الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - مَن آوى يَتيمًا مِن بيْن المُسلِمين إلى طَعامِه وشَرابِه حتَّى يُغْنِيَه، أوجَبَ اللهُ له الجنَّةَ، إلَّا أنْ يَعمَلَ ذَنْبًا لا يُغْفَرُ. ومَن عالَ ثلاثَ بناتٍ، فأدَّبَهنَّ وأحسَنَ إليهنَّ، وجَبَتْ له الجنَّةُ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، أوِ اثنتانِ؟ قال: أو اثنتانِ، حتَّى لو قالوا: أو واحدةٌ؟ لَقال: واحدةٌ. ومَن أذهَبَ اللهُ كَريمتَيْهِ كان ثَوابُه على اللهِ الجنَّةَ، قالوا: يا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما كَرِيمتاهُ؟ قال: عَيناهُ. فكان ابنُ عبَّاسٍ إذا حدَّثَ بهذا الحديثِ، قال: هذا مِن كرائمِ الحديثِ وغُرَرِه.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 5/485 | خلاصة حكم المحدث : سنده ضعيف | أحاديث مشابهة | الصحيح البديل

2 - انطلقْتُ أنا وزُرعةُ بنُ ضَمْرةَ مع الأشعريِّ إلى عُمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه، فلَقِيَنا عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو، فقال: يُوشِكُ ألَّا يَبْقى في أرضِ العَجَمِ مِن العرَبِ أحدٌ إلَّا قَتيلٌ، أو أَسِيرٌ يُحْكَمُ في دَمِه، فقال له زُرعةُ: أيظهَرُ المُشرِكونَ على أهْلِ الإسلامِ؟ فقال: ممَّن أنت؟ فقال: مِن بني عامرِ بنِ صَعصعةَ، فقال: لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تُدافِعَ مَناكِبُ نِساءِ بني عامرِ بنِ صَعصعةَ على ذي الخَلَصةِ، ومَن كان مِن أدْيانِ الجاهليَّةِ. قال: فذكَرْنا ذلك لعُمرَ مِن قَولِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، فقال: عبدُ اللهِ أعلَمُ بما يقولُ، ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ إنَّ عُمَرَ خطَبَ يومَ الجُمعةِ، فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: لا تَزالُ طائفةٌ مِن أُمَّتي على الحقِّ مَنصورةً حتَّى يأتِيَ أمْرُ اللهِ. قال: فذكَرْنا لعبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو قولَ عُمرَ بنِ الخطَّابِ، فقال عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو: صَدَقَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ إذا أتَى أمْرُ اللهِ كان الَّذي قلْتُ.
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 8/31 | خلاصة حكم المحدث : رواته ثقات إلا أنه منقطع | أحاديث مشابهة
توضيح حكم المحدث : إسناده ضعيف

3 - خطَبَنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خُطبةً قبلَ وَفاتِه، وهي آخِرُ خُطبةٍ خطَبَها بالمدينةِ حتَّى لحِقَ باللهِ، فوعَظَنا فيها مَوعظةً ذرَفَتْ منها العُيونُ، ووَجِلَت منها القُلوبُ، واقشعَرَّتْ منها الجُلودُ، وتقلْقَلَتْ منها الأحشاءُ، أمَرَ بِلالًا فنادى: الصَّلاةُ جامعةٌ، قبلَ أنْ يتكلَّمَ، فاجتمَعَ النَّاسُ إليه، فارْتَقى المِنْبرَ، فقال: يا أيُّها النَّاسُ، ادْنُوا وأوسِعُوا لِمَن خلْفَكم، ثلاثَ مرَّاتٍ، فدنا النَّاسُ وانضَمَّ بعضُهم إلى بعضٍ، والْتَفتوا فلم يَرَوا أحدًا، ثمَّ قال: ادْنُوا وأوسِعوا لِمَن خلْفَكم، فدنا النَّاسُ وانضَمَّ بعضُهم لبعضٍ، والْتَفتوا فلم يَرَوا أحدًا. ثمَّ قال: ادْنُوا وأوسِعوا لِمَن خلْفَكم، فدَنَوا وانضَمَّ بعضُهم إلى بعضٍ، والْتَفتوا فلم يَرَوا أحدًا، فقام رجُلٌ فقال: لمَن نُوسِّعُ؛ للملائكةِ؟ قال: لا؛ إنَّهم إذا كانوا معكم لم يَكُونوا بين أيديكم ولا خلْفَكم، ولكنْ عن يَمينِكم وشَمائلِكم، فقال: ولِمَ لا يكونونَ بيْن أيدينا ولا خلْفَنا؟ أهمْ أفضَلُ منَّا؟ قال: بلْ أنتُمْ أفضلُ مِن الملائكةِ. اجلِسْ فجلَسَ. ثمَّ خطَبَ، فقال: الحمدُ للهِ، أحمَدُه، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونُؤْمِنُ به، ونَتوكَّلُ عليه، ونَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبْدُه ورسولُه، ونعوذُ باللهِ مِن شُرورِ أنفُسِنا وسيِّئاتِ أعمالِنا. مَن يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له. أيُّها النَّاسُ، إنَّه كائنٌ في هذه الأُمَّةِ ثلاثونَ كذَّابًا، أوَّلُهم صاحِبُ اليَمامةِ، وصاحبُ صَنعاءَ. أيُّها النَّاسُ، إنَّه مَن لقِيَ اللهَ وهو يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ مُخلِصًا؛ دخَلَ الجنَّةَ. فقام عليُّ بنُ أبي طالبٍ فقال: بأبي وأُمِّي يا رسولَ اللهِ، كيف يُخلِصُ بها لا يَخلِطُ معها غيرَها؟ بيِّنْ لنا حتَّى نَعرِفَه. فقال: حِرصًا على الدُّنيا، وجمْعًا لها مِن غيرِ حِلِّها، ورضًا بها، وأقوامٌ يقولون أقاويلَ الأخيارِ، ويَعمَلون عمَلَ الفُجَّارِ، فمَن لقِيَ اللهَ وليس فيه شَيءٌ مِن هذه الخِصالِ بقولِه: لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ دخَلَ الجنَّةَ، ومَنِ اختارَ الدُّنيا على الآخرةِ فله النَّارُ، ومَن تَولَّى خُصومةَ قومٍ ظَلمةٍ، أو أعانَهم عليها؛ نزَلَ به مَلَكُ الموتِ يُبشِّرُه بلَعنةٍ ونارٍ خالدًا فيها، وبئْسَ المصيرُ، ومَن خَفَّ لِسُلطانٍ جائرٍ في حاجةٍ، فهو قَرينُه في النَّارِ، ومَن دَلَّ سُلطانًا على جَورٍ، قُرِنَ مع هامانَ في النَّارِ، وكان هو وذلك السُّلطانُ مِن أشدِّ النَّاسِ عَذابًا. ومَن عظَّمَ صاحبَ دُنْيا ومدَحَه طمَعًا في دُنياه، سَخِطَ اللهُ عليه، وكان في دَرجةِ قارونَ في أسفلِ جهنَّمَ. ومَن بنى بِناءً رِياءً وسُمعةً، حُمِّلَه يومَ القيامةِ مع سبْعِ أرضينَ، يُطَوَّقُه نارًا تُوقَدُ في عُنُقِه، ثمَّ يُرْمَى به في النَّارِ. فقيل: وكيف يَبْني بِناءً رِياءً وسُمعةً؟ فقال: يَبْني فضْلًا عمَّا يَكْفِيه، ويَبْنيه مُباهاةً. ومَن ظلَمَ أجيرًا أُجرةً حَبِطَ عمَلُه، وحُرِّمَ عليه رِيحُ الجنَّةِ، ورِيحُها يُوجَدُ مِن مسيرةِ خمسِ مئةِ عامٍ. ومَن خان جارَه شِبرًا مِن الأرضِ، طُوِّقَه يومَ القيامةِ إلى سبْعِ أرضينَ نارًا حتَّى تُدْخِلَه جهنَّمَ. ومَن تعلَّمَ القُرآنَ، ثمَّ نسِيَه مُتعمِّدًا، لقِيَ اللهَ مَجذومًا مَعلولًا، وسلَّطَ اللهُ عليه بكلِّ آيةٍ حيَّةً تَنهَشُه في النَّارِ. ومَن تعلَّمَ القُرآنَ، فلم يَعمَلْ به، وآثَرَ عليه حُطامَ الدُّنيا وزينَتَها؛ استوجَبَ سَخَطَ اللهِ، وكان في دَرجةِ اليهودِ والنَّصارى الَّذين نَبَذوا كِتابَ اللهِ وراءَ ظُهورِهم، واشْتَروا به ثمنًا قليلًا. ومَن نكَحَ امرأةً في دُبُرِها، أو رجُلًا، أو صَبيًّا؛ حُشِرَ يومَ القيامةِ وهو أنتَنُ مِن الجِيفةِ، يتأَذَّى به النَّاسُ حتَّى يَدخُلَ جهنَّمَ، وأحبَطَ اللهُ أجْرَه، ولا يقبَلُ منه صَرْفًا ولا عدلًا، ويدخُلُ في تابوتٍ مِن نارٍ، وتُسلَّطُ عليه مَساميرُ مِن حديدٍ، حتَّى تَسلُكَ تلك المساميرُ في جَوفِه، فلو وُضِعَ عِرْقٌ مِن عُروقِه على أربعِ مئةِ أُمَّةٍ لَماتوا جميعًا، وهو مِن أشدِّ أهلِ النَّارِ عذابًا يومَ القيامةِ. ومَن زنَى بامرأةٍ مُسلمةٍ أو غيرِ مُسلمةٍ، حُرَّةٍ أو أمَةٍ؛ فُتِحَ عليه في قبْرِه ثلاثُ مئةِ ألفِ بابٍ مِن النَّارِ، يَخرُجُ عليه منها حيَّاتٌ وعقارِبُ وشُهُبٌ مِن النَّارِ، فهو يُعَذَّبُ إلى يومِ القيامةِ بتلك النَّارِ مع ما يَلْقى مِن تلك الحيَّاتِ والعقاربِ، ويُبْعَثُ يومَ القيامةِ يتأَذَّى النَّاسُ بنَتنِ فرْجِه، ويُعْرَفُ بذلك حتَّى يدخُلَ النَّارَ، فيتأَذَّى به أهلُ النَّارِ مع ما هم فيه مِن العذابِ؛ لأنَّ اللهَ حرَّمَ المحارمَ، وليس أحدٌ أغيرَ مِن اللهِ، ومِن غَيْرتِه حرَّمَ الفواحشَ وحَدَّ الحُدودَ. ومَن اطَّلعَ إلى بَيتِ جارِه، فرأى عَورةَ رجُلٍ، أو شَعرَ امرأةٍ، أو شيئًا مِن جسَدِها؛ كان حقًّا على اللهِ أنْ يُدْخِلَه النَّارَ مع المُنافقينَ الَّذين كانوا يَتحيَّنونَ عَوراتِ النِّساءِ، ولا يَخرُجُ مِن الدُّنيا حتَّى يفْضَحَه اللهُ، ويُبْدِيَ للنَّاظرينَ عَورتَه يومَ القيامةِ. ومَن سَخِطَ رِزْقَه وبَثَّ شكواهُ، ولم يصبِرْ؛ لم يُرْفَعْ له إلى اللهِ حَسنةٌ، ولقِيَ اللهَ وهو عليه ساخطٌ. ومَن لبِسَ ثوبًا، فاختالَ في ثوبِه؛ خُسِفَ به مِن شفيرِ جهنَّمَ، يتجلجَلُ فيها ما دامتِ السَّمواتُ والأرضُ؛ لأنَّ قارونَ لَبِسَ حُلَّةً فاختالَ، فخُسِفَ به، فهو يَتجلجَلُ فيها إلى يومِ القيامةِ. ومَن نكَحَ امرأةً حلالًا بمالٍ حلالٍ، يُريدُ بذلك الفخرَ والرِّياءَ؛ لم يَزِدْه اللهُ بذلك إلَّا ذُلًّا وهوانًا، وأقامَه اللهُ بقدْرِ ما استمتَعَ منها على شَفيرِ جهنَّمَ، حتَّى يَهْويَ فيها سبعينَ خريفًا. ومَن ظلَمَ امرأةً مهْرَها فهو عند اللهِ زانٍ، ويقولُ اللهُ له يومَ القيامةِ: عبْدي زوَّجْتُك على عَهدي، فلم تُوفِ بعَهْدي! فيتَولَّى اللهُ طلَبَ حَقِّها، فيَستوعِبُ حَسناتِه كلَّها، فما تَفِي به، فيُؤْمَرُ به إلى النَّارِ. ومَن رجَعَ عن شَهادةٍ أو كتَمَها، أطعَمَه اللهُ لحْمَه على رُؤوسِ الخلائقِ، ويُدْخِلُه النَّارَ وهو يَلُوكُ لِسانَه. ومَن كانت له امرأتانِ، فلم يَعدِلْ بيْنهما في القسمِ مِن نَفْسِه ومالِه؛ جاء يومَ القيامةِ مَغلولًا مائلًا شِقُّه، حتَّى يدخُلَ النَّارَ. ومَن آذى جارَه مِن غيرِ حَقٍّ، حرَّمَ اللهُ عليه رِيحَ الجنَّةِ، ومأواهُ النَّارُ. ألَا وإنَّ اللهَ يسأَلُ الرَّجلَ عن جارِه كما يسأَلُه عن حَقِّ أهلِ بيتِه، فمَن ضيَّعَ حَقَّ جارِه فليس مِنَّا. ومَن أهان فقيرًا مُسلِمًا مِن أجْلِ فقْرِه، فاستخَفَّ به؛ فقدِ استخَفَّ بحَقِّ اللهِ، ولم يزَلْ في مَقْتِ اللهِ وسَخَطِه حتَّى يُرْضِيَه. ومَن أكرَمَ فقيرًا مُسلِمًا، لقِيَ اللهَ يومَ القيامةِ وهو يضحَكُ إليه. ومَن عُرِضَت له الدُّنيا والآخرةُ، فاختارَ الدُّنيا على الآخرةِ، لقِيَ اللهَ وليست له حَسنةٌ يَتَّقي بها النَّارَ، وإنِ اختارَ الآخرةَ على الدُّنيا، لقِيَ اللهَ وهو عنه راضٍ. ومَن قَدَرَ على امرأةٍ أو جاريةٍ حَرامًا، فترَكَها مَخافةً منه؛ أمَّنَه اللهُ مِن الفزَعِ الأكبرِ، وحرَّمَه على النَّارِ وأدخَلَه الجنَّةَ، وإنْ واقَعَها حَرامًا، حرَّمَ اللهُ عليه الجنَّةَ وأدخَلَه النَّارَ. ومَن كسَبَ مالًا حرامًا لم تُقْبَلْ له صَدقةٌ، ولا حجٌّ، ولا عُمرةٌ، وكتَبَ اللهُ له بقَدْرِ ذلك أوزارًا، وما بقِيَ عند موتِه كان زادَه إلى النَّارِ. ومَن أصاب مِن امرأةٍ نظْرةً حرامًا، ملَأَ اللهُ عينَيْه نارًا، ثمَّ أمَرَ به إلى النَّارِ، فإنْ غَضَّ بصَرَه عنها، أدخَلَ اللهُ في قلْبِه مَحبَّتَه ورحمَتَه، وأمَرَ به إلى الجنَّةِ. ومَن صافَحَ امرأةً حرامًا، جاء يومَ القيامةِ مَغلولةً يداهُ إلى عُنقِه، ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ، وإنْ فاكَهَها، حُبِسَ بكلِّ كلمةٍ كلَّمَها في الدُّنيا ألْفَ عامٍ، والمرأةُ إذا طاوعَتِ الرَّجلَ حرامًا فالْتَزَمها، أو قبَّلَها، أو باشَرَها، أو فاكَهَها، أو واقَعَها؛ فعليها مِن الوِزْرِ مثْلُ ما على الرَّجلِ، فإنْ غلَبَها الرَّجلُ على نفْسِها، كان عليه وِزْرُه ووِزْرُها. ومَن غَشَّ مُسلمًا في بَيعٍ أو شِراءٍ فليس مِنَّا، ويُحْشَرُ يومَ القيامةِ مع اليهودِ؛ لأنَّهم أغَشُّ النَّاسِ للمُسلمينَ. ومَن منَعَ الماعونَ مِن جارِه إذا احتاج إليه، منَعَه اللهُ فضْلَه، ووكَلَه إلى نفْسِه. ومَن وكَلَه إلى نفْسِه هلَكَ آخرَ ما عليها، ولا يُقْبَلُ له عُذرٌ. وأيُّما امرأةٍ آذتْ زوجَها لم تُقْبَلْ صَلاتُها، ولا حَسنةٌ مِن عمَلِها حتَّى تُعْتِبَه وتُرْضِيَه، ولو صامتِ الدَّهرَ، وقامَتْه، وأعتقَتِ الرِّقابَ، وحُمِلَت على الجيادِ في سبيلِ اللهِ؛ لكانت أوَّلَ مَن يَرِدُ النَّارَ إذا لم تُرْضِه وتُعْتِبْه، وقال: وعلى الرَّجلِ مِثْلُ ذلك مِن الوِزْرِ والعذابِ إذا كان لها مُؤْذِيًا ظالمًا. ومَن لطَمَ خَدَّ مُسلمٍ لَطمةً، بدَّدَ اللهُ عِظامَه يومَ القيامةِ، ثمَّ تُسَلَّطُ عليه النَّارُ، ويُبْعَثُ حين يُبْعَثُ مَغلولًا حتَّى يَرِدَ النَّارَ. ومَن بات وفي قلْبِه غِشٌّ لأخيهِ المُسلمِ، بات وأصبَحَ في سَخَطِ اللهِ حتَّى يَتوبَ ويرجِعَ، فإنْ مات على ذلك مات على غيرِ الإسلامِ، ثمَّ قال: ألَا إنَّه مَن غشَّنا فليس مِنَّا، حتَّى قال ذلك ثلاثًا. ومَن يُعلِّقُ سَوطًا بيْن يديْ سُلطانٍ جائرٍ، جعَلَ له اللهُ حيَّةً طُولُها سبعونَ ألفَ ذِراعٍ، فتُسَلَّطُ عليه في نارِ جهنَّمَ خالدًا مُخلَّدًا. ومَنِ اغتابَ مُسلمًا، بطَلَ صَومُه ونقَضَ وُضوءَه، فإنْ مات وهو كذلك، مات كالمُستحِلِّ ما حرَّمَ اللهُ. ومَن مَشى بالنَّميمةِ بيْن اثنينِ، سلَّطَ اللهُ عليه في قبْرِه نارًا تُحرِقُه إلى يومِ القيامةِ، ثمَّ يُدْخِلُه النَّارَ. ومَن عفا عن أخيه المُسلمِ، وكظَمَ غَيظَه، أعطاهُ اللهُ أجْرَ شَهيدٍ. ومَن بَغَى على أخيه، وتطاوَلَ عليه، واستحقَرَه؛ حشَرَه اللهُ يومَ القيامةِ في صُورةِ الذَّرَّةِ، تطَؤُه العِبادُ بأقدامِهم، ثمَّ يدخُلُ النَّارَ، ولم يَزَلْ في سَخَطِ اللهِ حتَّى يموتَ. ومَن يَرُدَّ عن أخيه المُسلمِ غِيبةً سمِعَها تُذْكَرُ عنه في مَجلسٍ، رَدَّ اللهُ عنه ألفَ بابٍ مِن الشَّرِّ في الدُّنيا والآخرةِ، فإنْ هو لم يَرُدَّ عنه وأعجَبَه ما قالوا، كان عليه مِثْلُ وِزْرِهم. ومَن رمى مُحْصَنًا أو مُحصنَةً، حبِطَ عمَلُه، وجُلِدَ يومَ القيامةِ سبعونَ ألفًا مِن بيْن يَديْهِ ومِن خلْفِه، ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ. ومَن شرِبَ الخمْرَ في الدُّنيا، سقاهُ اللهُ مِن سُمِّ الأساودِ وسُمِّ العقاربِ شَربةً، يتساقَطُ لَحمُ وَجْهِه في الإناءِ قبْلَ أنْ يشرَبَها، فإذا شرِبَها تفسَّخَ لحْمُه وجِلْدُه كالجِيفةِ يتأَذَّى به أهلُ الجَمعِ، ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ. ألَا وشاربُها، وعاصِرُها، ومُعتصِرُها، وبائعُها، ومُبْتاعُها، وحامِلُها، والمَحمولةُ إليه، وآكِلُ ثَمنِها؛ سواءٌ في إثْمِها وعارِها، ولا يقبَلُ اللهُ له صَلاةً ولا صِيامًا، ولا حَجًّا ولا عُمرةً حتَّى يتوبَ. فإنْ مات قبلَ أنْ يتوبَ منها، كان حقًّا على اللهِ أنْ يَسْقِيَه بكلِّ جُرعةٍ شَرِبَها في الدُّنيا شَربةً مِن صَديدِ جهنَّمَ. ألَا وكُلُّ مُسكرٍ خمرٌ، وكلُّ مُسكرٍ حرامٌ. ومَن أكَلَ الرِّبا، ملَأَ اللهُ بطْنَه نارًا بقَدْرِ ما أكَلَ، وإنْ كسَبَ منه مالًا، لم يَقبَلِ اللهُ شيئًا مِن عمَلِه، ولم يَزَلْ في لَعنةِ اللهِ وملائكتِه ما دام عنده منه قِيراطٌ. ومَن خان أمانةً في الدُّنيا ولم يُؤَدِّها إلى أربابِها، مات على غيرِ دِينِ الإسلامِ، ولَقِيَ اللهَ وهو عليه غضْبانُ، ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ، فيَهْوي مِن شَفيرِها أبدَ الآبدينَ. ومَن شَهِدَ شَهادةَ زُورٍ على مُسلمٍ أو كافرٍ، عُلِّقَ بلِسانِه يومَ القيامةِ، ثمَّ صُيِّرَ مع المُنافقينَ في الدَّركِ الأسفلِ مِن النَّارِ. ومَن قال لِمَملوكِه، أو مَملوكِ غيرِه، أو لأحدٍ مِن المُسلِمينَ: لا لبَّيْكَ، ولا سَعْديكَ؛ انغمَسَ في النَّارِ. ومَن أضَرَّ بامرأةٍ حتَّى تَفتدِيَ منه، لم يرْضَ اللهُ له بعُقوبةٍ دونَ النَّارِ؛ لأنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَغضَبُ للمرأةِ كما يغضَبُ لليتيمِ. ومَن سعى بأخيه إلى السُّلطانِ، أحبَطَ اللهُ عمَلَه كلَّه، فإنْ وصَلَ إليه مَكروهٌ أو أذًى، جعَلَه اللهُ مع هامانَ في دَرجتِه في النَّارِ. ومَن قرَأَ القُرآنَ رِياءً وسُمعةً، أو يُرِيدُ به الدُّنيا؛ لقِيَ اللهَ ووجْهُه عظْمٌ ليس عليه لَحمٌ، ودَعَّ القُرآنُ في قَفاهُ حتَّى يقذِفَه في النَّارِ، فيَهْوي فيها مع مَن هوى. ومَن قرَأَه ولم يَعمَلْ به، حشَرَه اللهُ يومَ القيامةِ أعمى، فيقولُ: ربِّ، لِمَ حَشرْتَني أعمى وقد كنتُ بصيرًا؟! فيقولُ: كذلك أتَتْك آياتُنا فنسِيتَها، وكذلك اليومَ تُنْسى. ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ. ومَن اشترى خِيانةً وهو يعلَمُ أنَّها خِيانةٌ، كان كمَن خان في عارِها وإثْمِها. ومَن قاوَدَ بيْن امرأةٍ ورجُلٍ حرامًا، حرَّمَ اللهُ عليه الجنَّةَ، ومأواهُ النَّارُ وساءت مصيرًا. ومَن غَشَّ أخاه المُسلِمَ، نزَعَ اللهُ منه رِزقَه، وأفسَدَ عليه مَعيشتَه، ووكَلَه إلى نفْسِه. ومَن اشْتَرى سَرِقةً وهو يعلَمُ أنَّها سَرقةٌ، كان كمَن سرَقَها في عارِها وإثمِها. ومَن ضارَّ مُسلمًا فليس مِنَّا ولسْنا منه في الدُّنيا والآخرةِ. ومَن سمِعَ بفاحشةٍ فأفْشاها، كان كمَن أتاها. ومَن سمِعَ بخبرٍ فأفشاهُ، كان كمَن عمِلَه. ومَن وصَفَ امرأةً لرجلٍ، فذكَرَ جَمالَها وحُسْنَها حتَّى افْتُتِنَ بها، فأصاب منها فاحِشةً؛ خرَجَ مِن الدُّنيا مَغضوبًا عليه، ومَن غضِبَ اللهُ عليه غضِبَت عليه السَّمواتُ السَّبعُ والأرضونَ السَّبعُ، وكان عليه مِن الوِزرِ مِثْلُ وِزْرِ الَّذي أصابَها. قلْنا: فإنْ تابَا وأصْلَحا؟ قال: قُبِلَ منهما. ولا يُقْبَلُ مِن الَّذي وصَفَها. ومَن أطعَمَ طعامًا رِياءً وسُمعةً، أطعَمَه اللهُ مِن صَديدِ جهنَّمَ، وكان ذلك الطَّعامُ نارًا في بطنِه حتَّى يُقْضَى بيْن النَّاسِ. ومَن فجَرَ بامرأةٍ ذاتِ بعلٍ انفَجَرَ مِن فرْجِها وادٍ مِن صَديدٍ، مَسيرتُه خمسُ مئةِ عامٍ، يتأَذَّى به أهلُ النَّارِ مِن نَتنِ رِيحِه، وكان مِن أشدِّ النَّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ. واشتَدَّ غضَبُ اللهِ على امرأةٍ ذاتِ بَعلٍ ملَأَت عَينَها مِن غيرِ زوجِها، أو غيرِ ذي مَحْرَمٍ منها، فإذا فعَلَتْ ذلك أحبَطَ اللهُ كلَّ عمَلٍ عمِلَتْه، فإنْ أوطَأَت فِراشَه غيرَه، كان حقًّا على اللهِ أنْ يُحرِقَها بالنَّارِ مِن يومِ تموتُ في قبْرِها. وأيُّما امرأةٍ اختَلَعت مِن زَوجِها، لم تزَلْ في لَعنةِ اللهِ وملائكتِه، وكُتبِه ورُسلِه، والنَّاسِ أجمعينَ، فإذا نزَلَ بها ملَكُ الموتِ قال لها: أبْشِري بالنَّارِ، فإذا كان يومُ القيامةِ قِيل لها: ادْخُلي النَّارَ مع الدَّاخلينَ. ألَا وإنَّ اللهَ ورسولَه بَريئانِ مِن المُختلِعاتِ بغيرِ حَقٍّ. ألَا وإنَّ اللهَ ورسولَه بَريئانِ ممَّن أضَرَّ بامرأةٍ حتَّى تَختلِعَ منه. ومَن أمَّ قومًا بإذْنِهم وهم به راضونَ، فاقتصَدَ بهم في حُضورِه وقِراءتِه، ورُكوعِه وسُجودِه وقُعودِه؛ فله مِثْلُ أُجورِهم. ومَن لم يَقتصِدْ بهم في ذلك، رُدَّتْ عليه صَلاتُه، ولم تَتجاوَزْ تَراقِيَه، وكان بمَنزلةِ أميرٍ جائرٍ مُعتدٍ لم يُصْلِحْ إلى رعيَّتِه، ولم يَقُمْ فيهم بأمْرِ اللهِ. فقال عليُّ بنُ أبي طالبٍ: يا رسولَ اللهِ بأبي أنت وأُمِّي، وما مَنزلةُ الأميرِ الجائرِ المُعتدي الَّذي لم يُصْلِحْ لرعيَّتِه، ولم يَقُمْ فيهم بأمْرِ اللهِ؟ قال: هو رابعُ أربعةٍ، وهو أشَدُّ النَّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ: إبليسُ، وفرعونُ، وقابيلُ قاتلُ النَّفسِ، والأميرُ الجائرُ رابعُهم. ومَنِ احتاجَ إليه أخوهُ المُسلِمُ في قرضٍ، فلم يُقْرِضْه وهو عنده؛ حرَّمَ اللهُ عليه الجنَّةَ يومَ يَجْزي المُحسنينَ. ومَن صبَرَ على سُوءِ خُلقِ امرأتِه، واحتسَبَ الأجْرَ مِن اللهِ؛ أعطاهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِن الثَّوابِ مِثْلَ ما أعطى أيُّوبَ على بلائِه، وكان عليها مِن الوِزْرِ في كلِّ يومٍ وليلةٍ مِثْلُ رَمْلِ عالِجٍ، فإنْ ماتت قبْلَ أنْ تُعْتِبَه وتُرْضِيَه، حُشِرَت يومَ القيامةِ مَنكوسةً مع المُنافقينَ في الدَّركِ الأسفلِ مِن النَّارِ. ومَن كانت له امرأةٌ، فلم تُوافِقْه، ولم تَصبِرْ على ما رزَقَه اللهُ، وشَقَّت عليه، وحمَّلَتْه ما لا يَقْدِرُ عليه؛ لم تُقْبَلْ لها حَسنةٌ، فإنْ ماتت على ذلك حُشِرَت مع المغضوبِ عليهم. ومَن أكرَمَ أخاه المُسلِمَ فإنَّما يُكْرِمُ ربَّه، فما ظنُّكم؟! ومَن تولَّى عرَّافةَ قومٍ، حُبِسَ على شَفيرِ جهنَّمَ، لكلِّ يومٍ ألفُ سَنةٍ، ويُحْشَرُ ويَدُه مَغلولةٌ إلى عُنقِه، فإنْ كان أقام أمْرَ اللهِ فيهم أُطْلِقَ، وإنْ كان ظالمًا هوى في جهنَّمَ سبعينَ خريفًا. ومَن تحلَّمَ ما لم يَحلُمْ كان كمَن شهِدَ بالزُّورِ، وكُلِّفَ يومَ القيامةِ أنْ يَعقِدَ بيْن شَعيرتَينِ يُعَذَّبُ حتَّى يَعقِدَهما، ولنْ يَعقِدَهما. ومَن كان ذا وَجهَينِ ولِسانَينِ في الدُّنيا، جعَلَ اللهُ له وَجهَينِ ولِسانَينِ في النَّارِ. ومَن استنبَطَ حديثًا باطلًا فهو كمَن حدَّثَ به. قيل: كيف يَستنبِطُه؟ قال: هو الرَّجلُ يَلْقى الرَّجلَ، فيقولُ: كان ذَيت وذَيت، فيَفتَتِحُه، فلا يكونُ أحدُكم مِفتاحًا للشَّرِّ والباطلِ. ومَن مَشى في صُلْحٍ بيْن اثنينِ، صَلَّت عليه الملائكةُ حتَّى يرجِعَ، وأُعْطِيَ أجْرَ لَيلةِ القَدْرِ. ومَن مشى في قَطيعةٍ بيْن اثنينِ، كان عليه مِن الوِزْرِ بقَدْرِ ما أُعْطِيَ مَن أصلَحَ بيْن اثنينِ مِن الأجْرِ، ووجَبَت عليه اللَّعنةُ حتَّى يدخُلَ جهنَّمَ، فيُضاعَفُ عليه العذابُ. ومَن مشى في عَونِ أخيهِ المُسلمِ ومَنفعتِه، كان له ثَوابُ المُجاهِدِ في سبيلِ اللهِ. ومَن مشى في غِيبَتِه وكشْفِ عَورتِه، كانت أوَّلُ قدَمٍ يَخْطوها كأنَّما وضَعَها في جهنَّمَ، وتُكْشَفُ عَورتُه يومَ القيامةِ على رُؤوسِ الخلائقِ. ومَن مشى إلى ذي قَرابةٍ أو ذي رحمٍ يتسلَّى به أو يُسَلِّمُ عليه، أعطاهُ اللهُ أجْرَ مئةِ شهيدٍ، وإنْ وصَلَه مع ذلك، كان له بكلِّ خُطوةٍ أربعونَ ألفَ حَسنةٍ، وحُطَّ عنه بها أربعونَ ألفَ ألفِ سيِّئةٍ، ويُرْفَعُ له بها أربعونَ ألفَ ألفِ دَرجةٍ، وكأنَّما عَبَدَ اللهَ مئةَ ألفِ سَنةٍ. ومَن مشى في فسادِ القراباتِ والقطيعةِ بيْنهم، غَضِبَ اللهُ عليه في الدُّنيا ولعَنَهُ، وكان عليه كوِزْرِ مَن قطَعَ الرَّحمَ. ومَن مَشى في تَزويجِ رجُلٍ حلالًا حتَّى يُجْمَعَ بيْنهما، زوَّجَه اللهُ ألفَ امرأةٍ مِن الحُورِ العينِ، كلُّ امرأةٍ في قَصرٍ مِن دُرٍّ وياقوتٍ، وكان له بكلِّ خُطوةٍ خطاها أو كلمةٍ تكلَّمَ بها في ذلك عِبادةُ سَنةٍ؛ قِيامُ ليلِها، وصِيامُ نهارِها. ومَن عمِلَ في فُرقةٍ بيْن امرأةٍ وزوجِها، كان عليه لَعنةُ اللهِ في الدُّنيا والآخرةِ، وحرَّمَ اللهُ عليه النَّظرَ إلى وجْهِه. ومَن قاد ضَريرًا إلى المسجِدِ، أو إلى مَنزلِه، أو إلى حاجةٍ مِن حوائجِه؛ كتَبَ اللهُ له بكلِّ قدَمٍ رفَعَها أو وضَعَها عِتْقَ رقبةٍ، وصَلَّت عليه الملائكةُ حتَّى يُفارِقَه. ومَن مشى بضَريرٍ في حاجةٍ حتَّى يَقضِيَها، أعطاهُ اللهُ بَراءتَينِ: بَراءةً مِن النَّارِ، وبَراءةً مِن النِّفاقِ، وقُضِيَ له سبعونَ ألفَ حاجةٍ مِن حوائجِ الدُّنيا، ولم يزَلْ يَخوضُ في الرَّحمةِ حتَّى يرجِعَ. ومَن قام على مَريضٍ يومًا وليلةً، بعَثَه اللهُ مع خليلِه إبراهيمَ حتَّى يجوزَ على الصِّراطِ كالبرقِ اللَّامعِ. ومَن سَعى لمريضٍ في حاجةٍ، خرَجَ من ذُنوبِه كيَومِ ولَدَتِه أُمُّه. فقال رجُلٌ مِن الأنصارِ: فإنْ كان المريضُ قَرابتَه أو بعضَ أهْلِه؟ قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ومَن أعظَمُ أجْرًا ممَّن سعى في حاجةِ أهْلِه؟! ومَن ضيَّعَ أهْلَه، وقطَعَ رحِمَه، حرَمَه اللهُ حُسنَ الجزاءِ يومَ يَجْزِي المُحسنينَ، وصيَّرَه مع الهالكينَ حتَّى يأتيَ بالمَخرجِ، وأنَّى له بالمَخرجِ! ومَن مشى لضَعيفٍ في حاجةٍ أو مَنفعةٍ، أعطاهُ اللهُ كتابَه بيمينِه. ومَن أقرَضَ مَلْهوفًا، فأحسَنَ طلَبَه، فلْيستَأنِفِ العمَلَ، وله عندَ اللهِ بكلِّ دِرهمٍ ألفُ قِنْطارٍ في الجنَّةِ. ومَن فرَّجَ عن أخيهِ كُربةً مِن كُرَبِ الدُّنيا، فرَّجَ اللهُ عنه كُرَبَ الدُّنيا والآخرةِ، ونظَرَ اللهُ إليه نَظرةَ رَحمةٍ يَنالُ بها الجنَّةَ. ومَن مشى في صُلحٍ بيْن امرأةٍ وزوجِها، كان له أجرُ ألفِ شهيدٍ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ حقًّا، وكان له بكلِّ خُطوةٍ وكلمةٍ عِبادةُ سَنةٍ؛ صيامُها وقيامُها. ومَن أقرَضَ أخاهُ المُسلمَ، فله بكلِّ درهمٍ وَزنُ جبلِ أُحُدٍ، وحِراءَ، وثَبِيرَ، وطُورِ سَيناءَ حَسناتٍ. فإنْ رفَقَ به في طلَبِه بعدَ حِلِّه، جَرى عليه بكلِّ يومٍ صَدقةٌ، وجاز على الصِّراطِ كالبرقِ اللَّامعِ لا حِسابَ عليه، ولا عذابَ. ومَن مطَلَ طالِبَه وهو يَقْدِرُ على قَضائِه، فعليهِ خَطيئةُ عِشارٍ. فقام إليه عوفُ بنُ مالكٍ الأشجعيُّ، فقال: وما خطيئةُ العِشارِ؟ فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَطيئةُ العِشارِ: أنَّ عليه في كلِّ يومٍ لَعنةَ اللهِ والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ، ومَن يلْعَنِ اللهُ فلنْ تجِدَ له نَصيرًا. ومَنِ اصطنَعَ إلى أخيهِ المُسلمِ مَعروفًا، ثمَّ مَنَّ به عليه؛ أُحْبِطَ أجْرُه، وخُيِّبَ سعيُه. ألَا وإنَّ اللهَ جَلَّ ثناؤُه حرَّمَ على المنَّانِ والبخيلِ، والمُختالِ والقتَّاتِ، والجوَّاظِ والجَعظريِّ، والعُتُلِّ والزَّنيمِ، ومُدمنِ الخمرِ: الجنَّةَ. ومَن تصدَّقَ صَدقةً، أعطاهُ اللهُ بوزنِ كلِّ ذرَّةٍ منها مِثْلَ جبلِ أُحُدٍ مِن نَعيمِ الجنَّةِ. ومَن مشى بها إلى مِسكينٍ كان له مِثْلُ ذلك، ولو تداوَلَها أربعونَ ألفَ إنسانٍ حتَّى تصِلَ إلى المسكينِ، كان لكلِّ واحدٍ منهم مِثْلُ ذلك الأجْرِ كاملًا، وما عندَ اللهِ خيرٌ وأبقى للَّذين اتَّقوا وأحَسْنوا. ومَن بَنى للهِ مَسجدًا، أعطاهُ اللهُ بكلِّ شِبرٍ -أو قال: بكلِّ ذِراعٍ- أربعينَ ألفَ ألفِ مدينةٍ مِن ذَهَبٍ وفِضَّةٍ، ودُرٍّ وياقوتٍ، وزَبرجدٍ ولُؤلؤٍ، في كلِّ مدينةٍ أربعونَ ألْفَ قَصرٍ، في كلِّ قَصرٍ سبعونَ ألفَ ألفِ دارٍ، في كلِّ دارٍ أربعونَ ألفَ ألفِ بيْتٍ، في كلِّ بيْتٍ أربعونَ ألفَ سريرٍ، على كلِّ سَريرٍ زوجةٌ مِن الحُورِ العينِ، وفي كلِّ بيتٍ أربعونَ ألفَ ألفِ وَصيفٍ، وأربعونَ ألفَ ألفِ وَصيفةٍ، وفي كلِّ بيتٍ أربعونَ ألفَ ألفِ مائدةٍ، على كلِّ مائدةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ قَصعةٍ، في كلِّ قَصعةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ لونٍ مِن الطَّعامِ، ويُعْطي اللهُ وَلِيَّه مِن القُوَّةِ ما يأتي على تلك الأزواجِ وذلك الطَّعامِ والشَّرابِ في يومٍ واحدٍ. ومَن تَولَّى أذانَ مسجِدٍ مِن مساجِدِ اللهِ، يُريدُ بذلك وجْهَ اللهِ؛ أعطاهُ اللهُ ثوابَ ألفِ ألفِ نَبِيٍّ، وأربعينَ ألفَ ألفِ صِدِّيقٍ، وأربعينَ ألفَ ألفِ شَهيدٍ، ويَدخُلُ في شفاعتِه أربعونَ ألفَ ألفِ أُمَّةٍ، في كلِّ أُمَّةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ رجُلٍ، وله في كلِّ جنَّةٍ مِن الجِنانِ أربعونَ ألفَ ألفِ مدينةٍ، في كلِّ مدينةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ قَصرٍ، في كلِّ قَصرٍ أربعونَ ألفَ ألفِ دارٍ، في كلِّ دارٍ أربعونَ ألفَ ألفِ بيتٍ، في كلِّ بيتٍ أربعونَ ألفَ ألفِ سَريرٍ، على كلِّ سَريرٍ زَوجةٌ مِن الحُورِ العينِ، سَعةُ كلِّ بيتٍ منها سَعةُ الدُّنيا أربعونَ ألفَ ألفِ مرَّةٍ، بيْن يدي كلِّ زَوجةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ وَصيفٍ، وأربعونَ ألفَ ألفِ وَصيفةٍ، في كلِّ بيتٍ أربعونَ ألفَ ألفِ مائدةٍ، على كلِّ مائدةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ قَصعةٍ، في كلِّ قَصعةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ لونٍ، لو نزَلَ به الثَّقلانِ لَأوسَعَهم بأدنى بيْتٍ مِن بُيوتِه بما شاؤوا مِن الطَّعامِ والشَّرابِ، واللِّباسِ والطِّيبِ، والثِّمارِ، وألْوانِ التُّحفِ والطَّرائفِ، والحُلِيِّ والحُلَلِ، كلُّ بيتٍ منها مُكْتَفٍ بما فيه مِن هذه الأشياءِ عن البيتِ الآخرِ. فإذا قال المُؤذِّنُ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، اكتنَفَه سبعونَ ألفَ ملَكٍ كلُّهم يُصَلُّون عليه، ويَستغفِرونَ له، وهو في ظلِّ رَحمةِ اللهِ حتَّى يَفرُغَ، ويكتُبُ ثوابَه أربعونَ ألفَ ألفِ ملَكٍ، ثمَّ يَصعَدونَ به إلى اللهِ. ومَن مشى إلى مَسجِدٍ مِن المساجِدِ، فله بكلِّ خُطوةٍ يَخْطوها حتَّى يرجِعَ إلى منزلِه عشْرُ حَسناتٍ، وتُمْحى عنه بها عشْرُ سيِّئاتٍ، ويُرْفَعُ له بها عشْرُ درجاتٍ. ومَن حافَظَ على الجماعةِ حيث كان، ومع مَن كان؛ مَرَّ على الصِّراطِ كالبرقِ اللَّامعِ في أوَّلِ زُمرةٍ مِن السَّابقينَ، ووجْهُه أضوَأُ مِن القمرِ ليلةَ البدرِ، وكان له بكلِّ يومٍ وليلةٍ حافَظَ عليها ثوابُ شهيدٍ. ومَن حافَظَ على الصَّفِّ المُقدَّمِ، فأدرَكَ أوَّلَ تكبيرةٍ مِن غيرِ أنْ يُؤْذِيَ مُؤمنًا؛ أعطاهُ اللهُ مِثْلَ ثوابِ المُؤذِّنِ في الدُّنيا والآخرةِ. ومَن بنى بِناءً على ظَهرِ طريقٍ يَأْوي إليه عابرُ السَّبيلِ، بعَثَه اللهُ يومَ القيامةِ على نَجيبةٍ مِن دُرٍّ، ووجْهُه يُضِيءُ لأهْلِ الجَمعِ، حتَّى يقولَ أهلُ الجَمعِ: هذا ملَكٌ مِن الملائكةِ لم يُرَ مِثْلُه، حتَّى يُزاحِمَ إبراهيمَ في قُبَّتِه، ويَدخُلُ الجنَّةَ بشفاعتِه أربعونَ ألفَ رجُلٍ. ومَن شفَعَ لأخيه المُسلمِ في حاجةٍ له، نظَرَ اللهُ إليه. وحَقٌّ على اللهِ ألَّا يُعذِّبَ عبْدًا بعدَ نظَرِه إليه، إذا كان ذلك بطلبٍ منه إليه أنْ يشفَعَ له، فإذا شفَعَ له مِن غيرِ طلَبٍ، كان له مع ذلك أجْرُ سبعينَ شهيدًا. ومَن صام رمضانَ، وكَفَّ عن اللَّغوِ والغِيبةِ، والكذِبِ والخوضِ في الباطلِ، وأمسَكَ لِسانَه إلَّا عن ذِكْرِ اللهِ، وكَفَّ سمْعَه وبصَرَه وجميعَ جَوارحِه عن مَحارمِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وعن أذى المُسلمينَ؛ كانت له مِن القُربةِ عند اللهِ أنْ تمَسَّ رُكبَتُه رُكبةَ إبراهيمَ خليلِه. ومَنِ احتفَرَ بئرًا حتَّى يَنبسِطَ ماؤُها، فيَبذُلُها للمُسلمينَ؛ كان له أجْرُ مَن توضَّأَ منها وصَلَّى، وله بعدَدِ شَعرِ مَن شَرِبَ منها حَسناتٌ؛ إنسٌ أو جِنٌّ، أو بَهيمةٌ أو سبُعٌ، أو طائرٌ، أو غيرُ ذلك، وله بكلِّ شَعرةٍ مِن ذلك عِتْقُ رَقبةٍ، ويَرِدُ في شفاعتِه يومَ القيامةِ حَوضَ القُدسِ عدَدُ نُجومِ السَّماءِ. قيل: يا رسولَ اللهِ: وما حوضُ القُدسِ؟ قال: حَوضي، حوضي، حوضي. ومَن حفَرَ قبْرًا لمُسلمٍ، حرَّمَه اللهُ على النَّارِ، وبوَّأَه بَيتًا في الجنَّةِ، لو وُضِعَ فيه ما بين صَنعاءَ والحبشةِ لَوسِعَها. ومَن غسَّلَ ميتًا، وأدَّى الأمانةَ فيه، كان له بكلِّ شَعرةٍ منه عِتقُ رقبةٍ، ورُفِعَ له بها مئةُ درجةٍ. فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ: وكيف يُؤدِّي فيه الأمانةَ يا رسولَ اللهِ؟ قال: يَستُرُ عَورتَه، ويَكتُمُ شَيْنَه، وإنْ هو لم يَستُرْ عورتَه، ولم يَكتُمْ شَيْنَه؛ أبْدى اللهُ عَورتَه على رُؤوسِ الخلائقِ. ومَن صَلَّى على ميِّتٍ صَلَّى عليه جبريلُ ومعه سبعونَ ألفَ ملكٍ، وغُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنْبِه، وإنْ أقام حتَّى يُدْفَنَ وحَثَا عليه مِن التُّرابِ، انقلَبَ وله بكلِّ خُطوةٍ حتَّى يرجِعَ إلى مَنزلِه قِيراطٌ مِن الأجْرِ، والقِيراط ُمِثْلُ أُحُدٍ. ومَن ذرَفَت عَيناهُ مِن خَشيةِ اللهِ، كان له بكلِّ قَطرةٍ مِن دُموعِه مِثْلُ أُحُدٍ في مِيزانِه، وله بكلِّ قَطرةٍ عَينٌ في الجنَّةِ، على حافتَيْها مِن المدائنِ والقُصورِ ما لا عَينٌ رأتْ، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَرَ على قلْبِ واصفٍ. ومَن عاد مَريضًا فله بكلِّ خُطوةٍ خطاها حتَّى يرجِعَ إلى منزلِه سبعونَ ألفَ حَسنةٍ، ومَحْوُ سبعينَ ألفَ سيِّئةٍ، وتُرْفَعُ له سبعونَ ألفَ درجةٍ، ويُوَكَّلُ به سبعونَ ألفَ ملَكٍ يَعودونَه، ويَستغفِرونَ له إلى يومِ القيامةِ. ومَن تبِعَ جنازةً فله بكلِّ خُطوةٍ يَخْطوها حتَّى يرجِعَ مئةُ ألفِ حَسنةٍ، ومَحْوُ مئةِ ألفِ سيِّئةٍ، ويُرْفَعُ له مئةُ ألفِ درجةٍ. فإنْ صَلَّى عليها وُكِّلَ به سبعونَ ألفَ ملَكٍ يستغفِرونَ له حتَّى يرجِعَ، وإنْ شَهِدَ دفْنَها استغْفَروا له حتَّى يُبْعَثَ مِن قبْرِه. ومَن خرَجَ حاجًّا أو مُعتمِرًا، فله بكلِّ خُطوةٍ حتَّى يرجِعَ ألفُ ألفِ حَسنةٍ، ومَحْوُ ألفِ ألفِ سيِّئةٍ، ورُفِعَ له ألفُ ألفِ درجةٍ، وله عند ربِّه بكلِّ دِرهمٍ يُنفِقُه ألفُ ألفِ دِرهمٍ، وبكلِّ دِينارٍ ألفُ ألفِ دِينارٍ، وبكلِّ حَسنةٍ يعمَلُها ألفُ ألفِ حَسنةٍ، حتَّى يرجِعَ وهو في ضَمانِ اللهِ، فإنْ توفَّاهُ أدخَلَه الجنَّةَ، وإنْ رجَعَه، رجَعَه مَغفورًا له مُستجابًا له، فاغتَنِموا دعوتَه إذا قدِمَ قبْلَ أنْ يُصيبَ الذُّنوبَ؛ فإنَّه يَشفَعُ في مئةِ ألفِ رجُلٍ يومَ القيامةِ. ومَن خلَفَ حاجًّا أو مُعتمِرًا في أهلِه بخيرٍ، كان له مِثْلُ أجْرِه كاملًا مِن غيرِ أنْ ينقُصَ مِن أجْرِه شَيءٌ. ومَن رابَطَ أو جاهَدَ في سبيلِ اللهِ، كان له بكلِّ خُطوةٍ حتَّى يرجِعَ سبعُ مئةِ ألفِ ألفِ حَسنةٍ، ومَحْوُ سبعِ مئةِ ألفِ ألفِ سيِّئةٍ، ورُفِعَ له سبْعُ مئةِ ألْفِ ألفِ دَرجةٍ، وكان في ضَمانِ اللهِ، فإنْ توفَّاهُ بأيِّ حتْفٍ كان، أدخَلَه الجنَّةَ، وإنْ رجَعَه، رجَعَه مَغفورًا له مُستجابًا له. ومَن زار أخاهُ المُسلمَ فله بكلِّ خُطوةٍ حتَّى يرجِعَ عِتْقُ مئةِ ألفِ رَقبةٍ، ومَحْوُ مئةِ ألفِ ألفِ سيِّئةٍ، ويُكْتَبُ له مئةُ ألفِ ألفِ حَسنةٍ، ويُرْفَعُ له بها مئةُ ألفِ ألفِ درجةٍ. قال: فقُلْنا لأبي هُريرةَ: أوليسَ قد قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أعتَقَ رقبةً فهي فِكاكُه مِن النَّارِ؟ قال: بلى. ويُرْفَعُ له سائرُهم في كُنوزِ العرشِ عندَ ربِّه. ومَن تعلَّمَ القُرآنَ ابتغاءَ وجْهِ اللهِ، وتفَقَّه في دِينِ اللهِ؛ كان له مِن الثَّوابِ مِثْلُ جميعِ ما أُعْطِيَ الملائكةُ والأنبياءُ والرُّسلُ. ومَن تعلَّمَ القُرآنَ رِياءً وسُمعةً ليُمارِيَ به السُّفهاءَ، ويُباهِيَ به العُلماءَ، أو يطلُبَ به الدُّنيا؛ بدَّدَ اللهُ عِظامَه يومَ القيامةِ، وكان مِن أشَدِّ أهلِ النَّارِ عذابًا، ولا يَبْقى فيها نوعٌ مِن أنواعِ العذابِ إلَّا عُذِّبَ به؛ لشِدَّةِ غضَبِ اللهِ وسَخَطِه عليه. ومَن تعلَّمَ العلمَ وتواضَعَ في العلمِ، وعلَّمَه عِبادَ اللهِ، يُرِيدُ بذلك ما عندَ اللهِ؛ لم يكُنْ في الجنَّةِ أفضَلُ ثوابًا ولا أعظَمُ مَنزلةً منه، ولم يكُنْ في الجنَّةِ مَنزلةٌ ولا درجةٌ رفيعةٌ نَفِيسةٌ إلَّا وله فيها أوفَرُ نَصيبٍ وأوفَرُ المنازلِ. ألَا وإنَّ العِلْمَ أفضَلُ العِبادةِ. ومِلاكُ الدِّينِ الورَعُ. وإنَّما العالِمُ مَن عمِلَ بعلْمِه وإنْ كان قليلَ العِلْمِ، فلا تَحقِرُنَّ مِن المعاصي شيئًا وإنْ صغُرَ في أعيُنِكم؛ فإنَّه لا صَغيرةَ مع الإصرارِ، ولا كبيرةَ مع استغفارٍ. ألَا وإنَّ اللهَ سائِلُكم عن أعمالِكم، حتَّى عن مَسِّ أحدِكم ثَوبَ أخيهِ، فاعْلَموا عِبادَ اللهِ: أنَّ العبدَ يُبْعَثُ يومَ القيامةِ على ما قد مات عليه، وقد خلَقَ اللهُ الجنَّةَ والنَّارَ، فمَن اختارَ النَّارَ على الجنَّةِ، فأبعَدَهُ اللهُ. ألَا وإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أمَرَني أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلهَ إلَّا اللهُ. فإذا قالوها عَصَموا مِنِّي دِماءَهم وأموالَهم إلَّا بحَقِّها، وحسابُهم على اللهِ. ألَا وإنَّ اللهَ لم يَدَعْ شيئًا ممَّا نهى عنه إلَّا وقد بيَّنَه لكم؛ {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42]. ألَا وإنَّ اللهَ جَلَّ ثناؤُه لا يَظلِمُ، ولا يَجوزُ عليه ظُلمٌ، وهو بالمِرصادِ؛ ليَجْزِيَ الَّذين أساؤوا بما عَمِلوا، ويَجْزيَ الَّذين أحْسَنوا بالحُسنى، فمَن أحسَنَ فلِنفْسِه، ومَن أساء فعليها، وما ربُّك بظلَّامٍ للعبيدِ. يا أيُّها النَّاسُ، إنَّه قد كَبِرَتْ سِنِّي، ودَقَّ عَظْمي، وانهَدَّ جِسْمي، ونُعِيَت إليَّ نَفْسي، واقترَبَ أجَلي، واشتقْتُ إلى ربِّي. ألَا وإنَّ هذا آخِرُ العهدِ مِنِّي ومنكم، فما دُمْتُ حيًّا فقد تَرَوني، فإذا أنا مِتُّ فاللهُ خَلِيفتي على كلِّ مُسلمٍ. والسَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. ثمَّ نزَلَ، فابتدَرَه رَهطٌ مِن الأنصارِ قبْلَ أنْ ينزِلَ مِن المِنبرِ، وقالوا: جُعِلَت أنفُسُنا فِداك يا رسولَ اللهِ، مَن يقومُ بهذه الشَّدائدِ؟ وكيف العيشُ بعدَ هذا اليومِ؟ فقال لهم: وأنتم فَداكم أبي وأُمِّي، نازَلْتُ ربِّي في أُمَّتي، فقال لي: بابُ التَّوبةِ مفتوحٌ حتَّى يُنْفَخَ في الصُّورِ. ثمَّ قال: مَن تاب قبلَ مَوتِه بسَنةٍ تاب اللهُ عليه، ثمَّ قال: سَنةٌ كثيرٌ. مَن تاب قبلَ مَوتِه بشَهرٍ تاب اللهُ عليه، ثمَّ قال: شَهرٌ كثيرٌ. ومَن تاب قبلَ موتِه بجُمعةٍ تاب اللهُ عليه، ثمَّ قال: جُمعةٌ كثيرٌ. مَن تاب قبلَ مَوتِه بيومٍ تاب اللهُ عليه، ثمَّ قال: يومٌ كثيرٌ. ثمَّ قال: مَن تاب قبلَ موتِه بساعةٍ تاب اللهُ عليه. ثمَّ قال: مَن تاب قبْلَ أنْ يُغرغِرَ بالموتِ تاب اللهُ عليه. ثمَّ نزَلَ. فكانت آخِرَ خُطبةٍ خطَبَها صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
الراوي : أبو هريرة وابن عباس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 2/291 | خلاصة حكم المحدث : كذب من داود بن المحبر | أحاديث مشابهة | الصحيح البديل
توضيح حكم المحدث : موضوع

4 - أتى جِبريلُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا محمَّدُ، إنَّ اللهَ يُحِبُّ مِن أصحابِك ثلاثةً، فأَحِبَّهم: عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وأبو ذَرٍّ، والمِقدادُ بنُ الأسودِ. قال: فأتاهُ جبريلُ: فقال: يا محمَّدُ، إنَّ الجنَّةَ لَتَشتاقُ إلى ثلاثةٍ مِن أصحابِك، وعندَهُ أنسُ بنُ مالكٍ، فرَجَا أنْ يكونَ لبعضِ الأنصارِ، قال: فأراد أنْ يسأَلَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنهم، فهابَهُ، فخرَجَ فلَقِيَ أبا بكرٍ، فقال: يا أبا بكرٍ، إنِّي كنْتُ عندَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ آنِفًا، فأتاهُ جبريلُ، فقال: إنَّ الجنَّةَ لَتَشتاقُ إلى ثلاثةٍ مِن أصحابِك، فرجَوْتُ أنْ يكونَ لبعضِ الأنصارِ، فهِبْتُ أنْ أسأَلَهُ؛ فهلْ لك أنْ تَدخُلَ على نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتسأَلَهُ؟ فقال: إنِّي أخافُ أنْ أسألَهُ، فلا أكونُ منهم، ويَشمَتُ بي قَومي، ثمَّ لَقِيَ عُمرَ بنَ الخطَّابِ، فقال له مِثْلَ قولِ أبي بكرٍ، فلَقِيَ عَلِيًّا، فقال له عليٌّ: نعمْ، إنْ كنْتُ منهم فأحمَدُ اللهَ، وإنْ لم أكُنْ منهم حَمِدْتُ اللهَ، فدخَلَ على نَبِيِّ اللهِ، فقال: إنَّ أنسًا حَدَّثني أنَّه كان عندَك آنِفًا، وإنَّ جِبريلَ أتاكَ، فقال: يا محمَّدُ، إنَّ الجنَّةَ لَتَشتاقُ إلى ثلاثةٍ مِن أصحابِك، قال: فمَن همْ يا نَبِيَّ اللهِ؟ قال: أنت منهم يا عليُّ، وعمَّارُ بنُ ياسرٍ، وسيَشهَدُ معك مَشاهِدَ، بَيِّنٌ فَضْلُها، عَظيمٌ خَيرُها، وسَلْمانُ، وهو مِنَّا أهْلَ البيتِ، وهو ناصِحٌ، فاتَّخِذْه لِنَفْسِك.
الراوي : الحسين بن علي بن أبي طالب | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 7/199 | خلاصة حكم المحدث : سنده ضعيف | أحاديث مشابهة

5 - بَيْنما نحن جُلوسٌ عندَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذ أتاهُ رجُلٌ مِن بني عامرٍ، وهو سيِّدُ قَومِه وكبيرُهم مِدْرَهُهُمْ، يَتوكَّأُ على عصًا، فقام بيْن يَدَيِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: ونسَبَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى جَدِّه، فقال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، إنِّي نُبِّئْتُ أنَّك تَزعُمُ أنَّك رسولُ اللهِ إلى النَّاسِ، أرسلَكَ بما أرسَلَ إبراهيمَ ومُوسى وعيسى وغيرَهم مِن الأنبياءِ، ألَا وإنَّك نَبَوتَ بعظيمٍ، إنَّما كان الأنبياءُ والمُلوكُ في بَيتينِ مِن بني إسرائيلَ: بَيتِ نُبوَّةٍ، وبَيتِ مُلْكٍ، ولا أنت مِن هؤلاء ولا مِن هؤلاءِ، إنَّما أنت مِن العرَبِ ممَّن يَعبُدُ الحِجارةَ والأوثانَ، فما لك والنُّبوَّةَ؟! ولكنْ لكلِّ أمْرٍ حَقيقةٌ، فأْتِني بحقيقةِ قَولِك وبَدْءِ شأْنِك، قال: فأعجَبَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَسألَتُه، ثمَّ قال: يا أخَا بَني عامرٍ، إنَّ للحديثِ الَّذي تَسأَلُ عنه نبَأً ومَجلِسًا، فاجلِسْ، فثَنَى رِجْلَه وبرَكَ كما يَبرُكُ البعيرُ، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أخَا بَني عامرٍ، إنَّ حَقيقةَ قَولي وبُدُوَّ شَأْني دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشْرى أخي عيسى ابنِ مريمَ، وإنِّي كنْتُ بِكْرًا لأُمِّي، وإنَّها حمَلَتْني كأثقَلِ ما تَحمِلُ النِّساءُ حتَّى جعَلَتْ تَشْتكي إلى صَواحبِها ثِقَلَ ما تَجِدُ، وإنَّ أُمِّي رأَتْ في المنامِ أنَّ الَّذي في بَطْنِها نُورٌ، قالت: فجعَلْتُ أتْبَعُ بَصري النُّورَ، فجعَلَ النُّورُ يَسبِقُ بَصَري حتَّى أضاء لي مشارِقَ الأرضِ ومَغارِبَها، ثمَّ إنَّها ولَدَتْني، فلمَّا نشَأْتُ بُغِّضَت إليَّ الأوثانُ، وبُغِّضَ إليَّ الشِّعرُ، واسْتُرْضِعَ لي في بَني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ، فبَينما أنا ذاتَ يومٍ في بَطْنِ وادٍ مع أتْرابٍ لي مِن الصِّبيانِ إذا أنا برَهْطٍ ثلاثٍ، معهم طِسْتٌ مِن ذهَبٍ ملآنَ نُورًا وثَلْجًا، فأخَذوني مِن بيْن أصحابي، وانطلَقَ أصحابي هرَبًا، حتَّى إذا انتَهَوا إلى شَفيرِ الوادي، أقْبَلوا على الرَّهطِ، فقالوا: ما لكمْ ولهذا الغُلامِ؟ إنَّه غُلامٌ ليس مِنَّا، وهو مِن بني سيِّدِ قُريشٍ، وهو مُسْتَرْضعٌ فِينا، غُلامٌ يَتيمٌ، ليس له أبٌ، فماذا يَرُدُّ عليكمْ قَتْلُه؟ ولكنْ إنْ كنتُمْ لا بُدَّ فاعلينَ، فاخْتاروا مِنَّا أيَّنا شِئْتُم، فلْنَأْتِكُم، فاقْتُلونا مكانَه، ودَعُوا هذا الغُلامَ، فلم يُجِيبوهم، فلمَّا رأى الصِّبيانُ أنَّ القومَ لا يُجيبونَهم، انطلَقُوا هرَبًا مُسرعينَ إلى الحيِّ يُؤذِنُوهم لهم ويَسْتصرِخوهم على القومِ، فعَمِدَ إليَّ أحدُهم، فأضْجَعني إلى الأرضِ إضجاعًا لَطيفًا، ثمَّ شَقَّ ما بيْن صَدْري إلى مُنتهى عانَتي، وأنا أنظُرُ لم أجِدْ لذلك مَسًّا، ثمَّ أخرَجَ أحشاءَ بَطْني فغسَلَهُ بذلك الثَّلجِ، فأنهى غَسْلَه، ثمَّ أعادهَا في مكانِها، ثمَّ قام الثَّاني، فقال لصاحبِه: تنَحَّ، ثمَّ أدخَلَ يَدَهُ في جَوفي، فأخرَجَ قَلْبي وأنا أنظُرُ، فصَدَعَهُ، فأخرَجَ منه مُضغةً سَوداءَ رَمى بها، ثمَّ قال بيَدِه يُمنةً مِنْه كأنَّه يَتناوَلُ شيئًا، ثمَّ إذا بالخاتمِ في يَدِه مِن نُورِ النُّبوَّةِ والحِكمةِ، تُخطَفُ أبصارُ النَّاظرينَ دونَه، فختَمَ قَلْبي، فامتلَأَ نُورًا وحِكمةً، ثمَّ أعادَهُ مكانَه، فوجَدْتُ بَرْدَ ذلك الخاتمِ في قَلْبي دَهْرًا، ثمَّ قام الثَّالثُ، فتَنحَّى صاحبُهُ، فأمَرَّ يَدَهُ بيْن ثَدْيِي ومُنْتهى عانَتِي، فالْتأَمَ ذلك الشَّقُّ بإذنِ اللهِ، ثمَّ أخَذَ بِيَدي، فأنْهَضني مِن مكاني إنْهاضًا لطيفًا، ثمَّ قال الأوَّلُ الَّذي شَقَّ بَطْني: زِنُوهُ بعشَرةٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، ثمَّ قال: زِنُوهُ بمئةٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، ثمَّ قال: زِنُوهُ بألْفٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، قال: دَعُوه؛ فلوْ وَزنْتُموه بأُمَّتِه جميعًا لَرجَحَ بهم، ثمَّ قاموا إليَّ فضَمُّوني إلى صُدورِهم، وقبَّلوا رأْسي وما بيْن عَينيَّ، ثمَّ قالوا: يا حبيبُ، لَمْ تُرَعْ، إنَّك لو تَدْري ما يُرادُ بك مِن الخيرِ، لَقُرَّتْ عينُك، قال: فبيْنما نحنُ كذلك، إذ أقبَلَ الحيُّ بحَذافيرِهم، وإذا ظِئْري أمامَ الحيِّ تَهتِفُ بأعلى صَوتِها وهي تقولُ: يا ضَعيفاهُ، قال: فأكَبُّوا عليَّ يُقبِّلوني، ويقولون: يا حبَّذا أنت مِن ضَعيفٍ، ثمَّ قالت: يا وحيداهُ، قال: فأكَبُّوا عليَّ وَضمُّوني إلى صُدورِهم، وقالوا: يا حبَّذا أنت مِن وحيدٍ، ما أنت بوحيدٍ؛ إنَّ اللهَ معك وملائكتَه والمُؤمِنينَ مِن أهْلِ الأرضِ، ثمَّ قالت: يا يَتيماهُ، اسْتُضْعِفْتَ مِن بيْن أصحابِك، فقُتِلْتَ لِضَعْفِك، فأكَبُّوا عليَّ وَضمُّوني إلى صُدورِهم وقَبَّلوا رأْسي، وقالوا: يا حبَّذا أنت مِن يتيمٍ، ما أكرَمَك على اللهِ! لو تَعلَمُ ماذا يُرادُ بك مِن الخيرِ، قال: فوَصَلوا إلى شَفيرِ الوادي، فلمَّا بَصُرَتْ بي ظِئْري، قالت: يا بُنَيَّ، ألَا أراك حيًّا بعْدُ، فجاءت حتَّى أكبَّتْ عليَّ، فضَمَّتني إلى صَدْرِها، فوالَّذي نَفْسي بيَدِهِ، إنِّي لَفِي حِجْرِها قد ضَمَّتني إليها، وإنَّ يَدِي لفي يَدِ بعْضِهم، وظنَنْتُ أنَّ القومَ يُبْصِرُونهم، فإذا هم لا يُبصِرُونهم، فجاء بعْضُ الحيِّ، فقال: هذا الغلامُ أصابَهُ لَمَمٌ، أو طائفٌ مِن الجِنِّ، فانْطَلِقوا به إلى الكاهِنِ يَنظُرُ إليه ويُداويهِ، فقلْتُ له: ما هذا؟! ليس بي شَيءٌ ممَّا تَذكرونَ، أرى نَفْسي سَليمةً، وفُؤادي صحيحًا، وليس بي قَلَبةٌ، فقال أبي -وهو زَوجُ ظِئْري-: ألَا تَرونَ ابْني كلامُه كلامٌ صحيحٌ، إنِّي لَأرْجو ألَّا يكونَ بابْنِي بأْسٌ، فاتَّفَقَ القومُ على أنْ يَذْهبوا بي إلى الكاهنِ، فاحْتَملوني حتَّى ذَهَبوا بي إليه، فقَصُّوا عليه قِصَّتي، فقال: اسْكُتوا حتَّى أسمَعَ مِن الغُلامِ؛ فإنَّه أعلَمُ بأمْرِه، فقصَصْتُ عليه أمْري مِن أوَّلِه إلى آخرِهِ، فلمَّا سمِعَ مَقالَتي، ضَمَّني إلى صَدْرِه، ونادى بأعْلى صَوتِه: يا لَلعربِ، اقْتُلوا هذا الغُلامَ واقْتُلوني معه؛ فوَاللَّاتِ والعُزَّى: لئِنْ تَركتُموه، لَيُبدِّلَنَّ دِينَكم، ولَيُسفِّهَنَّ أحلامَكم وأحلامَ آبائِكم، ولَيُخالِفَنَّ أمْرَكم، ولَيأتِيَنَّ بدِينٍ لم تَسْمَعوا بمثْلِه، قال: فانْتَزَعني ظِئْري مِن يَدِه، قال: لَأنتَ أعتَهُ مِنْه وأجَنُّ، ولو علِمْتُ أنَّ هذا يكونُ مِن قولِك، ما أتيتُكَ به، ثمَّ احْتَملوني، ورَدُّوني إلى أهْلي، فأصبَحْتُ مَغمومًا ممَّا فُعِلَ بي، وأصبَحَ أثَرُ الشَّقِّ ما بيْن صَدْري إلى مُنْتهى عانَتِي كأنَّه شِراكٌ، فذلك حقيقةُ قولي وبُدُوُّ شَأْني، فقال العامريُّ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ أمْرَك حَقٌّ، فأَنْبِئني بأشياءَ أسألُكَ عنها، قال: سَلْ عنك -وكان يقولُ للسَّائلينَ قبْلَ ذلك: سَلْ عمَّا بدَا لك، فقال يومئذٍ للعامريِّ: سَلْ عنك؛ فإنَّها لُغةُ بني عامرٍ، فكلَّمَه بمَا يَعرِفُ-، فقال العامريُّ: أخْبِرْني يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ: ماذا يَزيدُ في الشَّرِّ؟ قال: التَّمادي، قال: فهلْ يَنفَعُ البِرُّ بعْدَ الفُجورِ؟ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ؛ التَّوبةُ تَغسِلُ الحَوبةَ، وإنَّ الحَسناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، وإذا ذكَرَ العبْدُ ربَّهُ في الرَّخاءِ أعانَهُ عندَ البلاءِ، قال العامريُّ: كيف ذلك يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ذلك بأنَّ اللهَ يقولُ: لا أجمَعُ لِعَبْدي أمْنَينِ، ولا أجمَعُ له خَوفينِ؛ إنْ هو أمِنَني في الدُّنيا أخَفْتُه يومَ أجمَعُ عِبادي في حَظيرةِ القُدسِ، فيَدومُ له أمْنُه، ولا أمْحَقُه فيمَن أمحَقُ، فقال العامريُّ: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، إلى ما تَدْعو؟ قال: إلى عِبادةِ اللهِ وحْدَه لا شريكَ له، وأنْ تخلَعَ الأندادَ وتَكفُرَ باللَّاتِ والعُزَّى، وتُقِرَّ بما جاء مِن اللهِ مِن كتابٍ ورسولٍ، وتُصلِّيَ الصَّلواتِ الخمسَ بحَقائقِهنَّ، وتصومَ شَهْرًا مِن السَّنةِ، وتُؤدِّيَ زكاةَ مالِكَ، فيُطهِّرَك اللهُ به، ويَطِيبَ لك مالُكَ، وتُقِرَّ بالبعثِ بعْدَ الموتِ، وبالجنَّةِ والنَّارِ، قال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، فإنْ أنا فعَلْتُ هذا، فما لي؟ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: جنَّاتُ عَدْنٍ تَجْري مِن تَحتِها الأنهارُ خالدينَ فيها أبدًا، وذلك جَزاءُ مَن تَزكَّى، قال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، هلْ مع هذا مِن الدُّنيا شَيءٌ؛ فإنَّه يُعجِبُنا الوطَأةُ في العيشِ؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ؛ النَّصرُ والتَّمكينُ في البلادِ. قال: فأجاب العامريَّ وأنابَ.
الراوي : شداد بن أوس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 7/16 | خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف | أحاديث مشابهة

6 - شَهِدْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ - رضِي اللهُ عنه - غَداةَ طُعِنَ، فكنتُ في الصَّفِّ الثاني، وما يَمنَعُني أنْ أَكُونَ في الصَّفِّ الأوَّلِ إلَّا هَيْبَتُه، كان يَستَقْبِلُ الصَّفَّ إذا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فإنْ رأى إنسانًا مُتقدِّمًا أو مُتأخِّرًا أصابَه بالدِّرَّةِ، فذلك الَّذي مَنَعَني أنْ أَكُونَ في الصَّفِّ الأَوَّلِ، فكنتُ في الصَّفِّ الثاني، فجاءَ عُمَرُ يُريدُ الصَّلاةَ، فعَرَضَ له أبو لُؤْلُؤَةَ غلامُ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ، فناجاهُ عُمَرُ غيرَ بعيدٍ ثمَّ تَرَكَه، ثمَّ ناجاهُ ثمَّ تَرَكَه، ثمَّ ناجاهُ ثمَّ تَرَكَه ثمَّ طَعَنَه. قال: رأيتُ عُمَرَ قائلًا بيدِه هكذا، يقولُ: دُونَكُمُ الكلبَ قد قَتَلَني . وماجَ النَّاسُ. قال: فجَرَحَ ثلاثةَ عشرَ رجُلًا، فماتَ منهم سِتَّةٌ , أو سبعةٌ , وماجَ النَّاسُ بعضُهم في بعضٍ، فشَدَّ عليه رَجُلٌ مِن خلْفِه فاحتَضَنَه. قال قائلٌ: الصَّلاةَ عبادَ اللهِ، قد طلَعَتِ الشَّمسُ، فتدافَعَ النَّاسُ، فدفَعوا عبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوْفٍ فصَلَّى بهم بأَقصَرِ سورتيْنِ في القُرْآنِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ} ، و: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}. واحتُمِلَ، فدَخَلَ عليه النَّاسُ، قال: يا عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ، اخرُجْ فنادِ في النَّاسِ: عن مَلأٍ منكم كان هذا ؟ قالوا: مَعاذَ اللهِ، ولا عَلِمْنا ولا اطَّلَعْنا، قال: ادْعُوا ليَ الطَّبِيبَ، فدُعِيَ، فقال: أيُّ الشَّرابِ أَحَبُّ إليكَ ؟ قال: النَّبِيذُ، قال: فشَرِبَ نَبِيذًا، فخَرَج مِن بعضِ طَعَناتِه، فقال النَّاسُ: هذا صَدِيدٌ، فقال: اسْقُوه لَبَنًا، فشَرِبَ لَبَنًا فخَرَج مِن بعضِ طَعَناتِه، قال: ما أرَى أنْ يَمشي، فما كنتَ فاعِلًا فافعَلْ. فقال: يا عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، ناوِلْني الكَتِفَ، فلو أراد اللهُ أن يُمضِيَ ما فيها أَمضاهُ. قال عبدُ اللهِ: أنا أَكفِيكَ مَحْوَها، فقال: لا واللهِ لا يَمحُوها أحدٌ غيري. قال: فمَحاها عُمَرُ بيدِه. قال: وكان فيها فريضةُ الجَدِّ. قال: ادْعُوا لي عليًّا وعثمانَ وطَلْحةَ والزُّبَيرَ وعبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوْفٍ وسعدًا. قال: فدُعُوا، قال: فلم يُكَلِّمْ أحدًا مِنَ القومِ إلَّا عليًّا وعثمانَ، فقال: يا عليُّ، هؤلاء القومُ لعلَّهم أنْ يَعرِفوا لك قَرابَتَكَ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما أَعطاكَ اللهُ مِنَ الفِقهِ والعِلمِ، فإنْ ولَّوْكَ هذا الأمرَ فاتَّقِ اللهَ فيه، ثمَّ قال: يا عثمانُ، إنْ هؤلاء القومَ لعلَّهم أنْ يَعرِفُوا لك صِهْرَكَ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وشَرَفَك، فإنْ ولَّوْكَ هذا الأمرَ فاتَّقِ اللهِ، ولا تَحمِلَنَّ بَنِي أَبي مُعَيْطٍ على رِقابِ النَّاسِ. يا صُهَيبُ، صَلِّ بالنَّاس ثلاثًا، وأَدخِلَ هؤلاء في بيتٍ، فإذا اجتَمَعوا على رَجُلٍ فمَن خالَفَهم فليَضرِبُوا رأسَه . قال: فلمَّا خَرَجوا، قال: إنْ وَلَّوُا الأَجْلَحَ سلَكَ بهمُ الطَّريقَ. قال: فقال عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: ما يَمنَعُكَ ؟ قال: أَكرَهُ أنْ أَحمِلَها حيًّا وميِّتًا.
الراوي : عمرو بن ميمون | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 5/ 15 | خلاصة حكم المحدث : له شاهد | أحاديث مشابهة
 

1 - مَن آوى يَتيمًا مِن بيْن المُسلِمين إلى طَعامِه وشَرابِه حتَّى يُغْنِيَه، أوجَبَ اللهُ له الجنَّةَ، إلَّا أنْ يَعمَلَ ذَنْبًا لا يُغْفَرُ. ومَن عالَ ثلاثَ بناتٍ، فأدَّبَهنَّ وأحسَنَ إليهنَّ، وجَبَتْ له الجنَّةُ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، أوِ اثنتانِ؟ قال: أو اثنتانِ، حتَّى لو قالوا: أو واحدةٌ؟ لَقال: واحدةٌ. ومَن أذهَبَ اللهُ كَريمتَيْهِ كان ثَوابُه على اللهِ الجنَّةَ، قالوا: يا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما كَرِيمتاهُ؟ قال: عَيناهُ. فكان ابنُ عبَّاسٍ إذا حدَّثَ بهذا الحديثِ، قال: هذا مِن كرائمِ الحديثِ وغُرَرِه.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 5/485 | خلاصة حكم المحدث : سنده ضعيف | أحاديث مشابهة | الصحيح البديل
التخريج : أخرجه الترمذي (1917) مختصراً، والحارث في ((المسند)) (903)، وأبو يعلى (2457) باختلاف يسير.

2 - ثلاثٌ أحلِفُ عليهِنَّ لا يجعلُ اللهُ ذا سهمٍ في الإسلامِ كمَن لا سهمَ له ، وأسهمُ الإسلامِ ثلاثةٌ : الصلاةُ ، والصيامُ ، والصدقةُ ، ولا يتولَّى اللهُ عبدًا في الدنيا فيوليه غيرَه يومَ القيامةِ ، ولا يحبُّ رجلٌ قومًا إلا كان معهم ، والرابعةُ لو حلَفتُ عليهِنَّ لرجَوتُ أن لا آثَمَ : لا يسترُ اللهُ على عبدٍ في الدنيا إلا ستَره اللهُ يومَ القيامةِ ، قال : فقال عُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ : إذا سمِعتُم مثلَ هذا الحديثِ مِن مثلِ عروةَ يَرويه عن عائشةَ فاحفَظوه
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 1/416 | خلاصة حكم المحدث : [روي بإسناد جيد]، وله شاهد
التخريج : أخرجه أحمد (25164) باختلاف يسير، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (6350) مختصراً | شرح حديث مشابه

3 - أنَّ وفدًا قدِموا على عُمرَ رضي اللهُ عنه فقال: لآذنِه عبدِ اللهِ بنِ الأرقمِ أو عبيدِ اللهِ بنِ الأرقمِ انظُرْ أصحابَ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فائذَنْ لهم أولَ الناسِ ثم القراءَ الذين يلونَهم قال: فدخَلوا فصَفُّوا قدامَه فإذا رجلٌ ضخمٌ عليه مقطعاتٌ مِن برودٍ قال: فأومَأ إليه فأتاه فقال عُمرُ: إيهٍ ثلاثَ مراتٍ فقال الرجلُ: إيهٍ ثلاثَ مراتٍ قال عُمرُ: أُفّ قُمْ قُمْ قال ؟ فقام فعاد في مجلسِه ثم نظَر فإذا الأشعريُّ خفيفُ الجسمِ قصيرٌ سبطٌ قال: فأومَأ إليه فأتاه فقال له عُمرُ: إيهٍ فقال الأشعريُّ: إيهٍ فقال له عُمرُ: إيهٍ قال: يا أميرَ المؤمنينَ سَلْنا أو افتَحْ سَلْنا أو افتَحْ حدِّثْنا فنحدِّثْكَ قال عُمرُ: أُفّ قُمْ فإنه لن ينفَعَكَ ضياعٌ ولا راعي ضأنٍ فنظَر فإذا رجلٌ أبيضُ خفيفُ الجسمِ فأومَأ إليه فأتاه فقال له عُمرُ: إيهٍ فوثَب فحمِد اللهَ وأثنى عليه ووعَظ باللهِ وقال: إنَّك قد وُلِّيتَ هذه الأُمَّةَ فاتَّقِ اللهَ فيما وُلِّيتَ مِن أمرِ هذه الأُمَّةِ وأهل رعيتِكَ وفى نفسِكَ خاصةً فإنَّك محاسَبٌ ومسئولٌ عما استُرعيتَ عليه وإنما أنتَ أمينٌ وإنما عليكَ أن تؤديَ ما عليكَ منَ الأمانةِ فتُعطى أجرَك على قدرِ عملِكَ قال: ما صدَقَني رجلٌ منذُ استُخلِفتُ غيرَكَ مَن أنتَ ؟ قال: أنا الربيعُ بنُ زيادٍ فقال: أخو المهاجرِ بنِ زيادٍ ؟ قال: نعَم قال: فجهَّز عُمرُ جيشًا واستَعمَل عليهِمُ الأشعريَّ قال: ثم قال: انظُرْ ربيعًا إن كان صادقًا فإنما يقولُ: كان غيرُه عونًا على هذا الأمرِ فاستَعمِلْه ثم لا يأتي عشرٌ إلا تعاهَدتَ فيهِنَّ عملَه وكتبتَ إليَّ بسيرتِه في عملِه حتى كأنَّ أنا الذي استعملتُه ثم قال عُمرُ: عهِد إلينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن أَخوَفَ ما أخشى عليكم منافقٌ عليمُ اللسانِ
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 7/366 | خلاصة حكم المحدث : سنده صحيح

4 - انطلقْتُ أنا وزُرعةُ بنُ ضَمْرةَ مع الأشعريِّ إلى عُمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه، فلَقِيَنا عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو، فقال: يُوشِكُ ألَّا يَبْقى في أرضِ العَجَمِ مِن العرَبِ أحدٌ إلَّا قَتيلٌ، أو أَسِيرٌ يُحْكَمُ في دَمِه، فقال له زُرعةُ: أيظهَرُ المُشرِكونَ على أهْلِ الإسلامِ؟ فقال: ممَّن أنت؟ فقال: مِن بني عامرِ بنِ صَعصعةَ، فقال: لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تُدافِعَ مَناكِبُ نِساءِ بني عامرِ بنِ صَعصعةَ على ذي الخَلَصةِ، ومَن كان مِن أدْيانِ الجاهليَّةِ. قال: فذكَرْنا ذلك لعُمرَ مِن قَولِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، فقال: عبدُ اللهِ أعلَمُ بما يقولُ، ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ إنَّ عُمَرَ خطَبَ يومَ الجُمعةِ، فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: لا تَزالُ طائفةٌ مِن أُمَّتي على الحقِّ مَنصورةً حتَّى يأتِيَ أمْرُ اللهِ. قال: فذكَرْنا لعبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو قولَ عُمرَ بنِ الخطَّابِ، فقال عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو: صَدَقَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ إذا أتَى أمْرُ اللهِ كان الَّذي قلْتُ.
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 8/31 | خلاصة حكم المحدث : رواته ثقات إلا أنه منقطع | أحاديث مشابهة
التخريج : أخرجه الطبري في ((مسند عمر)) (2/814)، وأبو يعلى كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) للبوصيري (8/31) واللفظ له، والحاكم (8653).

5 - شَهِدْتُ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رضِيَ اللهُ عنه حين حُوصِرَ، والنَّاسُ عندهُ مَوضِعَ الجنائزِ، فلو أنَّ حَصاةً ألْقَيْتُها ما سقَطَتْ إلَّا على رأْسِ رجُلٍ، فنَظَرْتُ إلى عُثمانَ حين أشرَفَ مِن الخَوْخَةِ الَّتي تَلِي مَقامَ جِبْريلَ عليه السَّلامُ، فقال للنَّاسِ: أفيكمْ طَلحةُ؟ قال: فسَكَتوا، قال: أفيكُمْ طَلحةُ؟ فقام طلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ، فقال له عُثمانُ: ألَا أَراك هاهنا، قد كنتُ أَراكَ في جماعةِ قَومٍ تَسمَعُ نِدايَ آخِرَ ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ لا تُجِيبُني، أنشُدُكَ باللهِ يا طلحةُ: أمَا تَعلَمُ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان بمكانِ كذا وكذا -يُسمِّي الموضِعَ- وأنا وأنت معه، ليس معه مِن أصحابِه غَيري وغيرُك، فقال لك رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ لكلِّ نَبِيٍّ رَفيقًا مِن أُمَّتِه معه في الجنَّةِ، وإنَّ عُثمانَ هذا رَفِيقي معي في الجنَّةِ -يَعْنِيني-؟ فقال طلحةُ: اللَّهُمَّ نعمْ، ثمَّ انصرَفَ.
الراوي : عثمان بن عفان | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 8/13 | خلاصة حكم المحدث : فيه القاسم بن الحكم بن أوس قال البخاري: لم يصح حديثه وقال أبو حاتم: مجهول. وذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجاله ثقات

6 - أتيْتُ الشَّامَ، فقيل لي: إنَّ في هذه الكنيسةِ رسولَ قيصرَ إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فدخلْتُ فإذا أنا بشيخٍ كبيرٍ، فقلْتُ: أنت رسولُ قيصرَ إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قال: نعم، قلْتُ: حَدِّثني عن ذلك، قال: لمَّا غزا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تبوكَ، كتَبَ إلى قيصرَ كتابًا وبعَثَ به مع رجُلٍ مِن أصحابِه، يُقال له: دِحيةُ بنُ خليفةَ، فلمَّا قرَأَ كتابَه وضَعَه معه على السَّريرِ، وبعَثَ إلى بطارقتِه ورُؤوسِ أصحابِه، فقال: إنَّ هذا الرَّجلَ قد بعَثَ إليكم رسولًا، وكتَبَ إليكم كتابًا يُخيِّرُكم إحدى ثلاثِ خِلالٍ؛ إمَّا أنْ تتَّبِعوه على دينِه، أو تُقِرُّون له بخَراجٍ يَجْري له عليكم، ويُقِرُّكم على هيئتِكم في بلادِكم، أو أنْ تُلْقوا إليه بالحربِ. قال: فنَخُروا نَخرةً حتَّى خرَجَ بعضُهم مِن برانسِهم، وقالوا: لا نتَّبِعُه على دِينِه وندَعُ دِينَنا ودينَ آبائِنا، ولا نُقِرُّ له بخَراجٍ يَجْري له علينا، ولكنَّا نُلْقي إليه بالحربِ. فقال: قد كان ذلك رأيي، ولكنْ كرِهْتُ أنْ أفتاتَ عليكم بأمْرٍ حتَّى أعرِضَه عليكم. قال: عبَّادٌ، فقلْتُ لابنِ خُثَيمٍ: أو ليس قد كان قارَبَ وهَمَّ بالإسلامِ فيما بلَغَنا؟ قال: بلى، لولا ما رأى منهم. قال فابْعَثوا لي رجُلًا -أظنَّه مِن العربِ بعدَ جوابِه-، قال: فأتيْتُه وأنا شابٌّ، فانطُلِقَ بي إليه، فكتَبَ جوابَه وقال: مهما نَسِيتَ مِن شَيءٍ فاحْفَظْ ثلاثَ خِلالٍ؛ انظُرْ إذا هو قرَأَ كتابي: هل يذكُرُ اللَّيلَ والنَّهارَ، وهل يذكُرُ كتابَه إليَّ، وانظُرْ هل تَرَى في ظَهرِه علَمًا؟ قال: فأتيتُه وهو بتبوكَ في حلْقةٍ مِن أصحابِه، فدفَعْتُ إليه الكتابَ، فدعا مُعاويةَ فقرَأَ عليها الكتابَ، فلمَّا أتى على قولِه: دَعَوتني إلى جنَّةٍ عرضُها السَّمواتُ والأرضُ، فأين النَّارُ؟ فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرأيْتَ إذا جاءَ اللَّيلُ فأين النَّهارُ؟ قال: قال: إنِّي كتبْتُ إلى النَّجاشيِّ كتابًا، فخرَّقَه، فخرَّقَه اللهُ. قال عَبَّادٌ: فقلْتُ لابنِ خُثَيمٍ: أوليس قد أسلَمَ النَّجاشيُّ، ونعاه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أصحابِه وصَلَّى عليه؟ قال: فقال: بلى، ذاك فلانُ بنُ فلانٍ، وهذا فلانُ بنُ فلانٍ، قد عرَفَهم ابنُ خُثَيْمٍ جميعًا ونسَبَهم. وكتبْتُ إلى كسرى كتابًا فمزَّقَه، فمزَّقَه اللهُ مُمَزِّقُ المُلكِ، وكتبْتُ إلى قيصرَ كتابًا فأجابَني فيه، فلنْ يزالَ النَّاسُ يَخْشون منهم بأسًا ما كان في النَّاسِ خيرٌ. ثمَّ قال لي: ممَّنْ أنتَ؟ قلْتُ: مِن تَنوخٍ، قال: يا أخا تَنوخٍ، هل لك في الإسلامِ؟ قلْتُ: لا، إنِّي أقبَلْتُ مِن قِبَلِ قومٍ وأنا وهم على دِينٍ، فلسْتُ مُتبدِّلًا بدينِهم حتَّى أرجِعَ إليهم، قال: فضحِكَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو تبسَّمَ. قال: فلمَّا قَضَيْتُ حاجتي وقفْتُ، فلمَّا وَلَّيْتُ دعاني، فقال: يا أخا تَنوخٍ، هلُمَّ فامْضِ لِمَا أُمِرْتَ به، قال: وقد كنْتُ نَسِيتُها، فاستدرْتُ مِن وراءِ الحلْقةِ، فألْقى بُردةً كانت عليه عن ظهرِه، فرأيْتُ على غُضروفِ مَنْكِبَيْه مثلَ المِحجمِ الضَّخمِ، صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
الراوي : سعيد بن أبي راشد | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 5/269 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
التخريج : أخرجه أحمد (16739)

7 - أتيتُ المدينةَ ابتِغاءَ العلمِ ، وإذا الناسُ في مسجدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حلقٌ حلقٌ يتحدَّثونَ ، قال : فجعَلتُ أمضي إلى الحلقِ حتى أتيتُ حلقةً فيها رجلٌ شاحبٌ عليه ثوبينِ كأنما قدِم مِن سفَرٍ ، فسمِعتُه يقولُ : هلَك أصحابُ العقدِ وربِّ الكعبةِ ولا آسى عليهِم ، قالها ثلاثَ مراتٍ ، قال : فجلَستُ إليه فتحدَّث مما قُضي له ، ثم قام ، فلما قام سألتُ عنه ، قلتُ : مَن هذا ؟ قالوا : هذا أُبَيُّ بنُ كعبٍ سيدُ المسلمينَ ، فتبِعتُه حتى أتى منزِلَه ، فإذا هو رَثُّ المنزلِ ورَثُّ الكسوةِ يشبهُ بعضُه بعضًا ، فسلَّمتُ عليه ، فردَّ عليَّ السلامَ ، ثم سألني ممن أنتَ ؟ قلتُ : مِن أهلِ العراقِ ، قال : أكثرُ شيءٍ سؤالًا . قال : فلما قال ذلك غضِبتُ فجثَوتُ على رُكبَتي واستقبَلتُ القبلةَ ورفَعتُ يدي ، فقلتُ : اللهم إنا نشكوهم إليكَ ، إنا ننفقُ نفقاتِنا ، وننصبُ أبدانَنا ، ونرحلُ مطايانا ابتغاءَ العلمِ ، فإذا لَقيناهم تجهَّمونا ، وقالوا لنا فبَكى أُبَيٌّ ، وجعَل يتَرضَّاني وقال : ويحَكَ لم أذهَبْ هناكَ ، ثم قال : إني أعاهِدُكَ لئن أبقيتَني إلى يومِ الجمعةِ لأتكلَّمَنَّ بما سمِعتُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا أخافُ فيه لومةَ لائمٍ ، ثم أراه قام ، فلما قال ذلك انصرفتُ عنه ، وجعلتُ أنتظِرُ الجمُعةَ لأسمعَ كلامَه ، قال : فلما كان يومُ الخميسِ خرجتُ لبعضِ حاجاتي ، فإذا السككُ غاصةٌ بالناسِ ، لا آخذُ في سكةٍ إلا يَلقاني الناسُ ، قلتُ : ما شأنُ الناسِ ؟ قالوا : نحسبُكَ غريبًا . قلتُ : أجَلْ ، قالوا : مات سيدُ المسلمينَ أُبَيُّ بنُ كعبٍ ، قال : فلَقيتُ أبا موسى بالعراقِ ، فحدَّثتُه بالحديثِ ، فقال : والهفاه ألا كان بَقي حتى يبلغَنا مقالةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
الراوي : أبو عمران الجوني | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 1/214 | خلاصة حكم المحدث : إسناده رجاله ثقات
التخريج : أخرجه أبو يعلى كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) للبوصيري (1/214)، والحاكم (2892)

8 - إنَّ هذه السورةَ نزلَتْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أوسطِ أيامِ التشريقِ بمِنًى وهو في حجةِ الوداعِ إذا جاءَ نصرُ اللهِ والفتحُ حتى ختَمها فعرَف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه الوداعُ ، فأمَر براحلتِه القَصواءِ فرحلَتْ له فركِب فوقَف للناسِ بالعقبةِ فاجتَمَع إليه الناسُ فحمِد اللهَ ، وأثنى عليه بما هو له أهلٌ ، فقال : يا أيُّها الناسُ إنَّ كلَّ دمٍ كان في الجاهليةِ فهو هدرٌ وأولُ دمٍ أضعُه دمُ إياسِ بنِ ربيعةَ بنِ الحارثِ , كان مُستَرضَعًا في بني ليثٍ فقتلَتْه هُذَيلٌ ، وإنَّ أولَ رِبًا كان في الجاهليةِ رِبا العباسِ بنِ عبدِ المطلبِ فهو أولُ رِبًا أضعُ، لكم رؤوسُ أموالِكم لا تَظلِمونَ ، ولا تُظلَمونَ ، أيُّها الناسُ ، إنَّ الزمانَ قدِ استَدار فهو اليومَ كهيئةِ يومَ خلَق اللهُ السماواتِ والأرضَ , وإنَّ عِدَّةَ الشهورِ عندَ اللهِ اثنا عشَر شهرًا , منها أربعةٌ حُرُمٌ رجبُ مُضَرَ بين جُمادى وشعبانَ ، وذو القعدةِ ، وذو الحجةِ ، والمحرمُ ، وإنَّ النسيءَ زيادةٌ في الكفرِ يُضَلُّ به الذين كفروا , يُحِلُّونَه عامًا ويُحَرِّمونَه عامًا ليواطِئوا عدةَ ما حرَّم اللهُ وذلك أنهم كانوا يَجعَلونَ صفَرَ عامًا حلالًا وعامًا حرامًا ، ويجعلونَ المحرمَ عامًا حرامًا وعامًا حلالًا ، وذلك النسيءُ منَ الشيطانِ , أيُّها الناسُ إنَّ الشيطانَ قد يئِس أن يُعبدَ في بلدِكم هذا آخرَ الزمانِ وقد رضي منكم بمُحَقَّراتِ الأعمالِ فاحذَروه في دينِكم ، أيُّها الناسُ ، مَن كانتْ عندَه وديعةٌ فليؤدِّها إلى مَنِ ائتَمَنه عليها ، أيُّها الناسُ ، إنَّ النساءَ عندَكم عَوانٌ ، أخَذتُموهنَّ بأمانةِ اللهِ ، واستَحلَلتُم فُروجهنَّ بكلمةِ اللهِ ، ولكم عليهِنَّ حقٌّ ، ولهنَّ عليكم حقٌّ ، ومِن حقِّكم ألا يوطِئنَ فُرُشَكم مَن تَكرهونَ ، ولا يعصينَكم في معروفٍ , فإذا فعَلنَ فلهنَّ رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ وإذا ضرَبتُم فاضرِبوا ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ ، أيُّها الناسُ قد ترَكتُ فيكم ما إذا اعتصَمتُم به لن تضِلُّوا كتابَ اللهِ ، أيُّها الناسُ ، أيُّ يومٍ هذا ؟ قالوا يومٌ حرامٌ . قال : أيُّ شهرٍ هذا ؟ قالوا : شهرٌ حرامٌ . قال : أيُّ بلدٍ هذا ؟ قالوا : بلدٌ حرامٌ . قال : فإنَّ اللهَ قد حرَّم دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم كحُرمةِ هذا اليومِ في هذا الشهرِ ألا لا نبيَّ بعدي ، ولا أُمةَ بعدَكم ألا فلْيبلِّغْ شاهدُكم غائبَكم , ثم رفَع يدَيه فقال : اللهم اشهَدْ , اللهم اشهَدْ - ثلاثَ مراتٍ
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 3/228 | خلاصة حكم المحدث : سنده فيه موسى بن عبيدة الربذي ، وهو ضعيف، وله شاهد
التخريج : أخرجه عبد بن حميد (856)، والبزار (6135)، والبيهقي (9964) باختلاف يسير

9 - خطَبَنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خُطبةً قبلَ وَفاتِه، وهي آخِرُ خُطبةٍ خطَبَها بالمدينةِ حتَّى لحِقَ باللهِ، فوعَظَنا فيها مَوعظةً ذرَفَتْ منها العُيونُ، ووَجِلَت منها القُلوبُ، واقشعَرَّتْ منها الجُلودُ، وتقلْقَلَتْ منها الأحشاءُ، أمَرَ بِلالًا فنادى: الصَّلاةُ جامعةٌ، قبلَ أنْ يتكلَّمَ، فاجتمَعَ النَّاسُ إليه، فارْتَقى المِنْبرَ، فقال: يا أيُّها النَّاسُ، ادْنُوا وأوسِعُوا لِمَن خلْفَكم، ثلاثَ مرَّاتٍ، فدنا النَّاسُ وانضَمَّ بعضُهم إلى بعضٍ، والْتَفتوا فلم يَرَوا أحدًا، ثمَّ قال: ادْنُوا وأوسِعوا لِمَن خلْفَكم، فدنا النَّاسُ وانضَمَّ بعضُهم لبعضٍ، والْتَفتوا فلم يَرَوا أحدًا. ثمَّ قال: ادْنُوا وأوسِعوا لِمَن خلْفَكم، فدَنَوا وانضَمَّ بعضُهم إلى بعضٍ، والْتَفتوا فلم يَرَوا أحدًا، فقام رجُلٌ فقال: لمَن نُوسِّعُ؛ للملائكةِ؟ قال: لا؛ إنَّهم إذا كانوا معكم لم يَكُونوا بين أيديكم ولا خلْفَكم، ولكنْ عن يَمينِكم وشَمائلِكم، فقال: ولِمَ لا يكونونَ بيْن أيدينا ولا خلْفَنا؟ أهمْ أفضَلُ منَّا؟ قال: بلْ أنتُمْ أفضلُ مِن الملائكةِ. اجلِسْ فجلَسَ. ثمَّ خطَبَ، فقال: الحمدُ للهِ، أحمَدُه، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونُؤْمِنُ به، ونَتوكَّلُ عليه، ونَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبْدُه ورسولُه، ونعوذُ باللهِ مِن شُرورِ أنفُسِنا وسيِّئاتِ أعمالِنا. مَن يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له. أيُّها النَّاسُ، إنَّه كائنٌ في هذه الأُمَّةِ ثلاثونَ كذَّابًا، أوَّلُهم صاحِبُ اليَمامةِ، وصاحبُ صَنعاءَ. أيُّها النَّاسُ، إنَّه مَن لقِيَ اللهَ وهو يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ مُخلِصًا؛ دخَلَ الجنَّةَ. فقام عليُّ بنُ أبي طالبٍ فقال: بأبي وأُمِّي يا رسولَ اللهِ، كيف يُخلِصُ بها لا يَخلِطُ معها غيرَها؟ بيِّنْ لنا حتَّى نَعرِفَه. فقال: حِرصًا على الدُّنيا، وجمْعًا لها مِن غيرِ حِلِّها، ورضًا بها، وأقوامٌ يقولون أقاويلَ الأخيارِ، ويَعمَلون عمَلَ الفُجَّارِ، فمَن لقِيَ اللهَ وليس فيه شَيءٌ مِن هذه الخِصالِ بقولِه: لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ دخَلَ الجنَّةَ، ومَنِ اختارَ الدُّنيا على الآخرةِ فله النَّارُ، ومَن تَولَّى خُصومةَ قومٍ ظَلمةٍ، أو أعانَهم عليها؛ نزَلَ به مَلَكُ الموتِ يُبشِّرُه بلَعنةٍ ونارٍ خالدًا فيها، وبئْسَ المصيرُ، ومَن خَفَّ لِسُلطانٍ جائرٍ في حاجةٍ، فهو قَرينُه في النَّارِ، ومَن دَلَّ سُلطانًا على جَورٍ، قُرِنَ مع هامانَ في النَّارِ، وكان هو وذلك السُّلطانُ مِن أشدِّ النَّاسِ عَذابًا. ومَن عظَّمَ صاحبَ دُنْيا ومدَحَه طمَعًا في دُنياه، سَخِطَ اللهُ عليه، وكان في دَرجةِ قارونَ في أسفلِ جهنَّمَ. ومَن بنى بِناءً رِياءً وسُمعةً، حُمِّلَه يومَ القيامةِ مع سبْعِ أرضينَ، يُطَوَّقُه نارًا تُوقَدُ في عُنُقِه، ثمَّ يُرْمَى به في النَّارِ. فقيل: وكيف يَبْني بِناءً رِياءً وسُمعةً؟ فقال: يَبْني فضْلًا عمَّا يَكْفِيه، ويَبْنيه مُباهاةً. ومَن ظلَمَ أجيرًا أُجرةً حَبِطَ عمَلُه، وحُرِّمَ عليه رِيحُ الجنَّةِ، ورِيحُها يُوجَدُ مِن مسيرةِ خمسِ مئةِ عامٍ. ومَن خان جارَه شِبرًا مِن الأرضِ، طُوِّقَه يومَ القيامةِ إلى سبْعِ أرضينَ نارًا حتَّى تُدْخِلَه جهنَّمَ. ومَن تعلَّمَ القُرآنَ، ثمَّ نسِيَه مُتعمِّدًا، لقِيَ اللهَ مَجذومًا مَعلولًا، وسلَّطَ اللهُ عليه بكلِّ آيةٍ حيَّةً تَنهَشُه في النَّارِ. ومَن تعلَّمَ القُرآنَ، فلم يَعمَلْ به، وآثَرَ عليه حُطامَ الدُّنيا وزينَتَها؛ استوجَبَ سَخَطَ اللهِ، وكان في دَرجةِ اليهودِ والنَّصارى الَّذين نَبَذوا كِتابَ اللهِ وراءَ ظُهورِهم، واشْتَروا به ثمنًا قليلًا. ومَن نكَحَ امرأةً في دُبُرِها، أو رجُلًا، أو صَبيًّا؛ حُشِرَ يومَ القيامةِ وهو أنتَنُ مِن الجِيفةِ، يتأَذَّى به النَّاسُ حتَّى يَدخُلَ جهنَّمَ، وأحبَطَ اللهُ أجْرَه، ولا يقبَلُ منه صَرْفًا ولا عدلًا، ويدخُلُ في تابوتٍ مِن نارٍ، وتُسلَّطُ عليه مَساميرُ مِن حديدٍ، حتَّى تَسلُكَ تلك المساميرُ في جَوفِه، فلو وُضِعَ عِرْقٌ مِن عُروقِه على أربعِ مئةِ أُمَّةٍ لَماتوا جميعًا، وهو مِن أشدِّ أهلِ النَّارِ عذابًا يومَ القيامةِ. ومَن زنَى بامرأةٍ مُسلمةٍ أو غيرِ مُسلمةٍ، حُرَّةٍ أو أمَةٍ؛ فُتِحَ عليه في قبْرِه ثلاثُ مئةِ ألفِ بابٍ مِن النَّارِ، يَخرُجُ عليه منها حيَّاتٌ وعقارِبُ وشُهُبٌ مِن النَّارِ، فهو يُعَذَّبُ إلى يومِ القيامةِ بتلك النَّارِ مع ما يَلْقى مِن تلك الحيَّاتِ والعقاربِ، ويُبْعَثُ يومَ القيامةِ يتأَذَّى النَّاسُ بنَتنِ فرْجِه، ويُعْرَفُ بذلك حتَّى يدخُلَ النَّارَ، فيتأَذَّى به أهلُ النَّارِ مع ما هم فيه مِن العذابِ؛ لأنَّ اللهَ حرَّمَ المحارمَ، وليس أحدٌ أغيرَ مِن اللهِ، ومِن غَيْرتِه حرَّمَ الفواحشَ وحَدَّ الحُدودَ. ومَن اطَّلعَ إلى بَيتِ جارِه، فرأى عَورةَ رجُلٍ، أو شَعرَ امرأةٍ، أو شيئًا مِن جسَدِها؛ كان حقًّا على اللهِ أنْ يُدْخِلَه النَّارَ مع المُنافقينَ الَّذين كانوا يَتحيَّنونَ عَوراتِ النِّساءِ، ولا يَخرُجُ مِن الدُّنيا حتَّى يفْضَحَه اللهُ، ويُبْدِيَ للنَّاظرينَ عَورتَه يومَ القيامةِ. ومَن سَخِطَ رِزْقَه وبَثَّ شكواهُ، ولم يصبِرْ؛ لم يُرْفَعْ له إلى اللهِ حَسنةٌ، ولقِيَ اللهَ وهو عليه ساخطٌ. ومَن لبِسَ ثوبًا، فاختالَ في ثوبِه؛ خُسِفَ به مِن شفيرِ جهنَّمَ، يتجلجَلُ فيها ما دامتِ السَّمواتُ والأرضُ؛ لأنَّ قارونَ لَبِسَ حُلَّةً فاختالَ، فخُسِفَ به، فهو يَتجلجَلُ فيها إلى يومِ القيامةِ. ومَن نكَحَ امرأةً حلالًا بمالٍ حلالٍ، يُريدُ بذلك الفخرَ والرِّياءَ؛ لم يَزِدْه اللهُ بذلك إلَّا ذُلًّا وهوانًا، وأقامَه اللهُ بقدْرِ ما استمتَعَ منها على شَفيرِ جهنَّمَ، حتَّى يَهْويَ فيها سبعينَ خريفًا. ومَن ظلَمَ امرأةً مهْرَها فهو عند اللهِ زانٍ، ويقولُ اللهُ له يومَ القيامةِ: عبْدي زوَّجْتُك على عَهدي، فلم تُوفِ بعَهْدي! فيتَولَّى اللهُ طلَبَ حَقِّها، فيَستوعِبُ حَسناتِه كلَّها، فما تَفِي به، فيُؤْمَرُ به إلى النَّارِ. ومَن رجَعَ عن شَهادةٍ أو كتَمَها، أطعَمَه اللهُ لحْمَه على رُؤوسِ الخلائقِ، ويُدْخِلُه النَّارَ وهو يَلُوكُ لِسانَه. ومَن كانت له امرأتانِ، فلم يَعدِلْ بيْنهما في القسمِ مِن نَفْسِه ومالِه؛ جاء يومَ القيامةِ مَغلولًا مائلًا شِقُّه، حتَّى يدخُلَ النَّارَ. ومَن آذى جارَه مِن غيرِ حَقٍّ، حرَّمَ اللهُ عليه رِيحَ الجنَّةِ، ومأواهُ النَّارُ. ألَا وإنَّ اللهَ يسأَلُ الرَّجلَ عن جارِه كما يسأَلُه عن حَقِّ أهلِ بيتِه، فمَن ضيَّعَ حَقَّ جارِه فليس مِنَّا. ومَن أهان فقيرًا مُسلِمًا مِن أجْلِ فقْرِه، فاستخَفَّ به؛ فقدِ استخَفَّ بحَقِّ اللهِ، ولم يزَلْ في مَقْتِ اللهِ وسَخَطِه حتَّى يُرْضِيَه. ومَن أكرَمَ فقيرًا مُسلِمًا، لقِيَ اللهَ يومَ القيامةِ وهو يضحَكُ إليه. ومَن عُرِضَت له الدُّنيا والآخرةُ، فاختارَ الدُّنيا على الآخرةِ، لقِيَ اللهَ وليست له حَسنةٌ يَتَّقي بها النَّارَ، وإنِ اختارَ الآخرةَ على الدُّنيا، لقِيَ اللهَ وهو عنه راضٍ. ومَن قَدَرَ على امرأةٍ أو جاريةٍ حَرامًا، فترَكَها مَخافةً منه؛ أمَّنَه اللهُ مِن الفزَعِ الأكبرِ، وحرَّمَه على النَّارِ وأدخَلَه الجنَّةَ، وإنْ واقَعَها حَرامًا، حرَّمَ اللهُ عليه الجنَّةَ وأدخَلَه النَّارَ. ومَن كسَبَ مالًا حرامًا لم تُقْبَلْ له صَدقةٌ، ولا حجٌّ، ولا عُمرةٌ، وكتَبَ اللهُ له بقَدْرِ ذلك أوزارًا، وما بقِيَ عند موتِه كان زادَه إلى النَّارِ. ومَن أصاب مِن امرأةٍ نظْرةً حرامًا، ملَأَ اللهُ عينَيْه نارًا، ثمَّ أمَرَ به إلى النَّارِ، فإنْ غَضَّ بصَرَه عنها، أدخَلَ اللهُ في قلْبِه مَحبَّتَه ورحمَتَه، وأمَرَ به إلى الجنَّةِ. ومَن صافَحَ امرأةً حرامًا، جاء يومَ القيامةِ مَغلولةً يداهُ إلى عُنقِه، ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ، وإنْ فاكَهَها، حُبِسَ بكلِّ كلمةٍ كلَّمَها في الدُّنيا ألْفَ عامٍ، والمرأةُ إذا طاوعَتِ الرَّجلَ حرامًا فالْتَزَمها، أو قبَّلَها، أو باشَرَها، أو فاكَهَها، أو واقَعَها؛ فعليها مِن الوِزْرِ مثْلُ ما على الرَّجلِ، فإنْ غلَبَها الرَّجلُ على نفْسِها، كان عليه وِزْرُه ووِزْرُها. ومَن غَشَّ مُسلمًا في بَيعٍ أو شِراءٍ فليس مِنَّا، ويُحْشَرُ يومَ القيامةِ مع اليهودِ؛ لأنَّهم أغَشُّ النَّاسِ للمُسلمينَ. ومَن منَعَ الماعونَ مِن جارِه إذا احتاج إليه، منَعَه اللهُ فضْلَه، ووكَلَه إلى نفْسِه. ومَن وكَلَه إلى نفْسِه هلَكَ آخرَ ما عليها، ولا يُقْبَلُ له عُذرٌ. وأيُّما امرأةٍ آذتْ زوجَها لم تُقْبَلْ صَلاتُها، ولا حَسنةٌ مِن عمَلِها حتَّى تُعْتِبَه وتُرْضِيَه، ولو صامتِ الدَّهرَ، وقامَتْه، وأعتقَتِ الرِّقابَ، وحُمِلَت على الجيادِ في سبيلِ اللهِ؛ لكانت أوَّلَ مَن يَرِدُ النَّارَ إذا لم تُرْضِه وتُعْتِبْه، وقال: وعلى الرَّجلِ مِثْلُ ذلك مِن الوِزْرِ والعذابِ إذا كان لها مُؤْذِيًا ظالمًا. ومَن لطَمَ خَدَّ مُسلمٍ لَطمةً، بدَّدَ اللهُ عِظامَه يومَ القيامةِ، ثمَّ تُسَلَّطُ عليه النَّارُ، ويُبْعَثُ حين يُبْعَثُ مَغلولًا حتَّى يَرِدَ النَّارَ. ومَن بات وفي قلْبِه غِشٌّ لأخيهِ المُسلمِ، بات وأصبَحَ في سَخَطِ اللهِ حتَّى يَتوبَ ويرجِعَ، فإنْ مات على ذلك مات على غيرِ الإسلامِ، ثمَّ قال: ألَا إنَّه مَن غشَّنا فليس مِنَّا، حتَّى قال ذلك ثلاثًا. ومَن يُعلِّقُ سَوطًا بيْن يديْ سُلطانٍ جائرٍ، جعَلَ له اللهُ حيَّةً طُولُها سبعونَ ألفَ ذِراعٍ، فتُسَلَّطُ عليه في نارِ جهنَّمَ خالدًا مُخلَّدًا. ومَنِ اغتابَ مُسلمًا، بطَلَ صَومُه ونقَضَ وُضوءَه، فإنْ مات وهو كذلك، مات كالمُستحِلِّ ما حرَّمَ اللهُ. ومَن مَشى بالنَّميمةِ بيْن اثنينِ، سلَّطَ اللهُ عليه في قبْرِه نارًا تُحرِقُه إلى يومِ القيامةِ، ثمَّ يُدْخِلُه النَّارَ. ومَن عفا عن أخيه المُسلمِ، وكظَمَ غَيظَه، أعطاهُ اللهُ أجْرَ شَهيدٍ. ومَن بَغَى على أخيه، وتطاوَلَ عليه، واستحقَرَه؛ حشَرَه اللهُ يومَ القيامةِ في صُورةِ الذَّرَّةِ، تطَؤُه العِبادُ بأقدامِهم، ثمَّ يدخُلُ النَّارَ، ولم يَزَلْ في سَخَطِ اللهِ حتَّى يموتَ. ومَن يَرُدَّ عن أخيه المُسلمِ غِيبةً سمِعَها تُذْكَرُ عنه في مَجلسٍ، رَدَّ اللهُ عنه ألفَ بابٍ مِن الشَّرِّ في الدُّنيا والآخرةِ، فإنْ هو لم يَرُدَّ عنه وأعجَبَه ما قالوا، كان عليه مِثْلُ وِزْرِهم. ومَن رمى مُحْصَنًا أو مُحصنَةً، حبِطَ عمَلُه، وجُلِدَ يومَ القيامةِ سبعونَ ألفًا مِن بيْن يَديْهِ ومِن خلْفِه، ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ. ومَن شرِبَ الخمْرَ في الدُّنيا، سقاهُ اللهُ مِن سُمِّ الأساودِ وسُمِّ العقاربِ شَربةً، يتساقَطُ لَحمُ وَجْهِه في الإناءِ قبْلَ أنْ يشرَبَها، فإذا شرِبَها تفسَّخَ لحْمُه وجِلْدُه كالجِيفةِ يتأَذَّى به أهلُ الجَمعِ، ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ. ألَا وشاربُها، وعاصِرُها، ومُعتصِرُها، وبائعُها، ومُبْتاعُها، وحامِلُها، والمَحمولةُ إليه، وآكِلُ ثَمنِها؛ سواءٌ في إثْمِها وعارِها، ولا يقبَلُ اللهُ له صَلاةً ولا صِيامًا، ولا حَجًّا ولا عُمرةً حتَّى يتوبَ. فإنْ مات قبلَ أنْ يتوبَ منها، كان حقًّا على اللهِ أنْ يَسْقِيَه بكلِّ جُرعةٍ شَرِبَها في الدُّنيا شَربةً مِن صَديدِ جهنَّمَ. ألَا وكُلُّ مُسكرٍ خمرٌ، وكلُّ مُسكرٍ حرامٌ. ومَن أكَلَ الرِّبا، ملَأَ اللهُ بطْنَه نارًا بقَدْرِ ما أكَلَ، وإنْ كسَبَ منه مالًا، لم يَقبَلِ اللهُ شيئًا مِن عمَلِه، ولم يَزَلْ في لَعنةِ اللهِ وملائكتِه ما دام عنده منه قِيراطٌ. ومَن خان أمانةً في الدُّنيا ولم يُؤَدِّها إلى أربابِها، مات على غيرِ دِينِ الإسلامِ، ولَقِيَ اللهَ وهو عليه غضْبانُ، ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ، فيَهْوي مِن شَفيرِها أبدَ الآبدينَ. ومَن شَهِدَ شَهادةَ زُورٍ على مُسلمٍ أو كافرٍ، عُلِّقَ بلِسانِه يومَ القيامةِ، ثمَّ صُيِّرَ مع المُنافقينَ في الدَّركِ الأسفلِ مِن النَّارِ. ومَن قال لِمَملوكِه، أو مَملوكِ غيرِه، أو لأحدٍ مِن المُسلِمينَ: لا لبَّيْكَ، ولا سَعْديكَ؛ انغمَسَ في النَّارِ. ومَن أضَرَّ بامرأةٍ حتَّى تَفتدِيَ منه، لم يرْضَ اللهُ له بعُقوبةٍ دونَ النَّارِ؛ لأنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَغضَبُ للمرأةِ كما يغضَبُ لليتيمِ. ومَن سعى بأخيه إلى السُّلطانِ، أحبَطَ اللهُ عمَلَه كلَّه، فإنْ وصَلَ إليه مَكروهٌ أو أذًى، جعَلَه اللهُ مع هامانَ في دَرجتِه في النَّارِ. ومَن قرَأَ القُرآنَ رِياءً وسُمعةً، أو يُرِيدُ به الدُّنيا؛ لقِيَ اللهَ ووجْهُه عظْمٌ ليس عليه لَحمٌ، ودَعَّ القُرآنُ في قَفاهُ حتَّى يقذِفَه في النَّارِ، فيَهْوي فيها مع مَن هوى. ومَن قرَأَه ولم يَعمَلْ به، حشَرَه اللهُ يومَ القيامةِ أعمى، فيقولُ: ربِّ، لِمَ حَشرْتَني أعمى وقد كنتُ بصيرًا؟! فيقولُ: كذلك أتَتْك آياتُنا فنسِيتَها، وكذلك اليومَ تُنْسى. ثمَّ يُؤْمَرُ به إلى النَّارِ. ومَن اشترى خِيانةً وهو يعلَمُ أنَّها خِيانةٌ، كان كمَن خان في عارِها وإثْمِها. ومَن قاوَدَ بيْن امرأةٍ ورجُلٍ حرامًا، حرَّمَ اللهُ عليه الجنَّةَ، ومأواهُ النَّارُ وساءت مصيرًا. ومَن غَشَّ أخاه المُسلِمَ، نزَعَ اللهُ منه رِزقَه، وأفسَدَ عليه مَعيشتَه، ووكَلَه إلى نفْسِه. ومَن اشْتَرى سَرِقةً وهو يعلَمُ أنَّها سَرقةٌ، كان كمَن سرَقَها في عارِها وإثمِها. ومَن ضارَّ مُسلمًا فليس مِنَّا ولسْنا منه في الدُّنيا والآخرةِ. ومَن سمِعَ بفاحشةٍ فأفْشاها، كان كمَن أتاها. ومَن سمِعَ بخبرٍ فأفشاهُ، كان كمَن عمِلَه. ومَن وصَفَ امرأةً لرجلٍ، فذكَرَ جَمالَها وحُسْنَها حتَّى افْتُتِنَ بها، فأصاب منها فاحِشةً؛ خرَجَ مِن الدُّنيا مَغضوبًا عليه، ومَن غضِبَ اللهُ عليه غضِبَت عليه السَّمواتُ السَّبعُ والأرضونَ السَّبعُ، وكان عليه مِن الوِزرِ مِثْلُ وِزْرِ الَّذي أصابَها. قلْنا: فإنْ تابَا وأصْلَحا؟ قال: قُبِلَ منهما. ولا يُقْبَلُ مِن الَّذي وصَفَها. ومَن أطعَمَ طعامًا رِياءً وسُمعةً، أطعَمَه اللهُ مِن صَديدِ جهنَّمَ، وكان ذلك الطَّعامُ نارًا في بطنِه حتَّى يُقْضَى بيْن النَّاسِ. ومَن فجَرَ بامرأةٍ ذاتِ بعلٍ انفَجَرَ مِن فرْجِها وادٍ مِن صَديدٍ، مَسيرتُه خمسُ مئةِ عامٍ، يتأَذَّى به أهلُ النَّارِ مِن نَتنِ رِيحِه، وكان مِن أشدِّ النَّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ. واشتَدَّ غضَبُ اللهِ على امرأةٍ ذاتِ بَعلٍ ملَأَت عَينَها مِن غيرِ زوجِها، أو غيرِ ذي مَحْرَمٍ منها، فإذا فعَلَتْ ذلك أحبَطَ اللهُ كلَّ عمَلٍ عمِلَتْه، فإنْ أوطَأَت فِراشَه غيرَه، كان حقًّا على اللهِ أنْ يُحرِقَها بالنَّارِ مِن يومِ تموتُ في قبْرِها. وأيُّما امرأةٍ اختَلَعت مِن زَوجِها، لم تزَلْ في لَعنةِ اللهِ وملائكتِه، وكُتبِه ورُسلِه، والنَّاسِ أجمعينَ، فإذا نزَلَ بها ملَكُ الموتِ قال لها: أبْشِري بالنَّارِ، فإذا كان يومُ القيامةِ قِيل لها: ادْخُلي النَّارَ مع الدَّاخلينَ. ألَا وإنَّ اللهَ ورسولَه بَريئانِ مِن المُختلِعاتِ بغيرِ حَقٍّ. ألَا وإنَّ اللهَ ورسولَه بَريئانِ ممَّن أضَرَّ بامرأةٍ حتَّى تَختلِعَ منه. ومَن أمَّ قومًا بإذْنِهم وهم به راضونَ، فاقتصَدَ بهم في حُضورِه وقِراءتِه، ورُكوعِه وسُجودِه وقُعودِه؛ فله مِثْلُ أُجورِهم. ومَن لم يَقتصِدْ بهم في ذلك، رُدَّتْ عليه صَلاتُه، ولم تَتجاوَزْ تَراقِيَه، وكان بمَنزلةِ أميرٍ جائرٍ مُعتدٍ لم يُصْلِحْ إلى رعيَّتِه، ولم يَقُمْ فيهم بأمْرِ اللهِ. فقال عليُّ بنُ أبي طالبٍ: يا رسولَ اللهِ بأبي أنت وأُمِّي، وما مَنزلةُ الأميرِ الجائرِ المُعتدي الَّذي لم يُصْلِحْ لرعيَّتِه، ولم يَقُمْ فيهم بأمْرِ اللهِ؟ قال: هو رابعُ أربعةٍ، وهو أشَدُّ النَّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ: إبليسُ، وفرعونُ، وقابيلُ قاتلُ النَّفسِ، والأميرُ الجائرُ رابعُهم. ومَنِ احتاجَ إليه أخوهُ المُسلِمُ في قرضٍ، فلم يُقْرِضْه وهو عنده؛ حرَّمَ اللهُ عليه الجنَّةَ يومَ يَجْزي المُحسنينَ. ومَن صبَرَ على سُوءِ خُلقِ امرأتِه، واحتسَبَ الأجْرَ مِن اللهِ؛ أعطاهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِن الثَّوابِ مِثْلَ ما أعطى أيُّوبَ على بلائِه، وكان عليها مِن الوِزْرِ في كلِّ يومٍ وليلةٍ مِثْلُ رَمْلِ عالِجٍ، فإنْ ماتت قبْلَ أنْ تُعْتِبَه وتُرْضِيَه، حُشِرَت يومَ القيامةِ مَنكوسةً مع المُنافقينَ في الدَّركِ الأسفلِ مِن النَّارِ. ومَن كانت له امرأةٌ، فلم تُوافِقْه، ولم تَصبِرْ على ما رزَقَه اللهُ، وشَقَّت عليه، وحمَّلَتْه ما لا يَقْدِرُ عليه؛ لم تُقْبَلْ لها حَسنةٌ، فإنْ ماتت على ذلك حُشِرَت مع المغضوبِ عليهم. ومَن أكرَمَ أخاه المُسلِمَ فإنَّما يُكْرِمُ ربَّه، فما ظنُّكم؟! ومَن تولَّى عرَّافةَ قومٍ، حُبِسَ على شَفيرِ جهنَّمَ، لكلِّ يومٍ ألفُ سَنةٍ، ويُحْشَرُ ويَدُه مَغلولةٌ إلى عُنقِه، فإنْ كان أقام أمْرَ اللهِ فيهم أُطْلِقَ، وإنْ كان ظالمًا هوى في جهنَّمَ سبعينَ خريفًا. ومَن تحلَّمَ ما لم يَحلُمْ كان كمَن شهِدَ بالزُّورِ، وكُلِّفَ يومَ القيامةِ أنْ يَعقِدَ بيْن شَعيرتَينِ يُعَذَّبُ حتَّى يَعقِدَهما، ولنْ يَعقِدَهما. ومَن كان ذا وَجهَينِ ولِسانَينِ في الدُّنيا، جعَلَ اللهُ له وَجهَينِ ولِسانَينِ في النَّارِ. ومَن استنبَطَ حديثًا باطلًا فهو كمَن حدَّثَ به. قيل: كيف يَستنبِطُه؟ قال: هو الرَّجلُ يَلْقى الرَّجلَ، فيقولُ: كان ذَيت وذَيت، فيَفتَتِحُه، فلا يكونُ أحدُكم مِفتاحًا للشَّرِّ والباطلِ. ومَن مَشى في صُلْحٍ بيْن اثنينِ، صَلَّت عليه الملائكةُ حتَّى يرجِعَ، وأُعْطِيَ أجْرَ لَيلةِ القَدْرِ. ومَن مشى في قَطيعةٍ بيْن اثنينِ، كان عليه مِن الوِزْرِ بقَدْرِ ما أُعْطِيَ مَن أصلَحَ بيْن اثنينِ مِن الأجْرِ، ووجَبَت عليه اللَّعنةُ حتَّى يدخُلَ جهنَّمَ، فيُضاعَفُ عليه العذابُ. ومَن مشى في عَونِ أخيهِ المُسلمِ ومَنفعتِه، كان له ثَوابُ المُجاهِدِ في سبيلِ اللهِ. ومَن مشى في غِيبَتِه وكشْفِ عَورتِه، كانت أوَّلُ قدَمٍ يَخْطوها كأنَّما وضَعَها في جهنَّمَ، وتُكْشَفُ عَورتُه يومَ القيامةِ على رُؤوسِ الخلائقِ. ومَن مشى إلى ذي قَرابةٍ أو ذي رحمٍ يتسلَّى به أو يُسَلِّمُ عليه، أعطاهُ اللهُ أجْرَ مئةِ شهيدٍ، وإنْ وصَلَه مع ذلك، كان له بكلِّ خُطوةٍ أربعونَ ألفَ حَسنةٍ، وحُطَّ عنه بها أربعونَ ألفَ ألفِ سيِّئةٍ، ويُرْفَعُ له بها أربعونَ ألفَ ألفِ دَرجةٍ، وكأنَّما عَبَدَ اللهَ مئةَ ألفِ سَنةٍ. ومَن مشى في فسادِ القراباتِ والقطيعةِ بيْنهم، غَضِبَ اللهُ عليه في الدُّنيا ولعَنَهُ، وكان عليه كوِزْرِ مَن قطَعَ الرَّحمَ. ومَن مَشى في تَزويجِ رجُلٍ حلالًا حتَّى يُجْمَعَ بيْنهما، زوَّجَه اللهُ ألفَ امرأةٍ مِن الحُورِ العينِ، كلُّ امرأةٍ في قَصرٍ مِن دُرٍّ وياقوتٍ، وكان له بكلِّ خُطوةٍ خطاها أو كلمةٍ تكلَّمَ بها في ذلك عِبادةُ سَنةٍ؛ قِيامُ ليلِها، وصِيامُ نهارِها. ومَن عمِلَ في فُرقةٍ بيْن امرأةٍ وزوجِها، كان عليه لَعنةُ اللهِ في الدُّنيا والآخرةِ، وحرَّمَ اللهُ عليه النَّظرَ إلى وجْهِه. ومَن قاد ضَريرًا إلى المسجِدِ، أو إلى مَنزلِه، أو إلى حاجةٍ مِن حوائجِه؛ كتَبَ اللهُ له بكلِّ قدَمٍ رفَعَها أو وضَعَها عِتْقَ رقبةٍ، وصَلَّت عليه الملائكةُ حتَّى يُفارِقَه. ومَن مشى بضَريرٍ في حاجةٍ حتَّى يَقضِيَها، أعطاهُ اللهُ بَراءتَينِ: بَراءةً مِن النَّارِ، وبَراءةً مِن النِّفاقِ، وقُضِيَ له سبعونَ ألفَ حاجةٍ مِن حوائجِ الدُّنيا، ولم يزَلْ يَخوضُ في الرَّحمةِ حتَّى يرجِعَ. ومَن قام على مَريضٍ يومًا وليلةً، بعَثَه اللهُ مع خليلِه إبراهيمَ حتَّى يجوزَ على الصِّراطِ كالبرقِ اللَّامعِ. ومَن سَعى لمريضٍ في حاجةٍ، خرَجَ من ذُنوبِه كيَومِ ولَدَتِه أُمُّه. فقال رجُلٌ مِن الأنصارِ: فإنْ كان المريضُ قَرابتَه أو بعضَ أهْلِه؟ قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ومَن أعظَمُ أجْرًا ممَّن سعى في حاجةِ أهْلِه؟! ومَن ضيَّعَ أهْلَه، وقطَعَ رحِمَه، حرَمَه اللهُ حُسنَ الجزاءِ يومَ يَجْزِي المُحسنينَ، وصيَّرَه مع الهالكينَ حتَّى يأتيَ بالمَخرجِ، وأنَّى له بالمَخرجِ! ومَن مشى لضَعيفٍ في حاجةٍ أو مَنفعةٍ، أعطاهُ اللهُ كتابَه بيمينِه. ومَن أقرَضَ مَلْهوفًا، فأحسَنَ طلَبَه، فلْيستَأنِفِ العمَلَ، وله عندَ اللهِ بكلِّ دِرهمٍ ألفُ قِنْطارٍ في الجنَّةِ. ومَن فرَّجَ عن أخيهِ كُربةً مِن كُرَبِ الدُّنيا، فرَّجَ اللهُ عنه كُرَبَ الدُّنيا والآخرةِ، ونظَرَ اللهُ إليه نَظرةَ رَحمةٍ يَنالُ بها الجنَّةَ. ومَن مشى في صُلحٍ بيْن امرأةٍ وزوجِها، كان له أجرُ ألفِ شهيدٍ قُتِلوا في سَبيلِ اللهِ حقًّا، وكان له بكلِّ خُطوةٍ وكلمةٍ عِبادةُ سَنةٍ؛ صيامُها وقيامُها. ومَن أقرَضَ أخاهُ المُسلمَ، فله بكلِّ درهمٍ وَزنُ جبلِ أُحُدٍ، وحِراءَ، وثَبِيرَ، وطُورِ سَيناءَ حَسناتٍ. فإنْ رفَقَ به في طلَبِه بعدَ حِلِّه، جَرى عليه بكلِّ يومٍ صَدقةٌ، وجاز على الصِّراطِ كالبرقِ اللَّامعِ لا حِسابَ عليه، ولا عذابَ. ومَن مطَلَ طالِبَه وهو يَقْدِرُ على قَضائِه، فعليهِ خَطيئةُ عِشارٍ. فقام إليه عوفُ بنُ مالكٍ الأشجعيُّ، فقال: وما خطيئةُ العِشارِ؟ فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَطيئةُ العِشارِ: أنَّ عليه في كلِّ يومٍ لَعنةَ اللهِ والملائكةِ والنَّاسِ أجمعينَ، ومَن يلْعَنِ اللهُ فلنْ تجِدَ له نَصيرًا. ومَنِ اصطنَعَ إلى أخيهِ المُسلمِ مَعروفًا، ثمَّ مَنَّ به عليه؛ أُحْبِطَ أجْرُه، وخُيِّبَ سعيُه. ألَا وإنَّ اللهَ جَلَّ ثناؤُه حرَّمَ على المنَّانِ والبخيلِ، والمُختالِ والقتَّاتِ، والجوَّاظِ والجَعظريِّ، والعُتُلِّ والزَّنيمِ، ومُدمنِ الخمرِ: الجنَّةَ. ومَن تصدَّقَ صَدقةً، أعطاهُ اللهُ بوزنِ كلِّ ذرَّةٍ منها مِثْلَ جبلِ أُحُدٍ مِن نَعيمِ الجنَّةِ. ومَن مشى بها إلى مِسكينٍ كان له مِثْلُ ذلك، ولو تداوَلَها أربعونَ ألفَ إنسانٍ حتَّى تصِلَ إلى المسكينِ، كان لكلِّ واحدٍ منهم مِثْلُ ذلك الأجْرِ كاملًا، وما عندَ اللهِ خيرٌ وأبقى للَّذين اتَّقوا وأحَسْنوا. ومَن بَنى للهِ مَسجدًا، أعطاهُ اللهُ بكلِّ شِبرٍ -أو قال: بكلِّ ذِراعٍ- أربعينَ ألفَ ألفِ مدينةٍ مِن ذَهَبٍ وفِضَّةٍ، ودُرٍّ وياقوتٍ، وزَبرجدٍ ولُؤلؤٍ، في كلِّ مدينةٍ أربعونَ ألْفَ قَصرٍ، في كلِّ قَصرٍ سبعونَ ألفَ ألفِ دارٍ، في كلِّ دارٍ أربعونَ ألفَ ألفِ بيْتٍ، في كلِّ بيْتٍ أربعونَ ألفَ سريرٍ، على كلِّ سَريرٍ زوجةٌ مِن الحُورِ العينِ، وفي كلِّ بيتٍ أربعونَ ألفَ ألفِ وَصيفٍ، وأربعونَ ألفَ ألفِ وَصيفةٍ، وفي كلِّ بيتٍ أربعونَ ألفَ ألفِ مائدةٍ، على كلِّ مائدةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ قَصعةٍ، في كلِّ قَصعةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ لونٍ مِن الطَّعامِ، ويُعْطي اللهُ وَلِيَّه مِن القُوَّةِ ما يأتي على تلك الأزواجِ وذلك الطَّعامِ والشَّرابِ في يومٍ واحدٍ. ومَن تَولَّى أذانَ مسجِدٍ مِن مساجِدِ اللهِ، يُريدُ بذلك وجْهَ اللهِ؛ أعطاهُ اللهُ ثوابَ ألفِ ألفِ نَبِيٍّ، وأربعينَ ألفَ ألفِ صِدِّيقٍ، وأربعينَ ألفَ ألفِ شَهيدٍ، ويَدخُلُ في شفاعتِه أربعونَ ألفَ ألفِ أُمَّةٍ، في كلِّ أُمَّةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ رجُلٍ، وله في كلِّ جنَّةٍ مِن الجِنانِ أربعونَ ألفَ ألفِ مدينةٍ، في كلِّ مدينةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ قَصرٍ، في كلِّ قَصرٍ أربعونَ ألفَ ألفِ دارٍ، في كلِّ دارٍ أربعونَ ألفَ ألفِ بيتٍ، في كلِّ بيتٍ أربعونَ ألفَ ألفِ سَريرٍ، على كلِّ سَريرٍ زَوجةٌ مِن الحُورِ العينِ، سَعةُ كلِّ بيتٍ منها سَعةُ الدُّنيا أربعونَ ألفَ ألفِ مرَّةٍ، بيْن يدي كلِّ زَوجةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ وَصيفٍ، وأربعونَ ألفَ ألفِ وَصيفةٍ، في كلِّ بيتٍ أربعونَ ألفَ ألفِ مائدةٍ، على كلِّ مائدةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ قَصعةٍ، في كلِّ قَصعةٍ أربعونَ ألفَ ألفِ لونٍ، لو نزَلَ به الثَّقلانِ لَأوسَعَهم بأدنى بيْتٍ مِن بُيوتِه بما شاؤوا مِن الطَّعامِ والشَّرابِ، واللِّباسِ والطِّيبِ، والثِّمارِ، وألْوانِ التُّحفِ والطَّرائفِ، والحُلِيِّ والحُلَلِ، كلُّ بيتٍ منها مُكْتَفٍ بما فيه مِن هذه الأشياءِ عن البيتِ الآخرِ. فإذا قال المُؤذِّنُ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، اكتنَفَه سبعونَ ألفَ ملَكٍ كلُّهم يُصَلُّون عليه، ويَستغفِرونَ له، وهو في ظلِّ رَحمةِ اللهِ حتَّى يَفرُغَ، ويكتُبُ ثوابَه أربعونَ ألفَ ألفِ ملَكٍ، ثمَّ يَصعَدونَ به إلى اللهِ. ومَن مشى إلى مَسجِدٍ مِن المساجِدِ، فله بكلِّ خُطوةٍ يَخْطوها حتَّى يرجِعَ إلى منزلِه عشْرُ حَسناتٍ، وتُمْحى عنه بها عشْرُ سيِّئاتٍ، ويُرْفَعُ له بها عشْرُ درجاتٍ. ومَن حافَظَ على الجماعةِ حيث كان، ومع مَن كان؛ مَرَّ على الصِّراطِ كالبرقِ اللَّامعِ في أوَّلِ زُمرةٍ مِن السَّابقينَ، ووجْهُه أضوَأُ مِن القمرِ ليلةَ البدرِ، وكان له بكلِّ يومٍ وليلةٍ حافَظَ عليها ثوابُ شهيدٍ. ومَن حافَظَ على الصَّفِّ المُقدَّمِ، فأدرَكَ أوَّلَ تكبيرةٍ مِن غيرِ أنْ يُؤْذِيَ مُؤمنًا؛ أعطاهُ اللهُ مِثْلَ ثوابِ المُؤذِّنِ في الدُّنيا والآخرةِ. ومَن بنى بِناءً على ظَهرِ طريقٍ يَأْوي إليه عابرُ السَّبيلِ، بعَثَه اللهُ يومَ القيامةِ على نَجيبةٍ مِن دُرٍّ، ووجْهُه يُضِيءُ لأهْلِ الجَمعِ، حتَّى يقولَ أهلُ الجَمعِ: هذا ملَكٌ مِن الملائكةِ لم يُرَ مِثْلُه، حتَّى يُزاحِمَ إبراهيمَ في قُبَّتِه، ويَدخُلُ الجنَّةَ بشفاعتِه أربعونَ ألفَ رجُلٍ. ومَن شفَعَ لأخيه المُسلمِ في حاجةٍ له، نظَرَ اللهُ إليه. وحَقٌّ على اللهِ ألَّا يُعذِّبَ عبْدًا بعدَ نظَرِه إليه، إذا كان ذلك بطلبٍ منه إليه أنْ يشفَعَ له، فإذا شفَعَ له مِن غيرِ طلَبٍ، كان له مع ذلك أجْرُ سبعينَ شهيدًا. ومَن صام رمضانَ، وكَفَّ عن اللَّغوِ والغِيبةِ، والكذِبِ والخوضِ في الباطلِ، وأمسَكَ لِسانَه إلَّا عن ذِكْرِ اللهِ، وكَفَّ سمْعَه وبصَرَه وجميعَ جَوارحِه عن مَحارمِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وعن أذى المُسلمينَ؛ كانت له مِن القُربةِ عند اللهِ أنْ تمَسَّ رُكبَتُه رُكبةَ إبراهيمَ خليلِه. ومَنِ احتفَرَ بئرًا حتَّى يَنبسِطَ ماؤُها، فيَبذُلُها للمُسلمينَ؛ كان له أجْرُ مَن توضَّأَ منها وصَلَّى، وله بعدَدِ شَعرِ مَن شَرِبَ منها حَسناتٌ؛ إنسٌ أو جِنٌّ، أو بَهيمةٌ أو سبُعٌ، أو طائرٌ، أو غيرُ ذلك، وله بكلِّ شَعرةٍ مِن ذلك عِتْقُ رَقبةٍ، ويَرِدُ في شفاعتِه يومَ القيامةِ حَوضَ القُدسِ عدَدُ نُجومِ السَّماءِ. قيل: يا رسولَ اللهِ: وما حوضُ القُدسِ؟ قال: حَوضي، حوضي، حوضي. ومَن حفَرَ قبْرًا لمُسلمٍ، حرَّمَه اللهُ على النَّارِ، وبوَّأَه بَيتًا في الجنَّةِ، لو وُضِعَ فيه ما بين صَنعاءَ والحبشةِ لَوسِعَها. ومَن غسَّلَ ميتًا، وأدَّى الأمانةَ فيه، كان له بكلِّ شَعرةٍ منه عِتقُ رقبةٍ، ورُفِعَ له بها مئةُ درجةٍ. فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ: وكيف يُؤدِّي فيه الأمانةَ يا رسولَ اللهِ؟ قال: يَستُرُ عَورتَه، ويَكتُمُ شَيْنَه، وإنْ هو لم يَستُرْ عورتَه، ولم يَكتُمْ شَيْنَه؛ أبْدى اللهُ عَورتَه على رُؤوسِ الخلائقِ. ومَن صَلَّى على ميِّتٍ صَلَّى عليه جبريلُ ومعه سبعونَ ألفَ ملكٍ، وغُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنْبِه، وإنْ أقام حتَّى يُدْفَنَ وحَثَا عليه مِن التُّرابِ، انقلَبَ وله بكلِّ خُطوةٍ حتَّى يرجِعَ إلى مَنزلِه قِيراطٌ مِن الأجْرِ، والقِيراط ُمِثْلُ أُحُدٍ. ومَن ذرَفَت عَيناهُ مِن خَشيةِ اللهِ، كان له بكلِّ قَطرةٍ مِن دُموعِه مِثْلُ أُحُدٍ في مِيزانِه، وله بكلِّ قَطرةٍ عَينٌ في الجنَّةِ، على حافتَيْها مِن المدائنِ والقُصورِ ما لا عَينٌ رأتْ، ولا أُذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَرَ على قلْبِ واصفٍ. ومَن عاد مَريضًا فله بكلِّ خُطوةٍ خطاها حتَّى يرجِعَ إلى منزلِه سبعونَ ألفَ حَسنةٍ، ومَحْوُ سبعينَ ألفَ سيِّئةٍ، وتُرْفَعُ له سبعونَ ألفَ درجةٍ، ويُوَكَّلُ به سبعونَ ألفَ ملَكٍ يَعودونَه، ويَستغفِرونَ له إلى يومِ القيامةِ. ومَن تبِعَ جنازةً فله بكلِّ خُطوةٍ يَخْطوها حتَّى يرجِعَ مئةُ ألفِ حَسنةٍ، ومَحْوُ مئةِ ألفِ سيِّئةٍ، ويُرْفَعُ له مئةُ ألفِ درجةٍ. فإنْ صَلَّى عليها وُكِّلَ به سبعونَ ألفَ ملَكٍ يستغفِرونَ له حتَّى يرجِعَ، وإنْ شَهِدَ دفْنَها استغْفَروا له حتَّى يُبْعَثَ مِن قبْرِه. ومَن خرَجَ حاجًّا أو مُعتمِرًا، فله بكلِّ خُطوةٍ حتَّى يرجِعَ ألفُ ألفِ حَسنةٍ، ومَحْوُ ألفِ ألفِ سيِّئةٍ، ورُفِعَ له ألفُ ألفِ درجةٍ، وله عند ربِّه بكلِّ دِرهمٍ يُنفِقُه ألفُ ألفِ دِرهمٍ، وبكلِّ دِينارٍ ألفُ ألفِ دِينارٍ، وبكلِّ حَسنةٍ يعمَلُها ألفُ ألفِ حَسنةٍ، حتَّى يرجِعَ وهو في ضَمانِ اللهِ، فإنْ توفَّاهُ أدخَلَه الجنَّةَ، وإنْ رجَعَه، رجَعَه مَغفورًا له مُستجابًا له، فاغتَنِموا دعوتَه إذا قدِمَ قبْلَ أنْ يُصيبَ الذُّنوبَ؛ فإنَّه يَشفَعُ في مئةِ ألفِ رجُلٍ يومَ القيامةِ. ومَن خلَفَ حاجًّا أو مُعتمِرًا في أهلِه بخيرٍ، كان له مِثْلُ أجْرِه كاملًا مِن غيرِ أنْ ينقُصَ مِن أجْرِه شَيءٌ. ومَن رابَطَ أو جاهَدَ في سبيلِ اللهِ، كان له بكلِّ خُطوةٍ حتَّى يرجِعَ سبعُ مئةِ ألفِ ألفِ حَسنةٍ، ومَحْوُ سبعِ مئةِ ألفِ ألفِ سيِّئةٍ، ورُفِعَ له سبْعُ مئةِ ألْفِ ألفِ دَرجةٍ، وكان في ضَمانِ اللهِ، فإنْ توفَّاهُ بأيِّ حتْفٍ كان، أدخَلَه الجنَّةَ، وإنْ رجَعَه، رجَعَه مَغفورًا له مُستجابًا له. ومَن زار أخاهُ المُسلمَ فله بكلِّ خُطوةٍ حتَّى يرجِعَ عِتْقُ مئةِ ألفِ رَقبةٍ، ومَحْوُ مئةِ ألفِ ألفِ سيِّئةٍ، ويُكْتَبُ له مئةُ ألفِ ألفِ حَسنةٍ، ويُرْفَعُ له بها مئةُ ألفِ ألفِ درجةٍ. قال: فقُلْنا لأبي هُريرةَ: أوليسَ قد قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أعتَقَ رقبةً فهي فِكاكُه مِن النَّارِ؟ قال: بلى. ويُرْفَعُ له سائرُهم في كُنوزِ العرشِ عندَ ربِّه. ومَن تعلَّمَ القُرآنَ ابتغاءَ وجْهِ اللهِ، وتفَقَّه في دِينِ اللهِ؛ كان له مِن الثَّوابِ مِثْلُ جميعِ ما أُعْطِيَ الملائكةُ والأنبياءُ والرُّسلُ. ومَن تعلَّمَ القُرآنَ رِياءً وسُمعةً ليُمارِيَ به السُّفهاءَ، ويُباهِيَ به العُلماءَ، أو يطلُبَ به الدُّنيا؛ بدَّدَ اللهُ عِظامَه يومَ القيامةِ، وكان مِن أشَدِّ أهلِ النَّارِ عذابًا، ولا يَبْقى فيها نوعٌ مِن أنواعِ العذابِ إلَّا عُذِّبَ به؛ لشِدَّةِ غضَبِ اللهِ وسَخَطِه عليه. ومَن تعلَّمَ العلمَ وتواضَعَ في العلمِ، وعلَّمَه عِبادَ اللهِ، يُرِيدُ بذلك ما عندَ اللهِ؛ لم يكُنْ في الجنَّةِ أفضَلُ ثوابًا ولا أعظَمُ مَنزلةً منه، ولم يكُنْ في الجنَّةِ مَنزلةٌ ولا درجةٌ رفيعةٌ نَفِيسةٌ إلَّا وله فيها أوفَرُ نَصيبٍ وأوفَرُ المنازلِ. ألَا وإنَّ العِلْمَ أفضَلُ العِبادةِ. ومِلاكُ الدِّينِ الورَعُ. وإنَّما العالِمُ مَن عمِلَ بعلْمِه وإنْ كان قليلَ العِلْمِ، فلا تَحقِرُنَّ مِن المعاصي شيئًا وإنْ صغُرَ في أعيُنِكم؛ فإنَّه لا صَغيرةَ مع الإصرارِ، ولا كبيرةَ مع استغفارٍ. ألَا وإنَّ اللهَ سائِلُكم عن أعمالِكم، حتَّى عن مَسِّ أحدِكم ثَوبَ أخيهِ، فاعْلَموا عِبادَ اللهِ: أنَّ العبدَ يُبْعَثُ يومَ القيامةِ على ما قد مات عليه، وقد خلَقَ اللهُ الجنَّةَ والنَّارَ، فمَن اختارَ النَّارَ على الجنَّةِ، فأبعَدَهُ اللهُ. ألَا وإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أمَرَني أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلهَ إلَّا اللهُ. فإذا قالوها عَصَموا مِنِّي دِماءَهم وأموالَهم إلَّا بحَقِّها، وحسابُهم على اللهِ. ألَا وإنَّ اللهَ لم يَدَعْ شيئًا ممَّا نهى عنه إلَّا وقد بيَّنَه لكم؛ {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42]. ألَا وإنَّ اللهَ جَلَّ ثناؤُه لا يَظلِمُ، ولا يَجوزُ عليه ظُلمٌ، وهو بالمِرصادِ؛ ليَجْزِيَ الَّذين أساؤوا بما عَمِلوا، ويَجْزيَ الَّذين أحْسَنوا بالحُسنى، فمَن أحسَنَ فلِنفْسِه، ومَن أساء فعليها، وما ربُّك بظلَّامٍ للعبيدِ. يا أيُّها النَّاسُ، إنَّه قد كَبِرَتْ سِنِّي، ودَقَّ عَظْمي، وانهَدَّ جِسْمي، ونُعِيَت إليَّ نَفْسي، واقترَبَ أجَلي، واشتقْتُ إلى ربِّي. ألَا وإنَّ هذا آخِرُ العهدِ مِنِّي ومنكم، فما دُمْتُ حيًّا فقد تَرَوني، فإذا أنا مِتُّ فاللهُ خَلِيفتي على كلِّ مُسلمٍ. والسَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه. ثمَّ نزَلَ، فابتدَرَه رَهطٌ مِن الأنصارِ قبْلَ أنْ ينزِلَ مِن المِنبرِ، وقالوا: جُعِلَت أنفُسُنا فِداك يا رسولَ اللهِ، مَن يقومُ بهذه الشَّدائدِ؟ وكيف العيشُ بعدَ هذا اليومِ؟ فقال لهم: وأنتم فَداكم أبي وأُمِّي، نازَلْتُ ربِّي في أُمَّتي، فقال لي: بابُ التَّوبةِ مفتوحٌ حتَّى يُنْفَخَ في الصُّورِ. ثمَّ قال: مَن تاب قبلَ مَوتِه بسَنةٍ تاب اللهُ عليه، ثمَّ قال: سَنةٌ كثيرٌ. مَن تاب قبلَ مَوتِه بشَهرٍ تاب اللهُ عليه، ثمَّ قال: شَهرٌ كثيرٌ. ومَن تاب قبلَ موتِه بجُمعةٍ تاب اللهُ عليه، ثمَّ قال: جُمعةٌ كثيرٌ. مَن تاب قبلَ مَوتِه بيومٍ تاب اللهُ عليه، ثمَّ قال: يومٌ كثيرٌ. ثمَّ قال: مَن تاب قبلَ موتِه بساعةٍ تاب اللهُ عليه. ثمَّ قال: مَن تاب قبْلَ أنْ يُغرغِرَ بالموتِ تاب اللهُ عليه. ثمَّ نزَلَ. فكانت آخِرَ خُطبةٍ خطَبَها صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
الراوي : أبو هريرة وابن عباس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 2/291 | خلاصة حكم المحدث : كذب من داود بن المحبر | أحاديث مشابهة | الصحيح البديل

10 - أنَّ رجلًا منَ المسلمينَ مكَث صائمًا ثلاثةَ أيامٍ يَمشي فلا يجِدُ ما يُفطِرُ عليه ، فيُصبِحُ صائمًا حتى فطِن له رجلٌ منَ الأنصارِ يُقالُ له : ثابتُ بنُ قيسٍ ، فقال لأهلِه : إني أجيءُ الليلةَ بضيفٍ لي ، فإذا وضَعتُم طعامَكم فلْيقُمْ بعضُكم إلى السراجِ كأنَّه يُصلِحُه فلْيُطفِئْه ، ثم اضرِبوا بأيديكم إلى الطعامِ كأنَّكم تأكُلونَ ، فلا تأكُلوا حتى يشبعَ ضيفُنا ، فلما أمسى ذهَبوا به ، فوضَعوا طعامَهم ، فقامَتِ امرأتُه إلى السراجِ كأنهَّا تُصلِحُه فأطفَأَتْه ، ثم جعَلوا يَضرِبونَ أيديَهم في الطعامِ كأنهَّم يأكُلونَ ، ولا يأكُلونَ حتى شبِع ضيفُهم ، وإنما كان طعامُهم ذلك خبزةً هي قوتُهم ، فلما أصبَح ثابتٌ غدًا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يا ثابتُ ، لقد عجِب اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، البارحةَ مِنكم ومِن ضيفِكم ، قال : فنزلَتْ فيه هذه الآيةُ : ويؤثِرونَ على أنفُسِهِمْ ولو كان بهِمْ خَصاصَةٌ
الراوي : ثابت بن قيس بن شماس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 5/500 | خلاصة حكم المحدث : له شاهد

11 - وَجَّهَ سَعْدُ بنُ أبي وقَّاصٍ نَضْلةَ بنَ عمرٍو الأنصاريَّ في ثلاثِ مئةٍ مِن المُهاجِرين والأنصارِ، فأغارُوا على حُلْوانَ، فافتتَحَها، فأصابَ غنائمَ كثيرةً وسَبْيًا كثيرًا، فجاؤوا يَسوقونَ بما معهم وهم بيْن جَبلينِ، حتَّى أرهَقَهم العصْرُ، فقال لهم نَضْلةُ: انصَرِفوا بالغنائمِ إلى سَفْحِ الجبلِ، ففَعَلوا، ثمَّ قام نَضْلةُ، فنادى بالأذانِ، فقال: اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، فأجابَهُ صَوتٌ مِن الجبلِ لا يُرَى معه صُورةٌ: كبَّرْتَ كبيرًا يا نَضْلةُ، قال: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، قال: أخلصْتَ إخلاصًا يا نَضْلةُ، قالت: أشهَدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، قال: نَبِيٌّ بُعِثَ لا نَبِيَّ بعْدَه، قال: حَيَّ على الصَّلاةِ، قال: فَريضةٌ فُرِضَت، قالت: حيَّ على الفلاحِ، قال: أفلَحَ مَن أتاها وواظَبَ عليها، قال: قد قامَتِ الصَّلاةُ، قال: البقاءُ لِأُمَّةِ محمَّدٍ، وعلى رُؤوسِها تقومُ السَّاعةُ. فلمَّا صَلُّوا، قام نَضْلةُ فقال: يا ذا الكلامِ الطَّيِّبِ الحسَنِ الجميلِ، قد سَمِعْنا كلامًا حَسنًا؛ أفمِن ملائكةِ اللهِ أنْتَ، أمْ طائفٌ، أمْ ساكِنٌ؟ ابرُزْ لنا فكَلِّمْنا؛ فإنَّا وَفْدُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، ووَفْدُ نَبِيِّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: فبرَزَ لهم شيخٌ مِن شُعَبٍ مِن تلك الشِّعابِ، أبيَضُ الرَّأسِ واللِّحيةِ، له هامَةٌ كأنَّها رحًى، طويلُ اللِّحيةِ، في طِمْرينِ مِن صُوفٍ أبيَضَ، فقال: السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ، فرَدُّوا عليه السَّلامَ، فقال له نَضْلةُ: مَن أنت يَرحَمُك اللهُ؟ قال: أنا زُرَيبُ بنُ ثَرْمَلا، وَصِيُّ العبْدِ الصَّالِحِ عيسى ابنِ مَريمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، دعا لي بالبقاءِ إلى نُزولِه مِن السَّماءِ، فقَراري في هذا الجبلِ، فأَقْرِئْ عُمَرَ أميرَ المُؤمِنين السَّلامَ، وقُلْ له: اثبُتْ وسَدِّدْ وقارِبْ؛ فإنَّ الأمْرَ قدِ اقترَبَ، وإيَّاكَ يا عمَرُ، إنْ ظهَرَتْ خِصالٌ في أُمَّةِ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنت فيهم، فالهرَبَ الهرَبَ، قال نَضْلةُ: يا زُرَيبُ رحِمَك اللهُ، فأخبِرْنا بهذه الخِصالِ، نَعرِفْ بها ذَهابَ دُنيانا وإقبالَ آخرَتِنا، قال: إذا اسْتَغنى رِجالُكم برِجالِكم، واستَغْنَت نِساؤكم بنِسائِكم، وكثُرَ طَعامُكم، فلم يَزْدَدْ سِعْرُكم بذلك إلَّا غَلاءً، وكانت خِلافتُكم في صِبْيانِكم، وكان خُطباءُ مَنابِرِكم عَبيدَكم، وركَنَ فُقهاؤُكم إلى وُلاتِكم، فأحَلُّوا لهم الحرامَ، وحرَّموا لهم الحلالَ، وأفْتَوهم بما يَشْتهونَ، واتَّخَذوا القُرآنَ ألْحانًا ومَزاميرَ بأصواتِهم، وزَوَّقْتُم مَساجِدَكم، وأطلْتُم مَنابِرَكم، وحلَّيْتُم مَصاحِفَكم بالذَّهبِ والفِضَّةِ، وركِبَتْ نِساؤُكم السُّروجَ، وكان مُستشارُ أميرِكم خِصيانَكم، وقُتِلَ البَرِيءُ؛ لتُوعَظَ به العامَّةُ، وبقِيَ المطَرُ قَيظًا، والولَدُ غَيظًا، وحُرِمْتُمُ العطاءَ، وأخَذَهُ العبيدُ والسُّقَّاطُ، وقلَّتِ الصَّدقةُ، حتَّى يطوفَ المسكينُ مِن الحَولِ إلى الحَولِ لا يُعْطى عشَرةَ دراهِمَ، فإذا كان كذلك نزَلَ بكم الخِزْيُ والبلاءُ. ثمَّ ذهَبَتِ الصُّورةُ، فلم تُرَ، فنادَوا، فلم يُجابُوا، فلمَّا قَدِمَ نَضْلةُ على سَعْدٍ أخبَرَه بما أفاءَ اللهُ عليه، وبما كان مِن شأْنِ زُرَيبٍ، فكتَبَ سَعْدٌ إلى عُمَرَ بنِ الخطَّابِ يُخبِرُه، فكتَبَ عمَرُ رضِيَ اللهُ عنه: للهِ أبوكَ سَعْدُ، اركَبْ بنَفْسِك حتَّى تأتِيَ الجَبلَ، فركِبَ سَعْدٌ حتَّى أتى الجَبلَ، فنادى أربعينَ صباحًا، فلم يُجَابوا، فكتَبَ إلى عُمَرَ وانْصَرفوا.
الراوي : عبدالله بن أبي الهذيل | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 8/39 | خلاصة حكم المحدث : موقوف بسند فيه منتصر بن دينار ما علمته بعدالة ولا جرح

12 - لما كان حين فُتِحَتْ نهاوندُ أصاب المسلمونَ سبايا منَ اليهودِ ، فأقبَل رأسُ الجالوتِ فتلقَّى سبايا اليهودِ ، وأصاب رجلٌ منَ المسلمينَ جاريةً وضيئةً صبيحةً ، فقال لي : هل لكَ أن تمشيَ معي إلى هذا الإنسانِ عسى أن يثمنَ لي في هذه الجاريةِ ، فانطلقتُ معه فدخلتُ على شيخٍ مستكبرٍ له ترجمانُ ، فقال لترجمانِه : سَلْ هذه الجاريةَ ، هل وقَع عليها هذا العربيُّ ؟ قال : ورأيتُ أنه غار حين رأى حسنَها ، فراطَنها بلسانِه ففهِمَتِ الذي قال ، قال : فقلتُ له : لقد أثمتَ بما تجدُ في كتابِكَ بسؤالِكَ هذه الجاريةَ عما وراءَ ثيابِها ، فقال لي : كذبتَ ، وما يُدريكَ ما بكتابي ؟ قال : قلتُ : أنا أعلمُ بكتابِكَ منكَ ، قال : أنت أعلمُ بكتابي مِني ! قلتُ : نعَم ، أنا أعلمُ بكتابكَ منكَ ، قال مَن هذا ؟ قالوا : عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ . قال : فانصرَفتُ مِن عندِه ذلك اليومَ ، فأرسَل إليَّ رسولًا ليأتيَني بعزمةٍ ، وبعَث إليَّ بدابةٍ ، قال : فانطلقتُ إليه احتِسابًا رجاءَ أن يُسلِمَ ، فحبَسني عندَه ثلاثةَ أيامٍ أقرأُ عليه التوراةَ ويَبكي ، فقلتُ له : إنه واللهِ هو النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي تجِدونُه في كتابِكم . فقال : فكيف أصنعُ باليهودِ ؟ قال : قلتُ : إنَّ اليهودَ لن يُغنوا عنكَ منَ اللهِ شيئًا ، فأبى أن يُسلِمَ وغلَب عليه الشقاءُ.
الراوي : عبدالله بن سلام | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 1/234 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح رجاله ثقات

13 - سألْتُ عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما عن قولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ لموسى صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40]، فسألْتُه عن الفُتونِ؟ فقال: استأنِفِ النَّهارَ يا ابنَ جُبيرٍ؛ فإنَّ لها حديثًا طويلًا. قال: فغدوْتُ على ابنِ عبَّاسٍ لأنتجِزَ ما وَعَدني مِن حديثِ الفُتونِ، فقال: تذاكَرَ فِرعونُ وجُلساؤُه ما كان اللهُ عَزَّ وجَلَّ وعَدَ إبراهيمَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أنْ يجعَلَ في ذُرِّيتَه أنبياءَ ومُلوكًا؛ فقال بعضُهم: إنَّ بني إسرائيلَ لينتظِرونَ ذلك ما يشُكُّون فيه، وقد كانوا يظنُّونَ أنَّه يُوسفُ بنُ يعقوبَ عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ، فلمَّا هلَكَ قالوا: ليس هكذا كان، إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ وعَدَ إبراهيمَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. قال فِرعونُ: فكيف تَرَونَ؟ فائْتَمَروا، واجتمَعوا أمْرَهم على أنْ يبعَثَ رِجالًا بالشِّفارِ، يَطُوفون في بني إسرائيلَ، فلا يَجِدون مولودًا ذكَرًا إلَّا ذَبَحوه، ففَعَلوا ذلك، فلمَّا أنْ رَأَوا أنَّ الكبارَ في بني إسرائيلَ يموتونَ بآجالِهم، والصِّغارَ يُذْبَحونَ، قالوا: أتوشِكونَ أنْ تُفْنوا بني إسرائيلَ، فتَصيروا إلى أنْ تُباشِروا مِن الأعمالِ والخدمةِ الَّتي كانوا يَكْفُونكم؟ فاقْتُلوا عامًا كلَّ مولودٍ ذكرٍ، فيقِلَّ نَباتُهم، ودَعُوا عامًا، فلا تَقْتلوا منهم أحدًا، فيشِبَّ الصِّغارُ مكانَ مَن يموتُ مِن الكبارِ، فإنَّهم لنْ يَكْثروا بمَن تَسْتحيون، فتخافوا مُكاثرتَهم إياكم، ولنْ يَفْنَوا بمَن تقتُلونَ، فتحتاجونَ إليهم، فأجْمَعوا أمْرَهم على ذلك، فحمَلَت أُمُّ موسى بهارونَ عليهما السَّلامُ العامَ الَّذي لا يُذْبَحُ فيه الغِلمانُ، فولدَتْه عَلانيةً، فلمَّا كان مِن قابلٍ حمَلَتْ بمُوسى عليه السَّلامُ، فوقَعَ في قلْبِها مِن الهَمِّ والحزنِ. فذلك مِن الفُتونِ يا ابنَ جُبيرٍ، ما دخَلَ عليه في دهو بَطْنِ أُمِّه ممَّا يُرادُ به، فأوحَى اللهُ تعالى إليها: {وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7]، وأمَرَها أنْ إذا ولَدَتْ أنْ تجعَلَه في تابوتٍ، ثمَّ تُلْقِيه في اليمِّ، فلمَّا ولَدَت فعَلَت ذلك به، فألْقَته في اليمِّ، فلمَّا توارى عنها ابنُها أتاها الشَّيطانُ، فقالت في نفْسِها: ما فعَلْتُ بابني؟! لو ذُبِحَ لبِثَ عندي فرأيْتُه وكفَّنْتُه، كان أحَبَّ إليَّ مِن أنْ أُلْقِيَه بيدي إلى دوابِّ البحرِ وحِيتانِه، وانتهى الماءُ به حتَّى أرفَأَ به عند فُرْضَةُ مُسْتَقى جواري امرأةِ فِرعونَ، فلمَّا رأيْنَه أخذْنَه، فهمَمْنَ أنْ يفتحْنَ التَّابوتَ، فقالت بعضُهنَّ: إنَّ في هذا مالًا، وإنَّا إنْ فتحْناه لم تُصدِّقْنا امرأةُ الملِكِ بما وجَدْنا فيه، فحمَلْنَه بهيئةٍ لم يُحرِّكْنَ منه شيئًا، دفعْنَه إليها، فلمَّا فتحَتْه رأتْ فيه غُلامًا، فأُلْقِيَ عليه منها محبَّةٌ لم تُلْقَ مثْلُها على البشَرِ قطُّ، وأصبَحَ فُؤَادُ أُمِّ موسى فارغًا مِن ذِكْرِ كلِّ شَيءٍ إلَّا مِن ذِكْرِ مُوسى عليه السَّلامُ، فلمَّا سمِعَ الذَّابِحونَ بأمْرِه أقبلوا بشِفارِهم إلى امرأةِ فرعونَ ليذبَحُوه -وذلك مِن الفُتونِ يا ابنَ جُبيرٍ- فقالت للذَّبَّاحينَ: أقِرُّوه؛ فإنَّ هذا الواحدَ لا يَزيدُ في بني إسرائيلَ حتَّى آتِيَ فِرعونَ فأسْتَوْهِبَه منه، فإنْ وهَبَه لي كنْتُم قد أحسنْتُم وأجمَلْتُم، وإنْ أمَرَ بذبْحِه لم أَلُمْكم، فأتَتْ به فرعونَ، فقالت: قُرَّةُ عينٍ لي ولك، قال فِرعونُ: يكونُ لك، فأمَّا لي فلا حاجةَ لي في ذلك. قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: والَّذي أحلِفُ به، لو أقَرَّ فِرعونُ بأنْ يكونَ له قُرَّةَ عينٍ كما أقَرَّت امرأتُه، لهداهُ اللهُ به كما هدى به امرأتَه، ولكنَّ اللهَ حرَمَه ذلك. فأرسَلَتْ إلى مَن حولَها، مِن كلِّ امرأةٍ لها لبنٌ، تختارُ لها ظِئرًا، فجعَلَ كلَّما أخذَتْه امرأةٌ منهنَّ، فترُضِعُه، لم يَقْبَلْ ثَدْيَها، حتَّى أشفَقَت عليه امرأةُ فِرعونَ أنْ يَمتنِعَ مِن اللَّبنِ فيموتَ، فأحْزَنَها ذلك، فأمرَتْ به، فأُخْرِجَ إلى السُّوقِ وتجمَّعَ النَّاسُ، تَرْجو أنْ تجِدَ له ظِئرًا يأخُذُ منها، فلم يَقْبَلْ، وأصبَحَتْ أُمُّ موسى والهةً، فقالت لأُخْتِه: قُصِّيه -يعني: أثَرَهُ- واطْلُبِيه، هل تسمعينَ له ذِكْرًا؟ أحيٌّ ابْني أمْ قد أكلَتْه الدَّوابُّ؟ ونسِيَت ما كان اللهُ عَزَّ وجَلَّ وعَدَها فيه، فبَصُرتْ به أختُه عن جُنُبٍ وهم لا يَشعُرونَ، والجُنُبُ: أنْ يبصِرَ الإنسانُ إلى الشَّيءِ البعيدِ وهو إلى جَنْبِه لا يشعُرُ به، فقالت مِن الفرحِ حين أعياهم الظُّؤارتُ: أنا {أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} [القصص: 12]، فأخَذُوها فقالوا: ما يُدريك ما نُصْحُهم له؟ هل يعرِفونَه؟ حتَّى شكُّوا في ذلك -فذلك مِن الفُتونِ يا ابنَ جُبيرٍ- فقالت: نصيحَتُهم له وشفقَتُهم عليه رغبةً في صِهر الـمَلِك، ورجاءَ مَنفعتِه، فأرْسَلوها، فانطلَقَتْ إلى أُمِّها فأخبرتْها الخبرَ، فجاءتْ أُمُّه، فلمَّا وضعَتْه في حِجْرِها، نزَا إلى ثَدْيِها، فمَصَّه حتَّى امتلَأَ جَنباهُ رِيًّا، وانطلَقَ البشيرُ إلى امرأةِ فرعونَ: أنْ قد وجَدْنا لابْنِك، فأرسَلَتْ إليها، فأُوتِيتْ بها وبه، فلمَّا رأت ما يصنَعُ، قالت لها: امْكُثي عندي؛ تُرْضِعي ابني هذا، فإنِّي لم أحجِبْه شيئًا قطُّ، فقالت أُمُّ مُوسى: لا أستطيعُ أنْ أدَعَ بيتي وولدي، فيَضيعَ، فإنْ طابتْ نفْسُك أنْ تُعْطِيَنه، فأذهَبَ به إلى مَنْزلي، فيكونَ معي لا آلوهُ خيرًا، فعلْتُ، وإلَّا فإنِّي غيرُ تاركةٍ بيتي وولدي، وذكَرَت أُمُّ مُوسى عليه السَّلامُ ما كان اللهُ عَزَّ وجَلَّ وعَدَها، فتعاسَرَت على امرأةِ فرعونَ، وأيقنَتْ بأنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يُنْجِزُ موعودَه، فرجَعَتْ إلى بيتِها بابنِها مِن يومِها، فأنبَتَه اللهُ نباتًا حسنًا، وحفِظَه لِمَا قد قَضى فيه، فلم يزَلْ بنو إسرائيلَ وهم في ناحيةِ القريةِ مُمْتنعينَ يَمْتنعونَ به مِن السُّخرةِ ما كان فيهم. فلمَّا تَرعرَعَ قالت امرأةُ فرعونَ لأُمِّ مُوسى: أريدُ أنْ تُرِيني ابني، فوعَدَتْها يومًا تُرِيها فيه إيَّاه، فقالتِ امرأةُ فِرعونَ لخُزَّانِها، وظُؤورتِها، وقَهارِمَتِها: لا يَبْقينَّ أحدٌ منكم إلَّا استقبَلَ ابني اليومَ بهَديَّةٍ وكَرامةٍ؛ لِأَرى ذلك فيه، وأنا باعثةٌ أمينًا يُحْصِي ما يصنَعُ كلُّ إنسانٍ منكم، فلم تَزَلِ الهدايا والكرامةُ والنِّحلةُ، تَستقبِلُه مِن حينِ خرَجَ مِن بيتِ أُمِّه إلى أنْ دخَلَ على امرأةِ فرعونَ، فلمَّا دخَلَ عليها بجَّلَتْه، وأكرمَتْه، وفرِحَت به، وأعجَبَها، ونحَلَت أُمَّه؛ لحُسْنِ أثَرِه، ثمَّ قالت: لآتيَنَّ به فِرعونَ، فليَنْحَلَنَّه، وليُكْرِمَنَّه، فلمَّا دخَلَتْ به عليه، جعَلَه في حِجْرِه، فتناوَلَ مُوسى لِحيةَ فرعونَ، فمَدَّها إلى الأرضِ، فقال الغواةُ مِن أعداءِ اللهِ لفرعونَ: ألَا ترى إلى ما وعَدَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ إبراهيمَ نَبِيَّه عليه السَّلامُ أنَّه يرِثُك، ويَعْلوك، ويصرَعُك، فأرسَلَ إلى الذَّبَّاحينَ، وذلك مِن الفُتونِ يا ابنَ جُبيرٍ، بعدَ كلِّ بلاءٍ ابتُلِيَ به، أو أُرِيدَ به فُتونًا. فجاءت امرأةُ فِرعونَ تَسْعى إلى فرعونَ، فقالت: ما بدا لك في هذا الغلامِ الَّذي وهَبْتَه لي؟ قال: ألَا تَرَيْنَه يزعُمُ أنَّه يصرَعُني ويَعْلوني؟ قالت: اجْعَلْ بيني وبينك أمرًا تعرِفُ فيه الحقَّ؛ ائْتِ بجَمْرتينِ ولُؤلؤتَينِ، فقَرِّبْهما إليه، فإنْ بطَش باللُّؤلؤتَينِ واجتنَبَ الجَمْرتينِ، عرَفْتَ أنَّه يعقِلُ، وإنْ تَناوَلَ الجَمْرتَينِ ولم يُرِدِ اللُّؤلؤتَينِ، علِمْتَ أنَّ أحدًا لا يُؤثِرُ الجَمرتينِ على اللُّؤلؤتينَ وهو يعقِلُ، فقُرِّبَ ذلك إليه، فتناوَلَ الجَمرتَينِ، فانْتَزَعوهما مِن يَدِه، وخافت أنْ يحرِقَا يدَيْه، فقالت المرأةُ: ألَا ترى؟! فصرَفَه اللهُ عنه بعدما كان قد هَمَّ به، وكان الله عَزَّ وجَلَّ بالغًا فيه أمْرَه. فلمَّا بلَغَ أشُدَّه وصار مِن الرِّجالِ، لم يكُنْ أحدٌ مِن آلِ فِرعونَ يخلُصُ إلى أحدٍ مِن بني إسرائيلَ معه بظُلمٍ، ولا يخرُجُ حتَّى امْتَنعوا كلَّ الامتناعِ. فبينما مُوسى عليه السَّلامُ يَمْشي في ناحيةِ المدينةِ، إذ هو برجُلينِ يَقْتتلانِ؛ أحدُهما فرعونيٌّ، والآخرُ إسرائيليٌّ، فاستغاثَه الإسرائيليُّ على الفرعونيِّ، فغضِبَ مُوسى عليه السَّلامُ غضبًا شديدًا؛ لأنَّه تناوَلَ وهو يعلَمُ منزلةَ مُوسى عليه السَّلامُ مِن بَني إسرائيلَ، وحِفْظَه لهم، لا يعلَمُ النَّاسُ إلَّا إنَّما ذلك مِن الرَّضاعِ إلَّا أُمُّ مُوسى، إلَّا أنْ يكونَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ أَطْلَعَ مُوسى عليه السَّلامُ مِن ذلك على ما لم يُطْلِعْ عليه غيرَه. فوكَزَ مُوسى عليه السَّلامُ الفرعونيَّ، فقتَلَه، وليس يراهما أحدٌ إلَّا اللهُ عَزَّ وجَلَّ، فقال مُوسى عليه السَّلامُ حين قتَلَ الرَّجلَ: هذا مِن عمَلِ الشَّيطانِ؛ إنَّه عدُوٌّ مُضِلٌّ مُبينٌ، ثمَّ قال: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ}، إلى قولِه: {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: 16]. {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: 18] الأخبارَ، فأُتِيَ فِرعونُ فقيلَ: إنَّ بني إسرائيلَ قد قتَلَتْ رجُلًا مِن آلِ فرعونَ، فخُذْ لنا بحَقِّنا، ولا تُرخِّصْ لهم، فقال: ابْغُوني قاتِلَه ومَن شهِدَ عليه؛ فإنَّ الملِكَ وإنْ كان صَفْوُه مع قومِه، لا يستقيمُ له أنْ يُقِيدَ بغيرِ بيِّنةٍ، ولا ثَبَتٍ، فانْظُروا في عِلْمِ ذلك آخُذْ لكم بحَقِّكم، فبينا هم يَطوفونَ لا يَجِدونَ شيئًا، إذا موسى عليه السَّلامُ قد رأى في الغدِ ذلك الإسرائيليَّ يقتُلُ رجُلًا مِن آلِ فرعونَ آخرَ، فاستغاثَه الإسرائيليُّ على الفرعونيِّ، فصادَفَ مُوسى عليه السَّلامُ قد ندِمَ على ما كان منه، فكَرِهَ الَّذي رأى، فغضِبَ الإسرائيليُّ وهو يُريدُ أنْ يبطِشَ بالفرعونيِّ، فقال للإسرائيليِّ -لِمَا فعَلَ أمسِ واليومَ-: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} [القصص: 18]. فنظَرَ الإسرائيليُّ إلى مُوسى عليه السَّلامُ بعدما قال له ما قال، فإذا هو غضبانُ كغضَبِه بالأمسِ الَّذي قتَلَ به الفرعونيَّ، فخاف أنْ يكونَ بعدما قال له: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} إيَّاه أراد، ولم يكُنْ أراده، إنَّما أراد الفرعونيَّ، فخاف الإسرائيليُّ، فحاجَزَ الفرعونيَّ، فقال: {يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ} [القصص: 19]؟ وإنَّما قال ذلك؛ مخافةَ أنْ يكون إيَّاهُ أراد مُوسى عليه السَّلامُ أنْ يقتُلَه، فتنازَعَا. فانطلَقَ الفرعونيُّ إلى قومِه، فأخبَرَهم بما سمِعَ مِن الإسرائيليِّ مِن الخبرِ حين يقولُ: {أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ} [القصص: 19]، فأرسَلَ فرعونُ الذَّبَّاحينَ ليقتُلوا موسى عليه السَّلامُ، فأخَذَ رُسلُ فرعونَ الطَّريقَ الأعظمَ يَمْشون على هَيئتِهم يطلُبونَ مُوسى عليه السَّلامُ، وهم لا يخافونَ أنْ يفوتَهم، فجاء رجُلٌ مِن شِيعَةِ مُوسى عليه السَّلامُ مِن أَقْصى المدينةِ، فاختصَرَ طريقًا قريبًا حتَّى سبَقَهم إلى موسى عليه السَّلامُ فأخْبَرَه. فذلك مِن الفُتونِ يا ابنَ جُبيرٍ. فخرَجَ مُوسى عليه السَّلامُ مُتوجِّهًا نحوَ مدينَ لم يلْقَ بلاءً قبلَ ذلك، وليس له علمٌ بالطَّريقِ إلَّا حُسْنَ الظَّنِّ بربِّه عَزَّ وجَلَّ، فإنَّه قال: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} [القصص: 22]. {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} إلى {تَذُودَانِ} [القصص: 23]، يعني بذلك: حابستَينِ غنَمَهما، فقال لهما: ما خطْبُكما مُعتزلتَينِ لا تَسْقيانِ مع النَّاسِ؟ قالتا: ليس لنا قُوَّةٌ نُزاحِمُ القومَ، وإنَّما ننتظِرُ فُضولَ حياضِهم، فسقى لهما، فجعَلَ يغرِفُ بالدَّلْوِ ماءً كثيرًا، حتَّى كانتا أوَّلَ الرِّعاءِ فراغًا، فانصرَفَتا بغنَمِهما إلى أبيهما، وانصرَفَ موسى عليه السَّلامُ، فاستظَلَّ بشجرةٍ، وقال: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24]، فاستنكَرَ أبوهما سُرعةَ صُدورِهما بغنَمِهما حُفَّلًا بطانًا، فقال: إنَّ لكما اليومَ لشأنًا، فأخبَرَتَاه بما صنَعَ موسى عليه السَّلامُ، فأمَرَ إحداهما أنْ تَدْعُوَه له، فأتَتْ موسى عليه السَّلامُ فدَعَتْه، فلمَّا كلَّمَه قال: {لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 25]، ليس لفِرعونَ ولا لقومِه علينا سُلطانٌ، ولسْنا في مَمْلكتِه. قال: فقالت إحداهما: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26]، فاحتمَلَتْه الغَيرةُ على أنْ قال: وما يُدريكِ ما قُوَّتُه؟ وما أمانَتُه؟ قالت: أمَّا قُوَّتُه: فما رأيْتُ في الدَّلوِ حين سَقى لنا، لم أرَ رجُلًا قطُّ في ذلك المَسْقى أقوى منه، وأمَّا أمانَتُه: فإنَّه نظَرَ إليَّ حين أقبلْتُ إليه وشَخَصْتُ له، فلمَّا علِمَ إنِّي امرأةٌ، صوَّبَ رأْسَه لم يرفَعْه، ولم ينظُرْ إليَّ حتَّى بلَّغْتُه رِسالتَك، ثمَّ قال لي: امشِي خلفي، وانْعَتي لي الطَّريقَ، لم يفعَلْ هذا إلَّا وهو أمينٌ، فسُرِّيَ عن أبيها وصدَّقَها، وظَنَّ به الَّذي قالت له. فقال له: هل لك {أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}، إلى قوله: {مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27]، ففعَلَ، فكانت على نَبِيِّ اللهِ موسى عليه السَّلامُ ثمانيَ سنينَ واجبةً، وكانت سنتانِ عِدَةً منه، فقَضَى اللهُ عَزَّ وجَلَّ عنه عِدَتَه فأتمَّها عشْرًا. قال سَعيدٌ: فلَقِيَني رجُلٌ مِن أهلِ النَّصرانيَّةِ مِن عُلمائِهم، فقال: هلْ تَدْري أيَّ الأجلينِ قضى مُوسى عليه السَّلامُ؟ قلْتُ: لا، وأنا يومئذٍ لا أدري، فلقِيتُ ابنَ عبَّاسٍ، فذكَرْتُ ذلك له، فقال: أمَا علِمْتَ أنَّ ثمانيًا كانت على نبيِّ اللهِ عليه السَّلامُ واجبةً، لم يكُنْ نبيُّ اللهِ ليَنْقُصَ منها شيئًا، وتعلَمُ أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ كان قاضيًا عن مُوسى عليه السَّلامُ عِدَتَه الَّتي وعَدَ، فإنَّه قضى عشْرَ سنينَ. فلقِيتُ النَّصرانيَّ، فأخبَرْتُه بذلك، فقال: الَّذي سألْتَه فأخبَرَك أعلَمُ منك بذلك؟ قلْتُ: أجلْ، وأَولى. فلمَّا سار مُوسى عليه السَّلامُ بأهلِه كان مِن أمْرِ النَّارِ ما قَصَّ اللهُ عليك في القُرآنِ، وأمْرِ العصا ويَدِه، فشكا إلى ربِّه عَزَّ وجَلَّ ما يتخوَّفُ مِن آلِ فرعونَ في القتيلِ، وعُقدةَ لسانِه، فآتاهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ سُؤْلَه، وحَلَّ عُقدةً مِن لسانِه، وأوحى اللهُ عَزَّ وجَلَّ إلى هارونَ عليه السَّلامُ، وأمَرَه أنْ يلقاهُ، واندفَعَ مُوسى عليه السَّلامُ بعصاهُ، حتَّى لقِيَ هارونَ عليه السَّلامُ، وانطلَقَا جميعًا إلى فرعونَ، فأقاما حِينًا على بابِه لا يُؤْذَنُ لهما، فقالا: إنَّا رسولَا ربِّك، قال: فمَن ربُّكما يا موسى؟ فأخبراهُ بالَّذي قَصَّ اللهُ عَزَّ وجَلَّ عليك في القُرآنِ، قال: فما تُريدانِ؟ وذكَّرَه القتيلَ، واعتذَرَ بما قد سمِعْتَ، وقال: أريدُ أنْ تُؤمِنَ باللهِ، وأنْ تُرْسِلَ معي بني إسرائيلَ، فأبى عليه، وقال: ائتِ بآيةٍ إنْ كنْتَ مِن الصَّادقينَ، فألقى عصاه فإذا هي حيَّةٌ عظيمةٌ، فازعةٌ، فاغرةٌ فاها، مُسرعةٌ إلى فرعونَ، فلمَّا رآها فِرعونُ قاصدةً إليه خافها، فاقتحَمَ عن سَريرِه، واستغاثَ بمُوسى عليه السَّلامُ أنْ يكُفَّها عنه، ففعَلَ، ثمَّ أخرَجَ يَدَه مِن جَيْبِه، فرآها بيضاءَ مِن غيرِ سُوءٍ، يعني: مِن غيرِ برَصٍ، فرَدَّها، فعادت إلى لونِها الأوَّلِ. فاستشارَ الملَأَ حولَه فيما رأى، فقالوا له: {هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} [طه: 63] الآيةَ، والمُثْلى: مُلْكُهم الَّذي هم فيه والعيشُ. فأَبَوا على مُوسى عليه السَّلامُ أنْ يُعْطُوه شيئًا ممَّا طلَبَ، وقالوا له: اجمَعْ لهما السَّحرةَ؛ فإنَّهم بأرضِك كثيرٌ، حتَّى نغلِبَ سِحْرَهما، وأرسَلَ في المدائنِ، فحُشِرَ له كلُّ ساحرٍ مُتعالمٍ، فلمَّا أَتَوا على فرعونَ، قالوا: ما يعمَلُ هذا السَّاحرُ؟ قالوا: يعمَلُ الحيَّاتِ، قالوا: فلا واللهِ ما أحدٌ في الأرضِ يعمَلُ السِّحرَ والحيَّاتِ والحبالَ والعِصِيَّ الَّذي نعمَلُ، فما أجْرُنا إنْ نحن غلَبْنا؟ قال لهم: أنتم أقاربي وخاصَّتي، وأنا صانعٌ إليكم كلَّ شَيءٍ أحببتم، فتَواعَدوا يومَ الزِّينةِ وأنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى. قال سعيدٌ: فحدَّثني ابنُ عبَّاسٍ: أنَّ يومَ الزِّينةِ اليومُ الَّذي أظهَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ فيه مُوسى عليه السَّلامُ على فِرعونَ والسَّحرةِ هو يومُ عاشوراءَ. فلمَّا اجتمعوا في صَعيدٍ، قال النَّاسُ بعضُهم لبعضٍ: انطَلِقوا، فنتخبَّرْ هذا الأمْرَ، {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ} [الشعراء: 40]، يعنون مُوسى وهارونَ عليهما السَّلامُ؛ استهزاءً بهما، فقالوا: يا موسى -لِقُدْرتِهم في أنفُسِهم بسِحْرِهم- إمَّا أنْ تُلْقِيَ، وإمَّا أنْ نكونَ نحن المُلْقينَ، قال: بل ألْقُوا. {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ} [الشعراء: 44]، فرأى مُوسى عليه السَّلامُ مِن سِحْرِهم ما أوجَسَ في نفْسِه خِيفةً، فأوحى اللهُ عَزَّ وجَلَّ إليه: أنْ ألْقِ عصاك، فلمَّا ألقاها، صارت ثُعبانًا عظيمًا فاغرةً فاها، فجُعِلَتِ العِصِيُّ بدَعوةِ مُوسي عليه السَّلامُ تلتبِسُ بالحبالِ، حتَّى صارتْ جُرُزًا إلى الثُّعبانِ تَدخُل فيه، حتَّى ما أبقَتْ عصًا ولا حبلًا إلَّا ابتلعَتْه. فلمَّا عرَفَ السَّحرةُ ذلك، قالوا: لو كان هذا سِحرٌ لم يَبلُغْ مِن سِحرِنا كلَّ هذا، ولكنَّه أمْرٌ مِن اللهِ، آمنَّا باللهِ ربِّنا وما جاء به مُوسى عليه السَّلامُ، ونتوبُ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ ممَّا كنَّا عليه. وكسَرَ اللهُ ظهْرَ فِرعونَ في ذلك الموطنِ وأشياعِه، وأظهَرَ الحقَّ، وبطَلَ ما كانوا يعمَلونَ، فغُلِبوا هنالك وانقَلَبوا صاغِرينَ. وامرأةُ فِرعونَ بارزةٌ مُتبذِّلَةٌ تَدْعو بالنَّصرِ لمُوسى عليه السَّلامُ على فِرعونَ، فمَن رآها مِن آلِ فرعونَ ظَنَّ أنَّها إنَّما تبذَّلَتْ للشفقةِ على فِرعونَ وأشياعِه، وإنَّما كان حُزْنُها وهمُّها لمُوسى عليه السَّلامُ. فلمَّا طال مُكْثُ مُوسى عليه السَّلامُ لمواعيدِ فِرعونَ الكاذبةِ، كلَّما جاءه بآيةٍ وعَدَه عندها أنْ يُرْسِلَ معه بني إسرائيلَ، فإذا مضَتْ أخلَفَ موعِدَه، وقال: هل يستطيعُ ربُّك أنْ يصنَعَ غيرَ هذا؟ فأرسَلَ اللهُ عليه وعلى قومِه الطُّوفانَ، والجرادَ، والقُمَّلَ، والضَّفادعَ، آياتٍ مُفصَّلاتٍ، كلُّ ذلك يَشْكو إلى موسى عليه السَّلامُ، ويطلُبُ إليه أنْ يكُفَّها عنه، ويُواثِقُه على أنْ يُرسِلَ معه بني إسرائيلَ، فإذا كَفَّ ذلك عنه، أخلَفَ موعِدَه ونكَثَ عهدَه. فأُمِرَ موسى عليه السَّلامُ بالخُروجِ بقومِه، فخرَجَ بهم ليلًا، فلمَّا أصبَحَ فرعونُ ورأى أنَّهم قد مَضَوا، أرسَلَ في المدائنِ حاشرينَ، فتبِعَهم بجُنودٍ عظيمةٍ كثيرةٍ، وأوحى اللهُ عَزَّ وجَلَّ إلى البحرِ: أنْ إذا ضرَبَك مُوسى بعصاهُ، فانفرِقْ له اثنتَيْ عشْرةَ فِرقةً، حتَّى يجوزَ موسى عليه السَّلامُ ومَن معه، ثمَّ الْتَئَمَ على مَن بقِيَ بعدُ مِن فرعونَ وأشياعِه، فنسِيَ مُوسى عليه السَّلامُ أنْ يضرِبَ البحرَ بالعصا، فانْتَهى إلى البحرِ وله قصيفٌ؛ مخافةَ أنْ يَضرِبَه موسى عليه السَّلامُ، وهو غافِلٌ، فيصيرَ عاصيًا اللهَ عَزَّ وجَلَّ. فلمَّا تراءى الجَمْعانِ وتقارَبَا، قال أصحابُ موسى: إنَّا لمُدْرَكونَ، افعَلْ ما أمرَكَ به ربُّك عَزَّ وجَلَّ؛ فإنَّك لم تكذِبْ ولم تُكْذَبْ، فقال: وعَدَني ربِّي عَزَّ وجَلَّ إذا أتيْتُ البحرَ، انفرَقَ لي اثنتيْ عشْرةَ فِرقةً حتَّى أُجاوزَه، ثمَّ ذكَرَ بعدَ ذلك العصا، فضرَبَ البحرَ بعصاه حين دنا أوائلُ جُندِ فرعونَ مِن أواخرِ جُندِ مُوسى عليه السَّلامُ، فانفرَقَ البحرُ كما أمَرَه اللهُ عَزَّ وجَلَّ، وكما وُعِدَ مُوسى عليه السَّلامُ، فلمَّا أنْ جاوَزَ موسى عليه السَّلامُ وأصحابُه البحرَ، ودخَلَ فِرعونُ وأصحابُه، الْتَقى عليهم البحرُ كما أُمِرَ. فلمَّا جاوَزَ مُوسى عليه السَّلامُ البحرَ، قال أصحابُه: إنَّا نخافُ ألَّا يكونَ فِرعونُ قد غرِقَ، فلا نُؤمِنُ بهلاكِه، فدعا ربَّه عَزَّ وجَلَّ، فأخرَجَه له ببدنه حتَّى استيْقَنوا بهلاكِه. ثمَّ مَرُّوا بعدَ ذلك {عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]، إلى {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 139]، قد رأيتُمْ مِن العِبَرِ، وسمِعْتُم ما يَكْفيكم، ومَضَى. فأنزَلَهم مُوسى عليه السَّلامُ منزلًا، ثمَّ قال لهم: أطيعوا هارونَ عليه السَّلامُ؛ فإنِّي قد استخلفْتُه عليكم، وإنِّي ذاهبٌ إلى ربِّي عَزَّ وجَلَّ، وأجَّلَهم ثلاثينَ يومًا أنْ يَرجِعَ إليهم فيها، فلمَّا أتى ربَّه وأراد أنْ يُكلِّمَه ثلاثينَ يومًا، وقد صامهنَّ: ليلَهنَّ ونهارَهنَّ، وكرِهَ أنْ يُكلِّمَ ربَّه عَزَّ وجَلَّ ورِيحُ فَمِه رِيحُ فَمِ الصَّائمِ، فتناوَلَ مُوسى عليه السَّلامُ مِن نباتِ الأرضِ شيئًا فمضَغَه، فقال له ربُّه عَزَّ وجَلَّ حين لقاه: لِمَ أفطرْتَ؟ -وهو أعلَمُ بالَّذي كان- قال: يا ربِّ، إنِّي كرِهْتُ أنْ أُكلِّمَك إلَّا وفَمِي طيِّبُ الرِّيحِ، قال: أوما علِمْتَ يا مُوسى أنْ رِيحَ فَمِ الصَّائمِ أطيبُ عندي مِن رِيحِ المِسْكِ؟ ارجِعْ حتَّى تصومَ عشْرًا ثمَّ ائْتِني، ففعَلَ مُوسى عليه السَّلامُ ما أُمِرَ به. فلمَّا رأى قومُ مُوسى عليه السَّلامُ أنَّه لم يرجِعْ إليهم للأجَلِ ساءَهم ذلك، وكان هارونُ عليه السَّلامُ قد خطَبَهم، فقال لهم: خرجْتُم مِن مِصْرَ ولقومِ فرعونَ عندي عواري وودائعُ، ولكم فيهم مثلُ ذلك، وأنا أرى أنْ تحتَسِبوا ما لكم عندهم، ولا أحلَّ لكم وديعةً اسْتُودِعْتُمُوها، ولا عاريَّةً، ولسنا برادِّين إليهم شيئًا مِن ذلك، ولا مُمْسِكيه لأنفُسِنا، فحفَرَ حفيرًا، وأمَرَ كلَّ قومٍ عليهم شَيءٌ مِن ذلك؛ مِن متاعٍ أو حِليةٍ أنْ يَقْذِفوه في ذلك الحفيرِ، ثمَّ أوقَدَ عليه النَّارَ، فأحرَقَه، فقال: لا يكونُ لنا، ولا لهم. وكان السَّامريُّ رجلًا مِن قومٍ يَعْبُدون البقرَ جيرانٍ لهم، ولم يكُنْ مِن بني إسرائيلَ، فاحتملَ مع مُوسى عليه السَّلامُ وبني إسرائيلَ حين احْتملوا، فقُضِيَ له أنْ رأى أثرًا، فأخَذَ منه بقبْضَتِه، فمَرَّ بهارونَ، فقال له هارونُ عليه السَّلامُ: يا سامريُّ، ألَا تُلْقي ما في يدَيْك؟ وهو قابضٌ عليه لا يَراه أحدٌ طوالَ ذلك، فقال: هذه قبْضةٌ مِن أثرِ الرَّسولِ الَّذي جاوَزَ بكم البحرَ، ولا أُلْقيها لشَيءٍ إلَّا أنْ تَدْعُوَ اللهَ إذا ألقيْتُها أنْ تكونَ ما أُرِيدُ، فألْقاها، ودعا اللهَ هارونُ عليه السَّلامُ، فقال: أريدُ أنْ يكونَ عِجْلًا، واجتمَعَ ما كان في الحُفرةِ مِن متاعٍ له، أو حِلْيةٍ، أو نحاسٍ، أو حديدٍ، فصار عِجْلًا أجوفَ ليس فيه رُوحٌ، له خُوارٌ. قال ابنُ عبَّاسٍ: لا واللهِ ما كان له صوتٌ قطُّ، إنَّما كانت الرِّيحُ تدخُلُ مِن دُبُرِه وتخرُجُ مِن فَمِه، فكان ذلك الصَّوتُ مِن ذلك. فتفرَّقَ بنو إسرائيلَ فِرَقًا؛ فقالت فِرقةٌ: يا سامريُّ، ما هذا فأنت أعلَمُ به؟ قال: هذا ربُّكم عَزَّ وجَلَّ، ولكنَّ مُوسى عليه السَّلامُ أضَلَّ الطَّريقَ. وقالت فِرقةٌ: لا نُكذِّب بهذا حتَّى يرجِعَ إلينا مُوسى، فإنْ كان ربَّنا لم نكُنْ ضيَّعْناه وعجَزْنا فيه حِينَ رأيْناه، وإنْ لم يكُنْ ربَّنا، فإنَّا نتَّبِعُ قولَ مُوسى عليه السَّلامُ. وقالت فِرقةٌ: هذا عمَلُ الشَّيطانِ، وليس بربِّنا، ولا نُؤْمِنُ، ولا نُصدِّقُ. وأُشْرِبَ فِرقةٌ في قُلوبِهم التَّصديقَ بما قال السَّامريُّ في العجلِ، وأعْلَنوا التَّكذيبَ، فقال لهم هارونُ عليه السَّلامُ: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ} [طه: 90]، وإنَّ ربَّكم ليس هكذا، قالوا: فما بالُ مُوسى عليه السَّلامُ؛ وعَدَنا ثلاثينَ يومًا ثمَّ أخلَفَنا، فهذه أربعونَ قد مَضَت؟! فقال سُفهاؤُهم: أخطَأَ ربَّه، فهو يطلُبُه ويتبَعُه. فلمَّا كلَّمَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مُوسى عليه السَّلامُ وقال له ما قال، أخبَرَه بما لقِيَ قومُه بعده. {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [طه: 86]، وقال لهم ما سمِعْتُم في القُرآنِ وأخَذَ برأْسِ أخِيه، وألْقى الألواحَ مِن الغضَبِ، ثمَّ عذَرَ أخاه بعُذْرِه، واستغفَرَ له، وانصرَفَ إلى السَّامريِّ، فقال له: ما حمَلَك على ما صنعْتَ؟ قال: قبَضْتُ قبضةً مِن أثرِ الرَّسولِ وفطِنْتُ لها، وعُمِّيَت عليكم، فقَذفْتُها؛ وكذلك سوَّلَت لي نَفْسي. قال: {اذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} إلى قولِه: {نَسْفًا} [طه: 97]، ولو كان إلهًا لم يُخْلَصْ إلى ذلك منه. فاستيقَنَ بنو إسرائيلَ بالفتنةِ، واغْتَبَطَ الَّذين كان رأيُهم فيه مثلَ رأيِ هارونَ عليه السَّلامُ، فقالوا بجماعتِهم لمُوسى عليه السَّلامُ: سَلْ لنا ربَّك عَزَّ وجَلَّ أنْ يفتَحَ لنا بابَ توبةٍ نصنَعُها؛ فيُكَفِّرَ عنَّا ما عمِلْنا، فاختارَ موسى عليه السَّلامُ قومَه سبعينَ رجُلًا لذلك -لا يأْلُو الخيرَ- خيارَ بني إسرائيلَ، ومَن لم يُشْرِكْ في العجلِ. فانطلَقَ بهم ليسأَلَ لهم التَّوبةَ، فرجَفَتْ بهم الأرضُ، فاستحيا نبيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من قومِه ووفْدِه حين فُعِلَ بهم ما فُعِلَ، فقال: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الأعراف: 155]، وفيهم مَن قد كان اللهُ عَزَّ وجَلَّ اطَّلَعَ على ما أُشْرِبَ قلبُه من حُبِّ العجلِ وإيمانِه به؛ فلذلك رجَفَت بهم الأرضُ. فقال: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 156] إلى: {فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 157]، فقال: رَبِّ سألْتُك التَّوبةَ لقومي، فقلْتَ: إنَّ رحمتي كتبْتُها لقومٍ غيرِ قومي، فليتَكَ أخَّرْتَني حين تُخْرِجُني حيًّا في أُمَّةِ ذلك الرَّجلِ المرحومةِ، فقال اللهُ له: إنَّ توبتَهم أنْ يقتُلَ كلُّ رجُلٍ منهم مَن لقِيَ مِن والدٍ أو ولدٍ، فيقتُلَه بالسَّيفِ لا يُبَالي مَن قتَلَ في ذلك الموطنِ، وتاب أولئك الَّذين كان خفِيَ على موسى وهارونَ عليهما السلام ما اطَّلَعُ اللهُ عليهم من ذُنوبِهم، فاعتَرَفوا بها، وفعَلوا ما أُمِروا، وغفَرَ اللهُ للقاتِلِ والمقتولِ. ثمَّ سار بهم مُوسى عليه السَّلامُ مُتوجِّهًا نحوَ الأرضِ المُقدَّسةِ، وأخَذَ الألواحَ بعدما سكَتَ عنه الغضبُ، وأمَرَهم بالَّذي أُمِرَ به أنْ يُبَلِّغَهم من الوظائفِ، فثقُلَ ذلك عليهم، وأبَوا أنْ يُقِرُّوا بها، فنتَقَ اللهُ عليهم الجبلَ كأنَّه ظُلَّةٌ، ودنا منهم حتَّى خافوا أنْ يقَعَ عليهم، فأخَذُوا الكتابَ بأيمانِهم وهم يَصْغُون ينظُرونَ إلى الجبلِ والأرضِ، والكتابُ بأيديهم وهم يَنظُرونَ إلى الجبلِ؛ مخافةَ أنْ يقَعَ عليهم، ثمَّ مَضَوا إلى الأرضِ المُقدَّسةِ، فوَجَدوا مدينةَ قومٍ جبَّارينَ خَلْقُهم مُنْكرٌ، وذكَرَ من ثِمارِهم أمرًا عجَبًا من عِظَمِها، فقالوا: يا موسى، إنَّ فيها قومًا جبَّارينَ لا طاقةَ لنا بهم، ولا ندخُلُها ما داموا فيها، فإنْ يَخْرجوا منها فإنَّا داخِلونَ، قال رجُلانِ من الَّذين يَخافونَ مِن الجبَّارينَ: آمنَّا بمُوسى عليه السَّلامُ، فخرَجَا إليه، فقالا: نحنُ أعلَمُ بقومِنا، إنْ كنتُمْ إنَّما تَخافونَ ما رأيتُمْ من أجسامِهم وعدَدِهم، فإنَّهم لا قُلوبَ لهم، ولا مَنعةَ عندهم، فادْخُلوا عليهم البابَ، فإذا دخلْتُموه فإنَّكم غالِبونَ. ويقولُ أناسٌ: إنَّهما من قومِ مُوسى عليه السَّلامُ. وزعَمَ سعيدُ بنُ جُبيرٍ أنَّهما من الجبَّارينَ آمَنَا بمُوسى، بقولِه: {مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ} [المائدة: 23]: إنَّما عَنى بذلك: مِن الَّذين يَخافونَ بني إسرائيلَ. {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، فأغْضَبوا مُوسَى عليه السَّلامُ، فدعا عليهم، وسمَّاهم فاسقينَ، ولم يدْعُ عليهم قبلَ ذلك؛ لِمَا رأى منهم من المعصيةِ وإساءتِهم حتَّى كان يومئذٍ، فاستجابَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ له، فسمَّاهم كما سمَّاهم مُوسى عليه السَّلامُ فاسقينَ، فحرَّمَها عليهم أربعينَ سَنةً يَتِيهون في الأرضِ؛ يُصْبِحون كلَّ يومٍ، فيَسِيرونَ ليس لهم قرارٌ، ثمَّ ظلَّلَ عليهم الغمامَ في التِّيهِ، وأنزَلَ عليهم المَنَّ والسَّلوى، وجعَلَ لهم ثيابًا لا تَبْلى، ولا تتَّسِخُ، وجعَلَ بين ظَهرِهم حَجرًا مُربَّعًا، وأمَرَ مُوسى عليه السَّلامُ فضرَبَه بعصاهُ، فانفجَرَ منه اثنتا عشْرةَ عينًا، في كلِّ ناحيةٍ ثلاثةُ أعينٍ، وأعلَمَ كلَّ سِبْطٍ عينَهم الَّتي يَشْربون منها، فلا يَرْتحِلونَ من مَنزلٍ إلَّا وجدوا ذلك الحجرَ منهم بالمكانِ الَّذي كان منه أمسِ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 6/234 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (11263)، وأبو يعلى (2618)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (66) بنحوه.

14 - كان أبو لُؤْلُؤةَ عبدًا لمُغيرةَ بنِ شُعْبةَ، وكان يَصنَعُ الرَّحَا، وكان المُغيرةُ بنُ شُعبةَ يَستغِلُّه كلَّ يومٍ أربعةَ دراهِمَ، فلَقِيَ أبو لُؤْلُؤةَ عُمَرَ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ المُغيرةَ قد أَثْقَلَ عليَّ غَلَّتي، فكَلِّمْهُ يُخَفِّفْ عنِّي، فقال له عُمَرُ: اتَّقِ اللهَ، وأَحسِنْ إلى مَولاكَ، وفي نِيَّةِ عُمَرَ أنْ يَلقَى المُغيرةَ فيُكَلِّمَه فيُخَفِّفَ عنه، فغَضِبَ العبدُ، وقال: وَسِعَ النَّاسَ كلَّهم عدْلُه غيري، فأَضمَرَ على قتْلِه، فاصطَنَع خِنجرًا له رأسانِ، وشَحَذَه وسَمَّهُ، ثمَّ أَتَى به الهُرْمُزانَ، فقال: كيف ترَى في هذا ؟ قال: أرَى أنَّك لا تَضرِبُ به أحدًا إلَّا قتلْتَه. قال: فتَحَيَّنَ أبو لُؤْلُؤةَ، فجاءَ في صلاةِ الغَداةِ، حتَّى قام وراءَ عُمَرَ، وكان عُمَرُ إذا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فتَكَلَّمَ يقولُ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُم كما كان يقولُ، فلمَّا كَبَّرَ وَجَأَهُ أبو لُؤْلُؤَةَ في كَتِفِه، ووَجَأَهُ في خاصِرَتِه، فسَقَطَ عُمَرُ، وطَعَنَ بخِنجَرِه ثلاثةَ عشرَ رَجُلًا، فهَلَكَ منهم سبعةٌ، وأَفرَقَ منهم سِتَّة، وحُمِلَ عُمَرُ فذُهِبَ به إلى منزلِه، وصاح النَّاسُ حتَّى كادَتِ الشَّمسُ تَطلُعُ، فنادَى عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ: يا أيُّها النَّاسُ، الصَّلاةَ الصَّلاةَ الصَّلاةَ، وفَزِعوا إلى الصَّلاةِ، فتَقَدَّمَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ فصَلَّى بهم بأَقصَرِ سُورتيْنِ مِنَ القُرْآنِ، فلمَّا قَضَى الصَّلاةَ تَوجَّهوا إلى عُمَرَ، فدعا بشَرابٍ لِيَنظُرَ ما قَدْرُ جُرْحِه، فأُتِيَ بنَبِيذٍ، فشَرِبَه، فخَرَج مِن جُرْحِه، فلم يُدْرَ أَنِبيذٌ هو أمْ دَمٌ، فدَعَا بلبنٍ فشَرِبَه فخَرَج مِن جُرْحِه فقالوا: لا بأسَ عليك يأميرَ المؤمنين. فقال: إنْ يَكُنِ القتلُ بأسًا فقد قُتِلْتُ. فجَعَلَ النَّاسُ يُثْنون عليه، يقولون: جزاكَ اللهُ خيرًا يا أميرَ المؤمنين، كنتَ وكنتَ، ثمَّ يَنصَرِفون، ويَجِيءُ قومٌ آخَرون فيُثْنُون عليه، فقال عُمَرُ: أمَا واللهِ على ما تقولون وَدِدْتُ أنِّي خَرَجْتُ منها كَفافًا لا عليَّ ولا لي، وأنَّ صُحبةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَلِمَتْ لي. فتَكَلَّمَ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ، فقال: لا واللهِ، لا تَخرُجُ منها كَفافًا، لقد صَحِبْتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فصَحِبْتَه خيرَ ما صَحِبَه صاحِبٌ، كنتَ له وكنتَ له وكنتَ له، حتَّى قُبِضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو عنك راضٍ، ثمَّ صَحِبْتَ خليفةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ وُلِّيتَها يا أميرَ المؤمنين أنت، فوُلِّيتَها بخيرِ ما وَلِيَها والٍ، كنتَ تَفعَلُ وكنتَ تَفعَلُ. فكان عُمَرُ يَستريحُ إلى حديث ابنِ عبَّاسٍ، فقال عُمَرُ: كَرِّرْ عليَّ حديثَكَ، فكَرَّرَ عليه، فقال عُمَرُ: أمَا واللهِ على ما تقولُ لو أنَّ لي طِلاعَ الأرضِ ذَهَبًا لافتَدَيْتُ به اليومَ مِن هَوْلِ المَطْلَعِ. قد جَعَلْتُها شُورَى في سِتَّةٍ: عثمانَ، وعليٍّ، وطَلْحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ، والزُّبَيرِ بنِ العَوَّامِ، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوْفٍ، وسعدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ. وجَعَلَ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ معهم مُشِيرًا، وليس هو منهم. وأَجَّلَهم ثلاثًا، وأَمَرَ صُهَيبًا أنْ يُصَلِّيَ بالنَّاس.
الراوي : أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 7/169 | خلاصة حكم المحدث : له شاهد

15 - مرِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فأُغمي عليه فأفاق ، فقال : حضَرَتِ الصلاةُ ؟ قُلنا : نعَم ، قال : مُروا بلالًا فلْيؤذِّنْ ، ومُروا أبا بكرٍ فلْيصَلِّ بالناسِ ثم أُغمِيَ عليه فأفاق فقال : أحضَرَتِ الصلاةُ ؟ قُلنا : نعَم ، قال : مُروا بلالًا فلْيؤذِّنْ ومُروا أبا بكرٍ فلْيصلِّ بالناسِ ثم أُغمي عليه ، فقالتْ عائشةُ : إنَّ أبي رجلٌ أسيفٌ - أو آسِفٌ - فلو أمَرتَ غيرَه قال : ثم أفاق فقال : هل أُقيمَتِ الصلاةُ ؟ قالوا : لا قال : فمُروا بلالًا فلْيَقُمْ ، ومُروا أبا بكرٍ فلْيصَلِّ بالناسِ فقالتْ عائشةُ : إنَّ أبي رجلٌ أسيفٌ فلو أمَرتَ غيرَه فقال : إنكُنَّ صواحِبُ يوسُفَ ، مُروا بلالًا فلْيؤذِّنْ ، ومُروا أبا بكرٍ فلْيصَلِّ بالناسِ فأقام بلال وتقدَّم أبو بكرٍ ، ثم إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفاق فقال : ابغو لي مَن أعتمِدُ عليه قال : فخرَج يعتمِدُ على بَريرةَ وأناسٍ أُخَرَ حتى جلَس إلى جنبِ أبي بكرٍ ، فأراد أن يتأخَّرَ ، فحبَسه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فصلَّى أبو بكرٍ بالناسِ ، فلما قُبِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، قال عُمرُ : لا أسمَعُ أحدًا يقولُ : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مات إلا ضرَبتُه بسَيفي قال سالمُ بنُ عبيدٍ : ثم أرسَلوني فقالوا : انطلِقْ إلى صاحبِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فادعُه قال : فأتيتُ أبا بكرٍ وهو في المسجدِ وقد أدهشتُ ، فقال لي أبو بكرٍ : لعلَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مات فقلتُ : إنَّ عُمرَ يقولُ : لا أسمَعُ أحدًا يقولُ : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مات إلا ضربتُه بسيفي قال : ثم قام أبو بكرٍ ، فأخَذ بساعِدي ، فجئتُ أنا وهو فقال : أوسِعوا لي فأوسَعوا له ، فانكبَّ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومسَّه ووضَع يدَيه - أو يدَه - وقال : إنَّكَ ميتٌ وإنهَّم ميتونَ فقالوا : يا صاحبَ رسولِ اللهِ أمات رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ فقال : نعَم ، فعلِموا أنه كما قال ، وكانوا أُمِيِّينَ لم يكُنْ فيهم نبيٌّ قبلَه قالوا : يا صاحبَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، أيصلَّى عليه ؟ قال : نعَم , قالوا : كيف يصلَّى عليه ؟ قال : يدخُلُ قومٌ فيكبِّرونَ ويصلُّونَ ويَدْعونَ ثم يَخرُجونَ ، ثم يدخُلُ غيرُهم حتى يَفرَغوا قالوا يا صاحبَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيُدفَنُ ؟ قال : نعَم قالوا : أين يُدفَنُ ؟ قال : في المكانِ الذي قُبِض فيه روحُه , فإنه لم تُقبَضْ روحُه إلا في مكانٍ طيبٍ , فعلِموا أنه كما قال ثم أمَرهم أن يغسلَه بنو أبيه قال : ثم خرَج فاجتَمَع المهاجرونَ يتشاوَرونَ فقالوا : إنَّ للأنصارِ في هذا الأمرِ نصيبًا قال : فأتوهم ، فقال قائلٌ منهم : منا أميرٌ ومنكم أميرٌ للمهاجرينَ فقام عُمرُ فقال لهم : مَن له ثلاثٌ مثلُ ما لأبي بكرٍ : ثاني اثنينِ إذ هما في الغارِ مَن هما ؟ إذ يقولُ لصاحبِه لا تَحزَنْ إنَّ اللهَ معنا مَن هما ؟ مَن كان اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، معَهما ، قال : ثم أخَذ بيدِ أبي بكرٍ فبايَعه وبايَع الناسُ ، وكانتْ بيعةً حسنةً جميلةً
الراوي : سالم بن عبيد | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 2/533 | خلاصة حكم المحدث : سنده صحيح | شرح حديث مشابه

16 - سمع عثمانُ بنُ عفانَ رضي اللهُ عنه أن وفدَ أهلِ مصرَ قد أقبَلوا فاستَقبَلهم وكان في قريةٍ خارجًا منَ المدينةِ , أو كما قال , فلما سمِعوا به أقبَلوا نحوَه إلى المكانِ الذي هو فيه قالوا: كرِه أن تقدَموا عليه المدينةَ , أو نحوَ ذلك , فأتَوه فقالوا له: ادعُ بالمصحفِ قال: فدَعا بالمصحفِ فقالوا له: افتَحْ السابعةَ , وكانوا يسمُّونَ سورةَ يونسَ: السابعةَ , فقرَأ حتى أتى على هذه الآيةِ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ فقالوا له: قِفْ أرأيتَ ما حُمِي مِن حمَى اللهِ اللهُ أذِن لكَ أم على اللهِ تَفتَري ؟ فقال: أمضِه نزَلَتْ في كذا وكذا وأما الحِمى: فإنَّ عُمرَ حَمى الحِمى قبلي لإبلِ الصدقةِ فلما وُلِّيتُ حمَيتُ لإبلِ الصدقةِ أمضِه فجعَلوا يأخُذونَه بالآيةِ فيقولُ: أمضِه نزلَتْ في كذا وكذا قال: وكان الذي يلي كلامَ عثمانَ في سِنكَ , قال: يقولُ أبو نضرةَ يقولُ ذلك لي أبو سعيدٍ قال أبو نضرةَ وأنا في سِنكَ قال أبي: ولم يخرجْ وجهي يومئذٍ لا أدري لعلَّه قال مرةً أخرى: وأنا يومئذٍ ابنُ ثلاثينَ سنةً قال: ثم أخَذوه بأشياءَ لم يكُنْ عندَه منها مخرجٌ فعرَفها فقال: أستَغفِرُ اللهَ وأتوبُ إليه ثم قال لهم: ما تُريدونَ ؟ قالوا: فأخَذوا ميثاقَه وكتَب عليهم شرطُا ثم أخَذ عليهِم أن لا يَشُقُّوا عصًا ولا يُفارِقوا جماعةً ما قام لهم بشرطِهم , أو كما أخَذوا عليه , فقال لهم: ما تُريدونَ ؟ قالوا: نريدُ أن لا يأخُذَ أهلُ المدينةِ عطاءً فإنما هذا المالُ لمن قاتَل عليه ولهذه الشيوخِ مِن أصحابِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرَضوا وأقبَلوا معه إلى المدينةِ راضينَ قال: فقام فخطَبَهم فقال: إني واللهِ ما رأيتُ وفدًا في الأرضِ هو خيرٌ مِن هذا الوفدِ الذين مِن أهلِ مصرَ ألا مَن كان له زرعٌ فلْيَلحَقْ بزرعِه ومَن كان له ضرعٌ فيحتلبْ ألا إنه لا مالَ لكم عندَنا إنما هذا المالُ لمن قاتَل عليه ولهذه الشيوخِ مِن أصحابِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: فغضِب الناسُ وقالوا: هذا مكرُ بني أميةَ ثم رجَع الوفدُ المصريُّونَ راضينَ فبينما هم في الطريقِ إذا هُم براكبٍ يتعرَّضُ لهم ويفارِقُهم ثم يرجِعُ إليهِم ثم يُفارِقُهم ويسبُّهم قالوا له: مالَكَ إنَّ لكَ لأمرًا ما شأنُكَ ؟! فقال: أنا رسولُ أميرِ المؤمنينَ إلى عاملِه بمصرَ ففتَّشوه فإذا هُم بالكتابِ معه على لسانِ عثمانَ عليه خاتَمُه إلى عاملِه بمصرَ أن يَصلِبَهم أو يَقتُلَهم أو يقطعَ أيديَهم وأرجلَهم مِن خلافٍ فأقبَلوا حتى قدِموا المدينةَ فأتَوا عليًّا فقالوا: ألم تَر إلى عدوِّ اللهِ يكتبُ فينا كذا وكذا وإنَّ اللهَ , تعالى , قد أحَلَّ دمَه قُمْ معنا إليه قال: واللهِ لا أقومُ معكم إليه قالوا: فلِمَ كتَبتَ إلينا ؟ قال: واللهِ ما كتَبتُ إليكم كتابًا قَطُّ قال: فنظَر بعضُهم إلى بعضٍ فقالوا: لهذا تقاتِلونَ أم لهذا تَغضَبونَ ؟ فانطَلَق عليٌّ يخرجُ منَ المدينةِ إلى قريةٍ فانطَلَقوا حتى دخَلوا على عثمانَ فقالوا له: كتبتَ فينا كذا وكذا وإنَّ اللهَ قد أحَلَّ دمَكَ فقال: إنهما اثنانِ: أن تُقيموا عليَّ رجلينِ منَ المسلمينَ أو يمينٌ باللهِ الذي لا إلهَ إلا هو ما كتبتُ ولا أملَيتُ ولا علِمتُ وقد تَعلَمونَ أنَّ الكتابَ يُكتَبُ على لسانِ الرجلِ وقد يُنقَشُ الخاتَمُ على الخاتَمِ , قالوا: فواللهِ لقد أحلَّ اللهُ دمَكَ بنقضِ العهدِ والميثاقِ , قال: فحاصَروه فأشرَف عليهِم وهو محصورٌ ذاتَ يومٍ فقال: السلامُ عليكم , قال أبو سعيدٍ: فواللهِ ما أسمَعُ أحدًا منَ الناسِ ردَّ عليه السلامَ إلا أن يرُدَّ الرجلُ في نفسِه , فقال: أنشُدُكم باللهِ الذي لا إله إلا هو هل علِمتُم ؟ قال: فذكَر أشياءَ في شأنِه وذكَر أيضًا أرى كتابتَه المفصلَ ففشى النهيُ فجعَل يقولُ الناسُ: مهلًا عن أميرِ المؤمنينَ ففَشى النهيُ فقام الأشترُ , فلا أدري أيومئذٍ أم يومَ آخر , قال: فلعله قد مُكِر به وبكم قال: فوطِئَه الناسُ حتى لقي كذا وكذا ثم إنه أشرَف عليهم مرةً أخرى فوعَظَهم وذكَّرهم فلم تأخُذْ فيهم الموعظةُ وكان الناسُ تأخُذُ فيهم الموعظةُ أولَ ما يَسمَعونَها فإذا أُعيدَتْ عليهِم لم تأخُذْ فيهم قال: ثم إنه فتَح البابَ ووضَع المصحفَ بين يدَيه وذاك أنه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال له: يا عثمانُ أفطِرْ عندَنا الليلةَ , قال أبي: فحدَّثني الحسنُ أن محمدَ بنَ أبي بكرٍ دخَل عليه فأخَذ بلحيتِه فقال: لقد أخذتَ مني مأخذًا , أو قعدتَ مني مقعدًا- ما كان أبوكَ ليقعُدَه , أو قال: ليأخُذَه- فخرَج وترَكه ودخَل عليه رجلٌ يقالُ له: الموتُ الأسوَدُ فخنَقَه ثم خنَقَه ثم خرَج فقال: واللهِ لقد خنَقتُه فما رأيتُ شيئًا قطُّ ألينَ مِن حلقِه حتى رأيتُ نفسَه ترددُّ في جسدِه كنفسِ الجانِّ , قال: فخرَج وترَكه , وقال في حديثِ أبي سعيدٍ: دخَل عليه رجلٌ فقال: بيني وبينَكَ كتابُ اللهِ فخرَج وترَكه ثم دخَل عليه آخرُ فقال: بيني وبينك كتابُ اللهِ , تعالى , والمصحفُ بين يدَيه فأهوى بالسيفِ فاتَّقاه عثمانُ بيدِه فقَطَعها فما أدري أبانَها أم قطَعَها ولم يُبِنْها قال عثمانُ: أما واللهِ إنَّها أولُ كفٍّ خطَّتِ المُفَصَّلَ قال ؟ وقال في غيرِ حديثِ أبي سعيدٍ: فدخَل عليه التجيبيُّ فأشعَر مشقصًا , فانتَضَح الدمُ على هذه الآيةِ: فسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وهُوَ السميعُ العليمُ قال: فإنَّها في المصحفِ ما حُكَّتْ بعدُ قال: فأخَذَتْ بنتُ الفرافصةِ حُلِيَّها في حديثِ أبي سعيدٍ فوضَعَتْه في حجرِها وذلك قبلَ أن يُقتَلَ فلما أشعرَ أو قُتِل تفاجتْ عليه فقال بعضُهم: قاتَلها اللهُ ما أعظمَ عجيزتَها قال أبو سعيدٍ فعلِمتُ أنَّ أعداءَ اللهِ لم يُريدوا إلا الدنيا
الراوي : أبو سعيد مولى أبي سعيد الأنصاري | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 8/7 | خلاصة حكم المحدث : رواته ثقات
التخريج : أخرجه إسحق بن راهويه كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) للبوصيري (8/7) واللفظ له، وعبدالله بن أحمد في ((زوائد فضائل الصحابة)) (765)، وابن حبان (6919) من حديث أبي سعيد مولى أبي أسيد

17 - أتى جِبريلُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا محمَّدُ، إنَّ اللهَ يُحِبُّ مِن أصحابِك ثلاثةً، فأَحِبَّهم: عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وأبو ذَرٍّ، والمِقدادُ بنُ الأسودِ. قال: فأتاهُ جبريلُ: فقال: يا محمَّدُ، إنَّ الجنَّةَ لَتَشتاقُ إلى ثلاثةٍ مِن أصحابِك، وعندَهُ أنسُ بنُ مالكٍ، فرَجَا أنْ يكونَ لبعضِ الأنصارِ، قال: فأراد أنْ يسأَلَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنهم، فهابَهُ، فخرَجَ فلَقِيَ أبا بكرٍ، فقال: يا أبا بكرٍ، إنِّي كنْتُ عندَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ آنِفًا، فأتاهُ جبريلُ، فقال: إنَّ الجنَّةَ لَتَشتاقُ إلى ثلاثةٍ مِن أصحابِك، فرجَوْتُ أنْ يكونَ لبعضِ الأنصارِ، فهِبْتُ أنْ أسأَلَهُ؛ فهلْ لك أنْ تَدخُلَ على نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتسأَلَهُ؟ فقال: إنِّي أخافُ أنْ أسألَهُ، فلا أكونُ منهم، ويَشمَتُ بي قَومي، ثمَّ لَقِيَ عُمرَ بنَ الخطَّابِ، فقال له مِثْلَ قولِ أبي بكرٍ، فلَقِيَ عَلِيًّا، فقال له عليٌّ: نعمْ، إنْ كنْتُ منهم فأحمَدُ اللهَ، وإنْ لم أكُنْ منهم حَمِدْتُ اللهَ، فدخَلَ على نَبِيِّ اللهِ، فقال: إنَّ أنسًا حَدَّثني أنَّه كان عندَك آنِفًا، وإنَّ جِبريلَ أتاكَ، فقال: يا محمَّدُ، إنَّ الجنَّةَ لَتَشتاقُ إلى ثلاثةٍ مِن أصحابِك، قال: فمَن همْ يا نَبِيَّ اللهِ؟ قال: أنت منهم يا عليُّ، وعمَّارُ بنُ ياسرٍ، وسيَشهَدُ معك مَشاهِدَ، بَيِّنٌ فَضْلُها، عَظيمٌ خَيرُها، وسَلْمانُ، وهو مِنَّا أهْلَ البيتِ، وهو ناصِحٌ، فاتَّخِذْه لِنَفْسِك.
الراوي : الحسين بن علي بن أبي طالب | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 7/199 | خلاصة حكم المحدث : سنده ضعيف | أحاديث مشابهة
التخريج : أخرجه أبو يعلى (6772)

18 - بَيْنما نحن جُلوسٌ عندَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذ أتاهُ رجُلٌ مِن بني عامرٍ، وهو سيِّدُ قَومِه وكبيرُهم مِدْرَهُهُمْ، يَتوكَّأُ على عصًا، فقام بيْن يَدَيِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: ونسَبَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى جَدِّه، فقال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، إنِّي نُبِّئْتُ أنَّك تَزعُمُ أنَّك رسولُ اللهِ إلى النَّاسِ، أرسلَكَ بما أرسَلَ إبراهيمَ ومُوسى وعيسى وغيرَهم مِن الأنبياءِ، ألَا وإنَّك نَبَوتَ بعظيمٍ، إنَّما كان الأنبياءُ والمُلوكُ في بَيتينِ مِن بني إسرائيلَ: بَيتِ نُبوَّةٍ، وبَيتِ مُلْكٍ، ولا أنت مِن هؤلاء ولا مِن هؤلاءِ، إنَّما أنت مِن العرَبِ ممَّن يَعبُدُ الحِجارةَ والأوثانَ، فما لك والنُّبوَّةَ؟! ولكنْ لكلِّ أمْرٍ حَقيقةٌ، فأْتِني بحقيقةِ قَولِك وبَدْءِ شأْنِك، قال: فأعجَبَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَسألَتُه، ثمَّ قال: يا أخَا بَني عامرٍ، إنَّ للحديثِ الَّذي تَسأَلُ عنه نبَأً ومَجلِسًا، فاجلِسْ، فثَنَى رِجْلَه وبرَكَ كما يَبرُكُ البعيرُ، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أخَا بَني عامرٍ، إنَّ حَقيقةَ قَولي وبُدُوَّ شَأْني دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشْرى أخي عيسى ابنِ مريمَ، وإنِّي كنْتُ بِكْرًا لأُمِّي، وإنَّها حمَلَتْني كأثقَلِ ما تَحمِلُ النِّساءُ حتَّى جعَلَتْ تَشْتكي إلى صَواحبِها ثِقَلَ ما تَجِدُ، وإنَّ أُمِّي رأَتْ في المنامِ أنَّ الَّذي في بَطْنِها نُورٌ، قالت: فجعَلْتُ أتْبَعُ بَصري النُّورَ، فجعَلَ النُّورُ يَسبِقُ بَصَري حتَّى أضاء لي مشارِقَ الأرضِ ومَغارِبَها، ثمَّ إنَّها ولَدَتْني، فلمَّا نشَأْتُ بُغِّضَت إليَّ الأوثانُ، وبُغِّضَ إليَّ الشِّعرُ، واسْتُرْضِعَ لي في بَني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ، فبَينما أنا ذاتَ يومٍ في بَطْنِ وادٍ مع أتْرابٍ لي مِن الصِّبيانِ إذا أنا برَهْطٍ ثلاثٍ، معهم طِسْتٌ مِن ذهَبٍ ملآنَ نُورًا وثَلْجًا، فأخَذوني مِن بيْن أصحابي، وانطلَقَ أصحابي هرَبًا، حتَّى إذا انتَهَوا إلى شَفيرِ الوادي، أقْبَلوا على الرَّهطِ، فقالوا: ما لكمْ ولهذا الغُلامِ؟ إنَّه غُلامٌ ليس مِنَّا، وهو مِن بني سيِّدِ قُريشٍ، وهو مُسْتَرْضعٌ فِينا، غُلامٌ يَتيمٌ، ليس له أبٌ، فماذا يَرُدُّ عليكمْ قَتْلُه؟ ولكنْ إنْ كنتُمْ لا بُدَّ فاعلينَ، فاخْتاروا مِنَّا أيَّنا شِئْتُم، فلْنَأْتِكُم، فاقْتُلونا مكانَه، ودَعُوا هذا الغُلامَ، فلم يُجِيبوهم، فلمَّا رأى الصِّبيانُ أنَّ القومَ لا يُجيبونَهم، انطلَقُوا هرَبًا مُسرعينَ إلى الحيِّ يُؤذِنُوهم لهم ويَسْتصرِخوهم على القومِ، فعَمِدَ إليَّ أحدُهم، فأضْجَعني إلى الأرضِ إضجاعًا لَطيفًا، ثمَّ شَقَّ ما بيْن صَدْري إلى مُنتهى عانَتي، وأنا أنظُرُ لم أجِدْ لذلك مَسًّا، ثمَّ أخرَجَ أحشاءَ بَطْني فغسَلَهُ بذلك الثَّلجِ، فأنهى غَسْلَه، ثمَّ أعادهَا في مكانِها، ثمَّ قام الثَّاني، فقال لصاحبِه: تنَحَّ، ثمَّ أدخَلَ يَدَهُ في جَوفي، فأخرَجَ قَلْبي وأنا أنظُرُ، فصَدَعَهُ، فأخرَجَ منه مُضغةً سَوداءَ رَمى بها، ثمَّ قال بيَدِه يُمنةً مِنْه كأنَّه يَتناوَلُ شيئًا، ثمَّ إذا بالخاتمِ في يَدِه مِن نُورِ النُّبوَّةِ والحِكمةِ، تُخطَفُ أبصارُ النَّاظرينَ دونَه، فختَمَ قَلْبي، فامتلَأَ نُورًا وحِكمةً، ثمَّ أعادَهُ مكانَه، فوجَدْتُ بَرْدَ ذلك الخاتمِ في قَلْبي دَهْرًا، ثمَّ قام الثَّالثُ، فتَنحَّى صاحبُهُ، فأمَرَّ يَدَهُ بيْن ثَدْيِي ومُنْتهى عانَتِي، فالْتأَمَ ذلك الشَّقُّ بإذنِ اللهِ، ثمَّ أخَذَ بِيَدي، فأنْهَضني مِن مكاني إنْهاضًا لطيفًا، ثمَّ قال الأوَّلُ الَّذي شَقَّ بَطْني: زِنُوهُ بعشَرةٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، ثمَّ قال: زِنُوهُ بمئةٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، ثمَّ قال: زِنُوهُ بألْفٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، قال: دَعُوه؛ فلوْ وَزنْتُموه بأُمَّتِه جميعًا لَرجَحَ بهم، ثمَّ قاموا إليَّ فضَمُّوني إلى صُدورِهم، وقبَّلوا رأْسي وما بيْن عَينيَّ، ثمَّ قالوا: يا حبيبُ، لَمْ تُرَعْ، إنَّك لو تَدْري ما يُرادُ بك مِن الخيرِ، لَقُرَّتْ عينُك، قال: فبيْنما نحنُ كذلك، إذ أقبَلَ الحيُّ بحَذافيرِهم، وإذا ظِئْري أمامَ الحيِّ تَهتِفُ بأعلى صَوتِها وهي تقولُ: يا ضَعيفاهُ، قال: فأكَبُّوا عليَّ يُقبِّلوني، ويقولون: يا حبَّذا أنت مِن ضَعيفٍ، ثمَّ قالت: يا وحيداهُ، قال: فأكَبُّوا عليَّ وَضمُّوني إلى صُدورِهم، وقالوا: يا حبَّذا أنت مِن وحيدٍ، ما أنت بوحيدٍ؛ إنَّ اللهَ معك وملائكتَه والمُؤمِنينَ مِن أهْلِ الأرضِ، ثمَّ قالت: يا يَتيماهُ، اسْتُضْعِفْتَ مِن بيْن أصحابِك، فقُتِلْتَ لِضَعْفِك، فأكَبُّوا عليَّ وَضمُّوني إلى صُدورِهم وقَبَّلوا رأْسي، وقالوا: يا حبَّذا أنت مِن يتيمٍ، ما أكرَمَك على اللهِ! لو تَعلَمُ ماذا يُرادُ بك مِن الخيرِ، قال: فوَصَلوا إلى شَفيرِ الوادي، فلمَّا بَصُرَتْ بي ظِئْري، قالت: يا بُنَيَّ، ألَا أراك حيًّا بعْدُ، فجاءت حتَّى أكبَّتْ عليَّ، فضَمَّتني إلى صَدْرِها، فوالَّذي نَفْسي بيَدِهِ، إنِّي لَفِي حِجْرِها قد ضَمَّتني إليها، وإنَّ يَدِي لفي يَدِ بعْضِهم، وظنَنْتُ أنَّ القومَ يُبْصِرُونهم، فإذا هم لا يُبصِرُونهم، فجاء بعْضُ الحيِّ، فقال: هذا الغلامُ أصابَهُ لَمَمٌ، أو طائفٌ مِن الجِنِّ، فانْطَلِقوا به إلى الكاهِنِ يَنظُرُ إليه ويُداويهِ، فقلْتُ له: ما هذا؟! ليس بي شَيءٌ ممَّا تَذكرونَ، أرى نَفْسي سَليمةً، وفُؤادي صحيحًا، وليس بي قَلَبةٌ، فقال أبي -وهو زَوجُ ظِئْري-: ألَا تَرونَ ابْني كلامُه كلامٌ صحيحٌ، إنِّي لَأرْجو ألَّا يكونَ بابْنِي بأْسٌ، فاتَّفَقَ القومُ على أنْ يَذْهبوا بي إلى الكاهنِ، فاحْتَملوني حتَّى ذَهَبوا بي إليه، فقَصُّوا عليه قِصَّتي، فقال: اسْكُتوا حتَّى أسمَعَ مِن الغُلامِ؛ فإنَّه أعلَمُ بأمْرِه، فقصَصْتُ عليه أمْري مِن أوَّلِه إلى آخرِهِ، فلمَّا سمِعَ مَقالَتي، ضَمَّني إلى صَدْرِه، ونادى بأعْلى صَوتِه: يا لَلعربِ، اقْتُلوا هذا الغُلامَ واقْتُلوني معه؛ فوَاللَّاتِ والعُزَّى: لئِنْ تَركتُموه، لَيُبدِّلَنَّ دِينَكم، ولَيُسفِّهَنَّ أحلامَكم وأحلامَ آبائِكم، ولَيُخالِفَنَّ أمْرَكم، ولَيأتِيَنَّ بدِينٍ لم تَسْمَعوا بمثْلِه، قال: فانْتَزَعني ظِئْري مِن يَدِه، قال: لَأنتَ أعتَهُ مِنْه وأجَنُّ، ولو علِمْتُ أنَّ هذا يكونُ مِن قولِك، ما أتيتُكَ به، ثمَّ احْتَملوني، ورَدُّوني إلى أهْلي، فأصبَحْتُ مَغمومًا ممَّا فُعِلَ بي، وأصبَحَ أثَرُ الشَّقِّ ما بيْن صَدْري إلى مُنْتهى عانَتِي كأنَّه شِراكٌ، فذلك حقيقةُ قولي وبُدُوُّ شَأْني، فقال العامريُّ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ أمْرَك حَقٌّ، فأَنْبِئني بأشياءَ أسألُكَ عنها، قال: سَلْ عنك -وكان يقولُ للسَّائلينَ قبْلَ ذلك: سَلْ عمَّا بدَا لك، فقال يومئذٍ للعامريِّ: سَلْ عنك؛ فإنَّها لُغةُ بني عامرٍ، فكلَّمَه بمَا يَعرِفُ-، فقال العامريُّ: أخْبِرْني يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ: ماذا يَزيدُ في الشَّرِّ؟ قال: التَّمادي، قال: فهلْ يَنفَعُ البِرُّ بعْدَ الفُجورِ؟ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ؛ التَّوبةُ تَغسِلُ الحَوبةَ، وإنَّ الحَسناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، وإذا ذكَرَ العبْدُ ربَّهُ في الرَّخاءِ أعانَهُ عندَ البلاءِ، قال العامريُّ: كيف ذلك يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ذلك بأنَّ اللهَ يقولُ: لا أجمَعُ لِعَبْدي أمْنَينِ، ولا أجمَعُ له خَوفينِ؛ إنْ هو أمِنَني في الدُّنيا أخَفْتُه يومَ أجمَعُ عِبادي في حَظيرةِ القُدسِ، فيَدومُ له أمْنُه، ولا أمْحَقُه فيمَن أمحَقُ، فقال العامريُّ: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، إلى ما تَدْعو؟ قال: إلى عِبادةِ اللهِ وحْدَه لا شريكَ له، وأنْ تخلَعَ الأندادَ وتَكفُرَ باللَّاتِ والعُزَّى، وتُقِرَّ بما جاء مِن اللهِ مِن كتابٍ ورسولٍ، وتُصلِّيَ الصَّلواتِ الخمسَ بحَقائقِهنَّ، وتصومَ شَهْرًا مِن السَّنةِ، وتُؤدِّيَ زكاةَ مالِكَ، فيُطهِّرَك اللهُ به، ويَطِيبَ لك مالُكَ، وتُقِرَّ بالبعثِ بعْدَ الموتِ، وبالجنَّةِ والنَّارِ، قال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، فإنْ أنا فعَلْتُ هذا، فما لي؟ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: جنَّاتُ عَدْنٍ تَجْري مِن تَحتِها الأنهارُ خالدينَ فيها أبدًا، وذلك جَزاءُ مَن تَزكَّى، قال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، هلْ مع هذا مِن الدُّنيا شَيءٌ؛ فإنَّه يُعجِبُنا الوطَأةُ في العيشِ؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ؛ النَّصرُ والتَّمكينُ في البلادِ. قال: فأجاب العامريَّ وأنابَ.
الراوي : شداد بن أوس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 7/16 | خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف | أحاديث مشابهة

19 - شَهِدْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ - رضِي اللهُ عنه - غَداةَ طُعِنَ، فكنتُ في الصَّفِّ الثاني، وما يَمنَعُني أنْ أَكُونَ في الصَّفِّ الأوَّلِ إلَّا هَيْبَتُه، كان يَستَقْبِلُ الصَّفَّ إذا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فإنْ رأى إنسانًا مُتقدِّمًا أو مُتأخِّرًا أصابَه بالدِّرَّةِ، فذلك الَّذي مَنَعَني أنْ أَكُونَ في الصَّفِّ الأَوَّلِ، فكنتُ في الصَّفِّ الثاني، فجاءَ عُمَرُ يُريدُ الصَّلاةَ، فعَرَضَ له أبو لُؤْلُؤَةَ غلامُ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ، فناجاهُ عُمَرُ غيرَ بعيدٍ ثمَّ تَرَكَه، ثمَّ ناجاهُ ثمَّ تَرَكَه، ثمَّ ناجاهُ ثمَّ تَرَكَه ثمَّ طَعَنَه. قال: رأيتُ عُمَرَ قائلًا بيدِه هكذا، يقولُ: دُونَكُمُ الكلبَ قد قَتَلَني . وماجَ النَّاسُ. قال: فجَرَحَ ثلاثةَ عشرَ رجُلًا، فماتَ منهم سِتَّةٌ , أو سبعةٌ , وماجَ النَّاسُ بعضُهم في بعضٍ، فشَدَّ عليه رَجُلٌ مِن خلْفِه فاحتَضَنَه. قال قائلٌ: الصَّلاةَ عبادَ اللهِ، قد طلَعَتِ الشَّمسُ، فتدافَعَ النَّاسُ، فدفَعوا عبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوْفٍ فصَلَّى بهم بأَقصَرِ سورتيْنِ في القُرْآنِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ} ، و: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}. واحتُمِلَ، فدَخَلَ عليه النَّاسُ، قال: يا عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ، اخرُجْ فنادِ في النَّاسِ: عن مَلأٍ منكم كان هذا ؟ قالوا: مَعاذَ اللهِ، ولا عَلِمْنا ولا اطَّلَعْنا، قال: ادْعُوا ليَ الطَّبِيبَ، فدُعِيَ، فقال: أيُّ الشَّرابِ أَحَبُّ إليكَ ؟ قال: النَّبِيذُ، قال: فشَرِبَ نَبِيذًا، فخَرَج مِن بعضِ طَعَناتِه، فقال النَّاسُ: هذا صَدِيدٌ، فقال: اسْقُوه لَبَنًا، فشَرِبَ لَبَنًا فخَرَج مِن بعضِ طَعَناتِه، قال: ما أرَى أنْ يَمشي، فما كنتَ فاعِلًا فافعَلْ. فقال: يا عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، ناوِلْني الكَتِفَ، فلو أراد اللهُ أن يُمضِيَ ما فيها أَمضاهُ. قال عبدُ اللهِ: أنا أَكفِيكَ مَحْوَها، فقال: لا واللهِ لا يَمحُوها أحدٌ غيري. قال: فمَحاها عُمَرُ بيدِه. قال: وكان فيها فريضةُ الجَدِّ. قال: ادْعُوا لي عليًّا وعثمانَ وطَلْحةَ والزُّبَيرَ وعبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوْفٍ وسعدًا. قال: فدُعُوا، قال: فلم يُكَلِّمْ أحدًا مِنَ القومِ إلَّا عليًّا وعثمانَ، فقال: يا عليُّ، هؤلاء القومُ لعلَّهم أنْ يَعرِفوا لك قَرابَتَكَ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما أَعطاكَ اللهُ مِنَ الفِقهِ والعِلمِ، فإنْ ولَّوْكَ هذا الأمرَ فاتَّقِ اللهَ فيه، ثمَّ قال: يا عثمانُ، إنْ هؤلاء القومَ لعلَّهم أنْ يَعرِفُوا لك صِهْرَكَ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وشَرَفَك، فإنْ ولَّوْكَ هذا الأمرَ فاتَّقِ اللهِ، ولا تَحمِلَنَّ بَنِي أَبي مُعَيْطٍ على رِقابِ النَّاسِ. يا صُهَيبُ، صَلِّ بالنَّاس ثلاثًا، وأَدخِلَ هؤلاء في بيتٍ، فإذا اجتَمَعوا على رَجُلٍ فمَن خالَفَهم فليَضرِبُوا رأسَه . قال: فلمَّا خَرَجوا، قال: إنْ وَلَّوُا الأَجْلَحَ سلَكَ بهمُ الطَّريقَ. قال: فقال عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: ما يَمنَعُكَ ؟ قال: أَكرَهُ أنْ أَحمِلَها حيًّا وميِّتًا.
الراوي : عمرو بن ميمون | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم : 5/ 15 | خلاصة حكم المحدث : له شاهد | أحاديث مشابهة