الموسوعة الحديثية


- جاء أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه فاشتَرَى مِن عازبٍ رَحْلًا بثلاثةَ عشَرَ دِرهمًا، فقال أبو بكرٍ لعازبٍ: قلْ للبَرَاءِ فلْيَحمِلْهُ إلى رَحْلِي، فقال: لا، حتى تُحدِّثَني كيف أنت ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ خرَجتُما والمشرِكونَ يطلُبونَكم. فقال أبو بكرٍ: خرَجْنا مِن مكَّةَ بليلٍ وقد أخَذَ القومُ علينا بالرَّصَدِ، فاختبَأْنا يومَنا وليلتَنا ويومَنا حتى قامَ قائمُ الظَّهيرةِ ، فرمَيْتُ ببصَرِي هل أَرى مِن ظِلٍّ نَأوِي إليه؟ فوقَعتْ إلينا صخرةٌ، فانطلَقْنا إليها ولها شيءٌ مِن ظِلٍّ، فنزَلْنا فنظَرتُ بقيَّةَ ظِلِّها فسَوَّيْتُه، وأخَذتُ فَرْوَةً كانتْ معي، فوطَّأتُ بها لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، اضطجِعْ حتى أنفُضَ ما حوْلَك، وإذا غلامٌ راعٍ قد أقبَلَ في غنمٍ له يُريدُ مِن الصخرةِ مِثلَ الذي أرَدْنا، فقلتُ: لمَن أنت يا غلامُ؟ فقال: لرجلٍ مِن قريشٍ، وسمَّاهُ فعرَفتُه، فقلتُ: فهل في غنمِك مِن لبنٍ؟ قال: نَعَمْ، فقلتُ: هل أنت حالبٌ لنا؟ قال: نَعَمْ، فأعطَيتُه إناءً كان معي، فأخَذَ لِيَحلِبَ، فقلتُ: انفُضْ ضَرْعَ الشاةِ مِن الغُبارِ، ثمَّ أمَرتُه أنْ ينفُضَ كفَّيْه، فقال هكذا، وضرَب إحدى كفَّيْهِ على الأُخرى، ثمَّ حلَبَ لي كُثْبَةً مِن لبنٍ، وقد رَوَيْتُ معي لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إداوةً مِن ماءٍ على فِيهَا خِرقةٌ ، فصبَبتُ على اللبنِ حتى وجَدتُ بَرْدَ الماءِ مِن تحتِ الإناءِ، فأتيتُ به رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوافَقتُه قد استيقَظَ، فقلتُ: اشرَبْ يا رسولَ اللهِ، فشرِبَ، قال: قُلتُ: قد آنَ الرحيلُ ، فارتحَلْنا والقومُ يطلُبونَنا، فلم يُدرِكْنا غيرُ سُرَاقَةَ بنِ مالكِ بنِ جُعْشُمٍ على فرسٍ له، فقلتُ: هذا الطَّلَبُ قد لَحِقَنا يا رسولَ اللهِ! قال: لا تَحزَنْ؛ إنَّ اللهَ معنا، فلمَّا دنَا منه قِيدَ رُمحَينِ أو ثلاثةٍ، قُلتُ: هذا الطَّلَبُ قد لَحِقَنا! وبكَيتُ، فقال: ما يُبكِيك؟ فقلتُ: واللهِ ما على نفسي أبكِي، ولكنِّي إنَّما أبكِي عليكَ يا رسولَ اللهِ، فدعَا عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: اللهمَّ اكْفِنَاهُ بما شئتَ، فساخَتْ فرسُه في الأرضِ إلى بطنِها، فوثَبَ عنها، ثمَّ قال: يا مُحمَّدُ، قد عَلِمتُ أنَّ هذا عمَلُك، فادْعُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يُنجيَني ممَّا أنا فيه، فواللهِ لَأُعَمِّيَنَّ على مَن ورائِي مِن الطَّلَبِ، وهذه كِنَانَتِي فخُذْ سهمًا منها، فإنَّك ستمُرُّ على غنَمِي وإبِلِي بمكانِ كذا وكذا، فخُذْ منها حاجتَك، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا حاجةَ لنا في إبلِك، ودعَا له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فانطلَقَ راجعًا إلى أصحابِه، ومضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنا معه.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.
الراوي : البراء بن عازب | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار الصفحة أو الرقم : 4077
التخريج : أخرجه الطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (44077) واللفظ له، والبخاري (3652)، ومسلم (2009) بنحوهما مختصرا، وابن أبي شيبة (37765)، وابن سعد في ((الطبقات)) (4/ 365) بنحوهما مطولا.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مبعث النبي مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق إيمان - حب الرسول جهاد - الهجرة من دار العدو إلى دار الإسلام فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - ما صبر عليه النبي صلى الله عليه وسلم في الله عز وجل
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


شرح مشكل الآثار (10/ 264)
: 4077 - فذكر ما قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: حدثني أبي وغيره، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: " جاء أبو بكر رضي الله عنه فاشترى من عازب ‌رحلا ‌بثلاثة ‌عشر ‌درهما، فقال أبو بكر لعازب: قل للبراء، فليحمله إلى رحلي، فقال: لا، حتى تحدثني كيف أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما والمشركون يطلبونكم فقال أبو بكر: " خرجنا من مكة بليل وقد أخذ القوم علينا بالرصد، فاختبأنا يومنا وليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه، فوقعت إلينا صخرة، فانطلقنا إليها ولها شيء من ظل، فنزلنا فنظرت بقية ظلها فسويته، وأخذت فروة كانت معي، فوطأت بها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلت: يا رسول الله، اضطجع حتى أنفض ما حولك، وإذا غلام راع قد أقبل في غنم له يريد من الصخرة مثل الذي أردنا، فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من قريش وسماه فعرفته، فقلت: فهل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، فقلت: هل أنت حالب لنا؟ قال: نعم، فأعطيته إناء كان معي، فأخذ ليحلب، فقلت: انفض ضرع الشاة من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال هكذا، وضرب إحدى كفيه على الأخرى، ثم حلب لي كثبة من لبن، وقد رويت معي لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة من ماء على فيها خرقة، فصببت على اللبن حتى وجدت برد الماء من تحت الإناء، فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب، قال: قلت: قد آن الرحيل، فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، قال: " لا تحزن إن الله معنا " فلما دنا منه قيد رمحين أو ثلاثة، قلت: هذا الطلب قد لحقنا، وبكيت، فقال: " ما يبكيك؟ " فقلت: والله ما على نفسي أبكي، ولكني إنما أبكي عليك يا رسول الله، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " اللهم اكفناه بما شئت " فساخت فرسه في الأرض إلى بطنها، فوثب عنها، ثم قال: يا محمد قد علمت أن هذا عملك، فادع الله عز وجل أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب، وهذه كنانتي، فخذ سهما منها، فإنك ستمر على غنمي وإبلي بمكان كذا وكذا، فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا حاجة لنا في إبلك " ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق راجعا إلى أصحابه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه "

[صحيح البخاري] (5/ 3)
: 3652 - حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ‌البراء قال: ‌اشترى ‌أبو ‌بكر رضي الله عنه ‌من ‌عازب ‌رحلا ‌بثلاثة ‌عشر ‌درهما، ‌فقال ‌أبو ‌بكر لعازب: مر ‌البراء فليحمل إلي رحلي، فقال عازب: لا، حتى تحدثنا: كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من مكة والمشركون يطلبونكم؟ قال: ارتحلنا من مكة، فأحيينا، أو: سرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظل فآوي إليه، فإذا صخرة، أتيتها فنظرت بقية ظل لها فسويته، ثم فرشت للنبي صلى الله عليه وسلم فيه، ثم قلت له: اضطجع يا نبي الله، فاضطجع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدا، فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا، فسألته فقلت له: لمن أنت يا غلام؟ قال: لرجل من قريش، سماه فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلت: فهل أنت حالب لبنا؟ قال: نعم، فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال: هكذا، ضرب إحدى كفيه بالأخرى، فحلب لي كثبة من لبن، وقد جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة، فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت، ثم قلت: قد آن الرحيل يا رسول الله؟ قال: بلى، فارتحلنا والقوم يطلبونا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، فقال: {لا تحزن إن الله معنا}.

[صحيح مسلم] (4/ 2309 )
: 75 - (2009) حدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أعين. حدثنا زهير. حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت ‌البراء بن عازب قول: ‌جاء ‌أبو ‌بكر ‌الصديق ‌إلى ‌أبي ‌في ‌منزله. ‌فاشترى ‌منه ‌رحلا. ‌فقال ‌لعازب: ابعث معي ابنك يحمله معي إلى منزلي. فقال لي أبي: احمله. فحملته. وخرج أبي معه ينتقد ثمنه. فقال له أبي: يا أبا بكر! حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: نعم. أسرينا ليلتنا كلها. حتى قام قائم الظهيرة. وخلا الطريق فلا يمر فيه أحد. حتى رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل. لم تأت عليه الشمس بعد. فنزلنا عندها. فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا. ينام فيه النبي صلى الله عليه وسلم في ظلها. ثم بسطت عليه فروة. ثم قلت: نم. يا رسول الله! وأنا أنفض لك ما حولك. فنام. وخرجت أنفض ما حوله. فإذا أنا براعي غنم مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا. فلقيته فقلت: لمن أنت؟ يا غلام! فقال: لرجل من أهل المدينة. قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم. قلت: أفتحلب لي؟ قال: نعم. فأخذ شاة. فقلت له: انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى (قال فرأيت ‌البراء يضرب بيده على الأخرى ينفض) فحلب لي، في قعب معه، كثبة من لبن. قال ومعي إدواة أرتوي فيها للنبي صلى الله عليه وسلم، ليشرب منها ويتوضأ. قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم. وكرهت أن أوقظه من نومه. فوافقته استيقظ. فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله. فقلت: يا رسول الله! اشرب من هذا اللبن. قال فشرب حتى رضيت. ثم قال "ألم يأن للرحيل؟ " قلت: بلى. قال فارتحلنا بعد ما زالت الشمس. واتبعنا سراقة بن مالك. قال ونحن في جلد من الأرض. فقلت: يا رسول الله! أتينا. فقال "لا تحزن إن الله معنا" فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فارتطمت فرسه إلى بطنها. أرى فقال: إني قد علمت أنكما قد دعوتما علي. فادعوا لي. فالله لكما أن أرد عنكما الطلب. فدعا الله. فنجى. فرجع لا يلقى أحدا إلا قال: قد كفيتكم ما ههنا. فلا يلقى أحدا إلا رده. قال ووفى لنا.

مصنف ابن أبي شيبة (عوامة)
(20/ 272) : 37765 - عبيد الله بن موسى، قال أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ‌البراء بن عازب ، قال: ‌اشترى ‌أبو ‌بكر ‌من ‌عازب ‌رحلا ‌بثلاثة ‌عشر ‌درهما، ‌فقال ‌أبو ‌بكر لعازب: مر ‌البراء فليحمله إلى رحلي ، فقال له عازب: لا، حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيث خرجتما والمشركون يطلبونكما ، قال: رحلنا من مكة فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا ، وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه ، فإذا أنا بصخرة فانتهينا إليها ، فإذا بقية ظل لها فنظرت بقبة ظل فسويته ثم فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فروة ، ثم قلت: اضطجع يا رسول الله ، فاضطجع ثم ذهبت أنقض ما حولي هل أرى من الطلب أحدا ، فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة ، يريد منها الذي أريد ، فسألته فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من قريش ، قال: فسماه فعرفته ، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم ، قلت: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم ، قال: فأمرته فاعتقل شاة من غنمه فأمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ، ثم أمرته أن ينفض كفيه ، فقال هكذا ، فضرب إحدى يديه بالأخرى ، فحلب كثبة من لبن ، ومعي لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة ، فصببت على اللبن حتى برد أسفله ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رضيت ، ثم قلت: أنى الرحيل يا رسول الله ، فارتحلنا والقوم يطلبوننا ، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له ، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، فقال: لا تحزن إن الله معنا ، حتى إذا دنا منا ، فكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين أو ثلاثة ، قال: قلت: يا رسول الله ، هذا الطلب قد لحقنا، وبكيت، فقال ، ما يبكيك؟ فقلت: أما والله ما على نفسي أبكي، ولكني أبكي عليك، قال: فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم اكفناه بما شئت ، قال: فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها ، فوثب عنها ثم قال: يا محمد، قد علمت أن هذا عملك، فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه ، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب ، وهذه كنانتي فخذ سهما منهما فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا، فخذ منها حاجتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا في إبلك ، وانصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلق راجعا إلى أصحابه ، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة ليلا ، فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أنزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب ، أكرمهم بذلك فخرج الناس حتى دخل المدينة ، وفي الطريق وعلى البيوت الغلمان والخدم جاء محمد، جاء رسول الله، فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمره الله ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه نحو الكعبة، فأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة: 144] قال: فوجه نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس: {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [البقرة: 142] قال: وصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام رجل ثم خرج بعدما صلى ، فمر على قوم من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال: هو يشهد أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قد وجه نحو الكعبة ، قال: فانحرف القوم حتى وجهوا نحو الكعبة ، قال ‌البراء: وكان نزل علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار بن قصي ، فقلنا له: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هو ومكانه وأصحابه على أثري ، ثم أتانا بعد عمرو ابن أم مكتوم أخو بني فهر الأعمى ، فقلنا له: ما فعل من ورائك رسول الله وأصحابه؟ فقال: هم على أثري ، ثم أتانا عمر بن الخطاب من بعدهم في عشرين راكبا ، ثم أتانا بعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه ، فلم يقدم علينا حتى قرأت سورا من سور المفصل ، ثم خرجنا حتى نتلقى العير فوجدناهم قد حذروا "

الطبقات الكبرى - ط دار صادر (4/ 365)
: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن ‌البراء قال: ‌اشترى ‌أبو ‌بكر ‌من ‌عازب ‌رحلا ‌بثلاثة ‌عشر ‌درهما ‌فقال ‌أبو ‌بكر لعازب: مر ‌البراء فليحمله إلى رحلي، فقال له عازب: لا، حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين خرجتما والمشركون يطلبونكم. قال: أدلجنا من مكة فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه، فإذا أنا بصخرة فانتهيت إليا فإذا بقية ظل لها، فنظرت إلى بقية ظلها فسويته ثم فرشت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيه فروة ثم قلت: اضطجع يا رسول الله فاضطجع ثم ذهبت أنفض ما حولي هل أرى من الطلب أحدا، فإذا أنا براع يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها مثل الذي نريد، يعني الظل، فسألته: لمن أنت يا غلام؟ قال: لرجل من قريش، فسماه لي، فعرفته فقلت: وهل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلت: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم. قال: أمرته فاعتقل شاة من غنمه ثم أمرته أن ينفض كفيه، فقال هكذا، فضرب إحدى يديه بالأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد رويت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، معي إداوة على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فأتيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فوافقته قد استيقظ فقلت: اشرب يا رسول الله. فشرب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى رضيت، ثم قلت: قد أنى الرحيل يا رسول الله. فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، فقال: لا تحزن إن الله معنا. فلما دنا فكان بينه وبيننا قيد رمحين أوثلاثة قلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، وبكيت فقال: ما يبكيك؟ قلت: أما والله ما على نفسي أبكي ولكني أبكي عليك. قال: فدعا عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم اكفناه بما شئت. قال: فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها فوثب عنها ثم قال: يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب وهذه كنانتي فخذ سهما منها فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك. فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا في إبلك. ودعا له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فانطلق راجعا إلى أصحابه. ومضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وانا معه حتى قدمنا المدينة ليلا، فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إني أنزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك. وخرج الناس حين دخلنا المدينة في الطريق وعلى البيوت والغلمان والخدم صارخون: جاء محمد، جاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جاء محمد جاء رسول الله. فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمر. قال: وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يحب أن يوجه نحو الكعبة فأنزل الله: قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام فتوجه نحو الكعبة. قال: وقال السفهاء من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. فأنزل الله تعالى: قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. قال: وصلى مع النبي رجل، ثم خرج بعدما صلى فمر على قوم من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو البيت المقدس فقال: هو يشهد أنه صلى مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنه وجه نحو الكعبة. فانحرف القوم حتى وجهوا نحو الكعبة. قال البراء: وكان أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار بن قصي فقلنا له: ما فعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هو مكانه وأصحابه على أثري. ثم أتى بعده عمرو بن أم مكتوم أخو بني فهر الأعمى فقلنا له: ما فعل من ورائك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه؟ قال: هم أولى على أثري. قال: ثم أتانا بعده عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وبلال، ثم أتانا بعدهم عمر بن الخطاب في عشرين راكبا، ثم أتانا بعدهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر معه. قال البراء: فلم يقدم علينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى قرأت سورا من المفصل ثم خرجنا نتلقى العير فوجدناهم قد حذروا