الموسوعة الحديثية


- قال العباسُ خرجتُ في تجارةٍ إلى اليمن في ركبٍ منهم أبو سفيانَ بنُ حربٍ فقدمتُ اليمنَ فكنت أصنعَ يومًا طعامًا وأنصرفُ بأبي سفيانَ وبالنَّفرِ ويصنع أبو سفيانَ يومًا ويفعل مثلَ ذلك فقال لي في يومي الذي كنتُ أصنعُ فيه هل لك يا أبا الفضلِ أن تنصرفَ إلى بيتي وتُرسِلَ إلى غدائِك فقلتُ نعم فانصرفتُ أنا والنَّفرُ إلى بيتِه وأرسلتُ إلى الغداءِ فلما تغدَّى القومُ قاموا واحتبَسني فقال هل علمتَ يا أبا الفضلِ أنَّ ابنَ أخيك يزعم أنه رسولُ اللهِ فقلتُ أي بُنيَّ أخي فقال أبو سفيانَ إياي تكتُم وأيُّ بني أخيك ينبغي أن يقول هذا إلا رجلٌ واحدٌ قلتُ وأيُّهم على ذلك قال هو محمدُ بنُ عبدِ اللهِ فقلتُ قد فعل قال بلى قد فعل وأخرج كتابًا باسمِه من أبيه حنظلةَ بنِ أبي سفيانَ فيه أخبرك أنَّ محمدًا قام بالأبطحِ فقال أنا رسولٌ أدعوكم إلى اللهِ عزَّ وجلَّ فقال العباسُ قلتُ أجدُه يا أبا حنظلةَ صادقًا فقال مهلًا يا أبا الفضلِ فواللهِ ما أُحِبُّ أن يقولَ مثل هذا إني لا أخشى أن يكون على ضَيرٍ من هذا الحديثِ يا بني عبدِ المطلبِ إنه واللهِ ما برِحَتْ قريشٌ تزعم أنَّ لكم هَنَةً وهَنَةُ كلِّ واحدةٍ منهما غايةٌ لنشدتُك يا أبا الفضلِ هل سمعتَ ذلك قلتُ نعم قد سمعتُ قال فهذه والله شُؤمتُكم قلتُ فلعلَّها يُمنتُنا قال فما كان بعد ذلك إلا ليالٍ حتى قدم عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ بالخبر وهو مؤمنٌ ففشا ذلك في مجالس اليمنِ وكان أبو سفيانَ يجلس مجلسًا باليمنِ يتحدَّثُ فيه حَبرٌ من أحبار اليهودِ فقال له اليهوديُّ ما هذا الخبرُ بلغني أنَّ فيكم عمَّ هذا الرجلِ الذي قال ما قال قال أبو سفيانَ صدقوا وأنا عمُّه فقال اليهوديُّ أخو أبيه قال نعم قال فحدِّثْني عنه قال لا تسألْني ما أُحبُّ أن يدَّعِي هذا الأمرَ أبدًا وما أُحبُّ أن أعيبَه وغيره خيرٌ منه فرأى اليهوديُّ أنه لا يغمِس عليه ولا يحب أن يَعيبَه فقال اليهوديُّ ليس به بأسٌ على اليهود وتوراةِ موسى قال العباسُ فناداني الحَبرُ فجئتُ فخرجتُ حتى جلستُ ذلك المجلسَ من الغدِ وفيه أبو سفيانَ بنُ حربٍ والحَبرُ فقلتُ للحَبرِ بلَغني أنك سألتَ ابنَ عمي عن رجلٍ منا زعم أنه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأخبرك أنه عمُّه وليس بعمِّه ولكن ابنُ عمِّه وأنا عمُّه وأخو أبيه قال أخو أبيه قلتُ أخو أبيه فأقبل على أبي سفيانَ قال صدق قال نعم صدق فقلتُ سَلْني فإن كذبْتُ فليَرُدَّ عليَّ فأقبل عليَّ فقال نشدتُك هل كان لابنِ أخيك صبوةٌ أو سفهةٌ قلتُ لا وإلهِ عبدِ المطلبِ ولا كذب ولا خان وإنه كان اسمُه عند قريشٍ الأمينِ قال فهل كتب بيدِه قال العباسُ فظننتُ أنه خيرٌ له أن يكتبَ بيدِه فأردتُ أن أقولَها ثم ذكرتُ مكانَ أبي سفيان يُكذِّبُني ويرد عليَّ فقلت ُلا يكتب فوثَب الحَبرُ ونزل رداؤه وقال ذبحتْ يهودُ وقتلت يهودُ قال العباسُ فلما رجعنا إلى منزلنا قال أبو سفيانَ يا أبا الفضلِ إنَّ اليهودَ تفزعُ من ابنِ أخيك قلتُ قد رأيتَ ما رأيتَ فهل لك يا أبا سفيانَ أن تؤمنَ به فإن كان حقًّا كنتَ قد سُبقتَ وإن كان باطلًا فمعك غيرُك من أكفائِك قال لا أؤمنُ به حتى أرى الخيلَ في كَداءَ قلتُ ما تقول قال كلمةٌ جاءت على فَمي إلا أني أعلمُ أنَّ اللهَ لا يترك خيلًا تطلع من كَداءَ قال العباسُ فلما استفتح رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مكةَ ونظرنا إلى الخيلِ وقد طلعت من كَداءَ قلتُ يا أبا سفيانَ تَذكُرُ الكلمةَ قال أي واللهِ إني لذاكرُها فالحمدُ لله الذي هداني للإسلامِ
خلاصة حكم المحدث : سياق حسن عليه البهاء والنور وضياء الصدق وإن كان في رجاله من هو متكلم فيه
الراوي : العباس بن عبدالمطلب | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية الصفحة أو الرقم : 2/295
التخريج : أخرجه الطبراني في ((دلائل النبوة)) كما في ((دلائل النبوة)) لأبي إسماعيل الأصبهاني (271) باختلاف يسير، وأبو نعيم كما في ((البداية والنهاية)) لابن كثير (3/525) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: تجارة - الخروج في التجارة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صفة النبي وأمته في كتب أهل الكتاب فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مبعث النبي تجارة - الحث على التجارة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - ما كان عند أهل الكتاب في أمر نبوته صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث

أصول الحديث:


دلائل النبوة - إسماعيل الأصبهاني (ص203)
: ‌271 - ذكر الطبراني رحمه الله في دلائل النبوة ثنا محمد بن زكريا الغلابي ثنا العباس بن بكار الضبي ثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال العباس رضي الله عنه خرجت في تجارة إلى اليمن ركب منهم أبو سفيان بن حرب فكنت أصنع يوما طعاما وانصرف بأبي سفيان وبالنفر ويصنع أبو سفيان يوما فيفعل مثل ذلك فقال لي في يومي الذي كنت أصنع فيه هل لك يا أبا الفضل أن تنصرف إلى بيتي وترسل إلي غداءك قلت نعم فانصرفت أنا والنفر إلى بيته فلما تغدى القوم قاموا واحتبسني فقال هل علمت يا أبا الفضل أن ابن أخيك يزعم أنه رسول الله قلت أي بني أخي فقال أبو سفيان إياي تكتم وأي بني أخيك ينبغي أن يقول ذاك إلا رجل واحد قلت وأيهم هو قال هو محمد بن عبد الله قلت قد فعل قال بلى قد فعل فأخرج كتابا من حنظلة بن أبي سفيان أخبرك أن محمدا قام بالأبطح فقال أنا رسول الله أدعوكم إلى الله فقال العباس قلت لعله يا أبا حنظلة صادق فقال مهلا يا أبا الفضل فوالله ما أحب أن تقول هذا إني لأخشى أن تكون كنت على صبر من هذا الحديث يا بني عبد المطلب إنه والله ما برحت قريش تزعم أن لكم هنة وهنة فنشدتك يا أبا الفضل هل سمعت ذلك قلت نعم قال فما كان بعد ذلك إلا ليال حتى قدم عبد الله بن حذافة بالخبر وهو مؤمن ففشا ذلك في مجالس اليمن وكان أبو سفيان يجلس مجلسا باليمن يتحدث فيه حبر من أحبار اليهود فقال له اليهودي ما هذا الخبر بلغني أن فيكم عم هذا الرجل الذي قال ماقال قال أبو سفيان صدقوا وأنا عمه قال اليهودي أخو أبيه قال نعم قال فحدثني عنه فقال لا تسألني ما كنت أحسب أن يدعي هذا الأمر أبدا وما أحب أن أعينه فقال اليهودي ليس به بأس على يهود وتوراة موسى قال العباس فنادي إلى الخبر فحميت وخرجت حتى جلست ذلك المجلس من الغد وفيه أبو سفيان بن حرب والحبر فقلت للحبر بلغني أنك سألت ابن عمي عن رجل منا زعم أنه رسول الله فأخبرك أنه عمه وليس بعمه ولكن ابن عمه وأنا عمه أخو أبيه قال أخو أبيه قلت أخو أبيه فأقبل على أبي سفيان فقال صدق قال نعم صدق فقال سلني عنه فإن كذب فليرده علي فأقبل علي فقال نشدتك هل كانت لابن أخيك صبوة أو سفهة قلت لا وإله عبد المطلب ولا كذب ولا خان وإن كان اسمه عند قريش الأمين فقال هل كتب بيده قال العباس فظننت أنه خير له أن يكتب بيده فأردت أن أقولها ثم ذكرت مكان أبي سفيان أنه مكذبي وراد علي فقلت لا يكتب فوثب الحبر وترك رداءه وقال ذبحت يهود وقتلت يهود قال العباس فلما رجعنا إلى منازلنا قال أبو سفيان يا أبا الفضل إن اليهود تفزع من ابن أخيك قلت قد رأيت ما رأيت فهل لك يا أبا سفيان أن تؤمن به فإن كان حقا كنت قد سبقت وإن كان باطلا فعمل غيرك من أكفائك فقال لا أؤمن به حتى أرى الخيل في كذا قلت ما تقول قال كلمة جاءت على فمي ألا إني أعلم أن الله لا يترك خيلا تطلع من كذا قال العباس فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ونظرنا إلى الخيل قد طلعت من كذا قلت يا أبا سفيان تذكر الكلمة قال إي والله إني لذاكرها والحمد لله الذي هداني للإسلام.

البداية والنهاية ط هجر (3/ 525)
وقال أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا محمد بن زكريا الغلابي حدثنا العباس بن بكار الضبي حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال العباس: خرجت في تجارة إلى اليمن في ركب منهم أبو سفيان بن حرب فقدمت اليمن فكنت أصنع يوما طعاما، وأنصرف بأبي سفيان وبالنفر، ويصنع أبو سفيان يوما، ويفعل مثل ذلك فقال لي في يومي الذي كنت أصنع فيه: هل لك يا أبا الفضل أن تنصرف إلى بيتي، وترسل إلي غداءك؟ فقلت: نعم. فانصرفت أنا والنفر إلى بيته، وأرسلت إلى الغداء فلما تغدى القوم قاموا واحتبسني فقال: هل علمت يا أبا الفضل أن ابن أخيك يزعم أنه رسول الله؟ فقلت: أي بني أخي؟ فقال أبو سفيان: إياي تكتم؟! وأي بني أخيك ينبغي أن يقول هذا إلا رجل واحد؟! قلت: وأيهم على ذلك؟ قال: هو محمد بن عبد الله فقلت: قد فعل. قال: بلى قد فعل، وأخرج كتابا من ابنه حنظلة بن أبي سفيان فيه: أخبرك أن محمدا قام بالأبطح فقال: أنا رسول أدعوكم إلى الله عز وجل فقال العباس: قلت لعله يا أبا حنظلة صادق. فقال: مهلا يا أبا الفضل فوالله ما أحب أن يقول مثل هذا إني لا أخشى أن يكون علي ضير من هذا الحديث يا بني عبد المطلب إنه والله ما برحت قريش تزعم أن لكم هنة وهنة، كل واحدة منهما غاية، لنشدتك يا أبا الفضل هل سمعت ذلك؟ قلت: نعم قد سمعت. قال: فهذه والله شؤمتكم. قلت: فلعلها يمنتنا. قال: فما كان بعد ذلك إلا ليال حتى قدم عبد الله بن حذافة بالخبر وهو مؤمن ففشا ذلك في مجالس اليمن وكان أبو سفيان يجلس مجلسا باليمن يتحدث فيه حبر من أحبار اليهود. فقال له اليهودي ما هذا الخبر؟ بلغني أن فيكم عم هذا الرجل الذي قال ما قال؟ قال أبو سفيان: صدقوا وأنا عمه فقال اليهودي: أخو أبيه؟ قال: نعم قال: فحدثني عنه قال: لا تسألني ما أحب أن يدعي هذا الأمر أبدا وما أحب أن أعيبه وغيره خير منه فرأى اليهودي أنه يغمض عليه ولا يحب أن يعيبه فقال اليهودي: ليس به لا بأس على اليهود، وتوراة موسى قال العباس: فناداني الحبر فجئت فخرجت حتى جلست ذلك المجلس من الغد، وفيه أبو سفيان بن حرب والحبر فقلت للحبر: بلغني أنك سألت ابن عمي عن رجل منا زعم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرك أنه عمه وليس بعمه، ولكن ابن عمه، وأنا عمه وأخو أبيه قال: أخو أبيه؟ قلت: أخو أبيه. فأقبل على أبي سفيان فقال: صدق؟ قال: نعم صدق. فقلت: سلني فإن كذبت فليرده علي. فأقبل علي فقال: نشدتك هل كان لابن أخيك صبوة أو سفهة؟ قلت: لا وإله عبد المطلب ولا كذب ولا خان، وإنه كان اسمه عند قريش الأمين قال: فهل كتب بيده؟ قال العباس: فظننت أنه خير له أن يكتب بيده فأردت أن أقولها، ثم ذكرت مكان أبي سفيان أنه مكذبي، وراد علي. فقلت: لا يكتب. فوثب الحبر وترك رداءه، وقال: ذبحت يهود وقتلت يهود. قال العباس: فلما رجعنا إلى منزلنا قال أبو سفيان: يا أبا الفضل إن اليهود تفزع من ابن أخيك؟ قلت: قد رأيت ما رأيت فهل لك يا أبا سفيان أن تؤمن به فإن كان حقا كنت قد سبقت، وإن كان باطلا فمعك غيرك من أكفائك قال: لا أؤمن به حتى أرى الخيل في كداء، قلت: ما تقول؟ قال: كلمة جاءت على فمي، إلا أني أعلم أن الله لا يترك خيلا تطلع من كداء. قال العباس: فلما استفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ونظرنا إلى الخيل وقد طلعت من كداء قلت: يا أبا سفيان تذكر الكلمة؟ قال: إي والله إني لذاكرها فالحمد لله الذي هداني للإسلام. وهذا سياق حسن عليه البهاء والنور وضياء الصدق، وإن كان في رجاله من هو متكلم فيه. والله أعلم. وقد تقدم ما ذكرناه في قصة أبي سفيان مع أمية بن أبي الصلت وهو شبيه بهذا الباب وهو من أغرب الأخبار، وأحسن السياقات وعليه النور، وسيأتي أيضا قصة أبي سفيان مع هرقل ملك الروم حين سأله عن صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحواله، واستدلاله بذلك على صدقه، ونبوته ورسالته، وقال له: كنت أعلم أنه خارج، ولكن لم أكن أظن أنه فيكم ولو أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقيه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، ولئن كان ما تقول حقا; ليملكن موضع قدمي هاتين. وكذلك وقع ولله الحمد والمنة. وقد أكثر الحافظ أبو نعيم من إيراد الآثار والأخبار عن الرهبان والأحبار والعرب فأكثر وأطنب وأحسن وأطيب رحمه الله ورضي عنه.