الموسوعة الحديثية


- لمَّا أنزلت: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا قالَ سَعدُ بنُ عُبادةَ، وَهوَ سيِّدُ الأنصارِ: هَكَذا نَزلت يا رسولَ اللَّهِ ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: يا مَعشرَ الأنصارِ ألا تَسمَعونَ إلى ما يقولُ سيِّدُكُم ؟ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، لا تَلُمهُ، فإنَّهُ رجلٌ غَيورٌ، واللَّهِ ما تزوَّجَ امرأةً قطُّ إلَّا بِكْرًا، وما طلَّقَ امرأةً لهُ قطُّ، فاجتَرأَ رجلٌ منَّا علَى أن يتزوَّجَها مِن شدَّةِ غَيرتِهِ، فقالَ سعدٌ: واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي لأعلمُ أنَّها حقٌّ، وأنَّها منَ اللَّهِ ولَكِنِّي قد تَعجَّبتُ أنِّي لَو وجدتُ لَكاعًا تفخَّذَها رجلٌ لم يَكُن لي أن أَهيجَهُ ولا أحرِّكَهُ، حتَّى آتيَ بأربعةِ شُهَداءَ، فواللَّهِ لا آتي بِهِم حتَّى يقضيَ حاجتَهُ، قالَ: فما لبِثوا إلَّا يسيرًا، حتَّى جاءَ هلالُ بنُ أميَّةَ، وَهوَ أحدُ الثَّلاثةِ الَّذينَ تيبَ عليهِم، فجاءَ مِن أرضِهِ عِشاءً، فرأى عندَ أَهْلِهِ رجلًا، فرأى بِعينيهِ، وسمعَ بأذُنَيْهِ، فلم يَهِجْهُ ، حتَّى أصبحَ، فغَدا علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي جئتُ أَهْلي عِشاءً، فوجدتُ عندَها رجلًا، فرأيتُ بعينيَّ، وسَمِعْتُ بأذُنَيَّ، فَكَرِهَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ما جاءَ بِهِ، واشتدَّ عليهِ، واجتمعتِ الأنصارُ، فقالوا: قدِ ابتُلينا بما قالَ سعدُ بنُ عبادةَ، الآنَ يضرِبُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ هلالَ بنَ أميَّةَ، ويُبطِلُ شَهادتَهُ في المسلمينَ، فقالَ هلالٌ: واللَّهِ إنِّي لأرجو أن يجعَلَ اللَّهُ لي منها مخرجًا ، فقالَ هلالٌ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي قد أرى ما اشتدَّ عليكَ مِمَّا جئتُ بِهِ، واللَّهُ يعلمُ إنِّي لَصادقٌ، واللَّهِ إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يريدُ أن يأمرَ بَضربِهِ إذْ نزلَ علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ الوحيُ ، وَكانَ إذا نزلَ علَيهِ الوحيُ عَرفوا ذلِكَ في تربُّدِ جِلدِهِ يعني، فأمسَكوا عنهُ حتَّى فرَغَ منَ الوحيِ ، فنزلت: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ الآيةَ، فسُرِّيَ عَن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: أبشِرْ يا هلالُ، فقد جَعلَ اللَّهُ لَكَ فرَجًا ومَخرجًا فقالَ هلالٌ: قد كُنتُ أرجو ذلكَ من ربِّي فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: أرسِلوا إليها فأرسَلوا إليها، فجاءَت، فَتلاها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عليهِما، وذَكَّرَهُما، وأخبرَهُما أنَّ عذابَ الآخرةِ أشدُّ من عذابِ الدُّنيا، فقالَ هلالٌ: واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ، لقد صدَقتُ عليها، فقالت: كذَبَ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: لاعِنوا بينَهُما، فقيلَ لِهِلالٍ: اشهَد، فشَهِدَ أربعَ شَهاداتٍ باللَّهِ إنَّهُ لمنَ الصَّادقينَ، فلمَّا كانَ في الخامسةِ، قيلَ: يا هلالُ، اتَّقِ اللَّهَ، فإنَّ عذابَ الدُّنيا أَهْوَنُ من عذابِ الآخرةِ، فإنَّ هذِهِ هي الموجبةُ الَّتي توجبُ عليكَ العذابَ فقالَ: واللَّهِ لا يعذِّبُني اللَّهُ علَيها، كما لَم يجلِدني علَيها، فشَهِدَ في الخامسةِ: أنَّ لَعنةَ اللَّهِ علَيهِ إن كانَ منَ الكاذبينَ، ثمَّ قيلَ لَها: اشهَدي أربعَ شَهاداتٍ باللَّهِ: إنَّهُ لمنَ الكاذبينَ فلمَّا كانتِ الخامسةُ قيلَ لَها: اتَّقي اللَّهَ فإنَّ عذابَ الدُّنيا أَهْوَنُ مِن عذابِ الآخرةِ، وإنَّ هذِهِ هي الموجِبةُ الَّتي توجبُ عليكِ العذابَ، فتلَكَّأت ساعةً، ثمَّ قالَت: واللَّهِ لا أفضَحُ قومي، فشَهِدت في الخامسةِ: أنَّ غضبَ اللَّهِ عليها إن كانَ منَ الصَّادقينَ، ففرَّقَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بينَهُما، وقضَى أن لا يُدعى ولدُها لأبٍ، ولا تُرمى هيَ بهِ ولا يُرمى ولدُها، ومَن رماها أو رمَى ولدَها، فعليهِ الحدُّ، وقَضى أن لا بيتَ لَها عليهِ، ولا قوتَ من أجلِ أنَّهما يفتَرِقانِ من غيرِ طلاقٍ، ولا متوفًّى عنها، وقالَ: إن جاءت بهِ أُصَيْهبَ، أُرَيْسحَ ، حَمِشَ السَّاقينِ ، فَهوَ لِهِلالٍ، وإن جاءت بهِ أورَقَ جعدًا ، جُماليًّا ، خِدلَّجَ السَّاقينِ، سابغَ الإليَتينِ ، فَهوَ للَّذي رُمِيَت بهِ فجاءت بهِ يعني أورَقَ، جعدًا ، جُماليًّا ، خِدلَّجَ السَّاقينِ، سابغَ الإليتينِ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: لَولا الأَيمانُ ، لَكانَ لي ولَها شأنٌ قالَ عِكْرمةُ: فَكانَ بعدَ ذلِكَ أميرًا علَى مِصرٍ، وَكانَ يدعى لأمِّهِ وما يُدعَى لأبيهِ
خلاصة حكم المحدث : [ فيه ] عباد بن منصور ، وقد تكلم فيه بعض الأئمة
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الضياء المقدسي | المصدر : السنن والأحكام الصفحة أو الرقم : 5/292
التخريج : أخرجه أحمد (2131)، والطيالسي (2789)، والبيهقي (15686) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور حدود - حد القذف شهادات - شهادة القاذف والمحدود قرآن - أسباب النزول لعان وتلاعن - التفريق بين المتلاعنين
|أصول الحديث

أصول الحديث:


[مسند أحمد] (4/ 33 ط الرسالة)
((2131- حدثنا يزيد، أخبرنا عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال لما نزلت: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} [النور: 4] قال سعد بن عبادة، وهو سيد الأنصار: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يا معشر الأنصار ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم؟)) قالوا: يا رسول الله، لا تلمه، فإنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرا، وما طلق امرأة له قط، فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته، فقال سعد: والله يا رسول الله، إني لأعلم أنها حق، وأنها من الله ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه، حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته، قال: فما لبثوا إلا يسيرا، حتى جاء هلال بن أمية، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء، فوجد عند أهله رجلا، فرأى بعينيه، وسمع بأذنيه، فلم يهجه، حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاء، فوجدت عندها رجلا، فرأيت بعيني، وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به، واشتد عليه، واجتمعت الأنصار، فقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية، ويبطل شهادته في المسلمين، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا، فقال هلال: يا رسول الله، إني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به، والله يعلم إني لصادق، فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه إذ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، وكان إذا نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده يعني، فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي، فنزلت: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم} [النور: 6] الآية كلها، فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (( أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا)) فقال هلال: قد كنت أرجو ذاك من ربي عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أرسلوا إليها)) فأرسلوا إليها، فجاءت، فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما، وذكرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلال: والله يا رسول الله، لقد صدقت عليها، فقالت: كذب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لاعنوا بينهما))، فقيل لهلال: اشهد، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة، قيل: يا هلال، اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فقال: لا والله لا يعذبني الله عليها، كما لم يجلدني عليها، فشهد في الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قيل لها: اشهدي أربع شهادات بالله: إنه لمن الكاذبين فلما كانت الخامسة قيل لها: اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة، ثم قالت: والله لا أفضح قومي، فشهدت في الخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا ترمى هي به ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها، فعليه الحد، وقضى أن لا بيت لها عليه، ولا قوت من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق، ولا متوفى عنها، وقال: (( إن جاءت به أصيهب، أريسح، حمش الساقين، فهو لهلال، وإن جاءت به أورق جعدا، جماليا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فهو للذي رميت به)) فجاءت به أورق، جعدا، جماليا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لولا الأيمان، لكان لي ولها شأن)) قال عكرمة: (( فكان بعد ذلك أميرا على مصر، وكان يدعى لأمه وما يدعى لأب)) ))

[مسند أبي داود الطيالسي] (4/ 388)
2789- حدثنا أبو داود قال: حدثنا عباد بن منصور، قال: حدثنا عكرمة، عن ابن عباس، قال: ((لما نزلت هذه الآية: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} إلى آخر الآية، فقال سعد بن عبادة: أهكذا أنزلت؟ فلو وجدت لكاعا متفخذها رجل لم يكن لي أن أحركه، ولا أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء؟ فوالله لا آتي بأربعة شهداء حتى يقضي حاجته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار، ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟ قالوا: يا رسول الله، لا تلمه; فإنه رجل غيور، والله ما تزوج فينا قط إلا عذراء، ولا طلق امرأة له فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته. فقال سعد: والله إني لأعلم يا رسول الله أنها الحق، وأنها من عند الله عز وجل، ولكني عجبت. فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك إذ جاء هلال بن أمية الواقفي، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم، فقال: يا رسول الله، إني جئت البارحة عشاء من حائط لي كنت فيه، فرأيت عند أهلي رجلا، ورأيت بعيني، وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به، فقيل: أيجلد هلال وتبطل شهادته في المسلمين؟ فقال هلال: يا رسول الله، والله إني لأرى في وجهك أنك تكره ما جئت به، وإني لأرجو أن يجعل الله فرجا. قال: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك إذ نزل عليه الوحي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي تربد لذلك جسده ووجهه، وأمسك عنه أصحابه فلم يكلمه أحد منهم، فلما رفع الوحي قال: أبشر يا هلال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعها فدعيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ فقال هلال: والله يا رسول الله ما قلت إلا حقا، ولقد صدقت. قال: فقالت هي عند ذلك: كذب. قال: فقيل لهلال: أتشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين؟ وقيل له عند الخامسة: يا هلال اتق الله، فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب. قال: والله لا يعذبني الله عليها أبدا، كما لم يجلدني عليها، فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. وقيل: اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، وقيل لها عند الخامسة: يا هذه، اتقي الله، فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة ثم قالت: والله لا أفضح قومي، فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. قال: وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ترمى، ولا يرمى ولدها، ومن رماها ورمى ولدها جلد الحد، وليس لها عليه قوت ولا سكنى; من أجل أنهما يتفرقان بغير طلاق، ولا متوفى عنها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبصروها، فإن جاءت به أثيبج، أصيهب، أرسح، حمش الساقين فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به خدلج الساقين، سابغ الأليتين، أورق، جعدا، جماليا فهو لصاحبه قال: فجاءت به أورق، جعدا، جماليا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا الأيمان لكان لي ولها أمر)) قال عباد: فسمعت عكرمة يقول: لقد رأيته أمير مصر من الأمصار، لا يدرى من أبوه.

[السنن الكبرى للبيهقي- المعارف] (7/ 394)
15686- أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني، نا يونس بن حبيب، نا أبو داود الطيالسي، نا عباد بن منصور، نا عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت هذه الآية {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} [النور: 4] إلى آخر الآية فقال سعد بن عبادة: أهكذا أنزلت فلو وجدت لكاعا متفخذها رجل لم يكن لي أن أحركه ولا أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله لا آتي بأربعة شهداء حتى يقضي حاجته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟)) قالوا: يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور والله ما تزوج فينا قط إلا عذراء ولا طلق امرأة له فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته، قال سعد: والله إني لأعلم يا رسول الله أنها لحق وأنها من عند الله ولكني عجبت، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك إذ جاء هلال بن أمية الواقفي وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم، فقال: يا رسول الله إني جئت البارحة عشاء من حائط لي كنت فيه فرأيت عند أهلي رجلا ورأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به وقيل ‌أيجلد ‌هلال ‌وتبطل ‌شهادته ‌في ‌المسلمين؟ فقال هلال: يا رسول الله والله إني لأرى في وجهك أنك تكره ما جئت به، وإني لأرجو أن يجعل الله لي فرجا قال: فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك إذ نزل عليه الوحي وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا نزل عليه الوحي تربد لذلك خده ووجهه وأمسك عنه أصحابه فلم يتكلم أحد منهم، فلما رفع الوحي قال: أبشر يا هلال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ادعوها)) فدعيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ (( فقال هلال رضي الله عنه: والله يا رسول الله ما قلت إلا حقا ولقد صدقت، قال: فقالت هي عند ذلك: كذب، قال: فقيل لهلال: تشهد أربع شهادات بالله أنك لمن الصادقين، وقيل له عند الخامسة يا هلال اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: والله لا يعذبني الله أبدا كما لم يجلدني عليها، قال: فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين وقيل: اشهدي أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين وقيل لها عند الخامسة: يا هذه اتقي الله فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فسكتت ساعة ثم قالت: والله لا أفضح قومي فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، قال: وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم)) أن لا ترمى ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها جلد الحد وليس لها عليه قوت ولا سكنى (( من أجل أنهما يتفرقان بغير طلاق ولا متوفى عنها)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( انظروها فإن جاءت به أثيبج أصيهب أريسح حمش الساقين فهو لهلال بن أمية وإن جاءت به خدلج الساقين سابغ الإليتين أورق جعدا جماليا فهو لصاحبه))، قال: فجاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين سابغ الإليتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لولا الأيمان لكان لي ولها أمر)) قال عباد: فسمعت عكرمة يقول: لقد رأيته أمير مصر من الأمصار ولا يدرى من أبوه والله أعلم