الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - جاءت يهوديةٌ فاستطعمتْ على بابي، فقالَتْ : أطعموني أعاذَكُم اللهُ من فتنةِ الدجالِ ومن فتنةِ عذابِ القبرِ، فلم أزل أحبِسُها حتى أتى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ما تقولُ هذه اليهوديةُ ؟ قال : وما تقولُ ؟ قلتُ : تقولُ : أعاذَكُم اللهُ من فتنةِ الدجالِ ومن فتنةِ عذابِ القبرِ. قالَتْ عائشةُ : فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فرفع يديه مدًّا يستعيذُ باللهِ من فتنةِ الدجالِ ومن فتنةِ عذابِ القبرِ، ثم قال : أما فتنةُ الدجالِ فإنَّهُ لم يكن نبيٌّ إلا وقد حذَّرَ أُمَّتَه وسأُحذِّرُكُموه بحديثٍ لم يُحذِّرُه نبيٌّ أُمَّتَه، إنَّهُ أعورُ واللهُ ليس بأعورَ، مكتوبٌ بين عينيه كافرٌ يقرؤُه كلُّ مؤمنٍ، فأما فتنةُ القبرِ فبي تُفتنونَ وعني تُسألونَ، فإن كان الرجلُ الصالحُ أُجلسَ في قبرِه غيرَ فزعٍ ولا مشغوفٍ، ثم يقال له : فيم كنتَ ؟ فيقول : في الإسلامِ، فيقال : ما هذا الرجلُ الذي كان فيكم ؟ فيقول : محمدٌ رسولُ اللهِ جاءنا بالبيناتِ من عِندَ اللهِ فصدَّقناهُ، فيُفرجُ له فرجةً قبلَ النارِ فينظر إليها يُحطِّمُ بعضُها بعضًا، فيقال له : انظر إلى ما وقاك اللهُ، ثم يُفْرَجُ له فُرجةً على الجنةِ فينظرُ إلى زهرتها وما فيها، فيقال له : هذا مقعدُك منها ويقال : على اليقينِ كنتَ وعليْهِ مُتَّ وعليْهِ تُبعثُ إن شاء اللهُ. وإذا كان الرجلُ السوءُ جلس في قبرِه فزعًا مشعوفًا فيقال له : فيم كنتَ ؟ فيقول : لا أدري. فيقال : ما هذا الرجلُ الذي كان فيكم ؟ فيقول : سمعتُ الناسَ يقولون قولًا فقلتُ كما قالوا : فيُفرجُ له فُرجةً قِبَلَ الجنةِ فينظرُ إلى زهرتِها وما فيها فيقال له : انظر إلى ما صرف اللهُ عنك، ثم يُفرجُ له فُرجةً قِبَلَ النارِ فينظرُ إليها يُحطِّمُ بعضُها بعضًا ويقال له : هذا مقعدُك منها، على الشكِّ كنتَ وعليْهِ مُتَّ وعليْهِ تُبعثُ إن شاء اللهُ. ثم يُعذَّبُ

2 - يجمعُ اللهُ الأولينَ والآخرينَ لميقاتِ يومٍ معلومٍ قيامًا أربعينَ سنةً شاخصةً أبصارُهم ينتظرونَ فصلَ القضاءِ، وينزلُ اللهُ في ظللٍ منَ الغمامِ منَ العرشِ إلى الكرسيِّ ثم يُنادي مُنادٍ : يا أيُّها الناسُ ألم تَرضوا من ربِّكمُ الذي خلقَكُم وصورَكُم ورزقَكُم وأمرَكم أن تَعبدوهُ ولا تُشركوا به شيئًا أن يواليَ كلَّ إنسانٍ منكمْ ما كان يعبدُ في الدُّنيا ويَتولى ؟ أليسَ ذلك عدلٌ من ربٍّكم ؟ قالوا : بلى. قال : فينطلقُ كلُّ إنسانٍ منكمْ إلى ما كان يَتولى في الدُّنيا ويتمثلُ لهم ما كانوا يعبدونَ، فمنهم من ينطلقُ إلى الشمسِ ومنهم من ينطلقُ إلى القمرِ والأوثانِ منَ الحجارةِ وأشباهِ ما كانوا يعبدونَ، ويمثلُ لمن كان يعبدُ عيسى شيطانُ عيسى، ويمثلُ لمن كان يعبدُ عزيرًا شيطانُ عزيرٍ حتى يمثلَ الشجرُ والعودُ والحجرُ ويَبقى أهلُ الإسلامِ جُثومًا، فيمتثلَ لهم الربُّ تعالى فيأتيَهُمْ فيقولُ : ما لكمْ لم تَنطلقوا كما انطلقَ الناسُ ؟ فيقولونَ : إنَّ لنا ربًّا ما رأيناهُ بعدُ، فيقولُ : فهل تعرفونَ ربَّكم إن رأيتُموهُ ؟ قالوا : بينَنا وبينَهُ علامةٌ إذا رأيناها عرفناهُ. قال : وما هي ؟ قال : فيكشفُ عن ساقٍ. قال : فيَحْنى كلُّ من كان لظهرٍ طبقَ ساجدًا ويَبقى قومٌ ظهورُهم كصَياصي البقرِ يريدونَ السجودَ فلا يستطيعونَ، ثم يؤمرونَ فيرفعونَ رؤوسَهمْ فيُعطونَ نورَهمْ على قدرِ أعمالِهم، فمنهم من يُعطى نورَهُ على قدرِ جبلٍ بينَ يديْهِ، ومنهم من يُعطى نورَهُ دونَ ذلك، ومنهم من يُعطى نورَهُ مثلَ النخلةِ بيمينِهِ ومنهم من يُعطى دونَ ذلك حتى يكونَ آخرُ ذلك يُعطى نورَهُ على إبهامِ قدمِهِ يُضيءُ مرةً ويطفئُ مرةً فإذا أضاءَ قدَّمَ قدمَهُ وإذا طُفِئَ قام، فيمرُّونَ الصراطَ، والصراطُ كحدِّ السيفِ دحضٌ مزلَّةٌ فيقالُ : انجوا على قدرِ نورِكمْ، فمنهم من يمرُّ كانقضاضِ الكوكبِ ومنهم من يمرُّ كالطرفِ ومنهم من يمرُّ كالريحِ ومنهم من يمرُّ كشدِّ الرجلِ ويرملُ رملًا، فيمرونَ على قدرِ أعمالِهم حتى يمرَّ الذي نورُهُ على قدرِ إبهامِ قدمِهِ فيَحبو على وجهِهِ ويديْهِ ورجليْهِ يجرُّ يدًا ويعلقُ يدًا ويجرُّ رجلًا ويعلقُ رجلًا فتُصيبُ جوانبَهُ النارُ فلا يزالُ كذلك حتى يخلصَ فإذا خلصَ قال : الحمدُ للهِ الذي نَجاني مِنكَ فقد أَعطاني اللهِ ما لم يعطِ أحدًا، وينطلقُ به إلى غديرٍ عِندَ بابِ الجنةِ فيغسلُ فيعودُ إليه ريحُ أهلِ الجنةِ وألوانُهم فيرى من في الجنةِ من ذلك البابِ، فيقولُ : ربِّ اجعلْ بَيني وبينَهم حجابًا لا أسمعُ حَسيسَها فيدخلُ الجنةَ ويرفعُ له منزلٌ أمامَ ذلك، فيقولُ : ربِّ أعطِني ذلك المنزلَ فيقولُ اللهُ له : فلعلَّكَ إن أعطيتُكهُ أن تسألَني غيرَهُ، فيقولُ : لا وعزتِكَ يا ربِّ، فيقولُ : وأيُّ منزلٍ يكونُ أحسنَ منه، فيعطى ويسكتُ، فيقولُ اللهُ : مالكَ لا تسألُ ؟ فيقولُ : يا ربِّ قد سألْتُكَ حتى استحييْتُ وأقسمْتُ حتى استحييْتُ، فيقولُ اللهُ : ألمْ ترضَ إن أعطيْتُكَ مثلَ الدُّنيا منذُ خلقْتُها إلى يومِ القيامةِ وعشرةَ أضعافِها، فيقولُ : أتهزأُ بي وأنتَ ربُّ العزةِ ؟ فيضحكُ الربُّ تعالى من قولِهِ، فيقولُ : لا ولكني على ذلك قادرٌ، سلْ، فيقولُ : ألحقْني بالناسِ، فيقولُ : الحقْ بالناسِ، فينطلقُ يرملُ في الجنةِ حتى إذا دنا منَ الناسِ ترفعُ له قصرٌ من دُرةٍ مجوفةٍ فيخرُّ ساجدًا، فيقال : ارفعْ رأسَكَ مالك ؟ فيقولُ : رأيْتُ ربِّي، فيقالُ : إنَّما هذا منزلٌ من منازلِكَ، فينطلقُ فيستقبلُهُ رجلٌ فيقولُ : أنتَ ملكٌ ؟ فيقولُ : إنَّما أنا خازنٌ من خزنتِكَ وعبدٌ من عبيدِكَ تحتَ يدي ألفُ قهرمانٍ على مثلِ ما أنا عليْهِ، فينطلقُ أمامَهُ فيفتحُ له القصرَ وهو من دُرةٍ مجوفةٍ سقائفُها وأبوابُها وأغلاقُها ومفاتيحُها منها، وتستقبلُهُ جوهرةٌ خضراءُ مبطنةٌ بحمراءَ سبعونَ ذراعًا فيها ستونَ بابًا كلُّ بابٍ يفضي إلى جوهرةٍ واحدةٍ على غيرِ لونِ الأُخرى، في كلِّ جوهرةٍ سُررٍ وأزواجٍ ووصائفٍ، فيدخلُ فإذا هو بحوراءَ عيناءَ عليْها سبعونَ حلةً يًرى مخُّ ساقِها من وراءِ حُللِها، كبدُها مِرآتُهُ وكبدُهُ مرآتُها إذا أعرضَ عنها إعراضةً ازدادَتْ في عينِهِ سبعينَ ضعفًا عما كانَتْ قبلَهُ، فيقولُ : لقد ازددْتِ في عَيني سبعينَ ضِعفًا، وتقولُ له مثلُ ذلك فيقالُ له : أشرفْ فيُشرفُ فيقالُ له : ملكُ مسيرةُ مائةِ عامٍ يَنفذُهُ بصرُكَ، فقال عمرُ عِندَ ذلك : يا كعبُ ألا تسمعُ إلى ما يحدثُنا ابنُ أمِّ عبدٍ عن أدنى أهلُ الجنةِ منزلةً ؟ فكيفَ أعلاهُمْ ؟ قال : يا أميرَ المؤمنينَ ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعَتْ. إنَّ اللهَ خلقَ دارًا يجعلُ فيها ما شاء منَ الأزواجِ والثمراتِ والأشربةِ ثم أطبقَ فلم يرها أحدٌ من خلقِهِ لا جبريلُ ولا غيرُهُ منَ الملائكةِ، ثم قرأَ كعبُ : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [ السجدة : 17 ] وخلقَ دونَ ذلك جنتيْنِ وزينَهُما بما شاءَ وجعلَ فيها ما ذكرَ منَ الحريرِ والسندسِ والإستبرقِ وأراهُما من شاءَ من خلقِهِ منَ الملائكةِ، فمن كان كتابُهُ في عليينَ نزلَ في تلك الدارِ التي لم يرَها أحدٌ حتى إن الرجلَ من أهلِ عليينَ ليخرجُ فيسيرُ في ملكِهِ فلا يَبقى خيمةٌ من خِيمِ الجنةِ إلا دخلَها من ضوءِ وجهِهِ حتى إنَّهُم يستنشقونَ ريحَهُ ويقولونَ : واهًا لهذه الريحِ الطيبةِ، لقد أشرفَ اليومَ عليْنا رجلٌ من عليينَ ، فقال عمرُ : ويحكَ يا كعبُ إنَّ هذه القلوبَ قد استرسلَتْ فاقبضْها. فقال كعبٌ : يا أميرَ المؤمنينَ إنَّ لجهنمَ زفرةً ما من ملكٍ مقربٍ ولا نبيٍّ مرسلٍ إلا يخرُّ لركبَتيْهِ حتى يقولَ إبراهيمُ الخليلُ : نَفسي نَفسي، وحتى لو كان لكَ عملُ سبعينَ نبيًّا إلى عملِكَ لظننْتَ أنَّكَ لا تَنجو مِنها
 

1 - جاءت يهوديةٌ فاستطعمتْ على بابي، فقالَتْ : أطعموني أعاذَكُم اللهُ من فتنةِ الدجالِ ومن فتنةِ عذابِ القبرِ، فلم أزل أحبِسُها حتى أتى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ما تقولُ هذه اليهوديةُ ؟ قال : وما تقولُ ؟ قلتُ : تقولُ : أعاذَكُم اللهُ من فتنةِ الدجالِ ومن فتنةِ عذابِ القبرِ. قالَتْ عائشةُ : فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فرفع يديه مدًّا يستعيذُ باللهِ من فتنةِ الدجالِ ومن فتنةِ عذابِ القبرِ، ثم قال : أما فتنةُ الدجالِ فإنَّهُ لم يكن نبيٌّ إلا وقد حذَّرَ أُمَّتَه وسأُحذِّرُكُموه بحديثٍ لم يُحذِّرُه نبيٌّ أُمَّتَه، إنَّهُ أعورُ واللهُ ليس بأعورَ، مكتوبٌ بين عينيه كافرٌ يقرؤُه كلُّ مؤمنٍ، فأما فتنةُ القبرِ فبي تُفتنونَ وعني تُسألونَ، فإن كان الرجلُ الصالحُ أُجلسَ في قبرِه غيرَ فزعٍ ولا مشغوفٍ، ثم يقال له : فيم كنتَ ؟ فيقول : في الإسلامِ، فيقال : ما هذا الرجلُ الذي كان فيكم ؟ فيقول : محمدٌ رسولُ اللهِ جاءنا بالبيناتِ من عِندَ اللهِ فصدَّقناهُ، فيُفرجُ له فرجةً قبلَ النارِ فينظر إليها يُحطِّمُ بعضُها بعضًا، فيقال له : انظر إلى ما وقاك اللهُ، ثم يُفْرَجُ له فُرجةً على الجنةِ فينظرُ إلى زهرتها وما فيها، فيقال له : هذا مقعدُك منها ويقال : على اليقينِ كنتَ وعليْهِ مُتَّ وعليْهِ تُبعثُ إن شاء اللهُ. وإذا كان الرجلُ السوءُ جلس في قبرِه فزعًا مشعوفًا فيقال له : فيم كنتَ ؟ فيقول : لا أدري. فيقال : ما هذا الرجلُ الذي كان فيكم ؟ فيقول : سمعتُ الناسَ يقولون قولًا فقلتُ كما قالوا : فيُفرجُ له فُرجةً قِبَلَ الجنةِ فينظرُ إلى زهرتِها وما فيها فيقال له : انظر إلى ما صرف اللهُ عنك، ثم يُفرجُ له فُرجةً قِبَلَ النارِ فينظرُ إليها يُحطِّمُ بعضُها بعضًا ويقال له : هذا مقعدُك منها، على الشكِّ كنتَ وعليْهِ مُتَّ وعليْهِ تُبعثُ إن شاء اللهُ. ثم يُعذَّبُ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : السيوطي | المصدر : شرح الصدور
الصفحة أو الرقم : 193 التخريج : أخرجه أحمد (25089)، وعبد الله بن أحمد (1448) واللفظ لهما، النسائي (1476) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: آداب الدعاء - رفع اليدين في الدعاء دفن ومقابر - سؤال الملكين وفتنة القبر أشراط الساعة - صفة الدجال استعاذة - الاستعاذة من فتنة الدجال فتن - فتنة الدجال
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

2 - خرجنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في جنازةِ رجلٍ من الأنصارِ، فانتهينا إلى القبرِ، ولما يُلْحَدْ، فجلس رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وجلسنا حولَه، وكأنَّ على رؤوسنا الطيرُ، وفي يدِه عودٌ ينكتُ به في الأرضِ، فرفع رأسَه فقال : استعيذوا باللهِ من عذابِ القبرِ، مرتيْنِ أو ثلاثًا، ثم قال : إنَّ العبدَ المؤمنَ، إذا كان في انقطاعٍ من الدنيا، وإقبالٍ من الآخرةِ، نزل إليه ملائكةٌ من السماءِ، بيضُ الوجوهِ، كأنَّ وجوههم الشمسُ، معهم أكفانٌ من الجنةِ، وحنوطٌ من حنوطِ الجنةِ، حتى يجلسوا منه مدَّ البصرِ، ثم يجيءُ مَلَكُ الموتِ حتى يجلسَ عند رأسِه فيقولُ : أيتها النفسُ المطمئنةُ، اخرجي إلى مغفرةٍ من اللهِ ورضوانٍ، قال : فتخرجُ تسيلُ كما تسيلُ القطرةُ من في السقاءِ، وإن كنتم تروْنَ غيرَ ذلك، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يدِه طرفةَ عينٍ، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفنِ، وفي ذلك الحَنوطِ ، فيخرجُ منها كأطيبِ نفحِة مسكٍ وُجِدَتْ على وجهِ الأرضِ، فيصعدون بها، فلا يمرون على ملأٍ من الملائكةِ إلا قالوا : ما هذا الروحُ الطيبُ ؟ فيقولون : فلانُ بنُ فلانٍ، بأحسنِ أسمائِه التي كانوا يُسمُّونَه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى سماءِ الدنيا، فيستفتحون له، فيُفْتَحُ لهم، فيُشيِّعُه من كلِّ سماءٍ مقرِّبوها إلى السماءِ التي تليها، حتى ينتهي بها إلى السماءِ السابعةِ، فيقولُ اللهُ تعالى اكتُبوا كتابَ عبدي في عِلِّيِّينَ ، وأعيدوهُ إلى الأرضِ، فإني منها خلقتُهم وفيها أُعيدُهم، ومنها أُخرجهم تارةً أخرى، فتُعادُ روحُه في جسدِه فيأتيه مَلَكانِ، فيُجلسانِه، فيقولانِ له : من ربُّكَ ؟ فيقولُ : ربيَ اللهُ، فيقولانِ له : ما دِينُك ؟ فيقولُ : دينيَ الإسلامُ، فيقولانِ له : ما هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيكم ؟ فيقولُ : هو رسولُ اللهِ، فيقولانِ له : وما عِلمُك ؟ فيقولُ : قرأتُ كتابَ اللهِ فآمنتُ بهِ وصدَّقتُ، فينادي منادٍ من السماءِ : أن صدق عبدي، فافرشوا له من الجنةِ، وأَلْبِسُوهُ من الجنةِ، وافتحوا له بابًا إلى الجنةِ، فيأتيه من روحِها وطِيبِها، ويُفْسَحُ له في قبرِه مدَّ بصرِه، ويأتيه رجلٌ حسنُ الوجهِ حسنُ الثيابِ طيِّبُ الرائحةِ، فيقولُ : أبشر بالذي يسرُّك هذا يومُك الذي كنتَ تُوعَدُ، فيقول له : من أنت فوجهُك الوجهُ الذي يجيءُ بالخيرِ ؟ فيقولُ : أنا عملُك الصالحُ، فيقولُ : ربِّ أقمِ الساعةَ، ربِّ أقمِ الساعةَ حتى أرجعَ إلى أهلي ومالي، قال : وإنَّ العبدَ الكافرَ إذا كان في انقطاعٍ من الآخرةِ، وإقبالٍ من الدُّنيا، نزل إليه من السماءِ ملائكةٌ سودُ الوجوهِ، معهم المسوحُ، فيجلسون منه مدَّ البصرِ، ثم يجيءُ مَلَكُ الموتِ، حتى يجلسَ عند رأسِه فيقولُ : أيتها النفسُ الخبيثةُ ، اخرجي إلى سخطٍ من اللهِ وغضبٍ، فتتفرقُ في جسدِه، فينتزعُها كما يُنتزعُ السَّفودُ من الصوفِ المبلولِ، فيأخُذها، فإذا أخذها لم يَدَعوها في يدِه طرفةَ عينٍ، حتى يجعلوها في تلك المسوحِ، ويخرجُ منها كأنتنِ ريحِ جيفةٍ وُجِدَتْ على وجهِ الأرضِ، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأٍ من الملائكةِ إلا قالوا : ما هذا الروحُ الخبيثُ ؟ فيقولون : فلانُ بنُ فلانٍ، بأقبحِ أسمائِه التي كان يُسمَّى بها في الدنيا، حتى ينتهي بها إلى السماءِ الدنيا، فيستفتحُ فلا يُفتحُ له، ثم قرأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : لَا تُفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ [ الأعراف : 39 ] فيقول اللهُ عزَّ وجلَّ : اكتبوا كتابَه في سِجِّينٍ، في الأرضِ السفلى، فتُطرحُ روحُه طرحًا، ثم قرأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ [ الحج : 31 ] فتُعادُ روحُه في جسدِه ويأتيه مَلَكانِ، فيُجلسانِه، فيقولانِ له : من ربُّك ؟ فيقول : هاه هاه، لا أدري، فيقولانِ له : ما دِينُك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري فيقولانِ له : ما هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيكم ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري، فينادي منادٍ من السماءِ : أن كذب عبدي، فافرشوا له من النارِ، وألبِسُوهُ من النارِ، وافتحوا له بابًا إلى النارِ، فيأتيه رجلٌ قبيحُ الوجهِ، قبيحُ الثيابِ، منتنُ الريحِ، فيقول : أبشر بالذي يسُوؤك، هذا يومُك الذي كنتَ تُوعَدُ، فيقول : من أنت، فوجهُك الذي يجيءُ بالشرِّ ؟ فيقول : أنا عملُك الخبيثُ ، فيقول : ربِّ لا تُقِمِ الساعةَ
خلاصة حكم المحدث : [ له ] طرق صحيحة
الراوي : البراء بن عازب | المحدث : السيوطي | المصدر : شرح الصدور
الصفحة أو الرقم : 91 التخريج : أخرجه أبو داود (4753)، وأحمد (18557) باختلاف يسير، والنسائي (2001)، وابن ماجه (1549) مختصراً.
التصنيف الموضوعي: استعاذة - التعوذ استعاذة - التعوذ من عذاب القبر دفن ومقابر - سؤال الملكين وفتنة القبر جنائز وموت - ما يلقى به المؤمن من الكرامة عند خروج نفسه رقائق وزهد - الموعظة عند القبر دفن ومقابر - عذاب القبر ونعيمه
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

3 - يجمعُ اللهُ الأولينَ والآخرينَ لميقاتِ يومٍ معلومٍ قيامًا أربعينَ سنةً شاخصةً أبصارُهم ينتظرونَ فصلَ القضاءِ، وينزلُ اللهُ في ظللٍ منَ الغمامِ منَ العرشِ إلى الكرسيِّ ثم يُنادي مُنادٍ : يا أيُّها الناسُ ألم تَرضوا من ربِّكمُ الذي خلقَكُم وصورَكُم ورزقَكُم وأمرَكم أن تَعبدوهُ ولا تُشركوا به شيئًا أن يواليَ كلَّ إنسانٍ منكمْ ما كان يعبدُ في الدُّنيا ويَتولى ؟ أليسَ ذلك عدلٌ من ربٍّكم ؟ قالوا : بلى. قال : فينطلقُ كلُّ إنسانٍ منكمْ إلى ما كان يَتولى في الدُّنيا ويتمثلُ لهم ما كانوا يعبدونَ، فمنهم من ينطلقُ إلى الشمسِ ومنهم من ينطلقُ إلى القمرِ والأوثانِ منَ الحجارةِ وأشباهِ ما كانوا يعبدونَ، ويمثلُ لمن كان يعبدُ عيسى شيطانُ عيسى، ويمثلُ لمن كان يعبدُ عزيرًا شيطانُ عزيرٍ حتى يمثلَ الشجرُ والعودُ والحجرُ ويَبقى أهلُ الإسلامِ جُثومًا، فيمتثلَ لهم الربُّ تعالى فيأتيَهُمْ فيقولُ : ما لكمْ لم تَنطلقوا كما انطلقَ الناسُ ؟ فيقولونَ : إنَّ لنا ربًّا ما رأيناهُ بعدُ، فيقولُ : فهل تعرفونَ ربَّكم إن رأيتُموهُ ؟ قالوا : بينَنا وبينَهُ علامةٌ إذا رأيناها عرفناهُ. قال : وما هي ؟ قال : فيكشفُ عن ساقٍ. قال : فيَحْنى كلُّ من كان لظهرٍ طبقَ ساجدًا ويَبقى قومٌ ظهورُهم كصَياصي البقرِ يريدونَ السجودَ فلا يستطيعونَ، ثم يؤمرونَ فيرفعونَ رؤوسَهمْ فيُعطونَ نورَهمْ على قدرِ أعمالِهم، فمنهم من يُعطى نورَهُ على قدرِ جبلٍ بينَ يديْهِ، ومنهم من يُعطى نورَهُ دونَ ذلك، ومنهم من يُعطى نورَهُ مثلَ النخلةِ بيمينِهِ ومنهم من يُعطى دونَ ذلك حتى يكونَ آخرُ ذلك يُعطى نورَهُ على إبهامِ قدمِهِ يُضيءُ مرةً ويطفئُ مرةً فإذا أضاءَ قدَّمَ قدمَهُ وإذا طُفِئَ قام، فيمرُّونَ الصراطَ، والصراطُ كحدِّ السيفِ دحضٌ مزلَّةٌ فيقالُ : انجوا على قدرِ نورِكمْ، فمنهم من يمرُّ كانقضاضِ الكوكبِ ومنهم من يمرُّ كالطرفِ ومنهم من يمرُّ كالريحِ ومنهم من يمرُّ كشدِّ الرجلِ ويرملُ رملًا، فيمرونَ على قدرِ أعمالِهم حتى يمرَّ الذي نورُهُ على قدرِ إبهامِ قدمِهِ فيَحبو على وجهِهِ ويديْهِ ورجليْهِ يجرُّ يدًا ويعلقُ يدًا ويجرُّ رجلًا ويعلقُ رجلًا فتُصيبُ جوانبَهُ النارُ فلا يزالُ كذلك حتى يخلصَ فإذا خلصَ قال : الحمدُ للهِ الذي نَجاني مِنكَ فقد أَعطاني اللهِ ما لم يعطِ أحدًا، وينطلقُ به إلى غديرٍ عِندَ بابِ الجنةِ فيغسلُ فيعودُ إليه ريحُ أهلِ الجنةِ وألوانُهم فيرى من في الجنةِ من ذلك البابِ، فيقولُ : ربِّ اجعلْ بَيني وبينَهم حجابًا لا أسمعُ حَسيسَها فيدخلُ الجنةَ ويرفعُ له منزلٌ أمامَ ذلك، فيقولُ : ربِّ أعطِني ذلك المنزلَ فيقولُ اللهُ له : فلعلَّكَ إن أعطيتُكهُ أن تسألَني غيرَهُ، فيقولُ : لا وعزتِكَ يا ربِّ، فيقولُ : وأيُّ منزلٍ يكونُ أحسنَ منه، فيعطى ويسكتُ، فيقولُ اللهُ : مالكَ لا تسألُ ؟ فيقولُ : يا ربِّ قد سألْتُكَ حتى استحييْتُ وأقسمْتُ حتى استحييْتُ، فيقولُ اللهُ : ألمْ ترضَ إن أعطيْتُكَ مثلَ الدُّنيا منذُ خلقْتُها إلى يومِ القيامةِ وعشرةَ أضعافِها، فيقولُ : أتهزأُ بي وأنتَ ربُّ العزةِ ؟ فيضحكُ الربُّ تعالى من قولِهِ، فيقولُ : لا ولكني على ذلك قادرٌ، سلْ، فيقولُ : ألحقْني بالناسِ، فيقولُ : الحقْ بالناسِ، فينطلقُ يرملُ في الجنةِ حتى إذا دنا منَ الناسِ ترفعُ له قصرٌ من دُرةٍ مجوفةٍ فيخرُّ ساجدًا، فيقال : ارفعْ رأسَكَ مالك ؟ فيقولُ : رأيْتُ ربِّي، فيقالُ : إنَّما هذا منزلٌ من منازلِكَ، فينطلقُ فيستقبلُهُ رجلٌ فيقولُ : أنتَ ملكٌ ؟ فيقولُ : إنَّما أنا خازنٌ من خزنتِكَ وعبدٌ من عبيدِكَ تحتَ يدي ألفُ قهرمانٍ على مثلِ ما أنا عليْهِ، فينطلقُ أمامَهُ فيفتحُ له القصرَ وهو من دُرةٍ مجوفةٍ سقائفُها وأبوابُها وأغلاقُها ومفاتيحُها منها، وتستقبلُهُ جوهرةٌ خضراءُ مبطنةٌ بحمراءَ سبعونَ ذراعًا فيها ستونَ بابًا كلُّ بابٍ يفضي إلى جوهرةٍ واحدةٍ على غيرِ لونِ الأُخرى، في كلِّ جوهرةٍ سُررٍ وأزواجٍ ووصائفٍ، فيدخلُ فإذا هو بحوراءَ عيناءَ عليْها سبعونَ حلةً يًرى مخُّ ساقِها من وراءِ حُللِها، كبدُها مِرآتُهُ وكبدُهُ مرآتُها إذا أعرضَ عنها إعراضةً ازدادَتْ في عينِهِ سبعينَ ضعفًا عما كانَتْ قبلَهُ، فيقولُ : لقد ازددْتِ في عَيني سبعينَ ضِعفًا، وتقولُ له مثلُ ذلك فيقالُ له : أشرفْ فيُشرفُ فيقالُ له : ملكُ مسيرةُ مائةِ عامٍ يَنفذُهُ بصرُكَ، فقال عمرُ عِندَ ذلك : يا كعبُ ألا تسمعُ إلى ما يحدثُنا ابنُ أمِّ عبدٍ عن أدنى أهلُ الجنةِ منزلةً ؟ فكيفَ أعلاهُمْ ؟ قال : يا أميرَ المؤمنينَ ما لا عينٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعَتْ. إنَّ اللهَ خلقَ دارًا يجعلُ فيها ما شاء منَ الأزواجِ والثمراتِ والأشربةِ ثم أطبقَ فلم يرها أحدٌ من خلقِهِ لا جبريلُ ولا غيرُهُ منَ الملائكةِ، ثم قرأَ كعبُ : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [ السجدة : 17 ] وخلقَ دونَ ذلك جنتيْنِ وزينَهُما بما شاءَ وجعلَ فيها ما ذكرَ منَ الحريرِ والسندسِ والإستبرقِ وأراهُما من شاءَ من خلقِهِ منَ الملائكةِ، فمن كان كتابُهُ في عليينَ نزلَ في تلك الدارِ التي لم يرَها أحدٌ حتى إن الرجلَ من أهلِ عليينَ ليخرجُ فيسيرُ في ملكِهِ فلا يَبقى خيمةٌ من خِيمِ الجنةِ إلا دخلَها من ضوءِ وجهِهِ حتى إنَّهُم يستنشقونَ ريحَهُ ويقولونَ : واهًا لهذه الريحِ الطيبةِ، لقد أشرفَ اليومَ عليْنا رجلٌ من عليينَ ، فقال عمرُ : ويحكَ يا كعبُ إنَّ هذه القلوبَ قد استرسلَتْ فاقبضْها. فقال كعبٌ : يا أميرَ المؤمنينَ إنَّ لجهنمَ زفرةً ما من ملكٍ مقربٍ ولا نبيٍّ مرسلٍ إلا يخرُّ لركبَتيْهِ حتى يقولَ إبراهيمُ الخليلُ : نَفسي نَفسي، وحتى لو كان لكَ عملُ سبعينَ نبيًّا إلى عملِكَ لظننْتَ أنَّكَ لا تَنجو مِنها
خلاصة حكم المحدث : طريقه صحيحة متصلة رجالها ثقات
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : السيوطي | المصدر : البدور السافرة
الصفحة أو الرقم : 158 التخريج : أخرجه الطبراني (9/417) (9763)، والدارقطني في ((رؤية الله)) (163)، والحاكم (8751) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: جنة - صفة الجنة عقيدة - إثبات صفات الله تعالى قيامة - الحساب والقصاص قيامة - أهوال يوم القيامة مناقب وفضائل - أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

4 - بيْنما النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بفِناءِ الكَعبَةِ، إذ نزَلَ عليه جِبريلُ، فقال: يا مُحمَّدُ، إنَّه سيَخرُجُ في أُمَّتِك رَجُلٌ يُشفَّعُ، فيُشفِّعُه اللهُ في عَدَدِ رَبيعةَ ومُضَرَ، فإنْ أدرَكتَه، فاسْأَلْه الشَّفاعَةَ لأُمَّتِك، فقال: يا جِبريلُ، ما اسمُه؟ وما صِفَتُه؟ قال: أمَّا اسمُه فأُوَيسٌ، وأمَّا صِفَتُه وقَبيلَتُه، فمِن اليَمَنِ مِن مُرادٍ، وهو رَجُلٌ أصهَبُ مَقرونُ الحاجبَينِ، أدعَجُ العَينَينِ، بكَفِّه اليُسرى وَضَحٌ أبيضُ، فلم يَزَلِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَطلُبُه، فلم يَقدِرْ عليه، فلمَّا احتُضِرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوصى أبا بَكرٍ وأخبَرَه بما قال له جِبريلُ في أُوَيسٍ القَرْنيِّ: فإنْ أنتَ أدرَكتَه، فاسْأَلْه الشَّفاعَةَ لك ولأُمَّتي، فلم يَزَلْ أبو بَكرٍ يَطلُبُه فلم يَقدِرْ عليه، فلمَّا احتُضِرَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ أوصى به عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، وأخبَرَه بما قال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال: يا عُمَرُ إنْ أنتَ أدرَكتَه، فاسْأَلْه الشَّفاعَةَ لي ولأُمَّةِ رسولِ اللهِ، فلم يَزَلْ عُمَرُ يَطلُبُه حتى كان آخِرُ حَجَّةٍ حَجَّها عُمَرُ وعلِيُّ بنُ أبي طالبٍ، فأَتَيا رِفاقَ اليَمَنِ، فنادَى عُمَرُ بأعلى صَوتِه: يا مَعشَرَ النَّاسِ، هل فيكم أُوَيسٌ القَرْنيُّ؟ أعاد مرَّتينِ، فقامَ شَيخٌ مِن أقصى الرِّفاقِ ، فقال: يا أميرَ المُؤمِنينَ نَعَمْ، هو ابنُ أخٍ لي، هو أخمَلُ أمْرًا وأهوَنُ ذِكرًا مِن أنْ يَسأَلَ مِثلُك عن مِثلِه، فأطرَقَ عُمَرُ طَويلًا حتى أنَّ الشَّيخَ ظَنَّ أنَّه ليس مِن شَأنِه ابنُ أخيهِ، قال عُمَرُ: أيُّها الشَّيخُ، ابنُ أخيكَ في حَرَمِنا هذا؟ قال الشَّيخُ: هو في وادي +أراك عَرَفاتٍ، فرَكِبَ عُمَرُ وعلِيٌّ حتى أتَيَا وادي أراك عَرَفاتٍ، فإذا هما برَجُلٍ كما وَصَفَه جِبريلُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ أصهَبُ، مَقرونُ الحاجِبَينِ، أدعَجُ العَينَينِ، رامٍ بذَقَنِه على صَدْرِه، شاخِصٌ ببَصَرِه نَحوَ مَوضِعِ سُجودِه، قائِمٌ يُصلِّي وهو يَتلو القُرآنَ، فدَنَيَا منه، فقالا له -وقد فَرَغَ-: السَّلامُ عليكَ ورَحمَةُ اللهِ، قال: أنبَأَنا عبدُ اللهِ بنُ عَبدِ اللهِ، فقال له علِيٌّ: قد عَلِمْنا أنَّ أهلَ السَّمواتِ وأهلَ الأرضِ كُلَّهم عَبيدُ اللهِ، قال: أنا راعي الإبِلِ وأجيرُ القَومِ، فقال له علِيٌّ: لسنا عن هذا سأَلْناك مِن رَعْيِك وإجارَتِك، إنَّما نَسأَلُك بحَقِّ حَرَمِنا هذا إلَّا أخبَرْتَنا باسْمِكَ الذي سمَّاك به أبوك، قال: أنا أُوَيسٌ القَرْنيُّ، فقال له علِيٌّ: يا أُوَيسُ، إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَكَرَ أنَّ بكَفِّكَ اليُسرى وَضحًا أبيضَ، فأوضِحْ لنا فيه، فإذا هما إيَّاه، فأقبَلَ علِيٌّ وعُمَرُ يُقبِّلانِه، فقال عليٌّ: يا أُوَيسُ، إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَكَرَ أنَّك سيِّدُ التَّابعينَ، وأنَّك تُشفَّعُ يُشفِّعُك اللهُ في عَدَدِ رَبيعةَ ومُضَرَ، فقال لهما أُوَيسٌ: فعَسَى أنْ يكونَ ذلك غيري، قال له عليٌّ: قد أيقَنَّا أنَّك أنتَ هو حقًّا يَقينًا، فرفَعَ يَدَه إلى السَّماءِ ثم قال: اللَّهُمَّ إنَّ هَذينِ ابنا عمِّي، بحَياتي عليك فاغْفِرْ لهما وللمُؤمِنينَ والمُؤمِناتِ، والمُسلِمينَ والمُسلِماتِ، الأحياءِ منهم والأمواتِ. ثم إنَّ عُمَرَ قال له: أين الميعادُ بيني وبينَك، إنِّي أراك رَثَّ الحالِ؛ حتى آتِيَك بكِسوَةٍ ونَفَقةٍ مِن رِزقي؟ فقال له أُوَيسٌ: هَيْهاتَ هَيْهاتَ، إنَّ بيْني وبينَك عَقَبةً كَؤودًا، لا يُجاوِزُها إلَّا كُلُّ ضامِرٍ عَطشانَ مَهزولٍ، ما تَرى يا عُمَرُ أنَّ عليَّ طِمرَينِ مِن صُوفٍ، ونَعلَينِ مَخصوفَتَينِ ، ولي نَفَقةٌ، ولي على القَومِ حِسابٌ، قال: فإلى متى آكُلُ هذا؟ وإلى متى يَبْلى هذا؟ فأخرَجَ عُمَرُ الدِّرَّةَ مِن كُمِّه، ثم نادَى: يا مَعشَرَ النَّاسِ، مَن يأخُذُ الخِلافَةَ بما فيها؟ فقال أُوَيسٌ: مَن جَدَعَ اللهُ أنْفَه يا أميرَ المُؤمِنينَ، فقال له عُمَرُ: واللهِ ما نَكَّبتُ مِصرًا، ولا ظَلَمتُ فيه ذِمِّيًّا، ولا أَكَلتُ منها حِمى أرضٍ، قال أُوَيسٌ: جزاكَ اللهُ خيرًا يا عُمَرُ عن هذه الأُمَّةِ، وأنتَ يا عليُّ، فجزاكَ اللهُ خيرًا عن هذه الأُمَّةِ، فتَعيشانِ حَميدينِ، وتَموتانِ سَعيدينِ. فقالا له: أوْصِنا يَرحَمُك اللهُ، فقال: أُوصيكما بتَقْوى اللهِ، والعَمَلِ بطاعَتِه، والصَّبرِ على ما أصابَكما؛ فإنَّ ذلك مِن عَزمِ الأُمورِ، وأُوصيكما أنْ تَلْقَيَا هَرِمَ بنَ حَيَّانَ فتُقرِآه منِّي السَّلامَ، وخَبِّراه إنِّي أرجو أنْ يكونَ رَفيقي في الجَنَّةِ، قال: فوَدَّعاه، فلم يَزَلْ عُمَرُ وعليٌّ يَطلُبانِ هَرِمَ بنَ حَيَّانَ، فبينَما هما مارَّانِ في مَسجِدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا هما بهَرِمِ بنِ حَيَّانَ قائِمٍ يُصلِّي، فانتَظَراه، فلمَّا انصَرَفَ سَلَّمَا عليه، فرَدَّ عليهما السَّلامَ، ثم قال لهما: مِن أين جِئتُما؟ قالا: جِئنا مِن عندِ أُوَيسٍ القَرْنيِّ، وهو يُقرِئُك السَّلامَ، ويقولُ لك: إنِّي أرجو أنْ تكونَ رفيقي في الجَنَّة. فلم يَزَلْ هَرِمُ بنُ حَيَّانَ في طَلَبِ أُوَيسٍ، فبينَما هو بالكُوفَةِ مارٌّ على شاطِئِ الفُراتِ إذا هو برَجُلٍ أصهَبَ، مَقرونِ الحاجِبَينِ، أدعَجَ العَينَينِ، يَغسِلُ طِمرَينِ له مِن صُوفٍ، فدَنا منه هَرِمُ بنُ حَيَّانَ، فقال: السَّلامُ عليك يا أُوَيسُ، فأجابَه بمِثلِ ذلك مِن السَّلامِ، وقال له: يا هَرِمَ بنَ حَيَّانَ، قال له هَرِمٌ: كيف الزَّمانُ عليك؟ قال له أُوَيسٌ: كيف الزَّمانُ على رَجُلٍ إذا أصبَحَ يقولُ: لا أُمسي، ويُمسي يقولُ: لا أُصبِحُ؟ يا أخا مُرادٍ، إنَّ المَوتَ وذِكرَه لم يَترُكا لأحَدٍ فَرَحًا، وإنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المُنكَرِ لم يَترُكا للمُؤمِنِ صَديقًا، فقال له هَرِمٌ: يا أُوَيسُ، أنا مُعرِّفُك، فإنَّ عُمَرَ وعَليًّا وَصَفاك لي فعَرَفتُك بصِفَتِهما، فأنتَ مِن أين عَرَفتَني؟ قال له أُوَيسٌ: إنَّ الأرواحَ جُنودٌ مُجنَّدَةٌ ، فما تَعارَفَ منها في اللهِ ائتَلَفَ، وما تَناكَرَ في اللهِ اختَلَفَ، قال له أُوَيسٌ: يا هَرِمُ، اتْلُ علَيَّ آياتٍ مِن كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فتَلا عليه هذه الآيةَ: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} [الأنبياء: 16]، فخَرَّ أُوَيسٌ مَغشيًّا عليه، فلمَّا أفاقَ قال له: إنِّي أريدُ أصحَبُك وأكونُ معك، فقال له أُوَيسٌ: لا يا هَرِمُ، ولكن إذا مُتُّ لا يُكفِّنُني أحَدٌ حتى تأتيَ أنتَ فتُكَفِّنَني وتَدفِنَني. ثم إنَّهما افتَرَقا، ولم يَزَلْ هَرِمُ بنُ حَيَّانَ في طَلَبِ أُوَيسٍ حتى دَخَلَ مَدينةً مِن مَدائِنِ الشَّامِ يُقالُ لها: دِمَشقُ، فإذا هو برَجُلٍ مَلفوفٍ في عَباءَةٍ له، مُلقًى في صَحنِ المَسجِدِ، فدَنا منه فكَشَفَ العَباءَةَ عن وَجْهِه، فإذا هو أُوَيسٌ قد تُوفِّيَ، فوَضَعَ يَدَه على أُمِّ رَأسِه، ثم قال: وا أخاهُ! هذا أُوَيسٌ القَرْنيُّ مات ضائِعًا، فقال له: مَن أنتَ يا عبدَ اللهِ؟ ومَن هذا؟ فقال: أمَّا أنا فهَرِمُ بنُ حَيَّانَ المُراديُّ، وأمَّا هذا فأُوَيسٌ القَرْنيُّ وَليُّ اللهِ، قالوا: فإنَّا قد جَمَعْنا له ثَوبَينِ نُكفِّنُه فيهما، فقال لهم هَرِمٌ: ما له بثَمَنِ ثَوبِكم حاجَةٌ، ولكنْ يُكفِّنُه هَرِمُ بنُ حَيَّانَ المُراديُّ مِن مالِه، فضَرَبَ هَرِمٌ بيَدِه إلى مِردَةِ أُوَيسٍ القَرْنيِّ، فإذا هو بثَوبَينِ لم يكُنْ له بهما عَهدٌ عندَ رَأسِ أُوَيسٍ، على أحَدِهما مَكتوبٌ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، بَراءَةٌ مِن الرحمنِ الرحيمِ لأُوَيسٍ القَرْنيِّ مِن النَّارِ، وعلى الآخَرِ مَكتوبٌ: هذا كَفَنٌ لأُوَيسٍ القَرْنيِّ مِن الجَنَّةِ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده لا بأس به وله طرق عديدة
الراوي : أبو هريرة | المحدث : السيوطي | المصدر : اللآلئ المصنوعة
الصفحة أو الرقم : 1/448
التصنيف الموضوعي: قيامة - الشفاعة مناقب وفضائل - أويس القرني إيمان - الكرامات والأولياء إيمان - الملائكة مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين