الموسوعة التاريخية

عدد النتائج ( 328 ). زمن البحث بالثانية ( 0.006 )

العام الهجري : 1246 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1831
تفاصيل الحدث:

وقع وباءٌ وموتٌ عظيم في مكة، وهو الوباء المعروف بـ أبو زويعة (العقاص) وأوَّل ما وقع فيها قبل قدومِ الحاجِّ، ومات منه فئامٌ مِن الناس ثم ارتفع عنها مع دخول ذي الحجة، فلما كان يومُ النحر حلَّ الوباء والموت العظيم ثانيًا في الحاجِّ وغيرِهم، وقيل: لم يبقَ من حاج الشامِ إلا قدرُ ثلُثِه، ومن حاجِّ أهل نجد من كلِّ بلد هلك بعضُهم نصفُه، وبعضهم أقل أو أكثر، وأُحصي من مات من أهل مكة فكانوا 16 ألف نفسٍ، ولَمَّا قَدِمَ الحاج الشامي المدينةَ بالليل راجعًا من مكة وقع الموتُ في الناس وقتَ السَّحَرِ، وحل بهم أمرٌ عظيمٌ، فخرج أهل المدينة بالنساء والأطفال وتضرَّعوا في حرَمِ النبي صلى الله عليه وسلم، حتى رفع اللهُ عنهم البلاء.

العام الهجري : 1445 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 2023
تفاصيل الحدث:

شَنَّت الفَصائِلُ المُسلَّحةُ الفِلَسطينيَّةُ بقيادةِ (حركة حماس) عمليَّةً عسكريَّةً مباغِتةً وواسِعةً تحتَ اسمِ عمليَّةِ "طوفان الأقصى" اختَرَقت فيها السِّياجَ الحُدوديَّ، وهاجمَت من عِدَّةِ نِقاطٍ المُستوطَناتِ والثُّكْناتِ الإسرائيليَّةَ في مِنطَقةِ غِلافِ غَزَّةَ، واحتجزَت عَدَدًا من المُستوطنينَ والجنودِ رهائِنَ مِن أجلِ عَمَليَّاتِ تبادُلِ الأسرى؛ قامت بعَدهَا دَولةُ الاحتلالِ الإسرائيليِّ -وبِدَعمٍ أمريكيٍّ وغَربيٍّ واسِعٍ- بإعلانِ الحَربِ على قِطاعِ غَزَّةَ، وتنفيذِ هَجَماتٍ عَنيفةٍ ووَحشيَّةٍ استمَرَّت مدَّةً زمنيَّةً طويلةً مارست خِلالَها جرائِمَ حَربٍ عديدةً، وقَطْعًا لإمداداتِ المياهِ والغذاءِ والدَّواءِ، وأدَّت إلى إبادةٍ جماعيَّةٍ لسُكَّانِ غَزَّةَ، وقَتلِ النِّساءِ والأطفالِ، ودمارِ المساجِدِ والمدارِسِ والمُستَشفياتِ، وهَدَمِ المنازِلِ على ساكِنيها من المدنيِّينَ، وجُوبِهَت بمقاوَمةٍ شَرِسةٍ مِن الفَصائِلِ المُسلَّحةِ الفِلَسطينيَّةِ

العام الهجري : 578 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1182
تفاصيل الحدث:

فتح المسلمون بالشام شقيفًا من الفرنج، وهو من أعمال طبرية، مُطِل على السواد، وسببُ فَتحِه أنَّ الفرنج لما سمعوا بمسير صلاح الدين من مصر إلى الشام جمعوا له، وحشدوا الفارس والراجل، واجتمعوا بالكرك بالقرب من الطريق؛ لعَلَّهم ينتهزون فرصة، أو يظفرون بنُصرة، وربما عاقوا المسلمينَ عن المسير بأن يَقِفوا على بعض المضايق، فلمَّا فعلوا ذلك خَلَت بلادهم من ناحية الشام، فسَمِعَ عز الدين فرخشاه بن أخي صلاح الدين الخَبَر، فجمع مَن عنده من عساكِرِ الشام، ثمَّ قصد بلاد الفرنج وأغار عليها، ونهب دبورية وما يجاورها من القرى، وأسَرَ الرجال وقَتَل فيهم وأكثَرَ وسَبى النِّساء، وغَنِمَ الأموال وفتَحَ منهم الشقيف، وكان على المسلمينَ منه أذًى شديد، ففَرِحَ المسلمون بفتحه فرحًا عظيمًا، وأرسل إلى صلاح الدين بالبشارة، فلقيه في الطريق، ففَتَّ ذلك في عضد الفرنج، وانكَسَرت شوكتُهم.

العام الهجري : 3 ق هـ الشهر القمري : ذي الحجة العام الميلادي : 620
تفاصيل الحدث:

لمَّا أراد الله عزَّ وجلَّ إظهارَ دينهِ، وإعزازَ نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وإنجازَ مَوعِدِه له خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مَوسمِ الحجِّ يَعرِضُ نَفْسَهُ على قبائلِ العربِ، كما كان صنع في كُلِّ مَوسمٍ. فبينما هو عند العَقبةِ لَقِيَ رهطًا مِنَ الخَزرجِ أراد الله بهم خيرًا فقال لهم مَن أنتم؟ قالوا: نَفرٌ مِنَ الخَزرجِ، قال أمِن موالي يَهودَ؟ قالوا: نعم. قال أفلا تَجلِسون أُكلِّمكُم؟ قالوا: بلى. فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عزَّ وجلَّ، وعرض عليهم الإسلامَ، وتلا عليهم القُرآنَ. وكان مما صنع الله لهم به في الإسلامِ أنَّ يَهودَ كانوا معهم في بلادِهم، وكانوا يتَوعَّدونَهُم بِقُربِ ظُهورِ نَبِيٍّ يتَّبِعونهُ ثمَّ يَقتلون معه العربَ قتلَ إِرَمَ, فلمَّا كلَّمهُم صلَّى الله عليه وسلَّم ودعاهم إلى الله قال بعضُهم لبعضٍ: يا قومُ، تعلموا والله إنَّه للنَّبيُّ الذي تَوعَّدكُم به يَهودُ فلا تَسْبِقَنَّكُم إليه. فأجابوه فيما دعاهم إليه وقالوا له: إنَّا قد تركنا قومَنا، ولا قومٌ بينهم مِنَ العَداوةِ والشَّرِّ ما بينهم، وعسى أن يجمعَهُم الله بكَ. فَسنَقدَمُ فنَدعوهُم إلى أمرِك، ونعرِضُ عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدِّينِ، فإن يَجمعْهُم الله عليك فلا رجلَ أعزُّ منك. ثمَّ انصرفوا راجِعين إلى بلادِهم، قد آمنوا وصدَّقوا". فلمَّا قَدِموا المدينةَ إلى قومِهم ذكروا لهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ودَعوهُم إلى الإسلامِ حتَّى فَشا فيهِم فلمْ يَبْقَ دارٌ مِن دورِ الأنصارِ إلَّا وفيها ذِكْرٌ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

العام الهجري : 85 الشهر القمري : ربيع الأول العام الميلادي : 704
تفاصيل الحدث:

أراد عبدُ الملك بن مَرْوان أن يَخْلَع أخاه عبدَ العزيز مِن وِلايَة العَهْد ويُبايِع لابنِه الوَليد بن عبدِ الملك، فنَهاهُ عن ذلك قَبِيصَةُ بن ذُؤَيْب وقال: لا تَفعَل؛ فإنَّك تَبْعَث على نَفْسِك صَوتَ عَارٍ، ولَعَلَّ الموتَ يأتيه فتَسْتَريح منه. فَكَفَّ عنه ونَفْسُه تُنازِعُه إلى خَلْعِه. فدَخَل عليه رَوْحُ بن زِنْباع، وكان أَجَلَّ النَّاس عند عبدِ الملك، فقال: يا أميرَ المؤمنين، لو خَلعتَه ما انْتَطَح فيه عَنْزان، وأنا أوَّلُ مَن يُجيبُك إلى ذلك. قال: نُصْبِح إن شاء الله. ونام رَوْحٌ عند عبدِ الملك، فدَخَل عليهما قَبيصةُ بن ذُؤَيب وهُما نائِمان، وكان عبدُ الملك قد تَقَدَّم إلى حُجَّابِه أن لا يَحْجِبوا قَبيصةَ عنه، وكان إليه الخاتَم والسِّكَّة، تَأتيهِ الأخبارُ والكُتُبُ قبلَ عبدِ الملك، فلمَّا دَخَل سَلَّم عليه، قال: آجَرَك الله في أَخيك عبدِ العزيز. قال: وهل تُوفِّي؟ قال: نعم. فاسْتَرْجَع عبدُ الملك، ثمَّ أقْبَل على رَوْح، فقال: كَفانا الله ما كُنَّا نُريد، وكان ذلك مُخالِفًا لك يا قَبيصة. فقال قَبيصةُ: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ الرَّأْي كُلَّه في الأَناةِ، فقال عبدُ الملك: ورُبَّما كان في العَجَلة خَيْرٌ كَثيرٌ، رَأيتَ أَمْرَ عَمرِو بن سَعيد، ألم تكُن العَجَلَةُ فيه خيرًا مِن الأَناةِ؟ وكانت وَفاةُ عبدِ العزيز في جُمادَى الأُولى في مِصْرَ، فضَمَّ عبدُ الملك عَمَلَه إلى ابنه عبدِ الله بن عبدِ الملك ووَلَّاه مِصْرَ. فلمَّا مات عبدُ العزيز قال أهلُ الشَّام: رُدَّ على أَميرِ المؤمنين أَمْرُهُ. فلمَّا أَتَى خَبَرُ مَوْتِه إلى عبدِ الملك أَمَر النَّاسَ بالبَيْعَة لابْنَيْهِ الوَليد وسُليمان، فبايَعوا، وكَتَبَ بالبَيْعَة لهما إلى البُلْدان.

العام الهجري : 487 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 1094
تفاصيل الحدث:

هو أَميرُ المؤمنين المُقتَدِي بالله أبو القاسمِ عبدُ الله بنُ الأَميرِ ذَخيرةِ الدِّين أبي العبَّاس محمدِ بن القائمِ بأمرِ الله عبدِ الله بنِ القادرِ بالله أحمدَ بن إسحاقَ بن جَعفرٍ المُقتَدِر بن المُعتَضِد الهاشميُّ العبَّاسيُّ، تُوفِّي أَبوهُ الذَّخيرَةُ والمُقتدِي حَمْلٌ وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ اسمُها: أرجوان، أرمنية عاشَت إلى خِلافَةِ ابنِ ابنِها المُستَرشِد بالله. بُويِعَ المُقتدِي بالخِلافة في ثالث عشر شعبان سَنةَ 467هـ، وهو ابنُ تسع عشرة سَنةً وثلاثة أَشهُر. كان المُقتدِي أَبيضَ حُلْوَ الشَّمائلِ، عُمِّرَت في أَيامِه مَحالٌّ كَثيرةٌ من بغداد، ظَهرَت في أَيامِه خَيراتٌ كَثيرةٌ، وآثارٌ حَسَنةٌ في البُلدان. قال عنه الذهبيُّ: "كانت قَواعِدُ الخِلافَةِ في أَيامِه باهِرَةً، وافِرَةَ الحُرمَةِ. بخِلافِ مَن تَقدَّمَه, ومِن مَحاسِنِه أنه أَمَرَ بنَفيِ المُغَنِّيات والخواطي من بغداد، وأن لا يَدخُل أَحدٌ الحَمَّامَ إلا بمِئزَرٍ. وضرب أَبراجَ الحَمامِ صِيانَةً لِحُرُمِ الناسِ. وكان دَيِّنًا خَيِّرًا، قَوِيَّ النَّفسِ، عاليَ الهِمَّةِ، مِن نُجَباءَ بَنِي العبَّاسِ". وفي يوم الجُمعةِ الرابع عشر المُحرَّم تُوفِّي الخَليفةُ المُقتدِي بأَمرِ الله فَجأَةً، فلمَّا عَلِمَ الوُزراءُ بذلك شَرَعوا في البَيْعَةِ لِوَلِيِّ العَهدِ ووَلَدِه أبي العبَّاسِ أَحمدَ المُستَظهِر بالله، وأُحضِرَ المُستَظهِر بالله لبغداد، وأُعلِمَ بمَوتِ أَبيهِ، وحَضَرَ الوَزيرُ فبايَعَهُ، ورَكِبَ إلى السُّلطانِ بركيارق، فأَعلَمَهُ الحالَ، وأَخَذَ بَيْعَتَه للمُستَظهِر بالله، فلمَّا كان اليومُ الثالث مِن مَوتِ المُقتدِي أُظهِرَ خَبرُ وَفاةِ الخَليفةِ وجُهِّزَ، ثم صَلَّى عليه ابنُه المُستَظهِر، ودُفِنَ، وكانت خِلافَةُ المُقتدِي تِسعَ عشرة سَنةً وثمانية أَشهُر غير يومين.

العام الهجري : 940 العام الميلادي : 1533
تفاصيل الحدث:

لما رأى أهل المغرب ما وقع بين السلطان أبي العباس أحمد الوطاسي صاحب فاس وأبي العباس أحمد السعدي المعروف بالأعرج صاحب مراكش من الاقتتال على الملك، والتهالك عليه، وفناء الخلق بينهم- دخلوا في الصلح بينهم والتراضي على قسمة البلاد، وحضر لذلك جماعةٌ من العلماء والصلحاء، منهم أبو حفص عمر الخطاب، وأبو الرواين المحجوب، وكان صاحب حالٍ وجذبٍ، فجعل الناس يوصونه بالسكوت مخافةَ أن يُفسِدَ عليهم أمرَهم، فلما دخلوا على أبي العباس الأعرج السعدي وأخيه ووزيره محمد الشيخ وتكلموا فيما جاؤوا لأجله، وجدوا فيهما شدةً وغلظة وامتناعًا من مساعدتهم على ما أرادوا، فحلف أبو حفص الخطاب لا دخلوها يعني فاسًا ما دمتُ على وجه الأرض فما دخلها السعديون حتى مات بعد مدة, وقد أُبرِمَ الصلح بين الطائفتين على أنَّ للسعديين من تادلا إلى السوس، ولبني وطاس من تادلا إلى المغرب الأوسط، وإن ممن حضر الصلح قاضيَ الجماعة بفاس أبا الحسن علي بن هارون المطغري، والإمامَ الشهير أبا مالك عبد الواحد بن أحمد الوانشريسي وغيرهما من مشايخ فاس, ولما تواطأت كلمةُ الحاضرين على الصلح وعقدوا شروطه وهدأت الأصوات وسكن اللجاج، أُتى بدواة وقرطاس ليكتب الصلح, فوضعت الدواةُ بين يدي أحد الفقهاء الحاضرين فوجم وانقبض ودفعَها عن نفسه استحياءً في ذلك المحفل أن يكتُب, فأنشأ أبو مالك الوانشريسي في الحين خطبةً بليغة ونسج الصلحَ على منوال عجيب، واخترع أسلوبًا غريبًا تحير فيه الحاضرون، وعجبوا من ثبات جأشه وجموم قريحته في مثل ذلك المشهد العظيم الذي تخرس فيه ألسن الفصحاء هيبةً وإكبارًا! فقام قاضي الجماعة وقبَّله بين عينيه، وقال: جزاك الله عن المسلمين خيرًا.

العام الهجري : 776 العام الميلادي : 1374
تفاصيل الحدث:

هو الوزيرُ العلَّامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن علي بن أحمد السلماني, قرطبي الأصل, نزل سلفة طليطلة ثم لوشة ثم غرناطة، كان سلفة قديمًا يُعرَفون ببني وزير، ثم صاروا يُعرَفون ببني الخطيب نسبةً إلى سعيد جده الأعلى، وكان قد ولِيَ الخَطابة بها وتحَوَّل جَدُّه الأدنى سعيد إلى غرناطة. ولِدَ لسان الدين سنة 713 في لوشة ونشأ في غرناطة، كان عالِمًا بالتاريخ والفلسفة والرياضيات، والفقه والأصول والطب، فألَّفَ في كلِّ ذلك, فله الإحاطة في أخبار غرناطة، وتاريخ ملوك غرناطة، ورسالة في الموسيقى، والحلل المرقومة في اللمع المنظومة، وهي منظومة في أصول الفقه، وله مؤلَّف في الطب ضخم، وعلاج السموم، وكتاب البيطرة. أخذ الطبَّ والمنطق والحساب عن يحيى بن هذيل الفيلسوف, وبرز في الطبِّ وتولَّع بالشعر، فنبغ فيه وترسل ففاق أقرانه، واتصل بالسلطان أبي الحجاج يوسف بن أبي الوليد بن نصر بن الأحمر فمدحه وتقرَّب منه واستكتبه من تحت يد أبي الحسن بن الجباب إلى أن مات أبو الحسَنِ، استقل بكتابة السر وأضاف إليه رسوم الوزارة واستعمله في السفارة إلى الملوك، واستنابه في جميع ما يملِكُه، فلما قُتِل أبو الحجاج سنة 755 وقام ابنُه محمد استمَرَّ لسان الدين الخطيب على وزارته، ثم أرسله إلى أبي عنان المريني بفاس ليستنجِدَه فمدحه فاهتزَّ له وبالغ في إكرامه، فلما خُلِعَ محمد وتغلب أخوه إسماعيل على السلطنة قُبِضَ على الخطيب بعد أن أمَّنَه واستؤصلت نِعمَتُه ولم يكن بالأندلس مِثلُها، فبيع جميعُ ما يَملِكُ, وشَمِلَ الطَّلَبُ جميعَ الأقارب واستمر مسجونًا إلى أن وردت شفاعةُ أبي سالم ابن أبي عنان فيه، ثم شفع له أبو سالم مرةً ثانية فرُدَّت عليه ضِياعُه بغرناطة وقُلِّدَ ما وراء باب السلطان، فباشره مقتصرًا على الكفاية راضيًا به هاجرًا للزُّخرف، صادِعًا بالحق في أسواق الباطل, وعَمَّر حينئذ زاوية ومدرسة وصَلَحت أمور سلطانه على يَدِه، فلم يزل في ذلك إلى أن وقع بينه وبين عثمان بن يحيى بن عمر شيخِ الغُزاة منافرةٌ أدت إلى نفي عُثمان سنة 764 فظَنَّ لسانُ الدين الخطيب أن الوقت صفا له وأقبل سلطانُه على اللهوِ، وانفرد هو بتدبير المملكة، فكَثُرت القالةُ فيه من الحَسَدة واستشعر في آخِرِ الأمر أنهم سَعَوا به, وخَشِيَ على نفسه, فأخذ في التحَيُّل في الخلاصِ، وراسل أبا سالم صاحب فاس في اللحاق به, فدخل مدينة فاس سنة 73 فتلقاه أبو سالم وبالغ في إكرامه وأجرى له الرواتِبَ فاشترى بها ضياعًا وبساتين، فبلغ ذلك أعداءه بالأندلس فسَعَوا به عند سلطانه حتى أذِنَ لهم في الدعوى عليه بمجلِسِ الحكم بكلماتٍ كانت تصدُرُ منه وتُنسَبُ إليه وأثبتوا ذلك وسألوه الحُكمَ به فحُكِمَ بزندقته وإراقةِ دَمِه، وأرسلوا صورة المكتوب إلى فاس، فامتنع أبو سالم فقال: هلا أثبتم ذلك عليه وهو عندكم، فأمَّا ما دام عندي فلا يُوصَلُ إليه، فاستمر على حالته بفاس إلى أن مات أبو سالم فلما تسلطَنَ بها أبو العباس بعده أغراه به بعضُ من كان يعادي الخطيبَ، فلم يزل إلى أن قُبِضَ عليه وحوكم فعَزَّرَه القاضي بالكلامِ ثم امتُحِنَ وعُذِّب، فسُجِنَ وقُتِلَ داخِلَ سِجنِه خَنقًا أوائلَ هذه السنة.

العام الهجري : 1163 الشهر القمري : رجب العام الميلادي : 1750
تفاصيل الحدث:

هو عثمانُ بن حمد بن عبد الله بن محمد بن حمد بن عبد الله بن محمد بن حمد بن حسن بن طوق بن سيف آل معمر، من العناقر، من بني سعد من بني تميم: أمير العيينة. تولى إمارتها خلفًا لأخيه محمد, وهو جدُّ سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد ثالث حكام الدولة السعودية الأولى. كان ابن معمر آوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العيينة ووعد بنصره بعد خروجه من حريملاء، لكنه طرد  الشيخَ من العيينة بعد أن تلقَّى ابن معمر  تهديدًا من قائد الأحساء بشأن الشيخ يأمره أن يقتله، وقال: إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا وكذا، فإما أن تقتله، وإما أن نقطع عنك خراجَك الذي عندنا. فقال للشيخ: إن هذا الأمير كتب إلينا وإنه لا يحسُنُ منا أن نقتلك، وإنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته، فإذا رأيتَ أن تخرج عنا فعلتَ، فنصحه الشيخ ورغَّبه في نصرة لا إله إلا الله، وأن من تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك، نصره الله وأيَّده وولاه على بلاد أعدائه، فإن صبرتَ واستقمتَ وقبِلتَ هذا الخير، فأبشر فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره، وسوف يولِّيك الله بلاده وعشيرته, فقال: أيها الشيخ إنا لا نستطيعُ محاربته، ولا صبْرَ لنا على مخالفته. فخرج الشيخ عنده وتحوَّل من العيينة إلى الدرعية، ثم لَمَّا قَوِيَ شأن الدعوة وقَوِيت بسببها إمارة الدرعية، اضطر ابن معمر أن يدخل تحتَ لواء حكام الدرعية، وقد ظهرت منه أمور تدلُّ على عدم صدقه، ونفاقِه، حتى إنه تآمر مع دهام بن دواس على المكر بالشيخ محمد بن عبد الوهاب, ولما كثرت شكايةُ أهل العيينة من تآمرِه على الدعوة اتفقوا مع الشيخ المجدد على التخلُّص منه، يقول ابن غنام: "لما تزايد شرُّ عثمان بن معمر على أهل التوحيد وظهر بغضُه لهم وموالاته لأهل الباطل، وتبيَّن الشيخ صدق ما كان يُروى عنه، وجاءه أهل البلاد كافة وشكوا إليه خشيتهم من غدره بالمسلمين، قال الشيخ حينئذ لمن وفد عليه من أهل العيينة: أريدُ منكم البيعةَ على دين الله ورسولِه، وعلى موالاة من والاه ومعاداة من حاربه وعاداه، ولو أنه أميركم عثمان, فأعطَوه على ذلك الأيمان وأجمعوا على البيعة, فملئ قلب عثمان من ذلك رعبًا, وزاد ما فيه من الحقد, وزيَّن له الشيطان أن يفتك بالمسلمين, ويُجليَهم إلى أقصى البلدان، فأرسل إلى ابن سويط وإبراهيم بن سلمان رئيس ثرمداء... يدعوهما إلى المجيء عنده لينفذ ما عزم عليه من الإيقاع بالمسلمين, فلما تحقق أهلُ الإسلام ذلك تعاهد على قتله نفرٌ، منهم حمد بن راشد, وإبراهيم بن زيد, فلما انفضَّت صلاة الجمعة قتلوه في مصلَّاه بالمسجد, فلما عَلِمَ بذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب عَجِل بالمسير إلى العيينة خشية اختلاف الناس وتنازُعِهم، فقدم عليهم في اليوم الثالث بعد مقتلِه، فهدأت النفوس فتجاذبوا عنان الرأي والمشورة فيمن يتولى الرئاسة والإمارة بعده، وأراد أهل التوحيد ألَّا يولى عليهم أحدٌ من آل معمر، فأبى الشيخ ووضَّح لهم طريقَ الصواب بالحجَّة ولمقنعة، وأمَّر عليهم مشاري بن معمر"      

العام الهجري : 223 العام الميلادي : 837
تفاصيل الحدث:

خرج توفيل بن ميخائيل ملِكُ الروم إلى بلادِ الإسلام، وأوقع بأهلِ زبطرة وغيرها، وكان سبَبُ ذلك أنَّ بابك لَمَّا ضَيَّقَ الأفشينُ عليه، وأشرف على الهلاك، كتب إلى مَلِك الروم توفيل يُعلِمُه أنَّ المعتَصِمَ قد وجَّهَ عساكِرَه ومقاتليه إليه، ولم يَبقَ على بابِه أحدٌ، فإن أردت الخروجَ إليه فليس في وجهِك أحدٌ يَمنَعُك؛ ظنًّا أن ذلك يخَفِّفُ عنه، فخرج توفيل في مائة ألفٍ، وقيل أكثر، منهم من الجندِ نَيِّفٌ وسبعون ألفًا وبقيَّتُهم أتباع، ومعهم من المحمِّرة الذين كانوا خرجوا بالجبالِ فلَحِقوا بالرُّومِ حين قاتَلَهم إسحاقُ بن إبراهيم بن مصعب، فبلغ زبطرة، فقتَلَ مَن بها من الرجال، وسَبى الذريَّةَ والنِّساءَ، وأغار على أهلِ ملطيَّة وغَيرِها من حصونِ المسلمين، وسبى المُسلِمات، ومَثَّلَ بمن صار في يدِه من المسلمينَ وسَمَل أعيُنَهم، وقطَعَ أنوفَهم وآذانَهم، فخرج إليهم أهلُ الثغورِ مِن الشامِ والجزيرة، إلَّا مَن لم يكن له دابَّةٌ ولا سِلاحٌ.

العام الهجري : 359 الشهر القمري : محرم العام الميلادي : 969
تفاصيل الحدث:

مَلَك الرُّومُ مدينةَ أنطاكيةَ، وسببُ ذلك أنَّهم حَصَروا حِصنًا بالقُربِ مِن أنطاكية يقالُ له حصنُ لوقا، وأنَّهم وافقوا أهلَه، وهم نصارى، على أن يرَتَحِلوا منه إلى أنطاكية، ويُظهِروا أنَّهم إنَّما انتَقَلوا منه خوفًا من الرومِ، فإذا صاروا بأنطاكية أعانوهم على فَتحِها، وانصرف الرومُ عنهم بعد موافقتِهم على ذلك، وانتقل أهلُ الحصن ونزلوا بأنطاكية بالقُربِ مِن الجبَلِ الذي بها، فلمَّا كان بعد انتقالِهم بشهرينِ وافى الرومَ مع أخي نقفور الملك، وكانوا نحو أربعينَ ألف رجلٍ، فأحاطوا بسور أنطاكية، وصَعِدوا الجبلَ إلى الناحية التي بها أهلُ حصن لوقا، فلما رآهم أهلُ البلدِ قد ملكوا تلك الناحيةَ طَرَحوا أنفُسَهم من السور، ومَلَك الرُّومُ البلدَ، ووضعوا في أهلِه السَّيفَ، ثم أخرجوا المشايخَ والعجائزَ والأطفالَ من البلد، وقالوا لهم: اذهبُوا حيث شئتم، فأخذوا الشبابَ مِن الرجال، والنِّساءَ والصبيان، والصبايا، فحَمَلوهم إلى بلاد الروم سبيًا، وكانوا يزيدونَ على عشرين ألفًا، وكان حَصرُهم أنطاكيةَ بدأ في ذي الحِجَّة.

العام الهجري : 551 العام الميلادي : 1156
تفاصيل الحدث:

لمَّا حَصرَ أهالي أفريقية المَهدِيَّة سَيَّرَ إليها صاحِبُ صِقِلِّية عِشرينَ شِينِيًّا –سُفن كبيرة- فيها الرِّجالُ والطَّعامُ والسِّلاحُ، فدَخَلوا البلدَ، وأَرسَلوا إلى العَربِ وبَذَلوا لهم مالًا لِيَنهَزِموا، وخَرَجوا من الغَدِ، فاقتَتَلوا هُم وأَهلُ زَوِيلةَ، فانهَزَمَت العَربُ، وبَقِيَ أَهلُ زَوِيلةَ وأَهلُ صفاقس يُقاتِلون الفِرنجَ بِظَاهِرِ البلدِ، وأَحاطَ بهم الفِرنجُ، فانهَزَم أَهلُ صفاقس ورَكِبوا في البَحرِ فنَجوا، وبَقِيَ أَهلُ زَوِيلةَ، فحَمَلَ عليهم الفِرنجُ فانهَزَموا إلى زَويلةَ، فوَجَدوا أَبوابَها مُغلَّقَة فقاتَلوا تحتَ السُّورِ، وصَبَروا حتى قُتِلَ أَكثرُهم ولم يَنجُ إلا القليلُ فتَفَرَّقوا، ومَضَى بَعضُهم إلى عبدِ المؤمنِ، فلمَّا قُتِلُوا هَرَبَ مَن بها مِن الحُرَمِ والصِّبيانِ والشُّيوخِ في البَرِّ، ولم يُعرِّجوا على شيءٍ مِن أَموالِهم، ودَخلَ الفِرنجُ زَوِيلةَ وقَتَلوا مَن وَجَدوا فيها من النِّساءِ والأَطفالِ، ونَهَبوا الأَموالَ، واستَقَرَّ الفِرنجُ بالمَهدِيَّة إلى أن أَخَذَها عبدُ المؤمن منهم.

العام الهجري : 598 العام الميلادي : 1201
تفاصيل الحدث:

قام البابا أنوسنت الثالث بالدعوة لحرب صليبية رابعة فاستجاب لدعوتِه عدَدٌ مِن أمراء أوربا أغلَبُهم من فرنسا، وكانت هذه الحملة حملةَ أمراء كاثوليك، وقد قرروا أن تكون وجهةُ هذه الحملة إلى مصرَ، ومنها إلى بيت المقدس، لكن الحملة تحوَّلَت إلى القسطنطينية، فلما وصلوها احتلُّوها احتلالَ المنتقم لما بين الأرثوذكس والكاثوليك من العداء، فقتلوا النساءَ والأطفال والرجال وأكثَروا النَّهبَ والسَّلبَ حتى الكنائس لم تَسلَمْ منهم فنَهَبوها حتى كنيسة أيا صوفيا، وحتى جوامِع المسلمين التي أشعلوا فيها النيرانَ، ثم إنهم اختاروا مِن بينهم أميرًا هو بودوان التاسع أمير فلاندر إمبراطورًا على الدولة البيزنطية، واختاروا راهبًا هو توماس مورسيني لرئاسة الكنيسة الأرثوذكسية في القسطنطينية، ووافق البابا أنوسنت الثالث على الاتحاد بين الكنيستين اليونانية واللاتينية، لكِنَّ هذه الحملة لم تُحَقِّقْ غايَتَها حيث عاد مُعظَمُ أفرادها إلى أوطانِهم بالغنائم التي أخذوها، ولم يصل منهم إلى فلسطين إلَّا شرذمة قليلةٌ لم تفعَلْ شَيئًا.

العام الهجري : 616 الشهر القمري : ذي القعدة العام الميلادي : 1220
تفاصيل الحدث:

هي الست الجليلة المصونُ خاتون ست الشام بنت أيوب بن شادي، واقفةُ المدرستين البرَّانية والجُوَّانية, وهي أختُ الملوك وعمَّةُ أولادهم، وأمُّ الملوك، كان لها من الملوك المحارم خمسة وثلاثون ملكًا، منهم أشقاؤها: الملك الناصر صلاح الدين، والملك العادل، والمعظم توران شاه بن أيوب صاحب اليمن، وكانت قد تزوجت ابن عمِّها ناصرَ الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادي صاحب حمص بعد عمر بن لاجين والد ابنها حسام، وكان ابنها حسام الدين من أكابر العلماء عند خاله صلاح الدين، وكانت ست الشام من أكثر النساء صدقة وإحسانًا إلى الفقراء والمحاويج، وكانت تعمل في كل سنة في دارها بألوف من الذهب أشربةً وأدوية وعقاقير وغير ذلك وتفَرِّقه على الناس، وكانت وفاتُها يوم الجمعة آخر النهار السادس عشر من ذي القعدة من هذه السنة، في دارها التي جعلتها مدرسةً، عن المارستان وهي الشامية الجوانية، ونُقِلت منها إلى تربتها بالشامية البرانية، وكانت جنازتها حافلة.

العام الهجري : 522 الشهر القمري : صفر العام الميلادي : 1128
تفاصيل الحدث:

صاحب دمشق الملك أبو منصور أتابك طغتكين -أتابك يعني الأمير الوالد- وهو من مماليك السلطان تتش بن ألب أرسلان، زوَّجه بأم ولده دقاق، فلما قُتل السلطان تملَّك بعده ابنه دقاق، وصار طغتكين مقدَّم عسكره، ثم تملَّك بعد دقاق. كان عاقلًا خيِّرًا شهمًا شجاعًا، مَهيبًا مجاهدًا، مؤثِرًا للعدل، يلقَّب ظهير الدين, كثيرَ الغزوات والجهاد للفرنج، حسنَ السيرة في رعيته، ولَمَّا توفي مَلَك بعده ابنُه تاج الملوك بوري، وهو أكبر أولاده، بوصيةٍ من والده بالمُلْك، وأقر وزير أبيه أبو علي طاهر بن سعد المزدقاني على وزارته. قال الذهبي: "لولا أن الله أقام طغتكين للإسلام بإزاء الفرنج، وإلا كانوا غلبوا على دمشق؛ فقد هزمهم غير مرة، فقد كان سيفًا مسلولًا على الفرنج. لكن له خرمة؛ كان قد استفحل البلاء بداعي الإسماعيلية بهرام بالشام، وكان يطوف المدائن والقلاع متخفيًا، ويغوي الأغتام والشطَّار، وينقاد له الجهَّال، إلى أن ظهر بدمشق بتقرير قرَّره صاحب ماردين إيلغازي مع طغتكين، فأخذ يكرِمُه طغتكين، ويبالغ اتقاءً لشَرِّه، فتبعه الغوغاء والسفهاء والفلاحون، وكَثُروا، ووافقه الوزيرُ طاهر المزدقاني، وبثَّ إليه سِرَّه، ثم التمس من الملك طغتكين قلعةً يحتمي بها، فأعطاه بانياس سنة 520، فعَظُم الخطب، وتوجَّع أهل الخير، وتستَّروا مِن سَبِّهم، وكانوا قد قتلوا عدة من الكبار", وقال ابن الجوزي: "كان طغتكين شهمًا عادلًا، حزن عليه أهل دمشق، فلم تبقَ محلة ولا سوق إلا والمأتم قائم فيه عليه؛ لعدله وحسن سيرته. حكم على الشام خمسًا وثلاثين سنة، وسار ابنه بسيرته مُدَيدة، ثم تغيَّر وظلَم". وقال فيه أبو يعلى بن القلانسي: "مرض ونحل، ومات في صفر سنة 522، فأبكى العيون، وأنكأ القلوب، وفتَّ في الأعضاد، وفتَّت الأكباد، وزاد في الأسف، فرحمه اللهُ، وبرَّد مضجعه".