الموسوعة الحديثية


- لمَّا رأى المشرِكون أصحابَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد تجهَّزوا وخرَجوا وحمَلوا، وساقُوا الذَّراريَّ والأطفالَ والأموالَ إلى الأَوْسِ والخَزْرجِ، وعرَفوا أنَّ الدارَ دارُ منَعةٍ، وأنَّ القومَ أهلُ حَلْقةٍ وشوكةٍ وبأسٍ، فخافوا خروجَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهم، ولحوقَهُ بهم، فيَشتدُّ عليهم أمرُه، فاجتمَعوا في دارِ النَّدوةِ، ولم يَتخلَّفْ أحدٌ مِن أهلِ الرأيِ والحِجَا منهم؛ ليتشاوَروا في أمرِه، وحضَرهم وَلِيُّهم وشيخُهم إبليسُ في صورةِ شيخٍ كبيرٍ مِن أهلِ نَجْدٍ، مُشْتَمِلٍ الصَّمَّاءَ في كسائِه، فتذاكَروا أمرَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأشار كلُّ أحدٍ منهم برأيٍ، والشيخُ يرُدُّهُ ولا يرضاه، إلى أن قال أبو جهلٍ: قد فُرِقَ لي فيه رأيٌ ما أراكم قد وقَعْتم عليه، قالوا: ما هو؟ قال: أرى أن نأخُذَ مِن كلِّ قبيلةٍ مِن قُرَيشٍ غلامًا نَهْدًا جَلْدًا ، ثم نُعطِيه سيفًا صارمًا، فيضرِبونه ضَرْبةَ رجُلٍ واحدٍ، فيَتفرَّقُ دَمُهُ في القبائلِ، فلا تَدري بنو عبدِ مَنافٍ بعد ذلك كيف تَصنَعُ، ولا يُمكِنُها معاداةُ القبائلِ كلِّها، ونسُوقُ إليهم دِيَتَه، فقال الشيخُ: للهِ دَرُّ الفتى! هذا واللهِ الرأيُ، قال: فتفرَّقوا على ذلك، واجتمَعوا عليه، فجاءه جِبْريلُ بالوحيِ مِن عند ربِّهِ تبارَك وتعالى، فأخبَره بذلك، وأمَره أن لا ينامَ في مَضجَعِهِ تلك الليلةَ.
خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات غير شيخ ابن إسحاق، فإنه لا يعرف
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج زاد المعاد الصفحة أو الرقم : 3/46
التخريج : أخرجه ابن هشام في ((السيرة)) (2/ 89)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (1/ 227)، وأبو نعيم الأصبهاني في ((دلائل النبوة)) (154) واللفظ لهم مطولا.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - عصمة الله له من الناس إيمان - الإيمان بالوحي جهاد - الهجرة من دار العدو إلى دار الإسلام فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


سيرة ابن هشام ت طه عبد الرؤوف سعد (2/ 89)
: قال ابن إسحاق: فحدثني من لا أتهم من أصحابنا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبير أبي الحجاج، وغيره ممن لا أتهم، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لما أجمعوا لذلك، واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غدوا في اليوم الذي اتعدوا له، وكان ذلك اليوم يسمى يوم الرحمة، فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل، عليه بتلة، فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها؟ قالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا، قالوا: أجل فادخل معهم، وقد اجتمع فيها أشراف قريش من بني عبد شمس: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حرب، ومن بني نوفل بن عبد مناف: طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم، والحارث بن عامر بن نوفل. ومن بني عبد الدار بن قصي: النضر بن الحارث بن كلدة. ومن بني أسد بن عبد العزى: أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود بن المطلب، وحكيم بن حزام. ومن بني مخزوم، أبو جهل بن هشام. ومن بني سهم: نبيه ومنبه ابنا الحجاج. ومن بني جمح: أمية بن خلف. ومن كان معهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش. فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا، فأجمعوا فيه رأيا. قال: فتشاوروا ثم قال قائل منهم: احبسوه في الحديد، وأغلقوا عليه بابا، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله، زهيرا والنابغة، ومن مضى منهم، من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم. فقال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي. والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم، فينزعوه من أيديكم، ثم يكاثروكم به، حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي، فانظروا في غيره. فتشاوروا. ثم قال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا، فننفيه من بلادنا، فإذا أخرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع، إذا غاب عنا وفرغنا منه، فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت، فقال الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، ألم تروا حسن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به، والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب، فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه، ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم، فيأخذ أمركم من أيديكم، ثم يفعل بكم ما أراد، دبروا فيه رأيا غير هذا. قال: فقال أبو جهل بن هشام: والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد قالوا: وما هو يا أبا الحكم؟ قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فينا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ثم يعمدوا إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فنستريح منه. فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، فرضوا منا بالعقل، فعقلناه لهم. قال: فقال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي الذي لا رأي غيره، فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له ما تنتظرون ههنا؟ قالوا: محمدا: قال: خيبكم الله! قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا، وانطلق لحاجته، أفما ترون ما بكم؟ قال: فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائم عليه برده. فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي رضي الله عنه عن الفراش فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا.

الطبقات الكبرى - ط دار صادر (1/ 227)
: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قال: وحدثني ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين بن أبي غطفان، عن ابن عباس قال: وحدثني قدامة بن موسى، عن عائشة بنت قدامة قال: وحدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي قال: وحدثني معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم، عن سراقة بن جعشم دخل حديث بعضهم في حديث بعض، قالوا: لما رأى المشركون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حملوا الذراري والأطفال إلى الأوس والخزرج عرفوا أنها دار منعة وقوم أهل حلقة وبأس، فخافوا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا في دار الندوة، ولم يتخلف أحد من أهل الرأي والحجى منهم ليتشاوروا في أمره، وحضرهم إبليس في صورة شيخ كبير من أهل نجد مشتمل الصماء في بت، فتذاكروا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار كل رجل منهم برأي ، كل ذلك يرده إبليس عليهم ولا يرضاه لهم إلى أن قال أبو جهل: أرى أن نأخذ من كل قبيلة من قريش غلاما نهدا جليدا، ثم نعطيه سيفا صارما فيضربونه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل، فلا يدري بنو عبد مناف بعد ذلك ما تصنع، قال: فقال النجدي: لله در الفتى هذا، والله الرأي، وإلا فلا فتفرقوا على ذلك وأجمعوا عليه، وأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، فقال: إن الله عز وجل قد أذن لي في الخروج فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت وأمي إحدى راحلتي هاتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن وكان أبو بكر اشتراهما بثمانمائة درهم من نعم بني قشير، فأخذ إحداهما وهي القصواء، وأمر عليا أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، فبات فيه علي وتغشى بردا أحمر حضرميا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام فيه، واجتمع أولئك النفر من قريش يتطلعون من صير الباب ويرصدونه يريدون ثيابه، ويأتمرون أيهم يحمل على المضطجع صاحب الفراش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم وهم جلوس على الباب، فأخذ حفنة من البطحاء، فجعل يذرها على رءوسهم ويتلو {يس والقرآن الحكيم} [يس: 2] حتى بلغ {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} [البقرة: 6] ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال قائل لهم: ما تنتظرون؟ قالوا: محمدا قال: خبتم وخسرتم، قد والله مر بكم وذر على رءوسكم التراب، قالوا: والله ما أبصرناه، وقاموا ينفضون التراب عن رءوسهم، وهم أبو جهل والحكم بن أبي العاص وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وأمية بن خلف وابن الغيطلة وزمعة بن الأسود وطعيمة بن عدي وأبو لهب وأبي بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، فلما أصبحوا قام علي عن الفراش فسألوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا علم لي به، وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزل أبي بكر، فكان فيه إلى الليل، ثم خرج هو وأبو بكر فمضيا إلى غار ثور فدخلاه، وضربت العنكبوت على بابه بعشاش بعضها على بعض، وطلبت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الطلب حتى انتهوا إلى باب الغار، فقال بعضهم: إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد فانصرفوا

دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني (ص200)
: 154 - حدثنا حبيب بن الحسن قال: ثنا محمد بن يحيى المروزي قال: ثنا أحمد بن محمد بن أيوب قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن من لا يتهم من أصحابنا عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد أبي الحجاج، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وحدثنا سليمان بن أحمد قال: ثنا محمد بن أحمد بن البراء قال: ثنا الفضل بن غانم قال: ثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر المكي، عن عبد الله بن عباس قال: وحدثنا محمد بن إسحاق حدثنا الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: " لما عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا أصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا له في دار الندوة وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها فيتشاورون فيها ما يصنعون من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه فلما اجتمعوا لذلك في ذلك اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى الزحمة اعترض لهم إبليس في هيئة رجل شيخ جليل عليه بت له فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها قالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأي ونصح قالوا: أجل فادخل فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش من كل قبيلة من بني عبد شمس عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب ومن بني نوفل بن عبد مناف: طعيمة بن عدي وجبير بن مطعم والحارث بن عامر بن نوفل ومن بني عبد الدار بن قصي: النضر بن الحارث بن كلدة ومن بني أسد بن عبد العزى أبو البختري بن هشام وزمعة بن الأسود بن المطلب وحكيم بن حزام ومن بني مخزوم أبو جهل بن هشام ومن بني سهم منبه ونبيه ابنا الحجاج ومن بني جمح: أمية بن خلف ومن لا يعد من قريش فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم وإنا والله لا نأمنه من الوثوب علينا بمن اتبعه من غيرنا فأجمعوا رأيا، فتشاوروا فقال قائل منهم: احبسوه بالحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء قبله زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه منه ما أصابهم فقال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي والله لو حبستموه - كما تقولون - لخرج أمره من وراء الباب الذي أغلقتم عليه دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم ثم يكابرونكم حتى يغلبوكم على أمركم ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره ثم تشاوروا فقال قائل منهم: نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلدنا فإذا خرج عنا فما نبالي أين يذهب ولا حيث وقع غاب عنا أذاه وفرغنا منه وأصلحنا أمرنا قال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما أتى به والله لو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحل على حي من أحياء العرب فيغلب بذلك من قوله عليهم وبحديثه حتى يتابعوه عليه ثم يسير إليكم حتى يطأكم به فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد دبروا فيه رأيا غير هذا، فقال أبو جهل: إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد قالوا: وما هذا يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن ‌نأخذ ‌من ‌كل ‌قبيلة شابا جلدا خليلا نسيبا وسيطا ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ثم يعمدون إليه ثم يضربونه ضربة رجل واحد فيقتلونه جميعا ونستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه على القبائل كلها فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا وإن رضوا بالعقل عقلناه لهم قال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل هذا الرأي لا أرى لكم غيره فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له فأتاه جبريل فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه فلما كان عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي: نم على فراشي وتسج ببردي هذا الأخضر الحضرمي فإنه لا يخلص إليك شيء تكرهه منهم - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك -. قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي قال: اجتمعوا له وفيهم أبو جهل فقال وهم على بابه: إن محمدا زعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم يبعثكم من بعد موتكم لكم جنان الأردن وإن لم تفعلوا كان لكم منه ذبح ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: نعم أنا أقول ذلك وأنت أحدهم وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات : {يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين} [يس: 2] إلى قوله تعالى: {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} [يس: 9] حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات فلم يبق رجل إلا وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال: ما ينتظر هؤلاء؟ قالوا: محمدا قال: خيبكم الله قد - والله - خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلا إلا وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته أفلا ترون إلى ما بكم؟ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائم عليه برده فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي عن الفراش فقالوا: والله لقد صدقنا الذي حدثنا فكان مما نزل من القرآن في ذلك اليوم: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} [الأنفال: 30] "