الموسوعة الحديثية


- يَجمَعُ اللهُ الأوَّلينَ والآخِرينَ لميقاتِ يومٍ معلومٍ، قيامًا أربعين سَنَةً، شاخِصَةً أبصارُهم إلى السَّماءِ، ينتَظِرون فصلَ القضاءِ، قال: ويَنزِلُ اللهُ عزَّ وجلَّ في ظُلَلٍ من الغَمامِ من العَرشِ إلى الكُرسيِّ، ثم يُنادي مُنادٍ: أيُّها الناسُ، أَلَمْ تَرضَوْا من ربِّكُم الذي خَلَقَكم ورَزَقَكم وأَمَرَكم أنْ تَعبُدوه، ولا تُشرِكوا به شيئًا أن يُولِّيَ كُلَّ ناسٍ منكم ما كانوا يتوَلَّوْنَ ويَعبُدون في الدُّنيا؟ أليس ذلك عدلًا من ربِّكم؟ قالوا: بلى. قال: فينطَلِقُ كُلُّ قومٍ إلى ما كانوا يَعبُدون ويتوَلَّوْنَ في الدُّنيا، فينطَلِقون ويُمثَّلُ لهم أشباهُ ما كانوا يَعبُدون، فمنهم مَن ينطَلِقُ إلى الشَّمسِ، ومنهم مَن ينطَلِقُ إلى القَمَرِ، وإلى الأوثانِ من الحِجارَةِ وأشباهِ ما كانوا يَعبُدون، قال: ويُمثَّلُ لمَن كان يعبُدُ عيسى شَيطانُ عيسى، ويُمثَّلُ لمَن كان يعبُدُ عُزيرًا شَيطانُ عُزيرٍ. ويَبقى مُحمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأُمَّتُه، فيأتيهم الرَّبُّ عزَّ وجلَّ، فيقولُ: ما لكم لا تنطَلِقون كما انطَلَقَ الناسُ؟ فيقولون: إنَّ لنا إِلَهًا ما رأيْناهُ بعدُ، فيقولُ: هل تعرِفونَه إذا رأيْتُموه؟ فيقولون: إنَّ بينَنا وبينَه علامةً إنْ رأيْناها عَرَفْناها، قال: فيقولُ: ما هي؟ فيقولون: يُكشَفُ عن ساقِه، قال: فعندَ ذلك يُكشَفُ عن ساقٍ فيَخِرون له سُجَّدًا، ويَبقى قومٌ ظُهورُهم كصياصيِّ البَقَرِ، يُريدون السُّجودَ فلا يَسْتَطيعون، وقد كانوا يُدعَوْنَ إلى السُّجودِ وهم سالِمون. ثم يقولُ: ارْفَعوا رُؤُوسَكم، فيَرفَعون رُؤُوسَهم، ويُعْطيهم نُورَهم على قدْرِ أعمالِهم، فمنهم مَن يُعطى نورَه مثلَ الجَبَلِ العَظيمِ، يَسْعى بين يديْهِ، ومنهم مَن يُعطى أصغَرَ من ذلك، ومنهم مَن يُعطى نورًا مثلَ النَّخلةِ بيَمينِه، ومنهم مَن يُعطى نورَا أصغَرَ من ذلك، حتى يكونَ آخِرُهم رَجُلًا يُعطى نورَه على إبهامِ قَدَمِه يُضيءُ مرَّةً، ويُطفَأُ مرَّةً، فإذا أضاءَ قدَّم قَدَمَه فمَشى، وإذا طُفِئَ قامَ، والربُّ تَبارك وتَعالى أمامَهم حتى يمُرَّ في النارِ، فيبقى أثَرٌ كحَدِّ السَّيفِ، قال: ويقولُ: مُرُّوا، فيَمُرُّون على قدْرِ نورِهم. منهم مَن يمُرُّ كطرْفِ العَينِ، ومنهم مَن يمُرُّ كالبَرقِ، ومنهم مَن يمُرُّ كالسَّحابِ، ومنهم مَن يمُرُّ كانقِضاضِ الكَوكَبِ، ومنهم مَن يمُرُّ كالرِّيحِ، ومنهم مَن يمُرُّ كشَدِّ الفَرَسِ، ومنهم مَن يمُرُّ كشَدِّ الرَّحْلِ ، حتى يمُرَّ الذي أُعطِيَ نورَه على إبهامِ قَدَمِه يَحْبو على وجْهِه ويديْهِ ورِجْليهِ، تَخِرُّ يَدٌ وتَعلَقُ يَدٌ، وتَخِرُّ رِجلٌ وتَعلَقُ رِجلٌ، وتُصيبُ جوانِبَه النارُ، فلا يزالُ كذلك حتى يَخلُصَ، فإذا خَلَصَ، وَقَفَ عليها، وقال: الحمدُ للهِ، لقد أعْطانيَ اللهُ ما لم يُعطِ أحدًا؛ إذْ نجَّاني منها بعدَ إذْ رأيْتُها. قال: فيُنطَلَقُ به إلى غَديرٍ عندَ بابِ الجَنَّةِ، فيَغْتسِلُ، فيعودُ إليه ريحُ أهلِ الجَنَّةِ وألْوانُهم، فيَرى ما في الجَنَّةِ من خِلالِ البابِ، فيقولُ: ربِّ أدْخِلْني الجَنَّةَ، فيقولُ اللهُ تَبارك وتَعالى له: أَتَسأَلُ الجَنَّةَ وقد نَجَّيتُكَ من النارِ؟! فيقولُ: ربِّ اجعَلْ بيني وبينها حِجابًا لا أسَمُع حَسيسَها، قال: فيدخُلُ الجَنَّةَ، قال: ويَرى -أو يُرفَعُ له- مَنزِلٌ أمامَ ذلك كأنَّما الذي هو فيه إليه حُلمٌ، فيقولُ: ربِّ أعْطِني ذلك المَنزِلَ، فيقولُ: فلعلَّك إنْ أعطيتُكَهُ تَسأَلُ غيرَه، فيقولُ: لا وعِزَّتِك لا أَسأَلُك غيرَه، وأيُّ مَنزِلٍ يكونُ أحسَنَ منه، فيُعطاه؛ فيَنزِلَه، قال: ويَرى أمامَ ذلك مَنزِلًا آخَرَ، كأنَّما هو فيه إليه حُلمٌ، فيقولُ: أَعْطِني ذلك المَنزِلَ، فيقولُ اللهُ جلَّ جلالُه: فلعلَّك إنْ أعطيتُكَهُ تَسأَلُ غيرَه؟ قال: لا وعِزَّتِك ، لا أَسأَلُ غيرَه، وأيُّ مَنزِلٍ يكونُ أحسَنَ منه؟ قال: فيُعطى؛ فيَنزِلَه، قال: ويَرى -أو يُرفَعُ له- أمامَ ذلك مَنزِلٌ آخَرُ، كأنَّما هو فيه إليه حُلمٌ، فيقولُ: أعْطِني ذلك المَنزِلَ، فيقولُ اللهُ جلَّ جلاله: فلعلَّك إنْ أعطيتُكَ إيَّاه تَسأَلُ غيرَه؟ قال: لا وعِزَّتِك لا أَسأَلُك غيرَه، وأيُّ مَنزِلٍ يكونُ أحسَنَ منه، قال: فيُعطاه؛ فيَنزِلَه، ثم يَسكُتُ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: مالَكَ لا تَسأَلُ؟ فيقولُ: رَبِّ، لقد سَأَلْتُك حتى استَحْيَيتُكَ، وأقْسَمْتُ لك حتى استَحْيَيتُكَ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: أَلَا تَرضَى أنْ أُعْطيَكَ مثلَ الدُّنيا مُذْ يومِ خَلَقتُها إلى يومِ أفْنَيتُها وعَشْرةَ أضعافِه؟ فيقولُ: أتَسْتهزِئُ بي وأنتَ رَبُّ العِزَّةِ، فيضحَكُ الربُّ عزَّ وجلَّ من قولِه. قال: فرأيْتُ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ إذا بَلَغَ هذا المكانَ من هذا الحديثِ ضَحِكَ، فقال له رَجُلٌ: يا أبا عبدِ الرحمنِ، قد سَمِعتُكَ تُحدِّثُ هذا الحديثَ مِرارًا، كُلَّما بَلَغتَ هذا المَكانَ ضَحِكتَ، فقال: إني سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحدِّثُ هذا الحديثَ مِرارًا، كُلَّما بَلَغَ هذا المكانَ من هذا الحديثِ ضَحِكَ حتى تبدُوَ أضراسُه. قال: فيقولُ الربُّ عزَّ وجلَّ: لا: ولكني على ذلك قادِرٌ، سَلْ، فيقولُ: ألْحِقْني بالناسِ، فيقولُ: الْحَقِ بالناسِ قال: فينطَلِقُ يرمُلُ في الجَنَّةِ حتى إذا دَنا من الناسِ، رُفِعَ له قصرٌ من دُرَّةٍ، فيَخِرُّ ساجِدًا، فيُقالُ له: ارفَعْ رأسَك، ما لَك؟ فيقولُ: رأيتُ ربي، -أو تراءَى لي ربي- فيُقالُ له: إنَّما هو مَنزِلٌ من منازِلِكَ، قال: ثم يَلْقى رَجُلًا، فيتهيَّأُ للسُّجودِ، فيُقالُ له: مَهْ، ما لَك؟ فيقولُ: رأيتُ أنَّك مَلَكٌ من الملائكةِ، فيقولُ: إنَّما أنا خازِنٌ من خُزَّانِكَ، عبدٌ من عَبيدِكَ، تحتَ يديَّ ألفُ قَهْرَمانٍ على مِثلِ ما أنا عليه. قال: فينطَلِقُ أمامَه حتى يُفتَحَ له القَصرُ، قال: وهو في دُرَّةٍ مُجوَّفةٍ، سقائِفُها، وأبوابُها، وأغلاقُها، ومفاتيحُها منها، تستقبِلُه جَوهرةٌ خَضراءُ مُبطَّنةٌ بحَمراءَ، كُلُّ جَوهرةٍ تُفضي إلى جَوهرةٍ فيها سَبعون بابًا، كُلُّ بابٍ يُفضي إلى جَوهرةٍ خَضْراءَ مُبطَّنةٍ بحَمراءَ، كُلُّ جَوهرةٍ تُفضي إلى جَوهرةٍ على غيرِ لَوْنِ الأخرى، في كُلِّ جَوهرةٍ سُرُرٌ وأزْواجٌ، ووصائِفُ أدناهُنَّ حَوراءُ عَيناءُ عليها سَبعون حُلَّةً، يُرى مُخُّ ساقِها من وراءِ حُلَلِها، كَبِدُها مِرآتُه، وكَبِدُه مِرآتُها، إذا أعرَضَ عنها إعراضةً ازدادتْ في عَينِه سَبعينَ ضِعفًا عمَّا كانتْ قبلَ ذلك، فيقولُ لها: واللهِ لقدِ ازْدَدتِ في عَيني سَبعين ضِعفًا، وتقولُ له: واللهِ وأنتَ، لقدِ ازْدَدتَ في عَيني سَبعينَ ضِعفًا، فيُقالُ له: أشْرِفْ، قال: فيُشرِفُ، فيُقالُ له: مُلْكُكَ مَسيرةُ مِئَةِ عامٍ يَنفُذُه بَصَرُه. قال فقال عُمَرَ: أَلَا تَسمَعُ إلى ما يُحدِّثُنا ابنُ أُمِّ عبدٍ يا كعْبُ، عن أدْنى أهلِ الجَنَّةِ مَنزِلًا، فكيف أعْلاهم؟ قال كعبٌ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، ما لا عينٌ رَأتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعتْ، إنَّ اللهَ تَعالى جَعَلَ دارًا فيها ما شاءَ من الأزواجِ، والثَّمَراتِ، والأشرِبَةِ، ثم أطْبَقَها، فلم يَرَها أحَدٌ من خَلْقِه، لا جِبريلُ ولا غيرُهُ من الملائِكَةِ. ثُمَّ قَرَأَ كعبٌ: { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [السجدة: 17]. قال: وخَلَقَ دُون ذلك جَنَّتينِ، فزيَّنهما بما شاءَ، وأراهما مَن شاءَ من خَلْقِه، ثم قال: مَن كان في عِليِّينَ نَزَلَ تلك الدارَ التي لم يَرَها أحدٌ، حتى إنَّ الرَّجُلَ من أهلِ عِليِّينَ ؛ لَيخرُجُ فيسيرُ في مُلْكِه، فما تَبقى خَيمةٌ من خِيَمِ الجَنَّةِ إلَّا دَخَلَها من ضَوءِ وجْهِه، فيَسْتبشِرون برِيحِه، فيقولون: واهًا لهذه الرِّيحِ، هذا رَجُلٌ من أهلِ عِليِّينَ قد خَرَجَ يَسيرُ في مُلْكِه. فقال: وَيحَك يا كعبُ! هذه القُلوبُ قد استَرْسَلَتْ فاقْبِضْها، فقال كعبٌ: والذي نفْسي بيَدِه، إنَّ لجهنَّمَ يومَ القيامَةِ لَزفرَةً ما يَبقى من مَلَكٍ مُقرَّبٍ ولا نَبيٍّ مُرسَلٍ إلَّا خَرَّ لرُكْبتيهِ، حتى إنَّ إبراهيمَ خليلَ اللهِ عليه السَّلامُ يقولُ: ربِّ نَفْسي نَفْسي، حتى لو كان لكَ عَمَلُ سَبْعينَ نبيًّا إلى عَمَلِكَ لظَنَنتَ أنَّك لا تَنْجو.
خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات [وروي بإسناد منقطع]
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج العواصم والقواصم الصفحة أو الرقم : 5/ 143
التخريج : أخرجه ابن أبي الدنيا في ((صفة الجنة)) (31)، والشاشي في ((المسند)) (410)، والطبراني (9/417) (9763)
التصنيف الموضوعي: جنة - صفة الجنة خلق - العرش إيمان - الشرك ظلم عظيم إيمان - اليوم الآخر إيمان - توحيد الأسماء والصفات
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


صفة الجنة لابن أبي الدنيا ت العساسلة (ص63)
: ‌31 - حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني حدثني محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد حدثني زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله عن مسروق بن الأجدع حدثنا عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قيام أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء قال وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي ثم ينادي مناد من السماء أيها الناس ألم ترضوا عن ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا أن يولي كل إنسان منكم ما كان يتولاه ويعبده في الدنيا أليس ذلك عدلا من ربكم فيقولون بلى. قال فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يتولون في الدنيا قال فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون. فمنهم من ينطلق إلى الشمس ومنهم من ينطلق إلى القمر وإلى الأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون قال ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزير شيطان عزير ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فيأتيهم الرب عز وجل فيقول لهم مالكم لا تنطلقون لما انطلق الناس قال فيقولون إن لنا إلها ما رأيناه بعد فيقول وهل تعرفونه إن رأيتموه فيقولون بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناها. فيقول ما هي فيقولون يكشف عن ساقه فيخر كل من كان لظهره طبق ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ثم يقول ارفعوا رؤوسكم قال فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك حتى يكون آخرهم رجلا يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفئ مرة فإذا أضاء قدم قدمه ومشى وإذا انطفئ قام على الصراط قال والرب عز وجل أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره كحد السيف دحض مزلة فيقول مروا فيمرون على قدر نورهم. فمنهم من يمر كطوف العين ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كانقضاض السحاب ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كشد الفرس ومنهم من يمر كمثل الرجل حتى يمر الرجل الذي نوره على إبهام قدمه يحبو على وجهه ويديه ورجليه يجر يدا ويعلق يدا ويجر رجلا ويعلق رجلا وتصيب جوانبه النار فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها ثم قال الحمد لله الذي قد أعطاني الله عز وجل مالم يعط أحدا إذ نجاني منها بعد أن رأيتها قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل منه فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم قال ويرى ما في الجنة من خلال الباب فيقول رب أدخلني الجنة فيقول الله عز وجل له أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار فيقول رب اجعل بيني وبينها حجابا لا أسمع حسيسها قال فيدخل الجنة فيرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأنما هو فيه إليه حلم فيقول رب أعطني ذلك المنزل قال فيقول له فلعلك إن أعطيتك تسأل غيره قال فيقول لا وعزتك وجلالك لا أسألك غيره وأي منزل يكون أحسن من هذا فيعطاه فينزله قال ويرى أمام ذلك منزلا كأنما هو فيه إليه حلم قال رب أعطني ذلك المنزل قال فيقول الله عز وجل له فلعلك إن أعطيته تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره وأي منزل يكون أحسن منه فيعطاه. قال ويرى أو يرفع له أمام ذلك منزل آخر كأنما هو فيه إليه حلم فيقول رب أعطني ذلك المنزل قال فيقول الله عز وجل فلعلك إن أعطيته تسأل غيره قال لا وعزتك وأي منزل يكون أحسن منه فيعطاه فينزله قال ثم يسكت فيقول الله عز وجل مالك لا تسأل فيقول رب لقد سألتك حتى استحيتك وأقسمت لك حتى استحييتك. فيقول أما ترضى أن أعطيك مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها فيقول أتهزئ بي وأنت رب العالمين قال فيضحك الرب عز وجل من قوله فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك. قال فقال له الرجل يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث بهذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان من هذا الحديث ضحكت فقال ابن مسعود إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث بهذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى يبدوا آخر أضراسه قال فيقول الرب عز وجل ولكني على ذلك قادر فيقول رب ألحقني بالناس فيقول الحق بالناس فينطلق فيدخل الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا فيقال له ارفع رأسك مالك فيقول رأيت ربي أو تراءى لي ربي فيقال له إنما هو منزل من منازلك. قال ثم يلقى رجلا فيتهيأ ليسجد فيقول له مه مالك فيقول رأيت أنه ملك من الملائكة فيقول إنما أنا خازن من خزانك عبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على مثل ما أنا عليه. قال فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر قال وهو درة مجوفة سواقفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتحها منها فتستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها كبدها مرآته وكبده مرآتها إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عيني سبعين ضعفا قال فيقال له أشرف فيشرف قال فيقال له ملكك مسيرة مائة عام ينفذ بصرك قال فقال عمر ألا تسمع إلى ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلة فكيف أعلاها فقال كعب يا أمير المؤمنين لا عين رأت ولا أذن سمعت إن الله عز وجل خلق لنفسه دارا فجعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها ثم لم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة قال ثم قرأ كعب {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءا بما كانوا يعملون} قال وخلق الله دون ذلك جنتين زينهما بما شاء وأراهما من خلقه قال فمن كان كتابه في عليين نزل تلك الدار التي لم يرها أحد حتى أن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فما تبقى خيمة من خيام الجنة إلا دخلها ضوء من ضوء وجهه ويستبشرون بريحه يقولون ولها لهذه الريح الطيبة هذا رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه قال فقال عمر ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها. فقال كعب والذي نفسي بيده إن لجهنم يوم القيامة زفرة ما من مقرب ولا نبي مرسل إلا يخر لركبته حتى إن إبراهيم خليل الرحمن يقول رب نفسي حتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أنك لم تنج.

[المسند للشاشي] (1/ 406)
: ‌410 - حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة، نا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، نا محمد بن سلمة الحراني، عن أبي عبد الرحيم، حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة بن عبد الله، عن مسروق بن الأجدع، نا عبد الله بن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة، شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء ، ثم ذكر الحديث طويلا.

المعجم الكبير للطبراني - دار إحياء التراث (9/ 417)
9763- حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا أبو غسان ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن أبي خالد الدالاني ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود (ح) وحدثنا محمد بن النضر الأزدي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، والحضرمي ، قالوا : حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني ، حدثنا محمد بن سلمة الحراني ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة بن عبد الله ، عن مسروق بن الأجدع ، حدثنا عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء ، قال : وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي ، ثم ينادي مناد أيها الناس : ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا أن يولي كل ناس منكم ما كانوا يتولون ويعبدون في الدين ، أليس ذلك عدلا من ربكم ؟ قالوا : بلى ، قال : فلينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون في الدنيا ، قال : فينطلقون ويمثل لهم أشياء ما كانوا يعبدون ، فمنهم من ينطلق إلى الشمس ، ومنهم من ينطلق إلى القمر ، وإلى الأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون ، قال : ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ، ويمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير ، ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ، قال : فيتمثل الرب عز وجل فيأتيهم فيقول : ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس ؟ قال : فيقولون إن لنا لإلها ما رأيناه بعد ، فيقول : هل تعرفونه إن رأيتموه ؟ فيقولون : إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناها ، قال : فيقول : ما هي ؟ فيقولون : يكشف عن ساقه ، قال : فعند ذلك يكشف عن ساق فيخر كل من كان بظهره طبق ، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون ، وقد كان يدعون إلى السجود وهم سالمون ، ثم يقول : ارفعوا رؤوسكم ، فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم ، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ، ومنهم من يعطى نورا مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى نورا أصغر من ذلك ، حتى يكون رجلا يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويفيء مرة ، فإذا أضاء قدم قدمه فمشى ، وإذا طفئ قام ، قال : والرب عز وجل أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره كحد السيف دحض مزلة ، قال : ويقول : مروا ، فيمرون على قدر نورهم ، منهم من يمر كطرف العين ، ومنهم من يمر كالبرق ، ومنهم من يمر كالسحاب ، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كشد الفرس ، ومنهم من يمر كشد الرجل ، حتى يمر الذي أعطي نوره على إبهام قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر رجل ، وتعلق رجل ، ويصيب جوانبه النار ، فلا يزال كذلك حتى يخلص ، فإذا خلص وقف عليها ، ثم قال : الحمد لله لقد أعطاني الله ما لم يعط أحدا أن نجاني منها بعد إذ رأيتها ، قال : فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة ، فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم ، فيرى ما في الجنة من خلال الباب فيقول : رب أدخلني الجنة ، فيقول الله له : أتسأل الجنة ، وقد نجيتك من النار ؟ فيقول : رب اجعل بيني وبينها حجابا لا أسمع حسيسها ، قال : فيدخل الجنة ، قال : فيرى - أو يرفع له - منزل أمام ذلك كأنما هو فيه إليه حلم ، فيقول : رب أعطني ذلك المنزل ، فيقول له : فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره ، فيقول : فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره ، فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره ، وأي منزل يكون أحسن منه ، قال : ويرى ، أو يرفع له أمام ذلك منزل آخر كأنما هو إليه حلم ، فيقول : أعطني ذلك المنزل ، فيقول الله جل جلاله : فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره ، قال : لا وعزتك لا أسأل غيره وأي منزل يكون أحسن منه ، قال : فيعطاه فينزله ثم يسكت فيقول الله عز وجل : ما لك لا تسأل ؟ فيقول : رب لقد سألتك حتى استحييتك ، وأقسمت لك حتى استحييتك ، فيقول الله تعالى : ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه ؟ فيقول : أتستهزئ بي ، وأنت رب العزة ، فيضحك الرب عز وجل من قوله - قال : فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان ضحكت ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه - قال : فيقول الرب عز وجل : ولكني على ذلك قادر ، سل ، فيقول : ألحقني بالناس ، فيقول : الحق الناس ، قال : فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا ، فيقال له : ارفع رأسك ما لك ؟ فيقول : رأيت ربي - أو تراءى لي ربي - فيقال له : إنما هو منزل من منازلك ، قال : ثم يلقى رجلا فيتهيأ للسجود له فيقال له : مه ، ما لك ؟ فيقول : رأيت أنك ملك من الملائكة ، فيقول : إنما أنا خازن من خزانك ، عبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على مثل ما أنا عليه ، قال : فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر ، قال : وهو في درة ، مجوفة سقائفها ، وأبوابها ، وأغلاقها ، ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ، ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها ، كبدها مرآته وكبده مرآتها ، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك ، وإذا أعرضت عنه إعراضة ازداد في عينها سبعين ضعفا عما كان قبل ذلك ، فيقول لها : والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا ، وتقول له : وأنت والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا ، فيقال له : أشرف ، قال : فيشرف ، فيقال له : ملكك مسيرة مئة عام ينفذه بصره , قال : فقال عمر : ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا ، فكيف أعلاهم ، فقال كعب : يا أمير المؤمنين : ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، إن الله عز وجل جعل دارا فجعل فيها ما شاء من الأزواج ، والثمرات ، والأشربة ، ثم أطبقها ، ثم لم يرها أحد من خلقه ، لا جبريل ولا غيره من الملائكة ، ثم قرأ كعب : {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} قال : وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه ، ثم قال : من كان كتابه في عليين نزل تلك الدار التي لم يرها أحد حتى إن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فما تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه ، فيستبشرون بريحه ، فيقولون : واها لهذا الريح ، هذا رجل من أهل عليين ، قد خرج يسير في ملكه ، فقال : ويحك يا كعب ، إن هذه القلوب قد استرسلت واقبضها ، فقال كعب : والذي نفسي بيده إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ، ولا نبي مرسل إلا يخر لركبتيه ، حتى إن إبراهيم خليل الله ليقول : رب نفسي نفسي ، حتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أنك لا تنجو. واللفظ لحديث زيد بن أبي أنيسة.