدِّمت جميعُ القباب التي على القبور والمشاهد, وذلك أنَّ آل مضيان ورؤساء حرب ومن تبِعَهم من عُربانهم كانوا قد أحبُّوا الدعوة وأتباعها، فوفدوا على الإمام عبد العزيز في عهدِه وبايعوه, وأرسل معهم عثمان بن عبد المحسن أبا حسين يعلِّمُهم فرائض الدين ويقرِّرُ لهم التوحيد، فاجتمعوا على حرب المدينة ونزلوا عواليَها ثم أمرهم الإمام عبد العزيز ببناء قصرٍ فيها فبَنَوه وأحكموه واستوطنوه، وتَبِعَهم أهل قبا ومن حولهم وضيَّقوا على أهل المدينة وقطَعوا عنهم السوابل وأقاموا على ذلك سنين، وأرسل إليهم سعود وهم في موضِعِهم ذلك الشيخ العالم قرناس بن عبد الرحمن صاحب بلد الرس في القصيم, فأقام عندهم قاضيًا ومعلِّمًا كل سنة يأتي إليهم في موضِعِهم ذلك، فلما طال الحصار على أهل المدينة وقعت مكاتبات هذا العام بينهم وبين الإمام سعود وبايعوه هذه السنة.

العام الهجري : 98 العام الميلادي : 716
تفاصيل الحدث:

كان يَزيدُ فَتَح جُرجان وقُهِسْتان ثمَّ غَدَر أَهلُ جُرجان، فلمَّا صالَح يَزيدُ إصْبَهْبَذ صاحِبَ طَبَرِسْتان سار إلى جُرجان، وعاهَد الله تعالى لَئِن ظَفَر بهم لا يَرفَع السَّيفَ حتَّى يَطحَن بِدِمائِهم، ويَأكُل مِن ذلك الطَّحِين. فأَتاها فحَصَرهم يَزيدُ فيها سَبعةَ أَشهُر، وهُم يَخرُجون إليه في الأيَّام فيُقاتِلونَه ويَرجِعون, فبَيْنَا هُم على ذلك إذ خَرَج رَجَلٌ مِن عَجَم خُراسان يَتَصَيَّد، وقِيلَ: رَجُل مِن طَيِّء، فأَبْصَر وَعْلًا في الجَبلِ، ولم يَشعُر حتَّى هَجَم على عَسكَرِهم، فرَجَع كأنَّه يُريدُ أَصحابَه، وجَعَل يَخْرِق قَباءَه ويَعقِد على الشَّجَرِ عَلامات، فأَتَى يَزيدُ فأَخبرَه، فضَمَنَ له يَزيدُ دِيَةً إن دَلَّهُم على الحِصْن، فانْتَخَب معه ثلاثمائة رَجُل، واسْتَعمَل عليهم ابنَه خالدَ بن يَزيدَ، وقال له: إن غُلِبْتَ على الحَياةِ فلا تُغْلَبَنَّ على المَوتِ، وإيَّاك أن أراك عندي مَهْزومًا. وضَمَّ إليه جَهْمَ بن زَحْر، وقال للرَّجُل: مَتَى تَصِلون؟ قال: غَدًا العَصرَ. قال يَزيدُ: سأَجْهَدُ على مُناهَضَتِهم عند الظُّهْر. فساروا فلمَّا كان الغَدُ وَقْتَ الظُّهْر أَحْرَق يَزيدُ كُلَّ حَطَب كان عندهم، فصار مِثل الجِبال مِن النِّيران، فنَظَر العَدُوُّ إلى النِّيران فهالَهُم ذلك فخَرجوا إليهم، وتَقدَّم يَزيدُ إليهم فاقْتَتلوا، وهَجَم أَصحابُ يَزيدَ الذين ساروا على عَسْكَرِ التُّرك قبلَ العَصرِ وهُم آمِنون مِن ذلك الوَجْهِ، ويَزيدُ يُقاتِلُهم مِن هذا الوَجْهِ، فما شَعَروا إلَّا بالتَّكْبيرِ مِن وَرائِهم، فانْقَطَعوا جَميعًا إلى حِصْنِهم، ورَكِبَهم المسلمون فأَعْطوا بِأَيدِيهم، ونَزَلوا على حُكْم يَزيد، وسَبَى أَهلَها وغَنِمَ ما فيها، وقَتَل مُقاتِلَتَهم، وصَلَبَهم فَرْسَخَيْنِ إلى يَمينِ الطَّريقِ ويَسارِه، وقاد منهم اثني عَشر ألفًا إلى وادي جُرجان وقال: مَن طَلَبَهم بِثَأْرٍ فلْيُقْتَل. فكان الرَّجُل مِن المسلمين يَقتُل الأَربعَة والخَمسَة، وأَجرَى الماءَ على الدَّمِ وعليه أَرْحاء لِيَطْحَنَ بِدِمائِهم لِيُبِرَّ يَمينَه، فطَحَنَ وخَبَزَ وأَكَل، وقِيلَ: قَتَل منهم أَربعينَ ألفًا, وبَنَى مَدينَة جُرجان، ولم تكُن بُنِيت قبلَ ذلك مَدينةً، ورَجَع إلى خُراسان، واسْتَعمَل على جُرجان جَهْم بن زَحْر الجُعفي، وكَتَب إلى سُليمان بالفَتْح يُعَظِّمُه ويُخبِره أنَّه قد حَصَل عنده مِن الخُمُس ستُّمائة ألف ألف، فقال له كاتِبُه المُغيرَة بن أبي قُرَّة مَوْلَى بَنِي سَدوس لا تَكتُب تَسمِيَةَ المالِ، فإنَّك مِن ذلك بين أَمرَيْنِ، إمَّا اسْتَكْثَرَهُ فأَمَرَك بِحَمْلِه، وإمَّا سَمَحَت نَفْسُه لك به فأَعطاكَه، فتَكَلَّف الهَدِيَّة، فلا يَأتِيه مِن قِبَلِك شَيءٌ إلَّا اسْتَقَلَّهُ، فكأَنِّي بك قد اسْتَغْرَقْتَ ما سَمَّيْتَ ولم يَقَع منه مَوْقِعًا، ويَبْقَى المالُ الذي سَمَّيْتَ مُخَلَّدًا في دَواوينِهم، فإن وَلِيَ والٍ بعدَه أَخَذَك به، وإن وَلِيَ مَن يَتَحامَل عليك لم يَرْضَ بأَضعافِه، ولكن اكتُب فَسَلْهُ القُدومَ، وشافِهْهُ بما أَحبَبتَ فهو أَسْلَم. فلم يقبل منه وأَمضَى الكِتابَ، وقِيلَ: كان المَبلَغ أربعة آلاف ألف.

العام الهجري : 1218 العام الميلادي : 1803
تفاصيل الحدث:

جاء محمدُ علي باشا إلى مصرَ مع الجنود الذين جاؤوا لإخراجِ الفرنسيين منها واستطاع بعد مناورات مع المماليك والولاة والعثمانيين والأهالي أن يتوصَّلَ إلى ولايةِ مصر في العاشرِ من شهر ربيع الثاني من عام 1220هـ حتى عندما حاول الإنجليز لدى الدولة العثمانية عزلَه أو نقلَه، تمسَّك به العلماء والقادة، فصدر أمرٌ بتثبيته عام 1221هـ، ثم استطاع أن يتفَرَّد بالحُكمِ بتخَلُّصِه من المماليك في حادثة القلعة عام 1226هـ وضَرْبِ العلماءِ بعضِهم ببعضٍ، فخلى له الجوُّ وتفَرَّد بالحُكمِ كما يحِبُّ ويشاء.

العام الهجري : 1339 العام الميلادي : 1920
تفاصيل الحدث:

تم توقيعُ معاهدة الصداقة "الأفغانية - السوفيتية الأولى" وهي أول معاهدة تعقِدُها أفغانستان بعد إعلان استقلالها في عام 1919؛ حيث نصَّت المعاهدة على إعادة منطقة "بنجده" -وهي التي كان الروس قد استولوا عليها في عام 1885م- والاعتراف باستقلال الولايات الإسلامية (بخارى وكييف) وعدم الاعتداء بين الطرفين 25 سنة، الأمر الذي لم يفعَلْه الاتحاد السوفيتي حتى سقوطِه في عام 1991. وقد عقَدَ هذه المعاهدةَ الملكُ أمان الله الذي ضاعف حجمَ التبادُلِ التجاري السوفيتي الأفغاني 9 مرات.

العام الهجري : 301 الشهر القمري : جمادى الآخرة العام الميلادي : 914
تفاصيل الحدث:

هو الأميرُ أحمدُ بنُ إسماعيلَ بنِ أحمد بن أسد السامانيُّ مولى بني العباس، أبو نصرٍ صاحِبُ خراسان وما وراء النهر، مِن ولَدِ أسَدِ بنِ سامان، وهم بيت لهم إمرةٌ وحِشمةٌ، وكان أبو نصرٍ حسَنَ السِّيرةِ عظيمَ الحُرمة, وكان مولعًا بالصيدِ، فخرج إلى فربر متصيِّدًا، فلمَّا انصرف أمرَ بإحراقِ ما اشتمل عليه عسكَرُه، وانصرف فورد عليه كتابُ نائبه بطبرستان، وهو أبو العبَّاس صعلوك، وكان يليها بعد وفاةِ ابنِ نوحٍ بها، يخبِرُه بظهور الحسن بن عليٍّ العلويِّ الأطروش بها، وتغلُّبِه عليها، وأنَّه أخرجه عنها، فغَمَّ ذلك أحمد، وعاد إلى معسكره الذي أحرَقَه فنزل عليه فتطيَّرَ الناس من ذلك، وكان له أسدٌ يربطُه كلَّ ليلةٍ على باب مبيته، فلا يجسرُ أحدٌ أن يقربه، فأغفلوا إحضارَ الأسد تلك الليلة، فدخل إليه جماعةٌ من غلمانه، فذبحوه على سريرِه وهربوا، فحُمِلَ إلى بخارى فدُفِنَ بها، ولُقِّبَ حينئذ بالشهيد، وطُلِبَ أولئك الغلمان، فأُخِذَ بعضُهم فقُتل، ووليَ الأمرَ بعده ولدُه أبو الحسَنِ نصرُ بن أحمد، وهو ابنُ ثماني سنين، وكانت ولايةُ نَصرٍ ثلاثين سنة وثلاثة وثلاثين يومًا، ثم اضطرب الأمرُ كثيرًا في سجستان بعد نصرٍ.

العام الهجري : 43 الشهر القمري : شوال العام الميلادي : 664
تفاصيل الحدث:

هو عَمرُو بن العاصِ بن وائلِ بن هاشِم بن سُعَيْدِ –بالتصغير- بن سهمِ بن عَمرِو بن هُصَيْص بن كعبِ بن لُؤَيٍّ القُرشيُّ السَّهميُّ، أميرُ مِصْرَ، يُكَنَّى أبا عبدِ الله، وأبا محمَّد، أَسلَم قبلَ الفتحِ في صَفَر سنة ثمانٍ، وقِيلَ: بين الحُديبيَة وخيبر، ولمَّا أَسلَم كان النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُقَرِّبُه ويُدْنِيهِ لِمَعرفتِه وشَجاعتِه. ووَلَّاهُ غَزوةَ ذاتِ السَّلاسِل، وأَمَدَّهُ بأبي بكرٍ وعُمَر وأبي عُبيدةَ بن الجَرَّاح، ثمَّ اسْتَعمَله على عمَّان، فمات صلَّى الله عليه وسلَّم وعَمرٌو هو أميرُها، ثمَّ كان مِن أُمراءِ الأجنادِ في الجِهادِ بالشَّام في زمن عُمَر، وهو الذي افتتَح قِنَّسْرين، وصالَح أهلُ حَلَب ومَنْبِج وأَنْطاكِيَة، ووَلَّاهُ عُمَرُ فِلَسْطين، ووُلِيَّ عَمرٌو إمِرَةَ مِصْرَ في زمن عُمَر بن الخطَّاب، وهو الذي افتَتَحها وأبقاهُ عُثمانُ قليلًا ثمَّ عزَلهُ ووَلَّى عبدَ الله بن أبي سَرْحٍ، ثمَّ لم يَزَلْ عَمرٌو بغيرِ إمْرَةٍ إلى أن كانت الفِتنَة بين عَلِيٍّ ومُعاوِيَة، فلَحِقَ بمُعاوِيَة فكان معه يُدَبِّرُ أمْرَهُ في الحربِ إلى أن جَرى أَمْرُ الحَكَمَيْنِ، ثمَّ سار في جيشٍ جَهَّزَهُ مُعاوِيَةُ إلى مِصْرَ فوَلِيَها لمُعاوِيَة مِن صَفَر سنة ثمانٍ وثلاثين إلى أن مات سنة ثلاثٍ وأربعين على الصَّحيح. تُوفِّي وهو ابنُ تِسعين سنة. وفي صحيحِ مُسلمٍ مِن رِواية عبدِ الرَّحمن بن شِماسَةَ قال: فلمَّا حَضَرَت عَمرَو بن العاصِ الوَفاةُ بَكى، فقال له عبدُ الله بن عَمرٍو ابنُه: ما يُبكيكَ؟ فذَكر الحديثَ بطُولِه في قِصَّةِ إسلامِه، وأنَّه كان شديدَ الحياءِ مِن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا يَرفَعُ طَرْفَه إليه. وذكَرها ابنُ عبدِ الحَكَم في فُتوحِ مِصْر، وزاد فيها أشياء مِن رِواية ابنِ لَهِيعَةَ.

العام الهجري : 510 العام الميلادي : 1116
تفاصيل الحدث:

كان السلطانُ محمد بن ملكشاه ببغداد عازمًا على المقام بفارس، فاضطرَّ إلى المسير إلى أصبهان ليكونَ قريبًا من فارس؛ لئلَّا تختلف عليه، ولما قصده جاولي سقاوو ورضي عنه أقطعَه بلاد فارس، بعد أن أخذ منه الموصل, فسار جاولي إليها ومعه ولد السلطان جغري، وهو طفل له من العمر سنتان، وأمره بإصلاحها، وقَمْعِ المفسدين بها، فسار إليها، فأوَّل ما اعتمده فيها أنه لم يتوسط بلاد الأمير بلدجي، وهو من كبار مماليك السلطان ملكشاه، ومن جملة بلاده كليل وسرماه، وكان متمكنًا بتلك البلاد. وراسله جاولي ليحضر خدمة جغري ولد السلطان، وعلَّم جغري أن يقول بالفارسية: خذوه، فلما دخل بلدجي قال: جغري على عادته: خذوه، فأُخِذ وقُتِل، ونُهِبت أموالُه. وكان لبلدجي من جملة حصونه قلعة إصطخر، وهي من أمنع القلاع وأحصنها، وكان بها أهلُه وذخائره، وقد استناب في حفظها وزيرًا له يعرف بالجهرمي، فعصى عليه، وأخرج إليه أهله وبعض المال، ولم تزل في يد الجهرمي حتى وصل جاولي إلى فارس فأخذها منه، وجعل فيها أمواله. وكان بفارس جماعة من أمراء الشوانكارة، وهم خلق كثير لا يُحصَون، ومُقَدَّمُهم الحسن بن المبارز، المعروف بخسرو، وله فسا وغيرها، فراسله جاولي ليحضُرَ خدمة جغري، فأجاب: إنني عبد السلطان وفي طاعته، فأما الحضور فلا سبيل إليه؛ لأنني قد عرفت عادتك مع بلدجي وغيره، ولكنني أحمل إلى السلطان ما يؤثِرُه. فلما سمع جاولي جوابه علم أنه لا مقامَ له بفارس معه، فأظهر العودَ إلى السلطان، وحمل أثقالَه على الدواب، وسار كأنه يطلب السلطان، ورجع الرسولُ إلى خسرو فأخبره، فاغتَرَّ وقعد للشرب وأمن. وأما جاولي فإنه عاد من الطريق إلى خسرو جريدة في نفر يسير، فوصل إليه وهو مخمور نائم، فكبسَه، فأنبهه أخوه فضلوه، فلم يستيقظ فصب عليه الماء البارد فأفاق، وركب من وقته وانهزم، وتفَرَّق أصحابه، ونهب جاولي ثقله وأمواله، وأكثر القتلَ في أصحابه، ونجا خسرو إلى حصنه، وهو بين جبلين، يقال لأحدهما أنج. وسار جاولي إلى مدينة فسا فتسلمها، ونهب كثيرًا من بلاد فارس منها جهرم، وسار إلى خسرو وحصره مدة، وضيق عليه، فرأى من امتناع حصنه وقوتِه وكثرة ذخائره ما علم معه أن المدة تطول عليه، فصالحه ليشتغِلَ بباقي بلاد فارس، ورحل عنه إلى شيراز، فأقام بها، ثم توجه إلى كارزون فملكها، وحصر أبا سعد محمدًا في قلعته، وأقام عليها سنتين صيفًا وشتاء، فراسله جاولي في الصلح، ثم نفذ ما عند أبي سعد، فطلب الأمان فأمَّنه، وتسلم الحصن. ثم إن جاولي أساء معاملته، فهرب، فقبض على أولاده، وبثَّ الرجال في أثره، فرأى بعضهم زنجيًّا يحمل شيئًا، فقال: ما معك؟ فقال: زادي، ففتَّشه، فرأى دجاجًا وحلواء السكر، فقال: ما هذا من طعامِك! فضربه، فأقَرَّ على أبي سعد، وأنه يحمِلُ ذلك إليه، فقصدوه، وهو في شِعبِ جبل، فأخذه الجندي وحمله إلى جاولي فقتله. وسار إلى داربجرد، وصاحبها اسمه إبراهيم، فهرب صاحبها منه إلى كرمان خوفًا منه، وكان بينه وبين صاحب كرمان صهر، وهو أرسلانشاه بن كرمانشاه بن أرسلان بك بن قاورت، فقال له: لو تعاضدنا لم يقدِرْ علينا جاولي، وطلب منه النجدة، وسار جاولي بعد هربه منه إلى حصار رتيل رننه، يعني مضيق رننه، وهو موضع لم يؤخذ قهرًا قط؛ لأنه واد نحو فرسخين، وفي صدره قلعة منيعة على جبل عال، وأهل داربجرد يتحصَّنون به إذا خافوا، فأقاموا به، وحفظوا أعلاه. فلما رأى جاولي حصانتَه سار يطلب البرية نحو كرمان، كاتمًا أمره، ثم رجع من طريق كرمان إلى داربجرد، مظهرًا أنه من عسكر الملك أرسلانشاه، صاحب كرمان، فلم يشكَّ أهل الحصن أنهم مدَدٌ لهم مع صاحبهم، فأظهروا السرور، وأذنوا له في دخول المضيق، فلما دخله وضع السيفَ فيمن هناك، فلم ينجُ غير القليل، ونهب أموالَ أهل داربجرد وعاد إلى مكانه، وراسل خسرو يعلمه أنه عازم على التوجه إلى كرمان، ويدعوه إليه، فلم يَجِدْ بدًّا من موافقته، فنزل إليه طائعًا، وسار معه إلى كرمان، وأرسل إلى صاحبها القاضي أبا طاهر عبد الله بن طاهر قاضي شيراز، يأمره بإعادة الشوانكارة؛ لأنهم رعية السلطان، يقول: إنه متى أعادهم عاد عن قصد بلاده، وإلا قصَدَه، فأعاد صاحب كرمان جواب الرسالة متضمنة الشفاعة فيهم؛ حيث استجاروا به. ولما وصل الرسول إلى جاولي أحسن إليه، وأجزل له العطاء، وأفسده على صاحبه، وجعله عينًا له عليه، وقرر معه إعادة عسكر كرمان ليدخل البلاد وهم غارُّون، فلما عاد الرسول وبلغ السيرجان، وبها عساكر صاحب كرمان، ووزيره مقدَّم الجيش، أعلم الوزير ما عليه جاولي من المقاربة، وأنه يفارق ما كرهوه، وأكثر من هذا النوع، وقال: لكنه مستوحِش من اجتماع العساكر بالسيرجان، وإن أعداء جاولي طمعوا فيه بهذا العسكر، والرأي أن تعاد العساكر إلى بلادها. فعاد الوزير والعساكر وخلت السيرجان، وسار جاولي في أثر الرسول، فنزل بفرج، وهي الحد بين فارس وكرمان، فحاصرها، فلما بلغ ذلك ملك كرمان أحضر الرسول وأنكر عليه إعادة العسكر، فاعتذر إليه. وكان مع الرسول فراش لجاولي ليعود إليه بالأخبار، فارتاب به الوزير، فعاقبه، فأقر على الرسول فصُلِب ونُهِبت أموالُه وصُلِب الفراش، وندب العساكر إلى المسير إلى جاولي، فساروا في ستة آلاف فارس. وكانت الولاية التي هي الحد بين فارس وكرمان بيد إنسان يسمَّى موسى، وكان ذا رأي ومكر، فاجتمع بالعسكر، وأشار عليهم بترك الجادة المسلوكة، وقال: إن جاولي محتاطٌ منها، وسلك بهم طريقًا غير مسلوكة بين جبال ومضايق. وكان جاولي يحاصِرُ فرج، وقد ضيَّق على من بها، وهو يدمن الشرب، فسير أميرًا في طائفة من عسكره ليلقى العسكر المنفذ من كرمان، فسار الأمير فلم ير أحدًا، فظن أنهم قد عادوا، فرجع إلى جاولي وقال: إن العسكر كان قليلًا، فعاد خوفًا منا، فاطمأن حينئذ جاولي، وأدمن شرب الخمر. ووصل عسكر كرمان إليه ليلًا، وهو سكران نائم، فأيقظه بعض أصحابه وأخبره، فقطع لسانه، فأتاه غيره وأيقظه وعرَّفه الحال، فاستيقظ وركب وانهزم، وقد تفرَّق عسكره منهزمين، فقُتِل منهم وأُسِرَ كثير، وأدركه خسرو وابن أبي سعد الذي قتل جاولي أباه، فسارا معه في أصحابهما، فلم ير معه أحدًا من أصحابه الأتراك، فخاف على نفسه منهم، فقالا له: إنا لا نغدِرُ بك، ولن ترى منا إلا الخير والسلامة، وسارا معه، حتى وصل إلى مدينة فسا، واتصل به المنهزمون من أصحابه، وأطلق صاحب كرمان الأسرى وجهزهم، وكانت هذه الوقعة في شوال سنة ثمان وخمسمائة. وبينما جاولي يدبر الأمر ليعاود كرمان ويأخذ بثأره توفِّيَ الملك جغري ابن السلطان محمد، وعمره خمس سنين، وكانت وفاته في ذي الحجة سنة تسع وخمسمائة، ففت ذلك في عضده، فأرسل ملك كرمان رسولًا إلى السلطان، وهو ببغداد، يطلب منه منع جاولي عنه، فأجابه السلطان أنه لا بد من إرضاء جاولي وتسليم فرج إليه، فعاد الرسول في ربيع الأول سنة عشر وخمسمائة، فتوفي جاولي، فأمنوا ما كانوا يخافونه، فلما سمع السلطان سار عن بغداد إلى أصبهان؛ خوفًا على فارس من صاحب كرمان.

العام الهجري : 379 العام الميلادي : 989
تفاصيل الحدث:

سار فخرُ الدَّولةِ بنُ ركن الدولةِ مِن الريِّ إلى همذان، عازمًا على قَصدِ العِراقِ والاستيلاء عليها، فلمَّا توفِّيَ شَرَفُ الدولة عَلِمَ أنَّ الفُرصةَ قد أمكَنَت، وكان الصاحِبُ بنُ عَبَّاد قد وضع على فَخرِ الدَّولةِ مَن يُعَظِّمُ عنده مُلكَ العِراقِ، ولم يباشِرْ على ذلك خوفًا من خطر العاقبةِ، إلى أن قال له فخرُ الدولة: ما عندك في هذا الأمرِ؟ فأحال على أنَّ سعادتَه تُسَهِّلُ كُلَّ صَعبٍ، وعَظَّمَ البِلادَ. فتجَهَّزَ فخرُ الدولة وسار إلى همذان، وأتاه بدرُ بنُ حسنويه، وقصَدَه دبيس بن عفيف الأسدي، فاستقَرَّ الأمرُ على أن يسيرَ الصَّاحِبُ بنُ عبَّاد وبدر إلى العراق على الجادَّة، ويسير فخر الدَّولة على خوزستان. فلما سار الصاحِبُ حَذَّرَ فَخرَ الدَّولةِ مِن ناحيته، لكِنَّ فَخرَ الدولة أساء السيرةَ مع جندها، وضَيَّقَ عليهم، ولم يبذُل المال، فخابت ظنونُ النَّاسِ فيه، وكذلك أيضًا عسكَرُه، وقالوا: هكذا يفعَلُ بنا إذا تمكَّنَ مِن إرادته، فتخاذلوا، وكان الصاحِبُ قد أمسَكَ نفَسه تأثرًا بما قيل عنه من اتِّهامِه، فالأمورُ بسُكوتِه غيرُ مُستقيمةٍ. فلمَّا سَمِعَ بهاءُ الدولة بوصولِهم إلى الأهواز سيَّرَ إليهم العساكر، والتَقَوا هم وعساكر فخرِ الدولة، فاتفَقَ أنَّ دجلة الأهواز زادت ذلك الوقتَ زيادةً عظيمةً، وانفتحت البثوق منها، فظَنَّها عسكَرُ فخر الدولة مكيدةً، فانهزموا، فقَلِقَ فَخرُ الدولة من ذلك، وكان قد استبَدَّ برأيه، فعاد حينئذٍ إلى رأي الصَّاحبِ، فأشار ببذل المال، واستصلاحِ الجُند، وقيل له: إنَّ الرأيَ في مثل هذه الأوقات إخراجُ المال وتركُ مضايقة الجُند، فإن أطلَقْتَ المالَ ضَمِنْتُ لك حُصولَ أضعافِه بعد سَنةٍ. فلم يفعَلْ ذلك، وتفَرَّقَ عنه كثيرٌ مِن عَسكَرِ الأهواز، واتسَعَ الخَرقُ عليه، وضاقت الأمورُ به، فعاد إلى الرَّيِّ، وقَبَض في طريقِه على جماعةٍ مِن القُوَّاد الرازيِّينَ، ومَلَك أصحابُ بهاءِ الدَّولةِ الأهوازَ.

العام الهجري : 252 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 866
تفاصيل الحدث:

كان سببُها أنَّ الأتراكَ وثَبوا بالوزيرِ عيسى بن فرخان شاه، فضربوه، وأخذوا دابَّته، واجتمَعَت المغاربةُ مع محمد بن راشد، ونصر بن سعد، وغلبوا الأتراكَ على الجوسق، وأخرجوهم منه، وقالوا لهم: كلَّ يومٍ تقتلونَ خليفةً، وتخلعونَ آخر, وتقتلونَ وزيرًا وتُثبِتونَ آخرَ، وصار الجوسق وبيتُ المال في أيدي المغاربة، وأخذوا الدوابَّ التي كان تَرَكها الأتراكُ، فاجتمع الأتراكُ وأرسلوا إلى من بالكرخ والدُّور منهم، فاجتمعوا وتلاقَوا هم والمغاربة، وأعان الغوغاءُ والشاكريَّة المغاربةَ، فضَعُف الأتراكُ وانقادوا، فأصلحَ جعفرُ بن عبد الواحد بينهم، على ألَّا يُحدِثوا شيئًا، ويكون في كلِّ موضعٍ يكونُ فيه رجلٌ من الفريقين يكونُ فيه رجلٌ من الفريقِ الآخر، فمكثوا مدةً مديدةً، ثم اجتمَعَ الأتراك وقالوا: نطلبُ هذين الرأسينِ- يعنون محمد بن راشد ونصر بن سعيد- فإن ظَفِرنا بهما فلا يَنطِق أحدٌ. فبلغَهما خبرُ اجتماع الأتراك عليهما، فخرجا إلى منزل محمد بن عزون؛ ليكونا عنده حتى يسكُنَ الأتراكُ، ثم يرجعا إلى جمعِهما، فغمز ابن عزون بهما إلى الأتراك، فأخذوهما فقَتلوهما فبلغ ذلك المعتَزَّ، فأراد قتل ابن عزون، فكُلِّمَ فيه فنفاه إلى بغداد.

العام الهجري : 161 العام الميلادي : 777
تفاصيل الحدث:

عبَرَ عبد الرحمن بن حبيب الفهري، المعروف بالصقلبي- وإنَّما سمي به لطولِه وزُرقتِه وشُقرتِه- من إفريقية إلى الأندلس مُحاربًا لهم، ليدخُلوا في طاعة العباسيَّين، وكان عبورُه في ساحل تدمير، وكاتبَ سليمانَ بن يقظان بالدخول في أمرِه، ومحاربةِ عبد الرحمن الداخل، والدُّعاءِ إلى طاعة المهدي. وكان سليمان ببرشلونة، فلم يجِبْه، فاغتاظَ عليه، وقصَدَ بلدَه فيمن معه من البربرِ، فهزمه سليمان، فعاد الصقلبيُّ إلى تدمير، وسار عبد الرحمن الداخل نحوَه في العدَد والعُدَّة، وأحرق السفُنَ تضييقًا على الصقلبي في الهرب، فقصدَ الصقلبي جبلًا منيعًا بناحية بلنسية، فبذلَ الداخل ألف دينارٍ لِمَن أتاه برأسِه، فاغتاله رجلٌ من البربر، فقتله، وحمل رأسَه إلى عبد الرحمن، فأعطاه ألفَ دينار، وكان قتْلُه سنة اثنتينِ وستين ومائة

العام الهجري : 1210 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1795
تفاصيل الحدث:

في أواخرِ القرن الثامن عشر الميلادي بدأت السفنُ الأمريكية بعد أن استقلَّت أمريكا عن إنجلترا سنة 1190هـ ترفعُ أعلامَها لأولِ مرَّةٍ سنة 1197هـ وتجوب البحارَ والمحيطات. وقد تعرَّض البحَّارة الجزائريون لسفن الولايات المتحدة، فاستولوا على إحدى سفنِها في مياه قادش، وذلك في رمضان 1199هـ ثم ما لَبِثوا أن استولوا على إحدى عشرة سفينةً أخرى تخصُّ الولايات المتحدة الأمريكية وساقوها إلى السواحِلِ الجزائرية. ولَمَّا كانت الولايات المتحدة عاجزةً عن استرداد سُفُنِها بالقوَّةِ العسكرية، وكانت تحتاجُ إلى سنوات طويلة لبناء أسطولٍ بحري يستطيعُ أن يواجه الأسطولَ العثماني اضطرَّت إلى الصُّلحِ وتوقيعِ معاهدة مع الجزائر في 21 صفر من هذا العام, وقد تضَمَّنت هذه المعاهدة 22 مادة مكتوبةً باللغة التركية، وهذه الوثيقةُ هي المعاهدة الوحيدة التي كُتِبت بلغة غير الإنجليزيةِ ووقَّعَت عليها الولايات المتحدة الأمريكية خلال تاريخِها الذي يتجاوزُ قرنين من الزمان، وفي الوقتِ نفسِه هي المعاهَدة الوحيدة التي تعهَّدت فيها الولايات المتحدة بدفعِ ضريبةٍ سنوية، وبمقتضاها استردَّت الولايات المتحدة أَسراها، وضَمِنَت عدم تعرض البحَّارة الجزائريين لسُفُنِها.