الموسوعة الحديثية

نتائج البحث
no-result لا توجد نتائج

1 - أرسَلَ ابنُ الزُّبَيرِ إلى الحُصَينِ بنِ نُمَيرٍ يَدْعوه إلى البِرازِ، فقالَ الحُصَينُ: لا يَمنَعُني مِن لِقائِكَ جُبنٌ، ولسْتُ أدْري لمَن يكونُ الظَّفَرُ، فإنْ كانَ لكَ كنْتُ قد ضيَّعْتُ مَن وَرائي، وإنْ كانَ لي كنْتُ قد أخْطأْتُ التَّدْبيرَ، وإنْ طُفْتُ رجَعْنا إلى باقي الحَديثِ، وضرَبَ ابنُ الزُّبَيرِ فُسْطاطًا في المَسجِدِ، فكانَ فيه نِساءٌ يَسْقينَ الجَرْحى ويُداويهنَّ ويُطعِمْنَ الجائعَ، ويَكتُمْنَ إليهنَّ المَجْروحَ، فقالَ حُصَينٌ: ما يَزالُ يَخرُجُ علينا مِن ذلك الفُسْطاطِ أسَدٌ كأنَّما يَخرُجُ مِن عَرينِه، فمَن يَكْفينيهِ؟ فقالَ رَجُلٌ مِن أهْلِ الشَّامِ: أنَا، فلمَّا جَنَّ عليه اللَّيلُ وضَعَ شَمْعةً في طَرفِ رُمحِه، ثمَّ ضرَبَ فرَسَه، ثمَّ طعَنَ الفُسْطاطَ فالتَهَبَ نارًا، والكَعبةُ يومَئذٍ مؤَزَّرةٌ في الطَّنافِسِ، وعلى أعْلاها الحِبَرةُ ، فطارَتِ الرِّيحُ باللَّهِبِ على الكَعبةِ حتَّى احترَقَتْ واحتَرَقَ فيها يومَئذٍ قَرْنا الكَبشِ الَّذي فُدِيَ به إسْحاقُ، قالَ: فبلَغَ حُصَينَ بنَ نُمَيرٍ مَوتُ يَزيدَ بنِ مُعاويةَ، فهرَبَ حُصَينُ بنُ نُمَيرٍ، فلمَّا ماتَ يَزيدُ بنُ مُعاويةَ دَعا مَرْوانُ بنُ الحَكَمِ إلى نفْسِه، فأجابَه أهْلُ حِمصَ، وأهْلُ الأُردُنِّ وفِلَسْطينَ، فوَجَّهَ إليه ابنُ الزُّبَيرِ الضَّحَّاكَ بنَ قَيسٍ الفِهْريَّ في مائةِ ألْفٍ، فالْتَقَوْا بمَرْجِ راهِطٍ ومَرْوانُ يومَئذٍ في خَمسةِ آلافٍ مِن بَني أُميَّةَ ومَواليهِم وأتْباعِهم مِن أهْلِ الشَّامِ، فقالَ: كيف أحمِلُ على هؤلاء لكَثْرَتِهم؟ فقالَ: هُم بيْنَ مُكْرَهٍ ومُسْتَأجَرٍ، احمِلْ عليهم لا أمَّ لكَ، فيَكْفيكَ الطَّعَّانُ النَّاجِعُ الجيِّدُ، وهُم يَكْفونَكَ بأنفُسِهم، إنَّما هؤلاء عَبيدُ الدِّينارِ والدِّرهَمِ، فحمَلَ عليهم فهَزَمَهم، وقُتِلَ الضَّحَّاكُ بنُ قَيسٍ، وانصدَعَ الجَيشُ، ففي ذلك يقولُ زُفَرُ بنُ الحارِثِ: لَعَمْري لقد أبقَتْ وَقيعةُ راهِطٍ... لمَرْوانَ صَرْعى واقِعاتٍ وسابِيَا أُمَضِّي سِلاحي لا أبَا لكَ إنَّني... أرَى الحَربَ لا تَزْدادُ إلَّا تَماديَا فقدْ يَنبُتُ المَرْعى على دِمَنِ الثَّرى ... وتَبْقى حَزَازاتُ النُّفوسِ كما هيَا وفيه يَقولُ أيضًا: أفي الحَقِّ أمَّا بَحْدَلٌ وابنُ بَحْدَلٍ... فيَحْيا وأمَّا ابنُ الزُّبَيرِ فيُقتَلُ كَذَبْتُم وبَيتِ اللهِ لا يَقْتُلونَه... ولَمَّا يكُنْ يومٌ أغَرُّ مُحَجَّلُ ولَمَّا يكُنْ للمَشْرَفيَّةِ فيكم... شُعاعٌ كنورِ الشَّمسِ حينَ تُرَجَّلُ قالَ: ثمَّ ماتَ مَرْوانُ فدَعا عَبدُ الملِكِ إلى نفْسِه وقامَ، فأجابَه أهْلُ الشَّامِ، فخطَبَ على المِنبَرِ وقالَ: مَن لابنِ الزُّبَيرِ؟ فقالَ الحجَّاجُ: أنا يا أميرَ المُؤمِنينَ، فأسكَتَه، ثمَّ عادَ فأسكَتَه، ثمَّ عادَ فقالَ: أنا له يا أميرَ المُؤمِنينَ؛ فإنِّي رأيْتُ في المَنامِ كأنِّي انتَزَعْتُ جُنَّةً فلَبِسْتُها، فعقَدَ له ووَجَّهَه في الجَيشِ إلى مكَّةَ حرَسَها اللهُ، حتَّى وَرَدَها على ابنِ الزُّبَيرِ فقاتَلَه بها، فقالَ ابنُ الزُّبَيرِ لأهْلِ مكَّةَ: احْفَظوا هذين الجَبَلَينِ؛ فإنَّكم لنْ تَزالوا بخَيرٍ أعِزَّةً ما لم يَظْهَروا عليهما، قالَ: فلم يَلبَثوا أنْ ظهَرَ الحجَّاجُ ومَن معَه على أبي قُبَيسٍ ونصَبَ عليه المَنجَنيقَ، فكانَ يَرْمي به ابنَ الزُّبَيرِ ومَن معَه في المَسجِدِ، فلمَّا كانَ الغَداةُ الَّتي قُتِلَ فيها ابنُ الزُّبَيرِ دخَلَ ابنُ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنه على أمِّه أسْماءَ بِنتِ أبي بَكرٍ، وهي يومَئذٍ بنتُ مائةِ سنةٍ لم يَسقُطْ لها سِنٌّ ولم يَفسُدْ لها بَصرٌ ولا سَمعٌ، فقالَتْ لابْنِها: يا عَبدَ اللهِ، ما فعَلْتَ في حَربِكَ؟ فقالَ: بَلَغوا مكانَ كذا وكذا قالَ: وضحِكَ ابنُ الزُّبَيرِ وقالَ: إنَّ في المَوتِ لَراحةً. فقالَتْ: يا بُنيَّ، لعَلَّكَ تَمنَّيْتَه لي ما أُحِبُّ أنْ أموتَ حتَّى آتيَ على أحَدِ طَرَفيْكَ، إمَّا أنْ تَملِكَ فتَقَرَّ بذلك عَيْني، وإمَّا أنْ تُقتَلَ فأحتَسِبَكَ، قالَ: ثمَّ ودَّعَها، فقالَتْ له: يا بُنَيَّ، إيَّاكَ أنْ تُعْطيَ خَصْلةً مِن دينِكَ مَخافةَ القَتلِ، وخرَجَ عنها فدخَلَ المَسجِدَ وقد جعَلَ مِصْراعَينِ على الحَجَرِ الأسْوَدِ يَتَّقي أنْ يُصيبَه المَنجَنيقُ، وأتَى ابنُ الزُّبَيرِ آتٍ وهو جالِسٌ عندَ زَمزَمَ، فقالَ له: ألَا نَفتَحُ لكَ الكَعْبةَ فتَصعَدَ فيها؟ فنظَرَ إليه عَبدُ اللهِ ثمَّ قالَ له: مِن كلِّ شَيءٍ تحفَظُ أخاكَ إلَّا مِن نفْسِه -يَعني مِن أجَلِه- وهل للكَعْبةِ حُرْمةٌ ليسَتْ لهذا المَكانِ، واللهِ لو وَجَدوكم مُعَلَّقينَ بأسْتارِ الكَعْبةِ لَقَتَلوكم، فقيلَ له: ألَا تُكلِّمُهم في الصُّلحِ؟ فقالَ: أوَ حِينُ صُلحٍ هذا؟ واللهِ لو وَجَدوكم في جَوْفِها لذَبَحوكم جَميعًا، ثمَّ أنْشأَ يَقولُ: ولستُ بمُبْتاعِ الحَياةِ بسُبَّةٍ... ولا مُرتَقٍ مِن خَشْيةِ المَوتِ سُلَّمَا أُنافِسُ سَهمًا إنَّه غيرُ بارِحٍ... مُلاقي المَنايا أيَّ صَرفٍ تَيمَّمَا. ثمَّ أقبَلَ على آلِ الزُّبَيرِ يَعِظُهم: ليَكُنْ أحَدُكم سَيفُه كما يكونُ وَجهُه، لا يُنكِّسُ سَيفَه فيَدفَعَ عنْ نفْسِه بيَدِه كأنَّه امْرأةٌ، واللهِ ما لَقيتُ زَحفًا قطُّ إلَّا في الرَّعيلِ الأوَّلِ، ولا ألِمْتُ جُرحًا قطُّ إلَّا أنْ آلَمَ الدَّواءَ قالَ: فبيْنَما هُم كذلك؛ إذ دخَلَ عليهم نَفرٌ مِن بَني جُمَحَ، فيهم أسوَدُ فقالَ: مَن هؤلاء؟ قيلَ: أهلُ حِمصَ، فحمَلَ عليهم ومعَه سَبعونَ، فأوَّلُ مَن لَقِيَه الأسوَدُ، فضرَبَه بسَيفِه حتَّى أطَنَّ رِجْلَه، فقالَ له الأسوَدُ: آهْ يا ابنَ الزَّانيةِ، فقالَ له ابنُ الزُّبَيرِ: اخْسَأْ يا ابنَ حامٍ، لأسْماءُ زانيةٌ!، ثمَّ أخرَجَهم منَ المَسجِدِ وانصرَفَ، فإذا بقَومٍ قد دَخَلوا مِن بابِ بَني سَهمٍ، فقالَ: مَن هؤلاء؟ فقيلَ: أهْلُ الأُردُنِّ، فحمَلَ عليهم وهو يَقولُ: لا عَهدَ لي بغارةٍ مثلِ السَّيلِ... لا يَنجَلي غُبارُها حتَّى اللَّيلِ. قالَ: فأخرَجَهم منَ المَسجِدِ ثمَّ رجَعَ، فإذا بقَومٍ قد دَخَلوا مِن بابِ بَني مَخْزومٍ، فحمَلَ عليهم وهو يَقولُ: لو كانَ قَرْني واحِدًا كَفَيْتُه. قالَ: وعلى ظَهرِ المَسجِدِ مِن أعْوانِه مَن يَرْمي عَدوَّه بالآجُرِّ وغَيرِه، فحمَلَ عليهم فأصابَتْه آجُرُّةٌ في مَفرِقِه حتَّى فلَقَتْ رَأسَه فوقَفَ قائمًا وهو يَقولُ: ولسْنا على الأعْقابِ تَدْمى كُلومُنا... ولكنْ على أقْدامِنا تَقطُرُ الدِّمَا. قالَ: ثمَّ وقَعَ فأكَبَّ عليه مَوْليانِ له، وهُما يَقولانِ: العَبدُ يَحْمي ربَّه ويَحْتَمي، قالَ: ثمَّ سُيِّرَ إليه، فحَزَّ رَأسَه رَضيَ اللهُ عنه.
خلاصة حكم المحدث : [سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما]
الراوي : عبدالله بن عروة بن الزبير | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 6488
التصنيف الموضوعي: طب - مداواة الرجل المرأة والعكس مساجد ومواضع الصلاة - ضرب الخباء في المسجد أشراط الساعة - قتال المسلمين بين بعضهم بعضا فتن - ما كان من أمر ابن الزبير مغازي - استصحاب النساء في الغزو لمصلحة المرضى والجرحى

2 - يَجمَعُ اللهُ النَّاسَ يَومَ القيامةِ فيُنادي مُنادٍ: يا أيُّها النَّاسُ، ألمْ تَرضَوا مِن ربِّكم الَّذي خَلَقَكم وصَوَّركم ورزَقَكم أنْ يُولِيَ كلَّ إنسانٍ ما كان يَعبُدُ في الدُّنيا ويَتولَّى؟ أليْس ذلكَ عدْلٌ مِن ربِّكم؟ قالوا: بَلى، قال: فيَنطلِقُ كلُّ إنسانٍ منكمْ إلى ما كان يَتولَّى في الدُّنيا، ويُمثَّلُ لهمْ ما كانوا يَعبُدون في الدُّنيا، وقال: يُمثَّل لمَن كان يَعبُدُ عِيسى شَيطانُ عِيسى، ويُمثَّلُ لمَن كان يَعبُدُ عُزيرًا شَيطانُ عُزَيرٍ، حتَّى يُمثَّلَ لهم الشَّجرُ والعُودُ والحَجرُ، ويَبْقى أهلُ الإسلامِ جُثومًا، فيَقولُ لهم: ما لكمْ لا تَنطلِقون كما انطلَقَ النَّاسُ؟ فيَقولون: إنَّ لنا ربًّا ما رَأيْناه بعْدُ، قال: فيَقولُ: فبِمَ تَعرفِون ربَّكم إنْ رَأيْتُموه؟ قالوا: بيْننا وبيْنه عَلامةٌ إنْ رَأيْناه عَرَفْناه، قال: وما هي؟ قالوا: فيُكشَفُ عن ساقٍ، قال: فيَحْني كلُّ مَن كان لِظَهْرٍ طبَقَ ساجدًا، ويَبْقى قومٌ ظُهورُهم كصَياصِي بَقرٍ، يُريدون السُّجودَ فلا يَستطِيعون، قال: ثمَّ يُؤمَرون فيَرفَعون رُؤوسَهم، فيُعطَون نُورَهم على قدْرِ أعمالِهم؛ فمنْهم مَن يُعطَى نُورَه مِثلَ الجبَلِ بيْن يَدَيه، ومنْهم مَن يُعطَى نُورَه دونَ ذلكَ، ومنْهم مَن يُعطَى نُورَه مِثلَ النَّخلةِ بيَمينِه، ومنْهم مَن يُعطى دونَ ذلكَ، حتَّى يكونَ آخِرُ ذلكَ يُعطَى نُورَه على إبهامِ قَدَمِه، يُضِيءُ مرَّةً ويُطفِئُ مرَّةً، فإذا أضاء قدَّمَ قَدَمَه، وإذا طُفِئَ قامَ، فيَمُرُّون على الصِّراطِ، والصِّراطُ كحَدِّ السَّيفِ دَحْضٌ مَزِلَّةٌ ، قال: فيُقالُ: انْجُوا على قدْرِ نُورِكم؛ فمنْهم مَن يَمُرُّ كانقضاضِ الكوْكبِ، ومنْهم مَن يَمُرُّ كالرِّيحِ، ومنْهم مَن يَمُرُّ كشَدِّ الرَّجلِ ويَرمُلُ رَمَلًا، فيَمُرُّون على قدْرِ أعمالِهِم، حتَّى يَمُرَّ الَّذي نُورُه على إبهامِ قَدَمهِ يَجُرُّ يدًا ويُعلِّقً يدًا، ويَجُرُّ رِجلًا ويُعلِّقُ رِجلًا، فتُصيبُ جَوانبَه النَّارَ، قال: فيَخلُصون، فإذا خَلَصوا، قالوا: الحمدُ للهِ الَّذي نجَّانا منكِ بعْدَ إذ رَأيْناكِ؛ فقدْ أعْطانا اللهُ ما لم يُعطِ أحدًا، فيَنطلِقون إلى ضَحضاحٍ عندَ بابِ الجنَّةِ، وهو مُصْفَقٌ مَنزلًا في أدْنى الجنَّةِ، فيَقولُون: ربَّنا أعْطِنا ذلكَ المنزِلَ، قال: فيَقولُ لهم: تَسْألوني الجنَّةَ وهو مُصْفَقٌ، وقدْ أنْجَيْتُكم مِنَ النَّارِ، هذا البابُ لا يَسْمَعون حَسِيسَها، فيَقولُ لهم: لعلَّكم إنْ أُعطِيتُموه أنْ تَسألوني غيْرَه، قال: فيَقولُ: لا وعِزَّتِكَ لا نَسألُكَ غيْرَه، وأيُّ مَنزِلٍ يكونُ أحسَنَ منه؟ قال: فيُعطُوه ثمَّ يَسكُتون، قال: فيُقالُ لهم: ما لكمْ لا تَسأَلون؟ فيَقولُون: ربَّنا قدْ سَألْنا حتَّى استَحْيَينا، قال: فيَقولُ لهم: ألمْ تَرضَوا أنِّي أعطَيْتُكم مِثلَ الدنُّيا منذُ يومِ خَلقْتُها إلى يومِ أفْنَيْتُها، وعَشَرةَ أضعافِها؟ قال: قال مَسروقٌ: فما بلَغَ عبدُ اللهِ هذا المكانَ مِنَ الحديثِ إلَّا ضَحِك، قال: فقال له رجُلٌ: يا أبا عبْدَ الرَّحمنِ، لَقدْ حدَّثْتَ بهذا الحديثِ مِرارًا، فما بلَغْتَ هذا المكانَ مِن هذا الحديثِ إلَّا ضَحِكتَ، قال: فقال عبْدُ اللهِ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحدِّثُ بهذا الحديثِ مِرارًا، فما بلَغَ هذا المكانَ مِن هذا الحديثِ إلَّا ضَحِك حتَّى تَبْدوَ لَهواتُه ويَبدُوَ آخِرُ ضَرسٍ مِن أضراسِه؛ لقولِ إنسانٍ قال: [أتَهزَأُ بي وأنتَ الملِكُ؟! قال:] فيَقولُ الرَّبُّ تَبارَك وتعالَى: لا، ولكنِّي على ذلكَ قادرٌ، فسَلُوني، قال: فيَقولُون: ربَّنا ألْحِقْنا بالنَّاسِ [فيَقولُ لهم: الْحَقُوا بالنَّاسِ]، قال: فيَنطلِقون يَرمُلون في الجنَّةِ، حتَّى يَبدُوَ للرَّجلِ منْهم قصْرٌ مِن دُرَّةٍ مُجوَّفةٍ، قال: فيَخِرُّ ساجدًا، قال: فيُقالُ له: ارفَعْ رأْسَكَ، فيَرفَعُ رأْسَه، فيُقالُ: إنَّما هذا مَنزِلٌ مِن مَنازلِكَ، قال: فيَنطلِقُ فيَستقبِلُه رجُلٌ، فيَقولُ: أنتَ مَلَكٌ أو مَلِكٌ؟ فيُقالُ: إنَّما ذلكَ قَهْرمانٌ مِن قَهارِمتِك على هذا القصْرِ، تحْتَ يَدِي ألْفُ قَهْرمانٍ ، كلُّهم على ما أنا عليهِ، قال: فيَنطلِقُ به عِندَ ذلكَ حتَّى يَفتَحَ القصْرَ، وهو دُرَّةٌ مُجوَّفةٌ؛ سَقايفُها وأبوابُها وأغلاقُها ومَفاتيحُها منها، فيَفتَحُ له القصْرُ، فيَستقبِلُه جَوهرةٌ خَضْراءُ مُبطَّنةٌ بحَمْراءَ سَبْعون ذِراعًا فيها، فيها سِتُّونَ بابًا، كلُّ بابٍ يُفْضي إلى جَوهرةٍ واحدةٍ على غيرِ لَونِ صاحبتِها، في كلِّ جَوهرةٍ سُرَرٌ وأزواجٌ وتَصاريفُ -أو قال: ووَصائفُ- قال: فيَدخُلُ، فإذا هو بحَوْراءَ عَيْناءَ، عليها سَبعونَ حُلَّةً ، يُرَى مُخُّ ساقِها مِن وَراءِ حُلَلِها، كَبِدُها مِرآتُه، وكَبِدُه مِرآتُها، إذا أعرَضَ عنها إعراضةً ازدادتْ في عَينِه سَبعينَ ضِعفًا عمَّا كان قبْلَ ذلكَ، فيَقولُ: لَقدِ ازددْتِ في عَيْني سَبعينَ ضِعفًا، وتقولُ له مِثلَ ذلك، قال: فيُشرِفُ ببَصرِه على مُلكِه مَسيرةَ مائةِ عامٍ. قال: فقالَ عُمرُ عندَ ذلكَ: يا كَعبُ، ألَا تَسمَعُ إلى ما يُحدِّثُنا ابنُ أُمِّ عبْدٍ عن أدْنى أهلِ الجنَّةِ ما له؟ فكيْف بأعْلاهم؟! قال: يا أميرَ المُؤمنينَ، ما لا عَينٌ رأَتْ، ولا أُذنٌ سَمِعتْ؛ إنَّ اللهَ كان فوْقَ العرشِ والماءِ، فخَلَق لِنفسِه دارًا بيَدِه، فزيَّنَها بما شاء، وجعَلَ فيها مِنَ الثَّمراتِ والشَّرابِ، ثمَّ أطْبَقَها، فلم يَرَها أحدٌ مِن خَلقِه منذُ يومِ خَلَقَها؛ لا جِبريلُ ولا غيرُه مِنَ الملائكةِ، ثمَّ قرَأَ كَعبٌ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]، وخلَقَ دونَ ذلكَ جنَّتَينِ، فزيَّنَهما بما شاء، وجعَلَ فيهما ما ذَكَر مِنَ الحريرِ والسُّندسِ والإسْتَبرقِ، وأَراهما مَن شاء مِن خَلقِه مِنَ الملائكةِ، فمَن كان كِتابُه في عِلِّيِّينَ يَرى في تلكَ الدَّارِ، فإذا ركِبَ الرَّجلُ مِن أهلِ عِلِّيِّين في مِلكِه بيْن خَيمةٍ مِن خِيامِ الجنَّةِ إلَّا دَخَلَها مِن ضَوءِ وَجْهِه، حتَّى إنَّهم يَسْتنشِقون رِيحَه ويَقولونَ: واهًا لهذهِ الرِّيحِ الطَّيِّبةِ! ويَقولون: لَقدْ أشرَفَ علينا اليومَ رجُلٌ مِن أهلِ عِلِّيِّينَ . فقال عمرُ: وَيْحَكَ يا كَعبُ! إنَّ هذه القلوبَ قدِ اسْتَرْسَلَت فاقْبِضْها، فقال كَعبٌ: يا أميرَ المُؤمنينَ، إنَّ لِجَهنَّمَ زَفرةً ما مِن مَلَكٍ مُقرَّبٍ ولا نَبيٍّ إلَّا يَخِرُّ لِرُكبَتَيه حتَّى يَقولَ إبراهيمُ خَليلُ اللهِ: رَبِّ نفْسي نفْسي، وحتَّى لوْ كان لكَ عمَلُ سَبعينَ نبيًّا إلى عَملِكَ لَظنَنْتَ ألَّا [تَنجُوَ] منها.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين
الصفحة أو الرقم : 8977
التصنيف الموضوعي: قيامة - الصراط إيمان - الشرك ظلم عظيم إيمان - اليوم الآخر إيمان - عظمة الله وصفاته قيامة - أهوال يوم القيامة