الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِن طَعامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيالٍ تِباعًا ، حتَّى قُبِضَ.

2 - ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِن طَعَامِ بُرٍّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا ، حتَّى قُبِضَ.

3 - اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا المَدِينَةَ كما حَبَّبْتَ إلَيْنا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وانْقُلْ حُمَّاها إلى الجُحْفَةِ ، اللَّهُمَّ بارِكْ لنا في مُدِّنا وصاعِنا.

4 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُهْدِي مِنَ المَدِينَةِ، فأفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لا يَجْتَنِبُ شيئًا ممَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ.

5 - لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أبو بَكْرٍ وبِلَالٌ، فَكانَ أبو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحُمَّى يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ وكانَ بلَالٌ إذَا أُقْلِعَ عنْه الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يقولُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ... وهلْ يَبْدُوَنْ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ قالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيبةَ بنَ رَبِيعَةَ، وعُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ كما أخْرَجُونَا مِن أرْضِنَا إلى أرْضِ الوَبَاءِ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا، وصَحِّحْهَا لَنَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ . قالَتْ: وقَدِمْنَا المَدِينَةَ وهي أوْبَأُ أرْضِ اللَّهِ، قالَتْ: فَكانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا. تَعْنِي مَاءً آجِنًا.

6 - كانَ يَوْمُ بُعاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لِرَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، وقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وقُتِلَتْ سَراتُهُمْ، في دُخُولِهِمْ في الإسْلامِ.

7 - كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ، في الجَاهِلِيَّةِ وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كانَ مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ لا يَصُومُهُ.

8 - كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَومَ عَاشُورَاءَ، فمَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ.

9 - لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أبو بَكْرٍ، وبِلالٌ، قالَتْ: فَدَخَلْتُ عليهما، فَقُلتُ: يا أبَتِ كيفَ تَجِدُكَ؟ ويا بلالُ كيفَ تَجِدُكَ؟ قالَتْ: فَكانَ أبو بَكْرٍ إذا أخَذَتْهُ الحُمَّى يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِراكِ نَعْلِهِ وَكانَ بلالٌ إذا أقْلَعَ عنْه الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ ويقولُ: أَلا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِياهَ مَجَنَّةٍ... وهلْ يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيلُ قالَتْ عائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرْتُهُ فقالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا المَدِينَةَ كَحُبِّنا مَكَّةَ، أوْ أشَدَّ وصَحِّحْها وبارِكْ لنا في صاعِها ومُدِّها، وانْقُلْ حُمَّاها فاجْعَلْها بالجُحْفَةِ.

10 - لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أبو بَكْرٍ وبِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عليهمَا، قُلتُ: يا أبَتِ كيفَ تَجِدُكَ؟ ويَا بلَالُ كيفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وكانَ أبو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحُمَّى، يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكانَ بلَالٌ إذَا أقْلَعَتْ عنْه يقولُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ... وهلْ تَبْدُوَنْ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، اللَّهُمَّ وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في مُدِّهَا وصَاعِهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ.

11 -  كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كانَ رَمَضَانُ الفَرِيضَةَ، وتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكانَ مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ.

12 - كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَهِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، قالَ: لَيْتَ رَجُلًا مِن أصْحَابِي صَالِحًا يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ، إذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلَاحٍ، فَقالَ: مَن هذا؟، فَقالَ: أنَا سَعْدُ بنُ أبِي وقَّاصٍ جِئْتُ لأحْرُسَكَ، ونَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

13 - أَعْتَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في العِشَاءِ حتَّى نَادَاهُ عُمَرُ: قدْ نَامَ النِّسَاءُ والصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: إنَّه ليسَ أحَدٌ مِن أهْلِ الأرْضِ يُصَلِّي هذِه الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ، ولَمْ يَكُنْ أحَدٌ يَومَئذٍ يُصَلِّي غيرَ أهْلِ المَدِينَةِ.

14 - دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِن عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ، فَقَالَتَا لِي: إنَّ أهْلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ، فَكَذَّبْتُهُمَا، ولَمْ أُنْعِمْ أنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا، ودَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ له: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ عَجُوزَيْنِ، وذَكَرْتُ له، فَقَالَ: صَدَقَتَا، إنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ كُلُّهَا فَما رَأَيْتُهُ بَعْدُ في صَلَاةٍ إلَّا تَعَوَّذَ مِن عَذَابِ القَبْرِ.

15 -  خَرَجْنَا ومعنَا غَالِبُ بنُ أبْجَرَ، فَمَرِضَ في الطَّرِيقِ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ وهو مَرِيضٌ، فَعَادَهُ ابنُ أبِي عَتِيقٍ، فَقَالَ لَنَا: علَيْكُم بهذِه الحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ، فَخُذُوا منها خَمْسًا أوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا، ثُمَّ اقْطُرُوهَا في أنْفِهِ بقَطَرَاتِ زَيْتٍ، في هذا الجَانِبِ وفي هذا الجَانِبِ؛ فإنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي: أنَّهَا سَمِعَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: إنَّ هذِه الحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِن كُلِّ دَاءٍ، إلَّا مِنَ السَّامِ. قُلتُ: وما السَّامُ؟ قَالَ: المَوْتُ.

16 - سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لي بالبَيْدَاءِ ونَحْنُ دَاخِلُونَ المَدِينَةَ، فأنَاخَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ونَزَلَ فَثَنَى رَأْسَهُ في حَجْرِي رَاقِدًا، أقْبَلَ أبو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً، وقالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ في قِلَادَةٍ فَبِي المَوْتُ، لِمَكَانِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدْ أوْجَعَنِي، ثُمَّ إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَيْقَظَ وحَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتُمِسَ المَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ فَنَزَلَتْ: {يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلى الصَّلَاةِ} الآيَةَ، فَقالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: لقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يا آلَ أبِي بَكْرٍ، ما أنتُمْ إلَّا بَرَكَةٌ لهمْ.

17 - لَقَلَّ يَوْمٌ كانَ يَأْتي علَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إلَّا يَأْتي فيه بَيْتَ أبِي بَكْرٍ أحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ، فَلَمَّا أُذِنَ له في الخُرُوجِ إلى المَدِينَةِ، لَمْ يَرُعْنَا إلَّا وقدْ أتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ به أبو بَكْرٍ، فَقالَ: ما جَاءَنَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذِه السَّاعَةِ إلَّا لأمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عليه قالَ لأبِي بَكْرٍ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ، قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّما هُما ابْنَتَايَ -يَعْنِي عَائِشَةَ وأَسْمَاءَ- قالَ: أشَعَرْتَ أنَّه قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ؟ قالَ: الصُّحْبَةَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الصُّحْبَةَ، قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ عِندِي نَاقَتَيْنِ أعْدَدْتُهُما لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إحْدَاهُمَا، قالَ: قدْ أخَذْتُهَا بالثَّمَنِ.

18 -  تَزَوَّجَنِي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا بنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَنَزَلْنَا في بَنِي الحَارِثِ بنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي، فَوَفَى جُمَيْمَةً ، فأتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وإنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، ومَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بي، فأتَيْتُهَا لا أدْرِي ما تُرِيدُ بي، فأخَذَتْ بيَدِي حتَّى أوْقَفَتْنِي علَى بَابِ الدَّارِ وإنِّي لَأُنْهِجُ حتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أخَذَتْ شيئًا مِن مَاءٍ فَمَسَحَتْ به وجْهِي ورَأْسِي، ثُمَّ أدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأنْصَارِ في البَيْتِ، فَقُلْنَ: علَى الخَيْرِ والبَرَكَةِ، وعلَى خَيْرِ طَائِرٍ ، فأسْلَمَتْنِي إلَيْهِنَّ، فأصْلَحْنَ مِن شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إلَّا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضُحًى، فأسْلَمَتْنِي إلَيْهِ وأَنَا يَومَئذٍ بنْتُ تِسْعِ سِنِينَ.

19 - لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وُعِكَ أبو بَكْرٍ وبِلَالٌ، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عليهمَا، فَقُلتُ: يا أبَتِ كيفَ تَجِدُكَ؟ ويَا بلَالُ كيفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وكانَ أبو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحُمَّى يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكانَ بلَالٌ إذَا أُقْلِعَ عنْه يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ فيَقولُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ... وهلْ تَبْدُوَنْ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ.

20 - خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُهِلِّينَ بالحَجِّ، في أشْهُرِ الحَجِّ، وحُرُمِ الحَجِّ، فَنَزَلْنَا سَرِفَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحَابِهِ: مَن لَمْ يَكُنْ معهُ هَدْيٌ، فأحَبَّ أنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، ومَن كانَ معهُ هَدْيٌ، فلا. وكانَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورِجَالٍ مِن أصْحَابِهِ ذَوِي قُوَّةٍ الهَدْيُ ، فَلَمْ تَكُنْ لهمْ عُمْرَةً، فَدَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا أبْكِي، فَقالَ ما يُبْكِيكِ؟ قُلتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ لأصْحَابِكَ ما قُلْتَ: فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قالَ: وما شَأْنُكِ؟، قُلتُ: لا أُصَلِّي، قالَ: فلا يَضِرْكِ أنْتِ مِن بَنَاتِ آدَمَ، كُتِبَ عَلَيْكِ ما كُتِبَ عليهنَّ، فَكُونِي في حَجَّتِكِ عَسَى اللَّهُ أنْ يَرْزُقَكِهَا، قالَتْ: فَكُنْتُ حتَّى نَفَرْنَا مِن مِنًى، فَنَزَلْنَا المُحَصَّبَ ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، فَقالَ: اخْرُجْ بأُخْتِكَ الحَرَمَ، فَلْتُهِلَّ بعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا مِن طَوَافِكُمَا، أنْتَظِرْكُما هَا هُنَا. فأتَيْنَا في جَوْفِ اللَّيْلِ فَقالَ: فَرَغْتُمَا. قُلتُ: نَعَمْ، فَنَادَى بالرَّحِيلِ في أصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ ومَن طَافَ بالبَيْتِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ مُوَجِّهًا إلى المَدِينَةِ.

21 - اسْتَأْذَنَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أبو بَكْرٍ في الخُرُوجِ حِينَ اشْتَدَّ عليه الأذَى، فَقالَ له: أقِمْ فَقالَ يا رَسولَ اللَّهِ أتَطْمَعُ أنْ يُؤْذَنَ لَكَ؟ فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنِّي لَأَرْجُو ذلكَ قالَتْ: فَانْتَظَرَهُ أبو بَكْرٍ، فأتَاهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ ظُهْرًا، فَنَادَاهُ فَقالَ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ فَقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّما هُما ابْنَتَايَ، فَقالَ أشَعَرْتَ أنَّه قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ الصُّحْبَةَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الصُّحْبَةَ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، عِندِي نَاقَتَانِ، قدْ كُنْتُ أعْدَدْتُهُما لِلْخُرُوجِ، فأعْطَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إحْدَاهُما - وهي الجَدْعَاءُ - فَرَكِبَا، فَانْطَلَقَا حتَّى أتَيَا الغَارَ - وهو بثَوْرٍ - فَتَوَارَيَا فِيهِ، فَكانَ عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ غُلَامًا لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ الطُّفَيْلِ بنِ سَخْبَرَةَ، أخُو عَائِشَةَ لِأُمِّهَا، وكَانَتْ لأبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ، فَكانَ يَرُوحُ بهَا ويَغْدُو عليهم ويُصْبِحُ، فَيَدَّلِجُ إلَيْهِما ثُمَّ يَسْرَحُ، فلا يَفْطُنُ به أحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ معهُما يُعْقِبَانِهِ حتَّى قَدِما المَدِينَةَ، فَقُتِلَ عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ يَومَ بئْرِ مَعُونَةَ

22 -  خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أَشْهُرِ الحَجِّ، ولَيَالِي الحَجِّ، وحُرُمِ الحَجِّ، فَنَزَلْنَا بسَرِفَ، قالَتْ: فَخَرَجَ إلى أَصْحَابِهِ، فَقالَ: مَن لَمْ يَكُنْ مِنكُم معهُ هَدْيٌ، فأحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً؛ فَلْيَفْعَلْ، ومَن كانَ معهُ الهَدْيُ فلا. قالَتْ: فَالْآخِذُ بهَا، والتَّارِكُ لَهَا مِن أَصْحَابِهِ. قالَتْ: فأمَّا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورِجَالٌ مِن أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ، وكانَ معهُمُ الهَدْيُ ، فَلَمْ يَقْدِرُوا علَى العُمْرَةِ. قالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا أَبْكِي، فَقالَ: ما يُبْكِيكِ يا هَنْتَاهُ؟ قُلتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأصْحَابِكَ، فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قالَ: وما شَأْنُكِ؟ قُلتُ: لا أُصَلِّي، قالَ: فلا يَضِيرُكِ؛ إنَّما أَنْتِ امْرَأَةٌ مِن بَنَاتِ آدَمَ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ ما كَتَبَ عليهنَّ، فَكُونِي في حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا. قالَتْ: فَخَرَجْنَا في حَجَّتِهِ حتَّى قَدِمْنَا مِنًى، فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِن مِنًى، فأفَضْتُ بالبَيْتِ. قالَتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ معهُ في النَّفْرِ الآخِرِ، حتَّى نَزَلَ المُحَصَّبَ ، ونَزَلْنَا معهُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقالَ: اخْرُجْ بأُخْتِكَ مِنَ الحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَاهُنَا، فإنِّي أَنْظُرُكُما حتَّى تَأْتِيَانِي. قالَتْ: فَخَرَجْنَا، حتَّى إذَا فَرَغْتُ، وفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بسَحَرَ، فَقالَ: هلْ فَرَغْتُمْ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فَآذَنَ بالرَّحِيلِ في أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إلى المَدِينَةِ.

23 - لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إلَّا وَهُما يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الحَبَشَةِ، حتَّى إذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، وَهو سَيِّدُ القَارَةِ ، فَقالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فأنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ في الأرْضِ، فأعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: إنَّ مِثْلَكَ لا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ؛ فإنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، وَأَنَا لكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ ببِلَادِكَ، فَارْتَحَلَ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مع أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ في أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقالَ لهمْ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ المَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ؟! فأنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ، وَقالوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ، فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ، وَلْيَقْرَأْ ما شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بذلكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ به؛ فإنَّا قدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، قالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بالصَّلَاةِ، وَلَا القِرَاءَةِ في غيرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَكانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عليه نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وَكانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً ، لا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فأفْزَعَ ذلكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عليهم فَقالوا له: إنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ، وإنَّه جَاوَزَ ذلكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ، فإنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ فَعَلَ، وإنْ أَبَى إلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذلكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ ؛ فإنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقالَ: قدْ عَلِمْتَ الَّذي عَقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أَنْ تَرُدَّ إلَيَّ ذِمَّتِي؛ فإنِّي لا أُحِبُّ أَنْ تَسْمعَ العَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، قالَ أَبُو بَكْرٍ: إنِّي أَرُدُّ إلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بجِوَارِ اللَّهِ . وَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ؛ رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بيْنَ لَابَتَيْنِ». وَهُما الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَن هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذلكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَرَجَعَ إلى المَدِينَةِ بَعْضُ مَن كانَ هَاجَرَ إلى أَرْضِ الحَبَشَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكَ ؛ فإنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي»، قالَ أَبُو بَكْرٍ: هلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أَنْتَ؟ قالَ: «نَعَمْ»، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [قوله: وقال أبو صالح... معلق]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2297
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - فضل صلة الرحم صلاة - البكاء في الصلاة مغازي - الهجرة إلى الحبشة مغازي - هجرة النبي إلى المدينة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

24 - لَمْ أعْقِلْ أبَوَيَّ قَطُّ، إلَّا وهُما يَدِينانِ الدِّينَ، ولَمْ يَمُرَّ عليْنا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهارِ ، بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أبو بَكْرٍ مُهاجِرًا نَحْوَ أرْضِ الحَبَشَةِ، حتَّى إذا بَلَغَ بَرْكَ الغِمادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ وهو سَيِّدُ القارَةِ ، فقالَ: أيْنَ تُرِيدُ يا أبا بَكْرٍ؟ فقالَ أبو بَكْرٍ: أخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أنْ أسِيحَ في الأرْضِ وأَعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: فإنَّ مِثْلَكَ يا أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ ولا يُخْرَجُ، إنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وتَصِلُ الرَّحِمَ ، وتَحْمِلُ الكَلَّ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فأنا لكَ جارٌ ارْجِعْ واعْبُدْ رَبَّكَ ببَلَدِكَ، فَرَجَعَ وارْتَحَلَ معهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَطافَ ابنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً في أشْرافِ قُرَيْشٍ، فقالَ لهمْ: إنَّ أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ ولا يُخْرَجُ، أتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ ويَصِلُ الرَّحِمَ، ويَحْمِلُ الكَلَّ ويَقْرِي الضَّيْفَ، ويُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بجِوارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وقالوا: لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أبا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دارِهِ، فَلْيُصَلِّ فيها ولْيَقْرَأْ ما شاءَ، ولا يُؤْذِينا بذلكَ ولا يَسْتَعْلِنْ به، فإنَّا نَخْشَى أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فقالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أبو بَكْرٍ بذلكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دارِهِ، ولا يَسْتَعْلِنُ بصَلاتِهِ ولا يَقْرَأُ في غيرِ دارِهِ، ثُمَّ بَدا لأبِي بَكْرٍ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، وكانَ يُصَلِّي فِيهِ، ويَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عليه نِساءُ المُشْرِكِينَ وأَبْناؤُهُمْ، وهُمْ يَعْجَبُونَ منه ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكّاءً ، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذا قَرَأَ القُرْآنَ، وأَفْزَعَ ذلكَ أشْرافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عليهم، فقالوا: إنَّا كُنَّا أجَرْنا أبا بَكْرٍ بجِوارِكَ، علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ، فقَدْ جاوَزَ ذلكَ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، فأعْلَنَ بالصَّلاةِ والقِراءَةِ فِيهِ، وإنَّا قدْ خَشِينا أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فانْهَهُ، فإنْ أحَبَّ أنْ يَقْتَصِرَ علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ فَعَلَ، وإنْ أبَى إلَّا أنْ يُعْلِنَ بذلكَ، فَسَلْهُ أنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ ، فإنَّا قدْ كَرِهْنا أنْ نُخْفِرَكَ ، ولَسْنا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلانَ، قالَتْ عائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ إلى أبِي بَكْرٍ فقالَ: قدْ عَلِمْتَ الذي عاقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أنْ تَرْجِعَ إلَيَّ ذِمَّتِي، فإنِّي لا أُحِبُّ أنْ تَسْمع العَرَبُ أنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، فقالَ أبو بَكْرٍ: فإنِّي أرُدُّ إلَيْكَ جِوارَكَ، وأَرْضَى بجِوارِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ: إنِّي أُرِيتُ دارَ هِجْرَتِكُمْ، ذاتَ نَخْلٍ بيْنَ لابَتَيْنِ وهُما الحَرَّتانِ، فَهاجَرَ مَن هاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، ورَجَعَ عامَّةُ مَن كانَ هاجَرَ بأَرْضِ الحَبَشَةِ إلى المَدِينَةِ، وتَجَهَّزَ أبو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى رِسْلِكَ ، فإنِّي أرْجُو أنْ يُؤْذَنَ لي فقالَ أبو بَكْرٍ: وهلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ فَحَبَسَ أبو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وعَلَفَ راحِلَتَيْنِ كانَتا عِنْدَهُ ورَقَ السَّمُرِ وهو الخَبَطُ، أرْبَعَةَ أشْهُرٍ. قالَ ابنُ شِهابٍ، قالَ: عُرْوَةُ، قالَتْ عائِشَةُ: فَبيْنَما نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ في بَيْتِ أبِي بَكْرٍ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قالَ قائِلٌ لأبِي بَكْرٍ: هذا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَقَنِّعًا، في ساعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينا فيها، فقالَ أبو بَكْرٍ: فِداءٌ له أبِي وأُمِّي، واللَّهِ ما جاءَ به في هذِه السَّاعَةِ إلَّا أمْرٌ، قالَتْ: فَجاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ له فَدَخَلَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبِي بَكْرٍ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ. فقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّما هُمْ أهْلُكَ، بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فإنِّي قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ فقالَ أبو بَكْرٍ: الصَّحابَةُ بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ قالَ أبو بَكْرٍ: فَخُذْ - بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ - إحْدَى راحِلَتَيَّ هاتَيْنِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بالثَّمَنِ. قالَتْ عائِشَةُ: فَجَهَّزْناهُما أحَثَّ الجِهازِ، وصَنَعْنا لهما سُفْرَةً في جِرابٍ ، فَقَطَعَتْ أسْماءُ بنْتُ أبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِن نِطاقِها، فَرَبَطَتْ به علَى فَمِ الجِرابِ، فَبِذلكَ سُمِّيَتْ ذاتَ النِّطاقَيْنِ قالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ بغارٍ في جَبَلِ ثَوْرٍ ، فَكَمَنا فيه ثَلاثَ لَيالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُما عبدُ اللَّهِ بنُ أبِي بَكْرٍ، وهو غُلامٌ شابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فيُدْلِجُ مِن عِندِهِما بسَحَرٍ، فيُصْبِحُ مع قُرَيْشٍ بمَكَّةَ كَبائِتٍ، فلا يَسْمَعُ أمْرًا، يُكْتادانِ به إلَّا وعاهُ ، حتَّى يَأْتِيَهُما بخَبَرِ ذلكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، ويَرْعَى عليهما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِن غَنَمٍ، فيُرِيحُها عليهما حِينَ تَذْهَبُ ساعَةٌ مِنَ العِشاءِ، فَيَبِيتانِ في رِسْلٍ، وهو لَبَنُ مِنْحَتِهِما ورَضِيفِهِما، حتَّى يَنْعِقَ بها عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ بغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذلكَ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن تِلكَ اللَّيالِي الثَّلاثِ، واسْتَأْجَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِن بَنِي الدِّيلِ، وهو مِن بَنِي عبدِ بنِ عَدِيٍّ، هادِيا خِرِّيتًا، والخِرِّيتُ الماهِرُ بالهِدايَةِ، قدْ غَمَسَ حِلْفًا في آلِ العاصِ بنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ، وهو علَى دِينِ كُفّارِ قُرَيْشٍ، فأمِناهُ فَدَفَعا إلَيْهِ راحِلَتَيْهِما، وواعَداهُ غارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيالٍ، براحِلَتَيْهِما صُبْحَ ثَلاثٍ، وانْطَلَقَ معهُما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، والدَّلِيلُ، فأخَذَ بهِمْ طَرِيقَ السَّواحِلِ،

25 - زَعَمُوا أنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ معهُ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجٍ، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا، حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وقَفَلَ ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ؛ آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشَيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فأقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وإنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ، فَاحْتَمَلُوهُ وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وليسَ فيه أحَدٌ، فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي، فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي، وكانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ يَدَهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ ما نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بهَا شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ مِن قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، ويَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أرَى مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أمْرَضُ، إنَّما يَدْخُلُ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ لا أشْعُرُ بشَيءٍ مِن ذلكَ حتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ؛ مُتَبَرَّزُنَا، لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أوْ في التَّنَزُّهِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ بنْتُ أبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ في مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ! أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟! فَقَالَتْ: يا هَنْتَاهْ، ألَمْ تَسْمَعِي ما قالوا؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَلَّمَ فَقَالَ: كيفَ تِيكُمْ؟ فَقُلتُ: ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قَالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَيْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي علَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ؛ فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ولَهَا ضَرَائِرُ ، إلَّا أكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ولقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بهذا؟! قَالَتْ: فَبِتُّ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ عليه بالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لهمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أهْلُكَ يا رَسولَ اللَّهِ، ولَا نَعْلَمُ -واللَّهِ- إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: يا بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ فِيهَا شيئًا يَرِيبُكِ؟ فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لا والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ منها أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا قَطُّ أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ العَجِينِ، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِي؟! فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، وقدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي، فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنَا واللَّهِ أعْذِرُكَ منه؛ إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا فيه أمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ -وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ- فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى ذلكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، واللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ؛ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَثَارَ الحَيَّانِ -الأوْسُ والخَزْرَجُ- حتَّى هَمُّوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَنَزَلَ، فَخَفَّضَهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، وبَكَيْتُ يَومِي لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، فأصْبَحَ عِندِي أبَوَايَ، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا حتَّى أظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبيْنَا هُما جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، إذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبيْنَا نَحْنُ كَذلكَ إذْ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَجَلَسَ، ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مِن يَومِ قِيلَ فِيَّ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ مَكَثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي شَيءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: يا عَائِشَةُ، فإنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ؛ فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، وقُلتُ لأبِي: أجِبْ عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قَالَ، قَالَتْ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ، فَقُلتُ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ -واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ -واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ علَى فِرَاشِي وأَنَا أرْجُو أنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، ولَكِنْ واللَّهِ ما ظَنَنْتُ أنْ يُنْزِلَ في شَأْنِي وحْيًا، ولَأَنَا أحْقَرُ في نَفْسِي مِن أنْ يُتَكَلَّمَ بالقُرْآنِ في أمْرِي، ولَكِنِّي كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ ما رَامَ مَجْلِسَهُ ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه الوَحْيُ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ في يَومٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكانَ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قَالَ لِي: يا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ؛ فقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: لا واللَّهِ، لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآيَاتِ، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قَالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه -وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه-: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} إلى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الذي كانَ يُجْرِي عليه، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقَالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ؟ ما رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ.

26 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَما نَزَلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ رَكِبْتُ، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما تَأْكُلُ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا دَاعٍ، ولَا مُجِيبٌ فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأدْلَجَ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما كَلَّمَنِي كَلِمَةً ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ علَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ ، حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي، أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّطَفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الذي يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَما نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وهو مُتَبَرَّزُنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وقدْ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ أوَلَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: قُلتُ: وما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، ودَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَعْنِي سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ فَقُلتُ: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجِئْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، ولَهَا ضَرَائِرُ إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى أصْبَحْتُ أبْكِي، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَأْمِرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أهْلَكَ ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ قالَتْ بَرِيرَةُ: لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَعْذَرَ يَومَئذٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ أنَا أعْذِرُكَ منه، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: فأصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا لا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ، ولَا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قالَتْ: فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي، وأَنَا أبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إلى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عليه قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ، قالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: فَقُلتُ وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ، حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به فَلَئِنْ، قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إلَّا قَوْلَ أبِي يُوسُفَ، قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}، قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، ولَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وهو في يَومٍ شَاتٍ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي يُنْزَلُ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُرِّيَ عنْه وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، قالَتْ: فَقُلتُ: لا واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُم لا تَحْسِبُوهُ) العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُم والسَّعَةِ أنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى والمَسَاكِينَ والمُهَاجِرِينَ في سَبيلِ اللَّهِ، ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا، ألَا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي أُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ: يا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ أوْ رَأَيْتِ؟ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَن هَلَكَ مِن أصْحَابِ الإفْكِ .

27 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ في هَوْدَجِي وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قالَتْ: وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ عليه، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ ، ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وحَمَلُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ فَسَارُوا، ووَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا منهمْ دَاعٍ ولَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما تَكَلَّمْنَا بكَلِمَةٍ، ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وهَوَى حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ ، فَوَطِئَ علَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وهُمْ نُزُولٌ، قالَتْ: فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى كِبْرَ الإفْكِ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، قالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أنَّه كانَ يُشَاعُ ويُتَحَدَّثُ به عِنْدَهُ، فيُقِرُّهُ ويَسْتَمِعُهُ ويَسْتَوْشِيهِ، وقالَ عُرْوَةُ أيضًا: لَمْ يُسَمَّ مِن أهْلِ الإفْكِ أيضًا إلَّا حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ، ومِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، وحَمْنَةُ بنْتُ جَحْشٍ، في نَاسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لي بهِمْ، غيرَ أنَّهُمْ عُصْبَةٌ، كما قالَ اللَّهُ تَعَالَى، وإنَّ كِبْرَ ذلكَ يُقَالُ له: عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، قالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وتَقُولُ: إنَّه الذي قالَ: فَإنَّ أبِي ووَالِدَهُ وعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقَاءُ قالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ، وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذلكَ يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ، حتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مع أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ، وكانَ مُتَبَرَّزَنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، قالَتْ: وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ قِبَلَ الغَائِطِ، وكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ، وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المُطَّلِبِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتي حِينَ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ ولَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: وقُلتُ: ما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، قالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ، فَقُلتُ له: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ؟ قالَتْ: وأُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهُ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ أبْكِي، قالَتْ: ودَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْأَلُهُما ويَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ، فَقالَ أُسَامَةُ: أهْلَكَ، ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيٌّ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ . قالَتْ له بَرِيرَةُ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا قَطُّ أغْمِصُهُ غيرَ أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قالَتْ: فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ، وهو علَى المِنْبَرِ، فَقالَ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي عنْه أذَاهُ في أهْلِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي. قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ أخُو بَنِي عبدِ الأشْهَلِ، فَقالَ : أنَا يا رَسولَ اللَّهِ أعْذِرُكَ، فإنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ، وكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بنْتَ عَمِّهِ مِن فَخِذِهِ ، وهو سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، قالَتْ: وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، ولو كانَ مِن رَهْطِكَ ما أحْبَبْتَ أنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وهو ابنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قالَتْ: فَثَارَ الحَيَّانِ الأوْسُ، والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، قالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، حتَّى سَكَتُوا وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ كُلَّهُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: وأَصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا، لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى إنِّي لَأَظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبيْنَا أبَوَايَ جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي بشيءٍ، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، يا عَائِشَةُ، إنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه ، قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِّي فِيما قالَ: فَقالَ أبِي: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ: قالَتْ أُمِّي: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ: لا أقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرًا: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ: لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، فَلَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، لا تُصَدِّقُونِي، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللَّهِ لا أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ حِينَ قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ} ثُمَّ تَحَوَّلْتُ واضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَجْلِسَهُ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ ، وهو في يَومٍ شَاتٍ مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي أُنْزِلَ عليه، قالَتْ: فَسُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قالَ: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ فقَدْ بَرَّأَكِ. قالَتْ: فَقالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، فَقُلتُ: واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، فإنِّي لا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، قالَتْ: وأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا، بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُمْ} - إلى قَوْلِهِ - {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ لِزَيْنَبَ: مَاذَا عَلِمْتِ، أوْ رَأَيْتِ. فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ، قالَتْ: وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ، فِيمَن هَلَكَ قالَ ابنُ شِهَابٍ: فَهذا الذي بَلَغَنِي مِن حَديثِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ ثُمَّ قالَ عُرْوَةُ، قالَتْ عَائِشَةُ: واللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ الذي قيلَ له ما قيلَ لَيقولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما كَشَفْتُ مِن كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذلكَ في سَبيلِ اللَّهِ

28 - أُصِيبَ سَعْدٌ يَومَ الخَنْدَقِ في الأكْحَلِ ، فَضَرَبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيْمَةً في المَسْجِدِ، لِيَعُودَهُ مِن قَرِيبٍ فَلَمْ يَرُعْهُمْ وفي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِن بَنِي غِفَارٍ، إلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إليهِم، فَقالوا: يا أهْلَ الخَيْمَةِ، ما هذا الذي يَأْتِينَا مِن قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ فِيهَا.

29 - أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ، فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّوْا بصَلاتِهِ، فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها.

30 - كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصْغِي إلَيَّ رَأْسَهُ وهو مُجَاوِرٌ في المَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ وأَنَا حَائِضٌ.
 

1 - ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِن طَعامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيالٍ تِباعًا ، حتَّى قُبِضَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5416 التخريج : أخرجه البخاري (6454)، ومسلم (2970)
التصنيف الموضوعي: أطعمة - ذم الشبع وكثرة الأكل رقائق وزهد - الزهد في الدنيا رقائق وزهد - معيشة النبي صلى الله عليه وسلم رقائق وزهد - عيش السلف رقائق وزهد - فضل الجوع وخشونة العيش
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

2 - ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِن طَعَامِ بُرٍّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا ، حتَّى قُبِضَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6454 التخريج : أخرجه البخاري (6454)، ومسلم (2970)
التصنيف الموضوعي: أطعمة - ذم الشبع وكثرة الأكل رقائق وزهد - الزهد في الدنيا رقائق وزهد - معيشة النبي صلى الله عليه وسلم رقائق وزهد - عيش السلف رقائق وزهد - فضل الجوع وخشونة العيش
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

3 - اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا المَدِينَةَ كما حَبَّبْتَ إلَيْنا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وانْقُلْ حُمَّاها إلى الجُحْفَةِ ، اللَّهُمَّ بارِكْ لنا في مُدِّنا وصاعِنا.

4 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُهْدِي مِنَ المَدِينَةِ، فأفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لا يَجْتَنِبُ شيئًا ممَّا يَجْتَنِبُهُ المُحْرِمُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1698 التخريج : أخرجه البخاري (1698)، ومسلم (1321)
التصنيف الموضوعي: حج - الهدي حج - تقليد الهدي وإشعاره حج - لا يصير الإنسان بتقليد الهدي وإشعاره وهو لا يريد الإحرام محرما حج - من أهدى هديا وهو مقيم حج - مباحات الإحرام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

5 - لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أبو بَكْرٍ وبِلَالٌ، فَكانَ أبو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحُمَّى يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ وكانَ بلَالٌ إذَا أُقْلِعَ عنْه الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يقولُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ... وهلْ يَبْدُوَنْ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ قالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيبةَ بنَ رَبِيعَةَ، وعُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ كما أخْرَجُونَا مِن أرْضِنَا إلى أرْضِ الوَبَاءِ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا، وصَحِّحْهَا لَنَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ . قالَتْ: وقَدِمْنَا المَدِينَةَ وهي أوْبَأُ أرْضِ اللَّهِ، قالَتْ: فَكانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا. تَعْنِي مَاءً آجِنًا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1889 التخريج : أخرجه مسلم (1376) مختصراً باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: جهاد - الدعاء على المشركين فضائل المدينة - فضل المدينة فضائل المدينة - وباء المدينة مغازي - مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة مغازي - هجرة النبي إلى المدينة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

6 - كانَ يَوْمُ بُعاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لِرَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، وقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وقُتِلَتْ سَراتُهُمْ، في دُخُولِهِمْ في الإسْلامِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3930 التخريج : أخرجه البخاري (3930)
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الإسلام مغازي - مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة مغازي - هجرة النبي إلى المدينة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

7 - كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ، في الجَاهِلِيَّةِ وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كانَ مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ لا يَصُومُهُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3831 التخريج : أخرجه البخاري (3831)، ومسلم (1125)
التصنيف الموضوعي: صيام - بدء فرض الصيام صيام - صيام يوم عاشوراء صيام - وجوب صوم رمضان صيام - صيامه صلى الله عليه وسلم علم - النسخ في القرآن والسنة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

8 - كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَومَ عَاشُورَاءَ، فمَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2002 التخريج : أخرجه البخاري (2002)، ومسلم (1125)
التصنيف الموضوعي: صيام - بدء فرض الصيام صيام - صيام يوم عاشوراء صيام - وجوب صوم رمضان صيام - صيامه صلى الله عليه وسلم علم - النسخ في القرآن والسنة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

9 - لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أبو بَكْرٍ، وبِلالٌ، قالَتْ: فَدَخَلْتُ عليهما، فَقُلتُ: يا أبَتِ كيفَ تَجِدُكَ؟ ويا بلالُ كيفَ تَجِدُكَ؟ قالَتْ: فَكانَ أبو بَكْرٍ إذا أخَذَتْهُ الحُمَّى يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِراكِ نَعْلِهِ وَكانَ بلالٌ إذا أقْلَعَ عنْه الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ ويقولُ: أَلا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِياهَ مَجَنَّةٍ... وهلْ يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيلُ قالَتْ عائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرْتُهُ فقالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا المَدِينَةَ كَحُبِّنا مَكَّةَ، أوْ أشَدَّ وصَحِّحْها وبارِكْ لنا في صاعِها ومُدِّها، وانْقُلْ حُمَّاها فاجْعَلْها بالجُحْفَةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3926 التخريج : أخرجه البخاري (5926)، ومسلم (1376)
التصنيف الموضوعي: فضائل المدينة - فضل المدينة فضائل المدينة - وباء المدينة مريض - عيادة النساء مغازي - مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة مغازي - هجرة النبي إلى المدينة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

10 - لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أبو بَكْرٍ وبِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عليهمَا، قُلتُ: يا أبَتِ كيفَ تَجِدُكَ؟ ويَا بلَالُ كيفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وكانَ أبو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحُمَّى، يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكانَ بلَالٌ إذَا أقْلَعَتْ عنْه يقولُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ... وهلْ تَبْدُوَنْ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، اللَّهُمَّ وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في مُدِّهَا وصَاعِهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5654 التخريج : أخرجه البخاري (5654)، ومسلم (1376)
التصنيف الموضوعي: فضائل المدينة - فضل المدينة فضائل المدينة - وباء المدينة مريض - عيادة النساء مغازي - مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة مغازي - هجرة النبي إلى المدينة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

11 -  كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كانَ رَمَضَانُ الفَرِيضَةَ، وتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكانَ مَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4504 التخريج : أخرجه البخاري (4504)، ومسلم (1125)
التصنيف الموضوعي: صيام - بدء فرض الصيام صيام - صيام يوم عاشوراء صيام - وجوب صوم رمضان اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته صيام - صيام التطوع
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

12 - كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَهِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، قالَ: لَيْتَ رَجُلًا مِن أصْحَابِي صَالِحًا يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ، إذْ سَمِعْنَا صَوْتَ سِلَاحٍ، فَقالَ: مَن هذا؟، فَقالَ: أنَا سَعْدُ بنُ أبِي وقَّاصٍ جِئْتُ لأحْرُسَكَ، ونَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2885 التخريج : أخرجه مسلم (2410)، والترمذي (3756)، وأحمد (25093)، وابن حبان (6986) واللفظ لهم جميعا.
التصنيف الموضوعي: جهاد - فضل الحراسة رقائق وزهد - فضل الحراسة مناقب وفضائل - سعد بن أبي وقاص مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جهاد - الحراسة في سبيل الله
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

13 - أَعْتَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في العِشَاءِ حتَّى نَادَاهُ عُمَرُ: قدْ نَامَ النِّسَاءُ والصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: إنَّه ليسَ أحَدٌ مِن أهْلِ الأرْضِ يُصَلِّي هذِه الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ، ولَمْ يَكُنْ أحَدٌ يَومَئذٍ يُصَلِّي غيرَ أهْلِ المَدِينَةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 862 التخريج : أخرجه مسلم (638) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: صلاة - تأخير الصلاة صلاة - وقت صلاة العشاء صلاة - تأخير العشاء صلاة - صلاة العشاء صلاة - كراهية تسمية العشاء بالعتمة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

14 - دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِن عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ، فَقَالَتَا لِي: إنَّ أهْلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ في قُبُورِهِمْ، فَكَذَّبْتُهُمَا، ولَمْ أُنْعِمْ أنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا، ودَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ له: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ عَجُوزَيْنِ، وذَكَرْتُ له، فَقَالَ: صَدَقَتَا، إنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ كُلُّهَا فَما رَأَيْتُهُ بَعْدُ في صَلَاةٍ إلَّا تَعَوَّذَ مِن عَذَابِ القَبْرِ.

15 -  خَرَجْنَا ومعنَا غَالِبُ بنُ أبْجَرَ، فَمَرِضَ في الطَّرِيقِ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ وهو مَرِيضٌ، فَعَادَهُ ابنُ أبِي عَتِيقٍ، فَقَالَ لَنَا: علَيْكُم بهذِه الحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ، فَخُذُوا منها خَمْسًا أوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا، ثُمَّ اقْطُرُوهَا في أنْفِهِ بقَطَرَاتِ زَيْتٍ، في هذا الجَانِبِ وفي هذا الجَانِبِ؛ فإنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي: أنَّهَا سَمِعَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: إنَّ هذِه الحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِن كُلِّ دَاءٍ، إلَّا مِنَ السَّامِ. قُلتُ: وما السَّامُ؟ قَالَ: المَوْتُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5687 التخريج : أخرجه ابن الحدلد في ((جامع الصحيحين)) (2588) واللفظ له، وابن ماجة (3449)، والطبراني في ((الأوسط)) (105) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: طب - استحباب التداوي طب - الحبة السوداء طب - بعض الأطعمة والأشربة النافعة في التداوي مريض - مشروعية عيادة المريض وفضلها
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

16 - سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لي بالبَيْدَاءِ ونَحْنُ دَاخِلُونَ المَدِينَةَ، فأنَاخَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ونَزَلَ فَثَنَى رَأْسَهُ في حَجْرِي رَاقِدًا، أقْبَلَ أبو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً، وقالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ في قِلَادَةٍ فَبِي المَوْتُ، لِمَكَانِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدْ أوْجَعَنِي، ثُمَّ إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اسْتَيْقَظَ وحَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتُمِسَ المَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ فَنَزَلَتْ: {يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلى الصَّلَاةِ} الآيَةَ، فَقالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: لقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يا آلَ أبِي بَكْرٍ، ما أنتُمْ إلَّا بَرَكَةٌ لهمْ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4608 التخريج : أخرجه البيهقي (1057) واللفظ له، ومسلم (367)، والنسائي (310) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة المائدة تيمم - متى يتيمم مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

17 - لَقَلَّ يَوْمٌ كانَ يَأْتي علَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إلَّا يَأْتي فيه بَيْتَ أبِي بَكْرٍ أحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ، فَلَمَّا أُذِنَ له في الخُرُوجِ إلى المَدِينَةِ، لَمْ يَرُعْنَا إلَّا وقدْ أتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ به أبو بَكْرٍ، فَقالَ: ما جَاءَنَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذِه السَّاعَةِ إلَّا لأمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عليه قالَ لأبِي بَكْرٍ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ، قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّما هُما ابْنَتَايَ -يَعْنِي عَائِشَةَ وأَسْمَاءَ- قالَ: أشَعَرْتَ أنَّه قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ؟ قالَ: الصُّحْبَةَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الصُّحْبَةَ، قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ عِندِي نَاقَتَيْنِ أعْدَدْتُهُما لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إحْدَاهُمَا، قالَ: قدْ أخَذْتُهَا بالثَّمَنِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2138 التخريج : أخرجه أحمد (25626)، وابن حبان (6279)، وابن راهويه (849) جميعا بمعناه.
التصنيف الموضوعي: مغازي - هجرة النبي إلى المدينة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق إيمان - حب الرسول جهاد - الهجرة من دار العدو إلى دار الإسلام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

18 -  تَزَوَّجَنِي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا بنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَنَزَلْنَا في بَنِي الحَارِثِ بنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي، فَوَفَى جُمَيْمَةً ، فأتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وإنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، ومَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بي، فأتَيْتُهَا لا أدْرِي ما تُرِيدُ بي، فأخَذَتْ بيَدِي حتَّى أوْقَفَتْنِي علَى بَابِ الدَّارِ وإنِّي لَأُنْهِجُ حتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أخَذَتْ شيئًا مِن مَاءٍ فَمَسَحَتْ به وجْهِي ورَأْسِي، ثُمَّ أدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأنْصَارِ في البَيْتِ، فَقُلْنَ: علَى الخَيْرِ والبَرَكَةِ، وعلَى خَيْرِ طَائِرٍ ، فأسْلَمَتْنِي إلَيْهِنَّ، فأصْلَحْنَ مِن شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إلَّا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضُحًى، فأسْلَمَتْنِي إلَيْهِ وأَنَا يَومَئذٍ بنْتُ تِسْعِ سِنِينَ.

19 - لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وُعِكَ أبو بَكْرٍ وبِلَالٌ، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عليهمَا، فَقُلتُ: يا أبَتِ كيفَ تَجِدُكَ؟ ويَا بلَالُ كيفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وكانَ أبو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحُمَّى يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ وَكانَ بلَالٌ إذَا أُقْلِعَ عنْه يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ فيَقولُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ... وهلْ تَبْدُوَنْ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5677 التخريج : أخرجه البخاري (5677)، ومسلم (1376)
التصنيف الموضوعي: فضائل المدينة - فضل المدينة فضائل المدينة - وباء المدينة مريض - عيادة النساء مغازي - مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة مغازي - هجرة النبي إلى المدينة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

20 - خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُهِلِّينَ بالحَجِّ، في أشْهُرِ الحَجِّ، وحُرُمِ الحَجِّ، فَنَزَلْنَا سَرِفَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحَابِهِ: مَن لَمْ يَكُنْ معهُ هَدْيٌ، فأحَبَّ أنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، ومَن كانَ معهُ هَدْيٌ، فلا. وكانَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورِجَالٍ مِن أصْحَابِهِ ذَوِي قُوَّةٍ الهَدْيُ ، فَلَمْ تَكُنْ لهمْ عُمْرَةً، فَدَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا أبْكِي، فَقالَ ما يُبْكِيكِ؟ قُلتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ لأصْحَابِكَ ما قُلْتَ: فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قالَ: وما شَأْنُكِ؟، قُلتُ: لا أُصَلِّي، قالَ: فلا يَضِرْكِ أنْتِ مِن بَنَاتِ آدَمَ، كُتِبَ عَلَيْكِ ما كُتِبَ عليهنَّ، فَكُونِي في حَجَّتِكِ عَسَى اللَّهُ أنْ يَرْزُقَكِهَا، قالَتْ: فَكُنْتُ حتَّى نَفَرْنَا مِن مِنًى، فَنَزَلْنَا المُحَصَّبَ ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، فَقالَ: اخْرُجْ بأُخْتِكَ الحَرَمَ، فَلْتُهِلَّ بعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا مِن طَوَافِكُمَا، أنْتَظِرْكُما هَا هُنَا. فأتَيْنَا في جَوْفِ اللَّيْلِ فَقالَ: فَرَغْتُمَا. قُلتُ: نَعَمْ، فَنَادَى بالرَّحِيلِ في أصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ ومَن طَافَ بالبَيْتِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ مُوَجِّهًا إلى المَدِينَةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1788 التخريج : أخرجه البخاري (1788)، ومسلم (1211)
التصنيف الموضوعي: عمرة - العمرة في أشهر الحج حج - التمتع بالحج حج - القران بالحج عمرة - العمرة من التنعيم حج - فسخ الحج إلى العمرة وعكسه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

21 - اسْتَأْذَنَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أبو بَكْرٍ في الخُرُوجِ حِينَ اشْتَدَّ عليه الأذَى، فَقالَ له: أقِمْ فَقالَ يا رَسولَ اللَّهِ أتَطْمَعُ أنْ يُؤْذَنَ لَكَ؟ فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنِّي لَأَرْجُو ذلكَ قالَتْ: فَانْتَظَرَهُ أبو بَكْرٍ، فأتَاهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ ظُهْرًا، فَنَادَاهُ فَقالَ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ فَقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّما هُما ابْنَتَايَ، فَقالَ أشَعَرْتَ أنَّه قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ الصُّحْبَةَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الصُّحْبَةَ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، عِندِي نَاقَتَانِ، قدْ كُنْتُ أعْدَدْتُهُما لِلْخُرُوجِ، فأعْطَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إحْدَاهُما - وهي الجَدْعَاءُ - فَرَكِبَا، فَانْطَلَقَا حتَّى أتَيَا الغَارَ - وهو بثَوْرٍ - فَتَوَارَيَا فِيهِ، فَكانَ عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ غُلَامًا لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ الطُّفَيْلِ بنِ سَخْبَرَةَ، أخُو عَائِشَةَ لِأُمِّهَا، وكَانَتْ لأبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ، فَكانَ يَرُوحُ بهَا ويَغْدُو عليهم ويُصْبِحُ، فَيَدَّلِجُ إلَيْهِما ثُمَّ يَسْرَحُ، فلا يَفْطُنُ به أحَدٌ مِنَ الرِّعَاءِ، فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ معهُما يُعْقِبَانِهِ حتَّى قَدِما المَدِينَةَ، فَقُتِلَ عَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ يَومَ بئْرِ مَعُونَةَ
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4093 التخريج : أخرجه ابن حبان (6279)، واللفظ له، وأحمد (25626) مطولا.
التصنيف الموضوعي: مغازي - هجرة النبي إلى المدينة مغازي - يوم بئر معونة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق مناقب وفضائل - عامر بن فهيرة جهاد - الهجرة من دار العدو إلى دار الإسلام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

22 -  خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أَشْهُرِ الحَجِّ، ولَيَالِي الحَجِّ، وحُرُمِ الحَجِّ، فَنَزَلْنَا بسَرِفَ، قالَتْ: فَخَرَجَ إلى أَصْحَابِهِ، فَقالَ: مَن لَمْ يَكُنْ مِنكُم معهُ هَدْيٌ، فأحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً؛ فَلْيَفْعَلْ، ومَن كانَ معهُ الهَدْيُ فلا. قالَتْ: فَالْآخِذُ بهَا، والتَّارِكُ لَهَا مِن أَصْحَابِهِ. قالَتْ: فأمَّا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورِجَالٌ مِن أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ، وكانَ معهُمُ الهَدْيُ ، فَلَمْ يَقْدِرُوا علَى العُمْرَةِ. قالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا أَبْكِي، فَقالَ: ما يُبْكِيكِ يا هَنْتَاهُ؟ قُلتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لأصْحَابِكَ، فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قالَ: وما شَأْنُكِ؟ قُلتُ: لا أُصَلِّي، قالَ: فلا يَضِيرُكِ؛ إنَّما أَنْتِ امْرَأَةٌ مِن بَنَاتِ آدَمَ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ ما كَتَبَ عليهنَّ، فَكُونِي في حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا. قالَتْ: فَخَرَجْنَا في حَجَّتِهِ حتَّى قَدِمْنَا مِنًى، فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِن مِنًى، فأفَضْتُ بالبَيْتِ. قالَتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ معهُ في النَّفْرِ الآخِرِ، حتَّى نَزَلَ المُحَصَّبَ ، ونَزَلْنَا معهُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقالَ: اخْرُجْ بأُخْتِكَ مِنَ الحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَاهُنَا، فإنِّي أَنْظُرُكُما حتَّى تَأْتِيَانِي. قالَتْ: فَخَرَجْنَا، حتَّى إذَا فَرَغْتُ، وفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بسَحَرَ، فَقالَ: هلْ فَرَغْتُمْ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فَآذَنَ بالرَّحِيلِ في أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إلى المَدِينَةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1560 التخريج : أخرجه البخاري (1560)، ومسلم (1211)
التصنيف الموضوعي: عمرة - العمرة في أشهر الحج حج - حج المرأة الحائض عمرة - العمرة قبل الحج والحج قبل العمرة عمرة - العمرة من التنعيم حج - فسخ الحج إلى العمرة وعكسه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

23 - لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إلَّا وَهُما يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ: بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الحَبَشَةِ، حتَّى إذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، وَهو سَيِّدُ القَارَةِ ، فَقالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فأنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ في الأرْضِ، فأعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: إنَّ مِثْلَكَ لا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ؛ فإنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، وَأَنَا لكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ ببِلَادِكَ، فَارْتَحَلَ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مع أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ في أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقالَ لهمْ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ المَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ؟! فأنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ، وَقالوا لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ، فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ، وَلْيَقْرَأْ ما شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بذلكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ به؛ فإنَّا قدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، قالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بالصَّلَاةِ، وَلَا القِرَاءَةِ في غيرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لأبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ وَبَرَزَ، فَكانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَتَقَصَّفُ عليه نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ وَيَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وَكانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً ، لا يَمْلِكُ دَمْعَهُ حِينَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فأفْزَعَ ذلكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ، فَقَدِمَ عليهم فَقالوا له: إنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ، وإنَّه جَاوَزَ ذلكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ، وَأَعْلَنَ الصَّلَاةَ وَالقِرَاءَةَ، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، فَأْتِهِ، فإنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ علَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دَارِهِ فَعَلَ، وإنْ أَبَى إلَّا أَنْ يُعْلِنَ ذلكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ ؛ فإنَّا كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ أَبَا بَكْرٍ، فَقالَ: قدْ عَلِمْتَ الَّذي عَقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أَنْ تَرُدَّ إلَيَّ ذِمَّتِي؛ فإنِّي لا أُحِبُّ أَنْ تَسْمعَ العَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، قالَ أَبُو بَكْرٍ: إنِّي أَرُدُّ إلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بجِوَارِ اللَّهِ . وَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ؛ رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بيْنَ لَابَتَيْنِ». وَهُما الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَن هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذلكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَرَجَعَ إلى المَدِينَةِ بَعْضُ مَن كانَ هَاجَرَ إلى أَرْضِ الحَبَشَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكَ ؛ فإنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي»، قالَ أَبُو بَكْرٍ: هلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أَنْتَ؟ قالَ: «نَعَمْ»، فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [قوله: وقال أبو صالح... معلق]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2297 التخريج : من أفراد البخاري على مسلم
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - فضل صلة الرحم صلاة - البكاء في الصلاة مغازي - الهجرة إلى الحبشة مغازي - هجرة النبي إلى المدينة مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

24 - لَمْ أعْقِلْ أبَوَيَّ قَطُّ، إلَّا وهُما يَدِينانِ الدِّينَ، ولَمْ يَمُرَّ عليْنا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينا فيه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَرَفَيِ النَّهارِ ، بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أبو بَكْرٍ مُهاجِرًا نَحْوَ أرْضِ الحَبَشَةِ، حتَّى إذا بَلَغَ بَرْكَ الغِمادِ لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ وهو سَيِّدُ القارَةِ ، فقالَ: أيْنَ تُرِيدُ يا أبا بَكْرٍ؟ فقالَ أبو بَكْرٍ: أخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أنْ أسِيحَ في الأرْضِ وأَعْبُدَ رَبِّي، قالَ ابنُ الدَّغِنَةِ: فإنَّ مِثْلَكَ يا أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ ولا يُخْرَجُ، إنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وتَصِلُ الرَّحِمَ ، وتَحْمِلُ الكَلَّ وتَقْرِي الضَّيْفَ وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فأنا لكَ جارٌ ارْجِعْ واعْبُدْ رَبَّكَ ببَلَدِكَ، فَرَجَعَ وارْتَحَلَ معهُ ابنُ الدَّغِنَةِ، فَطافَ ابنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً في أشْرافِ قُرَيْشٍ، فقالَ لهمْ: إنَّ أبا بَكْرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ ولا يُخْرَجُ، أتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ ويَصِلُ الرَّحِمَ، ويَحْمِلُ الكَلَّ ويَقْرِي الضَّيْفَ، ويُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بجِوارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وقالوا: لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أبا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ في دارِهِ، فَلْيُصَلِّ فيها ولْيَقْرَأْ ما شاءَ، ولا يُؤْذِينا بذلكَ ولا يَسْتَعْلِنْ به، فإنَّا نَخْشَى أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فقالَ ذلكَ ابنُ الدَّغِنَةِ لأبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أبو بَكْرٍ بذلكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ في دارِهِ، ولا يَسْتَعْلِنُ بصَلاتِهِ ولا يَقْرَأُ في غيرِ دارِهِ، ثُمَّ بَدا لأبِي بَكْرٍ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، وكانَ يُصَلِّي فِيهِ، ويَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عليه نِساءُ المُشْرِكِينَ وأَبْناؤُهُمْ، وهُمْ يَعْجَبُونَ منه ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكّاءً ، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذا قَرَأَ القُرْآنَ، وأَفْزَعَ ذلكَ أشْرافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فأرْسَلُوا إلى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عليهم، فقالوا: إنَّا كُنَّا أجَرْنا أبا بَكْرٍ بجِوارِكَ، علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ، فقَدْ جاوَزَ ذلكَ، فابْتَنَى مَسْجِدًا بفِناءِ دارِهِ، فأعْلَنَ بالصَّلاةِ والقِراءَةِ فِيهِ، وإنَّا قدْ خَشِينا أنْ يَفْتِنَ نِساءَنا وأَبْناءَنا، فانْهَهُ، فإنْ أحَبَّ أنْ يَقْتَصِرَ علَى أنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ في دارِهِ فَعَلَ، وإنْ أبَى إلَّا أنْ يُعْلِنَ بذلكَ، فَسَلْهُ أنْ يَرُدَّ إلَيْكَ ذِمَّتَكَ ، فإنَّا قدْ كَرِهْنا أنْ نُخْفِرَكَ ، ولَسْنا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلانَ، قالَتْ عائِشَةُ: فأتَى ابنُ الدَّغِنَةِ إلى أبِي بَكْرٍ فقالَ: قدْ عَلِمْتَ الذي عاقَدْتُ لكَ عليه، فَإِمَّا أنْ تَقْتَصِرَ علَى ذلكَ، وإمَّا أنْ تَرْجِعَ إلَيَّ ذِمَّتِي، فإنِّي لا أُحِبُّ أنْ تَسْمع العَرَبُ أنِّي أُخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ له، فقالَ أبو بَكْرٍ: فإنِّي أرُدُّ إلَيْكَ جِوارَكَ، وأَرْضَى بجِوارِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَئذٍ بمَكَّةَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ: إنِّي أُرِيتُ دارَ هِجْرَتِكُمْ، ذاتَ نَخْلٍ بيْنَ لابَتَيْنِ وهُما الحَرَّتانِ، فَهاجَرَ مَن هاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، ورَجَعَ عامَّةُ مَن كانَ هاجَرَ بأَرْضِ الحَبَشَةِ إلى المَدِينَةِ، وتَجَهَّزَ أبو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى رِسْلِكَ ، فإنِّي أرْجُو أنْ يُؤْذَنَ لي فقالَ أبو بَكْرٍ: وهلْ تَرْجُو ذلكَ بأَبِي أنْتَ؟ قالَ: نَعَمْ فَحَبَسَ أبو بَكْرٍ نَفْسَهُ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وعَلَفَ راحِلَتَيْنِ كانَتا عِنْدَهُ ورَقَ السَّمُرِ وهو الخَبَطُ، أرْبَعَةَ أشْهُرٍ. قالَ ابنُ شِهابٍ، قالَ: عُرْوَةُ، قالَتْ عائِشَةُ: فَبيْنَما نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ في بَيْتِ أبِي بَكْرٍ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قالَ قائِلٌ لأبِي بَكْرٍ: هذا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَقَنِّعًا، في ساعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينا فيها، فقالَ أبو بَكْرٍ: فِداءٌ له أبِي وأُمِّي، واللَّهِ ما جاءَ به في هذِه السَّاعَةِ إلَّا أمْرٌ، قالَتْ: فَجاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ له فَدَخَلَ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبِي بَكْرٍ: أخْرِجْ مَن عِنْدَكَ. فقالَ أبو بَكْرٍ: إنَّما هُمْ أهْلُكَ، بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: فإنِّي قدْ أُذِنَ لي في الخُرُوجِ فقالَ أبو بَكْرٍ: الصَّحابَةُ بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ قالَ أبو بَكْرٍ: فَخُذْ - بأَبِي أنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ - إحْدَى راحِلَتَيَّ هاتَيْنِ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بالثَّمَنِ. قالَتْ عائِشَةُ: فَجَهَّزْناهُما أحَثَّ الجِهازِ، وصَنَعْنا لهما سُفْرَةً في جِرابٍ ، فَقَطَعَتْ أسْماءُ بنْتُ أبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِن نِطاقِها، فَرَبَطَتْ به علَى فَمِ الجِرابِ، فَبِذلكَ سُمِّيَتْ ذاتَ النِّطاقَيْنِ قالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ بغارٍ في جَبَلِ ثَوْرٍ ، فَكَمَنا فيه ثَلاثَ لَيالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُما عبدُ اللَّهِ بنُ أبِي بَكْرٍ، وهو غُلامٌ شابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فيُدْلِجُ مِن عِندِهِما بسَحَرٍ، فيُصْبِحُ مع قُرَيْشٍ بمَكَّةَ كَبائِتٍ، فلا يَسْمَعُ أمْرًا، يُكْتادانِ به إلَّا وعاهُ ، حتَّى يَأْتِيَهُما بخَبَرِ ذلكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، ويَرْعَى عليهما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِن غَنَمٍ، فيُرِيحُها عليهما حِينَ تَذْهَبُ ساعَةٌ مِنَ العِشاءِ، فَيَبِيتانِ في رِسْلٍ، وهو لَبَنُ مِنْحَتِهِما ورَضِيفِهِما، حتَّى يَنْعِقَ بها عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ بغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذلكَ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن تِلكَ اللَّيالِي الثَّلاثِ، واسْتَأْجَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِن بَنِي الدِّيلِ، وهو مِن بَنِي عبدِ بنِ عَدِيٍّ، هادِيا خِرِّيتًا، والخِرِّيتُ الماهِرُ بالهِدايَةِ، قدْ غَمَسَ حِلْفًا في آلِ العاصِ بنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ، وهو علَى دِينِ كُفّارِ قُرَيْشٍ، فأمِناهُ فَدَفَعا إلَيْهِ راحِلَتَيْهِما، وواعَداهُ غارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيالٍ، براحِلَتَيْهِما صُبْحَ ثَلاثٍ، وانْطَلَقَ معهُما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ، والدَّلِيلُ، فأخَذَ بهِمْ طَرِيقَ السَّواحِلِ،

25 - زَعَمُوا أنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بهَا معهُ، فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزَاةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ معهُ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجٍ، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا، حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وقَفَلَ ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ؛ آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشَيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، فأقْبَلَ الَّذِينَ يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، وإنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ حِينَ رَفَعُوهُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ، فَاحْتَمَلُوهُ وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنْزِلَهُمْ وليسَ فيه أحَدٌ، فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، فَظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونَنِي، فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ، فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي، وكانَ يَرَانِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ يَدَهَا، فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ ما نَزَلُوا مُعَرِّسِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ بهَا شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ مِن قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، ويَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أرَى مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أمْرَضُ، إنَّما يَدْخُلُ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ لا أشْعُرُ بشَيءٍ مِن ذلكَ حتَّى نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ؛ مُتَبَرَّزُنَا، لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أوْ في التَّنَزُّهِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ بنْتُ أبِي رُهْمٍ نَمْشِي، فَعَثَرَتْ في مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ! أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟! فَقَالَتْ: يا هَنْتَاهْ، ألَمْ تَسْمَعِي ما قالوا؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَلَّمَ فَقَالَ: كيفَ تِيكُمْ؟ فَقُلتُ: ائْذَنْ لي إلى أبَوَيَّ، قَالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَيْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ؟ فَقَالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي علَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ؛ فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا ولَهَا ضَرَائِرُ ، إلَّا أكْثَرْنَ عَلَيْهَا، فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! ولقَدْ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بهذا؟! قَالَتْ: فَبِتُّ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ عليه بالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ لهمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أهْلُكَ يا رَسولَ اللَّهِ، ولَا نَعْلَمُ -واللَّهِ- إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: يا بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ فِيهَا شيئًا يَرِيبُكِ؟ فَقَالَتْ بَرِيرَةُ: لا والَّذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ منها أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا قَطُّ أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنِ العَجِينِ، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِي؟! فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، وقدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي، فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنَا واللَّهِ أعْذِرُكَ منه؛ إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا، فَفَعَلْنَا فيه أمْرَكَ، فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ -وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ- فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى ذلكَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، واللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ؛ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَثَارَ الحَيَّانِ -الأوْسُ والخَزْرَجُ- حتَّى هَمُّوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَنَزَلَ، فَخَفَّضَهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، وبَكَيْتُ يَومِي لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، فأصْبَحَ عِندِي أبَوَايَ، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا حتَّى أظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبيْنَا هُما جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، إذِ اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، فَبيْنَا نَحْنُ كَذلكَ إذْ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَجَلَسَ، ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مِن يَومِ قِيلَ فِيَّ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ مَكَثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي شَيءٌ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: يا عَائِشَةُ، فإنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ؛ فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، وقُلتُ لأبِي: أجِبْ عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قَالَ، قَالَتْ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ، فَقُلتُ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمْ سَمِعْتُمْ ما يَتَحَدَّثُ به النَّاسُ، ووَقَرَ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، ولَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ -واللَّهُ يَعْلَمُ إنِّي لَبَرِيئَةٌ- لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ -واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ إذْ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ علَى فِرَاشِي وأَنَا أرْجُو أنْ يُبَرِّئَنِي اللَّهُ، ولَكِنْ واللَّهِ ما ظَنَنْتُ أنْ يُنْزِلَ في شَأْنِي وحْيًا، ولَأَنَا أحْقَرُ في نَفْسِي مِن أنْ يُتَكَلَّمَ بالقُرْآنِ في أمْرِي، ولَكِنِّي كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ، فَوَاللَّهِ ما رَامَ مَجْلِسَهُ ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه الوَحْيُ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ في يَومٍ شَاتٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكانَ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قَالَ لِي: يا عَائِشَةُ، احْمَدِي اللَّهَ؛ فقَدْ بَرَّأَكِ اللَّهُ، فَقَالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: لا واللَّهِ، لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآيَاتِ، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قَالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه -وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه-: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا} إلى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الذي كانَ يُجْرِي عليه، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقَالَ: يا زَيْنَبُ، ما عَلِمْتِ؟ ما رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْهَا إلَّا خَيْرًا، قَالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2661 التخريج : أخرجه مسلم (2770)، وأحمد (25623)، والنسائي في ((الكبرى)) (8882) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك مناقب وفضائل - زينب بنت جحش مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

26 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَما نَزَلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ رَكِبْتُ، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما تَأْكُلُ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا دَاعٍ، ولَا مُجِيبٌ فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأدْلَجَ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما كَلَّمَنِي كَلِمَةً ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ علَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ ، حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي، أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّطَفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الذي يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَما نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وهو مُتَبَرَّزُنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وقدْ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ أوَلَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: قُلتُ: وما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، ودَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَعْنِي سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ فَقُلتُ: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَجِئْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، ولَهَا ضَرَائِرُ إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى أصْبَحْتُ أبْكِي، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَأْمِرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أهْلَكَ ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ قالَتْ بَرِيرَةُ: لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَاسْتَعْذَرَ يَومَئذٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ أنَا أعْذِرُكَ منه، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: فأصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا لا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ، ولَا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قالَتْ: فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي، وأَنَا أبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إلى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عليه قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ، قالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَتْ: فَقُلتُ وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ، حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به فَلَئِنْ، قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إلَّا قَوْلَ أبِي يُوسُفَ، قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}، قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، ولَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وهو في يَومٍ شَاتٍ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي يُنْزَلُ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُرِّيَ عنْه وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ عزَّ وجلَّ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، قالَتْ: فَقُلتُ: لا واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُم لا تَحْسِبُوهُ) العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُم والسَّعَةِ أنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى والمَسَاكِينَ والمُهَاجِرِينَ في سَبيلِ اللَّهِ، ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا، ألَا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي أُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ: يا زَيْنَبُ مَاذَا عَلِمْتِ أوْ رَأَيْتِ؟ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَن هَلَكَ مِن أصْحَابِ الإفْكِ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4750 التخريج : أخرجه مسلم (2770)، والبزار (153)، والطبراني (23/ 56)، (123) جميعهم باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك قرآن - أسباب النزول مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق وحي - صفة نزول الوحي
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

27 - كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ في هَوْدَجِي وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قالَتْ: وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ أرْكَبُ عليه، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ ، ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وحَمَلُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ فَسَارُوا، ووَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا منهمْ دَاعٍ ولَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي ، ووَاللَّهِ ما تَكَلَّمْنَا بكَلِمَةٍ، ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وهَوَى حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ ، فَوَطِئَ علَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وهُمْ نُزُولٌ، قالَتْ: فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى كِبْرَ الإفْكِ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، قالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أنَّه كانَ يُشَاعُ ويُتَحَدَّثُ به عِنْدَهُ، فيُقِرُّهُ ويَسْتَمِعُهُ ويَسْتَوْشِيهِ، وقالَ عُرْوَةُ أيضًا: لَمْ يُسَمَّ مِن أهْلِ الإفْكِ أيضًا إلَّا حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ، ومِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، وحَمْنَةُ بنْتُ جَحْشٍ، في نَاسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لي بهِمْ، غيرَ أنَّهُمْ عُصْبَةٌ، كما قالَ اللَّهُ تَعَالَى، وإنَّ كِبْرَ ذلكَ يُقَالُ له: عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، قالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وتَقُولُ: إنَّه الذي قالَ: فَإنَّ أبِي ووَالِدَهُ وعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقَاءُ قالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ، وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللُّطْفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذلكَ يَرِيبُنِي ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ، حتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مع أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ، وكانَ مُتَبَرَّزَنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، قالَتْ: وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ قِبَلَ الغَائِطِ، وكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ، وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المُطَّلِبِ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتي حِينَ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ ولَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: وقُلتُ: ما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ ، قالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتي دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ، فَقُلتُ له: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ؟ قالَتْ: وأُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهُ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أصْبَحْتُ أبْكِي، قالَتْ: ودَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْأَلُهُما ويَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ، فَقالَ أُسَامَةُ: أهْلَكَ، ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيٌّ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَرِيرَةَ، فَقالَ: أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟ . قالَتْ له بَرِيرَةُ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا قَطُّ أغْمِصُهُ غيرَ أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قالَتْ: فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن يَومِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ، وهو علَى المِنْبَرِ، فَقالَ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي عنْه أذَاهُ في أهْلِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي. قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ أخُو بَنِي عبدِ الأشْهَلِ، فَقالَ : أنَا يا رَسولَ اللَّهِ أعْذِرُكَ، فإنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ، وكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بنْتَ عَمِّهِ مِن فَخِذِهِ ، وهو سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، قالَتْ: وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، ولو كانَ مِن رَهْطِكَ ما أحْبَبْتَ أنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وهو ابنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قالَتْ: فَثَارَ الحَيَّانِ الأوْسُ، والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، قالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، حتَّى سَكَتُوا وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ كُلَّهُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، قالَتْ: وأَصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي، وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا، لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، حتَّى إنِّي لَأَظُنُّ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبيْنَا أبَوَايَ جَالِسَانِ عِندِي وأَنَا أبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ فأذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ دَخَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي بشيءٍ، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، يا عَائِشَةُ، إنَّه بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عليه ، قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِّي فِيما قالَ: فَقالَ أبِي: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِيما قالَ: قالَتْ أُمِّي: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ: لا أقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرًا: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ: لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به، فَلَئِنْ قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، لا تُصَدِّقُونِي، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللَّهِ لا أجِدُ لي ولَكُمْ مَثَلًا إلَّا أبَا يُوسُفَ حِينَ قالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ} ثُمَّ تَحَوَّلْتُ واضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَجْلِسَهُ، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ، حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ ، وهو في يَومٍ شَاتٍ مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي أُنْزِلَ عليه، قالَتْ: فَسُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أنْ قالَ: يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ فقَدْ بَرَّأَكِ. قالَتْ: فَقالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، فَقُلتُ: واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، فإنِّي لا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ عزَّ وجلَّ، قالَتْ: وأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه وفَقْرِهِ: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا، بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ ما قالَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُمْ} - إلى قَوْلِهِ - {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وقالَ: واللَّهِ لا أنْزِعُهَا منه أبَدًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ عن أمْرِي، فَقالَ لِزَيْنَبَ: مَاذَا عَلِمْتِ، أوْ رَأَيْتِ. فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أحْمِي سَمْعِي وبَصَرِي، واللَّهِ ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا، قالَتْ عَائِشَةُ: وهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ، قالَتْ: وطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ، فِيمَن هَلَكَ قالَ ابنُ شِهَابٍ: فَهذا الذي بَلَغَنِي مِن حَديثِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ ثُمَّ قالَ عُرْوَةُ، قالَتْ عَائِشَةُ: واللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ الذي قيلَ له ما قيلَ لَيقولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما كَشَفْتُ مِن كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذلكَ في سَبيلِ اللَّهِ
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4141 التخريج : أخرجه البخاري (4141)، ومسلم (2770)
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك قرآن - أسباب النزول مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

28 - أُصِيبَ سَعْدٌ يَومَ الخَنْدَقِ في الأكْحَلِ ، فَضَرَبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَيْمَةً في المَسْجِدِ، لِيَعُودَهُ مِن قَرِيبٍ فَلَمْ يَرُعْهُمْ وفي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِن بَنِي غِفَارٍ، إلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إليهِم، فَقالوا: يا أهْلَ الخَيْمَةِ، ما هذا الذي يَأْتِينَا مِن قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ فِيهَا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 463 التخريج : أخرجه البخاري (463)، ومسلم (1769)
التصنيف الموضوعي: مساجد ومواضع الصلاة - ضرب الخباء في المسجد مغازي - غزوة الخندق مناقب وفضائل - سعد بن معاذ مناقب وفضائل - فضائل الأنصار مريض - مشروعية عيادة المريض وفضلها
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

29 - أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ ذاتَ لَيْلَةٍ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجالٌ بصَلاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ، فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ، فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّوْا بصَلاتِهِ، فَلَمَّا كانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ حتَّى خَرَجَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْها.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 924 التخريج : أخرجه مسلم (761) واللفظ له، وإسحاق بن راهويه (827)، وابن حبان (2543) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: تراويح وتهجد وقيام ليل - الاجتماع في صلاة التراويح تراويح وتهجد وقيام ليل - قيام شهر رمضان فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - شفقته على أمته
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

30 - كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصْغِي إلَيَّ رَأْسَهُ وهو مُجَاوِرٌ في المَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ وأَنَا حَائِضٌ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 2028 التخريج : أخرجه أحمد (24238)، وإسحاق بن راهويه (892) واللفظ لهما، وأبو داود (2469) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: اعتكاف - ما يباح للمعتكف وما يمنع منه حيض - طهارة الجنب والحائض حيض - استخدام الحائض زينة الشعر - الامتشاط نكاح - خدمة الزوجة لزوجها وأبنائها
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه