الموسوعة الحديثية


- قال: قُلْتُ له: ما أكثرُ ما رأَيْتَ قُرَيشًا أصابَتْ مِن رسولِ اللهِ، فيما كانتْ تُظهِرُ مِن عداوتِه؟ قال: حضَرْتُهم وقد اجتمَعَ أشرافُهم يومًا في الحِجرِ، فذكَروا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالوا: ما رأَيْنا مِثلَ ما صبَرْنا عليه مِن هذا الرَّجُلِ قَطُّ، سفَّهَ أحلامَنا، وشتَمَ آباءَنا، وعاب دينَنا، وفرَّقَ جماعتَنا، وسبَّ آلهتَنا، لقد صبَرْنا منه على أمْرٍ عظيمٍ، أو كما قالوا: قال: فبينما هم كذلك، إذ طلَعَ عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأقبَلَ يمشي، حتى استلَمَ الرُّكنَ، ثُمَّ مَرَّ بهم طائفًا بالبَيتِ، فلمَّا أنْ مَرَّ بهم غمَزوه ببعضِ ما يقولُ، قال: فعرَفْتُ ذلك في وَجهِه، ثُمَّ مَضى، فلمَّا مَرَّ بهم الثَّانيةَ، غمَزوه بِمثلِها، فعرَفْتُ ذلك في وَجهِه، ثُمَّ مَضى، ثُمَّ مَرَّ بهم الثَّالثةَ، فغمَزوه بمِثلِها، فقال: تسمَعون يا مَعشرَ قُرَيشٍ، أما والذي نفْسُ محمَّدٍ بيدِه، لقد جِئْتُكم بالذَّبحِ، فأخَذَتِ القَومَ كلمتُه، حتى ما منهم رَجُلٌ إلَّا كأنَّما على رأسِه طائرٌ واقعٌ، حتى إنَّ أشدَّهم فيه وَصاةً قبلَ ذلك لَيَرفَؤه بأحسنِ ما يجِدُ مِن القَولِ، حتى إنَّه لَيقولُ: انصرِفْ يا أبا القاسمِ، انصرِفْ راشدًا، فواللهِ ما كنتَ جهولًا، قال: فانصرَفَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتى إذا كان الغدُ، اجتمَعوا في الحِجرِ وأنا معهم، فقال بعضُهم لبعضٍ: ذكَرتُم ما بلَغَ منكم وما بلَغَكم عنه، حتى إذا بادَأَكم بما تكرَهون ترَكْتُموه، فبينما هم في ذلك، إذ طلَعَ عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوَثَبوا إليه وَثبةَ رَجُلٍ واحدٍ، فأَحاطوا به، يقولونَ له: أنتَ الذي تقولُ كذا وكذا؟ لما كان يبلُغُهم عنه مِن عَيبِ آلهتِهم ودينِهم، قال: فيقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ، أنا الذي أقولُ ذلك، قال: فلقد رأَيْتُ رَجُلًا منهم أخَذَ بمَجمعِ رِدائِه، قال: وقام أبو بِكرٍ الصِّدِّيقُ رَضيَ اللهُ تعالى عنه دونه، يقولُ وهو يَبكي: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر: 28]؟! ثُمَّ انصرَفوا عنه؛ فإنَّ ذلك لَأشَدُّ ما رَأَيتُ قُرَيشًا بلَغَتْ منه قَطُّ.

أصول الحديث:


[صحيح البخاري] (5/ 10)
: 3678 - حدثني محمد بن يزيد الكوفي، حدثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، عن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت عقبة بن أبي معيط، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه، فقال: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم}.

مسند أحمد (11/ 609 ط الرسالة)
: 7036 - قال يعقوب: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه عروة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قلت له: ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما كانت تظهر من عداوته؟ قال: حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط، سفه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرق جماعتنا، وسب آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، أو كما قالوا: قال: فبينما هم كذلك، إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل يمشي، حتى استلم الركن، ثم مر بهم طائفا بالبيت، فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ما يقول، قال: فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى، فلما مر بهم الثانية، غمزوه بمثلها، فعرفت ذلك في وجهه، ثم مضى، ثم مر بهم الثالثة، فغمزوه بمثلها، فقال: " تسمعون يا معشر قريش، أما والذي نفس محمد بيده، لقد جئتكم بالذبح "، فأخذت القوم كلمته، حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع، حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول، حتى إنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم، انصرف راشدا، فوالله ما كنت جهولا، قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان الغد، اجتمعوا في الحجر وأنا معهم، فقال بعضهم لبعض: ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه، حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه! فبينما هم في ذلك، إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأحاطوا به، يقولون له: أنت الذي تقول كذا وكذا؟ لما كان يبلغهم عنه من عيب آلهتهم ودينهم، قال: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم، أنا الذي أقول ذلك "، قال: فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه، قال: وقام أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، دونه، يقول وهو يبكي: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله}؟ ثم انصرفوا عنه، فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا بلغت منه قط