الموسوعة الحديثية


- لَمَّا أسلَمَ الحَجَّاجُ بنُ عِلاطٍ السُّلَميُّ شَهِدَ خَيبَرَ مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ لي بمَكةَ مالًا على التُّجَّارِ، ومالًا عِندَ صاحِبَتي أُمِّ شَيبةَ بِنتِ أبي طَلحةَ أُختِ ابنِ عَبدِ الدَّارِ، وأنا أتَخَوَّفُ إنْ عَلِموا بإسلامي يَذهَبوا بمالي، فائْذَنْ لي باللُّحوقِ به لَعَلِّي أتَخَلَّصُه. فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قد فَعَلتُ. فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي لا بُدَّ لي أنْ أقولَ. فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قُلْ وأنتَ في حِلٍّ. فخَرَجَ الحَجَّاجُ، قال: فلَمَّا انتَهَيتُ إلى ثَنيَّةِ البَيضاءِ إذا بها نَفَرٌ مِن قُرَيشٍ يَتَجَسَّسونَ الأخبارَ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد بَلَغَهم مَسيرُه إلى خَيبَرَ، فلَمَّا رَأوْني قالوا: هذا الحَجَّاجُ وعِندَه الخَبَرُ، يا حَجَّاجُ أخبِرْنا عنِ القاطِعِ؛ فإنَّه قد بَلَغَنا أنَّه قد سارَ إلى خَبائِرَ، وهي قَريةُ الحِجازِ تُجاوِرُ... فقُلتُ: أتاكُمُ الخَبَرُ. فقالوا: فمَهْ؟ فقُلتُ: هُزِمَ الرَّجُلُ أشَرَّ هَزيمةٍ سَمِعتُم بها، قُتِلَ أصحابُه، وأُخِذَ مُحمدٌ أسيرًا. فقالوا: لا نَقتُلُه حتى نَبعَثَ به إلى أهلِ مَكةَ فيُقتَلَ بَينَ أظهُرِهم بما كانَ قَتَلَ فيهم. فالتَبَطوا إلى جانِبَيْ ناقَتي يَقولونَ: جَزاكَ اللهُ خَيرًا؛ واللهِ لقد جِئتَنا بخَبَرٍ سَرَّنا. ثم جاؤوا فصاحوا بمَكةَ وقالوا: يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، هذا الحَجَّاجُ قد جاءَكم بالخَبَرِ، مُحمدٌ أُسِرَ مِن بَينِ أصحابِه وقُتِلَ أصحابُه، وإنَّما تَنتَظِرونَ أنْ تُؤتَوْا به فيُقتَلَ بَينَ أظهُرِكم بما كانَ أصابَ مِنكم. فقُلتُ: أعينوني على جَمعِ مالي؛ فإنِّي إنَّما قَدِمتُ لِأجمَعَه ثم ألحَقَ بخَيبَرَ قَبلَ التُّجَّارِ فأُصيبَ مِن فُرَصِ البَيعِ قَبلَ أنْ تَأتيَهمُ التُّجَّارُ، فأشتَريَ مِمَّا أُصيبَ مِن مُحمدٍ وأصحابِه. فقاموا فجَمَعوا مالي أحَبَّ جَمعٍ سَمِعتُ به قَطُّ، وقد قُلتُ لِصاحِبَتي: مالي مالي؛ لَعَلِّي ألحَقُ فأُصيبَ مِن فُرَصِ البَيعِ قَبلَ أنْ تَأتيَهمُ التُّجَّارُ. فدَفَعتْ إليَّ مالي، فلَمَّا استَفاضَ ذِكرُ ذلك بمَكةَ أتاني العبَّاسُ وأنا قائِمٌ في خَيمةِ تاجِرٍ مِنَ التُّجَّارِ، فقامَ إلى جَنبي مُنكَسِرًا مَهزومًا مَهمومًا حَزينًا، فقال: يا حَجَّاجُ، ما هذا الخَبَرُ الذي جِئتَ به؟ فقُلتُ: وهل عِندَكَ مَوضِعٌ لِلخَبَرِ؟ فقال: نَعَمْ. فقُلتُ: فاستَأخِرْ عني، لا تُرى معي حتى تَلقاني خاليًا. ففَعَلَ، ثم فَصَلَ إليَّ حتى لَقيَني فقالَ: يا حَجَّاجُ، ما عِندَكَ مِنَ الخَبَرِ؟ فقُلتُ: واللهِ الذي يَسُرُّكَ، تَرَكتُ واللهِ ابنَ أخيكَ قد فَتَحَ اللهُ تَعالى عليه خَيبَرَ، وأخَلى مَن أخلى مِن أهلِها، وقَتَلَ مَن قَتَلَ منهم، وصارَتْ أموالُها كُلُّها له ولِأصحابِه، وتَرَكتُه عَروسًا على ابنةِ حُيَيٍّ مَلِكِهم. فقالَ: حَقٌّ ما تَقولُ يا حَجَّاجُ؟ قُلتُ: نَعَمْ واللهِ، وقد أسلَمتُ، وما جِئتُ إلَّا لِآخُذَ مالي ثم ألحَقَ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأكونَ معه، فاكتُمْ علَيَّ الخَبَرَ ثَلاثًا، فإنِّي أخشى الطَّلَبَ، ثم تَكَلَّمْ بما حَدَّثتُكَ؛ فهو واللهِ حَقٌّ. فانصَرَفَ عَنِّي، وانطَلَقتُ، فلَمَّا كانَ اليَومُ الثالِثُ مِنَ اليَومِ الذي خَرَجتُ فيه لَبِسَ العبَّاسُ حُلَّةً وتَخَلَّقَ، ثم أخَذَ عَصاهُ، وخَرَجَ إلى المَسجِدِ حتى استَلَمَ الرُّكنَ، ونَظَرَ إليه رِجالٌ مِن قُرَيشٍ، فقالوا: يا أبا الفَضلِ، هذا واللهِ التَّجَلُّدُ على حَرِّ المُصيبةِ. فقالَ: كَلَّا واللهِ الذي حَلَفتُم به، ولكِنَّه قد نَزَلَ، وقد فَتَحَ خَيبَرَ وصارَتْ له ولِأصحابِه، وتُرِكَ عَروسًا على ابنةِ مَلِكِهم. فقالوا: مَن أتاكَ بهذا الخَبَرِ؟ فقالَ: الذي جاءَكم وأخبَرَكم به، الحَجَّاجُ بنُ عِلاطٍ، ولقد أسلَمَ وتابَعَ مُحمدًا على دِينِه، وما جاءَ إلَّا لِيَأخُذَ مالَه، ثم يَلحَقَ به، وهو واللهِ فَعَلَ. فقالوا: أيْ عِبادَ اللهِ، خَدَعَنا عَدُوُّ اللهِ، أمَا واللهِ لو عَلِمْنا. ثم لم يَلبَثوا أنْ جاءَهمُ الخَبَرُ بذلك.
خلاصة حكم المحدث : إسناده منقطع
الراوي : بعض أهل المدينة | المحدث : ابن عساكر | المصدر : تاريخ دمشق الصفحة أو الرقم : 12/104
التخريج : أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (12/104)
التصنيف الموضوعي: آفات اللسان - ما يرخص فيه من الكذب رقائق وزهد - المكر مغازي - غزوة خيبر مناقب وفضائل - صفية بنت حيي مناقب وفضائل - فضائل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


[تاريخ دمشق لابن عساكر] (12/ 104)
: أخبرنا بها أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو الحسين بن النقور أنبأنا أبو طاهر المخلص أنبأنا رضوان بن أحمد أنبأنا أحمد بن عبد الجبار نبأنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني بعض أهل المدينة قال لما أسلم الحجاج بن علاط السلمي شهد خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي بمكة مالا على التجار ومالا عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة أخت ابن عبد الدار وأنا أتخوف إن علموا بإسلامي يذهبوا بمالي فائذن لي باللحوق به لعلي أتخلصه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعلت فقال يا رسول الله إني لا بد لي أن أقول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل وأنت في حل فخرج الحجاج قال فلما انتهيت إلى ثنية البيضاء إذا بها نفر من قريش يتجسسون الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغهم مسيره إلى خيبر فلما رأوني قالوا هذا الحجاج وعنده الخبر يا حجاج أخبرنا عن القاطع فإنه قد بلغنا أنه قد سار إلى خبائر وهي قرية الحجاز تجاور فقلت أتاكم الخبر فقالوا فمه فقلت هزم الرجل أشر هزيمة سمعتم بها قتل أصحابه وأخذ محمدا أسيرا فقالوا لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة فيقتل بين أظهرهم بما كان قتل فيهم فالتبطوا إلى جانبي ناقتي يقولون جزاك الله خيرا والله لقد جئتنا بخبر سرنا ثم جاءوا فصاحوا بمكة وقالوا يا معشر قريش هذا الحجاج قد جاءكم بالخبر محمد اسر من بين أصحابه وقتل أصحابه وإنما تنتظرون أن تؤتوا به فيقتل بين أظهركم بما كان أصاب منكم فقلت أعينوني على جمع مالي فإني إنما قدمت لأجمعه ثم ألحق بخيبر قبل التجار فأصيب من فرص البيع قبل أن تأتيهم التجار فأشتري مما أصيب من محمد وأصحابه فقاموا فجمعوا مالي أحب جمع سمعت به قط وقد قلت لصاحبتي مالي مالي لعلي ألحق فأصيب من فرص البيع قبل أن تأتيهم التجار فدفعت إلي مالي فلما استفاض ذكر ذلك بمكة أتاني العباس وأنا قائم في خيمة تاجر من التجار فقام إلى جنبي منكسرا مهزوما مهموما حزينا فقال يا حجاج ما هذا الخبر الذي جئت به فقلت وهل عندك موضع للخبر فقال نعم فقلت فاستأخر عني لا ترى معي حتى تلقاني خاليا ففعل ثم فصل إلي حتى لقيني فقال يا حجاج ما عندك من الخبر فقلت والله الذي يسرك تركت والله ابن أخيك قد فتح الله تعالى عليه خيبر وأخلا من أخلا من أهلها وقتل من قتل منهم وصارت أموالها كلها له ولأصحابه وتركته عروسا على ابنة حيي ملكهم فقال حق ما تقول يا حجاج قلت نعم والله وقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي ثم ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون معه فأكتم علي الخبر ثلاثا فإني أخشى الطلب ثم تكلم بما حدثتك فهو والله حق فانصرف عني وانطلقت فلما كان اليوم الثالث من اليوم الذي خرجت فيه ليس العباس حلة وتخلق ثم أخذ عصاه وخرج إلى المسجد حتى استلم الركن ونظر إليه رجال من قريش فقالوا يا أبا الفضل هذا والله التجلد على حر المصيبة فقال كلا والله حلفتم به ولكنه قد نزل وقد فتح خيبر وصارت له ولأصحابه وترك عروسا على ابنة ملكهم فقالوا من أتاك بهذا الخبر فقال الذي جاءكم وأخبركم به الحجاج بن علاط ولقد أسلم وتابع محمدا على دينه وما جاء إلا ليأخذ ماله ثم يلحق به وهو والله فعل فقالوا أي عباد الله خدعنا عدو الله أما والله لو علمنا ثم لم يلبثوا أن جاءهم الخبر بذلك. انتهى.