الموسوعة الحديثية


- لما قدمَ عمرُ بنُ الخطابِ الشامَ قامَ قسطنطينُ بطريقِ الشامِ، وذكرَ معاهدةَ عمرَ لهُ وشروطَه عليهمْ، قال : اكتبْ بذلك كتابًا، قال عمرُ : نعمْ، فبينا هو يكتبُ الكتابَ إذ ذكرَ عمر فقال : إنِّي أستثني عليكَ معرةَ الجيشِ مرتينِ، قالَ : لكَ ثنياكَ وقبحَ اللهُ من أقالَكَ، فلما فرغَ عمرُ منَ الكتابِ قال له : يا أميرَ المؤمنينَ قمْ في الناسِ فأخبرْهم الذي جعلتَ لي، وفرضتَ عليَّ، ليتناهوا عن ظُلمِي، قال عمرُ : نعمْ، فقامَ في الناسِ فحمدَ اللهَ وأثنى عليهِ، فقال : الحمدُ للهِ أحمدُه وأستعينُهُ، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومنْ يضللْ فلا هاديَ لهُ، فقال النبطيُّ : إنَّ اللهَ لا يضلُّ أحدًا، فقال عمرْ : ما يقولُ ؟ قالوا لا شيءَ، وأعادَ النبطيُّ لمقالتِه، فقال أخبرني ما يقولُ، قال يزعم أن اللهَ لا يضلُّ أحدًا، قال عمرُ : إنا لمْ نعطِكَ الذي أعطيناكَ لتدخلَ علينا في دينِنا، والذي نفسي بيدِهِ لئنْ عدتَ لأضربنَّ الذي فيه عيناك، وأعادَ عمرُ ولمْ يعد النبطيُّ، فلمَّا فرغَ عمرُ أخذَ النبطيُّ الكتابَ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : أبو مشجعة بن ربعي الجهني | المحدث : ابن تيمية | المصدر : الصارم المسلول الصفحة أو الرقم : 2/381
التخريج : أخرجه المعافى بن زكريا في ((الجليس الصالح)) (ص: 570) بلفظه مطولا.
التصنيف الموضوعي: أحكام أهل الذمة - ما يشترطه الإمام على أهل الذمة أحكام أهل الذمة - ما ينقض عهد أهل الذمة إمامة وخلافة - التسمية بأمير المؤمنين آداب عامة - خطبة الحاجة
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

أصول الحديث:


الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي (ص: 570)
حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن الحارث أبو النضر العقيلي قال حدثنا أبو إسحاق طلحة بن عبد الله بن محمد الطلحي النديم قال حدثنا أبو بكر أحمد بن معاوية بن بكر الباهلي قال: سمعت أبا عبيد الله محمد بن سليمان بن عطاء بن قيس يقول حدثني أبي سليمان بن عطاء عن مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه أبي مشجعة بن ربعي قال: لما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الجابية لفرض الخراج، وذلك بعد وقعة اليرموك، قال: فشهدته دعا بكرسي من كراسي الكنيسة فقام عليه فقال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: أيها الناس أكرموا الناس، إن خياركم أصحابي، ألا ثم الذين يلونهم، ألا ثم الذين يلونهم، ألا ثم يظهر الكذب ويكثر الحلف حتى يحلف الرجل وإن لم يستحلف، ويشهد وإن لم يستشهد، ألا فمن أراد بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة. يد ربكم مع الجماعة، ألا وإن الشيطان ذئب بني آدم، فهو مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، ألا لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له إلا كان الشيطان ثالثهما، ألا ومن ساءته سيئاته وسرته حسناته فهو مؤمن. قمت فيكم بقدر ما قام النبي صلى الله عليه وسلم فينا. ثم ارتحل حتى نزل أذرعات، وقد ولى على الشام يزيد بن أبي سفيان، فدعا بغدائه، فلما فرغ من الثريد وضعت بين يديه قصعة أخرى، فصاح وقال: ما هذا؟ فأرسل يزيد إلى معاوية، وكان صاحب أمره، فقال معاوية: ما الذي أنكرت يا أمير المؤمنين؟ قال: ما بالي توضع بين يدي قصعة ثم ترفع وتوضع أخرى؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنك هبطت أرضا كثيرة الأطعمة فخفت عليك وخامتها، فأشر إلى أيها شئت حتى ألزمكه، فأشار إلى الثريد، فقال قسطنطين لمعاوية: جاد ما خرجت منها. فلما فرغ من غدائه قالم قسطنطين وهو صاحب بصرى بين يديه فقال: يا أمير المؤمنين، إن أبا عبيدة قد فرض علي الخراج فاكتب لي به، فأنكر عمر ذلك وقال: ما فرض عليك؟ قال: فرض علي أربعة دراهم وعباءة على كل جلجلة يعني الجماجم فقال عمر رضي الله عنه لأبي عبيدة: ما يقول هذ1؟ قال: كذب، ولكني كنت صالحته على ما ذكر ليستمتع به المسلمون في شتائهم هذا، ثم تقدم أنت فتكون الذي يفرض عليهم الخراج، فقال له عمر: أبو عبيدة أصدق عندنا منك، فقال قسطنطين: صدق أبو عبيدة وكذبت أنا، قال: فويحك، ما أردت بمقالتك؟ قال: أردت أن أخدعك، ولكن أفرض علي يا أمير المؤمنين أنت الآن، قال: فجاثاه النبطي مجاثاة الخصم عامة النهار، ففرض على الغني ثمانية وأربعين درهما، وعلى الوسط أربعة وعشرين درهما، وعلى المفلس المدقع اثني عشر، وشرط عليهم عمر أن يشاطرهم منازلهم وينزل فيها المسلمون، وعلى أن لا يضربوا بناقوس، ولا يرفعوا صليبا إلا في جوف كنيسة، وعلى أن لا يحدثوا إلا ما في أيديهم، وعلى أن لا يقروا خنزيرا بين أظهر المسلمين، وعلى أن يقروا ضيفهم يوما وليلة، وعلى أن يحملوا راجلهم من رستاق إلى رستاق، وعلى أن يناصحوهم ولا يغشوهم، وعلى أن لا يمالئوا عليهم عدوا، فمن وفى لنا وفينا له منعناه مما نمنع نمنه نساءنا وأبناءنا، ومن انتهك شيئا من ذلك استحللنا بذلك سفك دمه وسباء أهله وماله. فقال له قسطنطين: يا أمير المؤمنين اكتب لي به كتابا، قال: نعم، ثم ذكر عمر فقال: إني أستثني عليك معرة الجيش، فقال النبطي: لك ثنياك، وقبح الله من أقال:. فلما فرغ قال له قسطنطين: يا أمير المؤمنين، قم في الناس فأعلمهم كتابك لي ليتناهوا عن ظلمنا والفساد علينا، فقالم عمر فخطب خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له قال النبطي: إن الله عز وجل لا يضل أحدا، فقال عمر رضي الله عنه: ما يقول؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، شيئا تكلم به، فعاد عمر في الخطبة، ثم أعاد النبطي المقالة، فقال: أخبروني ما يقول، قالوا: إنه يقول إن الله لا يضل أحدا، فقال عمر: والذي نفسي بيده لئن عدت لأضربن الذي فيه عيناك، ومضى عمر في خطبته، فلما فرغ قام قسطنطين فقال: يا أمير المؤمنين، لي إليك حاجة فاقضها لي، فإن لي عليك حقا، قال: وما حقك علينا؟ قال: إني أول من أقر لك بالصغار، قال: وما حاجتك إن كان لك فيها منفعة فعلنا، قال: تغدى عندي أنت وأصحابك، قال: ويحك إن ذلك يضرك، قال: ولكنها مكرمة وشرف أناله، قال: فانطلق حتى نأتيك، فانطلق فهيأ في كنيسة بصري ونجدها وهيأ فيها الأطعمة وقباب الخبيص وكانونا عليه المجمر، فلما جاء عمر وأصحابه نزلوا في بعض البيادر، ثم خرج يمشي وتبعه الناس والنبطي بين يديه، ثم بدا لعمر فقال: لا يتبعني أحد، ومضى هو والنبطي، فلما أن دخل الكنيسة إذا هو بالستور والبسط وقباب الخبيص والمجمر، فقال عمر للنبطي: ويلك، لو نظر من خلفي إلى ما هاهنا لفسدت علي قلوبهم، اهتك ما أرى، قال: يا أمير المؤمنين، إني أحب أن ينظروا إلى نعمة الله علي، قال: إن أردت أن نأكل طعامك فاصنع ما آمرك به، فهتك الستور وتزع البسط وأخرج عنه المجمر، ثم قال: اخرج إلى رحالنا فأتنا بأنطاع، فأخذها عمر فبسطها في الكنيسة، ثم عمد إلى ذلك الخبيص وما كان هيأ فعكس بعضه على بعض وقال: أعتدك شيء آخر؟ قال: نعم عندنا بقل وشواء، قال: إيتني به، فأخذه فخلط الشواء بالخبيص بعضه على بعض وجعل يحمل بيديه ويجعله على الأنطاع.