الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - لم أتخلَّفْ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ إلَّا بدر، ولم يُعاتِبِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحدًا تخلَّف عن بدرٍ إنَّما خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُريدُ العيرَ وخرَجَت قريشٌ مُغيثينَ لعيرِهم فالتقَوا على غيرِ موعدٍ كما قال اللهُ ولعَمْري إنَّ أشرفَ مشاهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّاسِ لَبدرٌ وما أُحِبُّ أنِّي كُنْتُ شهِدْتُها مكانَ بيعتي ليلةَ العَقبةِ حينَ تواثَقْنا على الإسلامِ ولم أتخلَّفْ بعدُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ وهي آخِرُ غزوةٍ غزاها، آذَن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [ النَّاسَ ] بالرَّحيلِ وأراد أنْ يتأهَّبوا أُهبةَ غزوِهم وذلك حين طاب الظِّلالُ وطابتِ الثِّمارُ وكان قلَّما أراد غزوةً إلَّا ورَّى غيرَها وكان يقولُ: ( الحربُ خَدْعةٌ ) فأراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةِ تبوكَ أنْ يتأهَّبَ النَّاسُ أُهبَتَه وأنا أيسَرُ ما كُنْتُ قد جمَعْتُ راحلتينِ لي فلم أزَلْ كذلك حتَّى قام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غاديًا بالغداةِ وذلك يومَ الخميسِ ـ وكان يُحِبُّ أنْ يخرُجَ يومَ الخميسِ ـ فأصبَح غاديًا فقُلْتُ: أنطلِقُ إلى السُّوقِ وأشتري جَهازي ثمَّ ألحَقُ بها فانطلَقْتُ إلى السُّوقِ مِن الغدِ فعسُر علَيَّ بعضُ شأني فرجَعْتُ فقُلْتُ: أرجِعُ غدًا إنْ شاء اللهُ فألحَقُ بهم فعسُر علَيَّ بعضُ شأني أيضًا فلم أزَلْ كذلك حتَّى لبَّس بي الذَّنبُ وتخلَّفْتُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجعَلْتُ أمشي في الأسواقِ وأطرافِ المدنيةِ فيُحزِنُني ألَّا أرى أحدًا تخلَّف عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا رجلًا مغموصًا عليه في النِّفاقِ وكان ليس أحدٌ تخلَّف إلَّا أرى ذلك سيَخفى له وكان النَّاسُ كثيرًا لا يجمَعُهم ديوانٌ وكان جميعُ مَن تخلَّف عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضعةً وثمانينَ رجلًا ولم يذكُرْني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى بلَغ تبوكًا فلمَّا بلَغ تبوكًا قال: ( ما فعَل كعبُ بنُ مالكٍ ) ؟ فقال رجلٌ مِن قومي: خلَّفه يا رسولَ اللهِ بُرداهُ والنَّظرُ في عِطْفَيه فقال معاذُ بنُ جبلٍ: بئس ما قُلْتَ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما نعلَمُ إلَّا خيرًا قال: فبَيْنا هم كذلك إذا رجلٌ يزولُ به السَّرابُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( كُنْ أبا خَيثمةَ ) فإذا هو أبو خَيثمةَ فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غزوةَ تبوكٍ وقفَل ودنا مِن المدينةِ جعَلْتُ أتذكَّرُ ماذا أخرُجُ به مِن سخَطِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأستعينُ على ذلك بكلِّ ذي رأيٍ مِن أهلِ بيتي حتَّى إذا قيل: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُصبِّحُكم بالغداةِ راح عنِّي الباطلُ وعرَفْتُ أنِّي لا أنجو إلَّا بالصِّدْقِ فدخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضُحًى فصلَّى في المسجدِ ركعتينِ ـ وكان إذا قدِم مِن سفرٍ فعَل ذلك: دخَل المسجدَ فصلَّى فيه ركعتينِ ثمَّ جلَس ـ فجعَل يأتيه مَن تخلَّف فيحلِفون له ويعتذِرون إليه فيستغفرُ لهم ويقبَلُ علانيتَهم ويكِلُ سرائرَهم إلى اللهِ فدخَلْتُ المسجدَ فإذا هو جالسٌ فلمَّا رآني تبسَّم تبسُّمَ المُغضَبِ فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ألم تكُنِ ابتَعْتَ ظَهرًا ) ؟ قُلْتُ: بلى يا نبيَّ اللهِ فقال ( ما خلَّفك عنِّي ) ؟ فقُلْتُ: واللهِ لو بينَ يدَيْ أحَدٍ مِن النَّاسِ غيرِك جلَسْتُ لخرَجْتُ مِن سخَطِه عليَّ بعُذْرٍ ولقد أوتيتُ جدَلًا ولكنِّي قد علِمْتُ ـ يا نبيَّ اللهِ ـ أنِّي إنْ حدَّثْتُك اليومَ بقولٍ تجِدُ عليَّ فيه وهو حقٌّ فإنِّي أرجو فيه عقبى اللهِ وإنْ حدَّثْتُك اليومَ بحديثٍ ترضى عنِّي فيه وهو كذِبٌ أوشَك أنْ يُطلِعَك اللهُ علَيَّ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما كُنْتُ قطُّ أيسَرَ ولا أخفَّ حاذًا منِّي حيثُ تخلَّفْتُ عليك فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا هذا فقد صدَقكم الحديثَ قُمْ حتَّى يقضيَ اللهُ فيك) فقُمْتُ فثار على أثري ناسٌ مِن قومي يؤنِّبونَني فقالوا: واللهِ ما نعلَمُك أذنَبْتَ ذنبًا قطُّ قبْلَ هذا فهلَّا اعتذَرْتَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعُذْرٍ يرضاه عنك فيه وكان استغفارُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سيأتي مِن وراءِ ذلك ولم تقِفْ موقفًا لا ندري ماذا يُقضى لك فيه فلم يزالوا يؤنِّبونَني حتَّى همَمْتُ أنْ أرجِعَ فأُكذِّبَ نفسي فقُلْتُ: هل قال هذا القولَ أحدٌ غيري ؟ قالوا: نَعم قاله هلالُ بنُ أُميَّةَ ومُرارةُ بنُ ربيعةَ فذكَروا رجلينِ صالحينِ شهِدا بدرًا لي فيهما أُسوةٌ فقُلْتُ: واللهِ لا أرجِعُ إليه في هذا أبدًا ولا أُكذِّبُ نفسي ونهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا أيُّها الثَّلاثةُ فجعَلْتُ أخرُجُ إلى السُّوقِ ولا يُكلِّمُني أحدٌ وتنكَّر لنا النَّاسُ حتَّى ما هم بالَّذينَ نعرِفُ وتنكَّر لنا الحيطانُ حتَّى ما هي بالحيطانِ الَّتي نعرِفُ وتنكَّرَت لنا الأرضُ حتَّى ما هي بالأرضِ الَّتي نعرِفُ وكُنْتُ أقوى أصحابي فكُنْتُ أخرُجُ فأطوفُ في الأسواقِ فآتي المسجدَ وآتي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأُسلِّمُ عليه وأقولُ: هل حرَّك شفَتَيهِ بالسَّلامِ فإذا قُمْتُ أُصلِّي إلى ساريةٍ وأقبَلْتُ على صلاتي نظَر إليَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمؤخِرِ عينَيْه وإذا نظَرْتُ إليه أعرَض عنِّي واشتكى صاحباي فجعَلا يبكيانِ اللَّيلَ والنَّهارَ ولا يُطلِعانِ رؤوسَهما قال: فبَيْنا أنا أطوفُ في الأسواقِ إذا رجلٌ نصرانيٌّ قد جاء بطعامٍ له يبيعُه يقولُ: مَن يدُلُّ على كعبِ بنِ مالكٍ فطفِق النَّاسُ يُشيرونَ له إليَّ فأتاني وأتى بصحيفةٍ مِن ملِكِ غسَّانَ فإذا فيها: أمَّا بعدُ فإنَّه بلَغني أنَّ صاحبَك قد جفاك وأقصاك ولسْتَ بدارِ هوانٍ ولا مَضيعةٍ فالحَقْ بنا نواسِكَ فقُلْتُ: هذا أيضًا مِن البلاءِ فسجَرْتُ لها التَّنُّورَ فأحرَقْتُها فيه فلمَّا مضَت أربعونَ ليلةً إذا رسولٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أتاني فقال: اعتزِلِ امرأتَك فقُلْتُ: أُطلِّقُها ؟ قال: لا ولكنْ لا تقرَبْها فجاءَتِ امرأةُ هلالِ بنِ أميَّةَ فقالت: يا نبيَّ اللهِ إنَّ هلالَ بنَ أميَّةَ شيخٌ ضعيفٌ فهل تأذَنُ لي أنْ أخدُمَه قال: ( نَعم ولكنْ لا يقرَبَنَّكِ ) قالت: يا نبيَّ اللهِ ما به حركةٌ لشيءٍ ما زال متَّكئًا يبكي اللَّيلَ والنَّهارَ مُذْ كان مِن أمرِه ما كان قال كعبٌ: فلمَّا طال علَيَّ البلاءُ اقتحَمْتُ على أبي قتادةَ حائطَه ـ وهو ابنُ عمِّي ـ فسلَّمْتُ عليه فلم يرُدَّ علَيَّ فقُلْتُ: أنشُدُكَ اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أحب الله ورسوله ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه فقال: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: فلم أملِكْ نفسي أنْ بكَيْتُ ثمَّ اقتحَمْتُ الحائطَ خارجًا حتَّى إذا مضَتْ خمسونَ ليلةً مِن حينِ نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا صلَّيْتُ على ظهرِ بيتٍ لنا صلاةَ الفجرِ وأنا في المنزلةِ الَّتي قال اللهُ: قد ضاقَت علينا الأرضُ بما رحُبَت وضاقت علينا أنفسُنا إذ سمِعْتُ نداءً مِن ذِروةِ سَلْعٍ أنْ أبشِرْ يا كعبُ بنَ مالكٍ فخرجت ساجدًا وعرَفْتُ أنَّ اللهَ قد جاءنا بالفرَجِ ثمَّ جاء رجلٌ يركُضُ على فرسٍ يُبشِّرُني فكان الصَّوتُ أسرَعَ مِن فرسِه فأعطَيْتُه ثوبيَّ بشارةً ولبِسْتُ ثوبينِ آخَرينِ وكانت توبتُنا نزَلت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثُلُثَ اللَّيلِ فقالت أمُّ سلَمةَ: يا نبيَّ اللهِ ألا نُبشِّرُ كعبَ بنَ مالكٍ فقال: ( إذًا يحطِمُكم النَّاسُ ويمَنعونَكم النَّومَ سائرَ اللَّيلةِ ) قال: وكانت أمُّ سلَمةَ محسنةً في شأني تُخبِرُني بأمري فانطلَقْتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا هو جالسٌ في المسجدِ وحولَه المسلمونَ وهو يستنيرُ كاستنارِ القمرِ وكان إذا سُرَّ بالأمرِ استنار فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيْهِ فقال: ( يا كعبُ بنَ مالكٍ أبشِرْ بخيرِ يومٍ أتى عليك منذُ ولدَتْك أمُّك ) قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ أمِن عندِ اللهِ أم مِن عندِك ؟ قال: ( بل مِن عندِ اللهِ ) ثمَّ تلا عليهم: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 117] حتَّى بلَغ {هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118] قال: وفينا نزَلت {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ إنَّ مِن توبتي أنِّي لا أُحدِّثُ إلَّا صدقًا وأنْ أنخلَعَ مِن مالي كلِّه صدقةً إلى اللهِ وإلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال ( أمسِكْ عليك بعضَ مالِك فهو خيرٌ لك ) قال: فقُلْتُ: فإنِّي أُمسِكُ سهمي الَّذي بخيبرَ قال: فما أنعَمَ اللهُ علَيَّ مِن نعمةٍ بعدَ الإسلامِ أعظَمَ في نفسي مِن صدقي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ صدَقْتُه أنا وصاحباي ألَّا نكونَ كذَبْنا فهلَكْنا كما هلَكوا، وما تعمَّدْتُ لكذبةٍ بعدُ وإنِّي لأرجو أنْ يحفَظَني اللهُ فيما بقي قال الزُّهريُّ: فهذا ما انتهى إلينا مِن حديثِ كعبِ بنِ مالكٍ
 

1 - لم أتخلَّفْ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ إلَّا بدر، ولم يُعاتِبِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحدًا تخلَّف عن بدرٍ إنَّما خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُريدُ العيرَ وخرَجَت قريشٌ مُغيثينَ لعيرِهم فالتقَوا على غيرِ موعدٍ كما قال اللهُ ولعَمْري إنَّ أشرفَ مشاهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّاسِ لَبدرٌ وما أُحِبُّ أنِّي كُنْتُ شهِدْتُها مكانَ بيعتي ليلةَ العَقبةِ حينَ تواثَقْنا على الإسلامِ ولم أتخلَّفْ بعدُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ وهي آخِرُ غزوةٍ غزاها، آذَن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [ النَّاسَ ] بالرَّحيلِ وأراد أنْ يتأهَّبوا أُهبةَ غزوِهم وذلك حين طاب الظِّلالُ وطابتِ الثِّمارُ وكان قلَّما أراد غزوةً إلَّا ورَّى غيرَها وكان يقولُ: ( الحربُ خَدْعةٌ ) فأراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةِ تبوكَ أنْ يتأهَّبَ النَّاسُ أُهبَتَه وأنا أيسَرُ ما كُنْتُ قد جمَعْتُ راحلتينِ لي فلم أزَلْ كذلك حتَّى قام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غاديًا بالغداةِ وذلك يومَ الخميسِ ـ وكان يُحِبُّ أنْ يخرُجَ يومَ الخميسِ ـ فأصبَح غاديًا فقُلْتُ: أنطلِقُ إلى السُّوقِ وأشتري جَهازي ثمَّ ألحَقُ بها فانطلَقْتُ إلى السُّوقِ مِن الغدِ فعسُر علَيَّ بعضُ شأني فرجَعْتُ فقُلْتُ: أرجِعُ غدًا إنْ شاء اللهُ فألحَقُ بهم فعسُر علَيَّ بعضُ شأني أيضًا فلم أزَلْ كذلك حتَّى لبَّس بي الذَّنبُ وتخلَّفْتُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجعَلْتُ أمشي في الأسواقِ وأطرافِ المدنيةِ فيُحزِنُني ألَّا أرى أحدًا تخلَّف عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا رجلًا مغموصًا عليه في النِّفاقِ وكان ليس أحدٌ تخلَّف إلَّا أرى ذلك سيَخفى له وكان النَّاسُ كثيرًا لا يجمَعُهم ديوانٌ وكان جميعُ مَن تخلَّف عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضعةً وثمانينَ رجلًا ولم يذكُرْني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى بلَغ تبوكًا فلمَّا بلَغ تبوكًا قال: ( ما فعَل كعبُ بنُ مالكٍ ) ؟ فقال رجلٌ مِن قومي: خلَّفه يا رسولَ اللهِ بُرداهُ والنَّظرُ في عِطْفَيه فقال معاذُ بنُ جبلٍ: بئس ما قُلْتَ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما نعلَمُ إلَّا خيرًا قال: فبَيْنا هم كذلك إذا رجلٌ يزولُ به السَّرابُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( كُنْ أبا خَيثمةَ ) فإذا هو أبو خَيثمةَ فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غزوةَ تبوكٍ وقفَل ودنا مِن المدينةِ جعَلْتُ أتذكَّرُ ماذا أخرُجُ به مِن سخَطِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأستعينُ على ذلك بكلِّ ذي رأيٍ مِن أهلِ بيتي حتَّى إذا قيل: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُصبِّحُكم بالغداةِ راح عنِّي الباطلُ وعرَفْتُ أنِّي لا أنجو إلَّا بالصِّدْقِ فدخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضُحًى فصلَّى في المسجدِ ركعتينِ ـ وكان إذا قدِم مِن سفرٍ فعَل ذلك: دخَل المسجدَ فصلَّى فيه ركعتينِ ثمَّ جلَس ـ فجعَل يأتيه مَن تخلَّف فيحلِفون له ويعتذِرون إليه فيستغفرُ لهم ويقبَلُ علانيتَهم ويكِلُ سرائرَهم إلى اللهِ فدخَلْتُ المسجدَ فإذا هو جالسٌ فلمَّا رآني تبسَّم تبسُّمَ المُغضَبِ فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ألم تكُنِ ابتَعْتَ ظَهرًا ) ؟ قُلْتُ: بلى يا نبيَّ اللهِ فقال ( ما خلَّفك عنِّي ) ؟ فقُلْتُ: واللهِ لو بينَ يدَيْ أحَدٍ مِن النَّاسِ غيرِك جلَسْتُ لخرَجْتُ مِن سخَطِه عليَّ بعُذْرٍ ولقد أوتيتُ جدَلًا ولكنِّي قد علِمْتُ ـ يا نبيَّ اللهِ ـ أنِّي إنْ حدَّثْتُك اليومَ بقولٍ تجِدُ عليَّ فيه وهو حقٌّ فإنِّي أرجو فيه عقبى اللهِ وإنْ حدَّثْتُك اليومَ بحديثٍ ترضى عنِّي فيه وهو كذِبٌ أوشَك أنْ يُطلِعَك اللهُ علَيَّ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما كُنْتُ قطُّ أيسَرَ ولا أخفَّ حاذًا منِّي حيثُ تخلَّفْتُ عليك فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا هذا فقد صدَقكم الحديثَ قُمْ حتَّى يقضيَ اللهُ فيك) فقُمْتُ فثار على أثري ناسٌ مِن قومي يؤنِّبونَني فقالوا: واللهِ ما نعلَمُك أذنَبْتَ ذنبًا قطُّ قبْلَ هذا فهلَّا اعتذَرْتَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعُذْرٍ يرضاه عنك فيه وكان استغفارُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سيأتي مِن وراءِ ذلك ولم تقِفْ موقفًا لا ندري ماذا يُقضى لك فيه فلم يزالوا يؤنِّبونَني حتَّى همَمْتُ أنْ أرجِعَ فأُكذِّبَ نفسي فقُلْتُ: هل قال هذا القولَ أحدٌ غيري ؟ قالوا: نَعم قاله هلالُ بنُ أُميَّةَ ومُرارةُ بنُ ربيعةَ فذكَروا رجلينِ صالحينِ شهِدا بدرًا لي فيهما أُسوةٌ فقُلْتُ: واللهِ لا أرجِعُ إليه في هذا أبدًا ولا أُكذِّبُ نفسي ونهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا أيُّها الثَّلاثةُ فجعَلْتُ أخرُجُ إلى السُّوقِ ولا يُكلِّمُني أحدٌ وتنكَّر لنا النَّاسُ حتَّى ما هم بالَّذينَ نعرِفُ وتنكَّر لنا الحيطانُ حتَّى ما هي بالحيطانِ الَّتي نعرِفُ وتنكَّرَت لنا الأرضُ حتَّى ما هي بالأرضِ الَّتي نعرِفُ وكُنْتُ أقوى أصحابي فكُنْتُ أخرُجُ فأطوفُ في الأسواقِ فآتي المسجدَ وآتي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأُسلِّمُ عليه وأقولُ: هل حرَّك شفَتَيهِ بالسَّلامِ فإذا قُمْتُ أُصلِّي إلى ساريةٍ وأقبَلْتُ على صلاتي نظَر إليَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمؤخِرِ عينَيْه وإذا نظَرْتُ إليه أعرَض عنِّي واشتكى صاحباي فجعَلا يبكيانِ اللَّيلَ والنَّهارَ ولا يُطلِعانِ رؤوسَهما قال: فبَيْنا أنا أطوفُ في الأسواقِ إذا رجلٌ نصرانيٌّ قد جاء بطعامٍ له يبيعُه يقولُ: مَن يدُلُّ على كعبِ بنِ مالكٍ فطفِق النَّاسُ يُشيرونَ له إليَّ فأتاني وأتى بصحيفةٍ مِن ملِكِ غسَّانَ فإذا فيها: أمَّا بعدُ فإنَّه بلَغني أنَّ صاحبَك قد جفاك وأقصاك ولسْتَ بدارِ هوانٍ ولا مَضيعةٍ فالحَقْ بنا نواسِكَ فقُلْتُ: هذا أيضًا مِن البلاءِ فسجَرْتُ لها التَّنُّورَ فأحرَقْتُها فيه فلمَّا مضَت أربعونَ ليلةً إذا رسولٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أتاني فقال: اعتزِلِ امرأتَك فقُلْتُ: أُطلِّقُها ؟ قال: لا ولكنْ لا تقرَبْها فجاءَتِ امرأةُ هلالِ بنِ أميَّةَ فقالت: يا نبيَّ اللهِ إنَّ هلالَ بنَ أميَّةَ شيخٌ ضعيفٌ فهل تأذَنُ لي أنْ أخدُمَه قال: ( نَعم ولكنْ لا يقرَبَنَّكِ ) قالت: يا نبيَّ اللهِ ما به حركةٌ لشيءٍ ما زال متَّكئًا يبكي اللَّيلَ والنَّهارَ مُذْ كان مِن أمرِه ما كان قال كعبٌ: فلمَّا طال علَيَّ البلاءُ اقتحَمْتُ على أبي قتادةَ حائطَه ـ وهو ابنُ عمِّي ـ فسلَّمْتُ عليه فلم يرُدَّ علَيَّ فقُلْتُ: أنشُدُكَ اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أحب الله ورسوله ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه فقال: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: فلم أملِكْ نفسي أنْ بكَيْتُ ثمَّ اقتحَمْتُ الحائطَ خارجًا حتَّى إذا مضَتْ خمسونَ ليلةً مِن حينِ نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا صلَّيْتُ على ظهرِ بيتٍ لنا صلاةَ الفجرِ وأنا في المنزلةِ الَّتي قال اللهُ: قد ضاقَت علينا الأرضُ بما رحُبَت وضاقت علينا أنفسُنا إذ سمِعْتُ نداءً مِن ذِروةِ سَلْعٍ أنْ أبشِرْ يا كعبُ بنَ مالكٍ فخرجت ساجدًا وعرَفْتُ أنَّ اللهَ قد جاءنا بالفرَجِ ثمَّ جاء رجلٌ يركُضُ على فرسٍ يُبشِّرُني فكان الصَّوتُ أسرَعَ مِن فرسِه فأعطَيْتُه ثوبيَّ بشارةً ولبِسْتُ ثوبينِ آخَرينِ وكانت توبتُنا نزَلت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثُلُثَ اللَّيلِ فقالت أمُّ سلَمةَ: يا نبيَّ اللهِ ألا نُبشِّرُ كعبَ بنَ مالكٍ فقال: ( إذًا يحطِمُكم النَّاسُ ويمَنعونَكم النَّومَ سائرَ اللَّيلةِ ) قال: وكانت أمُّ سلَمةَ محسنةً في شأني تُخبِرُني بأمري فانطلَقْتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا هو جالسٌ في المسجدِ وحولَه المسلمونَ وهو يستنيرُ كاستنارِ القمرِ وكان إذا سُرَّ بالأمرِ استنار فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيْهِ فقال: ( يا كعبُ بنَ مالكٍ أبشِرْ بخيرِ يومٍ أتى عليك منذُ ولدَتْك أمُّك ) قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ أمِن عندِ اللهِ أم مِن عندِك ؟ قال: ( بل مِن عندِ اللهِ ) ثمَّ تلا عليهم: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 117] حتَّى بلَغ {هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118] قال: وفينا نزَلت {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ إنَّ مِن توبتي أنِّي لا أُحدِّثُ إلَّا صدقًا وأنْ أنخلَعَ مِن مالي كلِّه صدقةً إلى اللهِ وإلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال ( أمسِكْ عليك بعضَ مالِك فهو خيرٌ لك ) قال: فقُلْتُ: فإنِّي أُمسِكُ سهمي الَّذي بخيبرَ قال: فما أنعَمَ اللهُ علَيَّ مِن نعمةٍ بعدَ الإسلامِ أعظَمَ في نفسي مِن صدقي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ صدَقْتُه أنا وصاحباي ألَّا نكونَ كذَبْنا فهلَكْنا كما هلَكوا، وما تعمَّدْتُ لكذبةٍ بعدُ وإنِّي لأرجو أنْ يحفَظَني اللهُ فيما بقي قال الزُّهريُّ: فهذا ما انتهى إلينا مِن حديثِ كعبِ بنِ مالكٍ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : كعب بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 3370 التخريج : أخرجه ابن حبان (3370) واللفظ له، والبخاري (4418)، ومسلم (2769) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: آفات اللسان - الكذب وما جاء فيه توبة - توبة كعب وصاحبيه جهاد - الحرب خدعة مغازي - غزوة بدر مغازي - غزوة تبوك
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

2 - عن كَعبِ بنِ مالِكٍ، يُحَدِّثُ حَديثَه حينَ تَخَلَّفَ عَن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غَزوةِ تَبوكَ، فقال كَعبُ بنُ مالِكٍ: لم أتَخَلَّفْ عَن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غَزوةٍ غَزاها قَطُّ إلَّا في غَزوةِ تَبوكَ، غَيرَ أنِّي كُنتُ تَخَلَّفتُ في غَزوةِ بَدرٍ، ولَم يُعاتِبْ أحَدًا تَخَلَّفَ عَنها، إنَّما خَرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُريدُ عيرَ قُرَيشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَينَهم، وبَينَ عَدوِّهِم على غَيرِ ميعادٍ، ولَقد شَهِدتُ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَيلةَ العَقَبةِ، حينَ تَوافَقنا على الإسلامِ وما أُحِبُّ أنَّ لي بها مَشهَدَ بَدرٍ، وإن كانَت بَدرٌ أذكَرَ في النَّاسِ مِنها وأشهَرَ، وكانَ مِن خَبَري حينَ تَخَلَّفتُ عَن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غَزوةِ تَبوكَ لأنِّي لم أكُنْ قَطُّ أقوى ولا أيسَرَ مِنِّي حينَ تَخَلَّفتُ عنه في تلك الغَزاةِ، واللهِ ما جَمَعتُ قَبلَها راحِلَتَينِ قَطُّ حَتَّى جَمَعتُهما في تلك الغَزاةِ، وكانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَلَّما يُريدُ غَزاةً يَغزوها إلَّا ورَّى بغَيرِها، حَتَّى كانَت تلك الغَزاةُ، فغَزاها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَرٍّ شَديدٍ، واستَقبَلَ سَفَرًا بَعيدًا ومَفازًا، واستَقبَلَ عَدوًّا كَثيرًا، فجَلَّى للمُسلِمينَ أمرَه ليَتَأهَّبوا أُهبةَ عَدوِّهِم، فأخبَرَهم بوجهِه الذي يُريدُ، والمُسلِمونَ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَثيرٌ، لا يَجمَعُهم كِتابٌ حافِظٌ - يُريدُ الدِّيوانَ- فقال كَعبٌ: فقَلَّ رَجُلٌ يُريدُ يَتَغَيَّبُ إلَّا ظَنَّ أنَّ ذلك سَيَخفى له ما لم يَنزِلْ فيه وحيٌ مِنَ اللهِ، وغَزا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تلك الغَزوةَ حينَ طابَتِ الثِّمارُ والظِّلُّ، وأنا إليها أصعَرُ فتَجَهَّزَ إليها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والمُؤمِنونَ مَعَه، وطَفِقتُ أغدو لكَي أتَجَهَّزَ مَعَه، فأرجِعُ ولَم أقضِ شَيئًا، فأقولُ في نَفسي: أنا قادِرٌ على ذلك إذا أرَدتُ، فلَم يَزَلْ كَذلك يَتَمادى بي حَتَّى شَمَّرَ بالنَّاسِ الجِدُّ، فأصبَحَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غاديًا والمُسلِمونَ مَعَه، ولَم أقضِ مِن جَهازي شَيئًا، فقُلتُ: الجَهازُ بَعدَ يَومٍ أو يَومَينِ ثُمَّ ألحَقُهم، فغَدَوتُ بَعدَما فصَلوا لأتَجَهَّزَ فرَجَعتُ، ولَم أقضِ شَيئًا مِن جَهازي، ثُمَّ غَدَوتُ فرَجَعتُ، ولَم أقضِ شَيئًا، فلَم يَزَلْ ذلك يَتَمادى بي حَتَّى أسرَعوا، وتَفارَطَ الغَزوُ فهَمَمتُ أن أرتَحِلَ، فأُدرِكَهم ولَيتَ أنِّي فعَلتُ، ثُمَّ لم يُقدَّرْ ذلك لي، فطَفِقتُ إذا خَرَجتُ في النَّاسِ بَعدَ خُروجِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطُفتُ فيهم يَحزُنُني أن لا أرى إلَّا رَجُلًا مَغموصًا عليه في النِّفاقِ، أو رَجُلًا مِمَّن عَذَرَه اللهُ، ولَم يَذكُرْني رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى بَلَغَ تَبوكَ، فقال وهو جالِسٌ في القَومِ بتَبوكَ: «ما فعَلَ كَعبُ بنُ مالِكٍ» قال رَجُلٌ مِن بَني سَلِمةَ: حَبَسَه يا رَسولَ اللهِ بُرداه، والنَّظَرُ في عِطفَيه! فقال له مُعاذُ بنُ جَبَلٍ: بئسَما قُلتَ! واللهِ يا رَسولَ اللهِ ما عَلِمنا عليه إلَّا خَيرًا، فسَكَتَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال كَعبُ بنُ مالِكٍ: فلَمَّا بَلَغَني أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد تَوجَّهَ قافِلًا مِن تَبوكَ حَضَرَني بَثِّي، فطَفِقتُ أتَفَكَّرُ الكَذِبَ، وأقولُ بماذا أخرُجُ مِن سُخطِه غَدًا، أستَعينُ على ذلك كُلَّ ذي رَأيٍ مِن أهلي، فلَمَّا قيلَ إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أظَلَّ قادِمًا زاحَ عَنِّي الباطِلُ، وعَرَفتُ أنِّي لَن أنجوَ منه بشَيءٍ أبَدًا، فأجمَعتُ صِدقَه، وصَبَّحَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قادِمًا، وكانَ إذا قدِمَ مِن سَفَرٍ بَدَأ بالمَسجِدِ، فرَكَعَ فيه رَكعَتَينِ، ثُمَّ جَلَسَ للنَّاسِ، فلَمَّا فعَلَ ذلك جاءَه المُتَخَلِّفونَ، فطَفِقوا يَعتَذِرونَ إليه ويَحلِفونَ لَه، وكانوا بضعةً وثَمانينَ رَجُلًا، فقَبِلَ منهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَلانيَتَهم، ويَستَغفِرُ لَهم، ويَكِلُ سَرائِرَهم إلى اللهِ تَبارَكَ وتَعالى، حَتَّى جِئتُ، فلَمَّا سَلَّمتُ عليه تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغضَبِ، ثُمَّ قال لي: «تَعالَ» فجِئتُ أمشي حَتَّى جَلَستُ بَينَ يَدَيه، فقال لي: «ما خَلَّفَكَ، ألَم تَكُنْ قدِ استَمَرَّ ظَهرُكَ؟» قال: فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي لَو جَلَستُ عِندَ غَيرِكَ مِن أهلِ الدُّنيا لَرَأيتُ أنِّي أخرُجُ مِن سُخطَتِه بعُذرٍ، لَقد أُعطيتُ جَدَلًا، ولَكِنَّه واللهِ لَقد عَلِمتُ لَئِن حَدَّثتُكَ اليَومَ حَديثَ كَذِبٍ تَرضى عَنِّي به، لَيوشِكَنَّ اللهُ تَعالى يُسخِطُكَ عليَّ، ولَئِن حَدَّثتُكَ اليَومَ بصِدقٍ تَجِدُ عليَّ فيه إنِّي لَأرجو قُرَّةَ عَيني عَفوًا مِنَ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى، واللهِ ما كان لي عُذرٌ، واللهِ ما كُنتُ قَطُّ أفرَغَ ولا أيسَرَ مِنِّي حينَ تَخَلَّفتُ عَنكَ. قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أمَّا هذا فقد صَدَقَ، فقُمْ حَتَّى يَقضيَ اللهُ تَعالى فيكَ» فقُمتُ، وبادَرَت رِجالٌ مِن بَني سَلِمةَ فاتَّبَعوني، فقالوا لي: واللهِ ما عَلِمناكَ كُنتَ أذنَبتَ ذَنبًا قَبلَ هذا، ولَقد عَجَزتَ أن لا تَكونَ اعتَذَرتَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما اعتَذَرَ به المُتَخَلِّفونَ، لَقد كان كافيَكَ مِن ذَنبِكَ استِغفارُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَكَ، قال: فواللهِ ما زالوا يُؤَنِّبوني حَتَّى أرَدتُ أن أرجِعَ فأُكَذِّبَ نَفسي، قال: ثُمَّ قُلتُ لَهم: هَل لَقيَ هذا مَعي أحَدٌ؟ قالوا: نَعَم، لَقيَه مَعَكَ رَجُلانِ قالا ما قُلتَ، فقيلَ لَهما مِثلُ ما قيلَ لَكَ، قال: فقُلتُ لَهم: مَن هُما؟ قالوا: مُرارةُ بنُ الرَّبيعِ العامِريُّ، وهِلالُ بنُ أُمَيَّةَ الواقِفيُّ، قال: فذَكَروا لي رَجُلَينِ صالِحَينِ قد شَهِدا بَدرًا لي فيهما أُسوةٌ، قال: فمَضَيتُ حينَ ذَكَروهما لي، قال: ونَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المُسلِمينَ عَن كَلامِنا أيُّها الثَّلاثةُ مِن بَينِ مَن تَخَلَّفَ عنه، فاجتَنَبَنا النَّاسُ، قال: وتَغَيَّروا لَنا حَتَّى تَنَكَّرَت لي مِن نَفسي الأرضُ، فما هيَ بالأرضِ التي كُنتُ أعرِفُ، فلَبِثنا على ذلك خَمسينَ لَيلةً، فأمَّا صاحِبايَ فاستَكَنَّا وقَعَدا في بُيوتِهما يَبكيانِ، وأمَّا أنا فكُنتُ أشَبَّ القَومِ وأجلَدَهم، فكُنتُ أشهَدُ الصَّلاةَ مَعَ المُسلِمينَ، وأطوفُ بالأسواقِ، ولا يُكَلِّمُني أحَدٌ، وآتي رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو في مَجلِسِه بَعدَ الصَّلاةِ، فأُسَلِّمُ عليه، فأقولُ في نَفسي حَرَّكَ شَفَتَيه برَدِّ السَّلامِ أم لا، ثُمَّ أُصَلِّي قَريبًا منه، وأُسارِقُه النَّظَرَ، فإذا أقبَلتُ على صَلاتي نَظَرَ إليَّ، فإذا التَفَتُّ نَحوَه أعرَضَ، حَتَّى إذا طالَ عليَّ ذلك مِن هَجرِ المُسلِمينَ مَشَيتُ حَتَّى تَسَوَّرتُ حائِطَ أبي قَتادةَ، وهو ابنُ عَمِّي، وأحَبُّ النَّاسِ إليَّ، فسَلَّمتُ عليه، فواللهِ ما رَدَّ عليَّ السَّلامَ، فقُلتُ لَه: يا أبا قَتادةَ، أنشُدُكَ اللهَ، هَل تَعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورَسولَه؟ قال: فسَكَتَ، قال: فعُدتُ فنَشَدتُه، فسَكَتَ، فعُدتُ فنَشَدتُه، فقال: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، ففاضَت عَينايَ، وتَولَّيتُ حَتَّى تَسَوَّرتُ الجِدارَ، فبَينا أنا أمشي بسوقِ المَدينةِ إذا نَبَطيٌّ مِن أنباطِ أهلِ الشَّامِ مِمَّن قدِمَ بطَعامٍ يَبيعُه بالمَدينةِ، يَقولُ: مَن يَدُلُّني على كَعبِ بنِ مالِكٍ؟ قال: فطَفِقَ النَّاسُ يُشيرونَ له إليَّ، حَتَّى جاءَ فدَفَعَ إليَّ كِتابًا مِن مَلِكِ غَسَّانَ، وكُنتُ كاتِبًا، فإذا فيه: أمَّا بَعدُ، فقد بَلَغَنا أنَّ صاحِبَكَ قد جَفاكَ، ولَم يَجعَلْكَ اللهُ بدارِ هَوانٍ ولا مَضيَعةٍ، فالحَقْ بنا نواسِكَ، قال: فقُلتُ حينَ قَرَأتُها: وهذا أيضًا مِنَ البَلاءِ! قال: فتَيَمَّمتُ بها التَّنُّورَ فسَجَرتُه بها، حَتَّى إذا مَضَت أربَعونَ لَيلةً مِنَ الخَمسينَ، إذا برَسولِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَأتيني، فقال: إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَأمُرُكَ أن تَعتَزِلَ امرَأتَكَ، قال: فقُلتُ: أُطَلِّقُها أم ماذا أفعَلُ؟ قال: بَلِ اعتَزِلْها، فلا تَقرَبْها، قال: وأرسَلَ إلى صاحِبَيَّ بمِثلِ ذلك، قال: فقُلتُ لامرَأتي: الحَقي بأهلِكِ، فكوني عِندَهم حَتَّى يَقضيَ اللهُ في هذا الأمرِ، قال: فجاءَتِ امرَأةُ هِلالِ بنِ أُمَيَّةَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت لَه: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ هِلالًا شَيخٌ ضائِعٌ، ليس له خادِمٌ، فهَل تَكرَهُ أن أخدُمَه؟ قال: «لا، ولَكِن لا يَقرَبَنَّكِ» قالت: فإنَّه واللهِ ما به حَرَكةٌ إلى شَيءٍ، واللهِ ما زالَ يَبكي مِن لَدُن أن كان مِن أمرِكَ ما كان إلى يَومِه هذا، قال: فقال لي بَعضُ أهلي: لَوِ استَأذَنتَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في امرَأتِكَ فقد أذِنَ لامرَأةِ هِلالِ بنِ أُمَيَّةَ أن تَخدُمَه، قال: فقُلتُ: واللهِ لا أستَأذِنُ فيها رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وما أدري ما يَقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا استَأذَنتُه، وأنا رَجُلٌ شابٌّ، قال: فلَبِثنا بَعدَ ذلك عَشرَ لَيالٍ كَمالَ خَمسينَ لَيلةً حينَ نَهى عَن كَلامِنا، قال: ثُمَّ صَلَّيتُ صَلاةَ الفَجرِ صَباحَ خَمسينَ لَيلةً على ظَهرِ بَيتٍ مِن بُيوتِنا، فبَينا أنا جالِسٌ على الحالِ التي ذَكَرَ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى مِنَّا، قد ضاقَت عليَّ نَفسي، وضاقَت عليَّ الأرضُ بما رَحُبَت، سَمِعتُ صارِخًا أوفى على جَبَلِ سَلْعٍ يَقولُ بأعلى صَوتِه: يا كَعبُ بنَ مالِكٍ أبشِرْ، قال: فخَرَرتُ ساجِدًا، وعَرَفتُ أن قد جاءَ فرَجٌ، وآذَنَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتَوبةِ اللهِ تَبارَكَ وتَعالى علينا حينَ صَلَّى صَلاةَ الفَجرِ، فذَهَبَ يُبَشِّرونَنا، وذَهَبَ قِبَلَ صاحِبَيَّ يُبَشِّرونَ، ورَكَضَ إليَّ رَجُلٌ فرَسًا، وسَعى ساعٍ مِن أسلَمَ، وأوفى الجَبَلَ، فكانَ الصَّوتُ أسرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فلَمَّا جاءَني الذي سَمِعتُ صَوتَه يُبَشِّرُني نَزَعتُ له ثَوبَيَّ، فكَسَوتُهما إيَّاه ببِشارَتِه، واللهِ ما أملِكُ غَيرَهما يَومَئِذٍ، فاستَعَرتُ ثَوبَينِ فلَبِستُهما فانطَلَقتُ أؤُمُّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَلقاني النَّاسُ فوجًا فوجًا يُهَنِّئوني بالتَّوبةِ، يَقولونَ: لتَهنِكَ تَوبةُ اللهِ عليكَ! حَتَّى دَخَلتُ المَسجِدَ، فإذا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالِسٌ في المَسجِدِ حَولَه النَّاسُ، فقامَ إليَّ طَلحةُ بنُ عُبَيدِ اللهِ يُهَروِلُ حَتَّى صافَحَني، وهَنَّأني، واللهِ ما قامَ إليَّ رَجُلٌ مِنَ المُهاجِرينَ غَيرُه، قال: فكانَ كَعبٌ لا يَنساها لطَلحةَ، قال كَعبٌ: فلَمَّا سَلَّمتُ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال وهو يَبرُقُ وجْهُه مِنَ السُّرورِ: أبشِر بِخَيرِ يَومٍ مَرَّ عليك مُنذُ ولَدَتكَ أُمُّكَ! قال: قُلتُ: أمِن عِندِكَ يا رَسولَ اللَّهِ، أم مِن عِندِ اللَّهِ؟ قال: لا، بَل مِن عِندِ اللَّهِ. وكانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا سُرَّ استَنارَ وجهُه، حَتَّى كَأنَّهُ قِطعةُ قَمَرٍ، وكُنَّا نَعرِفُ ذلك مِنهُ، فَلَمَّا جَلَستُ بَينَ يَدَيه قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ مِن تَوبَتي أن أنخَلِعَ مِن مالي صَدَقةً إلى اللَّهِ وإلى رَسولِ اللَّهِ، قال رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أمسِك عليك بَعضَ مالِكَ فهو خَيرٌ لَك، قال: فقُلتُ: فَإنِّي أُمسِكُ سَهمي الذي بخَيبَرَ، قال: فقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّما اللَّهُ تَعالى نَجَّاني بِالصِّدقِ، وإنَّ مِن تَوبَتي أن لا أُحَدِّثَ إلَّا صِدقًا ما بَقيتُ، قال: فواللهِ ما أعلَمُ أحَدًا مِنَ المُسلِمينَ أبلاه اللَّهُ مِنَ الصِّدقِ في الحَديثِ مُذ ذَكَرتُ ذلك لرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسَنَ مِمَّا أبلاني اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى، واللَّهِ ما تَعَمَّدتُ كَذبةً مُذ قُلتُ ذلك لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى يَومي هذا، وإنِّي لَأرجو أن يَحفَظَني فيما بَقيَ، قال: وأنزَلَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى: {لَقد تابَ اللَّهُ على النَّبيِّ والمُهاجِرينَ والأنصارِ الذينَ اتَّبَعوهُ في ساعةِ العُسرةِ مِن بَعدِ ما كادَ يَزيغُ قُلوبُ فَريقٍ مِنهُم ثُمَّ تابَ عَلَيهِم إنَّهُ بِهِم رَءوفٌ رَحيمٌ وعَلى الثَّلاثةِ الذينَ خُلِّفوا حَتَّى إذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأرضُ بِما رَحُبَت وضاقَت عَلَيهِم أنفُسُهُم وظَنُّوا أن لا مَلجَأ مِنَ اللَّهِ إلَّا إلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم ليَتوبوا إنَّ اللَّهَ هو التَّوَّابُ الرَّحيمُ يا أيُّها الذينَ آمَنوا اتَّقوا اللَّهَ وكونوا مَعَ الصَّادِقينَ} قال كَعبٌ: فَواللَّهِ ما أنعَمَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى عَلَيَّ مِن نِعمةٍ قَطُّ بَعدَ أن هَداني أعظَمَ في نَفسي مِن صِدقي رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَئِذٍ، أن لا أكونَ كَذَبتُه فأهلِكَ كما هَلَكَ الذينَ كَذَبوه حينَ كَذَبوه، فَإنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى قال لِلَّذين كَذَبوه حينَ كَذَبوه شَرَّ ما يُقالُ لِأحَدٍ، فَقال اللَّهُ تعالى: {سَيَحلِفونَ بِاللَّهِ لَكُم إذا انقَلَبتُم إلَيهِم لِتُعرِضوا عَنهُم فَأعرِضوا عَنهُم إنَّهُم رِجسٌ ومَأواهُم جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانوا يَكسِبونَ يَحلِفونَ لَكُم لِتَرضَوا عَنهُم، فَإن تَرضَوا عَنهُم فَإنَّ اللَّهَ لا يَرضى عَنِ القَومِ الفاسِقينَ}، قال: وكُنَّا خُلِّفنا أيُّها الثَّلاثةُ عَن أمرِ أولَئِكَ الذينَ قَبِلَ مِنهُم رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ حَلَفوا، فَبايَعَهُم واستَغفَرَ لَهُم، فَأرجَأ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمرَنا حَتَّى قَضى اللَّهُ تَعالى، فبذلك قال اللَّهُ تَعالى: {وعَلى الثَّلاثةِ الذينَ خُلِّفوا} [التَّوبة: 118] وليس تَخليفُهُ إيَّانا وإرجاؤُهُ أمرَنا الذي ذكرَ مِمَّا خُلِّفْنا بِتَخَلُّفِنا عَنِ الغَزوِ، وإنَّما هو عَمَّن حَلَفَ لَهُ واعتَذَرَ إليه فَقَبِلَ مِنهُ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : كعب بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 15789 التخريج : -