الموسوعة الحديثية


- كانَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنْه بعثَ عميرَ بنَ سعدٍ أميرًا على حمصَ فأقامَ بِها حولًا فأرسلَ إليْهِ عمرُ وَكتبَ إليْهِ: بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ. مِن عمرَ بنِ الخطَّابِ إلى عميرِ بنِ سعدٍ السَّلامُ عليْكَ فإنِّي أحمدُ إليْكَ اللَّهَ الَّذي لا شريكَ لَهُ وأشْهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولَهُ، وقد كنَّا قد ولَّيناكَ شيئًا من أمرِ المسلمينَ فلا أدري ما صنعتَ أوفيتَ بعَهدِنا أم خُنتَنا، فإذا أتاكَ كتابي هذا إن شاءَ اللَّهُ تعالى فاحمِل إلينا ما قِبلَكَ من فيءِ المسلمينَ ثمَّ أقبِلْ والسَّلامُ عليْكَ. قالَ: فأقبلَ عميرٌ ماشيًا من حمصَ وبيدِهِ عُكَّازُهُ وإداوةٌ وقصعةٌ وجرابٌ شاحبًا كثيرَ الشَّعَرِ، فلمَّا قدمَ على عمرَ قالَ لَهُ: يا عميرُ ما هذا الَّذي أرى من سوءِ حالِكَ أَكانتِ البلادُ بلادَ سَوءٍ أم هذِهِ منْكَ خديعةٌ؟ قالَ عميرٌ: يا عمرُ بنَ الخطَّابِ ألم ينْهكَ اللَّهُ عنِ التَّجسُّسِ وسوءِ الظَّنِّ، ألستَ تراني ظاهرَ الدَّمِ صحيحَ البدنِ ومعيَ الدُّنيا بقرابِها؟ قالَ عمرُ: ما معَكَ منَ الدُّنيا؟ قالَ: مِزودي أجعلُ فيهِ طعامي وقصعةٌ آكلُ فيها ومعي عُكَّازتي هذِهِ أتوَكَّأُ عليْها وأجاهِدُ بِها عدوًّا إن لقيتُهُ وأقتلُ بِها حيَّةً إن لقيتُها. فما بقيَ منَ الدُّنيا. قالَ: صدقتَ فأخبرني ما حالُ من خلَّفتَ منَ المسلمينَ؟ قالَ: يصلُّونَ ويوحِّدونَ وقد نَهى اللَّهُ أن نسأل عما وراءَ ذلكَ. قالَ: ما صنعَ أَهلُ العَهدِ؟ قالَ عميرٌ: أخذنا منْهمُ الجزيةَ عن يدٍ وَهم صاغرونَ. قالَ: فما صنعتَ بما أخذتَ منْهم؟ قالَ: وما أنتَ وذاكَ يا عمرُ أرسلتَني أمينًا فنظرتُ لنفسي وايمُ اللَّهِ لولا أنِّي أَكرَهُ أن أغمَّكَ لم أحدِّثْكَ يا أميرَ المؤمنينَ، قدمتُ بلادَ الشَّامِ فدعوتُ المسلِمينَ وأمرتُهم بما حقَّ لَهم عليَّ فيما افترضَ اللَّهُ تعالى عليْهم، ودعوتُ أَهلَ العَهدِ فجعلتُ عليْهم من يجيبُهم فأخذناهُ منْهم ثمَّ رددناهُ على فقرائِهم ومجْهوديهم ولم ينلْكَ من ذلِكَ شيءٌ فلو نالَكَ بلَّغناكَ إيَّاه. قالَ عمرُ سبحانَ اللَّهِ ما كانَ فيهم رجلٌ يتبرَّعُ عليْكَ بخيرٍ ويحملُكَ على دابَّةٍ جئتَ تمشي بئسَ المعاهَدونَ فارقتَ وبئسَ المسلمونَ أما واللَّهِ لقد سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم وهو يقولُ لتوطأنَّ حرمُهم وليجارنَّ عليْهم في حُكمِهم وليُستأثرنَّ عليْهم بفيئِهم وليلينَّهم رجالٌ إن تَكلَّموا قتلوهم وإن سكتوا اجتاحوهُم. فقال عمير ما لك يا عمر تفرج بسفْكِ دمائِهم وانتِهاكِ محارمِهم قالَ عمرُ سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم يقولُ لتأمرنَّ بالمعروفِ ولتنْهونَّ عنِ المنْكرِ أو ليسلِّطنَّ اللَّهُ عزَّ وجلَّ عليْكم شرارَكم ثمَّ يدعو خيارُكُم فلا يستجابُ لَهم ثمَّ إنَّ عمرَ قالَ هاتوا صحيفةً لنُجدِّدَ لعميرٍ عَهدًا قالَ عميرٌ واللَّهِ لا أعملُ لَكَ اتَّقِ اللَّهَ يا أميرَ المؤمنينَ واعفِني بغيري.

أصول الحديث:


[تاريخ الإسلام - ت تدمري] (4/ 100)
: أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، أنبأ أحمد بن عبد الواحد البخاري سنة اثنتين وعشرين وستمائة، أنبأ أبو الكرم علي بن عبد الكريم بهمذان، أنبأ أبو غالب أحمد بن محمد المقري سنة ست وخمسمائة، أنبأ عبد الرحمن بن محمد بن شبابة، ثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن عبيد الأسدي، ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، أنبأ عبد الله بن صالح كاتب الليث، ثنا سعيد بن عبد العزيز أنه بلغه أن الحسن بن أبي الحسن قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث عمير بن سعد أميرا على حمص، فأقام بها حولا، فأرسل إليه عمر وكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم. من عمر بن الخطاب إلى عمير بن سعد، السلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وقد كنا قد وليناك شيئا من أمر المسلمين، فلا أدري ما صنعت، أوفيت بعهدنا، أم خنتنا، فإذا أتاك كتابي هذا- إن شاء الله تعالى- فاحمل إلينا ما قبلك من فيء المسلمين، ثم أقبل، والسلام عليك . قال: فأقبل عمير ماشيا من حمص، وبيده عكازه، وإداوة، وقصعة، وجراب، شاحبا، كثير الشعر، فلما قدم على عمر قال له: يا عمير، ما هذا الذي أرى من سوء حالك، أكانت البلاد بلاد سوء، أم هذه منك خديعة؟. قال عمير: يا عمر بن الخطاب ألم ينهك الله عن التجسس وسوء الظن؟ ألست تراني ظاهر الدم، صحيح البدن ومعي الدنيا بقرابها! قال عمر: ما معك من الدنيا؟ قال: مزودي أجعل فيه طعامي، وقصعة آكل فيها، ومعي عكازتي هذه أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن لقيته، وأقتل بها حية إن لقيتها، فما بقي من الدنيا! قال: صدقت، فأخبرني ما حال من خلفت من المسلمين؟ قال: يصلون ويوحدون، وقد نهى الله أن نسأل عما وراء ذلك. قال: ما صنع أهل العهد؟. قال عمير: أخذنا منهم الجزية عن يد وهم صاغرون. قال: فما صنعت بما أخذت منهم؟. قال: وما أنت وذاك يا عمر! أرسلتني أمينا، فنظرت لنفسي، وايم الله لولا أني أكره أن أغمك لم أحدثك يا أمير المؤمنين، قدمت بلاد الشام، فدعوت المسلمين، وأمرتهم بما حق لهم علي فيما افترض الله تعالى عليهم، ودعوت أهل العهد، فجعلت عليهم من يجيبهم، فأخذناه منهم، ثم رددناه على فقرائهم ومجهوديهم، ولم ينلك من ذلك شيء، فلو نالك بلغناك إياه. قال عمر: سبحان الله، ما كان فيهم رجل يتبرع عليك بخير ويحملك على دابة، جئت تمشي، بئس المعاهدون فارقت، وبئس المسلمون، أما والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: لتوطأن حرمهم وليجارن عليهم في حكمهم، وليستأثرن عليهم بفيئهم، وليلينهم رجال إن تكلموا قتلوهم، وإن سكتوا اجتاحوهم . فقال عمير: ما لك يا عمر تفرج بسفك دمائهم وانتهاك محارمهم!. قال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عز وجل عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم . ثم إن عمر قال: هاتوا صحيفة لنجدد لعمير عهدا، قال عمير: والله لا أعمل لك، اتق الله يا أمير المؤمنين واعفني بغيري. وذكر حديثا طويلا منكرا. وروي نحوه، عن هارون بن عنترة، عن أبيه