الموسوعة الحديثية


- أن رجلينِ من أهلِ الكوفةِ كانا له صديقينِ فأتَياهُ ليكلمَ لهما سلمانَ ليحدثهما حديثهُ، فأقبلا معهُ، فلقوْا سلمانَ... ( فذكر القِصّةَ وفيه صُحبتهُ للرهبانِ.. وقصةُ سبيهِ وأنه بِيعَ لامرأةٍ من الأنصارِ ثم ذكرَ قدومَ النبي صلى الله عليه وسلم وذهابهُ إليه وإسلامهُ. وأن أبا بكرٍ اشتراهُ وأعتقهُ... الحديث ).
خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد
الراوي : سلمان الفارسي | المحدث : الذهبي | المصدر : سير أعلام النبلاء الصفحة أو الرقم : 1/525
التخريج : أخرجه أحمد (23737)، والحاكم (6543)، والبزار (2500) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الإسلام عتق وولاء - فضل العتق علم - القصص مناقب وفضائل - سلمان الفارسي مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث

أصول الحديث:


[مسند أحمد] (39/ 140)
23737 - حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس، قال: حدثني سلمان الفارسي حديثه من فيه، قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جي، وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة، قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة، قال: فشغل في بنيان له يوما، فقال لي: يا بني، إني قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب فاطلعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضيعته، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم، وسمعت أصواتهم، دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، قال: فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم، ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي ولم آتها، فقلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام قال: ثم رجعت إلى أبي، وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله، قال: فلما جئته، قال: أي بني، أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت، مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس، قال: أي بني، ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، قال: قلت: كلا والله إنه لخير من ديننا، قال: فخافني، فجعل في رجلي قيدا، ثم حبسني في بيته، قال: وبعثت إلى النصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، قال: فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى، قال: فأخبروني بهم، قال: فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، قال: فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها، قلت: من أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة، قال: فجئته، فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك وأصلي معك، قال: فادخل فدخلت معه، قال: فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها أشياء، اكتنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق، قال: وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه، ولم يعط المساكين منها شيئا، قالوا: وما علمك بذلك؟، قال: قلت أنا أدلكم على كنزه، قالوا: فدلنا عليه، قال: فأريتهم موضعه، قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، قال: فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا فصلبوه، ثم رجموه بالحجارة، ثم جاءوا برجل آخر، فجعلوه بمكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس، أرى أنه أفضل منه، أزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلا ونهارا منه، قال: فأحببته حبا لم أحبه من قبله، فأقمت معه زمانا، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟، قال: أي بني والله ما أعلم أحدا اليوم على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلا بالموصل، وهو فلان، فهو على ما كنت عليه، فالحق به، قال: فلما مات وغيب، لحقت بصاحب الموصل فقلت له: يا فلان، إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره، قال: فقال لي: أقم عندي فأقمت عنده، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان، إن فلانا أوصى بي إليك، وأمرني باللحوق بك، وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا بنصيبين، وهو فلان، فالحق به، قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين، فجئته فأخبرته خبري، وما أمرني به صاحبي، قال: فأقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر، قلت له: يا فلان، إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما نعلم أحدا بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية، فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأته، قال: فإنه على أمرنا، قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية، وأخبرته خبري، فقال: أقم عندي، فأقمت مع رجل على هدي أصحابه وأمرهم، قال: واكتسبت حتى كان لي بقرات وغنيمة، قال: ثم نزل به أمر الله، فلما حضر قلت له: يا فلان، إني كنت مع فلان، فأوصى بي فلان إلى فلان، وأوصى بي فلان إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجرا إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى: يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، قال: ثم مات وغيب، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجارا، فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب، وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه؟ قالوا: نعم فأعطيتهموها وحملوني، حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل من يهود عبدا، فكنت عنده، ورأيت النخل، ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق لي في نفسي، فبينما أنا عنده، قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه، فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها وبعث الله رسوله، فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال: فلان، قاتل الله بني قيلة، والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم، يزعمون أنه نبي، قال: فلما سمعتها أخذتني العرواء، حتى ظننت سأسقط على سيدي، قال: ونزلت عن النخلة، فجعلت أقول لابن عمه ذلك: ماذا تقول؟ ماذا تقول؟ قال: فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا أقبل على عملك، قال: قلت: لا شيء، إنما أردت أن أستثبته عما قال: وقد كان عندي شيء قد جمعته، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح، ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم قال: فقربته إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: كلوا وأمسك يده فلم يأكل، قال: فقلت في نفسي: هذه واحدة، ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئته به، فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها، قال: فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال: فقلت في نفسي: هاتان اثنتان، قال: ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد، قال: وقد تبع جنازة من أصحابه، عليه شملتان له، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي؟ فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته، عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، قال: فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحول فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، قال: فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر، وأحد، قال: ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له بالفقير، وبأربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل: الرجل بثلاثين ودية، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة، والرجل بعشر، يعني: الرجل بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاث مائة ودية، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب يا سلمان ففقر لها، فإذا فرغت فأتني أكون أنا أضعها بيدي قال: ففقرت لها، وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فوالذي نفس سلمان بيده، ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل، وبقي علي المال، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي، فقال: ما فعل الفارسي المكاتب؟ قال: فدعيت له، فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي؟ قال: خذها، فإن الله سيؤدي بها عنك قال: فأخذتها فوزنت لهم منها، والذي نفس سلمان بيده، أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم، وعتقت، فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد

المستدرك على الصحيحين للحاكم (3/ 692)
6543 - حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، من أصل كتابه، ثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب ببغداد، ثنا علي بن عاصم، ثنا حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن زيد بن صوحان، أن رجلين من أهل الكوفة كانا صديقين لزيد بن صوحان أتياه ليكلم لهما سلمان أن يحدثهما حديثه كيف كان إسلامه فأقبلا معه حتى لقوا سلمان، وهو بالمدائن أميرا عليها، وإذا هو على كرسي قاعد، وإذا خوص بين يديه وهو يسفه، قالا: فسلمنا وقعدنا، فقال له زيد: يا أبا عبد الله، إن هذين لي صديقان ولهما أخ، وقد أحبا أن يسمعا حديثك كيف كان بدء إسلامك؟ قال: فقال سلمان: كنت يتيما من رام هرمز، وكان ابن دهقان رام هرمز يختلف إلى معلم يعلمه، فلزمته لأكون في كنفه، وكان لي أخ أكبر مني وكان مستغنيا بنفسه، وكنت غلاما قصيرا، وكان إذا قام من مجلسه تفرق من يحفظهم، فإذا تفرقوا خرج فيضع بثوبه، ثم صعد الجبل، وكان يفعل ذلك غير مرة متنكرا، قال: فقلت له: إنك تفعل كذا وكذا، فلم لا تذهب بي معك؟ قال: أنت غلام، وأخاف أن يظهر منك شيء، قال: قلت: لا تخف، قال: فإن في هذا الجبل قوما في برطيلهم لهم عبادة، ولهم صلاح يذكرون الله تعالى، ويذكرون الآخرة، ويزعموننا عبدة النيران، وعبدة الأوثان، وأنا على دينهم، قال: قلت فاذهب بي معك إليهم، قال: لا أقدر على ذلك حتى أستأمرهم، وأنا أخاف أن يظهر منك شيء، فيعلم أبي فيقتل القوم فيكون هلاكهم على يدي، قال: قلت: لن يظهر مني ذلك، فاستأمرهم، فأتاهم، فقال: غلام عندي يتيم فأحب أن يأتيكم ويسمع كلامكم، قالوا: إن كنت تثق به، قال: أرجو أن لا يجيء منه إلا ما أحب، قالوا: فجيء به، فقال لي: لقد استأذنت في أن تجيء معي، فإذا كانت الساعة التي رأيتني أخرج فيها فأتني، ولا يعلم بك أحد، فإن أبي إن علم بهم قتلهم، قال: فلما كانت الساعة التي يخرج تبعته فصعدنا الجبل، فانتهينا إليهم، فإذا هم في برطيلهم قال علي: وأراه، قال: وهم ستة أو سبعة، قال:، وكأن الروح قد خرج منهم من العبادة يصومون النهار، ويقومون الليل، ويأكلون عند السحر، ما وجدوا، فقعدنا إليهم، فأثنى الدهقان على حبر، فتكلموا، فحمدوا الله، وأثنوا عليه، وذكروا من مضى من الرسل والأنبياء حتى خلصوا إلى ذكر عيسى بن مريم عليهما السلام، فقالوا: بعث الله تعالى عيسى عليه السلام رسولا وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموتى، وخلق الطير، وإبراء الأكمه، والأبرص، والأعمى، فكفر به قوم وتبعه قوم، وإنما كان عبد الله ورسوله ابتلى به خلقه، قال: وقالوا قبل ذلك: يا غلام، إن لك لربا، وإن لك معادا، وإن بين يديك جنة ونارا، إليهما تصيرون، وإن هؤلاء القوم الذين يعبدون النيران أهل كفر وضلالة لا يرضى الله ما يصنعون وليسوا على دين، فلما حضرت الساعة التي ينصرف فيها الغلام انصرف وانصرفت معه، ثم غدونا إليهم فقالوا مثل ذلك وأحسن، ولزمتهم فقالوا لي يا سلمان: إنك غلام، وإنك لا تستطيع أن تصنع كما نصنع فصل ونم وكل واشرب، قال: فاطلع الملك على صنيع ابنه فركب في الخيل حتى أتاهم في برطيلهم، فقال: يا هؤلاء، قد جاورتموني فأحسنت جواركم، ولم تروا مني سوءا فعمدتم إلى ابني فأفسدتموه علي قد أجلتكم ثلاثا، فإن قدرت عليكم بعد ثلاث أحرقت عليكم برطيلكم هذا، فالحقوا ببلادكم، فإني أكره أن يكون مني إليكم سوء، قالوا: نعم، ما تعمدنا مساءتك، ولا أردنا إلا الخير، فكف ابنه عن إتيانهم. فقلت له: اتق الله، فإنك تعرف أن هذا الدين دين الله، وأن أباك ونحن على غير دين إنما هم عبدة النار لا يعبدون الله، فلا تبع آخرتك بدين غيرك، قال: يا سلمان، هو كما تقول: وإنما أتخلف عن القوم بغيا عليهم إن تبعت القوم طلبني أبي في الجبل وقد خرج في إتياني إياهم حتى طردهم، وقد أعرف أن الحق في أيديهم فأتيتهم في اليوم الذي أرادوا أن يرتحلوا فيه، فقالوا: يا سلمان: قد كنا نحذر مكان ما رأيت فاتق الله تعالى واعلم أن الدين ما أوصيناك به، وأن هؤلاء عبدة النيران لا يعرفون الله تعالى ولا يذكرونه، فلا يخدعنك أحد عن دينك قلت: ما أنا بمفارقكم، قالوا: أنت لا تقدر أن تكون معنا نحن نصوم النهار، ونقوم الليل ونأكل عند السحر ما أصبنا وأنت لا تستطيع ذلك ، قال: فقلت: لا أفارقكم، قالوا: أنت أعلم وقد أعلمناك حالنا، فإذا أتيت خذ مقدار حمل يكون معك شيء تأكله، فإنك لا تستطيع ما نستطيع بحق قال: ففعلت ولقينا أخي فعرضت عليه، ثم أتيتهم يمشون وأمشي معهم فرزق الله السلامة حتى قدمنا الموصل فأتينا بيعة بالموصل، فلما دخلوا احتفوا بهم وقالوا: أين كنتم؟ قالوا: كنا في بلاد لا يذكرون الله تعالى فيها عبدة النيران، وكنا نعبد الله فطردونا، فقالوا: ما هذا الغلام؟ فطفقوا يثنون علي، وقالوا: صحبنا من تلك البلاد فلم نر منه إلا خيرا، قال سلمان فوالله: إنهم لكذلك إذا طلع عليهم رجل من كهف جبل، قال: فجاء حتى سلم وجلس فحفوا به وعظموه أصحابي الذين كنت معهم وأحدقوا به، فقال: أين كنتم؟ فأخبروه، فقال: ما هذا الغلام معكم؟ فأثنوا علي خيرا وأخبروه بإتباعي إياهم، ولم أر مثل إعظامهم إياه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر من أرسل من رسله وأنبيائه وما لقوا، وما صنع به وذكر " مولد عيسى بن مريم عليه السلام، وأنه ولد بغير ذكر فبعثه الله عز وجل رسولا، وأحيا على يديه الموتى، وأنه يخلق من الطين كهيئة الطير، فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأنزل عليه الإنجيل وعلمه التوراة، وبعثه رسولا إلى بني إسرائيل فكفر به قوم وآمن به قوم، وذكر بعض ما لقي عيسى ابن مريم، وأنه كان عبد الله أنعم الله عليه فشكر ذلك له ورضي الله عنه حتى قبضه الله عز وجل وهو يعظهم ويقول: اتقوا الله والزموا ما جاء به عيسى عليه الصلاة والسلام، ولا تخالفوا فيخالف بكم، ثم قال: من أراد أن يأخذ من هذا شيئا، فليأخذ فجعل الرجل يقوم فيأخذ الجرة من الماء والطعام فقام أصحابي الذين جئت معهم فسلموا عليه وعظموه وقال لهم: الزموا هذا الدين وإياكم أن تفرقوا واستوصوا بهذا الغلام خيرا، وقال لي: يا غلام هذا دين الله الذي تسمعني أقوله وما سواه الكفر، قال: قلت: ما أنا بمفارقك، قال: إنك لا تستطيع أن تكون معي إني لا أخرج من كهفي هذا إلا كل يوم أحد، ولا تقدر على الكينونة معي، قال: وأقبل على أصحابه، فقالوا: يا غلام، إنك لا تستطيع أن تكون معه، قلت: ما أنا بمفارقك، قال له أصحابه: يا فلان، إن هذا غلام ويخاف عليه، فقال لي: أنت أعلم، قلت: فإني لا أفارقك، فبكى أصحابي الأولون الذين كنت معهم عند فراقهم إياي، فقال: يا غلام، خذ من هذا الطعام ما ترى أنه يكفيك إلى الأحد الآخر، وخذ من الماء ما تكتفي به، ففعلت فما رأيته نائما ولا طاعما إلا راكعا وساجدا إلى الأحد الآخر، فلما أصبحنا، قال لي: خذ جرتك هذه وانطلق فخرجت معه أتبعه حتى انتهينا إلى الصخرة، وإذا هم قد خرجوا من تلك الجبال ينتظرون خروجه فقعدوا وعاد في حديثه نحو المرة الأولى، فقال: الزموا هذا الدين ولا تفرقوا، واذكروا الله واعلموا أن عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام كان عبد الله تعالى أنعم الله عليه، ثم ذكرني ، فقالوا له: يا فلان كيف وجدت هذا الغلام؟ فأثنى علي، وقال خيرا: فحمدوا الله تعالى، وإذا خبز كثير، وماء كثير فأخذوا وجعل الرجل يأخذ ما يكتفي به، وفعلت فتفرقوا في تلك الجبال ورجع إلى كهفه ورجعت معه فلبثنا ما شاء الله يخرج في كل يوم أحد، ويخرجون معه ويحفون به ويوصيهم بما كان يوصيهم به فخرج في أحد، فلما اجتمعوا حمد الله تعالى ووعظهم وقال: مثل ما كان يقول لهم، ثم قال لهم آخر ذلك: يا هؤلاء إنه قد كبر سني، ورق عظمي، وقرب أجلي، وأنه لا عهد لي بهذا البيت منذ كذا وكذا، ولا بد من إتيانه فاستوصوا بهذا الغلام خيرا، فإني رأيته لا بأس به، قال: فجزع القوم فما رأيت مثل جزعهم، وقالوا: يا فلان، أنت كبير فأنت وحدك، ولا نأمن من أن يصيبك شيء يساعدك أحوج ما كنا إليك، قال: لا تراجعوني، لا بد من اتباعه، ولكن استوصوا بهذا الغلام خيرا وافعلوا وافعلوا، قال: فقلت: ما أنا بمفارقك، قال: يا سلمان قد رأيت حالي وما كنت عليه وليس هذا كذلك أنا أمشي أصوم النهار وأقوم الليل، ولا أستطيع أن أحمل معي زادا ولا غيره وأنت لا تقدر على هذا قلت ما أنا بمفارقك، قال: أنت أعلم، قال: فقالوا: يا فلان، فإنا نخاف على هذا الغلام، قال: فهو أعلم قد أعلمته الحال وقد رأى ما كان قبل هذا قلت: لا أفارقك، قال: فبكوا وودعوه وقال لهم: اتقوا الله وكونوا على ما أوصيتكم به فإن أعش فعلي أرجع إليكم، وإن مت فإن الله حي لا يموت فسلم عليهم وخرج وخرجت معه، وقال لي: أحمل معك من هذا الخبز شيئا تأكله فخرج وخرجت معه يمشي واتبعته يذكر الله تعالى ولا يلتفت ولا يقف على شيء حتى إذا أمسينا، قال: يا سلمان، صل أنت ونم وكل واشرب ثم قام وهو يصلي حتى انتهينا إلى بيت المقدس، وكان لا يرفع طرفه إلى السماء حتى أتينا إلى باب المسجد، وإذا على الباب مقعد، فقال: يا عبد الله، قد ترى حالي فتصدق علي بشيء فلم يلتفت إليه ودخل المسجد ودخلت معه فجعل يتبع أمكنة من المسجد فصلى فيها، فقال: يا سلمان إني لم أنم منذ كذا وكذا ولم أجد طعم النوم، فإن فعلت أن توقظني إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا نمت، فإني أحب أن أنام في هذا المسجد وإلا لم أنم، قال: قلت فإني أفعل، قال: فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني إذا غلبتني عيني فنام فقلت في نفسي: هذا لم ينم مذ كذا وكذا وقد رأيت بعض ذلك لأدعنه ينام حتى يشتفي من النوم، قال: وكان فيما يمشي وأنا معه يقبل علي فيعظني ويخبرني أن لي ربا وأن بين يدي جنة ونارا وحسابا ويعلمني ويذكرني نحو ما يذكر القوم يوم الأحد حتى قال فيما يقول: يا سلمان إن الله عز وجل سوف يبعث رسولا اسمه أحمد يخرج بتهمة - وكان رجلا أعجميا لا يحسن القول - علامته أنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب فأما أنا فإني شيخ كبير ولا أحسبني أدركه فإن أدركته أنت فصدقه واتبعه، قال: قلت وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه، قال: اتركه فإن الحق فيما يأمر به ورضي الرحمن فيما قال: فلم يمض إلا يسيرا حتى استيقظ فزعا يذكر الله تعالى، فقال لي: يا سلمان، مضى الفيء من هذا المكان ولم أذكر أين ما كنت جعلت على نفسك، قال: أخبرتني أنك لم تنم منذ كذا وكذا وقد رأيت بعض ذلك فأحببت أن تشتفي من النوم فحمد الله تعالى وقام فخرج وتبعته فمر بالمقعد، فقال المقعد: يا عبد الله دخلت فسألتك فلم تعطني وخرجت فسألتك فلم تعطني فقام ينظر هل يرى أحدا فلم يره فدنا منه فقال له: ناولني يدك فناوله، فقال: بسم الله فقام كأنه أنشط من عقال صحيحا لا عيب به فخلا عن بعده، فانطلق ذاهبا فكان لا يلوي على أحد ولا يقوم عليه ، فقال لي المقعد: يا غلام احمل علي ثيابي حتى أنطلق فأسير إلى أهلي فحملت عليه ثيابه وانطلق لا يلوي علي فخرجت في إثره أطلبه، فكلما سألت عنه قالوا: أمامك حتى لقيني ركب من كلب، فسألتهم: فلما سمعوا الفتى أناخ رجل منهم لي بعيره فحملني خلفه حتى أتوا بلادهم فباعوني فاشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في حائط بها وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرت به فأخذت شيئا من تمر حائطي فجعلته على شيء، ثم أتيته فوجدت عنده ناسا، وإذا أبو بكر أقرب الناس إليه فوضعته بين يديه، وقال ما هذا؟ قلت: صدقة، قال للقوم: كلوا، ولم يأكل ، ثم لبثت ما شاء الله، ثم أخذت مثل ذلك فجعلت على شيء، ثم أتيته فوجدت عنده ناسا، وإذا أبو بكر أقرب القوم منه فوضعته بين يديه، فقال لي: ما هذا؟ قلت: هدية، قال: بسم الله، وأكل وأكل القوم قلت: في نفسي هذه من آياته كان صاحبي رجلا أعجمي لم يحسن أن، يقول: تهامة، فقال: تهمة وقال: اسمه أحمد فدرت خلفه ففطن بي فأرخى ثوبا فإذا الخاتم في ناحية كتفه الأيسر فتبينته، ثم درت حتى جلست بين يديه فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال: من أنت قلت مملوك، قال: فحدثته حديثي وحديث الرجل الذي كنت معه وما أمرني به، قال: لمن أنت؟ قلت: لامرأة من الأنصار جعلتني في حائط لها، قال: يا أبا بكر، قال: لبيك، قال: اشتره فاشتراني أبو بكر رضي الله عنه فأعتقني فلبثت ما شاء الله أن ألبث فسلمت عليه وقعدت بين يديه فقلت: يا رسول الله ما تقول في دين النصارى، قال: لا خير فيهم ولا في دينهم فدخلني أمر عظيم فقلت: في نفسي هذا الذي كنت معه ورأيت ما رأيته ثم رأيته أخذ بيد المقعد فأقامه الله على يديه وقال: لا خير في هؤلاء، ولا في دينهم فانصرفت وفي نفسي ما شاء الله، فأنزل الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم {ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون} [المائدة: 82] إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي بسلمان ، فأتى الرسول وأنا خائف فجئت حتى قعدت بين يديه " فقرأ بسم الله الرحمن {ذلك بأن منهم قسيسين، ورهبانا، وأنهم لا يستكبرون} [المائدة: 82] إلى آخر الآية يا سلمان إن أولئك الذين كنت معهم وصاحبك لم يكونوا نصارى، إنما كانوا مسلمين " فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لهو الذي أمرني باتباعك، فقلت له: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه، قال: فاتركه، فإن الحق وما يجب فيما يأمرك به قال الحاكم رحمه الله تعالى: هذا حديث صحيح عال في ذكر إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه، ولم يخرجاه. وقد روي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن سلمان من وجه صحيح بغير هذه السياقة فلم أجد من إخراجه بدا لما في الروايتين من الخلاف في المتن والزيادة والنقصان

[مسند البزار - البحر الزخار] (6/ 462)
2500 - وأخبرنا عمرو بن علي، قال: أخبرنا عبد الله بن هارون بن أبي عيسى، عن أبيه، عن ابن إسحاق، أنه سمع عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس، قال: حدثني سلمان الفارسي، حديثه من فيه، قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصفهان من قرية منها يقال حيى، وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه لم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار أوقدها لا أتركها تخبو ساعة، وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل يوما، فقال لي: يا بني إني قد شغلت هذا اليوم عن ضيعتي اذهب إليها فطالعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، ثم قال لي: لا تحبس علي فإنك إن احتبست علي كنت أهم إلي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء، فخرجت أريد ضيعته أسير إليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم، وقلت هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فما برحت من عندهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي، ثم قلت لهم أين أصل هذا الدين؟ قالوا: رجل بالشام، ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وقد شغلته عن عمله، فقال: أي بني أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت إني مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فدخلت إليهم فما زلت عندهم وهم يصلون حتى غربت الشمس فقال: أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، ثم حبسني في بيته وبعثت إلي النصارى، فقلت: إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم، فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: من أفضل هذا الدين علما؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة، فجئته فقلت له: إني قد رغبت في هذا الدين فأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك وأصلي معك، قال: فادخل، فدخلت معه وكان رجل سوء يأمر بالصدقة ويرغبهم فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه فلم يعط إنسانا منها شيئا حتى جمع قلالا من ذهب وورق، وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه فلم يعط إنسانا أو لم يعط المساكين منها شيئا، قالوا: وما علمك بذاك؟ قلت لهم: فأنا أدلكم على كنزه. قالوا: فدلنا عليه، فدللتهم عليه فاستخرجوا ذهبا وورقا، فلما رأوها قالوا: والله لا تدفنوه أبدا، فصلبوه ثم رجموه بالحجارة، وكان ثم رجل آخر فجعلوه مكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه، فأحببته حبا لم أحبه شيئا قط، فما زلت معه زمانا ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إني قد كنت معك فأحببتك حبا لم أحبه شيئا قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: أي بني والله ما أعلم أحدا على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا كثيرا مما كانوا عليه إلا رجل بالموصل وهو فلان، وهو على ما كنت عليه فالحق به فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل، فقلت له يا فلان: إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره، فقال: فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فلم ألبث أن مات فلما حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان إن فلانا أوصاني إليك وأمرني فألحق بك وقد حضر من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ قال: أي بني والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجل بنصيبين وهو فلان فالحق به، فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بما أمرني به صاحبه، فقال: أقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر: قلت له يا فلان، إن فلانا أوصى بي إلى فلان وأوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: يا بني ما أعلم بقي أحد على ما آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم على مثل ما نحن عليه فإنه على أمرنا، فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري، فقال: أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدي أصحابه وأمرهم واكتسبت حتى كانت لي بقيرات وغنيمة، ثم نزل به أمر الله فلما حضر قلت له: يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ثم أوصى فلان إلى فلان ثم أوصاني فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: والله ما أعلم أصلح لك على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ولكن قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم صلى الله عليه وسلم يخرج بأرض العرب مهاجرا إلى أرض بين حرتين به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، ثم مات وغيب. فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي؟ هذه قالوا: نعم فأعطيتهم وحملوني معهم حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي كنت عنده فرأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي، فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من بني قريظة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا رأيتها عرفتها بصفة صاحبي لي، فأقمت بها فبعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وأقام بمكة ما أقام ما أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال قاتل: الله بني قيلة والله إنهم الآن لمجتمعون عند رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي، فلما سمعتها أخذني يعني الفرح حتى ظننت أني سأسقط على سيدي، ونزلت عن النخلة وجعلت أقول لابن عمه ذلك ماذا تقول؟ ماذا تقول؟ فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال لي ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك، قلت: لا شيء إنما أردت أن أستفتيه عما قال، وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي صدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال: وقربته إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: كلوا وأمسك هو فلم يأكل منه، فقلت في نفسي هذه واحدة، ثم انصرفت عنه، فجمعت شيئا فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئت به فقلت له: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا، وقال: قلت في نفسي هاتان ثنتان، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد اتبع جنازة رجل من أصحابه وهو جالس، فسلمت عليه ثم استدبرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحول فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له وبأربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أعينوا أخاكم فأعانوني في النخل الرجل بثلاثين والرجل بعشرين والرجل بخمس عشرة والرجل بعشر والرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاث مائة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب يا سلمان، فإذا فرغت فآذني أكون معك أنا أضعها بيدي ففقرت لها، وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغنا فوالذي نفس سلمان بيده ما مات منها نخلة واحدة فأديت النخل وبقي علي المال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن، قال: ما فعل الفارسي المكاتب فدعيت له، فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان فقلت وأين تقع هذه يا رسول الله، مما علي؟ قال: خذها فإن الله سيؤدي بها عنك فوزنت له منها، فوالذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم، وعتق سلمان، وشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد